الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِمِصْرَ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
وَيَجِبُ تَقْيِيدُ هَذَا الْجَوَابِ بِمَا إذَا بَيَّنَ الْمِلْكِيَّةَ أَمَّا إنْ بَيَّنَ التَّحْبِيسَ أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا فَالْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ وَقْفٌ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا حَقَّ فِيهِمَا لِوَرَثَةِ الْبَانِي وَالْغَارِسِ فَلَا يَرِثُونَهُمَا عَنْهُ، وَلَا تُوَفَّى مِنْهُمَا دُيُونُهُ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَإِنْ بَنَى مُحْبَسٌ عَلَيْهِ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُبَيَّنْ فَهُوَ وَقْفٌ قَالَ الْخَرَشِيُّ يَعْنِي أَنَّ مَنْ حُبِسَ عَلَيْهِ رِيعٌ مَثَلًا فَبَنَى فِيهِ بُنْيَانًا فَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ حَبْسٌ أَوْ مِلْكٌ عَمِلَ عَلَيْهِ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ حَبْسٌ، وَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ فِيهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَقَوْلُهُ فَهُوَ وَقْفٌ أَيْ لِلْوَاقِفِ لَا يُقَالُ إنَّهُ وَقْفٌ غَيْرُ مَحُوزٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِ إنَّمَا بَنَى لِلْوَاقِفِ وَمَلَكَهُ فَهُوَ مَحُوزٌ بِحَوْزِ الْأَصْلِ وَمَفْهُومُ مُحْبَسٍ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ بَنَى الْأَجْنَبِيُّ فِي الْوَقْفِ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مِلْكًا كَمَا فِي النَّوَادِرِ وَالْغَرْسُ كَالْبِنَاءِ، وَإِذَا كَانَ مِلْكًا لَهُ فَلَهُ نَقْضُهُ أَوْ قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا إنْ كَانَ فِي الْوَاقِفِ مَا يَدْفَعُ مِنْهُ ذَلِكَ وَهَذَا إذَا كَانَ مَا بَنَاهُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْوَاقِفُ وَإِلَّا فَيُوَفِّي مِنْ الْغَلَّةِ قَطْعًا بِمَنْزِلَةِ مَا بَنَاهُ الْمُنَاظِرُ انْتَهَى. قَالَ الْعَدَوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ قَوْلُهُ مُحْبَسٌ عَلَيْهِ أَيْ بِالشَّخْصِ أَوْ بِوَصْفٍ كَإِمَامِهِ. قَوْلُهُ فَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ حَبْسٌ أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الْبِنَاءِ قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ حَبْسٌ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لِوَرَثَتِهِ قَوْلُهُ وَمَلَكَهُ فِعْلٌ مَاضٍ أَيْ مَلَكَ الْوَاقِفُ مَا بَنَاهُ. قَوْلُهُ فَلَهُ نَقْضُهُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ بِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ إصْلَاحَ بَيْتٍ نَحْوُ إمَامٍ عَلَى الْوَقْفِ لَا عَلَيْهِ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ وَأَخْرَجَ السَّاكِنَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ لِلسُّكْنَى لِيُكْرِيَ لَهُ لِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْوَقْفِ رِيعٌ يُبْنَى مِنْهُ، قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ مَا بَنَاهُ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا خُصُوصِ مَا يَلِيهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ اهـ.
[وُقِفَ عَلَيْهِ كُتُبٌ يُنْتَفَعُ بِهَا فَهَلْ لَهُ إعَارَتُهَا أَمْ لَا]
(وَسُئِلَ أَبُو الْإِرْشَادِ الْعَلَّامَةُ سَيِّدِي عَلِيٌّ الْأُجْهُورِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) عَمَّنْ وُقِفَ عَلَيْهِ كُتُبٌ يُنْتَفَعُ بِهَا فَهَلْ لَهُ إعَارَتُهَا أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إعَارَتُهَا، وَأَمَّا إنْ وَقَفَهَا لِانْتِفَاعِ النَّاسِ بِهَا فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنْهَا كِتَابًا لِيَنْتَفِعَ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيرَهُ، وَلَكِنْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ وَمِنْ جُمْلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ لَا عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ كَمَا وَقَعَ ذَلِكَ لِلْبَرْزَلِيِّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ وَإِخْوَتِهِ كُتُبًا، ثُمَّ إنَّ شَخْصًا عَالِمًا يُسَمَّى عَبْدَ الرَّحْمَنِ الشَّوْبَرِيَّ حَكَمَ بِبُطْلَانِ الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ فَأَجَازَ الْكِبَارُ الْوَقْفَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى أَعْمَامِهِمْ وَبِيعَتْ حِصَّةُ الصِّغَارِ مِنْ الْكُتُبِ، ثُمَّ مَاتَ الْكِبَارُ وَالْأَعْمَامُ وَلَهُمْ أَوْلَادٌ وَطَلَبَ أَوْلَادُ الْوَاقِفِ الصِّغَارُ أَخْذَ الْوَقْفِ مِنْ بَنِي إخْوَتِهِمْ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ لَا يَشْتَغِلُونَ بِعِلْمٍ وَيُخَافُ عَلَى الْكُتُبِ مِنْهُمْ وَفِي أَوْلَادِ الْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ مَنْ يَشْتَغِلُ بِالْعِلْمِ وَيَنْفَعُ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ لِلْكُتُبِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ يُقَدَّمُ عَلَى أَوْلَادِ الْوَاقِفِ أَمْ لَا وَهَلْ حُكْمُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِبُطْلَانِ الْوَقْفِ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) الْحُكْمُ الْوَاقِعُ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَيْثُ كَانَ الْوَاقِفُ فِي الصِّحَّةِ لَا وَجْهَ لَهُ وَحَيْثُ كَانَ يُخَافُ عَلَى الْكُتُبِ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَنْزِعُهَا مِنْهُمْ وَيَجْعَلُهَا بِيَدِ مَنْ يُؤْمَنُ عَلَيْهَا وَأَوْلَادُ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادُ الْإِخْوَةِ أَوْلَى مِنْ الْأَجَانِبِ إذَا كَانُوا مَأْمُونِينَ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي الْأَرْضِ الْمُحْبَسَةِ الَّتِي أَبْطَلَ الْحَاكِمُ تَحْبِيسَهَا وَرَدَّهَا لِلدِّيوَانِ هَلْ لَا يُعْتَبَرُ إبْطَالُهُ وَتَكُونُ بَاقِيَةً عَلَى تَحْبِيسِهَا لَا تُبَاعُ، وَلَا تُرْهَنُ، وَلَا تُورَثُ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ أَرْضُ مِصْرَ الصَّالِحَةُ لِزِرَاعَةِ الْحَبِّ وَأَرْضُ الدُّورِ وُقِفَتْ بِمُجَرَّدِ فَتْحِهَا عَنْوَةً قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَوُقِفَتْ الْأَرْضُ كَمِصْرِ وَالْوَقْفُ لَا يُوقَفُ إنَّمَا يُوقَفُ الْمَمْلُوكُ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ صَحَّ وَقْفُ مَمْلُوكٍ فَالْأَرْضُ لَيْسَتْ مُحْبَسَةً تَحْبِيسًا آخَرَ
مَخْصُوصًا بِهَا إنَّمَا هِيَ مُقْطَعَةٌ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ وَالْإِمَامُ لَا يَقْطَعُ مَعْمُورَ الْعَنْوَةِ مِلْكًا كَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ إنَّمَا يَقْطَعُهَا إمْتَاعًا وَانْتِفَاعًا فَلَا يَبِيعُهَا الْمُقْطَعُ لَهُ، وَلَا تُورَثُ عَنْهُ وَتَرْجِعُ بِمُجَرَّدِ مَوْتِهِ لِبَيْتِ الْمَالِ وَقْفًا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ يَقْطَعُهَا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ وَيُكْرِيهَا لِمَنْ شَاءَ وَيَجْرِي فِي الْمُقْطَعِ لَهُ ثَانِيًا مَا جَرَى فِي الْمُقْطَعِ لَهُ أَوَّلًا وَهَكَذَا الْأَمْرُ مَا دَامَ حُكْمُ الْإِسْلَامِ نَافِذًا فَالْحَاكِمُ لَمْ يُبْطِلْ تَحْبِيسَ مُحْبَسٍ إنَّمَا رَدَّ الْمَقْطَعَاتِ الَّتِي انْتَهَى إقْطَاعُهَا بِمَوْتِ الْمُقْطَعِ لَهُمْ إلَى مَحَلِّهَا مَعَ بَقَائِهَا عَلَى وَقْفِيَّتِهَا عَلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ فَلَا تُبَاعُ، وَلَا تُرْهَنُ، وَلَا تُورَثُ هَذَا هُوَ الَّذِي تَقْتَضِيهِ قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ وَنُصُوصُهُ لَكِنْ أَفْتَى الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَاقِي وَالشَّيْخُ الشَّبْرَخِيتِيُّ وَالشَّيْخُ يَحْيَى الشَّاوِيُّ وَغَيْرُهُمْ بِأَنَّهَا تُورَثُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَمِيرُ وَقَدْ سَأَلْت عَنْ ذَلِكَ شَيْخَ الْمَشَايِخِ عُمَرُ الطَّحْلَاوِيُّ عَلَيْهِ سَحَائِبُ الرَّحْمَةِ وَقُلْت لَهُ مَا وَجْهُ الْإِرْثِ فِي الْوَقْفِ فَقَالَ: إنَّهُمْ أَلْحَقُوهُ بِالْخَلَوَاتِ (قُلْت) وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ حَصَلَ مِنْ وَاضِعِ الْيَدِ عَلَى الْأَرْضِ أَثَرٌ فِيهَا كَإِصْلَاحٍ بِإِزَالَةِ شَوْكِهَا أَوْ حَرْثِهَا أَوْ نَصْبِ جِسْرٍ عَلَيْهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُلْحَقُ بِالْبِنَاءِ فِي الْأَوْقَافِ بِإِذْنِ النَّاظِرِ لِمَصْلَحَةٍ فَيَكُونُ خُلُوًّا يُنْتَفَعُ بِهِ وَيُمْلَكُ وَرُبَّمَا يُشِيرُ لِمَا قُلْنَا تَعْبِيرُ الْفَلَّاحِينَ عَنْهُ بِطِينِ الْأَثَرِ فَكَأَنَّهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ نَظَرُوا إلَى أَنَّهُ لَا يَسْلَمُ الْأَمْرُ مِنْ وُقُوعِ شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَوْ دَفْعِ مَغَارِمَ فِي نَظِيرِ التَّمْكِينِ مِنْ الطِّينِ كَالْحُلْوَانِ الَّذِي يَدْفَعُهُ الْمُلْتَزِمُ لِلسُّلْطَانِ فِي نَظِيرِ التَّمْكِينِ مِنْ الْمَحْلُولِ وَقَدْ أَثْبَتُوا بِذَلِكَ حَقًّا لِلْمُلْتَزِمِينَ حَتَّى أَفْتَوْا لَهُمْ بِالشُّفْعَةِ إذَا أَسْقَطَ شَرِيكَهُ وَتَمْكِينُ الْمُلْتَزِمِ لِلْفَلَّاحِينَ نَظِيرُ تَمْكِينِ السُّلْطَانِ، وَإِنْ لَمْ يُفْتُوا بِالْإِرْثِ فِي الِالْتِزَامِ لِشَبَهِهِ بِإِجَارَةِ الْمُسَانَاةِ غَيْرِ اللَّازِمَةِ بِدَلِيلِ التَّقْسِيطِ وَالتَّحْوِيلِ كُلَّ سَنَةٍ فَبِالْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْمَذْهَبِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْإِرْثِ لَكِنْ الَّذِي يَنْبَغِي فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ اتِّبَاعُ الْمَشَايِخِ الَّذِينَ أَفْتَوْا بِالْإِرْثِ لِمَا عَرَفْت؛ وَلِأَنَّهُ أَدْفَعُ لِلنِّزَاعِ وَالْفِتَنِ بَيْنَ الْفَلَّاحِينَ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ الْآنَ مُلْتَزِمٌ شَرْعِيٌّ فِي الْوَاقِعِ يُفْتِي بِأَنَّ الطِّينَ لَهُ فَإِنَّ الْمُلْتَزِمَ الشَّرْعِيَّ مَنْ يَلْتَزِمُ بِدَفْعِ الْمَظَالِمِ عَنْ النَّاحِيَةِ وَحِمَايَتِهَا مِمَّا يَضُرُّهَا، وَلِذَلِكَ قَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ الْجِبَايَةُ بِالْحِمَايَةِ فَإِنْ لَمْ تَحْمِهِ تُجْبِهِ وَالتَّقَاسِيطُ السُّلْطَانِيَّةُ مَشْرُوطٌ فِيهَا عَلَى الْمُلْتَزِمِينَ عَدَمُ الظُّلْمِ وَرَفْعُهُ وَهَذَا كَمَا أَنَّ أَصْلَ الْكَاشِفِ مَنْ يَكْشِفُ عَلَى الْجِهَاتِ لِيَرْفَعَ عَنْهَا الْمَضَرَّاتِ.
وَأَوَّلُ مَنْ رَتَّبَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْآنَ صَارَ الدَّوَاءُ دَاءً وَلِيَقُومَ أَيْضًا بِمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْأَرْضُ مِنْ الْمَصَالِحِ وَيَدْفَعَ الْخَرَاجَ لِبَيْتِ الْمَالِ لِيَصْرِفَ فِي جِهَاتِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَهَذَا مَفْقُودٌ الْآنَ وَإِنَّمَا الْمُلْتَزِمُ يَسْلُبُ الْأَمْوَالَ وَيُؤْذِيَ الْفَلَّاحِينَ وَيَتَوَقَّفُ فِي دَفْعِ مَا عَلَيْهِ الْمُسَمَّى بِالْمَيْرَى لِجِهَاتِ بَيْتِ الْمَالِ وَيَصْرِفُ الْخَرَاجَ الَّذِي يُجْبِيهِ فِي جِهَاتٍ تُغْضِبُ اللَّهَ عز وجل وَمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَكَّنَهُ نَائِبُ السُّلْطَانِ بَلْ لَوْ وَقَعَ التَّمْكِينُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَهُوَ فَاسِدٌ شَرْعًا فَإِنَّ قُصَارَى السُّلْطَانِ وَنَائِبِهِ وُكَلَاءُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَالْوَكِيلُ لَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بِالْمَصْلَحَةِ فَلَوْ قُلْنَا الْآنَ الطِّينُ لَلْمُلْتَزِمِ لَحَرَمَ مِنْهُ الْفُقَرَاءَ وَأَخَذَ عَلَيْهِ مَالًا كَثِيرًا مِنْ الْأَغْنِيَاءِ مُجَاوِزًا لِلْحَدِّ، وَالطِّينُ وَالْبِلَادُ بِلَادُ اللَّهِ وَالْخَلْقُ عِبَادُ اللَّهِ وَعِيَالُ اللَّهِ فَيُلْفَتُ بِالْإِرْثِ فِي مَنْفَعَةِ الطِّينِ وَإِسْقَاطِهَا بَيْنَ الْفَلَّاحِينَ وَالْمُلْتَزِمُ لَيْسَ لَهُ إلَّا الْخَرَاجُ مِنْ بَابِ مَنْ اشْتَدَّتْ وَطْأَتُهُ وَجَبَتْ طَاعَتُهُ خُصُوصًا، وَقَدْ قَالَ بِالْمِلْكِ حَقِيقَةً وَالْإِرْثِ مَنْ يَقُولُ مِنْ الْعُلَمَاءِ إنَّ مِصْرَ فُتِحَتْ صُلْحًا لَا عَنْوَةً وَلَيْسَ لِلْمُلْتَزِمِ الزِّيَادَةُ الْفَاحِشَةُ فِي الْخَرَاجِ فَإِنَّهُ مَا عَلَى هَذَا
الْتَزَمَهُ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْهِ الْإِصْلَاحِ الشَّرْعِيِّ وَلَيْسَ لَهُ الِاخْتِصَاصُ بِالطِّينِ رَأْسًا وَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ مَعَ أَنَّ أَصْلَهُ لِعُمُومِ مَصَالِحِ الْإِسْلَامِ وَلَهُ فَائِضٌ زَائِدٌ عَلَى مَا يَدْفَعُهُ مِنْ أَصْلِ الْخَرَاجِ فِي نَظِيرِ تَعَبِهِ فِي الْإِصْلَاحِ وَهَؤُلَاءِ الْمُلْتَزِمُونَ يَنْهَبُونَ وَيُؤْذُونَ وَيَضْرِبُونَ، وَلَا يَنْفَعُونَ، ثُمَّ يَأْتُونَ يَسْتَفْتُونَ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ وَعَلَى هَذَا فَلَا يَجُوزُ عَزْلُ الْفَلَاحِ عَنْ أَثَرٍ، وَلَا يَجُوزُ مَنْعُ الْبَنَاتِ مِنْهُ وَلَوْ جَرَى عُرْفٌ بِمَنْعِهِنَّ فَهُوَ فَاسِدٌ لَا يُعْمَلُ بِهِ بَلْ رُبَّمَا كُنَّ أَحْوَجَ وَأَحَقَّ بِمَا كَانَ أَصْلُهُ مِنْ جِهَاتِ بَيْتِ الْمَالِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُفْتِي عَارِفًا وَأَتْبَعَ فَتْوَاهُ مَا تَقْتَضِيه الْمَصْلَحَةُ فِي خُصُوصِ الْوَاقِعَةِ بَعْدَ مُرَاعَاةِ النُّصُوصِ وَإِمْعَانِ النَّظَرِ حَسَنٌ وَتَحْدُثُ لِلنَّاسِ أَقَضِيَّةٌ بِحَسَبِ مَا يُحْدِثُونَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ شَيْخُنَا أَبُو يَحْيَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) عَنْ الرَّجُلِ يَمُوتُ عَنْ طِينِ زِرَاعَةٍ مُسِحَ عَلَيْهِ فَهَلْ يُورَثُ عَنْهُ وَيُعْطَى كُلُّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ بِالْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ إذَا أَسْقَطَ الرَّجُلُ حَقَّهُ مِنْ الطِّينِ لِآخَرَ فِي نَظِيرِ دَرَاهِمَ، وَإِذَا قَدَرَ عَلَى دَفْعِهَا لَهُ يَأْخُذُ الطِّينَ وَيَكْتُبُ وَثِيقَةً شَرْعِيَّةً بِذَلِكَ فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْ أَخْذِ الطِّينِ أَمْ لَا؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
(فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ) الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَنْصُوصُ أَنَّ مِصْرَ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَأَنَّ أَرْضَ الزِّرَاعَةِ مِنْهَا مَوْقُوفَةٌ لِمُهِمَّاتِ الْمُسْلِمِينَ وَالنَّاظِرُ عَلَيْهَا نَائِبُ السُّلْطَانِ يَفْعَلُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ وَأَنَّهَا لَا تُورَثُ بَلْ الْحَقُّ لِمَنْ يُقَرِّرُهُ نَائِبُ السُّلْطَانِ؛ لِأَنَّهَا مُكْتَرَاةٌ وَالْخَرَاجُ كِرَاؤُهَا، وَلَا حَقَّ لِلْمُكْتَرِي فِي مِثْلِ هَذَا فَيُورَثُ عَنْهُ هَذَا أَصْلُ الْمَذْهَبِ وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُمْ أَفْتَوْا بِأَنَّ الْأَرْضَ تُورَثُ فَإِنْ كَانَتْ صُورَةُ الْفَتْوَى يَجُوزُ الْعَمَلُ بِمَا أَفَادَهُ الْعَالِمُ الْفُلَانِيُّ أَوْ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْإِمَامِ فُلَانٍ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِلَّا فَمِنْ الْمُشْكِلَاتِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ الْأُسْتَاذُ الدَّرْدِيرُ إنَّهَا بَاطِلَةٌ مَكْذُوبَةٌ عَلَى مَنْ نُسِبَتْ إلَيْهِ وَقَالَ الْإِمَامُ الْأَمِيرُ فِي حَاشِيَةِ الْمَجْمُوعِ قَوْلُهُ وَوُقِفَتْ الْأَرْضُ فَلَا تُورَثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَدْرُ فِي مَوَاضِعَ وَوَقَعَتْ الْفَتْوَى بِالْإِرْثِ قِيلَ إلْحَاقًا بِالْخَلَوَاتِ، وَالْخَرَاجُ كَالْكِرَاءِ انْتَهَى.
وَذَكَرَ شَيْخُنَا الدُّسُوقِيُّ أَنَّ الْفَتْوَى بِالْإِرْثِ إمَّا لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ لِمَا فِي مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ وَدَفْعِ الْهَرَجِ، وَإِمَّا؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لِلْمُزَارِعِينَ فِيهَا حَقٌّ يُشْبِهُ الْخُلُوَّ مِنْ جِهَةِ تَحْرِيكِهِمْ الْأَرْضَ وَالْعِلَاجِ فِيهَا وَالْخُلُوُّ يُورَثُ انْتَهَى.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ رَاعَى الْمَشْهُورَ فِي الْمَذْهَبِ قَالَ بِعَدَمِ الْإِرْثِ وَمَنْ رَاعَى مُقَابِلَهُ قَالَ بِالْإِرْثِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ الذُّكُورِ؛ لِأَنَّهَا خَصْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ لَا تَحِلُّ فِي الْإِسْلَامِ، وَإِنْ اسْتَظْهَرَ ذَلِكَ الْإِمَامُ الدَّرْدِيرُ وَالرُّجُوعُ لِلْحَقِّ أَحَقُّ وَالضَّرُورَةُ لَهَا أَحْكَامٌ بِقَدْرِهَا وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ مُرَاعَاةُ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَدَفْعُ الضَّرَرِ عَنْهُمْ وَسَدُّ أَبْوَابِ الْفِتَنِ مَا أَمْكَنَ وَأَخْذُ الدَّرَاهِمِ لِأَجْلِ إسْقَاطِ الْحَقِّ وَمَتَى قَدَرَ الْآخِذُ عَلَى رَدِّهَا رَجَعَ فِي حَقِّهِ، وَرَدُّهَا عَقْدٌ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ رِبًا فَاعِلُهُ مَلْعُونٌ فِي كُلِّ مِلَّةٍ وَالْآخِذُ وَالدَّافِعُ وَالْكَاتِبُ وَالشَّاهِدُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ فَيَجِبُ فَسْخُ هَذَا الْعَقْدِ مَتَى اُطُّلِعَ عَلَيْهِ وَيَأْخُذُ كُلُّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَمِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) عَمَّا انْكَشَفَ مِنْ الطِّينِ الَّذِي تَحْتَ بَحْرِ النِّيلِ وَقُلْتُمْ إنَّهُ لِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ فَهَلْ إذَا كَانَ مَكْتُوبًا لِجَمَاعَةٍ، ثُمَّ أَخَذَهُ النِّيلُ وَأَخْرَجَهُ لِآخَرِينَ يَكُونُ لِمَنْ أَخْرَجَهُ لَهُمْ بِحَيْثُ كَانَ قَرِيبًا وَهَلْ لِمَنْ لَهُ الِالْتِزَامُ أَنْ يَنْزِعَ طِينَ شَخْصٍ وَيُعْطِيَهُ لِآخَرَ وَهَلْ الْمِسَاحَةُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى الشَّخْصِ لِلْإِنَاثِ تَوَارُثُهَا مَعَ الذُّكُورِ بِالْقِسْمَةِ الشَّرْعِيَّةِ
وَإِذَا قَرَّرَ الْمُلْتَزِمُ فِيهِ شَخْصًا هَلْ لَهُ الِاخْتِصَاصُ بِهِ وَمَنْعُ الْإِنَاثِ وَهَلْ يَصِحُّ نَزْعُهُ وَإِعْطَاؤُهُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ مُتَرَتِّبٌ عَلَيْهِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ الطِّينُ الَّذِي يَنْكَشِفُ عَنْهُ الْبَحْرُ قِيلَ لِلْأَقْرَبِ إلَيْهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتْبَعُهُ فِي التَّمْكِينِ مِنْهُ، وَلَا يَحْتَاجُ لِتَمْكِينٍ جَدِيدٍ بَلْ لَا تَمْكِينَ لَهُ مُسْتَقِلٌّ وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ يَبْتَدِئُ فِيهِ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ تَمْكِينًا لِمَنْ شَاءَ بِمَا يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ وَالْمَصْلَحَةُ الشَّرْعِيَّةُ، وَكُلُّ هَذَا فِيمَا كَانَ تَحْتَ الْبَحْرِ مِمَّا لَمْ يَسْبِقْ عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقٌ لِأَحَدٍ فَأَمَّا إنْ مَالَ الْبَحْرُ عَلَى أَرْضِ قَوْمٍ وَجَرَى فِيهَا، ثُمَّ انْكَشَفَتْ قِطْعَةٌ مَعْرُوفَةٌ بِعَيْنِهَا بِآثَارٍ وَعَلَامَاتٍ أَوْ بِمُقْتَضَى الْقِيَاسِ فَتِلْكَ الْقِطْعَةُ لِأَرْبَابِهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ مَانِعٌ طَرَأَ وَزَالَ فَأَمَّا التَّعْوِيضُ بِقَدْرِهَا مِنْ غَيْرِهَا مِمَّا انْكَشَفَ عَنْهُ الْمَاءُ مِنْ أَرَاضِي الْبَحْرِ الْأَصْلِيَّةِ فَلَا وَإِنَّمَا الْحُكْمُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا الْمُسَامَحَةُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى شَخْصٍ فَإِنْ كَانَ مَعْنَى ذَلِكَ مَسْمُوحٌ تَبَرَّعَ بِهِ الْمُلْتَزِمُ مِنْ فَائِضِ الْخَرَاجِ يُدْفَعُ لِشَخْصٍ فَهَذَا الْمَرْجِعُ فِيهِ لِمَا نَصَّ الْمُلْتَزِمُ عَلَيْهِ أَوْ أَقَرَّهُ وَرَضِيَ بِهِ مِنْ تَخْصِيصِ الذُّكُورِ أَوْ شَرِكَتِهِمْ مَعَ الْإِنَاثِ، وَلَا يَلْزَمُ مَا صَدَرَ مِنْ مُلْتَزِمٍ مُلْتَزِمًا آخَرَ إلَّا إذَا رَضِيَهُ بِاخْتِيَارِهِ بَلْ لِنَفْسِ الْمُلْتَزِمِ الْأَوَّلِ قَطْعُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَإِعْطَاؤُهُ لِلْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ مَا لَمْ يُسْتَحَقَّ بِالْفِعْلِ مِنْ بَابِ الْوَعْدِ الَّذِي لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ حَيْثُ لَمْ تَصْدُرْ صِيغَةُ نَذْرٍ وَالْتِزَامٍ، وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ تَخْفِيفًا عَنْ شَخْصٍ فِي خَرَاجِ طِينِهِ كَطِينِ الْمَشَايِخِ الَّذِي لَا يُصْرَفُ فِي الْوَادِي الْبَحْرِيِّ فَهَذَا إنْ كَانَ مَحْضُ تَبَرُّعٍ فَهُوَ مِنْ نَاحِيَةِ مَا قَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي نَظِيرِ الْقِيَامِ بِأَعْمَالٍ كَانَ وَظِيفَةَ عَمَلٍ يَتْبَعُ الْعَمَلَ وَيُقَرِّرُ فِيهِ الْمُلْتَزِمُ مَنْ شَاءَ حَيْثُ كَانَتْ الْأَعْمَالُ خِدْمَةً وَمُعَاوَنَةً لَهُ كَالْمَشْيَخَةِ، وَإِنْ كَانَ لِأَجْلِ آثَارٍ وَأُمُورٍ صَدَرَتْ مِنْ صَاحِبِ الْمَسْمُوحِ تَتَعَلَّقُ بِالْمَزَارِعِ جَرَى عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ الْإِلْحَاقِ بِمَنْفَعَةِ الْخَلَوَاتِ فِي اسْتِحْقَاقِهِ وَعَدَمِ النَّزْعِ مِنْهُ، وَمَنْ مَاتَ عَنْ حَقٍّ فَهُوَ لِوَارِثِهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ فِي هَذَا الْقِسْمِ الْأَخِيرِ انْتَهَى.
(وَسُئِلَ أَيْضًا) عَمَّنْ تَحْتَ يَدِهِ طِينٌ رِزْقَةً بِالْأَرْضِ الْمِصْرِيَّةِ بِمُوجَبِ تَقَارِيرَ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فَهَلْ تَجْرِي عَلَيْهَا أَحْكَامُ الْمِلْكِ مِنْ تَوَارُثٍ وَغَيْرِهِ، وَلَا يَسُوغُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَقَرَّرَ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِي التَّقَارِيرِ أَنَّهَا تُمْلَكُ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ حَيْثُ كَانَ الطِّينُ الْمَذْكُورُ عَلَى سَبِيلِ الْبِرِّ وَالصَّدَقَةِ جَرَى عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمِلْكِ عَلَى مَا هُوَ الْعَادَةُ فِي ذَلِكَ وَالْعُرْفُ مَعْمُولٌ بِهِ فِي مِثْلِ هَذَا، وَقَدْ صَدَرَتْ الْفَتْوَى بِالتَّوْرِيثِ فِي أَرْضِ مِصْرَ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا مَعَ أَنَّ النَّصَّ عِنْدَنَا أَنَّهَا وَقْفٌ لَكِنَّهُمْ أَلْحَقُوهَا بِالْخَلَوَاتِ فِي الْأَوْقَافِ الَّتِي تُمْلَكُ وَتُورَثُ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ أَيْضًا) عَنْ رَجُلٍ لَهُ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ وَلَهُ طِينٌ أَعْطَى لِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثَهُ بِتَمَسُّكٍ شَرْعِيٍّ لِلْجَمِيعِ، ثُمَّ تُوُفِّيَ اثْنَانِ مِنْهُمْ وَخَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَلَدًا فَأَعْطَى الْأَبُ الْمَذْكُورُ وَلَدَيْ وَلَدَيْهِ مَا كَانَ لِوَالِدَيْهِمَا وَكَتَبَ لَهُمَا تَمَسُّكًا شَرْعِيًّا بِذَلِكَ فَهَلْ يَفُوزَانِ بِمَا أَعْطَاهُ لَهُمَا جَدُّهُمَا؟ وَإِذَا ادَّعَى عَمُّ الْوَلَدَيْنِ بِطِينٍ زَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ الَّذِي أَعْطَاهُ لَهُ أَبُوهُ لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ يَفُوزُ الْوَلَدَانِ بِمَا حَازَاهُ بِتَمْكِينِ جَدِّهِمَا وَفَرَاغِهِ لِأَبِيهِمَا وَلَهُمَا، وَإِذَا ادَّعَى الْعَمُّ بِزَائِدٍ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ أَيْضًا) عَنْ رَجُلٍ مَلَكَ طِينًا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ عَنْ أُصُولِهِ مَعَ تَمْكِينِ الْمُلْتَزِمِينَ فَأَعْطَى بَعْضَهُ لِرَجُلٍ فِي نَظِيرِ خِدْمَتِهِ لَهُ وَزَرَعَهُ مُدَّةً زَائِدَةً عَلَى مُدَّةِ الْحِيَازَةِ، وَهُوَ مُلْتَزِمٌ لِلْخِدْمَةِ، ثُمَّ تُوُفِّيَ فَزَرَعَهُ وَرَثَتُهُ مُدَّةً مَعَ الْخِدْمَةِ أَيْضًا، ثُمَّ تَرَكُوا