الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَيْرُ سَائِغٍ، وَخَوْفُ الرُّجُوعِ لِلزِّنَا لَيْسَ ضَرُورَةً مُسَوِّغَةً لَهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَبْلَ تَمَامِ الِاسْتِبْرَاءِ فَاسِدٌ إجْمَاعًا، وَالتَّلَذُّذُ الْمُسْتَنِدُ لَهُ يُؤَيِّدُ الْحُرْمَةَ عِنْدَنَا فَالتَّخَلُّصُ بِهِ مِنْ الرُّجُوعِ لِلزِّنَا كَغَسْلِ الْعَذِرَةِ بِالْبَوْلِ، وَقَوْلِهِمْ الْمَرْأَةُ أَمِينَةٌ عَلَى رَحِمِهَا، وَمُصَدَّقَةٌ فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَاسْتِبْرَائِهَا قَيَّدُوهُ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْمُوجِبِ، وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِهَا فَقِيلَ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا، وَقِيلَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا، وَقِيلَ شَهْرٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ، وَهَذَا فِي عِدَّةِ، وَاسْتِبْرَاءِ الْأَقْرَاءِ، وَأَمَّا فِي عِدَّةِ الْوَضْعِ وَاسْتِبْرَائِهِ فَتُصَدَّقُ فِي وَضْعِهِ، وَإِنْ ادَّعَتْهُ بَعْدَ الْمُوجِبِ بِيَوْمٍ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى تَكْذِيبِ النِّسَاءِ وَالْجِيرَانِ لَهَا، وَهِيَ مُصَدَّقَةٌ فِي ذَلِكَ، وَمَأْمُونَةٌ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ، وَالْمَرْأَةُ لَا تُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ أَوْ تَرْكِ الزِّنَا فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ عَلِمَ هَذَا الْعَقْدَ، وَتَمَكَّنَ مِنْ فَسْخِهِ أَنْ يَفْسَخَهُ وَيُفَرِّقَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَتَيْنِ أَبَدًا، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ فَسْخِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَهُ لِمَنْ يَتَمَكَّنُ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَتَأَبُّدُ تَحْرِيمِهَا بِوَطْءٍ قَالَ الْخَرَشِيُّ يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ طَلَاقٍ غَيْرِ رَجْعِيٍّ أَوْ مَوْتٍ، وَالْمُسْتَبْرَأَة مِنْ زِنًا أَوْ اغْتِصَابٍ غَيْرُهُ إذَا وُطِئَتْ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ فِي عِدَّتِهَا أَوْ اسْتِبْرَائِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا أَمْ لَا فَإِنَّهَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَى وَطْئِهَا، وَلَهَا الصَّدَاقُ، وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ عَقْدٌ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ، وَأَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَكَذَا الْمُسْتَبْرَأَةُ مِنْ زِنَاهُ اهـ.
[طَلُقَتْ طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ تَنْقَضِي فِيهَا عِدَّتُهَا اسْتَفْهَمَتْ عَنْ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَأُخْبِرَتْ بِأَنَّ عِدَّتَهَا قَدْ انْقَضَتْ فَتَزَوَّجَتْ شَخْصًا ثَانِيًا]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي امْرَأَةٍ طَلُقَتْ طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ تَنْقَضِي فِيهَا عِدَّتُهَا اسْتَفْهَمَتْ عَنْ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَأُخْبِرَتْ بِأَنَّ عِدَّتَهَا قَدْ انْقَضَتْ فَتَزَوَّجَتْ شَخْصًا ثَانِيًا ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ ادَّعَتْ أَنَّ عِدَّتَهَا لَمْ تَنْقَضِ مِنْ الْأَوَّلِ فَهَلْ تُصَدَّقُ أَوْ لَا؟ وَهَلْ إنْ صُدِّقَتْ يُفْسَخُ نِكَاحُهَا أَوْ لَا؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، لَا تُصَدَّقُ فِي إخْبَارِهَا ثَانِيًا بِعَدَمِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْ الْأَوَّلِ، وَالْعِبْرَةُ بِإِخْبَارِهَا الْأَوَّلِ بِانْقِضَائِهَا، وَتُعَدُّ نَادِمَةً وَكَارِهَةً لِلزَّوْجِ الثَّانِي، وَمُتَحَيِّلَةً عَلَى الْخَلَاصِ مِنْهُ، وَهَذَا فِي الظَّاهِرِ، وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ كَانَتْ صَادِقَةً فِي خَبَرِهَا الثَّانِي وَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَفْتَدِيَ مِنْهُ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَصُدِّقَتْ فِي انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْقُرْءِ وَالْوَضْعِ بِلَا يَمِينٍ مَا أَمْكَنَ، وَسُئِلَ النِّسَاءُ، وَلَا يُفِيدُهَا تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا، وَلَا أَنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ وَانْقَطَعَ، وَلَا رُؤْيَةُ النِّسَاءِ لَهَا اهـ.
وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَصُدِّقَتْ بِلَا يَمِينٍ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ وَضَعَا إلَّا أَنْ تُكَذِّبَهَا الْعَادَةُ فَإِنْ أَشْكَلَ سُئِلَ النِّسَاءُ، وَأَنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ فَانْقَطَعَ قَبْلَ الْمُدَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْعِدَّةِ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَصْلِ لَا إنْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا، وَلَوْ رَآهَا النِّسَاءُ فَوَافَقْنَهَا عَلَى قَوْلِهَا الثَّانِي فَالْعِبْرَةُ بِالْأَوَّلِ اهـ.
[امْرَأَة حَمَلَتْ مِنْ الزِّنَا ثُمَّ وَضَعَتْ فَأَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي امْرَأَةٍ حَمَلَتْ مِنْ الزِّنَا ثُمَّ وَضَعَتْ فَأَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا فَتَوَجَّهَتْ إلَى فَقِيهٍ مَالِكِيٍّ، وَأَخْبَرَتْهُ بِحَالِهَا فَأَفْتَاهَا بِأَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ إلَّا بَعْدَ حَيْضَتَيْنِ وَوَضْعِ حَمْلِهَا هَذَا بَعْدَ حَيْضَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِنَسَبٍ فَتَرَكَتْهُ، وَتَوَجَّهَتْ إلَى فَقِيهٍ آخَرَ مَالِكِيٍّ أَيْضًا، وَاسْتَفْتَتْهُ فَأَفْتَاهَا بِأَنَّهَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ بِمُجَرَّدِ وَضْعِ حَمْلِهَا، فَتَفَاقَمَ الْأَمْرُ بَيْنَهُمَا فَمَا الْحُكْمُ فِي هَذِهِ النَّازِلَةِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، أَيُّهَا السَّائِلُ، وَفَّقَنِي اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكَ أُطْلِقَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهَا خَلِيَّةً عَنْ النِّكَاحِ، وَمَا يَتْبَعُهُ حَالَ زِنَاهَا أَوْ بِكَوْنِهَا فِي نِكَاحٍ ثُمَّ انْقَطَعَ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ بِكَوْنِهَا فِي عِدَّةِ أَحَدِهِمَا، وَالْحُكْمُ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ خَلِيَّةً
عَنْهُمَا فَالْحَقُّ مَا أَفْتَى بِهِ الثَّانِي قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ الْأَمِيرُ فِي شَرْحِ مَجْمُوعِهِ فِي مَبْحَثِ عِدَّةِ الْحَامِلِ مَا نَصُّهُ: أَمَّا الزِّنَا فَوَضْعُهُ اسْتِبْرَاؤُهُ قَطْعًا اهـ.
وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي مَبْحَثِ التَّدَاخُلِ: وَالْحَمْلُ مِنْ فَاسِدٍ يُخْرِجُهَا مِنْ اسْتِبْرَائِهِ اهـ.
وَقَالَ أَبُو الضِّيَاءِ، وَشَارِحُهُ شَمْسُ الدِّينِ التَّتَّائِيُّ فِي مَبْحَثِ الِاسْتِبْرَاءِ: وَاسْتِبْرَاءُ الْحَامِلِ بِالْوَضْعِ لِحَمْلِهَا كُلِّهِ، وَإِنْ دَمًا اجْتَمَعَ كَالْعِدَّةِ فَلَا يَكْفِي بَعْضُهُ ثُمَّ قَالَ التَّتَّائِيُّ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ حَامِلٍ مِنْ زِنًا وَغَيْرِهِ اهـ.
وَنَحْوُهُ لِلْعَلَّامَةِ الْحَطَّابِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ، وَإِنْ كَانَ سَوْقُهُ فِي الْأَمَةِ، وَقَالَ أَبُو الضِّيَاءِ فِي التَّدَاخُلِ: وَهَدْمُ وَضْعِ حَمْلِ الْحَقِّ بِفَاسِدٍ أَثَرُهُ، وَلَفْظُهُ عَامٌّ، وَإِنْ كَانَ سَوْقُهُ فِي مُعْتَدَّةٍ، وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ، وَطَلَّقَهَا، وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ مَاتَ عَنْهَا كَذَلِكَ، وَوُجِدَتْ شُبْهَةٌ تُلْحِقُ الْوَلَدَ بِالزَّوْجِ بِحَيْثُ لَا يَنْتَفِي عَنْهُ إلَّا بِلِعَانٍ فَالْحَقُّ مَا أَفْتَى بِهِ الثَّانِي أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الشُّبْهَةُ بِحَيْثُ يَنْتَفِي عَنْهُ بِغَيْرِهِ لِنَحْوِ صِبَا الزَّوْجِ وَجَبِّهِ فَالْحَقُّ مَا أَفْتَى بِهِ الْأَوَّلُ فِي خُصُوصِ الطَّلَاقِ أَمَّا فِي الْوَفَاةِ فَلَا تَحِلُّ إلَّا بَعْدَ الْأَمْرَيْنِ: الْأَشْهُرُ وَالْوَضْعُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ أَحَدِهِمَا قَالَ الْحَطَّابُ: تَنْبِيهٌ: إنَّمَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ إذَا كَانَ لَاحِقًا بِأَبِيهِ. قَالَ فِي كِتَابِ طَلَاقِ السُّنَّةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا كَانَ الصَّبِيُّ لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ، وَهُوَ يَقْوَى عَلَى الْجِمَاعِ فَظَهَرَ بِامْرَأَتِهِ حَمْلٌ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ، وَتَحِدُّ الْمَرْأَةُ، وَإِنْ مَاتَ هَذَا الصَّبِيُّ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا مِنْ الْوَفَاةِ بِوَضْعِ حَمْلِهَا، وَعَلَيْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ مِنْ يَوْمِ مَاتَ، وَإِنَّمَا الْحَمْلُ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ الْحَمْلُ الَّذِي يُثْبِتُ نَسَبَهُ مِنْ أَبِيهِ خَلَا الْمُلَاعَنَةِ خَاصَّةً فَإِنَّهَا تَحِلُّ بِالْوَضْعِ، وَأَنْ يَلْحَقَ بِالزَّوْجِ، وَإِنْ مَاتَ زَوْجُهَا، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَمْ تَنْتَقِلْ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الشَّامِلِ فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ زِنًا، وَكَانَ الْمَيِّتُ صَغِيرًا لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ أَوْ مَجْبُوبًا أَوْ وَضَعَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ تَنْقَضِ بِهِ، وَلَا يَلْحَقُ انْتَهَى.
وَسَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ فِي فَصْلٍ إنْ طَرَأَ مُوجِبٌ وَهَدَمَ وَضْعِ حَمْلٍ أُلْحِقَ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ غَيْرُهُ وَبِفَاسِدٍ أَثَرُهُ، وَأَثَرُ الطَّلَاقِ لَا الْوَفَاةِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ، انْتَهَى كَلَامُ الْحَطَّابِ. وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَشَرْحِهِ فِي الْعِدَّةِ: وَعِدَّةُ الْحَامِلِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ وَضْعُ حَمْلِهَا إلَّا أَنْ يَنْتَفِيَ عَنْهُ بِلَا لِعَانٍ فَالْأَبْعَدُ مِنْهُ وَمِنْ عِدَّةِ غَيْرِهَا طَلَاقًا وَوَفَاةً ثُمَّ فِي الْأَوَّلِ تَحْسِبُ النِّفَاسَ قُرْءًا انْتَهَى. وَفِي التَّدَاخُلِ وَالْحَمْلُ مِنْ وَطْءٍ فَاسِدٍ يُخْرِجُهَا مِنْ اسْتِبْرَائِهِ، وَعِدَّةُ الطَّلَاقِ حَيْثُ الشُّبْهَةُ إمَّا مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ فَيُحْسَبُ قُرْءًا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ، وَعَلَيْهَا فِي الْوَفَاةِ الْأَقْصَى انْتَهَى هَذَا
وَالْوَاجِبُ عَلَى مَنْ أَخْطَأَ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ الِاعْتِرَافُ بِالْخَطَأِ وَالرُّجُوعُ لِلْحَقِّ، وَذَلِكَ عَيْنُ الْكَمَالِ:
وَمَا سُمِّيَ الْإِنْسَانُ إلَّا لِنَسْيِهِ
…
وَلَا الْقَلْبُ إلَّا أَنَّهُ يَتَقَلَّبُ
إنَّمَا الْعَارُ دُنْيَا وَأُخْرَى فِي الْإِصْرَارِ عَلَى الْخَطَأِ بَعْدَ ظُهُورِهِ وَغَمْصُ الْحَقِّ وَرَدُّهُ، وَعَلَى مَنْ أَصَابَ مِنْهُمَا عَدَمُ التَّبَجُّحِ وَالدَّعْوَى، وَبَذَاءَةُ اللِّسَانِ الْمُؤَدِّيَةُ لِلتَّفَاقُمِ، وَلْيُجَادِلْ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ وَالْكَلَامِ اللِّينِ قَالَ تَعَالَى {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] .
وَفِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُبْطِلٌ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ تَرَكَهُ وَهُوَ مُحِقٌّ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي وَسَطِهَا، وَمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي أَعْلَاهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ.
وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلسُّيُوطِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ لِيَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إلَيْهِ فَهُوَ فِي النَّارِ» .
وَقَالَ سَيِّدِي أَحْمَدْ زَرُّوقٌ: وَإِيَّاكُمْ وَالدَّعْوَى فِي الْعِلْمِ أَوْ يَقُولُ أَحَدُكُمْ أَنَا عَالِمٌ، وَأَنَا خَيْرٌ مِنْك، وَأَنَا قَارِئٌ، فَإِنَّهُ قَدْ هَلَكَ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ ثَلَاثَةٌ: أَوَّلُ مَرَّةٍ قَالَهَا إبْلِيسُ