الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ إنَّهَا رَجْعِيَّةٌ، وَكَذَا بَعْدَهَا إنْ عَادَتْ لِلْإِسْلَامِ فِيهَا مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ: إنَّهَا عَادَتْ لِعِصْمَةِ زَوْجِهَا بِمُجَرَّدِ عَوْدِهَا لَهُ، وَعَدَمُ عَوْدِهَا لَهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ بَعِيدٌ جِدًّا خُصُوصًا الطَّوِيلَةَ، وَهِيَ فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ تَسْمَعُ الْأَذَانَ خَمْسَ مَرَّاتٍ فِي اللَّيْلَةِ، وَالْيَوْمِ، وَالْغَالِبُ عَلَى سَامِعِهِ حِكَايَتُهُ خُصُوصًا، وَزَوْجُهَا عَالِمٌ بِأُمُورِ الدِّينِ فَلِيَتَّقِ اللَّهَ الْمُسْتَفْتِي، وَيَتْرُكْ التَّحَيُّلَ عَلَى رَفْعِ الطَّلَاقِ الْوَاقِعِ، وَلَا حَوْلَ، وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
[طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلْقَتَيْنِ وَشَكَّ فِي الثَّالِثَةِ فَهَلْ لَهُ مُرَاجَعَتُهَا]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلْقَتَيْنِ وَشَكَّ فِي الثَّالِثَةِ فَهَلْ لَهُ مُرَاجَعَتُهَا.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ لَهُ مُرَاجَعَتُهَا إنْ كَانَ شَكُّهُ فِي تَنْجِيزِ الثَّالِثَةِ، وَعَدَمِهِ، وَإِنْ كَانَ شَكُّهُ فِي الْحِنْثِ فِيهَا، وَعَدَمِهِ مَعَ تَحَقُّقِ تَعْلِيقِهَا فَلَهُ رَجْعَتُهَا إنْ لَمْ يَسْتَنِدْ لِعَلَامَةٍ دَالَّةٍ عَلَى وُقُوعِ الثَّالِثَةِ، وَهُوَ سَالِمُ الْخَاطِرِ مِنْ الْوَسْوَسَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَشَرْحِهِ مَوَاهِبِ الْقَدِيرِ (لَا) يُؤْمَرُ الزَّوْجُ بِالْفِرَاقِ (إنْ شَكَّ) الزَّوْجُ (هَلْ طَلَّقَ) زَوْجَتَهُ بِأَنْ شَكَّ هَلْ قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ أَوْ لَمْ يَقُلْ أَوْ شَكَّ هَلْ حَلَفَ، وَحَنِثَ أَوْ لَمْ يَحْلِفْ فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ طَلَّقَ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ كَمَنْ تَيَقَّنَ ذَلِكَ، وَقَدْ بَنَوْا هُنَا عَلَى الْأَصْلِ مِنْ إلْغَاءِ الشَّكِّ فِي الْمَانِعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الشَّكِّ فِي الْحَدَثِ فَبَنَوْهَا عَلَى اعْتِبَارِهِ لِعِظَمِ أَمْرِ الصَّلَاةِ، وَسُهُولَةِ الطَّهَارَةِ (وَأَمَرَ بِهِ) أَيْ الْفِرَاقِ (إنْ شَكَّ غَيْرُ الْمُسْتَنْكِحِ) بِالْوَسْوَاسِ (فِي حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ) بِأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلَ زَيْدٌ دَارِي فَزَوْجَتِي طَالِقٌ، ثُمَّ رَأَى شَخْصًا دَاخِلًا دَارِهِ، وَشَكَّ فِي كَوْنِهِ زَيْدًا أَوْ غَيْرَهُ، وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ تَحْقِيقُ الْأَمْرِ فَيُؤْمَرُ بِتَنْفِيذِ الطَّلَاقِ إزَالَةً لِلشَّكِّ.
(وَ) إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ ف (هَلْ يُجْبَرُ) الزَّوْجُ عَلَيْهِ، وَيُنْجَزُ عَلَيْهِ أَوْ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ (خِلَافٌ)، وَالْمُسْتَنْكِحُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْبَيَانِ: الشَّكُّ فِي الطَّلَاقِ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ: مُتَّفَقٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ، وَلَا يُجْبَرُ مِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ، ثُمَّ يَشُكُّ هَلْ حَنِثَ أَمْ لَا مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ يُوجِبُ شَكَّهُ فِيهِ، وَمُتَّفَقٌ عَلَى أَمْرِهِ، وَجَبْرِهِ مِثْلَ حَلِفِهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ، ثُمَّ شَكَّ هَلْ حَنِثَ لِسَبَبٍ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الشَّكَّ، وَمُتَّفَقٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ، وَيُخْتَلَفُ هَلْ يُؤْمَرُ أَمْ لَا مِثْلَ شَكِّهِ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا أَوْ هَلْ حَنِثَ أَمْ لَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُؤْمَرُ، وَلَا يُجْبَرُ، وَقَالَ أَصْبَغُ: لَا يُؤْمَرُ، وَلَا يُجْبَرُ، وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ يُجْبَرُ أَوْ لَا يُجْبَرُ مِثْلَ أَنْ يُطَلِّقَ، وَلَا يَدْرِي أَطَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ يَحْنَثُ، وَلَا يَدْرِي أَحَلِفَ بِطَلَاقٍ أَوْ مَشْيٍ أَوْ قَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ كَانَتْ فُلَانَةُ حَائِضًا فَتَقُولُ: لَسْت حَائِضًا أَوْ إنْ كَانَ فُلَانٌ يَبْغَضُنِي فَيَقُولُ أُحِبُّك، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ، وَلَا يَدْرِي حَقِيقَةَ ذَلِكَ، وَالْخِلَافُ فِي الْأُولَى بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ، وَمُتَّفَقٌ عَلَى جَبْرِهِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ كَانَ أَمْسِ كَذَا، وَكَذَا لِشَيْءٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ، وَأَنْ لَا يَكُونَ، وَلَا طَرِيقَ إلَى اسْتِعْلَامِهِ، وَمِثْلَ شَكِّهِ فِي أَيِّ امْرَأَةٍ مِنْ امْرَأَتَيْهِ طَلَّقَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى فِرَاقِهِمَا جَمِيعًا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا اهـ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ هَلْ حَلَفَ، وَحَنِثَ أَمْ لَا فَهَذَا مَحْلُ الِاخْتِلَافِ هَلْ يُؤْمَرُ أَمْ لَا يُؤْمَرُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرَهُ مِنْ تَحَقُّقِ الْحَلِفِ، وَالشَّكِّ فِي الْحِنْثِ؛ لِأَنَّهُ يُنَاقِضُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى الْأَمْرِ بِالْفِرَاقِ إنْ كَانَ لِسَبَبٍ، وَالِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِ الْأَمْرِ بِهِ إنْ كَانَ شَكُّهُ لِغَيْرِ سَبَبٍ، وَنَظَمَ بَعْضُهُمْ الْأَقْسَامَ الْخَمْسَةَ فَقَالَ:
ذُو الشَّكِّ فِي الْحِنْثِ بِلَا مُسْتَنَدٍ
…
لَا أَمَرَ لَا جَبْرَ اتِّفَاقًا قُيِّدَ
لَا جَبْرَ بَلْ يُؤْمَرُ مَنْ يَسْتَنِدُ
…
بِالِاتِّفَاقِ قَالَ مَنْ يُعْتَمَدُ
مَنْ شَكَّ فِي الْحِنْثِ وَفِي أَنْ حَلَفَا
…
لَا جَبْرَ بَلْ فِي أَمْرِ هَذَا اُخْتُلِفَا
ثُمَّ الَّذِي فِي جَبْرِهِ يُخْتَلَفُ
…
ذُو الْمَشْي وَالْعَدَدِ وَذُو الْحَيْضِ اعْرِفُوا
ذُو الشَّكِّ فِي الزَّوْجَةِ فِعْلَ أَمْسِ
…
بِالِاتِّفَاقِ أَجْبُرُهُ دُونَ لُبْسِ
أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ ضَرَبَ، وَلَدُهُ امْرَأَةً فَاشْتَكَتْهُمَا لِظَالِمٍ يَتَجَاوَزُ الْأَدَبَ الشَّرْعِيَّ تَجَاوُزًا فَاحِشًا فَأَنْكَرَ فَهَدَّدَهُمَا بِالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، وَأَحْضَرَ الْعُدَّةَ أَمَرَ الْوَالِدُ بِالْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ضَرْبَ وَلَدِهِ الْمَرْأَةَ فَحَلَفَ كَذَلِكَ، وَهُوَ يَعْلَمُهُ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ مُكْرَهًا
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهَذَا الْحَلِفِ لِكَوْنِهِ مُكْرَهًا عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ: طَلَاقُ الْمُكْرَهِ لَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ مَالِكٍ كَانَ الْإِكْرَاهُ إيقَاعَهُ أَوْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ أَوْ عَلَى الْيَمِينِ بِهِ سَوَاءً لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَى فِعْلٍ يَحْنَثُ بِهِ فِي الطَّلَاقِ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْإِكْرَاهُ فِي الْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ، وَيَكُونُ الْإِكْرَاهُ بِالتَّخْوِيفِ بِمَا يُؤْلِمُ الْبَدَنَ مِنْ الضَّرْبِ، وَالْقَتْلِ، وَالصَّفْعِ لِذِي الْمُرُوءَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ السُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ التَّخْوِيفُ بِقَتْلِ وَلَدٍ فَإِنْ كَانَ بِقَتْلِ أَجْنَبِيٍّ فَقَوْلَانِ، وَالتَّخْوِيفُ بِالْمَالِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: كَوْنُهُ إكْرَاهًا.
وَالثَّانِي: لَيْسَ إكْرَاهًا، وَالثَّالِثُ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَالِ الْكَثِيرِ فَهُوَ إكْرَاهٌ، وَالْيَسِيرِ فَلَيْسَ إكْرَاهًا اهـ عَبْدُ الْبَاقِي، وَالْمُتَخَوَّفُ مِنْ وُقُوعِهِ إمَّا حَالًّا أَوْ مَآلًا، وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَنْ هُدِّدَ، وَلِمَنْ لَمْ يُهَدِّدْ، وَطَلَبَ مِنْهُمَا الْحَلِفَ مَعَ التَّخْوِيفِ فَإِنْ بَادَرَ بِالْحَلِفِ قَبْلَ الطَّلَبِ، وَالتَّهْدِيدِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ: إكْرَاهٌ أَيْضًا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَمْ يُبَادِرْ هُدِّدَ، وَإِلَّا فَلَا وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ غَيْرُ إكْرَاهٍ مُطْلَقًا فَإِنْ قَيَّدَ كَلَامَهُ بِمَا لِلَّخْمِيِّ، وَافَقَهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ
ابْنُ فَرْحُونٍ وَسُئِلَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ رَجُلٍ أَخَذَهُ ظَالِمٌ فَحَلَفَ لَهُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَلْبَتَّةَ خَوْفًا مِنْ قَتْلِهِ أَوْ ضَرْبِهِ أَوْ أَخَذَ مَالَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ الظَّالِمُ فَصَدَّقَهُ، وَتَرَكَهُ، وَهُوَ كَاذِبٌ فِي يَمِينِهِ فَقَالَ إنْ كَانَ تَبَرَّعَ بِيَمِينِهِ رَجَاءَ أَنْ يُنْجِيَهُ مِنْ ظُلْمِهِ فَقَدْ دَخَلَ فِي الْإِكْرَاهِ، وَلَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ لِي مُطَرِّفٌ، وَابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: سَمِعْنَا مَالِكًا يَقُولُ هُوَ، وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ بِالْمَدِينَةِ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى يَمِينٍ أَنْ يَحْلِفَ بِهَا، وَهُدِّدَ بِضَرْبٍ أَوْ سِجْنٍ، وَجَاءَ مِنْ ذَلِكَ وَعِيدٌ بَيِّنٌ تَقَعُ مِنْهُ الْمَخَافَةُ أَوْ خَافَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَهْدِيدٍ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ، وَرُوِّينَاهُ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ اهـ.
وَإِنْ اسْتَخْفَى رَجُلٌ عِنْدَ آخَرَ مِنْ سُلْطَانٍ جَائِرٍ أَرَادَ دَمَهُ أَوْ مَالَهُ أَوْ عُقُوبَتَهُ فِي بَدَنِهِ فَسَأَلَهُ السُّلْطَانُ عَنْهُ فَسَتَرَ عَلَيْهِ، وَجَحَدَ كَوْنَهُ عِنْدَهُ فَقَالَ: احْلِفْ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَك فَحَلَفَ إنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ لِيَدْفَعَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَدَمِهِ أَوْ مَا دُونَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ اهـ.
قَالَ مُطَرِّفٌ: وَسَمِعْنَا مَالِكًا يَقُولُ: السِّجْنُ إكْرَاهٌ، وَالْقَيْدُ إكْرَاهٌ، وَالْوَعِيدُ الْمَخْلُوفُ إكْرَاهٌ، وَالرَّهَقُ لَا يَجُوزُ عَلَى صَاحِبِهِ مَعَهُ يَمِينٌ، وَلَا بَيْعٌ، وَقَالَهُ
أَصْحَابُ مَالِكٍ كُلُّهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - اهـ.
قَالَ يَحْيَى سَمِعْت أَبَا زَيْدٍ قَاضِيَ الْمَدِينَةِ يُسْأَلُ عَنْ الرَّجُلِ يَخَافُ اللُّصُوصَ فَيُغَيِّبُ مَالَهُ فَيَأْخُذُونَهُ فَيَقُولُونَ لَهُ غَيَّبَتْ عَنَّا مَالَك فَيَقُولُ مَا غَيَّبَتْ شَيْئًا فَيَقُولُونَ احْلِفْ لَنَا فَيَحْلِفُ لَهُمْ بِالطَّلَاقِ إنَّهُ لَمْ يُغَيِّبْ عَنْهُمْ شَيْئًا، وَهُوَ إنْ لَمْ يَحْلِفْ عَذَّبُوهُ، وَإِنْ أَطْلَعَهُمْ عَلَى مَالِهِ أَخَذُوهُ فَقَالَ: هَذَا مُكْرَهٌ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ اهـ مِنْ تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ.
وَفِي التُّحْفَةِ:
وَمَالِكٌ لَيْسَ لَهُ بِمُلْزِمٍ
…
لِمُكْرَهٍ فِي الْفِعْلِ أَوْ فِي الْقَسَمِ
، وَقَالَ سَيِّدِي مَيَّارَةُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَلَّقَ مُكْرَهًا غَيْرَ طَائِعٍ بَلْ لِخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ كَذَلِكَ مُكْرَهًا حَتَّى حَنِثَ فَإِنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يُلْزِمُهُ طَلَاقًا فِي الْوَجْهَيْنِ فَضَمِيرُ لَهُ لِلطَّلَاقِ، وَهُوَ مُتَعَلَّقٌ بِمُلْزِمٍ، وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا الْحُكْمُ بِالطَّلَاقِ، وَالْيَمِينِ بَلْ وَكَذَلِكَ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ هَذَا كُلُّهُ فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى الْأَقْوَالِ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَيَتَحَقَّقُ الْإِكْرَاهُ بِالتَّخْوِيفِ الْوَاضِحِ بِمَا يُؤْلِمُ مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ صَفْعٍ لِذِي مُرُوءَةٍ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَفِي التَّخْوِيفِ بِقَتْلِ الْأَجْنَبِيِّ قَوْلَانِ بِخِلَافِ قَتْلِ الْوَلَدِ، وَفِي التَّخْوِيفِ بِالْمَالِ ثَالِثُهَا إنْ كَانَ كَثِيرًا تَحَقَّقَ.
وَفِي الْمُقَرِّبِ قُلْت لَهُ: فَطَلَاقُ الْمُكْرَهِ، وَعِتْقُهُ، وَنِكَاحُهُ قَالَ: لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ اتَّفَقَ مَالِكٌ، وَأَصْحَابُهُ أَنَّ الْمُكْرَهَ عَلَى الْيَمِينِ لَا تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ إذَا كَانَ إكْرَاهُهُ بِشَيْءٍ يَلْحَقُهُ فِي بَدَنِهِ بِقَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ سِجْنٍ أَوْ تَعْذِيبٍ أَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ فِيمَا كَانَ لِلَّهِ فِيهِ مَعْصِيَةٌ أَوْ فِيمَا لَيْسَ لَهُ فِيهِ طَاعَةٌ، وَلَا مَعْصِيَةٌ، وَسَوَاءٌ هُدِّدَ فَقِيلَ لَهُ: إنْ لَمْ تَحْلِفْ فُعِلَ بِك كَذَا، وَكَذَا أَوْ اُسْتُحْلِفَ، وَلَمْ يُهَدَّدْ فَحَلَفَ فَرْقًا مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَحْلِفْ هُوَ لَك مُتَطَوِّعًا بِالْيَمِينِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَحْلَفَ اهـ.
وَقَالَ التَّاوَدِيُّ (وَمَالِكٌ لَيْسَ لَهُ) أَيْ الطَّلَاقِ (بِمُلْزِمٍ لِمُكْرَهٍ) بِالْفَتْحِ (فِي الْفِعْلِ) أَيْ فِي إيقَاعِ الطَّلَاقِ (أَوْ فِي الْقَسَمِ) أَيْ الْحَلِفِ كَقَوْلِهِ هِيَ طَالِقٌ أَوْ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» أَيْ إكْرَاهٍ، وَهِيَ الَّتِي اُمْتُحِنَ فِيهَا مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَمَرَهُ الْخَلِيفَةُ أَنْ لَا يُفْتِيَ بِذَلِكَ، ثُمَّ دَسَّ عَلَيْهِ مَنْ يَسْأَلُهُ فَأَفْتَاهُ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ، وَكَانَ يَقُولُ ضُرِبْت فِيمَا ضُرِبَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَرَبِيعَةُ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَيَذْكُرُ قَوْلَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَا أَغْبِطُ أَحَدًا لَمْ يُصِبْهُ فِي هَذَا الْأَمْرِ أَذًى، وَالْإِكْرَاهُ هَاهُنَا بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ سِجْنٍ أَوْ قَيْدٍ أَوْ صَفْعٍ لِذِي مُرُوءَةٍ بِمَلَأٍ أَوْ قَتْلِ وَلَدِهِ أَوْ لِمَالِهِ، وَهَلْ إنْ كَثُرَ تَرَدَّدَ اهـ.
وَفِي التَّوْضِيحِ قَالَ أَصْبَغُ: إنْ قَالَ لَهُ السُّلْطَانُ: احْلِفْ، وَإِلَّا عَاقَبْت وَلَدَك فَحَلَفَ لَهُ كَاذِبًا حَنِثَ، وَإِنَّمَا يُعْذَرُ بِالْمُدَارَاةِ عَنْ نَفْسِهِ اهـ ابْنُ عَرَفَةَ، وَأَنْكَرَ اللَّبِيدِيُّ قَوْلَ أَصْبَغَ، وَأَجَابَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اسْتِشْكَالِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ بِمُخَالَفَتِهِ لِقَوْلِ أَصْبَغَ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُمَا قَصَدَا قَتْلَ النَّفْسِ لَا دُونَهَا يَعْنِي، وَقَوْلُ أَصْبَغَ فِيمَا دُونَهَا أَفَادَهُ الرَّمَاصِيُّ وَالْبُنَانِيُّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ قَتْلُ، وَلَدِهِ نَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَوْلِ أَصْبَغَ لَوْ قَالَ السُّلْطَانُ لِشَخْصٍ: احْلِفْ عَلَى كَذَا، وَإِلَّا عَاقَبْت وَلَدَك أَوْ بَعْضَ مَنْ يَلْزَمُك أَمْرُهُ فَحَلَفَ كَاذِبًا فَهُوَ حَانِثٌ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الدَّرْءِ عَنْ نَفْسِهِ.
وَأَجَابَ الْمُوضِحُ بِأَنَّ ابْنَ شَاسٍ قَصَدَ قَتْلَ النَّفْسِ لَا مَا دُونَهَا وَأَصْبَغُ قَصَدَ مَا دُونَهَا هَذَا، وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ اللَّبِيدِيِّ أَنَّهُ أَنْكَرَ مَا لِأَصْبَغَ، وَقَالَ: أَيُّ إكْرَاهٍ أَشَدُّ مِنْ رُؤْيَةِ الْإِنْسَانِ، وَلَدَهُ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَنْوَاعُ الْعَذَابِ، ثُمَّ، وَفَّقَ ابْنُ عَرَفَةَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِخِلَافٍ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ
النَّازِلَ بِالْوَلَدِ قَدْ يَكُونُ مَقْصُورًا عَلَيْهِ، وَقَدْ يَتَعَدَّى لِلْوَالِدِ فَهُوَ فِي غَيْرِ قَتْلِهِ مَعْرُوضٌ لِلْأَمْرَيْنِ فَقَوْلُ أَصْبَغَ فِي الْقَاصِرِ عَلَى الْوَلَدِ لَا فِي الْمُتَعَدَّى لِلْأَبِ، وَقَوْلُ اللَّبِيدِيِّ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُتَعَدَّى لِلْأَبِ أَمَّا فِي قَتْلِهِ فَلَا شَكَّ فِي لُحُوقِهِ لِلْأَبِ، وَالْأُمِّ، وَالْوَلَدِ، وَالْأَخِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ فَلَا يَنْبَغِي حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ بَلْ عَلَى التَّفْصِيلِ بِحَسْبِ الْأَحْوَالِ اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ ادَّعَى عَلَيْهِ شَيْخُ بَلَدِهِ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ رَجُلٍ آخَرَ فِي دَارِهِ، وَتَكَلَّمَ هُوَ، وَهَذَا الرَّجُلُ فِي حَقِّ شَيْخِ الْبَلَدِ الْمَذْكُورِ فِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ، وَدَارٍ مُعَيَّنَةٍ فَلِشِدَّةِ خَوْفِهِ مِنْ شَيْخِ الْبَلَدِ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ إنَّهُ مَا تَكَلَّمَ مَعَ هَذَا الرَّجُلِ فِي حَقِّهِ مُطْلَقًا فِي لَفْظِهِ، وَقَصَدَ أَنَّهُ مَا تَكَلَّمَ مَعَهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ، وَلَا فِي تِلْكَ الدَّارِ الْمُعَيَّنَةِ فَهَلْ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ سِيَّمَا، وَهُوَ خَائِفٌ مِنْ حُصُولِ الضَّرْبِ، وَالسِّجْنِ لَوْ لَمْ يَحْلِفْ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ لِلْإِكْرَاهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ النُّصُوصُ بِذَلِكَ، وَالنِّيَّةُ الْمَذْكُورَةُ لَوْ تَجَرَّدَتْ عَنْ الْإِكْرَاهِ قُبِلَتْ فِي الْفَتْوَى دُونَ الْقَضَاءِ لِمُخَالَفَتِهَا لِظَاهِرِ لَفْظِهِ مُخَالَفَةً قَرِيبَةً مِنْ الْمُسَاوَاةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ رَجَحَ عَدَمُهَا، وَقَرُبَتْ كَبِقَدَمِهِ فِي لَا يَطَؤُهَا، وَشَهْرٍ لَا فِي كَلَّمَهُ، وَتَوْكِيلِهِ فِي لَا يَفْعَلْ كَذَا، وَسَمْنُ ضَأْنٍ فِي لَا آكُلُ سَمْنًا قُبِلَتْ إلَّا أَنْ تَرْفَعَهُ الْبَيِّنَةُ أَوْ يُقِرَّ فِي الطَّلَاقِ، وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فَقَالَ أَبُوهَا: اُكْتُبُوا حَقَّهَا عَلَيَّ فَهَلْ يَسْقُطُ أَوْ لَا؟
فَأَجَبْت: بِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ، وَتَأْخُذُهُ مِنْ أَبِيهَا إنْ ثَبَتَ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ، وَلَا يُرْجَعُ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ إلَّا لِعُرْفٍ، وَإِلَّا أَخَذَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَا يَرْجِعُ الْمُلْتَزِمُ عَلَى الزَّوْجِ إلَّا لِعُرْفٍ اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ، وَطَلَبَتْ مِنْهُ طَلَاقَهَا فَامْتَنَعَ، ثُمَّ اتَّهَمَهُ جَارُهُ بِشَيْءٍ، وَاسْتَحْلَفَهُ فَتَوَضَّأَ، وَأَرَادَ الْحَلِفَ بِاَللَّهِ فَقَالَ لَهُ: احْلِفْ بِالطَّلَاقِ فَحَلَفَ بِهِ فَقَالَتْ زَوْجَةُ الْحَالِفِ: هُوَ الَّذِي أَخَذَ الشَّيْءَ، وَحَلَفَتْ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ الشَّيْءُ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ الشَّيْءُ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ شَهَادَةِ زَوْجَتِهِ لِقُصُورِهَا عَنْ النِّصَابِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ الْمَالُ، وَهُوَ عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَيَمِينٌ، وَلِعَدَاوَتِهَا لَهُ، وَاتِّهَامِهَا بِالرَّغْبَةِ فِي فِرَاقِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ مَا دَامَ مُتَيَقِّنًا أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ ذَلِكَ الشَّيْءَ، وَلَا عِبْرَةَ بِشَهَادَةِ زَوْجَتِهِ عَلَيْهِ بِأَخْذِهِ، وَلَا بِحَلِفِهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَدَيْنٌ إنْ ادَّعَى مُمْكِنًا فَلَا شَيْءَ عَلَى حَالِفَيْنِ تَنَاقَضَا، وَطَلَّقَ عَلَى غَيْرِ الْجَازِمِ اهـ.
نَعَمْ إنْ عَلِمَتْ الزَّوْجَةُ أَنَّهُ أَخَذَ الشَّيْءَ، وَكَانَ الطَّلَاقُ الَّذِي حَلَفَ بِهِ بَائِنًا حَرُمَ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ مِنْ نَفْسِهَا، وَوَجَبَ عَلَيْهَا الِافْتِدَاءُ مِنْهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَا تَتَزَيَّنُ مَنْ عَلِمَتْ بِبَيْنُونَتِهَا إلَّا مُكْرَهَةً، وَلْتَفْتَدِ مِنْهُ، وَهَلْ تَقْتُلُهُ إنْ لَمْ يَنْتَهِ خِلَافٌ اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لَا تَدْخُلِي مَحِلَّ كَذَا، وَدَخَلَتْهُ نَاسِيَةً مُتَوَجِّعَةً لِلْوِلَادَةِ، ثُمَّ وَلَدَتْ بِالْقُرْبِ ثُمَّ رَاجَعَهَا بِصِيغَةِ الرَّجْعَةِ بِلَا عَقْدٍ، وَعَاشَرَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا، وَعَاشَرَهَا فَمَا الْحُكْمُ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ الثَّانِي لِعَدَمِ حِنْثِهِ بِدُخُولِهَا نَاسِيَةً عِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِحَدِيثٍ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ، وَالنِّسْيَانُ