الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعَشَرَةِ بِفَاضِلِ عَمَلِهِ فَيَأْخُذُ سُدُسَ أُجْرَةِ الْمَجْمُوعِ، ثُمَّ قَالَ وَكَذَلِكَ تَفْسُدُ الشَّرِكَةُ إذَا اسْتَوَى الْمَالَانِ وَشُرِطَ التَّفَاوُتُ فِي الرِّبْحِ وَقَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَهُ التَّبَرُّعُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَمَفْهُومُ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَأَنَّهُ مِنْ الرِّبْحِ فَيَكُونُ قَدْ أَخَذَ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ انْتَهَى.
قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ النَّفْرَاوِيُّ وَالتَّبَرُّعُ الْوَاقِعُ فِي الْعَقْدِ بِمَنْزِلَةِ قَبْلَهُ اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي ثَلَاثَةِ رِجَالٍ مُشْتَرِكِينَ فِي جَمَلٍ عَلَى السَّوِيَّةِ يَحْمِلُونَ عَلَيْهِ الْأَمْتِعَةَ فِي طَرِيقِ الْحِجَازِ فَوَصَلُوا دَارًا مَشْهُورَةً بِأَنَّ الْجِمَالَ إذَا أَكَلَتْ حَشِيشَهَا تَمُوتُ فَأَرَادَ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَلْفَ الْجَمَلِ مِنْهُ وَامْتَنَعَ الثَّالِثُ مِنْهُ فَعَلَفَاهُ مِنْهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَأَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ فَتَرَكُوهُ فَهَلْ يَضْمَنَانِ لَهُ حِصَّتَهُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأُجِيبُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَضْمَنَانِ لَهُ حِصَّتَهُ مِنْ قِيمَةِ الْجَمَلِ يَوْمَ تَعَدِّيهِمَا عَلَيْهِ بِإِطْعَامِهِ مَا اُشْتُهِرَ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّهُ يَضُرُّهُ كَمَا يَضْمَنُ الرَّاعِي بِمُخَالَفَةِ مَرْعًى شُرِطَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الشَّرِكَةِ فِي الْبَهَائِمِ]
وَفِي الْمِعْيَارِ وَسُئِلَ الزَّوَاوِيُّ عَنْ الشَّرِكَةِ فِي الْبَهَائِمِ.
فَأَجَابَ بِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِي الْبَهَائِمِ جَائِزَةٌ وَهِيَ عَلَى أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ لَهُ خُذْ بَهِيمَتِي عَلَى أَنْ تَخْدُمَهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً وَلَك جُزْءٌ مَعْلُومٌ فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ لَهُ خُذْ هَذَا الْجُزْءَ مِنْ الْآنَ وَتَصَرَّفْ فِيهِ كَيْفَ شِئْت.
الثَّانِي أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ فِيهِ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ.
الثَّالِثُ أَنْ يَقُولَ لَهُ لَا شَيْءَ لَك إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَالْأَوَّلُ جَائِزٌ بِشَرْطٍ وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ الْخَلَفَ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فَذَلِكَ فَاسِدٌ وَلَا يُخْتَلَفُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ عَدَمُ الْخَلَفِ، وَالثَّانِي فَاسِدٌ لِلتَّحْجِيرِ فَإِنْ عَثَرَ عَلَيْهِ فَسَخَ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ السُّوقُ، أَوْ تَتَغَيَّرْ الْبَهِيمَةُ فِي ذَاتِهَا فَإِنْ فَاتَتْ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فَالْوَاجِبُ الْقِيمَةُ يَوْمَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَيَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْبَهِيمَةِ فِي ذَاتِهَا.
وَالثَّالِثُ فَاسِدٌ لِلتَّحْجِيرِ فَإِنْ عَثَرَ عَلَيْهِ فَسَخَ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ السُّوقُ، أَوْ تَتَغَيَّرْ الْبَهِيمَةُ فِي ذَاتِهَا فَإِنْ فَاتَتْ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فَالْوَاجِبُ رَدُّهَا وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ أَصْلِ التَّقْسِيمِ فَهُوَ أَنْ يَبِيعَ لَهُ جُزْءًا مِنْ الْبَهِيمَةِ عَلَى أَنْ يَخْدُمَ لَهُ الْبَاقِيَ فَذَلِكَ جَائِزٌ بِشُرُوطٍ: الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ الْخِدْمَةُ لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ.
الثَّانِي أَنْ يُشْتَرَطَ الْخَلَفُ.
الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي فِيمَا اشْتَرَى غَيْرَ مُحْجَرٍ عَلَيْهِ.
الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ لَا يَتَصَرَّفُ عَلَيْهَا إلَّا لِمَوَاضِعَ مَعْلُومَةٍ فِي أَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ.
الْخَامِسُ أَنْ لَا يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ الْقِيَامَ بِنَسْلِهَا فَإِذَا سَقَطَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ يَجِبُ فَسْخُهُ وَيَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْبَهِيمَةِ بِالْإِجَارَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْثُرْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْفَوَاتِ فَالْوَاجِبُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ فِي الْجُزْءِ الْمُشْتَرَى وَيَرْجِعُ بِإِجَارَةِ الْمِثْلِ عَلَى رَبِّهَا فِي الْبَاقِي.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ فَهُوَ أَنْ يَبِيعَ لَهُ جُزْءَ بَقَرَةٍ، أَوْ شَاةٍ، أَوْ نَاقَةٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَلَفُ لِلْمُشْتَرِي وَيَدْفَعُ لِرَبِّ الْبَقَرَةِ، أَوْ الشَّاةِ جُزْءًا مَعْلُومًا مِنْ السَّمْنِ وَالزُّبْدِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ مِنْ عَيْنِ الزُّبْدِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ الْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَلَا خِلَافَ فِي فَسَادِ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ إبَّانِ اللَّبَنِ، أَوْ اللَّبَنُ فِي الْبَقَرَةِ، أَوْ الشَّاةِ ثُمَّ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الزُّبْدِ مَعْلُومًا بِالْعَادَةِ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَا خِلَافَ فِي الْمَنْعِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَيَحْتَمِلُ الْجَوَازَ وَيَحْتَمِلُ الْمَنْعَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أُجْرَةٌ بِخَلَفٍ غَيْرِ مَرْئِيٍّ وَكَذَلِكَ أَنْ تُدْفَعَ لَهُ بَقَرَةٌ وَيَكُونَ لَهُ لَبَنُهَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ زُبْدِهَا، أَوْ سَمْنِهَا انْتَهَى وَتَأَمَّلْهُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي خَمْسَةِ إخْوَةٍ وَرِثُوا مَالًا وَصَارُوا يَعْمَلُونَ فِيهِ عَلَى السَّوِيَّةِ ثُمَّ خَلَّفَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَدًا
فَكَبِرَ وَأَخَذَ فِي النِّظَامِ ثُمَّ تُوُفِّيَ أَبُوهُ وَهُوَ مَعَ إخْوَتِهِ فِي مَعِيشَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ اشْتَرَى الْوَلَدُ الْمَذْكُورُ مِنْ مَالِهِ الَّذِي اكْتَسَبَهُ مِنْ الْجَامِكِيَّةِ مِنْ الدِّيوَانِ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ لِنَفْسِهِ فَهَلْ لِأَعْمَامِهِ حِصَّةٌ فِيهَا أَمْ لَا؟ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُمْ حِصَّةٌ فِيهَا فَهَلْ يَقْسِمُونَ الْمَالَ وَيَأْخُذُ الْوَلَدُ حِصَّةَ أَبِيهِ مِنْ الْمَالِ وَرِبْحَهُ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَا حَقَّ لِأَعْمَامِ الْوَلَدِ الْمَذْكُورِ فِي الْأَرْضِ الَّتِي اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ مِنْ مَالِهِ الْخَاصِّ بِهِ وَيُجْبَرُونَ عَلَى قِسْمَةِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَبِيهِ وَيَأْخُذُ الْوَلَدُ حِصَّةَ أَبِيهِ بِرِبْحِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لِأَبِيهِ وَارِثٌ سِوَاهُ وَإِلَّا قُسِمَتْ حِصَّتُهُ عَلَى حَسَبِ مَا فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلَيْنِ مُشْتَرِكَيْنِ فِي مَوَاشٍ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا جُزْءًا مِنْ حِصَّتِهِ وَسَلَّمَ جَمِيعَ الْمَوَاشِي لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَهَلْ إذَا هَلَكَ شَيْءٌ مِنْ الْمَوَاشِي يَضْمَنُهُ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ الْمَوَاشِيَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَضْمَنُهُ الْبَائِعُ قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ وَيَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَيْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْغَنَمِ أَوْ الْبَقَرِ الْمُشْتَرَكَةِ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ بَلْ شَرِيكُهُ، فَإِنْ فَعَلَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا بَاعَ انْتَهَى.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي جَمَاعَةٍ اشْتَرَكُوا فِي تِجَارَةٍ وَبَاعُوا بَعْضًا مِنْهَا وَقَبَضُوا فِي ثَمَنِهِ دَرَاهِمَ تَنْقُصُ فَأَرَادَ أَحَدُهُمْ شِرَاءَ سِلْعَةٍ لِنَفْسِهِ فَأَعْطَوْهُ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ النَّاقِصَةِ وَأَمَرُوهُ أَنْ يَدْفَعَهَا بِالْكَمَالِ وَأَلَّا يُبْقِيَهَا عِنْدَهُ حَتَّى يَرُدُّوهَا لِمَنْ قُبِضَتْ مِنْهُ فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا فَلَمْ تَرْجُ مَعَهُ فَصَرَّهَا فِي صُرَّةٍ وَحْدَهَا وَوَضَعَهَا مَعَ دَرَاهِمِهِ فَضَاعَتْ تِلْكَ الدَّرَاهِمُ بِعَيْنِهَا فَهَلْ تَلْزَمُهُ وَحْدَهُ، أَوْ تَكُونُ عَلَى الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهَا أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى ضَيَاعِهَا بِلَا تَفْرِيطٍ بِيَمِينٍ وَتَكُونُ عَلَى الْجَمِيعِ بِحَسَبِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالرِّبْحُ وَالْخُسْرُ وَالْعَمَلُ بِقَدْرِ الْمَالِ، ثُمَّ قَالَ وَصُدِّقَ بِيَمِينٍ فِي التَّلَفِ وَالْخُسْرِ إلَّا لِقَرِينَةٍ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ شَرِيكٍ لِآخَرَ فِي نَاقَةٍ بَاعَهَا بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهَا جَمَلَيْنِ وَمَاتَا ثُمَّ أَعْلَمَ شَرِيكَهُ بِذَلِكَ فَلَمْ يَرْضَ بِمَا فَعَلَهُ، فَمَاذَا يَكُونُ الْعَمَلُ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ يَضْمَنُ الْبَائِعُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ قِيمَةِ النَّاقَةِ يَوْمَ بَيْعِهَا لِتَعَدِّيهِ بِالْبَيْعِ بِلَا إذْنٍ وَتَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ سَلْمُونٍ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ بَاعَ أَرْضًا مُشْتَرِكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ غَائِبًا وَبَنَى فِيهَا الْمُشْتَرِي طَاحُونًا وَلَمَّا حَضَرَ الْغَائِبُ أَرَادَ الْبَيْعَ فِي نَصِيبِهِ وَأَخَذَهُ مَجَّانًا وَالْبَاقِي بِالشُّفْعَةِ فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى نَزْعِ آلَةِ الطَّاحُونِ؟ وَإِذَا قُلْتُمْ نَعَمْ فَهَلْ لَهُ قِيمَةُ بِنَائِهِ قَائِمًا لِلشُّبْهَةِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى نَقْلِ الطَّاحُونِ ثُمَّ يُنْظَرُ فَإِنْ ثَبَتَ عِلْمُهُ بِحَقِّ الْغَائِبِ حِينَ الشِّرَاءِ فَلِمَنْ كَانَ
غَائِبًا إلْزَامُهُ بِهَدْمِ بِنَائِهِ وَنَقْلِ أَنْقَاضِهِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا مَطْرُوحًا مِنْهَا أُجْرَةُ مِثْلِ مَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَا يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ وَأَتْبَاعِهِ، وَإِلَّا فَلَا طَرْحَ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عِلْمُهُ بِهِ فَلَهُ قِيمَتُهُ قَائِمًا لِلشُّبْهَةِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ لَهُ أَرْضٌ مُجَاوِرَةٌ لِأَرْضِ آخَرَ أَرَادَ أَحَدُهُمَا غَرْسَ أَرْضِهِ نَخْلًا وَالْآخَرُ بِنَاءَ أَرْضِهِ بَيْتًا وَطَلَبَ الثَّانِي مِنْ الْأَوَّلِ أَنْ يَبْنِيَ مَعَهُ حَائِطًا يَتَمَيَّزُ بِهَا مِلْكُ كُلٍّ فَامْتَنَعَ الْأَوَّلُ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ مَعَهُ خُصُوصًا إذَا خَافَ مِنْ اللُّصُوصِ وَأَرَادَ مَنْعَهُمْ بِالْحَائِطِ، وَإِذَا تَرَكَ أَحَدُ جَارَيْنِ فِي دَارَيْنِ دَارِهِ خَرِبَةً فَهَلْ يُلْزِمُهُ سُكْنَاهَا أَمْ لَا؟ وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ اللُّزُومِ فَهَلْ إذَا أَرَادَ غَرْسَ دَارِهِ نَخْلًا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ خَافَ جَارَهُ تَوَصُّلَ اللُّصُوصِ لِدَارِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَإِذَا سَقَطَ جِدَارٌ بَيْنَ جَارَيْنِ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا بِنَاءَهُ بِلَبِنٍ وَقَالَ الْآخَرُ لَا أَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ وَأَبْنِيهِ مَعَك بِأَخَفَّ مِنْ اللَّبِنِ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى بِنَاءِ اللَّبَنِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ .
فَأَجَابَ الشَّيْخُ حَسَنٌ الْجِدَّاوِيُّ الْمَالِكِيُّ بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا يَلْزَمُ الْجَارَ مُشَارَكَةُ جَارِهِ فِي بِنَاءِ الْحَائِطِ السَّاتِرَةِ لِدَارِهِ وَلَا يَلْزَمُ الْجَارَ أَيْضًا إسْكَانُ بَيْتِهِ وَلَوْ كَانَ الْخَوْفُ يَقَعُ مِنْهُ فِي حَالِ خُلُوِّهِ وَيَسُوغُ لِمَالِكِ الْأَرْضِ غَرْسُهَا نَخْلًا وَلَا عِبْرَةَ بِتَوَقُّعِ خَوْفِ الْجَارِ إذَا سَقَطَ الْحَائِطُ الْقَائِمُ بَيْنَ الْجَارَيْنِ فَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا وَجَبَ عَلَيْهِمَا مَعًا إعَادَتُهُ بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا وَإِلَّا كَانَ لَازِمًا لِرَبِّهِ وَحْدَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بِخِلَافِ الْخَرِبَةِ فَعَلَى مَنْ بِجَنْبِهَا الِاحْتِرَاسُ كَمَا فِي عَبْدِ الْبَاقِي انْتَهَى.
قَوْلُهُ بِتَوَقُّعِ خَوْفِ الْجَارِ فَإِنْ وَقَعَ الْمُتَوَقَّعُ وَصَارَ النَّخْلُ سُلَّمًا لِلُّصُوصِ قَضَى بِقَطْعِ مَا صَارَ سُلَّمًا مِنْهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِيمَا يُقْضَى بِإِزَالَتِهِ، أَوْ غُصْنِ شَجَرَةٍ وَإِنْ قَدِيمَةً عَلَى الرَّاجِحِ مِمَّا فِي الْأَصْلِ أَتَى لِلْجِدَارِ، أَوْ صَارَ سُلَّمًا لِلِّصِّ انْتَهَى قَوْلُهُ وَإِلَّا كَانَ لَازِمًا لِرَبِّهِ وَحْدَهُ خِلَافَ الْمُعْتَمَدِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَضَى بِإِعَادَةِ جِدَارِهِ إنْ سَتَرَ غَيْرَهُ وَهَدَمَهُ لِغَيْرِ إصْلَاحٍ لَا إنْ سَقَطَ بِنَفْسِهِ وَلَوْ لَمْ يَعْجِزْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَرِكَةً انْتَهَى.
وَسُئِلَ أَبُو الْبَرَكَاتِ أَحْمَدُ الدَّرْدِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ لَهُ أَرْضٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَحْرِ أَرْضٌ لِآخَرَ فَطَلَبَ الْأَوَّلُ مِنْ الثَّانِي إجْرَاءَ الْمَاءِ فِي قَنَاةٍ مِنْ أَرْضِ الثَّانِي لِأَرْضِ الْأَوَّلِ فَهَلْ يُجْبَرُ الثَّانِي عَلَى ذَلِكَ وَإِذَا مَكَّنَهُ مِنْ ذَلِكَ مُدَّةَ عَشْرِ سِنِينَ مَجَّانًا وَأَرَادَ مَنْعَهُ إلَّا بَعُوضٍ فَهَلْ يُجَابُ لِذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ) يُجْبَرُ رَبُّ الْأَرْضِ عَلَى إجْرَاءِ الْقَنَاةِ فِي أَرْضِهِ لِأَرْضِ الْآخَرِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَأَمَّا مُدَّةُ الْعَشْرِ سِنِينَ الَّتِي مَضَتْ فَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى التَّبَرُّعِ وَلَهُ طَلَبُ الْأُجْرَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ لَهُ أَوْلَادٌ وَإِخْوَةٌ وَلَهُمْ طِينُ زِرَاعَةٍ فَاشْتَغَلَ الْأَوْلَادُ وَالْإِخْوَةُ بِالزِّرَاعَةِ وَالرَّجُلُ بِسَدَادِ مَطَالِبِ الدِّيوَانِ وَدَفْعِ الْخَرَاجِ وَاسْتَمَرُّوا مُدَّةً عَلَى ذَلِكَ وَيَأْكُلُونَ مَعَ بَعْضٍ وَلَا مُحَاسَبَةَ بَيْنَهُمْ وَنَشَأَ عَنْ تِلْكَ الزِّرَاعَةِ أَمْوَالٌ وَأَمْتِعَةٌ ثُمَّ إنَّ إخْوَةَ ذَلِكَ الرَّجُلِ طَرَدُوا أَوْلَادَهُ وَمَنَعُوهُمْ مِمَّا نَشَأَ مِنْ الزِّرَاعَةِ فَهَلْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لِلْأَوْلَادِ الْمُقَاسَمَةُ فِيمَا حَدَثَ بِحَسَبِ سَعْيِهِمْ وَزِرَاعَتِهِمْ مَعَهُمْ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لِلْأَوْلَادِ مُقَاسَمَةُ أَعْمَامِهِمْ فِيمَا حَدَثَ مِنْ الزِّرَاعَةِ مِنْ الْأَمْوَالِ وَالْأَمْتِعَةِ بِحَسَبِ سَعْيِهِمْ وَزِرَاعَتِهِمْ مَعَهُمْ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ جَبْرُ الْأَعْمَامِ عَلَيْهَا إنْ امْتَنَعُوا مِنْهَا وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَمِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) عَمَّنْ اشْتَرَكَ مَعَ آخَرَ فِي زَرْعٍ وَالْأَرْضُ وَالْبَذْرُ وَالْمَحَارِيثُ مِنْ
أَحَدِهِمَا وَالْعَمَلُ فَقَطْ مِنْ الثَّانِي وَاشْتَرَطَا أَنَّ الْبَذْرَ وَالْخَرَاجَ يُخْرَجَانِ أَوَّلًا ثُمَّ مَا بَقِيَ يَقْتَسِمَانِهِ بِحَسَبِ مَا اشْتَرَطَاهُ فَمَا الْحُكْمُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ هَذِهِ شَرِكَةٌ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْبَذْرَ أَوَّلًا وَاقْتَسَمَا الْبَاقِيَ كَأَنَّهُ سَلَّفَ صَاحِبَهُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْبَذْرِ وَقَدْ لَا يَخْرُجُ إلَّا قَدْرُ الْبَذْرِ، أَوْ أَقَلُّ مِنْهُ وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ الِاشْتِرَاكُ فِي جَمِيعِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الزَّرْعِ كَمَسْأَلَةِ الْخُمَاسِ، وَاجْتِمَاعُ الشَّرِكَةِ وَالسَّلَفِ لَا يَجُوزُ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ الَّذِي يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ فِي الْمُزَارَعَةِ هُوَ الْحَرْثُ فَقَطْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا غَيْرُ الْحَرْثِ لِلْجَهَالَةِ، وَالْحُكْمُ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَجَمِيعُ الزَّرْعِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ وَالْمَحَارِيثِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي شَرِيكَيْنِ فِي بُرْجِ حَمَامٍ بَرِّيٍّ انْهَدَمَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ فَبَنَاهُ أَحَدُهُمَا بِالْقَوَادِيسِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ فَهَلْ لِصَاحِبِهِ قَوَادِيسُ مِثْلُ قَوَادِيسِهِ أَوْ قِيمَتُهَا، أَوْ يَكُونُ شَرِيكًا فِي الْبُرْجِ كَمَا كَانَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، يَكُونُ شَرِيكًا فِيهِ كَمَا كَانَ لَكِنْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْبَاقِي حِصَّةُ شَرِيكِهِ مِنْ كُلْفَةِ الْبِنَاءِ مِنْ غَلَّةِ الْبُرْجِ إنْ كَانَ دَعَاهُ لِلْبِنَاءِ مَعَهُ فَامْتَنَعَ مِنْ الْبِنَاءِ مَعَهُ وَالْإِذْنُ لَهُ فِيهِ وَاسْتَمَرَّ مُمْتَنِعًا إلَى تَمَامِ الْبِنَاءِ، أَوْ سَكَتَ حِينَهُ بَعْدَ مَنْعِهِ ابْتِدَاءً وَإِلَّا فَمِنْ يَوْمِ تَمَامِ الْبِنَاءِ وَيَرْجِعُ الْبَانِي عَلَى شَرِيكِهِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ كُلْفَةِ الْبِنَاءِ فِي ذِمَّتِهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يُؤْخَذُ حُكْمُهَا مِنْ حُكْمِ مَسْأَلَةِ الرَّحَى الَّتِي فِي الْمُخْتَصَرِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ شُرَّاحُهُ قَالَ فِيهِ وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمْ رَحًى إذْ أَبَيَا فَالْغَلَّةُ لَهُمْ وَيَسْتَوْفِي مِنْهَا مَا أَنْفَقَ قَالَ الْخَرَشِيُّ يَعْنِي لَوْ اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ فِي رَحًى فَانْهَدَمَتْ وَاحْتَاجَتْ إلَى الْإِصْلَاحِ فَأَقَامَهَا أَحَدُهُمْ بَعْدَ أَنْ أَبَيَا مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ إصْلَاحِهَا فَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْغَلَّةَ الْحَاصِلَةَ لَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ بَعْدَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهَا مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا فِي عِمَارَتِهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُعْطُوهُ نَفَقَتَهُ فَلَا غَلَّةَ لَهُ وَإِنَّمَا رَجَعَ فِي الْغَلَّةِ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِسَبَبِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَوْلُهُ أَحَدُهُمْ أَيْ أَحَدُ الْمُشْتَرِكِينَ وَقَوْلُهُ رَحًى أَيْ مَثَلًا، أَيْ أَوْ دَارًا، أَوْ حَمَّامًا وَقَوْلُهُ إذْ أَبَيَا أَيْ وَقْتَ إبَايَةِ شَرِيكَيْهِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ السِّيَاقِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ عَمَّرَ مَعَ الْإِذْنِ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا فِي ذِمَّتِهِمَا حَصَلَتْ غَلَّةٌ أَمْ لَا.
فَإِنْ قُلْت قَدْ مَرَّ وَقَضَى عَلَى شَرِيكٍ إلَخْ وَالرَّحَى مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ وَإِذَا قَضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى قَوْلُهُ إذْ أَبَيَا قُلْت مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّحَى إنَّمَا هُوَ إذَا حَصَلَتْ الْعِمَارَةُ بَعْدَ إبَايَتِهِمَا وَقَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمَا بِالْعِمَارَةِ، أَوْ الْبَيْعِ وَمَا مَرَّ بَيَانٌ لِلْحُكْمِ ابْتِدَاءً وَمَسَائِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سَبْعٌ اُنْظُرْهَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ انْتَهَى.
قَالَ الْعَدَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نُبَيِّنُهَا فَنَقُولُ الْأُولَى أَنْ يُعَمِّرَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ عِلْمِ صَاحِبِيهِ وَلَمْ يُطْلِعْهُمَا عَلَى الْعِمَارَةِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ مُبْهَمًا فِي الْعِمَارَةِ فِي ذِمَّتِهِمَا وَهَلْ يُعْتَبَرُ مَنَابُهُمَا مِمَّا صَرَفَهُ فِي الْعِمَارَةِ، أَوْ مِنْ قِيمَةِ مَا عَمَّرَهُ مَنْقُوضًا؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا تَقْرِيرَانِ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ الثَّانِيَةُ أَنْ يُعَمِّرَ بِإِذْنِهِمَا وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمَا مَا يُنَافِي إذْنَهُمَا لِانْقِضَاءِ الْعِمَارَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَنَابُهُمَا مِمَّا صَرَفَهُ فِي الْعِمَارَةِ فِي ذِمَّتِهِمَا.
الثَّالِثَةُ أَنْ لَا يُعْلِمَهُمَا بِالْعِمَارَةِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهَا وَيُجِيزَانِ ذَلِكَ وَحُكْمُ هَذِهِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا.
الرَّابِعَةُ أَنْ يَسْكُتَا حِينَ يَسْتَأْذِنُهُمَا وَحِينَ عِمَارَتِهِ وَحُكْمُهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَيْضًا وَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا تَكُونُ الْأُجْرَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ.
الْخَامِسَةُ أَنْ يَسْتَأْذِنَهُمَا فَيَأْبَيَا وَيَسْتَمِرَّانِ عَلَى
ذَلِكَ حَالَ الْعِمَارَةِ أَيْضًا وَفِي هَذِهِ الْغَلَّةِ لَهُمْ بَعْدَ اسْتِيفَائِهِ مَا أَنْفَقَ.
السَّادِسَةُ أَنْ يَسْتَأْذِنَهُمَا فَيَأْبَيَا وَيَسْكُتَا عِنْدَ رُؤْيَتِهِمَا لِلْعِمَارَةِ وَحُكْمُهَا كَالْخَامِسَةِ وَلَا يُقَالُ إنَّ سُكُوتَهُمَا حَالَ الْعِمَارَةِ رِضًا مِنْهُمَا بِفِعْلِهِ فَهُوَ كَإِذْنِهِمَا؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهِمَا أَنْ يَقُولَا نَحْنُ إنَّمَا سَكَتْنَا لِوُقُوعِ التَّصْرِيحِ مِنَّا أَوَّلًا بِالْمَنْعِ كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ يَشْمَلُهُمَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَنْطُوقًا.
السَّابِعَةُ أَنْ يَأْذَنَا لَهُ فِي الْعِمَارَةِ وَيَمْنَعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْمَنْعُ قَبْلَ اشْتِرَائِهِ مَا يُعَمِّرُ بِهِ فَإِنَّ حُكْمَ ذَلِكَ حُكْمُ عِمَارَتِهِ بَعْدَ مَنْعِهِمَا ابْتِدَاءً وَاسْتِمْرَارهمَا عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ مَا يُعَمِّرُ بِهِ فَلَا عِبْرَةَ بِمَنْعِهِمَا لَهُ بِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ مَالِهِ كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ انْتَهَى.
وَقَدْ لَخَّصَ هَذَا فِي الْمَجْمُوعِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ عَمَّرَ أَحَدُهُمْ رَحًى فَالْغَلَّةُ لَهُمْ وَرَجَعَ فِي ذِمَّتِهِمْ إلَّا أَنْ يَمْتَنِعُوا مِنْ التَّعْمِيرِ قَبْلَ شِرَاءِ الْمُؤَنِ فَفِي الْغَلَّةِ يَرْجِعُ بِمَا عَمَّرَ مَبْدَأٌ انْتَهَى وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ - وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(وَسُئِلَ سَيِّدِي عَلِيٌّ الْأُجْهُورِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) عَنْ أَخَوَيْنِ مُشْتَرِكَيْنِ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَتَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا بِامْرَأَتَيْنِ وَالْآخَرُ بِأَرْبَعَةٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ زَوْجُ الْمَرْأَتَيْنِ وَخَلَّفَ وَلَدًا بَالِغًا رَشِيدًا فَطَلَبَ الْقِسْمَةَ مِنْ عَمِّهِ فَادَّعَى عَمُّهُ أَنَّ لَهُ شَرِيكًا فِي الزَّرْعِ وَأَنَّهُ اسْتَدَانَ لِأَجْلِ الزَّرْعِ فَهَلْ تُقْبَلُ دَعْوَى الْعَمِّ لِلشَّرِكَةِ وَالدَّيْنِ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْوَلَدُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا وَهَلْ لِلْوَلَدِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَتَزَوَّجَ بِهِ زِيَادَةً عَلَى أَبِي الْوَلَدِ أَمْ لَا وَهَلْ إذَا ادَّعَى الْعَمُّ أَنَّ بَعْضَ خَيْلِ الشَّرِكَةِ وَدِيعَةٌ لِشَخْصٍ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ لَا يُقْبَلُ دَعْوَى الْعَمِّ أَنَّ لَهُ شَرِيكًا وَأَنَّهُ اسْتَدَانَ لَكِنَّهُ يَكُونُ شَاهِدًا لِلشَّرِيكِ وَلِرَبِّ الدَّيْنِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إنْ كَانَ عَدْلًا غَيْرَ مُتَّهَمٍ فِي شَهَادَتِهِ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ، أَوْ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ، وَلِلْوَلَدِ الرُّجُوعُ عَلَى الْعَمِّ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَتَزَوَّجَ بِهِ زِيَادَةً عَلَى أَبِي الْوَلَدِ إلَّا أَنْ تَمْضِيَ مِنْ حِينِ الْأَخْذِ إلَى حِينِ الْمُنَازَعَةِ مُدَّةٌ وَيَدَّعِي الْعَمُّ رَدَّ مَا أَخَذَهُ لِمَالِ الشَّرِكَةِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ قَبْضُهُ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ وَكَانَ يَتَصَرَّفُ فِي الْمَالِ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَأَمَّا دَعْوَى الْعَمِّ أَنَّ بَعْضَ الْخَيْلِ وَدِيعَةٌ مَثَلًا فَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهَا مِنْ الشَّرِكَةِ فَلَا يُلْتَفَتُ لِدَعْوَاهُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ وَلَا عَدَمُهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ شَاهِدًا عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا قَالَ الْقَرَوِيُّونَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا ادَّعَى الشَّرِيكُ فِي شَيْءٍ بِيَدِهِ أَنَّهُ وَدِيعَةٌ فَإِنَّ سَمَّى أَهْلَهَا وَادَّعَوْهَا حَلَفُوا وَأَخَذُوهَا كَمَنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَإِنْ نَكَلُوا أَخَذُوا نَصِيبَ الْمُقِرِّ وَأَخَذَ الشَّرِيكُ نَصِيبَهُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى شَرِكَتِهِمَا قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى عَدَالَةِ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ كَالشَّاهِدِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا حَلَّفَهُمْ اسْتِبْرَاءً انْتَهَى وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ لَهُ أَوْلَادٌ وَأَخٌ وَلَهُمَا طِينُ زِرَاعَةٍ فَاشْتَغَلَ الْأَوْلَادُ وَالْأَخُ بِالزِّرَاعَةِ وَالرَّجُلُ بِسَدَادِ مَطَالِبِ الدِّيوَانِ الْمِيرِيِّ وَدَفْعِ الْخَرَاجِ وَيَأْكُلُونَ مَعَ بَعْضٍ وَلَا مُحَاسَبَةَ بَيْنَهُمْ وَنَشَأَ عَنْ تِلْكَ الزِّرَاعَةِ أَمْوَالٌ وَأَمْتِعَةٌ ثُمَّ إنَّ أَخَا ذَلِكَ الرَّجُلِ مَنَعَ أَوْلَادَ أَخِيهِ مِمَّا نَشَأَ عَنْ الزِّرَاعَةِ فَهَلْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لِلْأَوْلَادِ الْمُقَاسَمَةُ فِيمَا حَدَثَ بِحَسَبِ زِرَاعَتِهِمْ مَعَ الْعَمِّ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ؛ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى إلْمَامٍ بِكَيْفِيَّةِ النَّظَرِ فِي الْعِبَارَاتِ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِ السُّؤَالِ أَنَّ أَخَا ذَلِكَ الرَّجُلِ مَنَعَ أَوْلَادَ أَخِيهِ إلَخْ.
وَقَوْلُهُ فَهَلْ لِلْأَوْلَادِ إلَخْ أَنَّ الْمُنَازَعَةَ إنَّمَا حَصَلَتْ بَيْنَ الْأَوْلَادِ وَعَمِّهِمْ وَلَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى إلْمَامٍ بِالْفِقْهِ أَنَّهَا لَا تَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ أَبِي الْأَوْلَادِ وَانْتِقَالِ حَقِّهِ لَهُمْ وَعَلَى هَذَا الْفَهْمِ أَجَبْت
عَنْ هَذَا السُّؤَالِ مَرَّتَيْنِ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِي لِلْأَوْلَادِ مُقَاسَمَةُ أَعْمَامِهِمْ فِيمَا حَدَثَ إلَخْ وَهُوَ جَوَابٌ حَقٌّ صَحِيحٌ إجْمَاعِيٌّ ضَرُورِيٌّ لَا يُعْذَرُ فِي التَّوَقُّفِ فِيهِ إلَّا حَدِيثُ عَهْدٍ تَرَبَّى فِي شَاهِقٍ لَمْ تُقْسَمْ فِيهِ تَرِكَةٌ وَلَا شَرِكَةٌ كَيْفَ وَقِسْمَةُ التَّرِكَاتِ وَالْمُشْتَرَكَاتِ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ فِي سَائِرِ الْمِلَلِ وَالْأَدْيَانِ وَفِي سَائِرِ الْعَادَاتِ حَتَّى مِنْ الزَّبَّالِينَ فِي كِمَامَةِ الْحَمَّامَاتِ، فَيَا فَضِيحَةَ مَنْ تَوَقَّفَ فِيهَا وَطَلَبَ النَّصَّ عَلَيْهَا مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ أَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ السَّادَاتِ مَعَ أَنَّ النَّصَّ بِهَا فِي عَيْنِ الْمَسْأَلَةِ تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي الْإِرْشَادِ مُرَبِّي الْعَلَامَاتِ، ثُمَّ إنَّ مَنْ تَوَقَّفَ أَذَاعَ أَنَّ أَبَا الْأَوْلَادِ حَيٌّ وَبِسَبَبِ ذَلِكَ أُعِيدَ عَلَى السُّؤَالِ ثَالِثَةٌ وَلَفْظُهُ كَلَفْظِ الْأَوَّلَيْنِ إلَّا أَنَّهُ أُفْرِدَ فِيهِ الْأَخُ وَالْعَمُّ وَجُمِعَا فِيهِمَا وَقَدْ عَلِمْت مَفْهُومَهُ فَيَا عَظِيمَ فَضِيحَتِهِ مِنْ هَذِهِ الْإِذَاعَةِ الدَّالَّةِ عَلَى خَبَالِ خَيَالِهِ وَعَدَمِ تَصَوُّرِهِ لِلْأُمُورِ الْعَادِيَّةِ حَيْثُ تَصَوَّرَ أَنَّ الْحَرَّاثَ أَخَا الثَّوْرِ يَمْنَعُ الْمُمَارِسَ لِلدَّوَاوِينِ وَالْمُجَالِسَ لِلْحُكَّامِ مِنْ حَقٍّ ضَرُورِيٍّ عِنْدَ جَمِيعِ الْأَنَامِ وَعَلَى إرْخَاءِ الْعَنَانِ وَفَرْضِ أَنَّ الْأَبَ حَيٌّ فَالْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ وَلَيْسَ لِأَوْلَادِهِ كَلَامٌ مَعَ أَخِيهِ وَلَكِنْ لَا يَسْتَقِلُّ الْأَخُ بِمَا نَشَأَ مِنْ الزَّرْعِ وَيَدْفَعُ لِأَوْلَادِ أَخِيهِ أُجْرَةَ عَمَلِهِمْ كَمَا تَوَهَّمَهُ وَتَفَوَّهَ بِهِ مَنْ لَا إلْمَامَ لَهُ بِالْفِقْهِ بَلْ يَقْتَسِمُ الرَّجُلُ وَأَخُوهُ مَا نَشَأَ مِنْ الزَّرْعِ بِحَسَبِ شَرِكَتِهِمَا فِي الْأَرْضِ وَالْبَقَرِ وَالْآلَةِ وَالْبَذْرِ وَالْعَمَلِ فَالْأَخُ يُحَاسَبُ بِعَمَلِ نَفْسِهِ وَالرَّجُلُ بِعَمَلِ أَوْلَادِهِ وَهَذَا ضَرُورِيٌّ أَيْضًا لَا يَتَوَقَّفُ فِيهِ أَحَدٌ إلَّا مَا ذَكَرْنَا مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْأُجْهُورِيِّ الْمَفْهُومَةِ مِنْ لَفْظِ السُّؤَالِ إذْ لَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّ أَبُوهُمْ مُقَاسَمَةَ أَخِيهِ مَا اسْتَحَقُّوهَا هُمْ إذْ إنَّمَا يَنْتَقِلُ لَهُمْ بِالْإِرْثِ مَا كَانَ حَقًّا لِأَبِيهِمْ وَقَدْ ثَبَتَ اسْتِحْقَاقُهُمْ إيَّاهَا فَيَلْزَمُ ثُبُوتُ اسْتِحْقَاقِ أَبِيهِمْ إيَّاهَا عَلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَنْصُوصَةٌ بِعَيْنِهَا.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَوُزِّعَ الرِّبْحُ وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الزَّرْعِ عَلَى حَسَبِ مَا لِكُلٍّ انْتَهَى وَلَا يَخْفَى أَنَّ " مَا " عَامَّةٌ لِعَمَلِ الثِّيرَانِ وَالْآدَمِيِّينَ وَالْآلَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْبَذْرِ وَفِي الْمُخْتَصَرِ وَتَسَاوَيَا.
الْخَرَشِيُّ أَيْ فِي الرِّبْحِ بِأَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الرِّبْحِ بِحَسَبِ مَا يُخْرِجُهُ فَلَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ إذَا تَسَاوَيَا فِي جَمِيعِ مَا أَخْرَجَاهُ وَشَرَطَا فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ أَنَّ جَمِيعَ مَا يَحْصُلُ مِنْ الزَّرْعِ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ، أَوْ كَانَ مَا أَخْرَجَاهُ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَشَرَطَا أَنَّ مَا يَحْصُلُ مِنْ الزَّرْعِ عَلَى التَّنْصِيفِ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا بِزَائِدٍ عَمَّا لِلْآخَرِ بَعْدَ الْعَقْدِ اللَّازِمِ وَهُوَ الْبَذْرُ فَلَا يَضُرُّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ إلَّا التَّبَرُّعَ بَعْدَ الْعَقْدِ أَيْ مِنْ غَيْرِ رَأْيٍ وَلَا عَادَةٍ كَمَا قَالَهُ سَحْنُونٌ انْتَهَى.
فَيَا عَظِيمَ فَضِيحَةِ هَذَا الْمُذِيعُ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَى إذَاعَتِهِ تَصْحِيحُ فَتْوَانَا بِمُوَافَقَتِهَا لِمَا فِي الْمُتُونِ وَبُطْلَانِ فَتْوَاهُ بِمُخَالَفَتِهَا لَهُ هُوَ لَا يَشْعُرُ بِذَلِكَ كَيْفَ وَقَدْ أَفْنَى عُمُرَهُ فِي قِرَاءَةِ الْمَتْنِ وَإِقْرَائِهِ فَإِنَّا لِلَّهِ مِنْ زَمَانٍ صَارَ فِيهِ الْحَقُّ الضَّرُورِيُّ غَرِيبًا بَعِيدًا وَالْبَاطِلُ الْفَظِيعُ الشَّنِيعُ مَقْبُولًا قَرِيبًا ثُمَّ بَعْدَ اقْتِسَامِ الْأَخَوَيْنِ بِحَسَبِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِمُعَاوَنَةِ الْأَوْلَادِ أَبَاهُمْ وَعَدَمِ مُشَاحَّتِهِ وَمُحَاسَبَتِهِ فَلَا شَيْءَ لِلْأَوْلَادِ عَلَى أَبِيهِمْ وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَهُمْ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِ عَمَلِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ وَبِالْجُمْلَةِ الْأَخُ يُقَاسِمُ فِيمَا نَشَأَ بِحَسَبِ عَمَلِهِ وَعَمَلِ الْأَوْلَادِ وَبَاقِي الْمُخْرَجَاتِ سَوَاءٌ مَاتَ أَبُو الْأَوْلَادِ، أَوْ لَمْ يَمُتْ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَخِلَافُهُ خَطَأٌ بِلَا ارْتِيَابٍ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي شَرِيكَيْنِ فِي بَقَرَةٍ يُنْتَفَعُ بِهَا فِي الدِّيَاسَةِ وَالطَّحْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ تَرَاضَيَا عَلَى وَضْعِهَا عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَهَلْ يَسْتَقِلُّ بِمَنْفَعَتِهَا فِي نَظِيرِ مُؤْنَتِهَا وَإِذَا دَفَعَهَا وَاضِعُ الْيَدِ لِأَجْنَبِيٍّ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ
لِيَنْتَفِعَ بِلَبَنِهَا وَغَيْرِهِ وَأَخَذَ مِنْهُ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ دَرَاهِمَ وَشَرَطَ مُؤْنَتَهَا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَهَلْ تَكُونُ الدَّرَاهِمُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ وَيُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ مِنْهَا أَمْ لَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ. . . لَا يَجُوزُ التَّرَاضِي عَلَى اسْتِقْلَالِ وَاضِعِ الْيَدِ عَلَى الْبَقَرَةِ بِمَنَافِعِهَا فِي نَظِيرِ كُلْفَتِهَا لِلْجَهَالَةِ فِي الْمُعَاوَضَةِ وَيَجِبُ تَوْزِيعُ النَّفَقَةِ وَالْمَنْفَعَةِ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ نَصِيبَيْهِمَا فَإِنْ تَبَرَّعَ وَاضِعُ الْيَدِ بِالنَّفَقَةِ وُزِّعَتْ الْمَنْفَعَةُ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي جَوَابِ خَاتِمَةِ الْمُحَقِّقِينَ أَبِي مُحَمَّدٍ الْأَمِيرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالدَّرَاهِمُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فِي نَظِيرِ الْمَنَافِعِ مِنْ جُمْلَةِ الْغَلَّةِ تُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ ذَلِكَ جَبْرًا عَلَى وَاضِعِ الْيَدِ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْمَنَافِعُ مِنْ الْمَجْعُولَةِ لِلْأَجْنَبِيِّ عَمَلًا مَضْبُوطًا بِزَمَنٍ، أَوْ نَحْوِهِ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ الْعَمَلِ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ يَجِبُ فَسْخُهُ لِلْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ فَيَرْجِعُ الْأَجْنَبِيُّ بِدَرَاهِمِهِ، أَوْ مِثْلِهَا وَمِثْلِ نَفَقَتِهِ، أَوْ قِيمَتِهَا وَيَرُدُّ اللَّبَنَ، أَوْ مِثْلَهُ إنْ عَلِمَ قَدْرَهُ وَإِلَّا رَدَّ قِيمَتَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَمَّا أَخْذُ الْبَقَرَةِ تَحْلِبُ وَتُطْعِمُ فَفَاسِدٌ وَتَرَاجَعَا كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ وَنَصُّ مَا فِي الْحَاشِيَةِ قَوْلُهُ وَشِرَاءُ اللَّبَنِ إلَخْ لَا مَا يَفْعَلُهُ الْفَلَّاحُونَ وَيُسَمُّونَهُ الضَّمَانَ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ فَيَرْجِعُ مَالِكُ الْبَهِيمَةِ بِمِثْلِ اللَّبَنِ إنْ عَلِمَ قَدْرَهُ وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْآخِذُ بِكُلْفَةِ الْبَهِيمَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ عَبْدِ الْبَاقِي وَصُورَتُهَا أَنْ تَأْتِيَ لِصَاحِبِ الْبَقَرَةِ ذَاتِ اللَّبَنِ وَتُعْطِيهِ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَتَأْخُذَ الْبَقَرَةَ تَأْخُذُ لَبَنَهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَالْكُلْفَةُ مِنْ عِنْدِك انْتَهَى، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(وَسُئِلَ سَيِّدِي أَحْمَدُ الدَّرْدِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) عَنْ شَرِيكٍ لِآخَرَ فِي سِلْعَةِ ذَهَبٍ بِهَا عِنْدَ أَعْدَاءِ الْآخَرِ فَغَصَبُوهَا مِنْهُ فَهَلْ يَضْمَنُ حِصَّتَهُ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ.
(فَأَجَابَ) الْحَمْدُ لِلَّهِ. . . الشَّرِيكُ الَّذِي أَخَذَ السِّلْعَةَ وَذَهَبَ بِهَا عِنْدَ أَعْدَاءِ شَرِيكِهِ ضَامِنٌ إذَا لَمْ يَكُنْ أَذِنَ لَهُ الشَّرِيكُ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ يَمْلِكُ قِيرَاطًا فِي طَاحُونَةٍ فَتَلِفَ جَمِيعُ آلَاتِهَا مِنْ الْأَخْشَابِ وَالْحِجَارَةِ وَبَقِيَتْ الْحِيطَانُ ثُمَّ قَامَ أَرْبَابُهَا وَاشْتَرَوْا لَهَا آلَةً وَوَضَعُوهَا فِي مَكَانِهَا دُونَ مَنْ لَهُ الْقِيرَاطُ الْمَذْكُورُ فَهَلْ إذَا أَرَادَ الدُّخُولَ مَعَهُمْ وَدَفْعَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ ثَمَنِ الْآلَةِ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ دَفَعَ لِآخَرَ ثَلَثَمِائَةِ قِرْشٍ عَلَى أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا سَبْعَمِائَةٍ وَيَشْتَرِكَا فِي بَقَرَةٍ وَيَدْفَعُ لَهُ الْمِائَتَيْنِ بَعْدَ أَجَلِ كَذَا فَتَمَّمَ الْمَدْفُوعَ لَهُ بِالْأَلْفِ وَرَبَطَهَا بِطَرَفِ مِلَاءَتِهِ وَجَعَلَهَا أَمَامَهُ فِي خُفْيَةٍ وَتَوَجَّهَ إلَى السُّوقِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَوَصَلَ وَرَجَعَ مُدَّعِيًا ضَيَاعَهَا بِتَمَامِهَا فَمَاذَا يَكُونُ الْحُكْمُ إذَا طَلَبَ دَافِعُ الثَّلَثِمِائَةِ أَخْذَهَا وَطَلَبَهُ دَافِعُ السَّبْعِمِائَةِ الْمِائَتَيْنِ الْمُؤَجَّلَتَيْنِ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ صَدَّقَ دَافِعُ الثَّلَثِمِائَةِ الْمَدْفُوعَ لَهُ عَلَى تَتْمِيمِ الْأَلْفِ وَضَيَاعِهَا مِنْهُ بِلَا تَفْرِيطٍ غَرِمَ لَهُ الْمِائَتَيْنِ الْمُؤَجَّلَتَيْنِ بَعْدَ مُضِيِّ أَجَلِهِمَا بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ اتَّهَمَهُ فِي التَّتْمِيمِ، أَوْ فِي الضَّيَاعِ، أَوْ عَدَمِ التَّفْرِيطِ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ حَلَفَ غَرِمَ لَهُ الْمُؤَجَّلَ بَعْدَهُ وَإِنْ نَكَلَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالثَّلَثِمِائَةِ فِي اتِّهَامِهِ فِي الضَّيَاعِ، أَوْ نَفْيِ التَّفْرِيطِ وَسَقَطَ عَنْهُ غُرْمُ الْمِائَتَيْنِ
فِي اتِّهَامِهِ فِي التَّتْمِيمِ فَقَطْ نَعَمْ يَغْرَمُ لَهُ مِائَةً حَالَّةً لِيَسْتَوِيَا فِي التَّالِفِ لِتَعَلُّقِ ضَمَانِ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ بِمُجَرَّدِ الْخَلْطِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَكِيلٌ عَنْ الْآخَرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لَزِمَتْ الشَّرِكَةُ بَدَلَهَا عُرْفًا وَالضَّمَانُ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ لَا يَخْلِطَا مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ فَغَيْرُهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْخَلْطُ وَيَشْمَلُ الْخَلْطَ الْحُكْمِيَّ كَجَعْلِ صُرَّتَيْهِمَا عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَالتَّالِفُ عَلَى رَبِّهِ ثُمَّ قَالَ وَصُدِّقَ أَيْ الشَّرِيكُ بِيَمِينٍ فِي التَّلَفِ إلَّا لِقَرِينَةٍ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي ثَلَاثَةِ إخْوَةٍ فِي مَعِيشَةٍ وَاحِدَةٍ مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ ذَكَرَيْنِ بَالِغٍ وَصَبِيٍّ وَخَلَّفَ عَقَارًا وَغَيْرَهُ وَصَارَ الْأَخَوَانِ الْبَاقِيَانِ يَتَصَرَّفَانِ مَعَ ابْنِ أَخِيهِمَا الْبَالِغِ فِيمَا يَخُصُّهُمَا وَفِيمَا تَرَكَهُ الْمَيِّتُ فَيَبِيعُونَ شَيْئًا وَيُجَدِّدُونَ غَيْرَهُ وَيَزْرَعُونَ الْأَرْضَ وَيَبِيعُونَ مَا يَفْضُلُ مِنْ رِبْحِهَا وَيَحُوزُونَ أَطْيَانًا يَسْقُطُ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ حَقُّهُ فِيهَا فِي نَظِيرِ دَرَاهِمَ يَدْفَعُونَهَا لَهُ وَيَكْتُبُونَ بِهَذَا الْإِسْقَاطِ وَثَائِقَ وَيَجْعَلُونَ لِوَلَدَيْ الْأَخِ الْبَالِغِ وَالصَّبِيِّ الثُّلُثَ عَلَى حُكْمِ مَا وَرِثَاهُ عَنْ أَبِيهِمَا وَلِكُلٍّ مِنْ الْعَمَّيْنِ الثُّلُثُ وَبَنَوْا سَاقِيَةً وَكَتَبُوا وَثِيقَةً بِمَا يَخُصُّ الْأَخَوَيْنِ وَمَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَمَّيْنِ ثُمَّ مَاتَ الْعَمَّانِ وَخَلَّفَ كُلٌّ ابْنًا وَبَقِيَتْ أَوْلَادُ الْأَعْمَامِ أَيْضًا فِي مَعِيشَةٍ وَاحِدَةٍ يَتَصَرَّفُونَ كَمَا كَانَ آبَاؤُهُمْ وَيَحُوزُونَ عَقَارًا وَبَنَوْا مُبِلَّةً لِعَطِنِ الْكَتَّانِ وَكَتَبُوا بِهَا وَثِيقَةً وَبَيَّنُوا فِيهَا لِلْأَخَوَيْنِ الثُّلُثَ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدَيْ عَمَّيْهِمَا الثُّلُثَ وَاسْتَمَرُّوا عَلَى ذَلِكَ مُدَّةً مِنْ السِّنِينَ ثُمَّ اقْتَسَمُوا وَأَخَذَ الْأَخَوَانِ الثُّلُثَ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدَيْ الْعَمِّ الثُّلُثَ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ مِنْ بُلُوغِ الْأَخِ الصَّبِيِّ طَلَبَ أَنْ يُقَاسِمَ أَخَاهُ فِي الثُّلُثِ الَّذِي خَصَّهُمَا عَلَى الْمُنَاصَفَةِ فَامْتَنَعَ الْأَخُ الْبَالِغُ يَوْمَ مَوْتِ أَبِيهِ وَأَرَادَ أَنْ يَخْتَصَّ بِجَمِيعِ مَا تَجَدَّدَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ فَهَلْ يُجَابُ الْأَوَّلُ، أَوْ الثَّانِي أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، يُجَابُ الْأَوَّلُ لِلْقِسْمَةِ عَلَى الْمُنَاصَفَةِ فِي جَمِيعِ الثُّلُثِ الَّذِي خَصَّهُمَا فِي مُقَاسَمَةِ وَلَدَيْ عَمَّيْهِمَا وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا الْبَالِغُ يَوْمَ مَوْتِ أَبِيهِ ثُمَّ إنْ جَرَى عُرْفُهُمْ بِعَدَمِ الْمُشَاحَنَةِ بَيْنَ الْإِخْوَةِ وَعَمِلَ أَحَدُهُمْ لِلْآخَرِ مَجَّانًا فَلَا شَيْءَ لِمَنْ كَانَ بَالِغًا عَلَى مَنْ كَانَ صَبِيًّا وَإِنْ جَرَى بِأَنَّهُ لَا يَعْمَلُ إلَّا بِأُجْرَةٍ رَجَعَ مَنْ كَانَ بَالِغًا عَلَى مَنْ كَانَ صَبِيًّا بِأُجْرَةِ مِثْلِ عَمَلِهِ لَهُ فِيمَا بَيْنَ مَوْتِ أَبِيهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى الْعَمَلِ بِنَظَرِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَحِينَئِذٍ يُحْسَبُ عَلَى مَنْ كَانَ بَالِغًا مَا أَنْفَقَهُ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي نَحْوِ زَوَاجٍ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ خَاتِمَةُ الْمُحَقِّقِينَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَمِيرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي عَمَلِ الْوَلَدِ مَعَ وَالِدِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ الشَّيْخُ الدُّسُوقِيُّ فِي الْحَاشِيَةِ قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ أَنَّهُ إذَا اتَّجَرَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فِي التَّرِكَةِ فَمَا حَصَلَ مِنْ الْغَلَّةِ فَهُوَ تَرِكَةٌ وَلَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَوَّلًا أَنَّهُ يَتَّجِرُ لِنَفْسِهِ فَإِنْ بَيَّنَ أَوَّلًا كَانَتْ لَهُ الْغَلَّةُ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِبَاقِي الْوَرَثَةِ إلَّا الْقَدْرُ الَّذِي تَرَكَهُ مُوَرِّثُهُمْ انْتَهَى.
وَذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْوَصِيَّ إنْ اتَّجَرَ فِي التَّرِكَةِ لِلصَّبِيِّ وَرَبِحَ ثُمَّ طَرَأَ وَارِثٌ آخَرُ فَإِنَّهُ يُشَارِكُ الصَّبِيَّ فِي التَّرِكَةِ وَرِبْحِهَا وَإِنْ طَرَأَ رَبُّ دَيْنٍ أَخَذَ التَّرِكَةَ وَرِبْحَهَا قَالَ فِي حَاشِيَتِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي انْفَصَلَ عَنْهُ شَيْخُ شُيُوخِنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَنَّ الرِّبْحَ لِلْأَيْتَامِ لَا لِرَبِّ الدَّيْنِ وَأَنَّ مَا فِي الرَّمَاصِيِّ غَيْرُ صَحِيحٍ قَالَهُ الْبُنَانِيُّ وَقَوَّاهُ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ سَلَفَهُ لِلْأَيْتَامِ كَسَلَفِهِ لِنَفْسِهِ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْوَرَثَةِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَيَقَعُ ذَلِكَ كَثِيرًا انْتَهَى