الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مَسَائِلُ الْإِجَارَةِ] [
رَجُل اسْتَأْجَرَ آخَرَ عَلَى قِرَاءَةِ الْبُخَارِيِّ ثُمَّ عجز]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَسَائِلُ الْإِجَارَةِ
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ آخَرَ عَلَى قِرَاءَةِ الْبُخَارِيِّ كُلُّ شَهْرٍ خَتْمَةٌ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ قِرْشًا فَقَرَأَ مُدَّةً ثُمَّ حَصَلَ لَهُ تَعَبٌ وَعَجَزَ عَنْ قِرَاءَتِهَا فِيهِ فَهَلْ لَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ بِتَمَامِهَا كُلَّ شَهْرٍ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى تَمَامِ الْخَتْمَةِ مَعَ مُدَاوَمَةِ الْقِرَاءَةِ وَهَلْ تِلْكَ الْأُجْرَةُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَهَلْ لَهُ بِقَدْرِ دَرَاهِمِهِ مِنْ الثَّوَابِ أَوْ لَهُ الثَّوَابُ كُلُّهُ وَهَلْ وَرَدَ تَحْدِيدٌ فِي أُجْرَةِ الْخَتْمَةِ كَمَا وَرَدَ عِنْدَ الْحَنَفِيِّ فِي أُجْرَةِ خَتْمَةِ الْقُرْآنِ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا شَرْعِيًّا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَا يَسْتَحِقُّ الْقَارِئُ مِنْ الْأُجْرَةِ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَقْرَأُ فِي الشَّهْرِ فَإِنْ قَرَأَ النِّصْفَ مَثَلًا اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْأُجْرَةِ فَقَطْ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ وَكَوْنُ ذَلِكَ الْقَدْرِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ أَوْ لَا، يُرْجَعُ فِيهِ لِلْعُرْفِ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ وَعَلَى تَقْدِيرِ نَقْصِ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ عَنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا يُبَاحُ لَهُ مِنْهُ إلَّا بِحَسَبِ مَا يَقْرَأُ مِنْهَا لِرِضَاهُ بِهِ فِي الْجَمِيعِ، وَالْإِجَارَةُ كَالْبَيْعِ فِي مُضِيِّ الْغَبْنِ وَجَوَازِهِ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ إلَّا ثَوَابُ الدَّرَاهِمِ وَدُعَاءُ الْقَارِئِ لَهُ وَثَوَابُ الْقِرَاءَةِ لِلْقَارِئِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَعْمَالِ الْبَدَنِيَّةِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ النِّيَابَةَ وَلَا أَعْلَمُ وُرُودَ تَحْدِيدٍ لِأُجْرَةِ قِرَاءَةِ الْبُخَارِيِّ كَيْفَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَصْحَابِهِ وَلَا التَّابِعِينَ وَلَا أَتْبَاعِهِمْ بَلْ وَلَا أَعْلَمُ تَحْدِيدًا فِي أُجْرَةِ خَتْمَةِ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ كَيْفَ وَإِمَامُ الْأَئِمَّةِ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَقُولُ لَأَنْ يُؤَاجِرَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ فِي عَمَلِ اللَّبِنِ وَالْحَطَبِ وَسُوقِ الْإِبِلِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا لِلَّهِ بِأُجْرَةٍ وَهَذِهِ دَارُ الْهِجْرَةِ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ أَحَدًا مُنْذُ زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَجَّ عَنْ أَحَدٍ وَلَا أَذِنَ فِيهِ اهـ.
[كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا]
(وَسُئِلَ شَيْخُنَا أَبُو يَحْيَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) إذَا جَرَى عُرْفُ بَلَدٍ بِكِرَاءِ الْأَرْضِ بِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا وَنَزَلَ فَهَلْ زَكَاةُ ذَلِكَ الْجُزْءِ عَلَى الْمُكْتَرِي أَوْ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ.
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَاسِدٌ كَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ وَالزَّرْعُ جَمِيعُهُ لِلزَّارِعِ فَهُوَ الَّذِي يُزَكِّيهِ وَإِنَّمَا لِرَبِّ الْأَرْضِ كِرَاؤُهَا دَرَاهِمَ قَالَ الْحَطَّابُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِشَيْءٍ مِمَّا تُنْبِتُهُ ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا بَأْسَ بِكِرَائِهَا بِالْعُودِ وَالصَّنْدَلِ وَالْحَطَبِ وَالْخَشَبِ وَالْجُذُوعِ وَبِالْعَيْنِ ثُمَّ قَالَ الْحَطَّابُ التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا لَهُ كِرَاؤُهَا بِالدَّرَاهِمِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ عِيسَى بْنَ مِسْكِينٍ وَغَيْرَهُ مِنْ قُضَاةِ أَصْحَابِنَا بِإِفْرِيقِيَّةَ حَكَمُوا بِأَنَّهُ يُعْطِي لَهُ فِيهِ الْجُزْءَ الَّذِي يَقَعُ لَهُ مِنْ ثُلُثٍ أَوْ رُبْعٍ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ لَهَا بِالْمَغْرِبِ قِيمَةً بِالْعَيْنِ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ قِيمَةَ كِرَائِهَا يَوْمَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا كِرَاءَ عَلَى الْمُكْتَرِي فِي الْأَرْضِ إذَا لَمْ يُصِبْ فِيهَا شَيْئًا.
ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ قَالَ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ أَرْضُ الْأَنْدَلُسِ عِنْدَنَا بِخِلَافِ ذَلِكَ الْكِرَاءُ فِيهَا مَعْرُوفٌ فَيَجِبُ أَنْ يَقْضِيَ فِيهَا بِكِرَاءِ الْمِثْلِ (قُلْتُ) وَكَذَا الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي أَرْضِ تُونُسَ وَفِي قَوْلِهِمْ يُنْظَرُ إلَى مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ ثُلُثٌ أَوْ رُبْعٌ دَرَاهِمَ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ الْبِنَاءُ عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ مِنْ الْجُزْءِ وَهُوَ عَقْدٌ فَاسِدٌ فَيَجِبُ لَغْوُ مَا دَخَلَا عَلَيْهِ فِيهِ فَيَنْظُرُ إلَى قِيمَتِهَا بِالْجُزْءِ أَنْ لَوْ جَازَ فِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى قِيمَةِ ذَلِكَ انْتَهَى وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ
انْتَهَى نَصُّ الْحَطَّابِ فَتَحَصَّلَ مِنْهُ أَنَّ الزَّرْعَ كُلُّهُ لِلْمُكْتَرِي وَلِرَبِّ الْأَرْضِ كِرَاؤُهَا بِالدَّرَاهِمِ إنْ عَرَفَ، وَإِلَّا قُوِّمَتْ بِطَعَامٍ ثُمَّ الطَّعَامُ بِدَرَاهِمَ وَتُعْطَى لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلَا يُعْطَى طَعَامًا عَلَى كُلِّ حَالٍ بَلْ الطَّعَامُ جَمِيعُهُ لِلْمُكْتَرِي فَهُوَ الَّذِي يُزَكِّيهِ إذْ لَا حَقَّ فِيهِ لِغَيْرِهِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْعَدَوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْخَرَشِيِّ أَنَّ مَحَلَّ فَسَادِ كِرَاءِ الْأَرْضِ لِزِرَاعَةٍ بِطَعَامٍ إذَا أَمْكَنَ كِرَاؤُهَا بِغَيْرِهِ وَأَمَّا إذَا تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَيَجُوزُ اهـ وَحِينَئِذٍ إذَا أُكْرِيَتْ بِجُزْءٍ شَائِعٍ فَزَكَاةُ كُلٍّ عَلَى مَالِكِهِ؛ لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ فِي الزَّرْعِ، وَإِنْ كَانَ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ فِي ذِمَّةِ الْمُكْتَرِي فَزَكَاةُ الزَّرْعِ عَلَى الْمُكْتَرِي وَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ تَامًّا، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ أَيْضًا) عَنْ أَجِيرٍ لِسَقْيِ زَرْعٍ مُعَيَّنٍ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ مِنْ حَبِّهِ يُجَاحُ الزَّرْعُ هَلْ يُنْقَصُ بِهَا مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ) إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ وَكَانَتْ بِجُزْءٍ شَائِعٍ كَثُلُثٍ وَرُبْعٍ وَبَرَزَ الزَّرْعُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَعَجَزَ رَبُّهُ عَنْهُ وَخِيفَ هَلَاكُهُ، وَلَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ كَانَتْ مُسَاقَاةً صَحِيحَةً كَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ وَشُرَّاحِهِ وَحِينَئِذٍ فَمَا تَلِفَ عَلَيْهِمَا وَمَا سَلِمَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا، وَإِنْ كَانَتْ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ مِنْ حَبِّهِ فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ تُفْسَخُ مَتَى اطَّلَعَ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْعَمَلِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ شَرَعَ فِي الْعَمَلِ أَوْ أَتَمَّهُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ، وَإِنْ كَانَتْ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ وَكَانَ السَّقْيُ أَيَّامًا مَعْلُومَةً أَوْ عَدَدًا مَعْلُومًا وَعَرَفَ ذَلِكَ بِنَصٍّ أَوْ عَادَةٍ فَهِيَ إجَارَةٌ صَحِيحَةٌ لَازِمَةٌ، وَإِنْ تَلِفَ الزَّرْعُ أَوْ سَقَاهُ الْمَطَرَ تَحَاسَبَا كُلُّ ذَلِكَ فِي شُرَّاحِ الْمُخْتَصَرِ بَعْضُهُ فِي بَابِ الْمُسَاقَاةِ وَبَعْضُهُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ وَرَاجِعْ إنْ شِئْتَ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ اكْتَرَى نَاقَةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا قَدْرًا مِنْ الْغَلَّةِ وَذَهَبَ بِهَا مِنْ طَرِيقٍ ضَيِّقٍ بِجِوَارِ حُفْرَةٍ وَهِيَ عَوْرَاءُ وَهُنَاكَ طَرِيقٌ آخَرُ وَاسِعٌ طَوِيلٌ فَسَقَطَتْ النَّاقَةُ فِي الْحُفْرَةِ فَانْكَسَرَتْ فَمَا الْحُكْمُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَابَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا حَسَنٌ الْجِدَّاوِيُّ بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ إذَا كَانَتْ الطَّرِيقُ الْمَسْلُوكَةُ يَمُرُّ مِنْهَا غَالِبُ النَّاسِ بِالْأَحْمَالِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ ذَهَبَ فِيهَا بِالنَّاقَةِ وَانْكَسَرَتْ، وَإِنْ كَانَتْ لَا يَمُرُّ فِيهَا بِالْجَمَالِ الْمُثْقَلَةِ بِالْأَحْمَالِ أَحَدٌ كَانَ الْمَارُّ مُتَعَدِّيًا وَمُفَرِّطًا فَيَضْمَنُ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ أَبُو الْبَرَكَاتِ أَحْمَدُ الدَّرْدِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) عَنْ مُلْتَزِمٍ أَجَّرَ حِصَّةً لِرَجُلٍ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ دَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ مَا عَلَى الْحِصَّةِ مِنْ الْمَالِ وَالْغِلَالِ أَرَادَ الْمُؤَجِّرُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِرَدِّ دَرَاهِمِهِ وَغِلَالِهِ إلَيْهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ لَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَاعٍ يَرْعَى عِنْدَنَا بِالدَّوَابِّ فَيَضُمُّ جَامُوسَ الْبَلَدِ وَالْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَيَجْعَلُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أُجْرَةً مَعْلُومَةً جَمْعًا أَوْ مُشَاهَرَةً فَإِذَا ادَّعَى الضَّيَاعَ فَمَا الْحُكْمُ؟
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ يُصَدَّقُ بِيَمِينٍ عَلَى نَفْيِ التَّفْرِيطِ وَالتَّعَدِّي إلَّا أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ التَّفْرِيطُ أَوْ التَّعَدِّي قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاعِي فِيمَا تَلِفَ مِنْ الْغَنَمِ وَغَيْرِهَا إذَا لَمْ يَتَعَدَّ وَلَا فَرَّطَ وَأَقْصَى مَا عَلَيْهِ فِيمَا ضَلَّ وَهَلَكَ الْيَمِينُ أَنَّهُ مَا فَرَّطَ وَلَا تَعَدَّى، وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ فَلَا يَلْزَمُهُ وَفُسِخَتْ الْإِجَارَةُ وَرُدَّتْ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِيمَا رَعَى، وَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ كَانَتْ الْغَنَمُ لِوَاحِدٍ أَوْ لِجَمَاعَةٍ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ الرَّاعِيَ الَّذِي يُلْقِي
النَّاسُ أَغْنَامَهُمْ إلَيْهِ أَنَّهُ ضَامِنٌ لِمَا تَلِفَ مِنْهَا وَرَآهُ كَالصَّانِعِ وَلَيْسَ عَلَى ذَلِكَ عَمَلٌ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْعَمَلِيَّاتِ الْفَاسِيَّةِ:
ضَمَانُ رَاعِ غَنَمِ النَّاسِ رَعَى
…
أَلْحِقْهُ بِالصَّانِعِ فِي الْغُرْمِ تَعِ
قَالَ الْعَلَّامَةُ السَّلْجِمَاسِيُّ فِي شَرْحِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ جَرَى الْعَمَلُ بِفَاسَ بِتَضْمِينِ الرَّاعِي الْمُشْتَرَكِ لِمَا تَلِفَ أَوْ ضَاعَ عِنْدَهُ إلْحَاقًا لَهُ بِالصَّانِعِ الْمُجْمَعِ عَلَى ضَمَانِهِ لِمَصْنُوعِهِ كَمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ رَاعِ غَنَمِ النَّاسِ أَيْ الَّذِي نَصَّبَ نَفْسَهُ لِرَعْيِ غَنَمِ كُلِّ مَنْ أَتَاهُ بِغَنَمِهِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالرَّاعِي الْمُشْتَرَكِ خِلَافَ رَاعِي غَنَمٍ مَخْصُوصٍ أَوْ أُنَاسٍ مَخْصُوصِينَ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ غَنَمٌ وَمِثْلُهُ رَاعِي الْبَقَرِ وَرَاعِي الدَّوَابِّ وَالْأَصْلُ فِي الْأَجِيرِ مِنْ حَيْثُ هُوَ رَاعٍ أَوْ غَيْرُهُ أَنَّهُ أَمِينٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الْأَئِمَّةُ وَضَمَّنُوهُ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ كَالصَّانِعِ.
وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الرَّاعِيَ عَلَى أَصْلِ الْأَمَانَةِ مُشْتَرَكًا أَوْ غَيْرَهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِيهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَى الرُّعَاةِ إلَّا فِيمَا تَعَدَّوْا عَلَيْهِ أَوْ فَرَّطُوا فِيهِ فِي جَمِيعِ مَا رَعَوْهُ مِنْ الْغَنَمِ وَالدَّوَابِّ لِأُنَاسٍ شَتَّى أَوْ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ وَلَا يَضْمَنُ مَا سُرِقَ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ ضَيَّعَ لِتَفْرِيطٍ قَالَ أَبُو الزِّنَادِ، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا الْيَمِينُ اهـ وَالْقَوْلُ الشَّاذُّ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ مَنْقُولٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ وَهُوَ مُخْتَارُ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ نَقْلًا عَنْ الْوَاضِحَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّاعِي الَّذِي وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ سُقُوطُ الضَّمَانِ عَنْهُ فَعَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ كُلُّ رَاعٍ مُشْتَرَكًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ مَا لَمْ يَتَعَدَّ أَوْ يُفَرِّطْ وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمَكْحُولٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ إنَّهُ الرَّاعِي الَّذِي لِرَجُلٍ خَاصٍّ فَأَمَّا الْمُشْتَرَكُ فَهُوَ ضَامِنٌ حَتَّى يَأْتِيَ بِالْمَخْرَجِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْأَخْذُ بِهَذَا الْقَوْلِ أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالصَّانِعِ الَّذِي أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ عَلِمْت مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى تَضْمِينِهِ وَكَذَلِكَ رَاعِي الدَّوَابِّ الَّذِي تُجْمَعُ إلَيْهِ بِحِرَاسَتِهَا فِي رَعْيِهَا عَلَى أَنَّ لَهُ فِي كُلِّ دَابَّةٍ شَيْئًا مَعْلُومًا فِي كُلِّ يَوْمٍ انْتَهَى.
وَلَمَّا عَدَّ فِي التُّحْفَةِ الرَّاعِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْأُمَنَاءِ الَّذِينَ لَا يَضْمَنُونَ شَرَحَهُ الشَّيْخُ مَيَّارَةَ بِبَعْضِ كَلَامِ ابْنِ سَلْمُونٍ الْمُتَقَدِّمِ فَكَتَبَ عَلَيْهِ سَيِّدِي يَعِيشُ الشَّاوِيُّ فِي طُرَرِهِ مَا نَصُّهُ قُلْتُ بِهَذَا الْقَوْلِ يَعْنِي قَوْلَ ابْنِ الْمُسَيِّبِ جَرَى الْعَمَلُ بِفَاسَ وَقَوْلُهُ لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى ذَلِكَ يَعْنِي فِي بَلَدِ ابْنِ سَلْمُونٍ وَهِيَ الْأَنْدَلُسُ وَقَدْ نَقَلَ الشَّارِحُ فِي أُصُولِ الْفُتْيَا أَنَّ الْمُشْتَرَكَ حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّانِعِ انْتَهَى.
وَقَالَ الْيَزْنَاسِيُّ فِي شَرْحِ التُّحْفَةِ كُنْت فِي زَمَنِ وِلَايَتِي بِتِلْمِسَانَ كَثِيرًا مَا أَحْكُمُ بِتَضْمِينِ الرَّاعِي الْمُشْتَرَكِ عِنْدَمَا يَظْهَرُ لِي مَخَايِلُ كَذِبِ الرُّعَاةِ وَتَعَدِّيهِمْ وَتَفْرِيطِهِمْ وَذَلِكَ غَالِبُ أَحْوَالِهِمْ وَرَأَى أَنَّ الْحُكْمَ بِعَدَمِ تَضْمِينِهِمْ يُؤَدِّي إلَى تَلَفٍ كَثِيرٍ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ لِاضْطِرَارِهِمْ إلَيْهِمْ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْيَانِ
وَاعْتَمَدَ
فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَصْلَحَةِ الَّتِي مِنْ أَصْلِ مَذْهَبِ مَالِكٍ مُرَاعَاتُهَا وَنَقَلَ الْقَلْشَانِيُّ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ نَصْرٍ رَجَعَ إلَى تَضْمِينِ صَاحِبِ الْحَمَّامِ حَيْثُ كَثُرَ شَاكُوهُ لِرِوَايَةٍ بَلَغَتْهُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الْيَزْنَاسِيُّ قُلْت لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّاعِي الْمُشْتَرَكِ وَبَيْنَ الْحَمَّامِيِّ بِاعْتِبَارِ مُرَاعَاةِ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ بَلْ هِيَ فِي الرَّاعِي أَحَقُّ بِالْمُرَاعَاةِ ثُمَّ قَالَ فَالرَّاعِي الْمُشْتَرَكِ أَوْلَى بِالْقَوْلِ الشَّاذِّ مِنْ الْحَمَّامِيِّ انْتَهَى.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ التَّادَلِيُّ وَالْقِيَاسُ وَالنَّظَرُ عَدَمُ ضَمَانِ الرَّاعِي الْمُشْتَرَكِ وَاَلَّذِي تَقْتَضِيهِ كَثْرَةُ خِيَانَةِ الرُّعَاةِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ هُوَ ضَمَانُهُ وَهُوَ الَّذِي نَخْتَارُهُ فِيهِ وَفِي سِمْسَارِ الدَّوَابِّ اهـ.
وَقَدْ أَنْكَرَ الْإِمَامُ الْوَنْشَرِيسِيُّ عَلَى مَنْ أَفْتَى بِذَلِكَ إنْكَارًا شَدِيدًا وَأَلَّفَ فِيهِ تَأْلِيفًا سَمَّاهُ: إضَاءَةُ الْحَلِكِ وَالْمَرْجِعُ لِلدَّرَكِ عَلَى مَنْ أَفْتَى مِنْ
فُقَهَاءِ فَاسَ بِتَضْمِينِ الرَّاعِي الْمُشْتَرَكِ، وَذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمِعْيَارِ قَبْلَ مَسَائِلِ السَّمَاسِرَةِ بِثَلَاثِ وَرَقَاتٍ وَمُرَادُهُ بِمَنْ أَفْتَى مِنْ فُقَهَاءِ فَاسَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَبْدُوسِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُورِيُّ وَفَرَّقَ الْوَنْشَرِيسِيُّ بَيْنَ الرَّاعِي الْمُشْتَرَكِ وَالصَّانِعِ بِأَنَّ أَهْلَ الْمَذْهَبِ أَجْرَوْا الرَّاعِيَ مَجْرَى الْحَمَّالِ إذَا حَمَلَ غَيْرَ الطَّعَامِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَثْبُتْ تَعَدِّيهِ وَبِأَنَّ الرَّاعِيَ لَا يُؤَثِّرُ فِي أَعْيَانِ الْغَنَمِ مَثَلًا فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْأَمِينِ وَلَا يُشْبِهُ الصَّانِعَ وَبِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَقْدِرُ عَلَى الرَّعْيِ بِنَفْسِهِ فَلَيْسَتْ الضَّرُورَةُ عَلَى الرَّاعِي كَالضَّرُورَةِ فِي الصَّانِعِ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ أَشْبَعْتُ الْكَلَامَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمَا وَعَلَى مَنْ احْتَجَّ بِفَتْوَاهُمَا فِي إضَاءَةِ الْحَلِكِ. . . إلَخْ وَهُوَ طَوِيلٌ ذَكَرَ فِيهِ مَا يَزِيفُ بِهِ فَتْوَى الشَّيْخَيْنِ فَمَنْ أَرَادَهُ فَلْيَقِفْ عَلَيْهِ وَالظَّنُّ بِعُلَمَائِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ عِنْدَهُمْ مَا يُقَاوِمُ الْأُمُورَ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا الْوَنْشَرِيسِيُّ عَلَى رَدِّ فَتْوَى الشَّيْخَيْنِ وَمَنْ تَبِعَهُمَا.
(تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ) الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُشْتَرَكِ وَأَمَّا الْمَخْصُوصُ فَهُوَ عَلَى أَصْلِ الْأَمَانَةِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا بِتَعَدٍّ أَوْ تَفْرِيطٍ. الثَّانِي يَجِبُ تَقْيِيدُ تَضْمِينِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الضَّيَاعِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ انْتَهَى كَلَامُ السَّلْجِمَاسِيِّ بِاخْتِصَارٍ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ أَجَرَ آخَرَ عَلَى حِرَاسَةِ الْفُولِ الْأَخْضَرِ أَوْ الْقَمْحِ مِنْ الزُّرْزُورِ أَوْ الْحَمَامِ فَأَكَلَهُ مِنْهُ فَهَلْ هَذَا الْعَقْدُ صَحِيحٌ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا تَلِفَ وَيَسْتَحِقُّ الْمَجْعُولَ لَهُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ هَذَا الْعَقْدُ الصَّحِيحُ إنْ اسْتَوْفَى شُرُوطَ الْإِجَارَةِ وَخَلَا عَنْ مَوَانِعِهَا يَسْتَحِقُّ الْمَجْعُولَ لَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِمَا تَلِفَ إلَّا إذَا ثَبَتَ تَفْرِيطُهُ فِي الْحِرَاسَةِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ سَلْمُونٍ فَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ حَارِسًا لِزَرْعِهِمْ فَيَكْتُبُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ عِنْدَنَا الْتَزَمَ فُلَانٌ حِرَاسَةَ زَرْعِ قَرْيَةِ كَذَا الصَّيْفِيِّ فِي عَامِ التَّارِيخِ مِنْ الْبَهَائِمِ السَّائِبَةِ وَالْأَيْدِي الْعَادِيَةِ وَالصَّيْدِ الْجَافِي وَالْقِيَامِ عَلَى ذَلِكَ لَيْلًا وَنَهَارًا بِأَبْلَغِ طَاقَتِهِ وَأَقْصَى مَجْهُودِهِ مِنْ الْآنَ إلَى نَضُوضِهِ بِأُجْرَةٍ مَبْلَغُهَا كَذَا مِنْ الطَّعَامِ يَسْتَوْفِيهَا مِنْ أَرْبَابِ الزَّرْعِ عِنْدَ دِرَاسَتِهِ أَوْ قَبَضَ مِنْهَا كَذَا وَالْبَاقِي لِأَمَدِ كَذَا وَعَلَيْهِ النَّصِيحَةُ فِي ذَلِكَ وَالِاجْتِهَادُ وَرَضِيَ بِذَلِكَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ وَكَتَبُوا لَهُ شَهَادَتَهُمْ هُنَا بِخُطُوطِهِمْ لِتَكُونَ شَاهِدَةً عَلَيْهِمْ بِرِضَاهُمْ بِذَلِكَ فِي تَارِيخِ كَذَا.
(بَيَانٌ) لَا بُدَّ أَنْ يُعَيِّنَ فِي الْعَقْدِ الْأُجْرَةَ هَلْ هِيَ بِنِسْبَةِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ الزَّرْعِ أَوْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ مُجْمَلًا، وَلَمْ يُبَيِّنْ فَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ مَا يُشَابِهُ ذَلِكَ مِنْ الْإِجَارَاتِ فَقِيلَ إنَّهَا تَكُونُ عَلَى الرُّءُوسِ وَقِيلَ عَلَى قَدْرِ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمْ مِنْ الزَّرْعِ قَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ الْحَارِسُ لَا يَتَكَلَّفُ إلَّا النَّظَرَ خَاصَّةً فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَقْيَسُ، وَإِنْ كَانَ يَتَكَلَّفُ مَعَ ذَلِكَ عَمَلًا فِي الزَّرْعِ سِوَى النَّظَرِ فَالْقَوْلُ الثَّانِي أَقِيس وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ نُصَيْرٍ فِي الرُّفْقَةِ يَسْتَأْجِرُونَ مَنْ يَحْرُسُهُمْ مِنْ اللُّصُوصِ أَوْ غَيْرِهِمْ فَالْأُجْرَةُ عَلَى قَدْرِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ النَّاضِّ وَالْمَتَاعِ وَعَلَى قِيمَةِ الْمَتَاعِ.
وَفِي مَسَائِلَ ابْنِ الْحَاجِّ إذَا اتَّفَقَ الْجِيرَانُ عَلَى رَجُلٍ يَحْرُسُ جَنَّاتِهِمْ وَكُرُومَهُمْ أَوْ حَوَانِيتِهِمْ فَأَبَى بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ مَعَهُمْ قَالَ وَكَذَلِكَ أَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ فِي الدُّورِ يَتَّفِقُ الْجِيرَانُ عَلَى إصْلَاحِهَا وَيَأْبَى بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ قَالَ إلَّا أَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الْكَرْمِ أَنَا أَحْرُسُهُ أَوْ يَحْرُسُهُ غُلَامِي أَوْ أَخِي فَلَهُ ذَلِكَ وَبِذَلِكَ أَفْتَيْتُ وَسُئِلْتُ