الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنُ رُشْدٍ انْتَهَى وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي ثَلَاثَةِ إخْوَةٍ مَتْرُوكِينَ فَتَعَدَّى أَحَدُهُمْ عَلَى نَاقَةِ شَخْصٍ بِضَرْبِهَا عَلَى رَأْسِهَا فَمَاتَتْ فَقَامَ عَلَيْهِمْ صَاحِبُهَا فَدَفَعَ عَنْهُمْ قِيمَتَهَا رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ شَرِيكٌ لَهُمْ فِي الزَّرْعِ ثُمَّ أَرَادُوا الْمُقَاسَمَةَ وَالِانْعِزَالَ مِنْ بَعْضِهِمْ وَأَنْ يُحَاسِبُوا الْجَانِيَ بِقِيمَةِ النَّاقَةِ لِيَدْفَعُوهَا لِلشَّرِيكِ فَامْتَنَعَ الْجَانِي مِنْ ذَلِكَ فَمَا الْحُكْمُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لَيْسَ لِغَيْرِ الْجَانِي مِنْ الْإِخْوَةِ مُحَاسَبَةُ الْجَانِي بِالْقِيمَةِ الَّتِي دَفَعَهَا عَنْهُ شَرِيكُهُمْ فِي الزَّرْعِ إلَّا بِتَوْكِيلٍ مِنْهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الْمُقَاسَمَةُ عَلَى حَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ، وَإِعْطَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ مَا يَخْرُجُ لَهُ بِتَمَامِهِ سَوَاءٌ غَيْرُ الْجَانِي وَالْجَانِي وَيَتْبَعُهُ وَحْدَهُ دَافِعُ الْقِيمَةِ بِهَا إنْ شَاءَ وَهَذَا ضَرُورِيٌّ وَلَا يَحْتَاجُ لِنَصٍّ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ أَخْرَجَهُ حَاكِمُ بَلْدَتِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ قَهْرًا عَنْهُ وَجَبَرَهُ مَشَايِخُ النَّاحِيَةِ عَلَى عِمَارَتِهِ فَلَمَّا تَمَّ أَقَامَ فِيهِ الْحَاكِمُ سَنَتَيْنِ ثُمَّ حَضَرَ وَلَدُ رَبِّ الْمَنْزِلِ مِنْ النِّظَامِ وَأَعْرَضَ لِلْبَاشَا فِي ذَلِكَ فَحَكَمَ لَهُ بِإِخْرَاجِ الْحَاكِمِ مِنْ الْمَنْزِلِ فَلَمَّا خَرَجَ طَلَبَ الْمَشَايِخُ رَبَّهُ بِأُجْرَةِ الْعِمَارَةِ مِنْ أَخْشَابٍ وَغَيْرِهَا فَهَلْ لَا يَكُونُ لَهُمْ رُجُوعٌ عَلَيْهِ بَلْ يَكُونُ لَهُمْ الرُّجُوعُ عَلَى الْحَاكِمِ الْمُجْبِرِ لَهُمْ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَقَلَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ لَيْسَ عُذْرًا مُبِيحًا لِلْمُكْرَهِ الْقُدُومَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا مُسْقِطًا الْغُرْمَ عَنْهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفُّ عَمَّا أُكْرِهَ عَلَيْهِ وَإِنْ اقْتَحَمَ النَّهْيُ ضَمِنَ وَغَرِمَ وَنَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْهَا وَعَنْ مُعِينِ الْحُكَّامِ أَيْضًا إذَا عَلِمْتَ هَذَا فَالْمَشَايِخُ مُتَعَدُّونَ فِي تَعْمِيرِهِمْ الْمَنْزِلَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَيُخَيَّرُ رَبُّ الْمَنْزِلِ بَيْنَ أَنْ يُلْزِمَهُمْ بِإِزَالَةِ مَا أَحْدَثُوهُ فِيهِ مِمَّا يَنْتَفِعُ بِهِ بَعْدَ قَلْعِهِ كَالْخَشَبِ وَالْحَجَرِ وَالْآجُرِّ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ وَأَنْ يَدْفَعَ لَهُمْ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَيُبْقِيهِ لِنَفْسِهِ مَطْرُوحًا مِنْهَا أُجْرَةُ مَنْ يَتَوَلَّى الْقَلْعَ وَالتَّسْوِيَةَ وَإِنْ كَانَ شَأْنُهُمْ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ لَهُمْ فِيمَا لَا قِيمَةَ لَهُ بَعْدَ قَلْعِهِ كَالْجِيرِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي هُرُوبِ الرَّجُلِ مِنْ بَلَدِهِ تَارِكًا عَقَارَهُ فَيُجْبِرُ الْحَاكِمُ الْمُقِيمَ فِيهِ عَلَى زَرْعِ أَرْضِ الْهَارِبِ وَدَفْعِ مَالِهَا ثُمَّ يَعُودُ الْهَارِبُ لَهُ فَيَجِدُ الْمُقِيمُ تَصَرَّفَ فِي نَخِيلِهِ بِالْقَطْعِ وَالْبَيْعِ فَهَلْ يُغَرِّمُهُ قِيمَةَ مَا قَلَعَ وَثَمَنَ مَا بَاعَ وَلَا يُعْذَرُ بِجَبْرِ الْحَاكِمِ لَهُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لِلْهَارِبِ تَغْرِيمُهُ قِيمَةَ مَا قَلَعَ وَثَمَنَ مَا بَاعَ وَلَهُ فَسْخُ بَيْعِهِ وَأَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا فَإِنْ فَاتَ غَرَّمَهُ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَمِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا مَعْلُومَ الْقَدْرِ وَإِلَّا غَرَّمَهُ قِيمَتَهُ أَيْضًا وَلَا يُعْذَرُ الْمُقِيمُ بِجَبْرِ الْحَاكِمِ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
[رَجُل تَعَدَّى عَلَى جَمَلِ مَدِينِهِ وَرَهَنَهُ فِي دَيْنِهِ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ تَعَدَّى عَلَى جَمَلِ مَدِينِهِ وَرَهَنَهُ فِي دَيْنِهِ ثُمَّ لَمَّا أَرَادَ مَدِينُهُ أَنْ يُوَفِّيَهُ مَا عَلَيْهِ أَحْضَرَ لَهُ الْجَمَلَ ضَعِيفًا لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ فَامْتَنَعَ الْمَدِينُ مِنْ قَبُولِهِ وَبَقِيَ الْجَمَلُ كَذَلِكَ مُدَّةً
ثُمَّ مَاتَ فَهَلْ يَضْمَنُهُ رَبُّ الدَّيْنِ الْمُتَعَدِّي.
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَضْمَنُ رَبُّ الدَّيْنِ الْمُتَعَدِّي عَلَى الْجَمَلِ قِيمَتَهُ يَوْمَ تَعَدِّيهِ وَوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ بِلَا إذْنٍ مِنْ رَبِّهِ الْمَدِينِ حَيْثُ كَانَ صَحِيحًا يَوْمَهُ وَحَدَثَ لَهُ الْمَرَضُ بَعْدَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ ابْنُ عَرَفَةَ التَّعَدِّي التَّصَرُّفُ فِي شَيْءٍ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ دُونَ قَصْدِ تَمَلُّكِهِ كَذَا فِي الْبُنَانِيِّ فَوَثِيقَةُ الْأَرْيَافِ أَقْرَبُ إلَيْهِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا لَا الْغَصْبُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَقْصِدُونَ التَّمَلُّكَ الْمُطْلَقَ وَلَكِنْ ظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ التَّعَدِّي عَلَى الْمَنْفَعَةِ الَّتِي لَا تُضْمَنُ فِيهِ الذَّاتُ بَلْ تُضْمَنُ وَلَا غَلَّةَ إلَّا بِالِاسْتِيفَاءِ فَإِنَّ الْمُحَشِّيَّ ذَكَرَ أَنَّ مَحَلَّ إطْلَاقِ ضَمَانِ الْمَنْفَعَةِ بِالتَّعَدِّي عَلَيْهَا لَا فِي غَيْرِهِ مِنْ أَقْسَامِ التَّعَدِّي نَعَمْ التَّعْيِيبُ الْيَسِيرُ فِيهِ الْأَرْشُ لَا الْقِيمَةُ كَمَا فِي الْغَصْبِ فَلْيُنْظَرْ اهـ. وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ تَعَدَّى عَلَى فَرَسٍ وَرَكِبَهَا لَيْلًا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا وَرَمَحَهَا أَكْثَرَ مِنْ فَرْسَخٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا فِي فَجْرِ لَيْلَةِ الرَّمْحِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَلَا بَيِّنَةَ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِهِ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْجَنِينِ وَأُمِّهِ إنْ تَلِفَتْ، أَوْ تَلْزَمُهُ يَمِينٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ تَلْزَمُهُ يَمِينٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ حَلَفَهَا فَإِنْ نَكَلَ عَنْهَا غَرِمَ قِيمَةَ الْجَنِينِ إنْ نَزَلَ حَيًّا وَأَرْشَ نَقْصِ أُمِّهِ إنْ لَمْ تَمُتْ وَقِيمَتَهَا إنْ مَاتَتْ فَإِنْ نَزَلَ مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْجَنِينِ وَفِي الْأُمِّ مَا تَقَدَّمَ وَهَذَا فِي دَعْوَى الِاتِّهَامِ وَفِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ لَا يَغْرَمُ حَتَّى يَحْلِفَ الْمُدَّعِي فَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ قَطَعَ نَخْلَةً لَهُ مِنْ جَدْرِهَا وَلَمْ يُدَعِّمْهَا فَسَقَطَتْ عَلَى نَخْلَةٍ لِغَيْرِهِ فَأَسْقَطَتْهَا فَهَلْ يَضْمَنُهَا؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَضْمَنُهَا لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ رَبْطِهَا وَإِدْعَامِهَا كَمَا هُوَ الْعَادَةُ؛ وَلِأَنَّ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ وَهَذَا ضَرُورِيٌّ وَمَعَ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَفْهُومُ قَوْلِهِمْ مَنْ أَحْرَقَ فُرْنُهُ دَارَ جَارِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيُعْلَمُ بِقِيَاسِ الْمُسَاوَاةِ عَلَى تَأْجِيجِ نَارٍ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ وَبِقِيَاسِ الْأَوْلَى عَلَى سُقُوطِ جِدَارٍ ظَهَرَ مَيَلَانُهُ لِصَاحِبِهِ، أَوْ بِنَاءٍ كَذَلِكَ وَأُنْذِرَ صَاحِبُهُ وَأَمْكَنَ تَدَارُكُهُ الْمَحْكُومِ فِيهَا بِالضَّمَانِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي تَوْزِيعِ مَا يَجْعَلُهُ الْعُمَّالُ عَلَى الرَّعِيَّةِ وَيَسْتَعْجِلُونَهُمْ فِيهِ وَيُلْزِمُونَهُمْ بِهِ فَهَلْ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ يُوَزَّعُ؟ فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ سُئِلَ عَنْهَا الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَسُئِلَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ الْعَامِلِ إذَا رَمَى عَلَى قَوْمٍ دَنَانِيرَ وَهُمْ أَهْلُ قَرْيَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ لَهُمْ ائْتُونِي بِكَذَا وَكَذَا دِينَارًا وَلَمْ يُوَزِّعْهَا فَهَلْ لَهُمْ سَعَةٌ فِي تَوْزِيعِهَا بَيْنَهُمْ وَهُمْ لَا يَجِدُونَ مِنْ ذَلِكَ بُدًّا وَهَلْ يُوَزِّعُونَهَا عَلَى قَدْرِ الْأَمْوَالِ، أَوْ عَدَدِ الرُّءُوسِ وَهَلْ لِمَنْ أَرَادَ الْهُرُوبَ حِينَئِذٍ وَيَرْجِعُ بَعْدَ ذَلِكَ سَعَةٌ وَيَعْلَمُ أَنَّ حَمْلَهُ يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِهِ وَهَلْ لَهُ سُؤَالُ الْعَامِلِ فِي تَرْكِهِ أَمْ لَا وَهَلْ يَقُولُونَ لِلْعَامِلِ اجْعَلْ لَنَا مِنْ قِبَلِك مَنْ يُوَزِّعُهَا وَإِنْ فَعَلُوا خَافُوا أَيْضًا أَنْ يَطْلُبَهُمْ وَهَلْ تَرَى الشِّرَاءَ
لِشَيْءٍ مِنْ هَؤُلَاءِ لِشَيْءٍ يَبِيعُونَهُ مِنْ أَجْلِ مَا رَمَى عَلَيْهِمْ، أَوْ يَتَسَلَّفُونَهُ وَهُمْ لَيْسَ عَلَيْهِمْ أَعْوَانٌ إلَّا أَنَّهُمْ إنْ أَبْطَئُوا بِالْمَالِ أَتَتْهُمْ الْأَعْوَانُ.
فَقَالَ إنْ أَجْمَعُوا عَلَى تَوْزِيعِهِ بِرِضًا مِنْهُمْ وَلَيْسَ فِيهِمْ طِفْلٌ وَلَا مَوْلًى عَلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ اخْتَلَفُوا فَلَا يَتَكَلَّفُ السَّائِلُ مِنْ هَذَا شَيْئًا وَلْيُؤَدِّ مَا جُعِلَ عَلَيْهِ وَتَوْزِيعُهُمْ إيَّاهُ عَلَى مَا جَعَلَهُ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ إمَّا عَلَى الْأَمْوَالِ، أَوْ الرُّءُوسِ وَمَنْ هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ فِي سَعَةٍ وَأَمَّا تَسَبُّبُهُ فِي سَلَامَتِهِ مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ عِنْدِي إلَّا أَنْ يَسْأَلَ أَنْ يُعَافَى مِنْ الْمَغْرَمِ قَبْلَ أَنْ يَنْفُذَ فِيهِ الْأَمْرُ وَأَمَّا بَيْعُ هَؤُلَاءِ لِعُرُوضِهِمْ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَنْ أَخَذُوا بِذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ وَقَبْلَ الْأَخْذِ بِذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِالشِّرَاءِ مِنْهُمْ حِينَئِذٍ وَمَا تَسَلَّفُوهُ فِي حَالِ الضَّغْطَةِ فَلِمَنْ أَسْلَفَهُمْ الرُّجُوعُ عَلَيْهِمْ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَهَذَا اخْتِيَارِي قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَهَذَا وَاضِحٌ وَإِنْ تَعَرَّضَ السُّلْطَانُ فَجَعَلَهَا عَلَى الرُّءُوسِ، أَوْ الْأَمْوَالِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِشَيْءٍ فَيُقَدَّمُ مَا لِشَيْخِنَا أَبِي مُحَمَّدٍ الشَّبِيبِيِّ وَمَا فَعَلْنَاهُ حِينَ قُفُولِنَا مِنْ الْحَجِّ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ أَنَّهُ عَلَى قَدْرِ الْأَمْوَالِ لَكِنْ عَارَضَتْهُ مَفْسَدَةٌ أُخْرَى وَقَدْ مَرَّتْ.
وَسُئِلَ أَبُو مُحَمَّدٍ أَيْضًا عَمَّنْ رَمَى عَلَيْهِمْ السُّلْطَانَ مَالًا فَيَتَعَاوَنُ النَّاسُ فِي جَمْعِهِ عَلَى وَجْهِ الْإِنْصَافِ، فَقَالَ نَعَمْ هَذَا مِمَّا يُصْلِحُهُمْ إذَا خَافُوا وَهَذِهِ ضَرُورَةٌ اهـ.
وَسُئِلَ أَبُو عِمْرَانَ فِي تَعَالِيقِهِ عَنْ الَّذِينَ يَحْضُرُونَ الْغُرْمَ الَّذِي يَطْرَحُهُ السُّلْطَانُ عَلَى النَّاسِ فَهَلْ يَقْدَحُ فِي الْحَاضِرِينَ حِينَ رَمْيِهِمْ ذَلِكَ؟ قَالَ لَا؛ لِأَنَّهَا ضَرُورَةٌ وَلَوْ لَمْ يَحْضُرْ وَغَابَ عَنْ النَّاسِ وَغَابَ غَيْرُهُ فَرُبَّمَا جَاءَ الْأَعْوَانُ فَسَجَنُوهُمْ، أَوْ حَمَلُوا مَعَاشَهُمْ وَلَكِنْ عَلَى وَجْهِ الضَّرُورَةِ اهـ.
قَالَ الْبُرْزُلِيُّ مَعْنَاهُ وَلَا يَدْخُلُ فِي التَّوْظِيفِ عَلَى أَحَدٍ وَإِنَّمَا يَحْضُرُ صَامِتًا حَتَّى تُوَظِّفَ الْجَمَاعَةُ ذَلِكَ وَيُعِينُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى الْمُعَدَّلَةِ وَأَمَّا لَوْ دَخَلَ فِي التَّوْظِيفِ فَلَا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُخْطِئُ فِيهِ فَيَكُونُ ظَالِمًا لِمَنْ أَخْطَأَ عَلَيْهِ.
وَسُئِلَ أَبُو مُحَمَّدٌ هَلْ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ مِنْ الْأَدَاءِ إذَا خَلَصَ لَهُ الْجَاهُ أَوْ نَحْوُهُ فَقَالَ لَا يَنْبَغِي لَهُ خَلَاصُ نَفْسِهِ إلَّا قَبْلَ فَرْضِ الْمَالِ لِيَخْرُجَ عَلَى النَّاسِ فِي أَدَائِهِ أَوْ يُحَاسِبُهُمْ السُّلْطَانُ بِهِ، وَسُئِلَ عَنْهَا أَبُو عِمْرَانَ أَيْضًا قِيلَ لَهُ رَجُلٌ يَكُونُ فِي قَوْمٍ تَحْتَ سُلْطَانٍ غَالِبٍ يَرْسُمُ عَلَيْهِمْ الْغُرْمَ وَيَكُونُ فِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ مَقَامٌ لَا يُؤَدِّي مَعَهُمْ فَقَالَ الصَّوَابُ أَنْ يُؤَدِّيَ مَعَهُمْ وَيُعِينَهُمْ إذَا كَانُوا إنَّمَا يُؤَدُّونَ مَخَافَةَ مَا يَنْزِلُ بِهِمْ قَالَ وَلَا يَبْلُغُ بِهِمْ مَبْلَغَ الْإِثْمِ إنْ نَزَلَ ذَلِكَ وَعُوفِيَ وَلَكِنَّ هَذَا الَّذِي يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَ اهـ.
وَسُئِلَ عَنْهَا الدَّاوُدِيُّ أَيْضًا فَقِيلَ لَهُ فَهَلْ تَرَى لِمَنْ قَدَرَ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ دَفْعِ هَذَا الَّذِي يُسَمَّى بِالْخَرَاجِ إلَى السُّلْطَانِ أَنْ يَفْعَلَ.
قَالَ نَعَمْ يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ قِيلَ لَهُ فَإِنْ وَظَّفَهُ السُّلْطَانُ عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ وَأَخَذَهُمْ بِمَالٍ مَعْلُومٍ يُؤَدُّونَهُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ هَلْ لِمَنْ قَدَرَ عَلَى الْخَلَاصِ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَفْعَلَ وَهُوَ إذَا خَلَصَ أَخَذَ سَائِرَ أَهْلِ بَلَدِهِ بِتَمَامِ مَا جَعَلَ عَلَيْهِمْ.
قَالَ ذَلِكَ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ} [الشورى: 42] وَإِلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي السَّاعِي يَأْخُذُ مِنْ غَنَمِ الْخُلَطَاءِ شَاةً وَلَيْسَ فِي جَمِيعِهَا نِصَابٌ أَنَّهَا مَظْلِمَةٌ دَخَلَتْ عَلَى رَبِّهَا لَا يَرْجِعُ عَلَى أَصْحَابِهِ بِشَيْءٍ وَلَسْت آخُذُ فِي هَذَا بِمَا رُوِيَ عَنْ سَحْنُونَ؛ لِأَنَّ الظُّلْمَ فِي هَذَا لَا أُسْوَةَ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُ أَحَدًا أَنْ يُدْخِلَ نَفْسَهُ فِي ظُلْمٍ مَخَافَةَ أَنْ يُضَاعَفَ الظُّلْمُ عَلَى غَيْرِهِ انْتَهَى.
قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فَظَاهِرُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهَا فِي مَسْأَلَةِ إذَا دَخَلَ الْحَيَوَانُ عَلَى الْإِنْسَانِ فِي حَائِطِهِ وَإِذَا أَخْرَجَهُ فَلَا يُخْرِجُهُ إلَّا عَلَى غَيْرِهِ فَهَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَيَتَسَبَّبُ فِيهِ، أَوْ يَتْرُكُهُ حَتَّى يَخْرُجَ بِنَفْسِهِ.
وَسُئِلَ سَحْنُونٌ عَنْ رُفْقَةٍ مِنْ بِلَادِ السُّودَانِ يُؤْخَذُونَ بِمَالٍ فِي الطَّرِيقِ لَا يَنْفَكُّونَ
عَنْهُ فَتَوَلَّى دَفْعَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ مِنْ مَالِهِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَاقِينَ بِمَا يَخُصُّهُمْ فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ نَعَمْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ الْخَلَاصَ إلَّا بِذَلِكَ وَهِيَ ضَرُورَةٌ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْهَا وَأَرَاهُ جَائِزًا اهـ.
قَالَ الْبُرْزُلِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ فَدَى مَالًا مِنْ أَيْدِي اللُّصُوصِ وَالصَّحِيحُ لُزُومُهُمْ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَتَخَلَّصُوا إلَّا هَكَذَا، وَذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ عَلَى قَدْرِ أَمْوَالِهِمْ كَالْخِفَارَةِ عَلَى الزَّرْعِ وَالْغَلَّاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَكَانَ شَيْخُنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الشَّبِيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَخْتَارُ أَنَّهُ عَلَى عَدَدِ الْأَحْمَالِ لَا عَلَى قِيمَتِهَا وَيُعَلِّلُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى كَشْفِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَيَخَافُ عَلَى مَنْ حِمْلُهُ غَالٍ مِنْ إجَاحَتِهِ وَقَصَدَ بِالْإِجَاحَةِ فِي الطَّرِيقِ وَقَدْ اخْتَرْته أَنَا حِينَ قَفَلْنَا مِنْ الْحَجِّ بِبِلَادِ بُرْقَةَ ضَرَبْنَا الْخِفَارَةَ مَرَّةً عَلَى عَدَدِ الْأَحْمَالِ وَمَرَّةً عَلَى عَدَدِ الْإِبِلِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ خَلَطَ عَلَيْنَا أَعْرَابُ أَفْرِيقِيَّةِ فَعَمِلْنَا عَلَى عَدَدِ الْإِبِلِ خَاصَّةً لَمَّا خِفْت عَلَى مَنْ بِيَدِهِ شَيْءٌ غَالٍ فِي الرُّفْقَةِ أَنْ يُسْرِفَ لَهُ، أَوْ يُجَاحَّ قَصْدًا وَأَنَّهُ لَحَسَنٌ مِنْ الْفَتْوَى إذَا كَانَ الْمَأْخُوذُ قَلِيلًا وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا جِدًّا فَيَتَرَجَّحُ فِيهِ اعْتِبَارُ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَصْطَلِحُوا عَلَى مَا يَحْسُنُ يُزَادُ بَعْضُ شَيْءٍ عَلَى مَنْ رَحْلُهُ غَالٍ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
(وَسُئِلَ أَبُو مُحَمَّدٍ) عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ يَحْتَسِبُ لِأَهْلِ بَلَدِهِ كِتَابَةَ أَسْمَائِهِمْ وَمَا يُوضَعُ عَلَيْهِمْ إذَا رَمَى السُّلْطَانُ عَلَيْهِمْ مَالًا لِيَقْتَضِيَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَيُدْفَعَ لَهُ (فَأَجَابَ) لَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ وَيَتْرُكُ غَيْرَهُ يَتَوَلَّاهُ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدِي بِاَلَّذِي يُسْقِطُ شَهَادَتَهُ لِتَوَلِّيهِ.
قَالَ الْبُرْزُلِيُّ مِثْلُهُ مَا يَقَعُ الْيَوْمَ فِي قُرَى تُونُسَ تَكُونُ عَلَيْهِمْ وَظَائِفُ مَخْزَنِيَّةٌ ظُلْمِيَّةٌ فَيَطْلُبُونَ أَئِمَّتَهُمْ فِي كَتْبِهَا لَهُمْ إمَّا فِي بِطَاقَةٍ، أَوْ بَطَائِقَ وَتَارَةً يَطْلُبُونَهَا بِأَنْفُسِهِمْ وَتَارَةً يَدْفَعُونَهَا إلَى أَعْوَانِ السُّلْطَانِ، أَوْ الْعُمَّالِ، وَالثَّانِي أَشَدُّ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَسْلِيطِ الْعُمَّالِ عَلَى آحَادِهِمْ وَرُبَّمَا أَدَّى ذَلِكَ إلَى إضْرَارِهِمْ وَأَمَّا لَوْ كَانُوا يَكْتُبُونَ ذَلِكَ إلَى الْعُمَّالِ بِغَرَضِهِمْ، أَوْ بِغَرَضِ الْعُمَّالِ فَهَذَا لَا شَكَّ فِي حُرْمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعُونَةٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَهِيَ مَعْصِيَةٌ بَلْ لَا يَجُوزُ نَظَرُ هَذِهِ الْأَزِمَّةِ وَلَا قِرَاءَتُهَا لِلدَّلَالَةِ وَأَمَّا لَوْ الْتَزَمَ عَامِلٌ مَالًا عَلَى سُوقٍ وَهُوَ مَوْظُوفٌ عَلَى مَا يَجْلِبُونَهُ وَعَلَى مَا يَجْلِبُهُ غَيْرُهُمْ لَكِنْ هُمْ الْأَكْثَرُ مَا مِثْلُ يُلْتَزَمُ فِي بَعْضِ الْأَسْوَاقِ بِتُونُسَ كَالدَّبَّاغِينَ فَإِنْ طَلَبَ الْمُلْتَزِمُ كِتَابَتَهُ مِنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ فَهُوَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى جِبَايَةِ الْحَرَامِ وَلَوْ طَلَبَ الْجَمَاعَةُ رَجُلًا مِنْهُمْ يَجْمَعُ هَذَا الْمَالَ وَدَفْعَهُ عَنْهُمْ وَالْتَزَمُوا أَدَاءَهُ وَمَا بَقِيَ مِنْهُ يُوَظِّفُونَهُ عَلَيْهِمْ كَالْغَرَامَاتِ فَهَذَا إنْ كَانَ لَا يُدْخِلُ عَلَيْهِمْ غَيْرَهُمْ فِيهِ فَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ أَبُو مُحَمَّدٍ لَا يَنْبَغِي لَهُ فِعْلُهُ بَلْ يُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ وَيَسْلَمُ مِنْ هَذَا فَإِنْ فَعَلَ فَلَيْسَ بِجُرْحَةٍ وَأَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرُهُمْ يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْمَغْرَمِ مِمَّنْ يُجْلَبُ إلَى ذَلِكَ السُّوق مِنْ غَيْرِهِمْ مَعَهُمْ كَسُوقِ الْجَزَّارِينَ بِتُونُسَ فَلَا يَحِلُّ الدُّخُولُ فِي مِثْلِ هَذَا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُغَرِّمًا مَنْ يَدْخُلُ مَعَهُمْ فِي الظُّلُمَاتِ وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْهُ كُرْهًا.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي بَلَدٍ تَرَاكَمَ عَلَيْهِ مَالُ الْمِيرِيِّ الْمُوَظَّفِ وَعَجَزَ أَهْلُهُ عَنْ وَفَائِهِ فَأَمَرَ الْأَمِيرُ بِنَهْبِ رَقِيقِهِمْ وَمَعَاتِيقِهِمْ فَهَجَمَ أَعْوَانُهُ عَلَى الْمَحَلَّاتِ وَأَخَذُوا مَا فِيهَا مِنْ الْمَعْتُوقِينَ وَكَتَبُوهُمْ فِي خَلَاصِ الْمَالِ الَّذِي عَلَى الْمَحْبُوسِينَ وَالْغَائِبِينَ وَمِنْ غَيْرِ إذْنِهِمْ وَلَا رِضَاهُمْ ثُمَّ ذَهَبَ الْأَمِيرُ فَقَامَ سَادَةُ الْمَعْتُوقِينَ عَلَى مَنْ كَتَبَ الْمُعْتَقِينَ فِي خَلَاصِ مَا عَلَيْهِمْ وَطَلَبُوا مِنْهُمْ الْإِتْيَانَ بِهِمْ، أَوْ دَفْعَ دِيَاتِهِمْ فَبَعْضُهُمْ تَوَجَّهَ وَوَجَدَ مَنْ كَتَبَ فِي خَلَاصِهِ فَفَدَاهُ وَأَتَى بِهِ وَبَعْضُهُمْ تَوَجَّهَ فَلَمْ يَجِدْ مَنْ كَتَبَ فِي خَلَاصِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ مَا بِيعَ بِهِ وَدُفِعَ فِي خَلَاصِهِ، أَوْ مَا يَفْدِيهِ بِهِ لَوْ وَجَدَهُ، أَوْ دِيَةُ حُرٍّ، أَوْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِسَادَاتِ الْعَتِيقِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا قِيمَةَ لَهُ فَيَغْرَمُهَا؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ بِهِ مَا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ رُجُوعُهُ فَيَغْرَمُ دِيَتَهُ، أَوْ فِدَاءَهُ نَعَمْ دِيَتُهُمْ تَلْزَمُ الْأَعْوَامَ الَّذِينَ أَخَذُوهُمْ وَأَوْصَلُوهُمْ لِلْأَمِيرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَنْ فَعَلَ بِحُرٍّ مَا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ رُجُوعُهُ بَيْعًا أَوْ غَيْرَهُ فَعَلَيْهِ دِيَةُ عَمْدٍ وَرَجَعَ بِهَا إنْ رَجَعَ اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ أَغَارُوا عَلَى إبِلٍ وَأَخَذُوهَا وَتَرَكُوا فَرَسًا لِعَطَبِهَا فَأَخَذَهَا بَعْضُ الْمُغَارِ عَلَيْهِمْ مِمَّنْ لَمْ تُؤْخَذْ إبِلُهُ وَدَاوَاهَا حَتَّى بَرِئَتْ فَأَرَادَ بَعْضُ مَنْ أُخِذَتْ إبِلُهُمْ أَخْذَهَا فِي إبِلِهِ فَهَلْ يُجَابُ لِذَلِكَ؟
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ يُجَابُ لِذَلِكَ لَكِنْ لِبَاقِي مَنْ أُخِذَتْ إبِلُهُمْ مُحَاصَّتُهُ فِيهَا بِقِيَمِ إبِلِهِمْ الَّتِي أُخِذَتْ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَغُرْمُ كُلٍّ عَنْ الْجَمِيعِ مُطْلَقًا وَأُتْبِعَ كَالسَّارِقِ قَالَ شَارِحُهُ الْخَرَشِيُّ الْمُحَارَبُونَ كَالْحُمَلَاءِ فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ جَمِيعَ مَا أَخَذَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَا أَخَذَهُ أَصْحَابُهُ بَاقِيًا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ جَاءَ الْمُحَارِبُ تَائِبًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَقَوَّى بِأَصْحَابِهِ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى مَالِ بَعْضِهِمْ كَالْقُدْرَةِ عَلَى ذَاتِهِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَصَلِّي اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي طَرِيقٍ عَامَّةٍ لِجَمِيعِ الْمَارِّينَ يَسْلُكُونَ فِيهَا مُدَّةٌ زَائِدَةً عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً بِجِوَارِ مَسْجِدٍ فَبَنَى فِيهَا رَجُلٌ مَنْزِلًا وَحَوَانِيتَ وَصَارَتْ حَائِطُ الْمَسْجِدِ مُنْتَفَعًا بِهَا فِي الْمَنْزِلِ وَسُدَّ شَبَابِيكُهَا الْمُنَوِّرَةُ لِلْمَسْجِدِ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى هَدْمِ الْمَنْزِلِ وَالْحَوَانِيتِ وَنَقْلِ أَنْقَاضِهَا وَتَخْلِيَةِ الطَّرِيقِ وَإِعَادَتِهَا إلَى حَالَتِهَا الْأَصْلِيَّةِ.
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ أَصْلُ الطَّرِيقِ مِلْكًا لَهُ فَفِي مَوَاهِبِ الْقَدِيرِ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَمِيرِ وَقَضَى بِهَدْمِ مَا بُنِيَ بِالطَّرِيقِ وَلَوْ مَسْجِدًا حَدَّهَا بَعْضٌ بِثَمَانِيَةِ أَشْبَارٍ وَآخَرُ بِثَمَانِيَةِ أَذْرُعٌ وَآخَرُ بِسَبْعَةِ أَذْرُعٍ وَآخَرُ بِمُرُورِ جَمَلَيْنِ مُتَخَالِفَيْنِ بِأَعْظَمِ الْأَحْمَالِ إنْ أَضَرَّ بِالْمَارِّينَ اتِّفَاقًا بَلْ وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ الْبِنَاءُ بِطَرِيقِ الْمَارِّينَ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهَا وَقْفٌ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ شَغْلُهَا بِبِنَاءٍ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ اقْتَطَعَ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَفْنِيَتِهِمْ قِيدَ شِبْرٍ طُوِّقَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» أَيْ جُعِلَ ذَلِكَ فِي رَقَبَتِهِ كَالطَّوْقِ مِنْ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ قَالَ الزَّرْقَانِيُّ مَا لَمْ يَكُنْ الطَّرِيقُ مِلْكًا لِشَخْصٍ بِأَنْ يَكُونَ أَصْلُهَا دَارًا لَهُ مَثَلًا وَانْهَدَمَتْ وَصَارَتْ طَرِيقًا فَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهَا قَالَ اللَّقَانِيُّ قَيَّدَ هَذَا بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ وَهُوَ حَاضِرٌ سَاكِتٌ وَإِلَّا زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا وَقُضِيَ بِهَدْمِ مَا بَنَاهُ فِيهَا بَعْدَ الطَّوْلِ أَفَادَهُ الشَّبْرَخِيتِيُّ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ اسْتَعَارَ فَرَسًا لِسَفَرٍ مُعَيَّنٍ وَلَمَّا وَصَلَ إلَى مَحَلٍّ قَصَدَهُ مَرِضَتْ فَأَوْدَعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ وَرَجَعَ إلَى بَلَدِ الْمُعِيرِ فَوَجَدَهُ مَاتَ وَأَخْبَرَ وَرَثَتَهُ بِأَنَّهَا مَرِيضَةٌ مُودَعَةٌ عِنْدَ فُلَانٍ فَطَلَبهَا الْوَرَثَةُ مِنْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ فَمَنَعَهَا مِنْهُمْ ثُمَّ بَاعَهَا وَأَتَى بِهَا الْمُشْتَرِي إلَى بَلَدِ الْوَرَثَةِ فَعَرَفُوهَا وَأَقَامُوا عَلَيْهَا بَيِّنَةً وَأَخَذُوهَا مِنْهُ وَكَتَبُوا لَهُ وَثِيقَةً بِذَلِكَ لِيَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِهِ وَلَمَّا رَجَعَ إلَيْهِ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهَا نَفَقَةً مُسْتَغْرِقَةً لِثَمَنِهَا وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ عَلَى يَدِ قَاضِي بَلَدِهِ وَكَتَبَ لَهُ بِهِ وَثِيقَةً وَسَافَرَ بِهَا إلَى
بَلَدِ الْوَرَثَةِ طَالِبًا مِنْهُمْ النَّفَقَةَ فَمَا الْحُكْمُ؟ فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِشَيْءٍ مِنْ النَّفَقَةِ الَّتِي أَنْفَقَهَا عَلَى الْفَرَسِ بَعْدَ مَنْعِهَا مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا لَهَا، وَالْغَاصِبُ لَا يَرْجِعُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمَغْصُوبِ فِي غَلَّتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ ضَاعَتْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَكَذَا زَائِدُهَا عَلَى الْغَلَّةِ وَإِنْ زَادَتْ الْغَلَّةُ أَتْبَعَ بِزَائِدِهَا كَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ وَشُرُوحِهِ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ غَرَسَ شَجَرَةً فِي مَسْجِدٍ وَبَقَاؤُهَا يَضُرُّ بِدَارِ جَارِهِ لِصَيْرُورَتِهَا مَأْوًى لِلْحُدَيَّاتِ وَالْأَغْرِبَةِ الْمَانِعِينَ مِنْ تَرْبِيَةِ الدَّجَاجِ وَالْإِوَزِّ وَسُلَّمًا لِلُّصُوصِ فَهَلْ غَرْسُهُ حَرَامٌ وَيُجْبَرُ عَلَى قَلْعِهَا وَفِيمَنْ غَرَسَ شَجَرَةً قُرْبَ دَارٍ بِحَيْثُ تَصِيرُ كَذَلِكَ وَفِيمَنْ غَرَسَ سَنْطَةً بِطَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ.
فَأَجَبْتُ: بِأَنَّهُ حَرَامٌ وَيُجْبَرُ عَلَى قَلْعِهَا فِي الْجَمِيعِ فَفِي الْمَجْمُوعِ وَقُضِيَ بِهَدْمِ مَا بُنِيَ بِطَرِيقٍ وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ ثُمَّ قَالَ، أَوْ غُصْنُ شَجَرَةٍ وَإِنْ قَدِيمَةً أَتَى لِلْجِدَارِ، أَوْ صَارَ سُلَّمًا لِلِّصِّ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْوِقَةٍ عَلَى حَائِطِ مَسْجِدٍ وَعَلَيْهَا حِكْرٌ لَهُ فَبَنَى عَلَيْهَا ثَلَاثَةً أُخْرَى وَبَنَى بِجَانِبِهَا بِنَاءً آخَرَ بِلَا إذْنِ نَاظِرِ الْمَسْجِدِ فَهَلْ إذَا كَانَتْ حَائِطُ الْمَسْجِدِ لَا تَتَحَمَّلُ ذَلِكَ يَكُونُ لِنَاظِرِهِ هَدْمُ الْبِنَاءِ الْمُحْدَثِ وَإِذَا هَدَمَ بَعْضَهُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ لِلنَّاظِرِ هَدْمُ بَاقِيهِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لِلنَّاظِرِ هَدْمُ الْبِنَاءِ الْمُحْدَثِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْحَاكِمِ وَعَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ هَدْمُهُ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّ الْمَسْجِدَ وَالْحَقُّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن: 18] فَيَجِبُ عَلَى الْمَذْكُورِينَ الْقِيَامُ بِهِ قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ الضَّرَرُ يَكُونُ فِي الْبَانِي وَالسَّاحَاتِ وَالْفَدَادِينِ وَالشَّجَرِ وَنَحْوِهَا وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» فَمَنْ أَحْدَثَ ضَرَرًا عَلَى جَارِهِ فِي بِنَاءٍ، أَوْ غَرْسٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مُنِعَ انْتَهَى وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ خَطَفَ حُلِيًّا مِنْ نَقْدٍ كَانَ عَلَى نَعْشِ مَيِّتٍ وَذَلِكَ بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ لَا يَعْرِفُونَ قَدْرَ ذَلِكَ الْحُلِيِّ فَهَلْ يُصَدَّقُ الْخَاطِفُ فِي قَدْرِهِ بِيَمِينِهِ، أَوْ مَالِكُهُ كَذَلِكَ وَإِذَا أَنْكَرَ الْخَاطِفُ الْخَطْفَ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ بِهِ الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ قَدْرَهُ فَهَلْ يُصَدَّقُ فِيهِ مَالِكُهُ كَذَلِكَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ أَقَرَّ الْخَاطِفُ بِالْخَطْفِ وَادَّعَى قَدْرًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِنْ أَنْكَرَهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُصَدَّقُ الْمَالِكُ فِي الْقَدْرِ وَإِنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَقَالَ مُطَرِّفٌ يُصَدَّقُ إنْ أَشْبَهَ وَكَانَ مِثْلُهُ يَمْلِكُهُ قَالَ التَّتَّائِيُّ يَدْخُلُ فِي تَخَالُفِهِمَا أَيْ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي الْقَدْرِ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى غَاصِبُ صُرَّةٍ يُلْقِيهَا فِي بَحْرٍ مَثَلًا وَلَا يَدْرِي مَا فِيهَا وَلَا فَتَحَهَا وَيَدَّعِي رَبُّهَا أَنَّ فِيهَا كَذَا وَيُخَالِفُهُ الْغَاصِبُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ عِنْدَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَابْنِ نَاجِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِإِمْكَانِ مَعْرِفَتِهِ مَا فِيهَا بِعِلْمٍ سَابِقٍ، أَوْ بِجَسِّهَا وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ كِنَانَةَ وَأَشْهَبُ الْقَوْلُ لِرَبِّهَا بِيَمِينِهِ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ وَكَانَ مِثْلُهُ يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي تَحْقِيقًا وَالْآخَرُ تَخْمِينًا وَأَمَّا إنْ غَابَ عَلَيْهَا وَقَالَ فِيهَا كَذَا فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ وَالثَّانِيَةُ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي قَوْمٍ أَغَارُوا عَلَى مَنْزِلِ رَجُلٍ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ فَذَهَبُوا بِمَا فِيهِ وَلَا يَشْهَدُونَ بِأَعْيَانِ الْمَنْهُوبِ لَكِنْ بِالْغَارَةِ وَالنَّهْبِ فَلَا يُعْطَى