الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اشْتَرَاهَا أَوْ اسْتَأْجَرَهَا إلَى آخِرِ الْأَوْجُهِ الَّتِي فِي السُّؤَالِ لِدَلَالَةِ بِسَاطِ تَعْلِيقِهِ عَلَى تَقْيِيدِ الْجَارِيَةِ بِكَوْنِهَا فِي مِلْكِ أُمِّ زَوْجَتِهِ، وَتَخْدُمُ فِي بَيْتِهِ مَجَّانًا فَهُوَ مُعَلِّقٌ الطَّلَاقَ عَلَى رُؤْيَتِهَا فِي بَيْتِهِ مَا دَامَتْ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ بِالتَّعْلِيقِ قَطْعُ الْمِنَّةِ فَإِنْ اشْتَرَاهَا أَوْ اسْتَأْجَرَهَا أَوْ ظَهَرَتْ حُرِّيَّتُهَا خَرَجَتْ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهَا مُعَلَّقًا عَلَيْهَا لِانْقِطَاعِ الْمِنَّةِ بِذَلِكَ، وَقَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ اعْتِبَارُ الْبِسَاطِ مُقَيِّدًا لِلْمُطَلِّقِ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ كَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ، وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي الْمَعَانِي بِالْحَالِ، وَالْمَقَامِ، وَقَرِينَةِ السِّيَاقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[كَتَبَ زَوْجَتُهُ فُلَانَةُ طَالِقٌ طَلْقَةً صَادَفَتْ الثَّلَاثَ لَكِنَّهَا لَمْ تُصَادِفْ الثَّلَاثَ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ كَتَبَ: زَوْجَتُهُ فُلَانَةُ طَالِقٌ طَلْقَةً صَادَفَتْ الثَّلَاثَ لَكِنَّهَا لَمْ تُصَادِفْ الثَّلَاثَ فَمَاذَا يَلْزَمُهُ؟ فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ، وَبَعْدَ قَوْلِهِ لَكِنَّهَا إلَخْ نَدَمًا فَيَكُونُ لَغْوًا هَذَا مُقْتَضَى قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنَّهَا تَطْلُقُ بِالْأَوَّلِ، وَالثَّانِي نَدَمٌ، وَمُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِ يَحْلِفُ مَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ إلَّا تَكْرَارًا، ثُمَّ هُوَ عَلَى يَمِينِهِ اللَّخْمِيُّ، وَهُوَ أَبْيَنُ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَا كَانَ مِنْهُ ذَلِكَ إلَّا لِظَنِّهِ تَقَدُّمَ طَلْقَتَيْنِ مِنْهُ ثُمَّ تَذَكَّرَ عَدَمَهُ، وَتَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِنْتَ شَخْصٍ، وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ مُدَّةً مِنْ الزَّمَنِ، ثُمَّ أَرَادَ ذَلِكَ الشَّخْصُ طَلَاقَ ابْنَتِهِ مِنْ زَوْجِهَا قَهْرًا عَنْهُ، وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ إنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا لَيَفْعَلَنَّ بِهِ مَا لَا يَنْبَغِي، وَضَرَبَهُ ضَرْبًا شَدِيدًا بِالْمَدَاسِ، وَغَيْرِهِ، وَضَيَّقَ عَلَيْهِ فَفَرَّ هَارِبًا فَنَهَبَ مَتَاعَهُ، وَسَلَّطَ عَلَيْهِ أَعْرَابًا مِنْ الْبَوَادِي لِيَقْتُلُوهُ فَصَارَ الْبَحْثُ عَلَيْهِ حَتَّى وَقَعَ فِي يَدِ أَبِي الزَّوْجَةِ فَأَكْرَهَهُ عَلَى الطَّلَاقِ فَطَلَّقَهَا خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ طَلْقَةً وَاحِدَةً فَأَكْرَهَهُ عَلَى التَّثْلِيثِ فَثَلَّثَ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَثِيقَةً بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، وَالْحَالُ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَا رَغْبَةَ لَهَا فِي الطَّلَاقِ فَهَلْ إنْ صَحَّ مَا ذُكِرَ يَكُونُ الطَّلَاقُ غَيْرَ وَاقِعٍ لِوُجُودِ الْإِكْرَاهِ خُصُوصًا مَعَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْإِكْرَاهِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ إنْ صَحَّ مَا ذُكِرَ يَكُونُ الطَّلَاقُ غَيْرَ وَاقِعٍ لِوُجُودِ الْإِكْرَاهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنُ سَلْمُونٍ بِذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَةَ رَجُلٍ آخَرَ بِحَضْرَتِهِ، وَهُوَ سَاكِتٌ فَهَلْ تَطْلُقُ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ سُكُوتُهُ رِضًا مِنْهُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ تَطْلُقُ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا بِطَلَاقِ الْفُضُولِيِّ إيَّاهَا بِحَضْرَتِهِ، وَهُوَ سَاكِتٌ، وَلَا يَحْتَاجُ حِينَئِذٍ لِإِجَازَةٍ؛ لِأَنَّ حُضُورَهُ، وَسُكُوتَهُ يُغْنِي عَنْهَا كَمَا فِي الشَّبْرَخِيتِيِّ عَنْ الْفِيشِيِّ.
وَنَصُّهُ: وَطَلَاقُ الْفُضُولِيِّ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ كَبَيْعِهِ إلَّا أَنْ يُطَلِّقَ بِحَضْرَةِ الزَّوْجِ، وَهُوَ عَالِمٌ سَاكِتٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ، وَلَا يُتَوَقَّفُ اهـ.
وَتَوَقُّفُهُ عَلَى الْإِجَازَةِ إنْ وَقَعَ فِي غَيْبَتِهِ أَوْ حُضُورِهِ غَيْرُ عَالِمٍ بِهِ، وَعَدَمُ تَوَقُّفِهِ عَلَيْهَا فِي حُضُورِهِ عَالِمًا بِهِ كِلَاهُمَا مَأْخُوذٌ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِالْبَيْعِ فِي الْمُخْتَصَرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ الْبَيْعِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) شَيْخُنَا أَبُو يَحْيَى سَيِّدِي مُصْطَفَى الْبُولَاقِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَا نَصُّهُ:
مَا قَوْلُكُمْ فِي قَبِيلَةٍ مِنْ السُّودَانِ يَجْعَلُونَ الْحَرَامَ طَلْقَةً بَائِنَةً، وَقَبْلَ ذَلِكَ لَا يَعْرِفُونَ الْحَرَامَ إلَّا بِطَلَاقِ الثَّلَاثِ، وَطَرَأَ عَلَيْهِمْ بِإِفْتَاءِ عَالِمٍ مِنْهُمْ مُسْتَدِلًّا بِأَنَّ الْعَمَلَ جَرَى فِي الْمَغْرِبِ بِذَلِكَ فَهَلْ هَذَا الْعَمَلُ صَحِيحٌ يَصِحُّ الْعَمَلُ بِهِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟ فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ أَلْفَاظُ الطَّلَاقِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ، وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُفْتِيَ لِقَوْمٍ إلَّا بِعُرْفِهِمْ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ الْقَرَافِيُّ فَإِفْتَاءُ هَذَا الْمُفْتِي لِمَنْ عُرْفُهُمْ أَنَّ
الْحَرَامَ طَلَاقُ ثَلَاثٍ بِأَنَّهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ ضَلَالٌ مُبِينٌ، وَاسْتِدْلَالُهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْمَغْرِبِ جَهْلٌ إذْ لَا يُفْتَى لِقَوْمٍ بِعُرْفِ آخَرِينَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَلَّامَةُ الْأَمِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ عَلَى زَوْجَتِهِ فَغَارَتْ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ إنْ طَلَّقَهَا لَيَتَزَوَّجَنَّ أُخْرَى بِقَصْدِ إغَاظَتِهَا، وَالْمُكْثِ مَعَهَا فَهَلْ إذَا طَلَّقَ الثَّانِيَةَ، وَعَقَدَ عَلَى أُخْرَى تَنْحَلُّ يَمِينُهُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَالدُّخُولِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِقَامَةِ مَعَهَا، وَهَلْ إذَا طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ التَّزَوُّجُ بِغَيْرِهَا أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِالْعَقْدِ، وَالدُّخُولِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ تَمْكُثَ مُدَّةً تَحْصُلُ بِهَا الْإِغَاظَةُ، وَإِنْ نَوَى شَيْئًا عَمِلَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ طُولٍ نَحْوِ سَنَتَيْنِ، وَلَا بُدَّ أَنْ تُشْبِهَ الْمَرْأَةُ نِسَاءَهُ، وَيَكُونَ مِثْلُهَا يَغِيظُ زَوْجَتَهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ دُخُولٍ بِوَطْءِ مُبَاحٍ مَعَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنْ طَلُقَتْ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَهَا تَزَوَّجَ غَيْرَهَا لِعَدَمِ حُصُولِ مُكْثِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) شَيْخُنَا أَبُو يَحْيَى لَطَفَ اللَّهُ بِهِ عَنْ رَجُلٍ تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْ صَدَاقِهَا فَقَالَ لَهَا: إنْ صَحَّتْ بَرَاءَتُك فَأَنْت طَالِقٌ، وَهِيَ رَشِيدَةٌ فَهَلْ إذَا أَثْبَتَتْ أَنَّهُ كَانَ يُضَارِرُهَا بِالسَّبِّ، وَالضَّرْبِ تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِصِدَاقِهَا، وَالطَّلَاقُ نَافِذٌ لِصِحَّةِ الْبَرَاءَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ لِرُشْدِهَا، وَلَا عِبْرَةَ بِفَتْوَى مَنْ أَفْتَى بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ مُعَلِّلًا بِالتَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ، وَلِأَنَّ الضَّرَرَ حَمَلَهَا عَلَى الْإِبْرَاءِ، وَزَعَمَ أَنَّ هَذَا إكْرَاهٌ، وَفِعْلُ الْمُكْرَهِ غَيْرُ صَحِيحٍ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ إذَا أَثْبَتَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ الْخُلْعِ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ يُضَارِرُهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّ الْمَالِ إلَيْهَا، وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ كَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ، وَشُرَّاحِهِ، وَالْفَتْوَى بِعَدَمِ لُزُومِ الطَّلَاقِ جَهْلٌ أَوْ ضَلَالٌ، وَعِبَارَةُ الْخَرَشِيِّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُخْتَصَرِ، وَرَدُّ الْمَالِ بِشَهَادَةِ سَمَاعٍ عَلَى الضَّرَرِ نَصُّهَا يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ادَّعَتْ بَعْدَ الْمُخَالَعَةِ أَنَّهَا مَا خَالَعَتْهُ إلَّا عَنْ ضَرُورَةٍ، وَأَقَامَتْ بَيِّنَةَ سَمَاعٍ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَرُدُّ مَا خَالَعَهَا بِهِ، وَبَانَتْ مِنْهُ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، أَقُولُ: وَلَيْسَتْ الْعِلَّةُ فِي لُزُومِ الطَّلَاقِ مَعَ رَدِّ الْمَالِ صِحَّةَ الْبَرَاءَةِ كَمَا فِي السُّؤَالِ، وَإِلَّا لَمْ يَرُدَّ الْمَالَ بَلْ ثُبُوتُ الضَّرَرِ فَإِنَّ مِنْ حَقِّ الْمَرْأَةِ التَّطْلِيقَ بِهِ مَجَّانًا كَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ فَهُوَ الْعِلَّةُ فِي لُزُومِ الطَّلَاقِ، وَرَدِّ الْمَالِ فَزَعْمُ الْمُفْتِي أَنَّ هَذَا إكْرَاهٌ إلَخْ صَحِيحٌ، وَإِنْ أَخْطَأَ فِي الْحُكْمِ لِغَفْلَتِهِ عَنْ عِلَّتِهِ، وَالنَّصِّ عَلَيْهِ، وَكَانَ بَائِنًا لِوُقُوعِهِ فِي نَظِيرِ عِوَضٍ، وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ لَهُ، وَلِأَنَّهُ كَانَ يُجْبَرُ عَلَيْهِ لَوْ أَثْبَتَتْ الضَّرَرَ قِبَلَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ عَنْ رَجُلٍ سَأَلَتْهُ زَوْجَتُهُ طَلَاقَهَا فَقَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ ادَّعَى أَنَّهُ قَالَ لَهَا قَبْلَ إيقَاعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ: إنْ دَخَلْتِ دَارَ فُلَانٍ فَأَنْت خَالِصَةٌ، وَدَخَلَتْ فَهَلْ لَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ، وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْمَذْكُورَةُ، وَعَلَى فَرْضِ ثُبُوتِ دَعْوَاهُ يَلْحَقُهُ الثَّلَاثُ نَظَرًا لِلْقَوْلِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ اللَّازِمَ بِخَالِصَةٍ رَجْعِيٌّ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
(فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ) : الْحَمْدُ لِلَّهِ يَقَعُ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ، وَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ سَوَاءٌ ثَبَتَ مَا ادَّعَاهُ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ رَاجَعَهَا بَعْدَ دُخُولِ الدَّارِ أَوْ لَا حَيْثُ اسْتَمَرَّ مُعَاشِرًا لَهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ لِلْقَوْلِ بِأَنَّ خَالِصَةً طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَهُوَ مُقْتَضَى الْعُرْفِ الَّذِي هُوَ مَبْنَى الْأَيْمَانِ، وَأَنَّ الْوَطْءَ بِمُجَرَّدِهِ رَجْعَةٌ فَهِيَ مَعَهُ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، وَهُوَ يَلْحَقُ فِيهِ الطَّلَاقُ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمَذْهَبِ، وَقَاعِدَتُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(أَقُولُ) ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ، وَنَصُّهُ وَهُنَا مُهِمَّةٌ، وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ يَقَعُ عَلَى الشَّخْصِ الْحَرَامُ فَيُرَاجِعُهَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا ثَلَاثًا فَيُفْتِيهِ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِعَدَمِ لُزُومِ الثَّلَاثِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَام طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ
وَالْبَائِنُ لَا يُرْتَدَفُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ فَيُجَدِّدُ لَهُ عَلَيْهَا عَقْدًا، وَهَذَا خَطَأٌ فَإِنَّهُ لَمَّا رَاجَعَهَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ صَارَ مَعَهَا فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الطَّلَاقَ يَلْحَقُهُ فِيهِ بَلْ، وَلَوْ لَمْ يُرَاجِعْهَا، وَعَاشَرَهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ فَالْقَوَاعِدُ تَقْتَضِي لُحُوقَ الطَّلَاقِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ: إنَّهُ رَجْعِيٌّ مَعَ قَوْلِ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ كَالْحَنَفِيَّةِ: إنَّ الْجِمَاعَ يَكُونُ رَجْعَةً مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الرَّجْعَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَنَا أَيْضًا كَيْفَ، وَهُنَاكَ مَنْ يَقُولُ: الْحَرَامُ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ عِصْمَتِهِ، غَايَتُهُ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ - تَعَالَى، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ رِقَّةِ الدِّيَانَةِ انْتَهَى، وَنَصُّهُ أَيْضًا قَبْلَ هَذَا مِنْ ذَلِكَ: مَسْأَلَةٌ يَضِلُّ فِيهَا كَثِيرٌ مِمَّنْ يُفْتِي بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَهُوَ أَنَّ الْحَرَامَ الْمَشْهُورَ فِيهِ عِنْدَ الْمِصْرِيِّينَ ثَلَاثٌ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَجَرَى الْعَمَلُ بِالْمَغْرِبِ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ، وَالشَّافِعِيَّةُ يَرَوْنَهُ رَجْعِيَّةً فَيَتَّفِقُ أَنْ يَقَعَ الْحَرَامُ مِنْ شَخْصٍ فَيُرَاجِعَ لَهُ الْمُفْتِي الشَّافِعِيُّ ثُمَّ يُطَلِّقَ ثَلَاثًا فَيَقُولَ بَعْضُ مَنْ يَدَّعِي الْفَتْوَى عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ لَا يَلْزَمُ الثَّلَاثُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَامَ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ، وَالْبَائِنُ لَا يُرْتَدَفُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ، وَمَا دَرَى أَنَّهُ لَمَّا رَاجَعَهَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ صَارَ مَعَهَا فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ فَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ، وَبَعْضُهُمْ يُعَلِّمُ الرَّجُلَ إنْكَارَ الرَّجْعَةِ، وَلَا يُخَلِّصُهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ إذَا عَاشَرَهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْخِلَافِ فَإِنَّ بَعْضَهُمْ يَرَى أَنَّ الْجِمَاعَ بِمُجَرَّدِهِ يَكُونُ رَجْعِيَّةً فَلْيَتَّقِ اللَّهَ الْمُفْتِي انْتَهَى.
(وَسُئِلَ) أَيْضًا - لَطَفَ اللَّهُ بِهِ - عَنْ صَبِيٍّ ارْتَدَّ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ فَهَلْ تُعْتَبَرُ رِدَّتُهُ فَيَلْزَمُهُ طَلَاقُ زَوْجَتِهِ؟ وَإِذَا قُلْتُمْ بِذَلِكَ فَهَلْ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ لُزُومِ الطَّلَاقِ، وَقَوْلِ الْمُخْتَصَرِ إنَّمَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُكَلَّفِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ اشْتِرَاطُ التَّكْلِيفِ فِي لُزُومِ الطَّلَاقِ أَوْ شَرْطُ التَّكْلِيفِ يُعْتَبَرُ فِي غَيْرِ الْمُرْتَدِّ بَيِّنُوا لَنَا جَوَابًا شَافِيًا؟
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ، رِدَّةُ الصَّبِيِّ مُعْتَبَرَةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا الْقَتْلَ إنْ لَمْ يَتُبْ فَيُؤَخَّرُ لِبُلُوغِهِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَهُوَ فِيهِ كَالْبَالِغِ فَتَبِينُ مِنْهُ زَوْجَتُهُ بِمُجَرَّدِ رِدَّتِهِ، وَلَا تَرْجِعُ لَهُ إنْ رَجَعَ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ عَلَى مَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ، وَلَمْ نَرَ مَنْ اسْتَثْنَى بَيْنُونَةَ زَوْجَةِ الصَّبِيِّ مِنْ أَحْكَامِ رِدَّتِهِ، وَيُخَالِفُ ذَلِكَ اشْتِرَاطُ التَّكْلِيفِ فِي صِحَّةِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ الْمُوقَعِ، وَهَذَا طَلَاقٌ يَحْكُمُ بِهِ الشَّرْعُ عِنْدَ رِدَّةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، وَهَلْ قَالَ أَحَدٌ: بِصِحَّةِ طَلَاقِ الْمَرْأَةِ فَمَا تَفْهَمُهُ فِي رِدَّةِ الزَّوْجَةِ افْهَمْهُ فِي رِدَّةِ الصَّبِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قُلْت) كَلَامُ الْخَرَشِيِّ نَصٌّ فِي بَيْنُونَةِ زَوْجَةِ الصَّبِيِّ بِرِدَّتِهِ، وَأَنَّ شَرْطَ التَّكْلِيفِ إنَّمَا هُوَ فِي الطَّلَاقِ الْمُوقَعِ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ نَائِبِهِ لَا فِي الطَّلَاقِ الْمَحْكُومِ بِهِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ، وَنَصُّهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُخْتَصَرِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ لَا يُقَالُ: إذَا ارْتَدَّ الصَّبِيُّ بَانَتْ زَوْجَتُهُ مِنْهُ فَقَدْ وَقَعَ الطَّلَاقُ مَعَ عَدَمِ وُقُوعِهِ مِنْ مُكَلَّفٍ لِأَنَّا نَقُولُ: الْبَيْنُونَةُ إنَّمَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الشَّرْعِ لَا أَنَّهُ هُوَ الْمُوقِعُ لَهَا اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَقَالَ لَهَا: عَلَيَّ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ مَا أَنْت قَاعِدَةٌ فِي الدَّارِ فَأَخَذَتْ حَوَائِجَهَا فِي مِقْدَارِ دَرَجَةٍ، وَذَهَبَتْ إلَى بَيْتِ أَهْلِهَا فَهَلْ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ، وَبِسَاطُ الْيَمِينِ يَدُلُّ عَلَى التَّقْيِيدِ بِدَوَامِ الْبُغْضِ بَيْنَهُمَا، وَصَالَحَهَا لَهَا دُخُولُ الدَّارِ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ الْبِسَاطُ لَا يُعْتَبَرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ إذْ شَرْطُ اعْتِبَارِهِ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْحَالِفِ مَدْخَلٌ فِيهِ، وَحِينَئِذٍ فَيُرْجَعُ لِلْعُرْفِ فِي مَعْنَى مَا أَنْتِ قَاعِدَةٌ فِي الدَّارِ فَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ لَا تَسْكُنِي فِيهَا فَلَيْسَ لَهَا سُكْنَاهَا، وَمَتَى سَكَنَتْهَا لَزِمَتْهُ الثَّلَاثُ، وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ انْتِقَالَهَا مِنْهَا انْحَلَّتْ الْيَمِينُ بِانْتِقَالِهَا مِنْهَا، وَمُكْثِهَا خَارِجَهَا نِصْفَ شَهْرٍ، وَيُنْدَبُ كَمَالُهُ، وَلَهَا
الرُّجُوعُ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا حُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ احْتِيَاطًا، وَلِأَنَّهُ الْمَدْلُولُ اللُّغَوِيُّ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ فِي حُكْمِ النَّكِرَةِ، وَهِيَ تَعُمُّ فِي سِيَاقِ النَّفْي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ فِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ: وَشَرْطُ اعْتِبَارِهِ أَيْ الْبِسَاطِ أَنْ لَا يَكُونَ الْحَالِفُ هُوَ الْمُثِيرَ لَهُ كَمَا لَوْ أَثَارَ النِّزَاعَ فَحَلَفَ، ثُمَّ زَالَ النِّزَاعُ اهـ قَالَ بَعْضُهُمْ:
يَجْرِي الْبِسَاطُ فِي جَمِيعِ الْحَلِفِ
…
وَهُوَ الْمُثِيرُ لِلْيَمِينِ فَاعْرِفْ
إنْ لَمْ يَكُنْ نَوَى وَزَالَ السَّبَبْ
…
وَلَمْ يَكُنْ لِحَالِفٍ يُنْتَسَبْ
وَفِي الطَّلَاقِ قَدْ نَفَعْ عَلَى الْأَصَحِّ
…
إنْ شُرُوطًا قَدْ جَمَعْ
قَالَ: فِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ، وَتَعْرِيفُ عَبْدِ الْبَاقِي، وَغَيْرِهِ الْبِسَاطَ بِالسَّبَبِ الْحَامِلِ عَلَى الْحَلِفِ تَعْرِيفٌ لَهُ بِالْغَالِبِ، وَإِلَّا فَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي عِلْمِ الْمَعَانِيَ بِالْمَقَامِ، وَقَرِينَةِ السِّيَاقِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ سَبَبًا اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ بَعْدَ أَنْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ صَدَاقِهَا الْمُقَرَّرِ فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ قَامَتْ تُرِيدُ أَخْذَ صِدَاقَهَا مُحْتَجَّةً بِأَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ لِتَتَخَلَّصَ مِنْ مُضَارَرَتِهِ لَهَا الْحَاصِلَةِ بِالضَّرْبِ، وَالْهَجْرِ فَهَلْ لَهَا أَخْذُ صِدَاقِهَا مِنْهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِبَرَاءَتِهَا حَيْثُ كَانَتْ صَادِرَةً لِمَحْضِ التَّخَلُّصِ مِمَّا ذَكَرَ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لَهَا أَخْذُ صَدَاقِهَا مِنْهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِبَرَاءَتِهَا إذَا شَهِدَ بِالضَّرَرِ عَدْلَانِ سَوَاءٌ شَهِدَا بِمُعَايَنَتِهِ أَوْ بِالسَّمَاعِ بِهِ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَالْخَدَمِ فَقَطْ أَوْ عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِمُعَايَنَتِهِ، وَحَلَفَتْ مَعَهُ، وَالطَّلَاقُ نَافِذٌ لَازِمٌ بَائِنًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَرَجَعَتْ إنْ شَهِدَ عَدْلَانِ بِالضَّرَرِ، وَإِنْ سَمَاعًا، وَلَوْ فَشَا مِنْ غَيْرِ ثِقَاتٍ كَأَنْ حَلَفَتْ مَعَ شَاهِدٍ كَامْرَأَتَيْنِ عَلَى الْمُعَايَنَةِ، وَلَا يَنْفِيَانِ سَمَاعًا عَلَى الْأَرْجَحِ اهـ قَالَ: الْخَرَشِيُّ، وَبَانَتْ مِنْهُ اهـ.
وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ: فَإِنْ ادَّعَتْ أَنَّ الْخُلْعَ وَقَعَ عَنْ إضْرَارٍ بِهَا فَلَهَا الرُّجُوعُ فِيمَا اخْتَلَعَتْ بِهِ، وَأَسْقَطَتْهُ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ، وَإِنْ وَقَعَ فِي عَقْدِ الْخُلْعِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ دُونَ إكْرَاهٍ، وَلَا إضْرَارٍ، وَأَنَّهَا أَسْقَطَتْ الْبَيِّنَةَ الْمُسْتَرْعِيَةَ، وَغَيْرَهَا فَلَا يَضُرُّهَا ذَلِكَ إذَا ثَبَتَ الضَّرَرُ فَإِنْ ادَّعَتْ ذَلِكَ، وَقَالَ الزَّوْجُ: كَانَ ذَلِكَ عَنْ اخْتِيَارِهَا، وَرِضَاهَا، وَلَمْ تَكُنْ لَهَا بَيِّنَةٌ، وَذَهَبَتْ إلَى إحْلَافِهِ فَلَا يَكُونُ يَمِينٌ إلَّا بِشُبْهَةٍ كَالشَّاهِدِ الْعَدْلِ قَالَهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ، وَيَثْبُتُ الضَّرَرُ بِوَجْهَيْنِ بِالشَّهَادَةِ الْقَاطِعَةِ، وَبِالسَّمَاعِ الْمُسْتَفِيضِ ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَفِي الشَّهَادَةِ الْقَاطِعَةِ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْمَغْمَزِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يُقْطَعْ بِهِ، وَقَالَ أَصْبَغُ، وَذَلِكَ جَائِزٌ إذَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ، وَقَطَعُوا بِهِ، وَيَثْبُتُ أَيْضًا بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ الْفَاشِي الْمُسْتَفِيضِ عَلَى أَلْسِنَةِ اللَّفِيفِ مِنْ النِّسَاءِ، وَالْخَدَمِ، وَالْجِيرَانِ.
ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ فَتْحُونٍ: فَإِذَا ثَبَتَ الضَّرَرُ حَلَفَتْ أَنَّ خُلْعَهَا لَمْ يَكُنْ إلَّا بِالْإِضْرَارِ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ الْيَمِينُ ذَكَرَهَا ابْنُ فَتْحُونٍ فِي كِتَابِهِ، وَهِيَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصَّ عَلَيْهَا ابْنُ بَطَّالٍ فِي مُقْنِعِهِ وَابْنُ بَشِيرٍ فِي مَسَائِلِهِ، وَهُنَّ مِنْ قَوْلِ أَصْبَغَ فِي سَمَاعِهِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ نَفْيِ الْيَمِينِ، وَعَدَمُ وُجُوبِهَا، وَإِنْ كَانَ الضَّرَرُ يَثْبُتُ بِالسَّمَاعِ، وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ: لَا يَمِينَ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا مَا يُوجِبُ الْيَمِينَ فَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهَا شَيْئًا يُرَى لَهُ وَجْهٌ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ قَدْ أَمْكَنَتْنِي مِنْ
نَفْسِهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَشِبْهَهُ حَلَفَتْ الزَّوْجَةُ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ فَإِنْ اسْتَرْعَتْ الْمَرْأَةُ فِي الضَّرَرِ قَبْلَ وُقُوعِ الْخُلْعِ، وَأَشْهَدَتْ بِذَلِكَ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا بِاتِّفَاقٍ، ثُمَّ قَالَ: وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الضَّرَرَ لَا يَثْبُتُ حَتَّى يَقْطَعَ الشُّهُودُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ، وَالْمَعْلُومُ مَا تَقَدَّمَ، وَيَثْبُتُ أَيْضًا بِالشَّاهِدِ، وَالْيَمِينِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَحْكُمُ بِالشَّاهِدِ، وَالْيَمِينِ فَتَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهَا، وَيُصْرَفُ عَلَيْهَا مَا أَسْقَطَتْ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ مَالٍ، وَالطَّلَاقُ مَاضٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَيَثْبُتُ أَيْضًا بِصَالِحَاتِ الْجِيرَانِ، وَالْخَدَمِ اللَّاتِي يَدْخُلْنَ إلَيْهَا قَالَ: ابْنُ الْهِنْدِيِّ فِي مَقَالَاتِ ابْنِ مُغِيثٍ: وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى الْقَطْعِ، وَشَهِدَ مَعَهُ بِالسَّمَاعِ نَفَذَ ذَلِكَ أَيْضًا، وَيُجْزِئُ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي ذَلِكَ عَدْلَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالشُّهُودُ الْكَثِيرَةُ أَحَبُّ إلَيَّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُمَا نَفَذَ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ ضَمِنَ لَهُ ضَامِنُ التَّبَعَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ فِيمَا اخْتَلَعَتْ بِهِ، ثُمَّ ثَبَتَ الضَّرَرُ فَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ شُيُوخُ الْقَيْرَوَانِ فَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ فِي، وَثَائِقِهِ لِلزَّوْجِ، وَالرُّجُوعِ عَلَيْهِ، وَغَلَّطَهُ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ، وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الضَّامِنِ، وَلَا عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ يَضُرُّ بِهَا لِفَسَادِ الْأَصْلِ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ الضَّامِنُ بِالضَّرَرِ أَوْ لَمْ يَعْلَمُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِذَا ثَبَتَ الضَّرَرُ لِلزَّوْجَةِ، وَهِيَ فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا بِأَحَدِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا شَرْطٌ فِي عَقْدِهَا فَهَلْ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا كَمَا تَفْعَلُ إذَا كَانَ لَهَا شَرْطٌ أَمْ لَا فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ لَهَا ذَلِكَ فَتُطَلِّقُ نَفْسَهَا.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا شَرْطٌ حَتَّى تَشْهَدَ بِتَكْرَارِ الضَّرَرِ فَإِذَا شُهِدَ بِذَلِكَ، وَجَبَ لِلسُّلْطَانِ النَّظَرُ لَأَنْ تَطْلُقَ عَلَيْهِ قَالَ: ابْنُ حَارِثٍ، وَلَيْسَ الضَّرْبُ، وَإِنْ صَحَّ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، وَلَا آثَارُهُ الظَّاهِرَةُ بِاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى الضَّرَرِ، وَلِلْمَالِكِ أَنْ يُؤَدِّبَ مَمْلُوكَهُ كَمَا لِلْأَبِ أَنْ يُؤَدِّبَ ابْنَهُ، وَكَمَا لِلزَّوْجِ أَنْ يُؤَدِّبَ زَوْجَتَهُ، وَقَدْ شَجَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ زَوْجَتَهُ صَفِيَّةَ، وَكَمَا لِلْمُعَلِّمِ أَنْ يُؤَدِّبَ مُتَعَلِّمَهُ، وَكَمَا لِلْحُكَّامِ الْمُتَقَدِّمِينَ لِلنَّظَرِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُؤَدِّبُوا الظَّالِمَ بِضُرُوبِ التَّأْدِيبِ، وَمَقَادِيرُ الذُّنُوبِ مُخْتَلِفَةٌ، وَكُلُّ سَنٍّ، وَلَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ مَأْمُونٌ عَلَيْهِ، وَمُصَدَّقٌ فِيهِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ تَعَدِّيهِ فَيُضْرَبَ عَلَى يَدَيْهِ.
وَسُئِلَ سَحْنُونٌ عَنْ الْمَرْأَةِ تَشْتَكِي أَنَّ زَوْجَهَا يَضْرِبُهَا، وَبِهَا أَثَرُ ضَرْبٍ، وَلَا بَيِّنَةَ لَهَا عَلَى مُعَايَنَةِ ضَرْبِهَا فَقَالَ يُسْأَلُ جِيرَانُهَا فَإِنْ قَالُوا: إنَّ مِثْلَهُ لَا يَنْزِعُ عَنْ ظُلْمِهَا، وَأَذَاهَا أَدَّبَهُ، وَحَبْسُهُ.
قِيلَ: فَإِنْ سَمِعَ الْجِيرَانُ الصِّيَاحَ مِنْهَا، وَلَمْ يَحْضُرُوا ضَرْبَهُ إيَّاهَا فَقَالَ: لَا شَكَّ فِي هَذَا أَنَّهُ يُؤَدَّبُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْآثَارَ لَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِهِ لَشَكَا هُوَ ذَلِكَ، وَأَنْكَرَهُ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ فَتْحُونٍ قَالَ غَيْرُهُ: وَرَوَى سَحْنُونٌ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَطْلُقُ عَلَى زَوْجِهَا إذَا صَنَعَ بِهَا مِنْ الْمُثْلَةِ مِثْلَ مَا يَعْتَقُ بِهَا الْمَمْلُوكُ عَلَى سَيِّدِهِ، وَإِذَا تَرَدَّدَتْ الْمَرْأَةُ فِي شَكْوَى ضَرَرِ زَوْجِهَا بِهَا أُمِرَ جِيرَانُهَا أَنْ يَتَفَقَّدُوا أَحْوَالَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْجِيرَانِ مَنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ أَمَرَ بِالسُّكْنَى بِهَا بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْقُلَهَا مِنْ سُكْنَى الْبَادِيَةِ إلَى الْحَاضِرَةِ، وَلَكِنْ يَأْمُرُهُ بِإِسْكَانِهَا حَيْثُ يُجَاوِرُهَا مَنْ يَشْهَدُ لَهَا، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ فِي طَرَفِ الْحَاضِرَةِ أَمَرَ بِالسُّكْنَى بِهَا فِي مَوْضِعٍ يَتَبَيَّنُ فِيهِ حَالُهَا، وَكَذَلِكَ إذَا شَكَتْ الْوَحْدَةَ، وَالْوَحْشَةَ، وَلَمْ تَشْكُ الضَّرَرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَضُمَّهَا إلَى مَوْضِعٍ مُؤْنِسٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ عَرَفَتْ ذَلِكَ، وَدَخَلَتْ عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ نَقْلُهَا فَإِنْ تَبَيَّنَّ الضَّرَرُ لِلْجِيرَانِ مِنْ الزَّوْجِ أَدَّبَهُ، وَزَجَرَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لِلْجِيرَانِ، وَأَشْكَلَ الْأَمْرُ كُلَّ الْإِشْكَالِ، وَطَالَ تَرْدَادُهُمَا فَلَا يَلْزَمُهُ السُّكْنَى بِهَا فِي دَارٍ أَمِينٍ عَلَى الْأَشْهَرِ، وَأَنْكَرَ ابْنُ لُبَابَةَ الْأَمِينَةَ، وَقَالَ: لَا يَقْضِي بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ الزَّوْجَانِ عَلَيْهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: يَقْضِي بِذَلِكَ إذَا أَشْكَلَ الْأَمْرُ، وَتَكُونُ نَفَقَةُ الْأَمِينَةِ عَلَى