الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْضِعِهَا أَوْ عَلِمَ، وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهَا، وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ اهـ
وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ مُشْبِهًا فِي ذَلِكَ كَهَارِبَةٍ بِوَلَدِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا مَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهَا اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي قَاصِرٍ مَاتَ أَبُوهُ، وَقَدْ أَوْصَى عَلَيْهِ وَصِيًّا بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَأَرَادَتْ حَاضِنَتُهُ السَّفَرَ بِهِ إلَى طَرَابُلُسَ الْغَرْبِ لِطَلَبِ مِيرَاثِهَا فِيهَا، وَالْتَزَمَتْ بِنَفَقَتِهِ، وَبَقَاءِ مَالِهِ بِيَدِ وَصِيِّهِ فَمَنَعَهَا الْوَصِيُّ مِنْ السَّفَرِ بِهِ فَمَا الْحُكْمُ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِلْوَصِيِّ مَنْعُهَا مِنْ السَّفَرِ بِهِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ الْعَدَوِيُّ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ قَرُبَ الْمَوْضِعَ كَالْبَرِيدِ، وَنَحْوِهِ فَلَهَا أَخْذُهُ فِي سَفَرِ التِّجَارَةِ، وَنَحْوِهَا لَا إنْ بَعُدَ فَلَا تَأْخُذُهُ، وَإِنْ لَمْ تَسْقُطْ حَضَانَتُهَا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ لِلْأُمِّ أَنْ تَنْتَقِلَ بِالْوَلَدِ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ وَالِدُهُ أَوْ وَلِيُّهُ إلَّا مَا قَرُبَ كَالْبَرِيدِ، وَنَحْوِهِ مِمَّا يُبَلِّغُ الْأَبَ، وَالْوَلِيَّ خَبَرَهُ ثُمَّ لَهَا أَنْ تُقِيمَ هُنَاكَ عَبْدُ الْبَاقِي، وَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الْحَاضِنَةِ بِسَفَرِهَا لِتِجَارَةٍ بَلْ تَأْخُذُهُ مَعَهَا، وَلَوْ بَعُدَ بِإِذْنِ أَبِيهِ فِيهِمَا، وَوَصِيِّهِ فِي الْبَعِيدِ اهـ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ آمِينَ.
[مَسَائِلُ الْبَيْعِ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي جَمَاعَةٍ يَمْلِكُونَ طَاحُونَةً عَنْ أَبِيهِمْ وَجَدِّهِمْ فَأَكْرَهَ شَيْخُ الْبَلَدِ أَحَدَهُمْ بِالْحَبْسِ عَلَى بَيْعِهَا لِأَجْنَبِيٍّ فَبَاعَهَا لَهُ فِي غَيْبَةِ شُرَكَائِهِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ غَيْرَ لَازِمٍ فِي نَصِيبِ الْبَائِعِ، وَلَهُمْ نَزْعُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِذَا ادَّعَى دَفْعَ الثَّمَنِ لِشَيْخِ الْبَلَدِ، وَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِهِ عَلَى الْقَائِمِينَ عَلَيْهِ لَا يُجَابُ لِذَلِكَ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ دَفَعَهُ لَهُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إذَا ثَبَتَ الْإِكْرَاهُ، وَكَانَ ظُلْمًا بِأَنْ كَانَ فِي غَيْرِ حَقٍّ شَرْعِيٍّ فَأَصْلُ الْمَذْهَبِ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٌ، وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَأَصْبَغُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ، وَيُرَدُّ عَلَيْهِ بِلَا ثَمَنٍ، وَيَتْبَعُ بِهِ الْمُشْتَرِي الظَّالِمَ سَوَاءٌ دَفَعَهُ لَهُ أَوْ لِلْبَائِعِ، وَعَلِمَ دَفْعَهُ لِلظَّالِمِ أَوْ جَهِلَ الْحَالَ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْمُكْرَهَ بِالْفَتْحِ صَرَفَهُ فِي مَصَالِحِهِ قَضَى عَلَيْهِ بِرَدِّ مِثْلِهِ لِلْمُشْتَرِي، وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْإِكْرَاهِ أَمْ لَا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ، وَشُرَّاحُهُ، وَرَوَى سَحْنُونٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا بَاعَ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ غُرْمِ الثَّمَنِ الَّذِي قَبَضَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِإِكْرَاهِهِ فَيَتْبَعُ الْمُكْرِهَ بِكَسْرِ الرَّاءِ بِثَمَنِهِ، وَيَرُدُّ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِهَا مَالَهُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَقَيَّدَ بِهِ ابْنُ النَّاظِمِ كَلَامَ وَالِدِهِ فَيَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّهُ الرَّاجِحُ فِي الْمَذْهَبِ، وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إنَّهُ لَازِمٌ، وَأَفْتَى بِهِ اللَّخْمِيُّ وَالسُّيُورِيُّ، وَاسْتَحْسَنَهُ حُذَّاقُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ، وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ هِلَالٍ وَالْعَقَبَانِيُّ وَالسَّرَقُسْطِيُّ وَالْقِشْتَالِيُّ قَاضِي فَاسَ، وَجَرَى بِهِ الْعَمَلُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْ سَنَةٍ.
قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا بِيعَ تَحْتَ الضَّغْطِ، وَالْإِكْرَاهِ فِي غَيْرِ حَقٍّ شَرْعِيٍّ فَيُفْسَخُ الْبَيْعُ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ، وَرُدَّ الْمَبِيعُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ عَلَى بَائِعِهِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ، وَإِنَّمَا يَرُدُّ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ مُشْتَرِي مِنْهُمْ عَلَى وَجْهِ الضَّغْطِ إذَا كَانَ الَّذِي يَطْلُبُونَهُ بِهِ، وَيَضْغَطُونَ ظُلْمًا أَوْ تَعَدِّيًا بِأَنْ كَانُوا فُقَرَاءَ لَا يَلْزَمُهُمْ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَتَيَسَّرُوا فَيُبَاعُ عَلَيْهِمْ مَا لَا يَلْزَمُهُمْ بَيْعُهُ كَثَوْبٍ يَسْتُرُونَ بِهِ، وَشَبَهِهِ فَهَذَا يَلْزَمُ مُشْتَرِيه رَدُّهُ إلَى بَائِعِهِ لِأَنَّهُ بِيعَ عَلَيْهِ ظُلْمًا، وَأَمَّا إنْ بِيعَ
فِي حَقٍّ وَاجِبٍ عَلَيْهِ تَحْتَ الضَّغْطِ وَالْإِكْرَاهِ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ سَائِغٌ لِمَنْ اشْتَرَاهُ، وَسَبِيلُ الْمَضْغُوطِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى بَيْعِ حَقِّهِ سَبِيلُ الذِّمِّيِّ فِي رَدِّ مَالِهِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ بَلْ هُوَ فِي الْمُسْلِمِ أَشَدُّ وَأَعْظَمُ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَحَكَاهُ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ، وَمُطَرِّفٍ، وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَأَصْبَغُ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَضْغُوطٌ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطَةِ، وَسَوَاءٌ وَصَلَ الثَّمَنُ مِنْ الْمُبْتَاعِ إلَى الْمَضْغُوطِ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ دَفَعَهُ لِلضَّاغِطِ أَوْ جَهِلَ هَلْ دَفَعَهُ لَهُ أَوْ أَدْخَلَهُ فِي مَنَافِعِهِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَدْخَلَهُ فِي مَنَافِعِهِ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا فِي نَوَازِلِهِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي بَيْعِ الْمَضْغُوطِ بِغَيْرِ حَقٍّ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، وَاَلَّذِي أَقُولُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنْقُلُهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ سَحْنُونٌ، وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَا بَاعَ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ غُرْمِ الثَّمَنِ الَّذِي قَبَضَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُبْتَاعُ عَالِمًا بِضَغْطِهِ فَيَتْبَعُ الضَّاغِطَ بِالثَّمَنِ، وَيَرُدُّ عَلَى الْمَضْغُوطِ مَالَهُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ فَالْجَوَابُ عِنْدِي أَنْ يُقْضَى لِلْقَائِمِ بِالدَّارِ الَّتِي قَامَ بِهَا، وَيَرُدَّ الثَّمَنَ الَّذِي قَبَضَ فِيهَا إلَّا أَنْ يُثْبِتَ عَلَى الْمُقَوِّمِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْمُبْتَاعِ لَهُمَا الْعِلْمَ بِحَالِ الْبَائِعِ مِنْ الضَّغْطِ وَالْإِكْرَاهِ فَتُرَدُّ عَلَيْهِ الدَّارُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ، وَيَتْبَعُ بِالثَّمَنِ الضَّاغِطَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي ابْتَاعَ لَهُمَا هُوَ الْعَالِمُ بِالضَّغْطِ دُونَهُمَا فَيَكُونُ لَهُمَا الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَتْلَفَهُ عَلَيْهِمَا بِتَعَدِّيهِ عَلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَسْتَفْسِرَ الشُّهُودُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْوُجُوهِ إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ الِانْتِبَاهِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَشَهَادَتُهُمْ جَائِزَةٌ فِي ذَلِكَ عَامِلَةٌ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي الْمَضْغُوطِ، وَالسِّجْنُ بِمُجَرَّدِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ إكْرَاهٌ، انْتَهَى. فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ أَقْوَاهَا سَنَدُ الْأَوَّلِ فَلِذَا أَفْتَيْت بِهِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ طَلَبَهُ شَيْخُ الْبَلَدِ لِأَخْذِ مَالٍ لِلدِّيوَانِ فَامْتَنَعَ لِعَدَمِهِ، وَلَهُ ثُلُثُ نَوْرَجٍ فَبَيَّعَهُ نِصْفَهُ ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ الْبَائِعُ فَهَلْ لِلْوَرَثَةِ رَدُّ الْبَيْعِ لِكَوْنِهِ فِي نَصِيبِهِ مَجْبُورًا، وَفِي غَيْرِهِ فُضُولِيًّا، وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ الرَّدِّ، وَلَمْ تُوجَدْ بَيِّنَةٌ وَلَا وَثِيقَةٌ لِلْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ بَاطِلًا أَوْ لَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ كَانَ الْمَالُ الْمَطْلُوبُ لِلدِّيوَانِ خَرَاجَ الْأَرْضِ الْحَقَّ فَالْبَيْعُ مَاضٍ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ رَدُّهُ لِأَنَّ الْجَبْرَ حِينَئِذٍ شَرْعِيٌّ، وَإِلَّا فَلَهُمْ رَدُّهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا فِي الثُّلُثِ الَّذِي كَانَ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ، وَأَمَّا السُّدُسُ الَّذِي فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَلَهُ رَدُّ بَيْعِهِ مُطْلَقًا مَا لَمْ تَمْضِ سَنَةٌ.
وَفِي مَسَائِلِ ابْنِ الْحَاجِّ فِي امْرَأَةٍ بِيعَتْ عَلَيْهَا مَمْلُوكَةٍ تَحْتَ الْإِكْرَاهِ وَالضَّغْطِ فِي مَالٍ الْتَزَمَتْهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَقَامَ وَرَثَتُهَا فِيهَا عَلَى مُشْتَرِيهَا فَأَثْبَتَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الِابْتِيَاعَ كَانَ صَحِيحًا بَعْدَ الْإِكْرَاهِ بِنَحْوِ شَهْرَيْنِ، وَاسْتَفْتَى الْقَاضِي إذَا ذَاكَ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَأَفْتَوْهُ بِأَنَّ بَيِّنَةَ الْإِكْرَاهِ أَعْمَلُ، وَأَنَّهُ يَجِبُ صَرْفُ الْمَمْلُوكِ عَلَى وَرَثَتِهَا، وَأَفْتَى فِيهَا أَصْبَغُ بْنُ مُحَمَّدٍ بِذَلِكَ قَائِلًا، وَلَا كَلَامَ فِي ذَلِكَ لِلْمُبْتَاعِ، وَلَوْ لَمْ يَحْكُمْ بِذَلِكَ فِيمَا سَلَفَ لَوَجَبَ أَنْ يَحْكُمَ الْآنَ بِذَلِكَ، وَقَالَ مِثْلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ الْحَاجِّ قَالَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ قَالَ: وَأَمَّا إذَا بَلَغَهُ عَنْ مَالِهِ أَنَّهُ بِيعَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَقُمْ بِحِدْثَانِ ذَلِكَ، وَلَمْ يُغَيِّرْ وَلَمْ يُشْهِدْ عُدُولًا عَلَى الْإِنْكَارِ لِذَلِكَ الْفِعْلِ فَذَلِكَ رِضًا بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ، وَسُئِلَ ابْنُ زَرِبٍ عَمَّنْ بِيعَ عَلَيْهِ مَالُهُ، وَهُوَ غَائِبٌ ثُمَّ عَلِمَ بِالْبَيْعِ، وَسَكَتَ سَنَةً وَسَنَتَيْنِ ثُمَّ قَامَ فِيهِ فَقَالَ الْقِيَامُ لَهُ فِيهِ وَاجِبٌ، وَلَيْسَ كَمَنْ بِيعَ عَلَيْهِ، وَهُوَ حَاضِرٌ فَهَذَا لَيْسَ لَهُ غَيْرُ الثَّمَنِ وَالْبَيْعُ لَازِمٌ لَهُ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي الرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَحْضُرْ الْبَيْعَ إذَا عَلِمَ، وَسَكَتَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ مَا قَارَبَ ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُ الْقِيَامَ، وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ مَا لَمْ تَكْثُرْ الْأَيَّامُ فَيَلْزَمُهُ قَالَ ابْنُ زَرِبٍ إذَا بِيعَ عَلَيْهِ مَالُهُ، وَلَمْ يَحْضُرْ الْبَيْعَ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ فَسْخٍ
أَوْ أَخْذِ ثَمَنِهِ، وَلَا يَضُرُّهُ سُكُوتُهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ أَرَدْت أَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِيهِ، وَأُشَاوِرُ نَفْسِي، وَإِذَا بِيعَ بِمَحْضَرِهِ وَسَكَتَ فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ لِأَنَّ سُكُوتَهُ رِضًا مِنْهُ بِالثَّمَنِ انْتَهَى مِنْ ابْنِ سَلْمُونٍ، وَفِي الْمَجْمُوعِ: وَمَنْ تَصَرُّفٍ بَعِيدًا كَانَ أَوْ قَرِيبًا ابْنًا أَوْ غَيْرَهُ بِكَبَيْعِ وَهِبَةٍ وَوَطْءٍ وَكِتَابَةٍ فَإِنَّ هَذِهِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا طُولُ زَمَنٍ عَلَى الْمُعَوَّلِ عَلَيْهِ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ السَّاكِتِ مَضَى، وَلَهُ الثَّمَنُ فِي الْبَيْعِ مَا لَمْ تَمْضِ سَنَةٌ، وَالْغَائِبُ لَهُ الرَّدُّ مَا لَمْ تَمْضِ فَالثَّمَنُ مَا لَمْ يَطُلْ بِالْحَوْزِ انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ أَنَّ الْحِيَازَةَ تَكُونُ بَيْنَ أَهْلِ الْمِيرَاثِ بِالتَّفْوِيتِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْوَطْءِ الَّذِي لَا يَصِحُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَفْعَلَهُ إلَّا فِيمَا خَلَصَ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ، وَهُوَ أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَيَفْتَرِقُ الْحُكْمُ فِيهِ عَلَى التَّفْصِيلِ إذْ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ فَوَّتَ بِذَلِكَ كُلِّهِ الْكُلَّ أَوْ الْأَكْثَرَ أَوْ الْأَقَلَّ أَوْ النِّصْفَ، وَمَا قَارَبَهُ فَأَمَّا إذَا فَوَّتَ الْكُلَّ بِالْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ الْمَحُوزُ عَلَيْهِ حَاضِرًا لِلصَّفْقَةِ فَسَكَتَ حَتَّى انْقَضَى الْمَجْلِسُ لَزِمَهُ الْبَيْعُ فِي حِصَّتِهِ، وَكَانَ لَهُ الثَّمَنُ، وَإِنْ سَكَتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمَجْلِسِ حَتَّى مَضَى الْعَامُ، وَنَحْوُهُ اسْتَحَقَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ بِالْحِيَازَةِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ انْفَرَدَ بِهِ بِالْوَجْهِ الَّذِي يَذْكُرُهُ مِنْ ابْتِيَاعٍ أَوْ مُقَاسَمَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْبَيْعِ إلَّا بَعْدَ وُقُوعِهِ فَقَامَ حِينَ عَلِمَ أَخَذَ حَقَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ إلَّا بَعْدَ الْعَامِ، وَنَحْوِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، وَاسْتَحَقَّهُ الْحَائِزُ بِمَا ادَّعَاهُ بِدَلِيلِ حِيَازَتِهِ إيَّاهُ، وَأَمَّا إذَا فَوَّتَهُ بِالْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ أَوْ التَّدْبِيرِ أَوْ الْعِتْقِ فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فَسَكَتَ حَتَّى انْقَضَى الْمَجْلِسُ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فَقَامَ حِينَ عَلِمَ كَانَ عَلَى حَقِّهِ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ إلَّا بَعْدَ الْعَامِ، وَنَحْوِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْحَائِزِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ هُوَ شَيْءٌ، وَأَمَّا إذَا فَوَّتَهُ بِالْكِتَابَةِ فَيَتَخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِيهَا هَلْ تُحْمَلُ مَحْمَلَ الْبَيْعِ أَوْ الْعِتْقِ، وَكَذَا إذَا حَازَ الْكُلَّ بِالْوَطْءِ وَالِاتِّخَاذِ بِعِلْمِ الْمَحُوزِ عَلَيْهِ مِنْ الْوَرَثَةِ فَهِيَ حِيَازَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ كَلَامِهِ فَانْظُرْهُ اهـ مِنْ الْبُرْزُلِيِّ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ بِنْتَيْنِ وَأَخَاهُ، وَتَرَكَ نَخِيلًا فَبَاعَهُ أَخُوهُ مَعَ وُجُودِ الْبِنْتَيْنِ مَعَهُ فِي الْبَلَدِ، وَمَضَتْ مُدَّةٌ بَعْدَ الْبَيْعِ نَحْوُ ثَمَانِ سَنَوَاتٍ ثُمَّ مَاتَ الْبَائِعُ الْمَذْكُورُ فَقَامَتْ الْبِنْتَانِ تُرِيدَانِ أَخْذَ النَّخِيلِ وَتَدَّعِيَانِ أَنَّهُمَا لَمْ يَعْلَمَا أَنَّ هَذَا النَّخِيلَ لِوَالِدِهِمَا فَهَلْ لَا تُصَدَّقَانِ فِي ذَلِكَ، وَيَكُونُ النَّخِيلُ لِلْمُشْتَرِي، وَيُحْمَلَانِ عَلَى الْعِلْمِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ؛ إذَا ثَبَتَ أَنَّ النَّخِيلَ الْمَبِيعَ كَانَ لِوَالِدِهِمَا، وَحَلَفَتَا بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَنَّهُمَا لَمْ يَعْلَمَا بِذَلِكَ إلَّا الْآنَ أَوْ قَبْلَهُ بِأَقَلَّ مِنْ عَامٍ فَلَهُمَا رَدُّ الْبَيْعِ فِي حِصَّتِهِمَا، وَهِيَ الثُّلُثَانِ، وَلَا يَمْنَعُهُمَا مِنْهُ سُكُوتُهُمَا الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ لِعُذْرِهِمَا بِعَدَمِ الْعِلْمِ، وَلَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعِلْمِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ بَلْ عَلَى عَدَمِهِ إنْ حَلَفَتَا، وَإِلَّا حُمِلَتَا عَلَى الْعِلْمِ، وَكَانَتْ النَّخِيلُ لِلْمُشْتَرِي قَالَ فِي مَسَائِلِ ابْنِ الْحَاجِّ إذَا قَامَ الرَّجُلُ بِعَقْدِ ابْتِيَاعٍ مِنْ الْمُقَوَّمِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ أَبِيهِ قَبْلَهُ، وَتَارِيخُ الِابْتِيَاعِ قَبْلَ الْقِيَامِ بِعِشْرِينَ عَامًا فِي أَمْلَاكٍ بِيَدِ رَجُلٍ، وَتَصَيَّرَتْ إلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ فَقَالَ الْمُقَوَّمُ عَلَيْهِ لِي عِشْرُونَ سَنَةً أَتَمَلَّكُ هَذِهِ الْأَمْلَاكَ، وَأَنْتَ حَاضِرٌ، وَلَمْ تَقُمْ فَقَالَ لَمْ أَجِدْ وَثِيقَةَ ابْتِيَاعٍ إلَّا الْآنَ فَالْوَاجِبُ أَنْ لَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْحِيَازَةِ فَيَسْقُطُ حَقُّ الْقَائِمِ بِذَلِكَ، وَلَكِنْ يَحْلِفُ الْقَائِمُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا تَرَكْت الْقِيَامَ فِي الْأَمْلَاكِ تَسْلِيمًا مِنِّي لَهَا، وَلَا رِضًا بِتَرْكِ حَقِّي فِيهَا إلَّا لِأَنِّي لَمْ أَعْلَمْ بِالْعَقْدِ وَلَمْ أَجِدْهُ، وَيَأْخُذُهَا
مِنْ يَدِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَبُو الْقَائِمِ الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُقَوَّمِ عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ الْقَائِمُ مَا عَلِمْت بِشِرَاءِ أَبِي لَهَا إلَّا وَقْتَ قِيَامِي بِعَقْدِي ثُمَّ يَأْخُذُهَا، وَلَوْ قَالَ الْقَائِمُ إنْ اشْتَرَيْتهَا ثُمَّ أَعَمَرْتُك إيَّاهَا أَوْ أَكْرَيْتُهَا مِنْك أَوْ أَرْفَقْتُك بِهَا، وَلِذَلِكَ لَمْ أَقُمْ بِهَا لَكَانَ أَبْيَنَ فِي أَنْ يَحْلِفَ إذَا اسْتَظْهَرَ بِوَثِيقَةِ الشِّرَاءِ وَيَأْخُذُهَا، وَلَوْ قَالَ الْمُقَوَّمُ عَلَيْهِ أَقَلْت فِيهَا بَعْدَ أَنْ بِعْتهَا مِنْك كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَتَبْقَى بِيَدِهِ الْأَمْلَاكُ فَإِنْ أَثْبَتَ الْقَائِمُ أَنَّ دُخُولَ الْمُعْتَمِرِ فِي الْأَمْلَاكِ، وَابْتِدَاءَ نُزُولِهِ فِيهَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْكِرَاءِ أَوْ الْإِمْكَانِ وَالْعَارِيَّةِ أَوْ عَلَى وَجْهِ الْغَصْبِ فَلَا يَكُونُ لِلْمُعْتَمِرِ بِهِ حُجَّةٌ، وَيَبْطُلُ، وَإِنْ كَانَ الْقَائِمُونَ وَرَثَةً فَلَا يَسْقُطُ قِيَامُهُمْ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ الِاعْتِمَارُ بِحَضْرَةِ مُوَرِّثِهِمْ أَوْ يَثْبُتَ أَنَّهُمْ عَلِمُوا بِذَلِكَ، وَسَكَتُوا الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ، وَحَالُ الْوَرَثَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَهْلِ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُمْ عَلِمُوا انْتَهَى مِنْ ابْنِ سَلْمُونٍ فِي مَبْحَثِ الْحِيَازَةِ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ جُعِلَتْ عَلَيْهِ ظُلَامَةٌ فَبَاعَ بِسَبَبِهَا أَرْضًا ثُمَّ تُوُفِّيَ، وَأَرَادَ وَرَثَتُهُ رَدَّ الْبَيْعِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَيَكُونُ الْبَيْعُ مَاضِيًا، وَلَيْسَ لَهُمْ تَعَرُّضٌ لِلْمُشْتَرِي أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَابَ الْأُسْتَاذُ الدَّرْدِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ إذَا مَاتَ الْبَائِعُ وَمَضَتْ مُدَّةٌ بَعْدَ مَوْتِهِ كَسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَالْوَارِثُ مَمْنُوعٌ لَا حَقَّ لَهُ فَلَا كَلَامَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَالْبَيْعُ لَازِمٌ وَيُمْنَعُ الْمُعَارِضُ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ هَذِهِ الْفَتْوَى بِكَوْنِ السُّكُوتِ سَنَةً بَعْدَ الْعِلْمِ.
وَأَجَابَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ بِقَوْلِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ مَانِحِ الصَّوَابِ صَرَّحَ فِي تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ وَالْكَنْزِ وَغَيْرِهِمَا بِمَا نَصُّهُ صَادَرَهُ سُلْطَانٌ، وَلَمْ يُعَيِّنْ بَيْعَ مَالِهِ فَبَاعَ مَالَهُ بِسَبَبِ الْمُصَادَرَةِ صَحَّ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكْرَهٍ اهـ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ الْمُزَارِعُ فِي أَرْضِ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَهُ فِيهَا حَقُّ الْقَرَارِ وَتَرْكِهَا بِاخْتِيَارِهِ لِغَيْرِهِ فِي نَظِيرِ دَرَاهِمَ أَخَذَهَا أَوْ تَرَكَهَا مِنْ غَيْرِ أَخْذِ دَرَاهِمَ بِاخْتِيَارِهِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهَا، وَصَارَ الْحَقُّ لِلْمُسْقَطِ لَهُ، وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِرْدَادُهَا، وَلَا لِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ اهـ. فَلَيْسَ لِوَرَثَةِ بَائِعِ الْقِطْعَةِ الطِّينِ الْمُطَالَبَةُ بِرَدِّ الْبَيْعِ، وَالْمَبِيعُ وَالْإِسْقَاطُ لِلْمُشْتَرِي صَحِيحَانِ، وَصَارَ الْحَقُّ فِي الْقِطْعَةِ الطِّينِ مِنْ غَيْرِ نِزَاعِ أَحَدٍ، وَحِينَئِذٍ فَتُمْنَعُ وَرَثَةُ الْبَائِعِ عَنْ مُعَارَضَةِ الْمُشْتَرِي قَهْرًا عَلَيْهِمْ، وَطَلَبُهُمْ رَدَّ الْبَيْعِ عِنَادٌ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَلِمَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْأَمْرِ مَنْعُهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَيُثَابُ عَلَيْهِ الثَّوَابَ الْجَزِيلَ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ كَتَبَهُ مَنْصُورٌ الْمَنْصُورِيُّ الْحَنَفِيُّ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ بِنْتٍ وَأَخ، وَتَرَكَ نَخِيلًا فَبَاعَ الْأَخُ سِتَّ نَخَلَاتٍ لِآخَرَ ثُمَّ نَازَعَهُ بِأَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَى الْبَيْعِ وَتَصَالَحَا عَلَى أَنَّ لِكُلٍّ ثَلَاثَ نَخَلَاتٍ ثُمَّ بَاعَ الْأَخُ الثَّلَاثَ نَخَلَاتٍ الْمُصَالِحِ عَلَيْهَا الثَّالِثَ ثُمَّ مَاتَ الْأَخُ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ فَقَامَتْ الْبِنْتُ تُرِيدُ أَخْذَ مَا يَخُصُّهَا مِنْ النَّخِيلِ فَهَلْ تُجَابُ لِذَلِكَ، وَلَوْ فُرِضَ عِلْمُهَا إنْ كَانَتْ تَخْشَى الْعَارَ وَنِسْبَةُ الْفُجُورِ إلَيْهَا بِقِيَامِهَا بِأَخْذِ حَقِّهَا فِي حَيَاةِ عَمِّهَا كَمَا هِيَ عَادَتُهُمْ فِي بِلَادِهِمْ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ الْعَدَاوَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَقَارِبِهَا، وَإِذَا أَصَابَهَا شَيْءٌ مِنْ زَوْجِهَا لَا يَكُونُونَ نُصَرَاءَ لَهَا؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ؛ نَعَمْ تُجَابُ لِذَلِكَ، وَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ سُكُوتُهَا الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ لِعُذْرِهَا بِمَا ذُكِرَ بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرُوهُ مِنْ تَمْكِينِهَا مِنْ رُجُوعِهَا فِيمَا وَهَبَتْهُ مِنْ مَالِهَا لِأَقَارِبِهَا لِتِلْكَ الْخَشْيَةِ قَالَ فِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ فِي شَرْحِ شَيْخِنَا التَّاوَدِيِّ عَلَى الْعَاصِمِيَّةِ إنَّ هِبَاتِ الْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ لِقَرَابَتِهِنَّ مَعَ اشْتِهَارِ عَدَمِ تَوْرِيثِهِنَّ بَاطِلَةٌ فَلَهُنَّ الرُّجُوعُ فِي حَيَاتِهِنَّ وَلِوَرَثَتِهِنَّ
الْقِيَامُ مِنْ بَعْدِهِنَّ لِأَنَّهُنَّ لَوْ امْتَنَعْنَ مِنْ الْهِبَاتِ لَأَوْجَبَ ذَلِكَ إسَاءَتَهُنَّ وَقَطْعَهُنَّ وَالْغَضَبَ عَلَيْهِنَّ، وَعَدَمَ الِانْتِصَارِ لَهُنَّ إذَا أَصَابَهُنَّ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُتَجَالَّاتِ ذَوَاتِ الْأَوْلَادِ، وَغَيْرِهِنَّ قَالَهُ الْبَاجِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ ذَكَرَهُ فِي الْمِعْيَارِ وَصَاحِبِ الدُّرَرِ الْمَنْثُورَةِ، وَزَادَ أَنَّهَا تَرْجِعُ فِي عَيْنِ مَا بِيعَ، وَيُقْبَلُ مِنْهَا أَنَّ سُكُوتَهَا لِجَهْلِ أَنَّ الْهِبَةَ تَلْزَمُهَا اهـ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ الْفُولِ، وَرَآهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ فَبَاعَهُ الْبَائِعُ الْآخَرَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ إنْ كَانَ عِنْدَهُ أَوْ يُكَلَّفُ بِمِثْلِهِ مُطْلَقًا أَوْ يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ أَوْ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ إذَا كَانَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ بَتًّا صَحِيحًا مُسْتَوْفِيًا لِلْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ فَقَدْ انْتَقَلَ مِلْكُ الْفُولِ بِمُجَرَّدِهِ لِلْمُشْتَرِي، وَصَارَ الْبَائِعُ فُضُولِيًّا فِي بَيْعِهِ ثَانِيًا لِغَيْرِهِ لَكِنْ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي إجَازَتُهُ لِئَلَّا يَلْزَمَ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ بَائِعِهِ، وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ رَدُّهُ إنْ كَانَ الْفُولُ قَائِمًا لَمْ يَفُتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي بَلْ يَجِبُ عَلَى الْجَمِيعِ فَسْخُ الْبَيْعِ الثَّانِي لِفَسَادِهِ لِذَا وَإِنْ فَاتَ بِهَا تَعَيَّنَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَأْتِيَ بِقَدْرٍ مِنْ الْفُولِ مِثْلِهِ يُوفِيه لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ ابْتَاعَ مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا بِعَيْنِهِ فَفَارَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَكْتَالَهُ فَتَعَدَّى الْبَائِعُ عَلَى الطَّعَامِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِطَعَامٍ مِثْلِهِ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُبْتَاعِ فِي أَخْذِ دَنَانِيرِهِ اهـ.
وَفِي الْمُخْتَصَرِ: وَإِنْ أَهْلَكَ بَائِعٌ صُبْرَةً عَلَى الْكَيْلِ فَالْمِثْلُ تَحَرِّيًا لِيُوَفِّيَهُ، وَلَا خِيَارَ لَك قَالَ الْخَرَشِيُّ الْمَعْنَى أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَهْلَكَ الصُّبْرَةَ الَّتِي بَاعَهَا عَلَى الْكَيْلِ أَوْ أَفَاتَهَا بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ كَيْلَهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِصُبْرَةٍ مِثْلِهَا عَلَى التَّحَرِّي لِيُوَفِّيَ لِلْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ مِنْهُ، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي خِيَارٌ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ أَوْ يَتَمَسَّكَ بِهِ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ مِثْلَ صُبْرَتِهِ الَّتِي اشْتَرَاهَا لَمْ يُظْلَمْ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ بِنْتٍ، وَتَرَكَتْ مَنْزِلًا فَبَاعَتْهُ الْبِنْتُ لِرَجُلٍ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ نَحْوَ سِتِّ سِنِينَ ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ، وَادَّعَى أَنَّ أُمَّ الْبِنْتِ عَمَّةُ أَبِيهِ يُرِيدُ أَخْذَ مَا يَخُصُّهُ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ مَعَ الْبِنْتِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ حَاضِرٌ فِي النَّاحِيَةِ فَهَلْ يُجَابُ لِذَلِكَ حَيْثُ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يُجَابُ لِذَلِكَ حَيْثُ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ ابْنُ ابْنِ أَخِي الْمَيِّتَةِ، وَلَمْ يَثْبُتْ عِلْمَهُ بِبَيْعِ بِنْتِ عَمَّةِ أَبِيهِ الْمَنْزِلَ قَبْلَ قِيَامِهِ بِعَامٍ فَأَكْثَرَ، وَهُوَ سَاكِتٌ بِلَا مَانِعٍ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ بِحَقِّهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَهُ رَدُّ الْبَيْعِ فِي نَصِيبِهِ وَأَخْذُهُ وَلَهُ إمْضَاؤُهُ فِيهِ، وَأَخْذُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ ثَبَتَ عِلْمُهُ بِهِ قَبْلَهُ بِعَامٍ، وَهُوَ سَاكِتٌ بِلَا مَانِعٍ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْبَيْعِ فِيهِ، وَلَهُ أَخْذُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَتَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ سَلْمُونٍ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْبَيْعِ إلَّا بَعْدَ وُقُوعِهِ فَقَامَ حِينَ عَلِمَ أَخَذَ حَقَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ إلَّا بَعْدَ الْعَامِ، وَنَحْوِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، وَاسْتَحَقَّهُ الْحَائِزُ بِمَا ادَّعَاهُ بِدَلِيلِ حِيَازَتِهِ إيَّاهُ اهـ.
وَتَقَدَّمَ عَنْهُ أَيْضًا، وَحَالُ الْوَرَثَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَهْلِ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُمْ عَلِمُوا انْتَهَى، وَلَعَلَّك أَيُّهَا السَّائِلُ تَتَنَبَّهُ لِمَا فِي قَوْلِك أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ ابْتَاعَ مَنْزِلًا مِنْ امْرَأَةٍ وَكَتَبَ بِهِ وَثِيقَةً وَمَكَثَتْ الْمَرْأَةُ فِيهِ مُدَّةً مِنْ
السِّنِينَ، وَهُوَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ لِغَيْرِ إصْلَاحٍ بِالْبِنَاءِ وَالْهَدْمِ فَقَامَ الْآنَ جَمَاعَةٌ يُرِيدُونَ نَزْعَهُ، وَيَدَّعُونَ أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي بَاعَتْهُ وَرَثَته عَنْ أُمِّهَا، وَهُمْ عَصَبَتُهَا فَهَلْ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُمْ حِينَئِذٍ، وَالْحَالُ أَنَّهُمْ حَاضِرُونَ بِالْبَلَدِ عَالِمُونَ بِالْبَيْعِ سَاكِتُونَ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ شَرْعِيٍّ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُمْ فَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ نَزْعِ الْمَنْزِلِ مِنْ مُشْتَرِيه إنْ ثَبَتَ حُضُورُهُمْ مَجْلِسَ الْبَيْعِ سَاكِتِينَ بِلَا مَانِعٍ مِنْ رَدِّ الْبَيْعِ فِي نَصِيبِهِمْ، وَأَخَذَ الْبَاقِي بِالشُّفْعَةِ أَوْ لَمْ يَحْضُرُوهُ وَثَبَتَ عِلْمُهُمْ بِهِ بَعْدُ، وَسُكُوتُهُمْ بَعْدَ الْعِلْمِ عَامًا فَأَكْثَرَ بِلَا مَانِعٍ، وَالنَّصُّ بِذَلِكَ تَقَدَّمَ فِي جَوَابِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ بَاعَ جَارِيَةً لِآخَرَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَدَّرَهُ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ طَلَبَ الْبَائِعِ ثَمَنَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي فَمَاطَلَهُ فَطَلَبَ الْبَائِعُ جَارِيَتَهُ بِعَيْنِهَا فَأَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ نَجَّزَ عِتْقَهَا فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مَلِيًّا بِثَمَنِ الْجَارِيَةِ يَوْمَ طَلَبِهِ مِنْهُ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ طَلَبُ عَيْنِ الْجَارِيَةِ، وَإِنَّمَا لَهُ طَلَبُ الثَّمَنِ، وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى دَفْعِهِ لَهُ سَوَاءٌ أَثْبَتَ عِتْقَهُ الْجَارِيَةَ أَوْ لَمْ يُثْبِتْ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَلِيٍّ بِهِ يَوْمَهُ فَلِلْبَائِعِ أَخْذُ عَيْنِ جَارِيَتِهِ، وَنَقْصُ عِتْقِهِ إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ قَبْلَهُ وَيَسْكُتُ، وَلَمْ يَطُلْ زَمَنُ الْعِتْقِ بِاشْتِهَارِ الْجَارِيَةِ بِالْحُرِّيَّةِ، وَثُبُوتِ أَحْكَامِهَا لَهَا بِالْإِرْثِ وَنَحْوِهِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي مَبْحَثِ الْعِتْقِ إنَّمَا يَلْزَمُ عِتْقٌ بِلَا حَجْرٍ، وَإِحَاطَةِ دَيْنٍ، وَلَوْ لَمْ يَحْجُرْ، وَلِغَرِيمِهِ رَدُّهُ أَوْ بَعْضُهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ، وَيَسْكُتَ أَوْ يَطُولَ لِأَنَّ الطُّولَ مَظِنَّةُ الْعِلْمِ أَوْ إفَادَةُ مَالٍ أَوْ يُفِيدُ مَالًا، وَلَوْ قَبْلَ نُفُوذِ الْبَيْعِ لِلْعَبْدِ اهـ.
وَقَالَ فِي مَبْحَثِ الْفَلَسِ: وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ الْمَدْفُوعِ قَبْلَ الْفَلَسِ إنْ لَمْ يُجِزْهُ الْمَيِّتُ، وَلَمْ تُفِدْهُ الْغُرَمَاءُ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ، وَلَوْ مَسْكُوكًا أَوْ آبِقًا، وَلَا شَيْءَ لَهُ إنْ لَمْ يَجِدْهُ أَوْ حَالَ سَوْقِهِ أَوْ صُبِغَ أَوْ دُبِغَ لَا ذُبِحَ أَوْ فُصِلَ أَوْ سَمِنَ أَوْ طُحِنَ أَوْ خُلِطَ بِغَيْرِ مِثْلِهِ أَوْ تَتَمَّرَ اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مَنْزِلًا، وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى سَبْعِ سِنِينَ، وَوَقْتُ تَارِيخِهِ قَامَ رَجُلٌ، وَادَّعَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ حِصَّةً فِي هَذَا الْمَنْزِلِ آلَتْ إلَيْهِ بِالْإِرْثِ مِنْ عَمَّةِ أَبِيهِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ بِذَلِكَ هَلْ لَهُ أَخْذُ مَا يَخُصُّهُ مَجَّانًا، وَالْبَاقِي بِالشُّفْعَةِ، وَمَا الْحُكْمُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ إنْ ثَبَتَ اسْتِحْقَاقُهُ الْحِصَّةَ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَهُ أَخْذُ مَا يَخُصُّهُ مَجَّانًا، وَالْبَاقِي بِالشُّفْعَةِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ حَتَّى يُثْبِتَ الْمُشْتَرِي عِلْمَهُ بِهِ قَبْلَ قِيَامِهِ بِعَامٍ، وَهُوَ سَاكِتٌ بِلَا مَانِعٍ فَإِنْ أَثْبَتَ ذَلِكَ سَقَطَتْ تَبَاعَةُ الْقَائِمِ لَهُ، وَتَبِعَ الْبَائِعَ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ مَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ، وَهُوَ سَاكِتٌ بِلَا مَانِعٍ فَإِنْ مَضَتْ لَمْ يَتْبَعْهُ بِهِ أَيْضًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنُ سَلْمُونٍ بِهَذَا آنِفًا فِي الْجَوَابِ عَنْ نَحْوِ هَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَا يَقَعُ فِي بِلَادِ الرِّيفِ يَبِيعُ الرَّجُلُ الْبَقَرَةَ بِنِتَاجِهَا أَوْ النَّعْجَةَ بِنِتَاجِهَا، وَلَمْ يُفَصِّلْ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الثَّمَنِ فَهَلْ إذَا قَامَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ يُرِيدُ إبْطَالَ الْبَيْعِ بِسَبَبِ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْجَهْلِ
عَنْ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا لِعِلْمِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنَّ الثَّمَنَ وَالْمُثَمَّنَ الْبَقَرَةُ وَوَلَدُهَا مَثَلًا، وَلَا يُنَافِي هَذَا عَدَمَ تَفْصِيلِ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْهَا، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُخْتَصَرِ رَجُلَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ فِي مَجْهُولِ التَّفْصِيلِ كَعَبْدَيْ رَجُلَيْنِ بِكَذَا فَمَفْهُومُهُ أَنَّ عَبْدَيْ رَجُلٍ بِكَذَا صَحِيحٌ، وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ مَا لِكُلِّ عَبْدٍ مِنْهُمَا مِنْ الثَّمَنِ، وَمَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى أَيْضًا مِنْ قَوْلِ شُرَّاحِهِ مَحِلُّ الْمَنْعِ إنْ كَانَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ، وَالْآخَرُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا أَوْ كَانَا مُشْتَرِكَيْنِ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةٍ مُخْتَلِفَةِ بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُشْتَرِكًا بِالنِّصْفِ، وَالْآخَرُ بِالثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ مَثَلًا أَمَّا إنْ كَانَا مُشْتَرِكَيْنِ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةٍ وَاحِدَةٍ هِيَ النِّصْفُ فِي كُلٍّ أَوْ ثُلُثُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَحَدِهِمَا، وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَانِ مَثَلًا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ لِعَدَمِ الْجَهْلِ بِالتَّفْصِيلِ فَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا بِالْأَوْلَى الصِّحَّةُ فِي عَبْدَيْ رَجُلٍ مَعَ عَدَمِ التَّفْصِيلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلَيْنِ مُشْتَرِكَيْنِ فِي غِلَالٍ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثَانِ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ، وَالْغِلَالُ تَحْتَ يَدِهِ فَبَاعَ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ نَصِيبَهُ لِأَجْنَبِيٍّ، وَقَبَضَ الثَّمَنَ، وَأَحَالَهُ عَلَى شَرِيكِهِ لِيُوَفِّيَهُ ذَلِكَ ثُمَّ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ قَامَ الْمُشْتَرِي مُرِيدًا إبْطَالَ الْبَيْعِ، وَأَخْذَ الثَّمَنِ مُتَعَلِّلًا بِعَدَمِ الْكَيْلِ، وَتَفَاقَمَ الْأَمْرُ بَيْنَهُمَا فَمَا الْحُكْمُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ جَبْرًا عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الْبَيْعَ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي تَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِهَا بِالْقَوْلِ، وَلَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ، وَلَا لُزُومُهُ عَلَى قَبْضِ ثَمَنٍ وَلَا مُثَمَّنٍ إلَّا إنْ كَانَ عَقْدُهُ بِمُجَرَّدِ الْإِعْطَاءِ فَيَتَوَقَّفُ لُزُومُهُ عَلَى الْإِعْطَاءِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ الْبَيْعُ بِمُفِيدِ الرِّضَا، وَيَلْزَمُ مُكَلَّفًا دَخَلَ فِيهِ الْمُعَاطَاةُ فِي حَقِيرٍ وَجَلِيلٍ حَيْثُ أَفَادَتْهُ عُرْفًا كَمَا فِي الْبُنَانِيِّ، وَمِنْ جَانِبٍ لَا يَلْزَمُ قَبْلَ الْآخَرِ اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ تَأَخَّرَ عَلَيْهِ مَالٌ لِلدِّيوَانِ فَطَلَبَهُ الْحَاكِمُ بِوَفَائِهِ، وَلَهُ نَخِيلٌ فَبَاعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ عَلَى التَّبْقِيَةِ، وَقُلْتُمْ بِفَسَادِهِ فَهَلْ إذَا أَرَادَ الْبَائِعُ فَسْخَهُ فَوُجِدَ الْمُشْتَرِي جَذَّ بَعْضِ الثَّمَرِ لَهُ ذَلِكَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمَا فَسْخُهُ ثُمَّ إنْ كَانَ الْبَعْضُ الْمَجْذُوذُ قَائِمًا رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِعَيْنِهِ، وَإِلَّا رَدَّ مِثْلَهُ إنْ عَلِمَ وَزْنَهُ، وَإِلَّا رَدَّ قِيمَتَهُ سَوَاءٌ جَذَّهُ رُطَبًا أَوْ تَمْرًا عَلَى مَا حَقَّقَهُ الْأُجْهُورِيُّ وَالْعَدَوِيُّ قَالَ الْخَرَشِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُخْتَصَرِ لَا عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ الْإِطْلَاقِ أَيْ لَا يَبِيعُهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ مُنْفَرِدًا عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ عَلَى الْإِطْلَاقِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لِجَذِّهِ، وَلَا تَبْقِيَتِهِ فَلَا يَصِحُّ وَيُفْسَخُ، وَضَمَانُ الثَّمَرَةِ مِنْ الْبَائِعِ مَا دَامَتْ فِي رُءُوسِ الشَّجَرِ فَإِذَا جَذَّهَا رُطَبًا رَدَّ قِيمَتَهَا وَتَمْرًا رَدَّهُ بِعَيْنِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِلَّا رَدَّ مِثْلَهُ أَيْ إنْ عَلِمَ، وَإِلَّا رَدَّ قِيمَتَهُ، انْتَهَى. قَالَ مُحَشِّيهِ الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ هَذِهِ عِبَارَةُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ الْأُجْهُورِيُّ وَظَاهِرُهَا أَنَّهُ يَرُدُّ الْقِيمَةَ كَانَ الرُّطَبُ قَائِمًا أَوْ فَائِتًا عَلِمَ وَزْنَهُ أَمْ لَا، وَالْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ أَنْ يُقَالَ فِيهِ مَا قِيلَ فِي التَّمْرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلٍّ لَا يُوزَنُ فَيَرُدُّ عَيْنَهُ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِلَّا فَقِيمَتَهُ، وَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ عِنْدَ الْجَذَاذِ مَا فِيهِ دَلَالَةٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الرُّطَبِ اهـ أَقُولُ وَهُوَ كَلَامٌ ظَاهِرٌ فَلْيُعَوَّلْ عَلَيْهِ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ اسْتَوْلَى حَاكِمًا، وَقَدْ اشْتَرَى فِي زَمَنِ حُكْمِهِ حَلَّةً لِصِنَاعَةِ السُّكَّرِ مِنْ رَجُلٍ