الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وُجُوبُ الْعَمَلِ بِالرَّاجِحِ، وَهُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْأُصُولِ فَلَا نُطِيلُ بِهِ، وَالثَّانِي قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ، وَاحْتَجِبِي عَنْهُ يَا سَوْدَةُ» ، وَصِحَّةُ الْحَدِيثِ، وَدَلَالَتُهُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ وَاضِحَةٌ عِنْدِي بَعْدَ تَأَمُّلِ مَا قُلْنَاهُ، وَفَهْمِ مَا قَرَّرْنَاهُ، وَالْجَوَابُ عَنْ الثَّالِثِ أَنَّهُ إعْمَالٌ لِدَلِيلِهِ مِنْ وَجْهٍ هُوَ فِيهِ أَرْجَحُ، وَلِدَلِيلِ غَيْرِهِ فِيمَا هُوَ فِيهِ أَرْجَحُ عِنْدَهُ حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ، وَحَسْبَمَا تَضَمَّنَهُ حَدِيثُ: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَالْعَمَلُ بِالدَّلِيلَيْنِ فِي كُلِّ مَا هُوَ فِيهِ أَرْجَحُ لَيْسَ إعْمَالًا لِأَحَدِهِمَا، وَتَرْكًا لِلْآخَرِ بَلْ هُوَ إعْمَالٌ لَهُمَا مَعًا حَسْبَمَا قَرَّرْنَاهُ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ فَظَهَرَ أَنَّ مُرَاعَاةَ الْخِلَافِ وَظِيفَةُ الْمُجْتَهِدِ لَا الْمُقَلِّدِ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ، وَتَحَيَّرَ فِيهَا مِنْ وُجُوهٍ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
[هَلْ الْعِدَّةُ تَنْقَضِي بِمُعَاشَرَةِ الْأَزْوَاجِ انْقِضَاءً كُلِّيًّا]
(مَا قَوْلُكُمْ) هَلْ الْعِدَّةُ تَنْقَضِي بِمُعَاشَرَةِ الْأَزْوَاجِ انْقِضَاءً كُلِّيًّا حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا، وَعَاشَرَهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ حَتَّى مَضَتْ الْعِدَّةُ، وَلَمْ يُرَاجِعْهَا، وَأَرْدَفَ عَلَيْهَا طَلَاقًا فَلَا يَلْحَقُ أَوْ تَنْقَضِي فِي مَسَائِلَ مَخْصُوصَةٍ فَمَا هِيَ، وَإِذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا عِنْدَنَا رَجْعِيًّا عِنْدَ غَيْرِنَا، وَعَاشَرَهَا بِلَا تَجْدِيدِ عَقْدٍ حَتَّى تَمَّتْ الْعِدَّةُ، وَأَرْدَفَهَا طَلَاقًا فَهَلْ يَلْحَقُهَا مُرَاعَاةً لِمَذْهَبِ الْغَيْرِ أَوْ لَا؟ وَهَلْ يُشْتَرَطُ قُوَّةُ الْخِلَافِ، وَمِنْ أَيْنَ لَنَا الِاطِّلَاعُ عَلَى الْخِلَافِ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ، وَمِنْ أَيْنَ لَنَا الِاطِّلَاعُ عَلَى قُوَّتِهِ، وَهَلْ لَا يَسُوغُ لَنَا الْقُدُومُ عَلَى حُكْمٍ فِي مَذْهَبِنَا حَتَّى نَعْرِفَ أَنَّهُ خِلَافِيٌّ أَوْ وِفَاقِيٌّ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ مُعَاشَرَةُ الْأَزْوَاجِ عِبَارَةٌ عَنْ الِاخْتِلَاءِ، وَمَا يَحْصُلُ فِيهِ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ، وَلَا يُعَدُّ رَجْعَةً عَلَى الْمَشْهُورِ إذَا تَجَرَّدَ عَنْ نِيَّتِهَا، وَتَنْقَضِي مَعَهُ الْعِدَّةُ، وَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْهُ، وَلَكِنْ إذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ انْقِضَائِهَا، وَهُوَ مُعَاشِرٌ لَهَا لَحِقَهَا طَلَاقُهُ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ وَاللَّيْثِ: إنَّ الْفِعْلَ الْمُجَرَّدَ عَنْ النِّيَّةِ رَجْعَةٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ أَبُو عِمْرَانَ، وَاسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ مَعَ التَّصْحِيحِ فَلَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا، وَعَاشَرَهَا كَذَلِكَ بِلَا رَجْعَةٍ، ثُمَّ طَلَّقَهَا لَحِقَهَا طَلَاقُهُ مُرَاعَاةً لِكَوْنِ الْمُعَاشَرَةِ كَذَلِكَ رَجْعَةً عِنْدَ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا بَائِنًا عِنْدَنَا رَجْعِيًّا عِنْدَ غَيْرِنَا، وَعَاشَرَهَا كَذَلِكَ بِلَا مُرَاجَعَةٍ، ثُمَّ طَلَّقَهَا لَحِقَهَا طَلَاقُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَلَوْ خَارِجَ الْمَذْهَبِ كَالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَمُرَاعَاةُ الْخِلَافِ وَظِيفَةُ الْمُجْتَهِدِ كَمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَمَعْنَاهَا أَنْ يَظْهَرَ لَهُ قُوَّةُ دَلِيلِ مُخَالِفِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلَازِمِ مَدْلُولِهِ الَّذِي أُعْمِلَ فِي نَقِيضِهِ دَلِيلًا آخَرَ لِقُوَّتِهِ عِنْدَهُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ فَيَعْمَلُ دَلِيلُ مُخَالِفِهِ فِي ذَلِكَ اللَّازِمِ فَلَا حِيرَةَ، وَلَا إشْكَالَ إلَّا عَلَى مَنْ جَهِلَ حَقِيقَةَ الْحَالِ، وَغَلِطَ فِي نَفْسِهِ ظَانًّا أَنَّهُ مِنْ الرِّجَالِ الَّذِينَ يُرَاعُونَ الْخِلَافَ.
وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ: هَلْ لَا يَسُوغُ لَنَا الْقُدُومُ إلَخْ إذْ يَجِبُ عَلَيْنَا الْعَمَلُ بِرَاجِحِ أَوْ مَشْهُورِ مَذْهَبِنَا، وَإِنْ لَمْ نَعْلَمْ دَلِيلَهُ، وَلَا قُوَّتَهُ، وَلَا الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ حُجَّةٌ عَلَيْنَا مَا دُمْنَا فِي رِبْقَةِ التَّقْلِيدِ، وَنَظَرْنَا فِي الْأَدِلَّةِ، وَالِاتِّفَاقِ، وَالِاخْتِلَافِ فُضُولٌ إذْ وَظِيفَتُنَا مَحْضُ التَّقْلِيدِ، وَاتِّبَاعُ الرَّاجِحِ أَوْ الْمَشْهُورِ، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى - أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَبْدُ الْبَاقِي مَازِجًا لِكَلَامِ الْمُخْتَصَرِ وَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى وَطْئِهَا بِلَا نِيَّةِ رَجْعَةٍ، وَمِثْلُهُ إذَا اكْتَفَى بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ، وَالِاسْتِمْرَارِ إنَّمَا وَقَعَ فِي السُّؤَالِ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ حَنِثَ فِيهَا بِالثَّلَاثِ أَوْ طَلَّقَهَا لَحِقَهَا طَلَاقُهُ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ بِصِحَّةِ رَجَعْتِهِ فَهُوَ كَمُطَلِّقٍ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا يَلْحَقُهَا إذْ قَدْ بَانَتْ مِنْهُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ
إذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا فَإِنْ أَسَرَتْهُ الْبَيِّنَةُ لَحِقَهَا اتِّفَاقًا قَالَهُ الْوَنْشَرِيسِيُّ:
وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّلَذُّذَ بِهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ بِلَا نِيَّةٍ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ طَلَاقَهُ اللَّاحِقَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ لَمْ يُكْمِلْ الثَّلَاثَ رَجْعِيٍّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبَتَاتٍ، وَلَا فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ، وَلَا بِلَفْظِ الْخُلْعُ، وَلَا فِي غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا، وَمَا كَانَ خَارِجًا عَمَّا ذَكَرَ رَجْعِيٌّ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ بَائِنٌ كَالطَّلَاقِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا لِلْوَنْشَرِيسِيِّ، وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ رَجْعِيًّا لُحُوقُ الطَّلَاقِ الْوَاقِعِ بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ تَثْبُتْ لَهُ الرَّجْعَةُ مَعَ جَعْلِ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.
وَإِنْ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ طَلَاقٌ بَعْدَهَا فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ، وَلَا كِسْوَةَ فِيمَا يَظْهَرُ لِصَيْرُورَتِهِ بَائِنًا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِعَدَمِ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا، وَالنَّفَقَةُ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ، وَانْظُرْ هَلْ تَأْتَنِفُ لِهَذَا الطَّلَاقِ عِدَّةٌ أَوْ تَكْتَفِي بِالْأُولَى بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ طَلَاقٌ وَقَعَ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ كَطَلَاقٍ وَقَعَ بَعْدَ رَجْعَةٍ، وَعَلَيْهِ فَيُقَالُ: لَنَا طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ لَحِقَ مُطَلَّقَةً رَجْعِيَّةً، وَائْتَنَفَتْ لَهُ عِدَّةٌ، وَهُوَ خِلَافُ مَا يَأْتِي فِي تَدَاخُلِ الْعَدَدِ، وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الطَّلَاقَ الْأَوَّلَ لُوحِظَ فِيهِ كَوْنُهُ بَائِنًا تَارَةً، وَرَجْعِيًّا أُخْرَى، ثُمَّ إذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا يُكْمِلُ الثَّلَاثَ بَعْدَ هَذَا الطَّلَاقِ اللَّاحِقِ لَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَفْسَخَ نِكَاحَهُ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ لَا يُرَاعَى مَرَّتَيْنِ كَمَا قَالُوا فِيمَنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا فِي مُخْتَلَفٍ فِي فَسَادِهِ، وَقَدْ شَبَّهُوا مَا هُنَا بِالْمُخْتَلَفِ فِيهِ اهـ الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ بَائِنٌ إلَخْ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ لِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَائِلَ بِلُحُوقِ هَذَا أَبُو عِمْرَانَ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ كَالطَّلَاقِ فِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَالطَّلَاقُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا يَكُونُ إلَّا بَائِنًا.
الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَجْعِيًّا لَلَزِمَ إقْرَارُهُ عَلَى الرَّجْعَةِ الْأُولَى، وَالْمَشْهُورُ بُطْلَانُهَا فَهُوَ بَائِنٌ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَمُرَاعَاةِ مَذْهَبِ ابْنِ وَهْبٍ إنَّمَا هِيَ فِي مُجَرَّدِ لُحُوقِ الطَّلَاقِ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ طَلَاقٌ وَقَعَ فِي عِدَّةٍ صَوَابُهُ كَطَلَاقٍ وَقَعَ بِكَافِ التَّشْبِيهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ابْنُ عَرَفَةَ أَجَابَ أَبُو عِمْرَانَ فِيمَنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً، وَتَمَادَى عَلَى وَطْئِهَا غَيْرَ مُرِيدٍ الرَّجْعَةَ، ثُمَّ حَنِثَ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ كَالطَّلَاقِ فِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِي فَسَادِهِ لِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ وَاللَّيْثِ قَالَ: وَعَلَى إلْغَاءِ وَطْئِهِ دُونَ نِيَّةٍ رَوَى مُحَمَّدٌ، وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ لَهُ مُرَاجَعَتُهَا فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْعِدَّةِ بِالْقَوْلِ، وَالْإِشْهَادِ، وَلَا يَطَؤُهَا إلَّا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ مَائِهِ الْفَاسِدِ بِثَلَاثِ حِيَضٍ ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا، وَبَنَى بِهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ فَفِي حُرْمَتِهَا عَلَيْهِ لِلْأَبَدِ قَوْلَانِ عَلَى كَوْنِ تَحْرِيمِ الْمَنْكُوحَةِ فِي الْعِدَّةِ بِمُجَرَّدِ تَعْجِيلِ النِّكَاحِ أَوْ بِهِ مَعَ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ أَخْبَرَتْهُ زَوْجَتُهُ بِأَنَّهُ لَا عَيْشَ فِي بَيْتِهِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا عَيْشَ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَتْ لَهُ عَيْشًا مِنْ بَيْتِهِ، ثُمَّ عَاشَرَهَا بِلَا رَجْعَةٍ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَهَلْ يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لَحِقَهَا طَلَاقُهُ إذْ الطَّلَاقُ الَّذِي حَلَفَ بِهِ عَلَى عَدَمِ الْعَيْشِ وَقَعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حَلِفَهُ ذَلِكَ لَغْوٌ، وَهُوَ لَا يُفِيدُ فِي غَيْرِ مَا يُوجِبُ كَفَّارَةَ يَمِينٍ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ: وَلَمْ يُفِدْ فِي غَيْرِ اللَّهِ، وَهُوَ رَجْعِيٌّ؛ لِأَنَّهُ فِي زَوْجَةٍ مَدْخُولٍ بِهَا بِلَا خُلْعٍ، وَلَا حُكْمٍ، وَهَذَا إنْ وَطِئَهَا بَعْدَهُ، وَإِلَّا فَلَا يَلْحَقُهُ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَشَرْحِهِ لِعَبْدِ الْبَاقِي، وَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى وَطْئِهَا بِلَا نِيَّةِ رَجْعَةٍ، وَمِثْلُهُ إذَا اكْتَفَى بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ، وَالِاسْتِمْرَارِ إنَّمَا وَقَعَ فِي السُّؤَالِ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ حَنِثَ فِيهَا بِالثَّلَاثِ أَوْ طَلَّقَهَا لَحِقَهَا طَلَاقُهُ، ثُمَّ قَالَ: وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنْ تَلَذَّذَ بِهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ بِلَا نِيَّةٍ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ أَيْضًا، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى - أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ قَالَ لِمُطَلَّقَتِهِ رَجْعِيًّا فِي عِدَّتِهَا إنْ كُنْت عَلَى ذِمَّتِي فَأَنْت طَالِقٌ فَمَاذَا يَلْزَمُهُ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَزِمَهُ طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ؛ إذْ الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ لَكِنْ يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا، وَالدُّخُولُ عَلَيْهَا، وَالْأَكْلُ مَعَهَا، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى - أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَسَبَقَ فِي هَذِهِ النَّوَازِلِ الْجَوَابُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ قَطَعَ الْعِصْمَةَ، وَأَخْرَجَ الْمَرْأَةَ عَنْ كَوْنِهَا عَلَى ذِمَّتِهِ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ، وَغَيْرِهِ، وَلَكِنْ مَا هُنَا أَحْوَطُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي الْعِدَّةِ هَلْ تَنْقَضِي مَعَ الْمُعَاشَرَةِ، وَإِذَا قُلْتُمْ لَا تَنْقَضِي مَعَهَا فَمَا مَعْنَى قَوْلِ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ، وَإِنْ اسْتَمَرَّ، وَانْقَضَتْ لَحِقَهَا طَلَاقُهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ بِظَاهِرِهِ يُفِيدُ الِانْقِضَاءَ مَعَ الْمُعَاشَرَةِ، وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِتَرَتُّبِ هَذَا الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ بِأَنَّ الْوَطْءَ رَجْعَةٌ بَلْ كَانَ لُحُوقُهُ مُطْلَقًا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ الْعِدَّةُ لَهَا أَحْكَامٌ مِنْهَا مَنْعُ النِّكَاحِ، وَمِنْهَا لُحُوقُ الطَّلَاقِ إنْ كَانَتْ مِنْ رَجْعِيٍّ، وَالْمُعَاشَرَةُ تَهْدِمُهَا، وَتَنُوبُ عَنْهَا فِي مَنْعِ النِّكَاحِ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ فِيهِ اسْتِبْرَاءُ الْمُعَاشَرَةِ لِإِتْمَامِ الْعِدَّةِ فَإِذَا طَلَّقَهَا، وَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ وَطْئًا حَرَامًا، وَتَمَّتْ الْعِدَّةُ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ قَبْلَ تَمَامِ الِاسْتِبْرَاءِ بِأَحَدِهِمَا فَلَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ حَتَّى يَتِمَّ الِاسْتِبْرَاءُ، وَهَذَا هُوَ مُرَادُنَا بِقَوْلِنَا: لَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ مَعَ الْمُعَاشَرَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنْ طَرَأَ عِدَّةٌ أَوْ اسْتِبْرَاءٌ عَلَى مِثْلِهِ انْهَدَمَ الْأَوَّلُ، وَائْتَنَفَتْ لِلثَّانِي، ثُمَّ قَالَ: وَكَمُعْتَدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ وُطِئَتْ فَاسِدًا، وَهَلْ الْمُعَاشَرَةُ تَهْدِمُهَا، وَتَنُوبُ عَنْهَا فِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ أَيْضًا أَوْ لَا؟ خِلَافٌ مَشْهُورُهُ الثَّانِي وَعَلَيْهِ إذَا تَمَّتْ الْعِدَّةُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، وَاسْتَمَرَّتْ الْمُعَاشَرَةُ أَوْ اسْتِبْرَاؤُهَا، وَأَنْشَأَ طَلَاقًا أَوْ حَنِثَ بِهِ فَهَلْ يَلْحَقُهُ مُرَاعَاةً لِلْأَوَّلِ أَوْ لَا قَوْلَانِ.
فَمَعْنَى قَوْلِنَا لَا تَنْقَضِي مَعَ الْمُعَاشَرَةِ لَا يَزُولُ حُكْمُهَا، وَهُوَ مَنْعُ النِّكَاحِ بِفَرَاغِهَا حِسًّا مَعَ الْمُعَاشَرَةِ لِخَلْفِ الْمُعَاشَرَةِ عَنْهَا فِيهِ إذْ فَرَاغُهَا حِسًّا لَا يُنْكِرُهُ عَاقِلٌ بَعْدَ تَحَقُّقِهِ، وَوُقُوعِهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ، وَانْقَضَتْ أَيْ فَرَغَتْ، وَتَمَّتْ حِسًّا بِتَمَامِ الْأَشْهُرِ أَوْ الْأَقْرَاءِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ انْقَضَتْ حُكْمًا بِحِلِّ النِّكَاحِ لِقَوْلِهِ فِي التَّدَاخُلِ إنْ طَرَأَ مُوجِبٌ عَلَى آخَرَ انْهَدَمَ الْأَوَّلُ، وَائْتَنَفَتْ لِلثَّانِي كَمُعْتَدَّةِ طَلَاقٍ وُطِئَتْ فَاسِدًا فَلَا إشْكَالَ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا قَبْلَهُ، وَتَمَّتْ عِدَّتُهُ قَبْلَ طَلَاقِهَا ثَلَاثًا، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِذَلِكَ فَهَلْ لَا يُصَدَّقُ سَوَاءٌ كَانَ مُعَاشِرًا لَهَا أَمْ لَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ لَا يُصَدَّقُ سَوَاءٌ كَانَ مُعَاشِرًا لَهَا أَمْ لَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَدْ أَجَابَ الشَّيْخُ حَسَنٌ الْجِدَّاوِيُّ بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَيْثُ ثَبَتَ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ، وَدَعْوَاهُ شَيْئًا خِلَافَ ذَلِكَ يُرِيدُ بِهِ عَدَمَ حُرْمَتِهَا عَلَيْهِ بِالثَّلَاثِ لَا تَنْفَعُهُ، وَلَا يُعْمَلُ بِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَوَافَقَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الدَّرْدِيرُ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى، وَأَجَابَ بِذَلِكَ غَيْرُهُمَا أَيْضًا، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ إنْ اشْتَرَيْت كَذَا تَكُونِي خَالِصَةً فَوَكَّلَتْ
مَنْ اشْتَرَاهُ لَهَا فَمَا حُكْمُ هَذَا الطَّلَاقِ، وَمَاذَا يَلْزَمُ الْحَالِفَ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ حُكْمُ هَذَا الطَّلَاقِ اللُّزُومُ لِقَوْلِ الْمُخْتَصَرِ: وَبِتَوْكِيلِهِ فِي لَا يَفْعَلُهُ، ثُمَّ إنْ جَرَى الْعُرْفُ بِاسْتِعْمَالِ كَلِمَةِ خَالِصَةٍ فِي الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَوْ نَوَاهُ الْحَالِفُ بِهَا فَاللَّازِمُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ، وَإِنْ انْتَفَيَا فَاَلَّذِي اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ الْعَدَوِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْأَمِيرُ أَنَّ اللَّازِمَ بِهَا الطَّلَاقُ الْبَائِنُ فَتَحِلُّ لَهُ بِعَقْدٍ بِأَرْكَانِهِ، وَشُرُوطِهِ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ مَا يَتِمُّ ثَلَاثًا بِهَذَا، وَأَمَّا الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ الَّذِي حَلَفَ بِهِ فَلَمْ يَقَعْ لِتَعْلِيقِهِ عَلَى مَجْمُوعِ شَيْئَيْنِ لَمْ يَحْصُلْ أَحَدُهُمَا الشِّرَاءُ، وَعَدَمُ كَوْنِهَا خَالِصَةٍ، وَقَدْ كَانَتْ خَالِصَةً بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ، وَهَذَا مِنْ تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ إنْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت إنْ دَخَلْت فَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِهِمَا.
قَالَ: الْأُجْهُورِيُّ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ فَفَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ابْنُ عَرَفَةَ تَعْلِيقُ التَّعْلِيقِ تَعْلِيقٌ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ كَإِنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَانَتْ لِزَيْدٍ، وَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِدُخُولِهَا مَعَ كَوْنِهَا لِزَيْدٍ، وَلَوْ عَلَى التَّحْنِيثِ بِالْأَقَلِّ اعْتِبَارًا بِالتَّعْلِيقَيْنِ، وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ اخْتِلَافٌ مَذْكُورٌ فِي إيلَائِهَا، وَفِي كَوْنِ الْحَلِفِ عَلَى التَّعْلِيقِ حَلِفًا عَلَيْهِ فَيُخَيَّرُ إنْ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ بَيْنَ حِنْثِ الْيَمِينِ، وَحِنْثِ التَّعْلِيقِ أَوْ تَأْكِيدًا لِلتَّعْلِيقِ فَيُتَنَجَّزُ بِالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ حِنْثُ التَّعْلِيقِ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَأَقَلِّهِمْ، ثُمَّ قَالَ: وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ: مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ إنْ شَارَرْت أُمِّي، وَخَرَجْت مِنْ الدَّارِ إنْ خَرَجْت إلَّا كَخُرُوجِهَا فَشَارَرَتْهَا، وَخَرَجَتْ الْأُمُّ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِهَذَا أَفْتَى أَصْحَابُنَا، وَخَالَفَهُمْ الْفَقِيهُ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حَمْدِينَ، وَرَأَى أَنَّهَا طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَقَضَى بِهِ عَلَى الْحَالِفِ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: أَفْتَى بَعْضُ الشُّيُوخِ فِي نَازِلَةٍ كَثِيرَةِ الْوُقُوعِ، وَهِيَ قَوْلُ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ: بِاَللَّهِ إنْ فَعَلْت كَذَا إنْ كُنْت لِي بِامْرَأَةٍ أَوْ عَلَى الْمَشْيِ إنْ فَعَلْت كَذَا إنْ كُنْت لِي بِامْرَأَةٍ أَنَّ الطَّلَاقَ لَزِمَ بِقَوْلِهِ إنْ كُنْت لِي بِامْرَأَةٍ، وَلَا يَرَاهُمَا عَقْدَ يَمِينٍ قَائِلًا مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ حَلَفَ أَنَّهُ قَدْ طَلَّقَهَا، وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا يَمِينٌ مُنْعَقِدَةٌ يَصِحُّ فِيهَا الْبِرُّ، وَالْحِنْثُ، وَمَعْنَاهَا، وَاَللَّهِ أَوْ عَلَى الْمَشْيِ إنْ فَعَلْت كَذَا لَأُطَلِّقَنَّكِ طَلَاقًا لَا تَكُونِينَ بِهِ امْرَأَةً فَيَبَرُّ فِي يَمِينِهِ بِأَنْ يُبَارِئَهَا بِطَلْقَةٍ تَمْلِكُ بِهَا نَفْسَهَا، وَتَرْتِيبُهُ عَلَى مُقَدَّرٍ بِإِنْ، وَنَحْوُهَا ظَاهِرٌ فِي تَعْلِيقِهِ لَا فِي بَتِّهِ، وَلَا مُحْتَمَلَ لَهُمَا خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ اهـ أَقُولُ: لَا يَخْفَى أَنَّ الْحَلِفَ عَلَى التَّعْلِيقِ إذَا كَانَ حَلِفًا عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ كَانَ مِنْ أَفْرَادِ تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ؛ إذْ هُوَ تَعْلِيقٌ عَلَى مَجْمُوعِ أَمْرَيْنِ تَحَقُّقِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، وَانْتِفَاءِ الْمُعَلَّقِ فَمَعْنَى عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ إنْ اشْتَرَيْت كَذَا تَكُونِي خَالِصَةً إنْ اشْتَرَيْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لَمْ تَكُونِي خَالِصَةً فَلَا يَحْنَثُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ إلَّا بِالشِّرَاءِ مَعَ كَوْنِهَا غَيْرَ خَالِصَةٍ فَفَتْوَانَا، وَفَتْوَى الْأُجْهُورِيِّ ظَاهِرَةٌ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ أَيْضًا، وَلَا خَفَاءَ فِي ظُهُورِهِمَا عَلَى قَوْلِ الْأَقَلِّ إنَّهُ تَأْكِيدٌ لِلتَّعْلِيقِ.
فَإِنْ قُلْت: الْحَلِفُ عَلَى أَمْرٍ تَأْكِيدٌ لَهُ فَالْمُقَابَلَةُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ.
قُلْت: بَلْ هِيَ ظَاهِرَةٌ إذْ الْحَلِفُ أَخَصُّ مِنْ التَّوْكِيدِ فَمَعْنَى قَوْلِ الْأَقَلِّ: إنَّهُ تَوْكِيدٌ مُجَرَّدٌ عَنْ الْحَلِفِ أَيْ: الْغَرَضُ مِنْهُ مُجَرَّدُ التَّوْكِيدِ لَا الْحَلِفُ، وَالتَّعْلِيقُ الْمُعَرِّضُ لِلْحِنْثِ، وَالْبِرِّ فَهُوَ كَالتَّوْكِيدِ اللَّفْظِيِّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّخْيِيرَ بَيْنَ حِنْثِ الْيَمِينِ، وَحِنْثِ التَّعْلِيقِ إنْ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مَحَلَّهُ إنْ عَلَّقَ إنْشَاءَ الطَّلَاقِ بِأَنْ قَالَ: عَلَيْهِ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا أَوْ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ أَوْ الْكَفَّارَةُ إنْ فَعَلْت كَذَا لَأُطَلِّقَنَّكِ
أَمَّا إنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ حَالِفًا عَلَيْهِ فَلَا يَتَأَتَّى تَخْيِيرُهُ بَيْنَهُمَا إنْ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ إذْ بِمُجَرَّدِ وُقُوعِهِ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ، وَبَرَّ فِي حَلِفِهِ فَلَا يَتَأَتَّى حِنْثُهُ فِيهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي كَافِلِ بِنْتِ أُخْتِهِ الْيَتِيمَةِ الْمُهْمَلَةِ، زَوَّجَهَا لِخَوْفِ فَسَادِهَا، ثُمَّ أَبْرَأَ زَوْجَهَا بَعْدَ دُخُولِهِ مِنْ مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا لِيُطَلِّقَهَا لِمُخَالَفَةٍ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ بَعْدَ طَلَاقِهَا عَلَى ذَلِكَ طَلَبَتْ مِنْ الزَّوْجِ الْمُؤَخَّرِ فَاتَّفَقَ الْمُفْتُونَ عَلَى غُرْمِهِ لَهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي رُجُوعِهِ بِهِ عَلَى الْكَافِلِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ عَلَيْهِ أَخْذًا مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِ الْمُخْتَصَرِ، وَجَازَ مِنْ الْأَبِ عَنْ الْمُجْبَرَةِ فَهُوَ كَمَنْ خَالَعَ بِمَالٍ مَغْصُوبٍ مَعَ عِلْمِهِ بِغَصْبِهِ، وَقَالَ آخَرُونَ: لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَيْهِ لِقَوْلِ ابْنِ سَلْمُونٍ: إنَّ عَقَدَ الْخُلْعَ عَلَى الْبِنْتِ أَوْ غَيْرِهَا وَلِيٌّ أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَلَهَا الرُّجُوعُ عَلَى زَوْجِهَا، وَالطَّلَاقُ مَاضٍ، وَهَلْ يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الَّذِي عَقَدَ مَعَهُ الْخُلْعَ إذَا لَمْ يَضْمَنْ ذَلِكَ أَمْ لَا فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.
أَحَدُهَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ لَهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَهُ فِي الطَّلَاقِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ فِي صُلْحِ الْمُدَوَّنَةِ.
، وَالثَّانِي لَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ لَهُ الضَّمَانَ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهَا أَيْضًا، وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ فِي إرْخَاءِ سُتُورِهَا.
، وَالثَّالِثُ: إنْ كَانَ ابْنًا أَوْ أَبًا أَوْ أَخًا أَوْ قَرِيبًا لِلزَّوْجَةِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ دِينَارٍ اهـ.
قَالَ الْبَعْضُ الْأَوَّلُ: كَلَامُ ابْنِ سَلْمُونٍ مُجْمَلٌ فِي غَايَةِ الْإِجْمَالِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَبَ، وَالْوَصِيَّ الْمُجْبَرَ يَضْمَنَانِ إنْ خَالَعَا مَعَهُ عَنْ الْمُجْبَرَةِ فَبَيِّنُوا لَنَا الْحُكْمَ بَيَانًا شَافِيًا، وَفَصِّلُوا لَنَا كَلَامَ ابْنِ سَلْمُونٍ تَفْصِيلًا يُزِيلُ إشْكَالَهُ، وَأَيِّدُوهُ بِالنُّقُولِ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَصُّ ابْنُ سَلْمُونٍ فَإِنْ عَقَدَ الْخُلْعَ عَلَى الْيَتِيمَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَلِيٌّ أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَلَهَا الرُّجُوعُ عَلَى زَوْجِهَا، وَالطَّلَاقُ مَاضٍ، وَهَلْ يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الَّذِي عَقَدَ مَعَهُ الْخُلْعَ إذَا لَمْ يَضْمَنْ ذَلِكَ أَمْ لَا فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَمِنَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَهُ فِي الطَّلَاقِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَوْلُ أَصْبَغَ فِي الْوَاضِحَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ لَهُ الضَّمَانَ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ فِي كِتَاب إرْخَاءِ السُّتُورِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ أَيْضًا.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ إنْ كَانَ أَبًا أَوْ ابْنًا أَوْ أَخًا أَوْ مَنْ لَهُ قَرَابَةٌ لِلزَّوْجَةِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ دِينَارٍ اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا إجْمَالَ فِيهِ، وَقَوْلُهُ هَلْ مُرَادُهُ بِهِ غَيْرُ الْمُجْبَرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِنَحْوِ وَرَقَتَيْنِ: لَا يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يُمْضِيَ الْخُلْعَ فِيهَا دُونَ إذْنِهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي وِلَايَتِهِ إذَا كَانَتْ ثَيِّبًا عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَلَهُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ يَمْلِكُ الْإِجْبَارَ فِي النِّكَاحِ كَالسَّيِّدِ فِي الْأَمَةِ، وَغَيْرِهِ يَجُوزُ لَهُ الْإِسْقَاطُ لِذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237] وَلَيْسَ ذَلِكَ لِوَصِيِّ الْأَبِ، وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ إجَازَةَ ذَلِكَ إذَا كَانَ فَعَلَهُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ، وَقَالَ أَصْبَغُ: إنْ كَانَ بِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لِلْوَصِيِّ فِعْلُهُ فِي الْبِكْرِ، وَالْمَعْمُولُ بِهِ مَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ.
ثُمَّ قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً دُونَ بُلُوغٍ زَوَّجَهَا أَبُوهَا، ثُمَّ مَاتَ، وَقَدْ أَوْصَى بِهَا فَلَا يَجُوزُ خُلْعُهَا، وَإِنْ أَمْضَى ذَلِكَ عَلَيْهَا، وَلَا يَسُوغُ لِوَصِيِّهَا فِعْلُ ذَلِكَ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ كَالْبِكْرِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ، وَقِيلَ: يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا كَانَ نَظَرًا كَمَا تَقَدَّمَ اهـ.
وَحَاصِلُ
مَا أَفَادَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ أَنَّ خُلْعَ الْمُجْبِرِ مَاضٍ لَازِمٌ لِلزَّوْجَةِ فَلَيْسَ لَهَا الرُّجُوعُ بِالْمُخَالَعِ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ، وَلَا عَلَى الْمُجْبِرِ، وَخُلْعُ غَيْرِهِ وَلِيًّا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا غَيْرَ لَازِمٍ لَهَا فَلَهَا الرُّجُوعُ بِالْمُخَالَعِ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ، وَفِي رُجُوعِ الزَّوْجِ بِمَا غَرِمَهُ لَهَا عَلَى مَنْ عَقَدَ الْخُلْعَ مَعَهُ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ، وَعَاقِدُ الْخُلْعِ فِي النَّازِلَةِ لَيْسَ مُجْبَرًا فَخُلْعُهُ لَيْسَ لَازِمًا لِلزَّوْجَةِ فَلَهَا الرُّجُوعُ بِالْمُخَالَعِ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ فَإِنْ رَجَعَتْ بِهِ عَلَيْهِ فَفِي رُجُوعُهُ عَلَى الْكَافِلِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ.
وَقَدْ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَنَصُّهُ: وَفِيهَا لِلْأَبِ أَنْ يُخَالِعَ عَلَى ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ بِإِسْقَاطِ كُلِّ الْمَهْرِ، وَإِنْ خَالَعَ بِهِ عَنْهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ قَبْلَ بُلُوغِهَا جَازَ عَلَيْهَا كَالْبِكْرِ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا تَأَيَّمَتْ قَبْلَ الْبُلُوغِ، ثُمَّ بَلَغَتْ فَقِيلَ: يَجْبُرُهَا عَلَى النِّكَاحِ فَعَلَيْهِ لَهُ أَنْ يُخَالِعَ عَنْهَا، وَقِيلَ: لَا يَجْبُرُهَا فَلَا يُخَالِعُ عَنْهَا، وَفِي خُلْعِ الْوَصِيِّ عَنْ يَتِيمَتِهِ، وَإِنْ زَوَّجَهَا أَبُوهَا قَبْلَ إيصَائِهِ إلَيْهِ لِرِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ إجَازَةَ مَالِكٍ ذَلِكَ إذَا كَانَ نَظَرًا مَعَ قَوْلِ أَصْبَغَ إنْ خَالَعَ عَمَّنْ فِي وِلَايَتِهِ بِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الْمَهْرِ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِفَسَادٍ وَقَعَ أَوْ ضَرَرٍ، وَلِرِوَايَتِهَا وَلِعِيسَى عَنْ رُجُوعِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَى جَوَازِ مُبَارَأَةِ الْوَصِيِّ، وَالسُّلْطَانِ عَلَى الصَّغِيرَةِ إنْ كَانَ حَسَنَ نَظَرٍ، وَهُوَ أَحْسَنُ، وَعَلَى الثَّانِي الْمَشْهُورِ قَالَ ابْنُ فَتْحُونٍ وَالْمُتَيْطِيُّ: لِلْمَحْجُورَةِ أَنْ تُخَالِعَ بِإِذْنِ وَلِيِّهَا أَوْ وَصِيِّهَا، وَيَقُولُ بَعْدَ إذْنِهِ لِمَا رَآهُ مِنْ الْغِبْطَةِ.
وَفِي اخْتِصَارِ الْوَاضِحَةِ قَالَ فَضْلٌ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: تَجُوزُ مُبَارَأَةُ الْوَصِيِّ عَنْ الْبِكْرِ بِرِضَاهَا.
قُلْت فَالْأَرْجَحُ عَقْدُهُ عَلَى الْوَصِيِّ بِرِضَاهَا لَا عَلَيْهَا بِإِذْنِهِ خِلَافَ قَصْرِهِ بَعْضُهُمْ عَلَيْهَا بِإِذْنِهِ اتِّبَاعًا لِلَفْظِ الْمُوَثِّقِينَ، وَأَظُنُّهُ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا، وَعَلَيْهِ لَوْ بَارَأَ غَيْرُ الْأَبِ عَنْ الْبِكْرِ قَالَ فِي اخْتِصَارِ الْوَاضِحَةِ: الطَّلَاقُ نَافِذٌ، وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ بِمَا يَرُدُّهُ لِلزَّوْجَةِ عَلَى مَنْ بَارَأَهُ عَنْهَا، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ضَمَانَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَلِّي، وَضْعَهُ عَنْهُ، وَفِي خُلْعِ الْأَبِ عَنْ ابْنَتِهِ الثَّيِّبِ فِي حِجْرِهِ كَالْبِكْرِ، وَوَقْفِهِ عَلَى إذْنِهِ اخْتِيَارُ الْمُتَيْطِيِّ مَعَ نَقْلِهِ عَنْ ابْنِ زَمَنِينَ قَائِلًا عَلَيْهِ جَرَتْ عَادَةُ فُتْيَا شُيُوخِنَا، وَفُقَهَائِنَا، وَاخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ، وَقَوْلِ ابْنِ الْعَطَّارِ وَابْنِ الْهِنْدِيِّ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُوَثِّقِينَ اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ابْنُ سَلْمُونٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبٌ، وَلَا وَصِيٌّ مِنْ قِبَلِ أَبٍ أَوْ سُلْطَانٍ فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ عَلَيْهَا إذَا كَانَ مَا صَالَحَتْهُ بِهِ صُلْحُ مِثْلِهَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَوْ بَعْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سَحْنُونَ، وَبِهِ الْقَضَاءُ، وَقَالَ أَصْبَغُ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيْهَا، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ سَعْدُونٍ فِي شَرْحِهِ لِرِزْمَةِ النِّكَاحِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا اشْتَرَطَ فِي هَذِهِ الْيَتِيمَةِ الَّتِي لَا، وَصِيَّ لَهَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَصِحَّ لَهُ الْخُلْعُ عَلَى مَا وَقَعَ فَالْعِصْمَةُ بَاقِيَةٌ غَيْرُ مُنْفَصِلَةٍ فَإِنَّ شَرْطُهُ يَنْفَعُهُ فَمَتَى طَلَبَتْ مَا أَخَذَ كَانَتْ زَوْجَةً لَهُ كَمَا كَانَتْ اهـ.
ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ الْقَاسِمِ إنْ صَالَحَتْ الصَّبِيَّةُ الَّتِي تُوطَأُ، وَلَمْ تَبْلُغْ الْمَحِيضَ بِمَالٍ دَفَعَتْهُ لِلزَّوْجِ جَازَ، وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ، وَكَانَ لَهُ مَا أَعْطَتْهُ ابْنُ رُشْدٍ مِثْلَهُ رَوَى ابْنُ نَافِعٍ، وَزَادَ إنْ أَعْطَتْهُ مَالًا يُخْتَلَعُ بِهِ مِثْلُهَا رُدَّ جَمِيعُهُ، وَنَفَذَ طَلَاقُهَا، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بْنُ مُحَمَّدٍ مَعْرُوفُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا رَدُّ الْمَالَ، وَإِمْضَاءُ الْخُلْعِ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْوَاضِحَةِ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ إذَا كَانَ مَا خَالَعَتْ بِهِ لَيْسَ خُلْعَ مِثْلِهَا إنَّمَا الْخِلَافُ فِي خُلْعِ مِثْلِهَا فَالْقَوْلُ بِنُفُوذِهِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ نَظَرٍ لَوْ ادَّعَى لَهُ الْوَصِيُّ ابْتِدَاءَ فِعْلِهِ، وَالْأَوَّلُ الْمَشْهُورُ.
وَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَقِبَهَا قَالَ سَحْنُونٌ إنْ كَرِهَتْ الْيَتِيمَةُ الْبَالِغَةُ زَوْجَهَا فَافْتَدَتْ مِنْهُ قَبْلَ