الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعَيْبِ لَهُ، وَبَيْعُهُ السِّلْعَةَ بِذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُ بِهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ فَيُجْبَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ أَيْضًا رضي الله عنه بِمَا نَصُّهُ) مَا قَوْلُكُمْ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ صَارِيًا ثُمَّ بَاعَهُ لِآخَرَ، وَأَقَامَهُ الثَّانِي فِي مَرْكَبِهِ، وَبَعْدَ سِنِينَ قَامَ عَمُّ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، وَادَّعَى أَنَّهُ الْمَالِكُ لِلصَّارِي، وَأَنَّ ابْنَ أَخِيهِ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ يُرِيدُ نَقْضَ الْبَيْعِ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ حُضُورِهِ، وَعَدَمِ عُذْرِهِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
(فَأَجَابَهُ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ حَيْثُ إنَّ الْمُدَّعِيَ الْمَذْكُورَ عَلِمَ بِالْبَيْعِ وَسَكَتَ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ بِلَا عُذْرٍ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَيُمْنَعُ قَهْرًا عَنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ أَيْضًا رحمه الله بِمَا نَصُّهُ) مَا قَوْلُكُمْ فِي رَجُلٍ بَاعَ لِآخَرَ جَارِيَةً، وَتَرَاضَى مَعَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بِثَمَنِهَا عَرْضًا بِعَقْدٍ آخَرَ، وَفَعَلَ، وَكَانَ بِيَدِ هَذِهِ الْجَارِيَةِ شَيْءٌ يُشْبِهُ الْجُذَامَ رَآهُ الْمُشْتَرِي، وَرَضِيَ بِهِ ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ ادَّعَى أَنَّهُ جُذَامٌ، وَأَنَّهُ كَانَ يَجْهَلُهُ يَوْمَ رُؤْيَتِهِ، وَيَظُنُّهُ شَيْئًا آخَرَ، وَلِذَلِكَ رَضِيَ بِهِ، وَأَرَادَ رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ فَهَلْ عِلْمُهُ بِكَوْنِ هَذَا مِنْ عُمُومِ الْعَيْبِ مَعَ جَهْلِ حَقِيقَتِهِ يَمْنَعُهُ مِنْ رَدِّهَا، وَهَلْ عَقْدُ الْعَرْضِ بِثَمَنِهَا عَلَى فَرْضِ أَنَّ لَهُ رَدَّهَا لِصَاحِبِهَا فَسَخَهُ لِكَوْنِهِ غَبْنٌ فِيهِ لِأَجْلِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ، وَعَلَيْهِ بَدَلُ هَذَا الْعَرْضِ إذَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ إذَا كَانَ الْبَائِعُ يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا جُذَامٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ لِلْمُشْتَرِي أَنَّهُ جُذَامٌ، وَقَالَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ هُوَ جُذَامٌ حَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ جَهِلَ أَنَّهُ جُذَامٌ، وَلَهُ رَدُّ الْجَارِيَةِ لِأَنَّ الْبَائِعَ إذَا عَلِمَ الْعَيْبَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ حَقِيقَتَهُ تَفْصِيلًا، وَإِلَّا كَانَ غَاشًّا، وَإِذَا رُدَّتْ الْجَارِيَةُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالْعَرْضِ الَّذِي خَرَجَ مِنْ يَدِهِ أَوْ بَدَلِهِ إنْ فَاتَ لِأَنَّهُمَا لَمَّا شَرَطَا ذَلِكَ قَبْلَ الْبَيْعِ صَارَ الثَّمَنُ الَّذِي خَرَجَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي، وَعَادَ إلَيْهَا كَالْعَدَمِ عَلَى قَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ أَيْضًا بِمَا نَصُّهُ) مَا قَوْلُكُمْ فِي امْرَأَةٍ لَهَا أُخْتٌ قَاصِرَةٌ بَاعَتَا شَجَرًا لَهُمَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ الْقَاصِرَةُ، وَبَلَغَتْ، وَمَضَتْ مُدَّةٌ مِنْ السِّنِينَ، وَهِيَ بَالِغَةٌ سَاكِتَةٌ هِيَ، وَزَوْجُهَا مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ يَمْنَعُهَا مِنْ الرَّدِّ ثُمَّ أَرَادَتْ الرُّجُوعَ فَهَلْ لَا تُجَابُ لِذَلِكَ، وَيُعَدُّ سُكُوتُهَا الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ رِضًا مِنْهَا بِإِمْضَاءِ الْبَيْعِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ حَيْثُ سَكَتَتْ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ بَعْدَ رُشْدِهَا بِلَا عُذْرٍ فَلَا رَدَّ لَهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ أَيْضًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَا نَصُّهُ) مَا قَوْلُكُمْ فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَعَمٍّ، وَتَرَكَ دَارًا، وَعَلَيْهِ لِزَوْجَتِهِ دَيْنٌ شَرْعِيٌّ فَبَاعَتْ الزَّوْجَةُ الدَّارَ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ فَسَكَنَهَا الْمُشْتَرِي، وَصَارَ يَهْدِمُ وَيَبْنِي فِيهَا مُدَّةَ عَشْرِ سِنِينَ، وَالْعَمُّ حَاضِرٌ سَاكِتٌ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ، وَبَعْدَ تِلْكَ الْمُدَّةِ أَرَادَ إبْطَالَ الْبَيْعِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ فَهَلْ لَا يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ، وَيُمْنَعُ مِنْ تَعَرُّضِهِ.
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ حَيْثُ عَلِمَ الْعَمُّ بِالْبَيْعِ، وَسَكَتَ بَعْدَ عِلْمِهِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ بِلَا عُذْرٍ فَلَا يَسُوغُ إبْطَالُ الْبَيْعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ أَيْضًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) عَمَّنْ بَاعَ نِصْفَ فَرَسٍ، وَشَرَطَ أَنَّ ثَمَنَهَا مِنْ ظَهْرِهَا، وَكُلْفَتَهَا عَلَى الْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ النَّيْلِ لِكَوْنِهَا لَهَا بَالٌ فَهَلْ إذَا رَدَّ هَذَا الْعَقْدَ قَبْلَ الْمَفُوتِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالْكُلْفَةِ، وَإِنْ فَاتَ فَهَلْ يَمْضِي بِالثَّمَنِ، وَفَوْتُهُ بِأَيِّ شَيْءٍ.
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالْكُلْفَةِ، وَإِذَا فَاتَ مَضَى بِالْقِيمَةِ، وَفَوَاتُهُ بِحَوَالَةِ السَّوْقِ أَوْ مُكْثِ الْحَيَوَانِ شَهْرًا بِيَدِ الْمُشْتَرِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَاعَ نِصْفَ دَابَّةٍ وَالثَّمَنُ مِنْ أَوْلَادِهَا]
(وَسُئِلَ أَيْضًا) عَمَّنْ بَاعَ نِصْفَ دَابَّةٍ، وَالثَّمَنُ مِنْ أَوْلَادِهَا.
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ يُرَدُّ، وَهُوَ مِنْ حَبَلِ الْحَبَلَةِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ الشَّارِعُ، وَإِذَا فَاتَ مَضَى بِالْقِيمَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ أَيْضًا) عَنْ بَيْعِ نِصْفِ حِصَّةِ زَرْعٍ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الطَّعَامِ، وَشَرَطَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي دَفْعَ قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ كُلَّ يَوْمٍ إلَى
تَمَامِ نِتَاجِ الزَّرْعِ وَسِقَايَتِهِ وَتَنْقِيَتِهِ وَجَمِيعِ عِلَاجِهِ إلَى أَنْ يَمْلِكَهُ لَهُ فَهَلْ هَذَا الْبَيْعُ فَاسِدٌ إذَا قُلْتُمْ بِفَسَادِهِ فَهَلْ يَمْضِي بِبُدُوِّ صَلَاحِهِ، وَيُقْضَى لِلْمُشْتَرِي بِهِ.
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ خُصُوصًا إذَا كَانَ الثَّمَنُ طَعَامًا لِأَنَّهُ مِنْ رِبَا النَّسَاءِ، وَلَا يَمْضِي إلَّا إذَا سَلِمَ مِنْ الرِّبَا بِأَنْ كَانَ الْمُثَمَّنُ غَيْرَ طَعَامٍ، وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الزَّرْعَ، وَكَانَ الْعَقْدُ بَعْدَ الْإِفْرَاكِ، وَقَبْلَ الْيُبْسِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ أَيْضًا) عَمَّنْ أَعْطَى نِصْفَ دَابَّةٍ فِي نَظِيرِ كُلْفَتِهَا
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ لِلْجَهْلِ بِالثَّمَنِ قَدْرًا أَوْ أَجَلًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ أَيْضًا) عَمَّنْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ أَوْ رَهَنَ لِرَجُلَيْنِ عَلَى التَّعَاقُبِ، وَلَمْ يَعْلَمْ السَّابِقُ.
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ عَلَى السَّبْقِيَّةِ، وَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَاعِدَةِ مَالٍ تَنَازَعَهُ اثْنَانِ، وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ، وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى حَيَوَانًا بَتًّا مِنْ آخَرَ مِنْ بَلْدَةٍ أُخْرَى، وَالْحَالُ أَنَّ الْحَيَوَانَ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ يَمْرَضُ بِمَرَضٍ مَخْصُوصٍ فَيَمُوتُ بِهِ غَالِبًا، وَلَمْ يُعْلِمْهُ الْبَائِعُ بِذَلِكَ فَبَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَرِضَ الْحَيَوَانُ بِذَلِكَ الْمَرَضِ، وَمَاتَ فَهَلْ يَكُونُ الْبَائِعُ غَاشًّا، وَيَضْمَنُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ هَذَا الْبَائِعُ غَاشٌّ، وَمُدَلِّسٌ لِأَنَّ الْعُيُوبَ فِي الْمَبِيعِ بِحَسَبِ مَا عِنْدَ النَّاسِ لَا بِحَسَبِ حُكْمِ الشَّرْعِ فَمَتَى كَانَ الْمَبِيعُ بِحَالٍ لَوْ عَلِمَ بِهِ الْمُشْتَرِي لَزَهِدَ فِيهِ أَوْ قَلَّتْ رَغْبَتُهُ فِيهِ وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ بَيَانُهُ فَإِنْ كَتَمَهُ كَانَ مُدَلِّسًا، وَلَا شَكَّ أَنَّ كَوْنَ الْحَيَوَانِ مِنْ بَلَدٍ كَثُرَ الْمَرَضُ الْمَخُوفُ فِي حَيَوَانَاتِهِ أَمْرٌ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي لَزَهِدَ فِيهِ أَوْ قَلَّتْ رَغْبَتُهُ فِيهِ، وَيَضْمَنُ الْبَائِعُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ الْقَدْرَ الَّذِي زَادَهُ ثَمَنُ هَذَا الْمُشْتَرِي الْغَيْرِ الْعَالِمِ بِمَا ذُكِرَ عَلَى ثَمَنِ مَنْ يَشْتَرِي بِهِ عَالِمًا بِهِ تَقْدِيرًا لَا جَمِيعَ الثَّمَنِ لِأَنَّ هَلَاكَ الْمَبِيعِ بِأَمْرٍ حَدَثَ لَا بِأَمْرٍ قَدِيمٍ كُتِمَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي جَوَابِ شَيْخِ مَشَايِخِنَا خَاتِمَةِ الْمُحَقِّقِينَ الْأَمِيرِ فَرَاجِعْهُ.
وَفِي الْمِعْيَارِ سُئِلَ ابْنُ لُبٍّ عَنْ ثَوْبِ الْمَيِّتِ بِالْوَبَاءِ، فَأَجَابَ: تَوَهُّمُ كَوْنِهِ عَيْبًا فِي السِّلْعَةِ فِي بَابِ الْبَيْعِ إنْ كَانَ قَدْ اشْتَهَرَ وَأَثَّرَ كَرَاهِيَةً فِي النَّفْسِ بِحَيْثُ إذَا ذَكَرَهُ الْبَائِعُ كَانَ ذِكْرُهُ عَائِدًا عَلَيْهِ بِنَقْصٍ فِي الثَّمَنِ أَوْ يَزْهَدُ فِي السِّلْعَةِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ عَيْبٌ لِأَنَّ الْعُيُوبَ فِي السِّلَعِ بِحَسَبِ مَا عِنْدَ النَّاسِ لَا بِحَسَبِ حُكْمِ الشَّرْعِ انْتَهَى.
وَفِيهِ أَيْضًا سُئِلَ بَعْضُ الشُّيُوخِ عَنْ مَسْأَلَةٍ، وَهِيَ إذَا اسْتَشْعَرَ النَّاسُ قَطْعَ السِّكَّةِ، وَحَصَلَ مِنْهَا شَيْءٌ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسْرِعَ فِي إخْرَاجِهَا قَبْلَ قَطْعِهَا أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ إذَا وَجَبَتْ لِأَحَدٍ فَامْتَنَعَ مِنْ أَخْذِهَا هَلْ يُجْبِرُهُ الْقَاضِي أَمْ لَا فَأَجَابَ لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِسْرَاعُ فِي إخْرَاجِهَا، وَيُلْزِمُ جَبْرًا مَنْ أَبَاهَا، وَعِنْدِي أَنَّهَا تَتَخَرَّجُ عَلَى مَسْأَلَةِ قَضَاءِ الْمِدْيَانِ إذَا أَرَادُوا أَنْ يُفَلِّسُوهُ فَمَنْ يُجِيزُ الْأَخْذَ مِنْهُ خَشْيَةَ التَّفْلِيسِ يُجِيزُ هَذَا، وَمَنْ مَنَعَ يُمْنَعُ هَذَا، وَمَنْ يَقُولُ إذَا تَحَدَّثُوا فِي تَفْلِيسِهِ فَلَا يَجُوزُ هُنَا إذَا تَحَدَّثُوا فِي قَطْعِهَا إخْرَاجُهَا، وَإِذَا لَمْ يَتَحَدَّثْ يَجُوزُ اهـ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ شَيْخُنَا أَبُو يَحْيَى لَطَفَ اللَّهُ بِهِ) عَمَّنْ بَاعَ نِصْفَ بَهِيمَةٍ لِآخَرَ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ يَكُونُ الثَّمَنُ فِي قَرْنِهَا أَوْ أَوْلَادِهَا، وَبَقِيَتْ تَحْتَ يَدِ الْبَائِعِ، وَلَمْ تَخْرُجْ إلَّا فِي لَيْلَةِ حِلَابِ الْمُشْتَرِي نَصِيبَهُ مَعَ شَرْطِ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي الرَّعْيَ وَالسَّقْيَ وَالْعَلْفَ لَهَا وَالْبَيَاتِ بِدَارِهِ، وَلَمْ يَحْصُلْ إلَّا بَعْضُ ذَلِكَ فِي مُدَّةٍ قَلِيلَةٍ ثُمَّ تَرَكَ الْمُشْتَرِي الْحِلَابَ وَغَيْرَهُ، وَبَقِيَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ يَسْتَبِدُّ بِمَنَافِعِهَا وَنَفَقَتِهَا، وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَتَصَرَّفَ فِيهَا فَمَنَعَهَا الْبَائِعُ فَمَا الْحُكْمُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ تَأْجِيلُ الثَّمَنِ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ يُفْسِدُ الْبَيْعَ فَيَجِبُ فَسْخُهُ إنْ لَمْ يَفُتْ
فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَحَيْثُ بَقِيَ الْمَبِيعُ تَحْتَ يَدِ الْبَائِعِ فَلَا حَقَّ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي، وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَا مُطَالَبَةَ لِلْبَائِعِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادَا تَجْدِيدَ عَقْدٍ الْآنَ عَلَى وَجْهٍ يُوَافِقُ الشَّرْعَ فَلَهُمَا ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ) عَنْ رَجُلٍ أَخَذَ مِنْ آخَرَ دَرَاهِمَ لِيَشْتَرِيَ بِهَا بَهِيمَةً تَكُونُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا، وَيَصْبِرَ عَلَيْهِ بِنِصْفِهَا فَذَهَبَ، وَاشْتَرَى بِغَيْرِ حَضْرَةِ دَافِعٍ الدَّرَاهِمَ، وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّ الْبَهِيمَةَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا ثُمَّ بَاعَ نِصْفَهَا لِآخَرَ، وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ إلَّا النِّصْفَ بِنِصْفِ الدَّرَاهِمِ فَهَلْ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ خَائِنٌ فَيَكُونُ تَصَرُّفُهُ بَاطِلًا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ إشْهَادُ آخِذِ الدَّرَاهِمِ بِأَنَّ الْبَهِيمَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَافِعِ الدَّرَاهِمِ نِصْفَيْنِ يُثْبِتُ نِصْفَهَا لِدَافِعِ الدَّرَاهِمِ فَحَيْثُ ثَبَتَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ غَيْرَ النِّصْفَ صَارَ لَا مِلْك لِآخِذِ الدَّرَاهِمِ فِي الْبَهِيمَةِ أَصْلًا فَبَيْعُهُ بَيْعٌ فُضُولِيٌّ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْإِشْهَادِ الثَّانِي لِتَبَيُّنِ كَذِبِ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ فَيُخَيَّرُ دَافِعُ الدَّرَاهِمِ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَرَدِّهِ، وَأَخْذِ نِصْفِ الْبَهِيمَةِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ، وَيُطَالِبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِدَرَاهِمِ السَّلَفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) عَمَّا يَقَعُ فِي بِلَادِ الْأَرْيَافِ يَبِيعُ الرَّجُلُ لِآخَرَ نِصْفَ الْبَهِيمَةِ الصَّغِيرَةِ، وَالْعَادَةُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى النِّصْفَ هُوَ الَّذِي يُنْفِقُ عَلَيْهَا إلَى أَنْ تَبْلُغَ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهَا فَإِمَّا أَنْ تُبَاعَ، وَإِمَّا أَنْ تُتْرَكَ لَهُ يَنْتَفِعُ بِهَا، وَإِمَّا أَنْ تَمُوتَ فَإِنْ بِيعَتْ قَبْلَ الِانْتِفَاعِ بِهَا قَوَّمَا النَّفَقَةَ الَّتِي أُنْفِقَتْ عَلَيْهَا، وَأَخَذَ الْمُنْفِقُ قِيمَةَ نَفَقَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ تَرَكَهَا لَهُ، وَانْتَفَعَ بِهَا بِقَدْرِ مُدَّةِ النَّفَقَةِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ مَاتَتْ لَا شَيْءَ لِأَحَدِهِمَا، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يَخَافُ مِنْ هَذِهِ الْكُلْفَةِ فَيُعْطِي نِصْفَهَا بِلَا ثَمَنٍ عَلَى أَنَّهُ يَبِيعُهَا مَتَى شَاءَ، وَلَا كُلْفَةَ لِصَاحِبِهَا فَهَلْ ذَلِكَ صَحِيحٌ أَوْ لَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ هَذَا الْبَيْعُ فَاسِدٌ لِأَنَّ جَرَيَانَ الْعَادَةِ بِإِنْفَاقِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ رُجُوعَهُ كَاشْتِرَاطِ ذَلِكَ، وَهُوَ شَرْطٌ يُخِلُّ بِالثَّمَنِ، وَيُفْسِدُ الْعَقْدَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَهَالَةِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ يَعُودُ لَهُ مِثْلَ مَا أَنْفَقَ أَوْ غَلَّةً بِقَدْرِهِ أَوْ أَزْيَدَ، وَحَيْثُ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا فَإِنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الْفَوَاتِ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى الْإِنْفَاقِ مَعًا، وَإِنْ فَاتَ بِحَوَالَةِ سَوْقٍ فَأَعْلَى مُضِيٍّ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ، وَرَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِمَا يَنْوِيه مِنْ النَّفَقَةِ، وَإِنْ اسْتَغَلَّ حُوسِبَ، وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ فَاسِدَةٌ تُفْسَخُ قَبْلَ الْفَوَاتِ، وَتَمْضِي بَعْدَهُ بِالْقِيمَةِ، وَيُنْفِقُ كُلٌّ عَلَى حِصَّتِهِ عِنْدَ الْفَوَاتِ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي شَأْنِ أُنَاسٍ يَبِيعُونَ الْأَنْعَامَ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ يَظْهَرُ فِي بَاطِنِهَا غِشٌّ فَهَلْ لَا يُجَابُ الْمُشْتَرِي لِرَدِّ الْبَيْعِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ لَا رَدَّ بِمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَّا بِتَغَيُّرٍ لِلْمَبِيعِ، وَلَا يُعْتَبَرُ ظُهُورُ الْعَلَامَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْغِشِّ فِيهَا بِوَاسِطَةِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ.
وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ الرَّدِّ فَهَلْ الْعُرْفُ الْجَارِي بِأَنَّ الْأَنْعَامَ إذَا بِيعَتْ وَظَهَرَ فِيهَا بِالْعَلَامَةِ الْمَذْكُورَةِ غِشٌّ بِالرَّدِّ فِي مِائَةِ يَوْمٍ وَأَرْبَعَةٍ مِنْ الْبَيْعِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لَا يُجَابُ الْمُشْتَرِي لِلرَّدِّ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَرُدُّ بِمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَّا بِتَغَيُّرٍ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ لَكِنَّ الْعُرْفَ الْجَارِيَ بِالرَّدِّ بِهِ يُعْمَلُ بِهِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الْحَطَّابُ وَمَنْ تَبِعَهُ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ شَرْطِ الرَّدِّ بِهِ الَّذِي يَعْلَمُ بِهِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ سَيِّدِي خَلِيلٌ فِي تَوْضِيحِهِ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ شُرَّاحُ مُخْتَصَرِهِ وَسَلَّمُوهُ، وَعِبَارَةُ الْخَرَشِيِّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ، وَمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَّا بِتَغَيُّرٍ كَسُوسِ الْخَشَبِ وَالْجَوْزِ وَمُرُّ قِثَّاءٍ يَعْنِي أَنَّ مَا لَا يُطَّلَعُ عَلَى وُجُودِهِ إلَّا بِتَغَيُّرِ ذَاتِ الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَيْبًا
عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَا قِيمَةَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ كَخُضْرَةِ بَطْنِ الشَّاةِ، وَكُسُوسِ الْخَشَبِ بَعْدَ شَقِّهِ، وَفَسَادِ بَاطِنِ الْجَوْزِ، وَمُرِّ الْقِثَّاءِ، وَنَحْوِهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الرَّدَّ بِهِ فَيُعْمَلُ بِشَرْطِهِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِ غَرَضٌ، وَمَالِيَّةٌ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ، وَالْعَادَةُ كَالشَّرْطِ انْتَهَى.
وَعِبَارَةُ الشَّبْرَخِيتِيِّ: وَلَا رَدَّ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى مَا أَيُّ عَيْبٍ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ إلَّا بِتَغَيُّرٍ فِي ذَاتِ صَاحِبِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ كَخُضْرَةِ بَاطِنِ الشَّاةِ، وَكُسُوسِ الْخَشَبِ بَعْدَ شَقِّهِ، وَظَاهِرُهُ كَانَ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ أَوْ طَارِئًا مِنْ وَضْعِهِ فِي مَكَان نَدِيٍّ كَانَ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ ثُمَّ قَالَ: وَكَفَسَادِ بَاطِنِ الْجَوْزِ هِنْدِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، وَالتِّينِ، وَمُرِّ قِثَّاءٍ، وَفَقُّوسٍ، وَخِيَارٍ، وَعَدَمِ اسْتِوَاءِ بِطِّيخٍ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الرَّدَّ بِهِ فَيَعْمَلَ بِشَرْطِهِ لِأَنَّهُ شَرَطٌ فِيهِ غَرَضٌ وَمَالِيَّةٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ بَحْثًا حَيْثُ قَالَ: وَانْظُرْ إذَا بَنَيْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ نَفْيِ الرَّدِّ فَاشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ إنْ وَجَدَهُ مُرًّا، وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَطَ الرَّدَّ فِي الْبِطِّيخِ إنْ وَجَدَهُ غَيْرَ مُسْتَوٍ هَلْ يُوَفِّي بِشَرْطِهِ أَمْ لَا، وَالْأَظْهَرُ الْوَفَاءُ بِهِ انْتَهَى، وَالْعَادَةُ كَالشَّرْطِ.
وَفِي حَاشِيَةِ الْفِيشِيِّ أَنَّ إنْكَارَ مَالِكٍ لِرَدِّهِ يُضْعِفُ بَحْثَ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَإِنَّ إنْكَارَ الْإِمَامِ لِلرَّدِّ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ، وَبَحْثُ الْمُصَنِّفِ مَعَ الشَّرْطِ، وَلِذَا قَالَ الْحَطَّابُ: وَانْظُرْ إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالرَّدِّ بِذَلِكَ هَلْ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الشَّرْطِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا لِقَوْلِهِ فِي الْأُمِّ: وَأَهْلُ السُّوقِ يَرُدُّونَهُ إذَا وَجَدُوهُ مُرًّا، وَلَا أَدْرِي بِمَ رَدُّوا ذَلِكَ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى جَامُوسَةً ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ قَالَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ إنَّ بِهَا غِشًّا بِعَلَامَةٍ دَالَّةٍ عَلَيْهِ مِنْ سُهُولَةِ نَتْفِ شَعْرٍ أَوْ نَتْفِ فَرْجٍ أَوْ غُمَاصِ عَيْنٍ فَهَلْ إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ بِهِ مُسْتَنِدًا لِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ مَعَ أَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِالرَّدِّ، وَالْحَالُ أَنَّ الْجَامُوسَةَ حَيَّةٌ لَمْ تُذْبَحْ، وَلَمْ يُطَّلَعْ عَلَى الْغِشِّ إلَّا بِتَغَيُّرِ ذَاتِهَا بِالذَّبْحِ يُجَابُ لِذَلِكَ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يُجَابُ لِذَلِكَ، وَيَكْفِي فِي ثُبُوتِ تَغَيُّرِ بَاطِنِ الْحَيَوَانِ قَوْلُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ الْمُسْتَنِدُ لِلْعَلَامَاتِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَبْحِهِ وَشَقِّ جَوْفِهِ حَيْثُ كَانَ الْعُرْفُ جَارِيًا بِالرَّدِّ بِهِ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الشَّرْطِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الْحَطَّابُ، وَمَنْ تَبِعَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ بَاعَ جَارِيَةً عَلَى الْبَتِّ، وَلَمْ يَحْصُلْ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ شَرْطٌ بِالْخِيَارِ ثُمَّ إنَّهَا مَكَثَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُدَّةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ بَاعَهَا الْآخَرُ فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ أَصَابَهَا صَرْعُ جَانٍّ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ هَذَا الدَّاءَ كَانَ بِهَا، وَهِيَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ فَهَلْ لَا تُرَدُّ الْجَارِيَةُ إلَّا إذَا أَثْبَتَ الْمُشْتَرِي بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ هَذَا الدَّاءَ كَانَ بِهَا، وَهِيَ عِنْدَ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَإِذَا نَطَقَ الْجَانُّ، وَقَالَ إنَّهُ مُتَلَبِّسٌ بِهَا عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَهَلْ لَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ حَيْثُ لَمْ يُقِمْ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ حَيْثُ لَمْ يُقِمْ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِنُطْقِ الْجَانِّ، وَلَا شَهَادَتِهِ لِلْمُشْتَرِي إذْ يُمْكِنُ أَنَّهُ تَصَنُّعٌ مِنْ الْجَارِيَةِ لِكَرَاهَتِهَا الْمُشْتَرِي، وَعَلَى فَرْضِ تَحَقُّقِ أَنَّهُ مِنْ الْجَانِّ فَمِنْ أَيْنَ لَنَا إسْلَامُهُ وَعَدَالَتُهُ عَلَى أَنَّ فِسْقَهُ ثَابِتٌ بِتَعَدِّيهِ عَلَى الْأَمَةِ وَصَرْعِهِ إيَّاهَا ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمِعْيَارِ عَنْ أَبِي حَامِدٍ الْغَزَالِيِّ أَنَّ الْكَلَامَ الْمَسْمُوعَ مِنْ الْمَصْرُوعِ كَلَامُ نَفْسِ الْمَصْرُوعِ لَا كَلَامُ الْجِنِّ إنَّمَا الْجِنُّ يَتَسَبَّبُ فِي خَيَالَاتٍ وَتَمْثِيلَاتٍ وَخَوَاطِرَ فِي
قَلْبِ الْمَصْرُوعِ يَتَكَلَّمُ بِحَسَبِهَا وَيَتَحَرَّكُ كَذَلِكَ كَالنَّائِمِ.
قَالَ: وَأَمَّا إخْبَارُهُ بِالْغَيْبِ فَسَبَبُهُ أَنَّ مَا كَانَ، وَمَا يَكُونُ مَسْطُورٌ ثَابِتٌ فِي شَيْءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ عز وجل تَارَةً يُسَمَّى لَوْحًا، وَتَارَةً إمَامًا، وَتَارَةً كِتَابًا، وَثُبُوتُ الْأَشْيَاءِ فِيهِ كَثُبُوتِ الْقُرْآنِ فِي دِمَاغِ الْحَافِظِ، وَلَيْسَ مِثْلَ الرُّقُومِ الْمَكْتُوبَةِ الْمَرْئِيَّةِ فِي جِسْمٍ مُثَنَّاةٍ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُتَنَاهِي لَا يُكْتَبُ فِي الْمُتَنَاهِي هَذِهِ الْكِتْبَةَ الظَّاهِرَةَ، وَالْقَلْبُ مِثْلُ الْمِرْآةِ، وَاللَّوْحُ مِثْلُ الْمِرْآةِ بَيْنَ حِجَابٍ فَإِذَا ارْتَفَعَ الْحِجَابُ تَرَاءَى الصُّوَرَ الَّتِي فِي اللَّوْحِ، وَالْحِجَابُ هُوَ الشُّغْلُ، وَالْقَلْبُ بِالدُّنْيَا مَشْغُولٌ، وَأَكْثَرُ اشْتِغَالِهِ الْفِكْرُ فِيمَا يُورِدُهُ الْحِسُّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مِنْ الْحَوَاسِّ فِي شُغْلٍ دَائِمٍ فَإِذَا رَكَدَتْ الْحَوَاسُّ بِنَوْمٍ أَوْ صَرْعٍ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ فَسَادِ الْأَخْلَاطِ شُغْلٌ آخَرُ بِالْبَاطِنِ رُبَّمَا تَرَاءَى فِي الْقَلْبِ بَعْضُ تِلْكَ الصُّوَرِ الْمَكْتُوبَةِ فِي اللَّوْحِ، وَتَحْقِيقُ هَذَا يَطُولُ، وَقَدْ أَشَرْت إلَى مَا صَحَّ مِنْهُ فِي كِتَابِ عَجَائِبُ الْقَلْبِ، وَلِذَلِكَ يَظْهَرُ عِنْدَ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ حَتَّى يَنْكَشِفَ لِلْإِنْسَانِ مَوْضِعُهُ مِنْ الْجَنَّةِ فَتَكُونَ الْبُشْرَى أَوْ مِنْ النَّارِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَتَكُونَ الْأُخْرَى لِأَنَّ الْحَوَاسَّ تَرْكُدُ فِي مُقَدِّمَاتِ الْمَوْتِ قَبْلَ زُهُوقِ الرُّوحِ انْتَهَى، وَعَلَى هَذَا فَعَدَمُ الْعَمَلِ بِكَلَامِ الْجَارِيَةِ حَالَ صَرْعِهَا ظَاهِرٌ لَا إشْكَالَ فِيهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِي نَفْيِ عَيْبِ السَّلِيمِ أَوْ قِدَمِهِ إلَّا بِشَهَادَةِ الْعَادَةِ، وَقِيلَ كُفَّارٌ وَفُسَّاقٌ لَا يَكْذِبُونَ قِيلَ لِتَعَذُّرِ الْغَيْرِ فِيهِمَا أَوْ فِي الْكُفَّارِ، وَالْوَاحِدُ كَافٍ إنْ أَرْسَلَهُ الْقَاضِي، وَالْمَبِيعُ حَاضِرٌ لَمْ يَخْفَ عَيْبُهُ، وَإِلَّا فَعَدْلَانِ، وَحَلَفَ مَنْ لَمْ يُقْطَعْ بِصِدْقِهِ وَيَمِينِهِ بِعْته، وَزَادَ فِيمَا يُضْمَنُ بِالْقَبْضِ، وَأَقْبَضْته، وَمَا هُوَ بِهِ بَتًّا فِي الظَّاهِرِ الَّذِي قَدْ يَخْفَى، وَعَلَى الْعِلْمِ فِي الْخَفِيِّ، وَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ عَلَى الْمُبْتَاعِ انْتَهَى.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى جَامُوسَةً مِنْ آخَرَ بِأَرْبَعِمِائَةِ قِرْشٍ، وَبَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ قَامَ وَالِدُ الْبَائِعِ، وَادَّعَى أَنَّهَا مِلْكُهُ، وَأَنَّ وَلَدَهُ سَرَقَهَا وَبَاعَهَا بِدُونِ إذْنِهِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَنَا رَجُلٌ تَاجِرٌ قَدْ بِعْتهَا بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ يُكَلَّفُ الْأَبُ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ فَإِنْ أَقَامَهَا فَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ وَأَخْذُهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً، وَأَخْذُ قِيمَتِهَا إنْ فَاتَتْ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ بِحَضْرَتِهِ وَعِلْمِهِ سَاكِتًا، وَإِلَّا فَلَا كَلَامَ لَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ النُّصُوصُ بِذَلِكَ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ فَلَّاحٍ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَالٌ لِلدِّيوَانِ فَجَبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى دَفْعِهِ فَبَاعَ زَرْعَةَ قَصَبٍ لَهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا لِرَجُلٍ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَخَدَمَهَا حَتَّى تَمَّ طَيْبُهَا، وَشَرَعَ فِي عَصْرِهَا فَقَامَ الْبَائِعُ يُرِيدُ أَخْذَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي مُحْتَجًّا بِأَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ خُصُوصًا، وَقَدْ بَاعَهَا جَبْرًا فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ، وَيَدْفَعُ لِلْمُشْتَرِي أُجْرَةَ عَمَلِهِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ، وَيَدْفَعُ لِلْمُشْتَرِي أُجْرَةَ عَمَلِهِ لِمَا ذَكَرْت مِنْ فَسَادِ الْبَيْعِ فَيَجِبُ فَسْخُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ النَّصُّ بِذَلِكَ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ
(وَسُئِلَ شَيْخُنَا أَبُو يَحْيَى حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى) عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى صُنْدُوقَ دُخَانِ نُشُوقٍ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى ظَهْرِهِ ثُمَّ بَاعَ نِصْفَهُ الْأَعْلَى وَوَجَدَ الْبَاقِي رَدِيئًا لَا يُبَاعُ، وَلَا يُشْتَرَى فَهَلْ يُرَدُّ عَلَى بَائِعِهِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ إنْ ثَبَتَ أَنَّ الدُّخَانَ الْمَذْكُورَ مَعِيبٌ قَبْلَ الشِّرَاء بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ أَوْ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُشْتَرِي حَالَ الْعَقْدِ، وَلَمْ يَرْضَ بِهِ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ، وَكَانَ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ