الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْدَهُ إلَى قَوْلِهِ فَلَهُ نَقْضُهُ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ يَشْمَلُ حُصُولَ إبْرَاءٍ بَعْدَ الْإِنْكَارِ وَقَبْلَ الْإِقْرَارِ وَبِهِ أَفْتَى الْبُرْهَانُ وَتِلْمِيذُهُ الشَّمْسُ اللَّقَانِيَّانِ فَيُعْمَلُ بِالْإِقْرَارِ الطَّارِئِ عَلَى الْإِبْرَاءِ بَعْدَ الْإِنْكَارِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِ بِأَنَّهُ كَانَ ظَالِمًا بِإِنْكَارِهِ أَوْ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارٍ جَدِيدٍ فَيُقَيَّدُ مَا هُنَا بِعَدَمِ إقْرَارِ الْمُبَرَّإِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ فَيُوَافِقُ مَا فِي الصُّلْحِ وَفَتْوَى اللَّقَانِيِّينَ اهـ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْبُنَانِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِهِ فِي الصُّلْحِ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ عَبْدُ الْبَاقِي فِي الصُّلْحِ فَانْظُرْهُ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[مَسَائِلُ الْجِنَايَاتِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَسَائِلُ الْجِنَايَاتِ (سُئِلَ شَيْخُنَا أَبُو يَحْيَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) عَنْ أَخَوَيْنِ ضَاعَ لَهُمَا عِجْلٌ فَسَعَيَا فِي طَلَبِهِ فَوَجَدَا عِجْلًا بِجِوَارِ بَلْدَةٍ غَيْرِ بَلْدَتِهِمَا فَأَرَادَا أَخْذَهُ فَتَعَرَّضَ لَهُمَا رَجُلٌ اسْمُهُ يُوسُف وَمَعَهُ أَوْلَادُ أُخْتِهِ فَتَقَاتَلُوا بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعِجْل فَمَاتَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ فَادَّعَى أَخُوهُ الْحَاضِرُ مَعَهُ أَنَّ يُوسُفَ قَتَلَهُ فَأَنْكَرَ وَقَالَ إنَّ الْمَيِّتَ ضَرَبَنِي بِنَبُّوتٍ فَانْكَبَبْت عَلَى وَجْهِي وَلَمَّا أَفَقْت وَجَدْته مَيِّتًا وَأَوْلَادُ أُخْتِي حَوْلِي فَهُمْ الْقَاتِلُونَ لَهُ فَصَدَّقَهُ أَخُو الْمَيِّتِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ أَوْلَادُ الْأُخْتِ بَلْ خَالُنَا هُوَ الْقَاتِلُ لَهُ وَتَفَاقَمَ الْأَمْرُ بَيْنَهُمْ فَمَا الْحُكْمُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ إنْ كَانَ الْعِجْلُ مِلْكًا لِيُوسُف وَمِنْ مَعَهُ، وَالْأَخَوَانِ يُرِيدَانِ أَخْذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهُمَا إلَّا بِالْقَتْلِ فَالْقَتِيلُ هَدَرٌ لِأَنَّهُ صَائِلٌ وَإِنْ كَانَ عِجْلُ الْأَخَوَيْنِ، وَيُوسُفُ وَمَنْ مَعَهُ مُتَعَدُّونَ عَلَيْهِمَا فَهُمْ مُتَمَالِئُونَ عَلَى الْقَتْلِ يُقْتَلُونَ جَمِيعًا إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَا قَاتِلَ غَيْرُهُمْ وَالْمُبَاشِرُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ وَلَا شَيْءَ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ أَحْسَنُ مِنْ الصُّلْحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أَقُولُ كَوْنُ الْعِجْلِ لِلْأَخَوَيْنِ لَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُ السُّؤَالِ بَلْ هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا فَسَقَطَ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي وَمَا بُنِيَ عَلَيْهِ وَتَوَقُّفُ الدَّفْعِ عَلَى الْقَتْلِ خِلَافُ الْأَصْلِ وَلَيْسَ فِي السُّؤَالِ مَا يُشِيرُ إلَيْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ اللَّوْثِ يُعَيِّنُ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ شَخْصًا مِنْ الْمَتْهُومِينَ وَيُقْسِمُونَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَقْتَصُّونَ مِنْهُ إنْ شَاءُوا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَا يُفْعَلُ فِي بِلَادِنَا فِي اللَّيَالِي كَاللَّيْلَةِ الَّتِي تُدْعَى بِلَيْلَةِ النَّجَّارِ وَكَلَيْلَةِ الْمِعْرَاجِ وَلَيْلَةِ بَنِي حَمِيلٍ وَلَيْلَةِ الْأَمِيرِ ضِرَارٍ وَلَيْلَةِ الْعَشْرِ وَغَيْرِهَا مِنْ اللَّيَالِي الْمَشْهُورَةِ مِنْ اجْتِمَاعِ جُلِّ الْقَبَائِلِ وَلَعِبِهِمْ فِيهَا بِالْخَيْلِ فِي مَيْدَانٍ ذِي مَبْدَأٍ وَغَايَة مَعْلُومِينَ فَهَلْ إذَا ضَرَبَ أَحَدُهُمْ آخَرَ بِالْجَرِيدِ الْأَخْضَرِ الْمَجْعُولِ لَهُمْ كَالسِّهَامِ فَفَقَأَ عَيْنَهُ أَوْ كَسَرَ عَظْمَهُ أَوْ قَتَلَهُ يُقْتَصُّ مِنْ الرَّامِي أَوْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ وَحْدَهُ وَهَلْ إذَا أَصَابَ الْجَرِيدُ بَعْضَ الْحَاضِرِينَ لِلْفُرْجَةِ يَلْزَمُ الرَّامِيَ أَوْ الِاثْنَيْنِ الْمُتَسَابِقَيْنِ وَكَذَا مَا يَطْرَأُ فِي الْأَفْرَاحِ مِنْ ضَرْبِ الْبُنْدُقِ مِنْ قَتْلِ بَعْضِ النَّاسِ فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ وَضِّحُوا.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ هَذِهِ الْجَنَابَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَوَّلِيَّيْنِ مُلْحَقَةٌ بِالْخَطَأِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّامِي إنْ بَلَغَ الْوَاجِبُ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَعْلَى وَإِلَّا فَعَلَيْهِ وَحْدَهُ وَنَصَّ الْمَجْمُوعِ وَضَرْبُ اللَّعِبِ بِآلَتِهِ خَطَأٌ انْتَهَى.
وَأَصْلُهُ فِي الْخَرَشِيِّ وَحَاشِيَتِهِ وَفِي نَوَازِلِ الْأُجْهُورِيِّ قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُ مَالِكٍ وَمَشْهُورُ مَذْهَبِهِ فِي الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ إنَّ حُكْمَ
مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ حُكْمُ الْخَطَأِ فَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ الدِّيَةَ فِيمَا كَانَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ عَلَى الْعَاقِلَةِ انْتَهَى بِتَصَرُّفٍ، وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ فَإِنْ قَصَدَ الرَّامِي شَخْصًا مُعَيَّنًا مَعْصُومًا وَأَصَابَتْهُ الرَّمْيَةُ فَهَذَا عَمْدٌ مُوجِبٌ لِلْقِصَاصِ مِنْ الرَّامِي اتِّفَاقًا بِشَرْطِهِ وَإِنْ أَصَابَتْ غَيْرَهُ فَفِيهِ خِلَافٌ صَدَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ عَمْدٌ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَطَّابُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ إنَّهُ مِنْ الْخَطَأِ أَفَادَهُ الشَّيْخُ الْأُجْهُورِيُّ فِي نَوَازِلِهِ وَإِنْ قَصَدَ الرَّامِي الْهَوَاءَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مَعْصُومًا فَهَذَا خَطَأُ دِيَةِ النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ الْبَالِغَةِ ثُلُثًا فَأَعْلَى عَلَى الْعَاقِلَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ عَلَى الرَّامِي وَحْدَهُ وَعَلَى الْحَالَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ أَحْوَالِ الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ يُحْمَلُ قَوْل ابْنِ سَلَمُونَ وَقَالَ فِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو رِزْقٍ يَقُولُ فِي هَؤُلَاءِ الْفُرْسَانِ الَّذِينَ يَلْعَبُونَ فِي الْمَلَاعِبِ وَالْأَعْيَادِ أَنَّهُ إنْ أَصَابَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ آخَرَ فَجَرَحَهُ أَوْ قَتَلَهُ أَنَّهُ يُحْكَمُ فِيهِ بِحُكْمِ الْعَمْدِ لَا حُكْمِ الْخَطَأِ أَخْبَرْت بِذَلِكَ عَنْهُ وَكَأَنِّي سَمِعَتْهُ اهـ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي جَمَاعَةٍ يُدْعَوْنَ بِمَشَايِخِ الطَّوَائِفِ كَالْحَفْنَاوِيِّ وَالسَّمَّانِيَّةِ وَالشَّاذِلِيَّةِ والنقشبندية وَالْأَحْمَدِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ يَسْلُكُونَ الْحِلَقَ وَيَجْعَلُونَ لَهُمْ بِدَايَاتٍ مَعْرُوفِينَ وَلَا يَتَجَاوَزُ أَحَدُهُمْ الْآخَرَ وَيَقَعُ بَيْنَهُمْ تَشَاجُرٌ فَإِذَا قَتَلَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَحَدًا فَهَلْ يُقْتَصُّ مِنْ الْقَاتِلِ وَحْدَهُ أَوْ مِنْ شَيْخِ الطَّائِفَةِ وَيَجْعَلُونَ لَهُمْ عَلَى النَّاسِ عَادَاتٍ فَهَلْ هِيَ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَيْضًا الْبِدَايَاتُ يَكْبِسُونَهُمْ وَهَذَا يُدْعَى عِنْدَهُمْ بِالسُّرُوحِ وَيَلْتَفُّ مَعَهُ فِي لِحَافٍ وَيَخْتَلِي مَعَهُ وَيَكْشِفُ دُبُرَ الْوَلَدِ وَيَجْعَلُهُ عَلَى قُبُلِهِ وَلَا يَنْتَصِبُ وَيَعُدُّهُ كَرَامَةً فَمَا الْحُكْمُ وَضِّحُوا.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يُقْتَصُّ مِنْ الْقَاتِلِ وَحْدَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] وَأُخِذَتْ الْعَادَاتُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَمَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ اللِّوَاطُ بِقَانُونِهِ الشَّرْعِيِّ يُرْجَمُ وَالِالْتِفَافُ وَالْخَلْوَةُ وَكَشْفُ الدُّبُرِ وَالْجَعْلُ الْمَذْكُورَاتُ حُرْمَتُهَا إجْمَاعِيَّةٌ ضَرُورَةً يُكَفَّرُ مُنْكِرُهَا وَغَيْرُهُ يُبَالَغُ فِي تَأْدِيبِهِ؛ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَا اشْتَهَرَ عِنْدَنَا فِي اللَّيَالِي مِنْ جَمْعِ مُغَنِّينَ يُغَنُّونَ فِي جَمْعٍ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ بِالْفُقَرَاءِ وَصُحْبَتُهُمْ بِدَايَاتُهُمْ وَبَيَارِقُهُمْ وَكَاسَاتُهُمْ فَهَلْ هَذَا حَرَامٌ أَوْ فِيهِ وَعْظٌ لِلْعَوَامِّ وَهِدَايَةٌ لِدِينِهِمْ وَنُصْرَةٌ لِجَيْشِ الْمُسْلِمِينَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ هَذَا حَرَامٌ وَفِيهِ إضْلَالٌ لِلْعَوَامِّ عَنْ دِينِهِمْ وَخِذْلَانٌ لِلْمُسْلِمِينَ لِتَعْطِيلِهِ عَنْ أُمُورِ الدِّينِ وَإِيجَابِهِ اسْتِهْزَاءَ وَشَمَاتَةَ الْكَافِرِينَ قَالَ فِي الْمَدْخَلِ لَا شَكَّ أَنَّ مَا يُفْعَلُ الْيَوْمَ مِنْ هَذَا السَّمَاعِ الْمَوْجُودِ بَيْنَ النَّاسِ مُخَالِفٌ لِسَمَاعِ الصُّوفِيَّةِ لِاحْتِوَائِهِ عَلَى أَشْيَاءَ مُحَرَّمَاتٍ أَوْ مَكْرُوهَاتٍ أَوْ هُمَا مَعًا إذْ جَمَعُوا فِيهِ بَيْنَ الدُّفِّ وَالشَّبَّابَةِ وَالتَّصْفِيقِ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ أَنَّ التَّصْفِيقَ إنَّمَا هُوَ لِلنِّسَاءِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ كَمَا مُنِعَتْ الْآلَاتُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهَا وَبَعْضُهُمْ نَسَبَ جَوَازَ ذَلِكَ لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَقَدْ سُئِلَ الْمُزَنِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْهُ وَكَانَ مِنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقِيلَ لَهُ مَا تَقُولُ فِي الرَّقْصِ عَلَى الطَّارِّ
وَالشَّبَّابَةِ فَقَالَ هَذَا لَا يَجُوزُ فِي الدِّينِ فَقَالُوا أَمَا جَوَّزَهُ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَأَنْشَدَ الْمُزَنِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:
حَاشَا الْإِمَامِ الشَّافِعِيَّ النَّبِيهِ
…
أَنْ يَرْتَضِي غَيْرَ مَعَانِي نَبِيهِ
أَوْ يَتْرُكَ السُّنَّةَ فِي نُسُكِهِ
…
أَوْ يَبْتَدِعْ فِي الدِّينِ مَا لَيْسَ فِيهِ
أَوْ يَبْتَدِعَ طَارًّا وَشَبَّابَةً
…
لِنَاسِكٍ فِي دِينِهِ يَقْتَدِيهِ
الضَّرْبُ بِالطَّارَّاتِ فِي لَيْلَةٍ
…
وَالرَّقْصُ وَالتَّصْفِيقُ فِعْلُ السَّفِيهِ
هَذَا ابْتِدَاعٌ وَضَلَالٌ فِي الْوَرَى
…
وَلَيْسَ فِي التَّنْزِيلِ مَا يَقْتَضِيهِ
وَلَا حَدِيثٍ عَنْ نَبِيِّ الْهُدَى
…
وَلَا صَحَابِيٍّ وَلَا تَابِعِيهِ
بَلْ جَاهِلٌ يَلْعَبُ فِي دِينِهِ
…
قَدْ ضَيَّعَ الْعُمْرَ بِلَهْوٍ وَتِيهِ
وَرَاحَ فِي اللَّهْوِ عَلَى رِسْلِهِ
…
وَلَيْسَ يَخْشَى الْمَوْتَ إذْ يَعْتَرِيهِ
إنَّ وَلِيَّ اللَّهِ لَا يَرْتَضِي
…
إلَّا بِمَا اللَّهُ بِهِ يَرْتَضِيهِ
وَلَيْسَ يُرْضِي اللَّهَ لَهُوَ الْوَرَى
…
بَلْ يَمْقُتُ اللَّهُ بِهِ فَاعِلِيهِ
بَلْ بِصِيَامٍ وَقِيَامٍ فِي الدُّجَى
…
وَآخِرِ اللَّيْلِ لِمُسْتَغْفِرَيْهِ
إيَّاكَ تَغْتَرَّ بِأَفْعَالِ مَنْ
…
لَا يَعْرِفُ الْعِلْمَ وَلَا يَبْتَغِيهِ
قَدْ أَكَلُوا الدُّنْيَا بِدِينٍ لَهُمْ
…
وَلَبَّسُوا الْأَمْرَ عَلَى جَاهِلِيهِ
جَهْلٌ وَطَيْشٌ فِعْلُهُمْ كُلُّهُ
…
وَكُلُّ مَنْ دَانَ بِهِ نَزْدَرِيهِ
شِبْهُ نِسَاءٍ جَمَعُوا مَأْتَمًا
…
فَقُمْنَ فِي النَّدْبِ عَلَى مَيِّتِيهِ
وَالضَّرْبُ فِي الصَّدْرِ كَمَا قَدْ تَرَى
…
لَيْسَ لَهُمْ غَيْرُ النَّسَا مِنْ شَبِيهِ
أَنْكِرْ عَلَيْهِمْ إنْ تَكُنْ قَادِرًا
…
فَهُمْ رِجَالُ إبْلِيسَ لَا شَكَّ فِيهِ
وَلَا تَخَفْ فِي اللَّهِ مِنْ لَائِمٍ
…
وَفَّقَك اللَّهُ لِمَا يَرْتَضِيهِ
اهـ.
ثُمَّ قَالَ فِي الْمَدْخَلِ سُئِلَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الطُّرْطُوشِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا يَقُولُ سَيِّدِي الْفَقِيهُ فِي مَذْهَبِ الصُّوفِيَّةِ وَاعْلَمْ حَرَسَ اللَّهُ مُدَّتَك أَنَّهُ مِنْ رِجَالٍ فَيُكْثِرُونَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَذِكْرِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَنَّهُمْ يُوقِعُونَ بِالْقَضِيبِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْأَدِيمِ وَيَقُومُ بَعْضُهُمْ يَرْقُصُ وَيَتَوَاجَدُ حَتَّى يَقَعَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ وَيُحْضِرُونَ شَيْئًا يَأْكُلُونَهُ هَلْ الْحُضُورُ مَعَهُمْ جَائِزٌ أَمْ لَا أَفْتَوْنَا يَرْحَمْكُمْ اللَّهُ.
الْجَوَابُ يَرْحَمُك اللَّهُ مَذْهَبُ الصُّوفِيَّةِ بَطَالَةٌ وَجَهَالَةٌ وَضَلَالَةٌ وَمَا الْإِسْلَامُ إلَّا كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَّا الرَّقْصُ وَالتَّوَاجُدُ فَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ أَصْحَابُ السَّامِرِيِّ لَمَّا اتَّخَذَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ قَامُوا يَرْقُصُونَ حَوَالَيْهِ وَيَتَوَاجَدُونَ فَهُوَ دِينُ الْكُفَّارِ وَعُبَّادِ الْعِجْلِ.
وَأَمَّا الْقَضِيبُ فَأَوَّلُ مَنْ اتَّخَذَهُ الزَّنَادِقَةُ لِيَشْغَلُوا بِهِ الْمُسْلِمِينَ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا كَانَ يَجْلِسُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعَ أَصْحَابِهِ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمْ الطَّيْرُ مِنْ الْوَقَارِ فَيَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ وَنُوَّابِهِ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنْ الْحُضُورِ فِي الْمَسَاجِدِ وَغَيْرِهَا وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَحْضُرَ مَعَهُمْ وَيُعِينَهُمْ عَلَى بَاطِلِهِمْ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ