الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لَمْ أَطَأْكِ هَذَا الْيَوْمَ، وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا يَغْتَسِلُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنْ يُصَلِّيَ جَمِيعَ الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَمَا الْحُكْمُ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَام عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ بِمُجَرَّدِ حَلِفِهِ الْيَمِينِ الثَّالِثَةَ إذْ هُوَ حَالِفٌ عَلَى جَمْعِ النَّقِيضَيْنِ؛ إذْ تَرْكُ الْغُسْلِ يَسْتَلْزِمُ تَرْكَ الصَّلَاةِ فَالْحَالِفُ عَلَى تَرْكُ الْغُسْلِ حَالِفٌ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ حَلَفَ أَيْضًا عَلَى الْإِتْيَانِ فِي وَقْتِهَا فَصَارَ حَالِفًا عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ فِعْلِهَا فِي وَقْتِهَا، وَعَدَمِ فِعْلِهَا فِيهِ، وَهُوَ مُحَالٌ، وَعَدَمُهُ وَاجِبٌ مُحَقَّقٌ، وَالطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَى مُحَقَّقٍ يُنْجَزُ بِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَنَجَزَ إنْ عَلَّقَ عَلَى وَاجِبٍ، وَلَوْ عَادَةً أَوْ شَرْعًا، وَمِنْهُ امْتِنَاعُ الْمُمْتَنِعِ مَاضِيًا أَوْ مُسْتَقْبِلًا اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ حَلَفَ بِالْحَرَامِ أَنَّهُ يَضْرِبُ زَوْجَتَهُ، وَلَمْ يَحْجِزْهُ أَحَدٌ عَنْهَا فَتَعَرَّضَ لَهُ بَعْضُ النَّاسِ، وَحَجَزَهُ عَنْهَا فَهَلْ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَيَقَعُ بَائِنًا أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ مُقَيَّدَةً بِوَقْتِ الْحَلِفِ لَفْظًا أَوْ نِيَّةً أَوْ بِسَاطًا حَنِثَ فِي يَمِينِهِ، وَوَقَعَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا، وَنَوَى فِي غَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً عَنْ التَّقْيِيدِ بِوَقْتٍ فَيَمِينُهُ بَاقِيَةٌ، وَيُمْنَعُ مِنْ زَوْجَتِهِ حَتَّى يَبَرَّ فِي يَمِينِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
[أَلْفَاظ جَرَى بِهَا عُرْفُ بَعْضِ الْبُلْدَان كَيَمِينِ سَفَهٍ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي أَلْفَاظٍ جَرَى بِهَا عُرْفُ بَعْضِ الْبُلْدَانِ كَيَمِينِ سَفَهٍ، وَلَا عَيْشَ لَك عِنْدِي، وَرُوحِي يَا فَرْدَةَ الْوَطَا مِنْ بَيْتِي أَوْ زُولِي مِنْ وَجْهِي فَمَا الْحُكْمُ
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ جَرَى عُرْفُهُمْ بِالتَّطْلِيقِ بِصِيغَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّيَغِ لَزِمَ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ النُّطْقِ بِهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مِنْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ، وَتَلْزَمُ بِهَا وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا، وَبَائِنَةٌ فِي غَيْرِهَا إنْ نَوَى الْوَاحِدَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَإِنْ نَوَى أَكْثَرَ لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ، وَكَذَا إنْ جَرَى بِهِ الْعُرْفُ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَهْمَا جَرَى عُرْفٌ عُمِلَ بِهِ قَاعِدَةً كُلِّيَّةً كَالْقَرَائِنِ اهـ.
وَقَالَ فِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ: وَيَمِينُ سَفَهٍ فِي عُرْفِ مِصْرٍ الطَّلَاقُ، وَتَكْفِي وَاحِدَةٌ فَإِنَّ بَابَ الطَّلَاقِ مِنْ حَيْثُ هُوَ السَّفَهُ فَإِنَّهُ أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَّا لِنِيَّةٍ أَكْثَرَ أَوْ عُرِفَ بِهِ اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ أَمَرَتْهُ زَوْجَتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِأَبِيهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا لِأَجْلِ أَنْ يَأْتِيَهَا أَبُوهَا لِكَوْنِهَا اسْتَوْحَشَتْهُ فَفَعَلَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِي الْفَتْوَى، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ قَالَ الْعَدَوِيُّ: وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: كُنْتُ طَلَّقْتُك أَوْ قَالَ: لِعَبْدِهِ كُنْتُ أَعْتَقْتُكَ، وَلَمْ يَكُنْ قَدْ فَعَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ رَأَى إحْدَى زَوْجَاتِهِ مُشْرِفَةً مِنْ كَوَّةٍ، وَلَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهَا فَقَالَ لَهَا إنْ لَمْ أُطَلِّقْك ثَلَاثًا فَبَاقِي نِسَائِي طَوَالِقُ ثَلَاثًا، وَأَدْخَلَتْ رَأْسَهَا، وَلَمْ تُعْلَمْ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: يُطَلِّقُ الْجَمِيعَ مِنْ بَابِ لَوْ شَكَّ فِيمَنْ طَلَّقَهَا، وَالصَّوَابُ قَوْلُ الْأَبِيِّ تِلْمِيذِهِ تُمْسَكُ لَهُ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ الْمُشْرِفَةَ
فَقَدْ طَلَّقَ صَوَاحِبَاتِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمُشْرِفَةَ فَقَدْ طَلَّقَ الْمُشْرِفَةَ اهـ مِنْ ضَوْءِ الشُّمُوعِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَآلِهِ، وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ حَلَفَ لِغَرِيمِهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَوْ جِئْتنِي أَمْسِ لَقَضَيْتُك حَقَّك فَهَلْ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ لِلشَّكِّ أَوْ لَا؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ مَشَى صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ عَلَى تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ فِي الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ قَالَ: أَوْ جَائِزٌ كَلَوْ جِئْتَ قَضَيْتُك.
الْخَرَشِيُّ يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا عَلَّقَهُ عَلَى مَاضٍ مُمْكِنِ الْوُقُوعِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْجَائِزِ، وَإِنْ وَجَبَ شَرْعًا كَحَلِفِهِ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ لِشَخْصٍ لَوْ جِئْتَنِي أَمْسِ لَقَضَيْتُك حَقَّك، وَإِنَّمَا نُجِّزَ عَلَيْهِ لِلشَّكِّ، وَلَا يَقْدَمُ عَلَى فَرَجٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ عَلَّلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ لَوْ جَاءَ أَنْ يَقْضِيَهُ، وَأَنْ لَا يَقْضِيَهُ فَحَصَلَ الشَّكُّ اهـ لَكِنْ قَالَ: الْعَدَوِيُّ اعْلَمْ أَنَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ مَنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَاضٍ جَائِزٌ شَرْعًا كَزَوْجَتِهِ طَالِقٌ لَوْ جِئْتنِي أَمْسِ لَأَعْطَيْتُك كَذَا الشَّيْءُ لَا يَجِبُ إعْطَاؤُهُ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ أَيْ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا عَلَّقَهُ بِمَاضٍ وَاجِبٌ شَرْعًا كَقَوْلِهِ زَوْجَتِي طَالِقٌ لَوْ جِئْتَنِي أَمْسِ لَقَضَيْتُك حَقَّك حَيْثُ وَجَبَ قَضَاؤُهُ خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِيهِمَا اهـ وَتَبِعَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ اخْتَفَى مِنْ الْحَاكِمِ عِنْدَ آخَرَ فَأَلْزَمَهُ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ، وَأَكْرَهَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ أَنَّهُ عِنْدَهُ قَتَلَهُ لِجَوْرِهِ، وَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ فَحَلَفَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ؟ فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ.
قَالَ: فِي الْمُخْتَصَرِ لَا أَجْنَبِيٍّ الْخَرَشِيُّ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى، وَلَدِهِ أَيْ لَا خَوْفَ قَتْلِ أَجْنَبِيٍّ فَإِذَا قَالَ ظَالِمٌ لِشَخْصٍ: إنْ لَمْ تَأْتِنِي بِفُلَانٍ أَقْتُلُهُ، وَهُوَ عِنْدَك، وَتَعْلَمُ مَكَانَهُ، وَأَنْتَ قَادِرٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ، وَإِلَّا قَتَلْتُ زَيْدًا مَثْلًا فَقَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ: فُلَانٌ لَيْسَ عِنْدِي، وَلَا أَعْلَمُ مَكَانَهُ، وَلَا أَنَا قَادِرٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ فَأَحْلَفَهُ الظَّالِمُ بِالطَّلَاقِ عَلَى ذَلِكَ، وَالْحَالُ أَنَّ الْحَالِفَ يَعْلَمُ مَكَانَ فُلَانٍ، وَقَادِرٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ لِذَلِكَ الظَّالِمِ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ، وَيَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ تَحَقَّقَ الْحَالِفُ حُصُولَ مَا يَنْزِلُ بِزَيْدٍ فَإِنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ، وَيَحْنَثُ، وَلَكِنْ يُثَابُ الْحَالِفُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ، وَأُمِرَ بِالْحَلِفِ لِيَسْلَمَ أَيْ، وَأُمِرَ نَدْبًا بِالْحَلِفِ كَاذِبًا لِأَجْلِ سَلَامَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ مَالِهِ، وَفَائِدَةُ الْحَلِفِ مَعَ كَوْنِهِ يَحْنَثُ، وَيُكَفِّرُ عَنْهَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ غَمُوسًا بَلْ يُؤْجَرُ عَلَيْهَا اهـ الْعَدَوِيُّ الْأَجْنَبِيُّ هُوَ مَا عَدَا النَّفْسَ، وَالْوَلَدَ، وَلَوْ أَخًا أَوْ أَبًا فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ، وَقُتِلَ الْمَطْلُوبُ فَهَلْ يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ بِالْحَلِفِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى خَلَاصِهِ، وَلَمْ يَفْعَلْ أَمْ لَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْيَمِينِ شَدِيدٌ، وَحَرِجٌ فَلَا يُقَاسُ عَلَى مَسْأَلَةِ تَرْكِ الشَّهَادَةِ، وَنَحْوِهَا نَعَمْ إنْ دَلَّ الظَّالِمَ ضَمِنَ، وَقَالَ: اللَّقَانِيُّ يَنْبَغِي الْوُجُوبُ عَمَلًا بِقَاعِدَةِ ارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ؛ لِأَنَّ طَلَاقَ الزَّوْجَةِ أَخَفُّ مِنْ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا غُرْمُ الصَّدَاقِ، وَيَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ قَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ أَوْ تَرْكُ تَخْلِيصِ مُسْتَهْلَكٍ اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَقَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لَأَرْمِيَنَّكِ فِي الْبَحْرِ فَهَلْ إذَا رَمَاهَا فِي نَهْرٍ صَغِيرِ يَبَرُّ أَوْ رَمَاهَا فِي حَافَّةِ الْبَحْرِ يَبَرُّ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ نَوَى حِينَ يَمِينِهِ رَمْيَهَا فِي نَهْرٍ صَغِيرٍ أَوْ حَافَّةِ الْبَحْرِ بَرَّ بِهِ فِي الْفَتْوَى دُونَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهَا نِيَّةٌ مُخَالِفَةٌ لِظَاهِرِ لَفْظِهِ، وَهِيَ تُعْتَبَرُ فِي الْفَتْوَى مُطْلَقًا، وَالْقَضَاءِ فِيمَا عَدَا الطَّلَاقَ، وَالْعِتْقَ الْمُعِينَ، وَإِنْ نَوَى، وَسَطَ الْبَحْرِ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ، وَهِيَ لَا تُحْسِنُ الْعَوْمَ لَمْ يَبَرَّ بِذَلِكَ، وَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ رَمْيِهَا قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ أَوْ بِمُحَرَّمٍ كَإِنْ لَمْ أَزْنِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ قَبْلَ التَّنْجِيزِ.
الْخَرَشِيُّ يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا حَلَفَ عَلَى فِعْلٍ مُحَرَّمٍ فَإِنَّهُ يُنْجَزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ يَتَجَزَّأَ، وَيَفْعَلَهُ فَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ قَالَ فِيهَا: وَمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَشْيٍ أَوْ بِاَللَّهِ لَيَضْرِبَنَّ فُلَانًا أَوْ لَيَقْتُلَنَّهُ إلَخْ فَلِيُكَفِّرْ، وَلْيَمْشِ، وَلْيُطَلِّقْ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ أَوْ يُعْتِقْ عَلَيْهِ إنْ رُفِعَ ذَلِكَ إلَيْهِ بِالْقَضَاءِ فَإِنْ اجْتَرَأَ فَفَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ النَّظَرِ فِيهِ زَالَتْ أَيْمَانُهُ فِيهِ فَقَوْلُهُ أَوْ بِمُحَرَّمٍ أَيْ أَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى عَدَمِ فِعْلٍ مُحَرَّمٍ اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ لَهُ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ فَطَلَبَهُ مِنْهُ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ أَقَبْضَهُ إيَّاهُ فَحَلَفَ الْآخَرُ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ فَهَلْ يَحْنَثُ كُلُّ مِنْهُمَا أَوْ لَا يَحْنَثُ كُلُّ مِنْهُمَا حَيْثُ كَانَ عَلَى يَقِينٍ أَفْتُونَا.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَحْنَثُ كُلٌّ مِنْهُمَا حَيْثُ كَانَ مُتَيَقِّنًا مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَانِثًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَكِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُكَلَّفُ إلَّا بِيَقِينِ نَفْسِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَدِينَ إنَّ ادَّعَى مُمْكِنًا كَهِلَالٍ لَمْ يَرَهُ غَيْرُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى حَالِفَيْنِ تَنَاقَضَا كَطَائِرٍ يَقُولُ هَذَا غُرَابٌ، وَهَذَا حِدَأَةٌ، وَطَلَّقَ عَلَى غَيْرِ الْجَازِمِ كَزَوْجَتِي مُتَنَاقِضٌ بِهِمَا اهـ قَالَ فِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ: قَوْلُهُ مُمْكِنًا أَيْ مَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ حَالَ الْحَلِفِ بِخِلَافِ قَلْبِ اللَّوْزَةِ قَوْلُهُ تَنَاقُضًا، وَلَمْ يُمْكِنْ تَحْقِيقُ الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مُخَاطَبٌ بِيَقِينِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ يَقِينُ غَيْرِهِ، وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ حَلِفُ الرَّجُلِ بِالطَّلَاقِ لَقَدْ قُلْتَ لِي كَذَا فَحَلَفَ الْآخَرُ بِالطَّلَاقِ مَا قُلْتُ لَك، وَحَلِفُهُ أَنَّ فُلَانًا يَعْرِفُ أَنَّ لِي حَقًّا فِي كَذَا فَيَحْلِفُ الْآخَرُ لَا يَعْرِفُ، وَحَلِفُهُ لَقَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَحَلَفَ الْآخَرُ مَا دَخَلَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْ ذَلِكَ تَنَاقُضَهُمَا فِي شَاةٍ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ لَحْمَهَا زِنَةُ كَذَا، وَالْآخَرُ خِلَافَهُ، وَلَمْ يُمْكِنْ التَّحْقِيقُ لِإِمْكَانِ الْحَزْرِ فِي ذَلِكَ كَتَخْرِيصِ الزَّكَاةِ فَلَيْسَ كَقَلْبِ اللَّوْزَةِ، وَيَرْجِعُ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ إذَا تَنَاقَضَا فِي نَخْلَةٍ صَغِيرَةٍ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى هَلْ يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ حَالًا اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَآلِهِ، وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُفْتِي بِرَدِّ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا لِزَوْجِهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ مُتَحَيِّلًا فِي ذَلِكَ إمَّا بِفَسَادِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ أَوْ بِغَضَبِ الزَّوْجِ عِنْدَ طَلَاقِهِ لَهَا أَوْ يَكُونُ الْبَيْتُ الْمَحْلُوفُ لِأَجْلِهِ شَرِكَةً بَيْنَهُ، وَبَيْنَ غَيْرِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُسْتَنِدَاتِ وَالتَّحَيُّلَاتِ الْخَارِجَةِ عَنْ الدِّينِ الْقَوِيمِ فَمَاذَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَهَلْ لِلْحَاكِمِ الشَّرْعِيِّ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْإِفْتَاءِ حَتَّى يَظْهَرَ صَلَاحُهُ، وَاتِّبَاعُهُ لِلْحَقِّ أَوْ لَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَابَ شَيْخُ الْمَشَايِخِ مُحَمَّدٌ الْحَفْنَاوِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ هَذَا الْمُفْتِي ضَالٌّ مُضِلٌّ فَعَلَى الْحَاكِمِ مَنْعُهُ مِنْ الْإِفْتَاءِ، وَزَجْرُهُ، وَتَعْزِيرُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَتَبَهُ مُحَمَّدٌ الْحَفْنَاوِيُّ الشَّافِعِيُّ، وَأَجَابَ الشَّيْخُ حَسَنٌ الْجِدَّاوِيُّ الْمَالِكِيُّ بِقَوْلِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ يَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا الْمُفْتِي مَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَلَّامَةُ الْوَقْتِ
مِنْ مَنْعِهِ مِنْ الْإِفْتَاءِ، وَمِنْ الزَّجْرِ، وَالتَّعْزِيرِ اللَّائِقَيْنِ بِحَالِهِ، وَعَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ مِنْ قَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ مَنْعُ هَذَا الضَّالِّ مِنْ التَّعَرُّضِ لِحَوَادِثِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَظْهَرَ عَلَيْهِ الصَّلَاحُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَابُ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ هَذَا فَانْظُرْهُ أَوَّلَ الْبَابِ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ رَاجَعَهَا قَبْلَ نِكَاحِ زَوْجٍ غَيْرِهِ، وَمَكَثَ مَعَهَا مُدَّةً، وَهُوَ يُنْفِقُ عَلَيْهَا فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَهُ مِنْ كِسْوَةٍ، وَمُؤْنَةٍ، وَلَا صَدَاقَ لَهَا حَيْثُ عَلِمَتْ بِالْحُرْمَةِ.
فَأَجَابَ سَيِّدِي أَحْمَدُ الدَّرْدِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ: إذَا رَاجَعَهَا بِفَتْوَى رَجُلٍ مُضِلٍّ فَهِيَ شُبْهَةٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ، وَالنَّفَقَةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ أَبْرَأَتْهُ زَوْجَتُهُ فَقَالَ: لَهَا رُوحِي سِتِّينَ أَوْ أَنْت بِالثَّلَاثِ مَاذَا يَلْزَمُهُ.
فَأَجَابَ الْأُسْتَاذُ الدَّرْدِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت مِنْ هَذِهِ الْقَبِيلَةِ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْهَا مُقَلِّدًا لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ.
فَأَجَابَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الصَّاوِيُّ بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ يَجُوزُ لِلْمَالِكِيِّ تَقْلِيدُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ مُتَزَوِّجٍ بِامْرَأَةٍ فَأَسَاءَتْ عِشْرَتَهُ، وَضَرَبَتْهُ، وَشَتَمَتْهُ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الْبَلَدِ، ثُمَّ طَلَبَتْ مِنْهُ طَلَاقَهَا فَامْتَنَعَ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْ صَدَاقِهَا طَائِعَةً مُخْتَارَةً لَا عَنْ ضَرَرٍ، وَهِيَ عَالِمَةٌ بِقَدْرِ الصَّدَاقِ فَهَلْ بَرَاءَتُهَا صَحِيحَةٌ، وَوَقَعَ الطَّلَاقُ، وَإِذَا رَجَعَتْ عَلَيْهِ تُمْنَعُ قَهْرًا عَلَيْهَا، وَإِذَا قَهَرَهُ قَائِمُ مَقَامِ الْبَلَدِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ فَقِيهٌ وَثِيقَةً بِالصُّلْحِ عَلَى أَلْفٍ فِضَّةٍ يَدْفَعُهُ لَهَا يَكُونُ الصُّلْحُ بَاطِلًا، وَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَإِذَا دَفَعَ شَيْئًا يُرْجَعُ بِهِ عَلَى مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُ، وَيَحْرُمُ عَلَى قَائِمِ مَقَامِ الْبَلَدِ جَبْرُهُ عَلَى الصُّلْحِ، وَعَلَى الْفَقِيهِ إعَانَتُهُ عَلَى ذَلِكَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَابَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الطَّحْلَاوِيُّ الْمَالِكِيُّ بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَيْثُ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ إسَاءَةُ عِشْرَةِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا، وَضَرْبِهَا، وَشَتْمِهَا، وَطَلَبَتْ الطَّلَاقَ مِنْهُ لَا عَنْ ضَرَرٍ لَحِقَهَا مِنْهُ، وَامْتَنَعَ مِنْ طَلَاقِهَا، وَحَصَلَتْ الْبَرَاءَةُ مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ صَدَاقِهَا بِاخْتِيَارِهَا، وَطَوْعِهَا فَلَيْسَ لَهَا رُجُوعٌ فِيمَا أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ خُصُوصًا، وَعِنْدَهَا عِلْمٌ بِالْقَدْرِ الْمُبَرَّأِ مِنْهُ، وَالطَّلَاقُ وَالْبَرَاءَةُ صَحِيحَانِ، وَإِذَا رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ بِالْقَهْرِ عَلَيْهِ بِالْحَاكِمِ أَوْ غَيْرِهِ كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا، وَلَا يَلْزَمُهُ مِنْهُ شَيْءٌ شَرْعًا، وَجَمِيعُ مَا دَفَعَهُ لَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُرْجَعُ بِهِ عَلَى مَنْ أَخَذَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ هِيَ أَوْ غَيْرَهَا، وَيَحْرُمُ عَلَى الْفَقِيهِ إعَانَةُ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ عَلَى الْمُطَلِّقِ الْمَذْكُورِ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَنَحْوُهُ لِلشَّيْخِ مُحَمَّدٍ النَّفْرَاوِيِّ الْمَالِكِيِّ، وَالشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْحَصَافِيِّ الشَّافِعِيِّ، وَالشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيِّ الْحَنَفِيِّ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ عَلَى بَرَاءَةٍ مِنْهَا لَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ إلَى فَقِيهٍ فَسَأَلَهُ هَلْ طَلَّقْت وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا فَقَالَ: طَلَّقْت ثَلَاثًا، وَبَعْدَ ذَلِكَ أَرَادَ أَنْ يُرَاجِعَهَا قَبْلَ زَوْجٍ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ طَلَّقَ وَاحِدَةً فَقَطْ بِمُوجِبِ شَهَادَةِ بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ عَمَلًا بِالْبَيِّنَةِ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ الشَّيْخُ حَسَنٌ الْجِدَّاوِيُّ بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ إذَا أَخْبَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ بِالثَّلَاثِ مُعْتَقِدًا وُقُوعَ ذَلِكَ
ثُمَّ تَبَيَّنَ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ أَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ لَيْسَ فِيهِ لَفْظُ ثَلَاثٍ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ، وَمُجَرَّدُ الْإِخْبَارِ لَغْوٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ طَلَّقَهَا أَوَّلًا وَاحِدَةً عَلَى بَرَاءَةٍ، ثُمَّ سَكَتَ زَمَنًا، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالثَّلَاثِ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ مَاذَا يَلْزَمُهُ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَآلِهِ، إنْ كَانَ زَمَنُ سُكُوتِهِ يَسِيرًا عُرْفًا بِحَيْثُ يُعَدُّ مَا بَعْدَهُ مِنْ تَمَامِ مَا قَبْلَهُ، وَالْمَجْمُوعُ كَلَامٌ وَاحِدٌ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ، وَإِنْ طَالَ زَمَنُ سُكُوتِهِ عُرْفًا بِحَيْثُ يُعَدُّ قَاطِعًا مَا بَعْدَهُ عَمَّا قَبْلَهُ، وَيَصِيرُ الثَّانِي كَلَامًا مُسْتَقِلًّا فَلَا تَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّ طَلَاقَ الْبَرَاءَةِ بَائِنٌ، وَالْبَائِنُ لَا يَرْتَدِفُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ إلَّا إذَا كَانَ نَسَقًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّد وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَأْكُلُ شَيْئًا مِنْ الْخُضَرِ نَحْوَ بَامِيَةٍ، وَمُلُوخِيَّةٍ، وَبَاذِنْجَانٍ، وَقَرْعٍ، وَخِيَارٍ، وَغَيْرِهَا، وَلَهُ زَوْجَتَانِ لَمْ يُعَيِّنْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا لِلْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا فَهَلْ إذَا أَكَلَ شَيْئًا مِنْهَا تَطْلُقَانِ عَلَيْهِ مَعًا أَوْ يَخْتَارُ وَاحِدَةً لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، صَرِيحُ كَلَامِ الْخَرَشِيِّ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ رِوَايَةُ الْمِصْرِيِّينَ الْمَشْهُورَةُ بِأَنَّهُمَا تَطْلُقَانِ مَعًا، وَرِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ بِأَنَّهُ يَخْتَارُ وَاحِدَةً لِلتَّطْلِيقِ، وَنَصُّهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُخْتَصَرِ أَوْ قَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ أَيْ أَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ أَوْ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ، وَلَهُ امْرَأَتَانِ أَوْ لِزَوْجَاتِهِ إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ، وَلَمْ يَنْوِ مُعَيَّنَةً فِي الْجَمِيعِ أَوْ نَوَى وَاحِدَةً، وَنَسِيَهَا طَلُقَتَا أَوْ طُلِّقْنَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَا يَخْتَارُ عِنْدَ الْمِصْرِيِّينَ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ، وَسَوَّى الْمَدَنِيُّونَ فِي الِاخْتِيَارِ اهـ، وَالشَّاهِدُ فِي قَوْلِهِ: أَوْ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ، وَلَهُ امْرَأَتَانِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ تَنْجِيزًا أَوْ تَعْلِيقًا.
وَفِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ عَنْ الْفَائِقِ وَالْمِعْيَارِ: أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ، وَظَاهِرَهُ اتِّفَاقًا، وَلَكِنَّهُ بَحَثَ فِيهِ، وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهَا مِنْ صُوَرِ الْخِلَافِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْخَرَشِيِّ، وَنَصُّهُ قَوْلُهُ إحْدَاكُمَا وَأَمَّا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مُطْلَقًا عَلَى شَيْءٍ، وَحَنِثَ، وَلَمْ يُعَيِّنْ مَحْلُوفًا بِهَا فَنُقِلَ عَنْ الْفَائِقِ وَالْمِعْيَارِ أَنَّهُ يَخْتَارُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقُ فِي هَذِهِ وَقَعَ لَفْظُهُ مُطْلَقًا، وَفِي تَقْيِيدِهِ بِإِحْدَاهُمَا زِيَادَةُ مَعْنَى، وَلَا يَخْفَاك التَّعَسُّفُ فِي هَذَا الْفَرْقِ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يُنَاسِبُ مَذْهَبَ مَنْ يَعْتَبِرُ الْأَلْفَاظَ كَالشَّافِعِيَّةِ، وَأَصْلُ الْمَذْهَبِ اعْتِبَارُ الْمَعَانِي فَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ تَشَاجَرَتْ زَوْجَتُهُ مَعَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةِ فَقَالَ لَهَا: اُسْكُتِي فَأَبَتْ، وَقَالَتْ لَهُ: أَبْرَأْتُك مِنْ صَدَاقِي، وَالْحَالُ أَنَّهَا لَمْ يَحْصُلْ لَهَا ضَرَرٌ مِنْهُ، وَهُنَاكَ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِذَلِكَ فَقَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا، ثُمَّ إنَّ رَجُلًا أَفْتَاهُ بِمُرَاجَعَتِهَا فَرَاجَعَهَا، وَمَكَثَتْ مَعَهُ مُدَّةً ثُمَّ ذَهَبَتْ إلَى دَارٍ أَهْلِهَا، وَطَلَبَتْ مِنْهُ صَدَاقَهَا الَّذِي أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ وَيَكُونُ وَطْؤُهُ الثَّانِي وَطْءَ شُبْهَةٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّدَاقُ، وَتَكُونُ بَائِنَةً مِنْهُ عَلَى طَلَاقِهِ الْأَوَّلِ، وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ، وَالْمُرَاجَعَةُ لَمْ تُصَادِفْ مَحَلَّهَا أَوْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَابَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَمِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا يَلْزَمُهُ الصَّدَاقُ الْأَوَّلُ، وَالْوَطْءُ الثَّانِي شُبْهَةٌ لَهَا فِيهِ صَدَاقُ مِثْلِهَا، وَهِيَ طَالِقٌ مِنْهُ ثَلَاثًا لَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ غَيْرِهِ، وَالْمُرَاجَعَةُ بَاطِلَةٌ، وَيُؤَدَّبُ