الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث التاسع
عَنِ الحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ البصرِيَ، قَالَ: حَدَّثنا جُنْدُبٌ فِي هذَا المَسْجِدِ، وَمَا نَسِينَا مِنْهُ حَديثًا، وَمَا نَخْشَى أَنْ يَكُونَ جُنْدُبٌ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كَانَ فِيْمَنْ كَانَ قَبْلَكُم رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ، فَجَزع، فَأَخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ بِها يَدَهُ، فَمَا رَقَأَ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ، قَالَ اللهُ عز وجل: "عَبْدِي بَادَرَنِي بِنَفْسِهِ، فَحَرَّمتُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ" (1).
* * *
(عن الحسن بن أبي الحسن) الإمامِ المشهور التابعيِّ الأنصاريِّ، مولاهم؛ لأنه مولى زيد بن ثابت، وقيل: مولى جابر بن عبد الله، وقيل:
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (1298)، كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في قاتل النفس، و (3276)، كتاب: الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل، واللفظ له، ومسلم (113/ 80 - 81)، كتاب: الإيمان، باب: غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"إكمال المعلم" للقاضي عياض (1/ 396)، و"شرح مسلم" للنووي (2/ 127)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 105)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1440)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 308)، و"فتح الباري" لابن حجر (6/ 499)، و"عمدة القاري" للعيني (16/ 46)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (7/ 198).
مولى جميل بن قطبة، ويكنى: أبا سعيد، وأبا الحسن، اسمه يَسار -بفتح المثناة تحت وبعدها سين مهملة- من سبي مَيْسان -بفتح الميم وسكون المثناة تحت وبالسين المهملة-، وهو صُقْع بالعراق، وكان المغيرة بن شعبة افتتحها.
قال ابن سعد وغيره: وكانت اشترته الرُّبَيِّعُ -بالتصغير- بنتُ النضر -بالضاد المعجمة- عمة أنس بن مالك، فأعتقته.
ويروى عن الحسن (البصري) رحمه الله أنه قال: كان أبواي لرجل من بني النجار، فتزوج امرأة من بني سلمة، فساقهما إليها من مهرها، فأعتقتهما.
لكن المشهور أن أمه واسمها خَيْرَة -بالخاء المعجمة المفتوحة وبعدها مثناة من تحت ساكنة- كانت مولاة لأم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، قالوا: وكانت أمه ربما خرجت في شغل، فيبكي الحسن، فتعطيه أم سلمة ثديها، فيدر عليه، فيرون أن تلك الفصاحة والحكم من بركة ذلك.
ونشأ الحسن بوادي القرى، ورأى طلحةَ بنَ عبد الله، وعائشةَ، ولم يصح سماعه منهما كما قاله الحافظ عبد الغني المصنف -رحمه الله تعالى-، وكذلك رأى أم سلمة، ولم يسمع منها.
وقيل: إنه لقي عليَّ بنَ أبي طالب، ولم يصح لُقِيُّه له كما قاله البرماوي، وابن الأثير، وجمعٌ، وقطع به شيخ الإسلام ابن تيمية.
وقال في "جامع الأصول": وقيل: إنه لقي عليًا بالمدينة، ولا يصح، وأما رؤيته إياه بالبصرة، فلم تصح؛ لأنه كان في وادي القرى متوجهًا نحو البصرة حين قدم عليّ البصرة.
ولد الحسن البصري لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله
عنه- بالمدينة، وقدم البصرة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه، فسمع ابنَ عمر، وأنسًا، وسمرةَ، وأبا بكرة، وقيسَ بنَ عاصم، وجندبَ بنَ عبد الله، ومعقلَ بن يسار، وعمروَ بنَ تَغْلِب -بالمثناة والغين المعجمة وكسر اللام-، وعبد الرحمن بنَ سمرة، وأبا برزة الأسلمي، وعمران بنَ حُصَيْن، وعبدَ الله بن مُغَفَّلٍ، وغيرَهم.
قال الفضيل بن عياض: سألت هشام بن حسان: كم أدرك الحسنُ من الصحابة؟ قال: مئة وثلاثين.
وعن الحسن، قال: غزونا غزوة إلى خراسان معنا فيها ثلاث مئة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما التابعون، فسمع كثيرًا منهم، وروى عنه خلق كثير لا يُحصون، وكان قد حضر يوم الدار، وعمره أربع عشرة سنة، وجلالته وإمامته وزهده وورعه وعبادته ما لا يخفى، ومناقبه لا تحصى.
روى الثوري عن عمران القصير، قال: سألت الحسن عن شيء، فقلت: إن الفقهاء يقولون كذا وكذا، فقال: وهل رأيت فقيهًا بعينك؟ إنما الفقيهُ: الزاهدُ في الدنيا، البصيرُ بدينه، المداومُ عبادة ربه (1).
وكان الحسن يحلف بالله ما أعز أحدٌ الدراهم إلا أذله الله (2).
وقدم الحسن مكة، فأجلسوه على سرير.
توفي سنة عشر ومئة في رجب، وعمره ثمانٍ وثمانون سنة (3).
(1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(35188)، والدرامي في "سننه"(294)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(2/ 147).
(2)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(2/ 152).
(3)
وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (7/ 156)، و"التاريخ الكبير" =
قال أبو عمرو بن العلاء: ما رأيت أفصحَ من الحسن البصري، ومن الحجاجِ بنِ يوسفَ الثقفي، فقيل له: فأيهما كان أفصح؟ قال: الحسن (1).
وكان أجملَ أهل البصرة حتى سقط عن دابته، فحدث بأنفه ما حدث.
وحكى الأصمعي عن أبيه، قال: ما رأيت أعرضَ زَنْدًا من الحسن، كان عرضه شبرًا.
ومن كلامه: ما رأيت يقينًا لا شكَّ فيه أشبه بشكٍّ لا يقين فيه إلا الموت (2).
ولما ولي عمر بن هبيرة الفزاري العراق، وأضيفت إليه خراسان، وذلك في أيام يزيد بن عبد الملك، استدعى الحسنَ البصري، ومحمدَ بن سيرين، والشعبيَّ، وذلك في سنة ثلاث ومئة، فقال لهم: إن يزيد خليفة الله، استخلفه على عباده، وأخذ عليهم الميثاق بطاعته، وأخذ عهدنا بالسمع والطاعة، وقد ولاني ما ترون، فيكتبُ إليَّ بالأمر من أمره، فأقلده ما تقلده من ذلك الأمر، فما ترون؟ فقال ابنُ سيرين والشعبيُّ قولًا فيه تَقِية، فقال ابن هبيرة: ما تقول يا حسن؟ فقال: يا بن هبيرة! خَفِ الله في يزيدَ، ولا تخف يزيدَ في الله، إن الله يمنعك من يزيد، وإن يزيد لا يمنعك
= للبخاري (2/ 286)، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (3/ 40)، و"الثقات" لابن حبان (4/ 122)، و"حلية الأولياء" لأبي نعيم (2/ 131)، و"صفة الصفوة" لابن الجوزي (3/ 233)، و"جامع الأصول" لابن الأثير (14/ 308 - قسم التراجم)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (1/ 165)، و"تهذيب الكمال" للمزي (6/ 95)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (4/ 563)، و"تذكرة الحفاظ" له أيضًا (1/ 71)، و"تهذيب التهذيب" لابن حجر (2/ 231).
(1)
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(12/ 116 - 117).
(2)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(3/ 232)، لكن من قول أبي حازم.
من الله، ويوشك أن يبعث إليك مَلَكًا فيزيلك عن سريرك، ويخرجك من سَعَةِ قصر إلى ضيق قبرٍ، ثم لا ينجيك إلا عملُك، يا بن هبيرة! لا تعص الله، فإنما جعل الله هذا السلطان ناصرًا لدين الله وعباده، فلا تركبن دين الله وعباده بسلطان الله؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. فأجازهم ابنُ هبيرة، وأضعفَ جائزةَ الحسن، فقال ابن سيرين والشعبي: سَفْسَفْنا له، فسفسفَ لنا (1).
ودخل على أمه وفي يدها كراثة تأكلها، فقال لها: يا أُمَّه! ألقي هذه البقلة الخبيثة من يدك، فقالت: يا بني! إنك شيخ قد كبرتَ وخرفت، فقال: يا أُمه! أينا أكبر (2)؟!.
وأكثرُ كلامه حكمة وبلاغة رحمه الله، ورضي عنه-.
(قال) أبو سعيد الحسنُ البصري: (حدّثنا جُنْدُب) -بضم الجيم وسكون النون وضم الدال المهملة وفتحها، لغتان- بنُ عبد الله البَجَلِيُّ رضي الله عنه، وتقدمت ترجمته في باب: صلاة العيدين (في هذا المسجد)؛ يعني: مسجد البصرة.
قال الحسن رحمه الله: (وما نَسينا منه)؛ أي: مما حدّثنا به (حديثًا)؛ لأنه كان من أحفظ الناس، (وما نخشى)؛ أي: ما نخاف (أن يكون) أبو عبد الله (جندب) بن عبد الله البجلي صاحبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم (كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وهو يعلم ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن كذب عليه.
(قال) جندب: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان فيمن)؛ أي: في الناس؛ أي:
(1) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(45/ 375 - 376)، إلا أن فيه:"رفقنا له، فرفق لنا"ـ
(2)
انظر: "تهذيب الكمال" للمزي (35/ 167).
الخلق أو الجيل الذي (كان قبلكم) في الزمن الذي مضى (رجلٌ به جرحٌ) في يده، وفي رواية: كان رجل به جراح (1)، (فجَزع) -بفتح الجيم وكسر الزاي-؛ أي: فزع وقلَّ صبرُه.
وفي البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: الجزع: القول السيئ (2)، (فأخذ) ذلك الرجل (سكينًا، فحزَّ)؛ أي: قطع (بها) أي: السكينِ، (يده)؛ أي: يد نفسه التي بها الجرح، (فما رَقَأَ) -مهموز-؛ أي: ما جفّ (الدمُ) وسكنَ جريانه (حتى مات) من ذلك، (قال الله عز وجل: عبدي بادرني) -من المبادرة- بمعنى: المسابقة؛ أي: سابقني (بنفسه)، فقتلها بجزعه وعدم صبره على ما ابتليته به، (فحرمت عليه) دخول (الجنة).
وفي رواية لمسلم: "إن رجلًا كان ممن كان قبلكم خرجت بوجهه قرحة، فلما آذته، انتزع سهمًا من كنانته، فنكأها -أي: نخسها وفجرها-، فلم يرقأ الدم حتى مات. قال ربكم: قد حرمت عليه الجنة"(3).
وفي "صحيح ابن حبان" من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه: أن رجلًا كان به جراحة، فأتى قرنًا له، فأخذ مِشْقَصًا، فذبح به نفسه، فلم يصلِّ عليه النّبيُّ صلى الله عليه وسلم (4).
القرن -بفتح القاف والراء: جعبة النشاب، والمِشْقَص -بكسر الميم وسكون الشين المعجمة وفتح القاف-: سهم فيه نصل عريض، وقيل: هو
(1) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (1298)، وفيه:"كان برجل جراح".
(2)
ذكره البخاري في "صحيحه"(1/ 437)، لكن عن محمد بن كعب القرظي.
(3)
تقدم تخريجه عند مسلم برقم (113/ 80).
(4)
رواه ابن حبان في "صحيحه"(3093).
النصل وحده، وقيل: سهم فيه نصل طويل، وقيل: هو ما طال وعرض من النصال (1).
وفي "الصحيحين"، وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تَرَدَّى من جبلٍ، فقتل نفسَه، فهو في نار جهنم خالدًا مخلَّدًا فيها أبدًا، ومن قتلَ نفسَه بحديدةٍ، فحديدتُه في يده يتوجّأ بها في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا"(2).
قوله: "تردّى"؛ أي: رمى نفسه من الجبل أو غيره، فهلك، وقوله:"يتوجّأ" -مهموزًا-؛ أي: يضرب بها نفسه (3).
وفي البخاري عنه: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "الذي يخنق نفسه، يخنقها في النار، والذي يطعن نفسه يطعن نفسه في النار، والذي يقتحم يقتحم في النار"(4).
تنبيه:
من قتل نفسه خطأ، وجبت الكفارة في ماله، وبهذا قال الشافعي.
قال أبو حنيفة: لا تجب؛ لأن ضمان نفسه لا يجب، فلم تجب الكفارة به؛ كقتل نساء أهل الحرب وصبيانهم.
ووجه الأول: عمومُ قوله -تعالى-: {وَمَن قَنَلَ مُؤْمَنًا خَطا فَتحْريرُ رَقَبَةٍ
(1) انظر: "الترغيب والترهيب" للمنذري (3/ 206)، عقب حديث:(3701).
(2)
رواه البخاري (5442)، كتاب: الطب، باب: شرب السم والدواء به، ومسلم (109)، كتاب: الإيمان، باب: غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه.
(3)
انظر: "الترغيب والترهيب" للمنذري (3/ 205)، عقب حديث (3697).
(4)
رواه البخاري (1299)، كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في قاتل النفس، دون قوله:"والذي يقتحم يقتحم في النار". وهو عند الإمام أحمد في "مسنده"(2/ 435)، وانظر:"الترغيب والترهيب" للمنذري (3/ 205).
مّؤمِنةٍ} [النساء: 92]، ولأنه آدمي مؤمن مقتول خطأ، فوجبت الكفارة على قاتله، كما لو قتله غيره.
قال الإمام الموفق: وقول أبي حنيفة أقربُ إلى الصواب؛ فإن عامر بن الأكوع قتل نفسه خطأ، فلم يأمر النّبيُّ صلى الله عليه وسلم فيه بكفارة، فأما قوله -تعالى-:{وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} [النساء: 92]، فإنما أريد بها إذا قتل غيره؛ بدليل قوله -تعالى-:{وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92]، وقاتل نفسه لا تجب فيه دية؛ بدليل قتل عامر بن الأكوع.
وأما إن قتل نفسه عمدًا، فلا كفارة؛ لأن معتمد المذهب أنه لا كفارة بقتل العمد العدوان، وبه قال الثوري، ومالك، وأبو ثور، وابن المنذر، وأصحاب الرأي.
وعن الإمام أحمد رواية أخرى: تجب في العمد الكفارة، وحكي عن الزهري، وهو قول الشافعي، واحتج له بحديث واثلة بن الأسقع، قال: أتينا النّبيّ صلى الله عليه وسلم بصاحب لنا قد أوجب بالقتل، فقال:"اعتقوا عنه رقبة يعتق الله تعالى بكل عضو منها عضوًا منه من النار"(1).
قالوا: ولأنها إذا وجبت في قتل الخطأ، ففي العمد أولى؛ لأنه أعظم جرمًا، وحاجته إلى تكفير ذنبه أعظم.
ولنا: مفهوم قوله -تعالى-: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92]، ثم ذكر قتل العمد، فلم يوجب فيه كفارة، وجعل جزاءه جهنم، فمفهومه أنه لا كفارة.
(1) رواه أبو داود (3964)، كتاب: العتق، باب: في ثواب العتق، والإمام أحمد في "المسند"(4/ 107).
وروي أن سُويد بنَ الصامت قتل رجلًا، فأوجب النّبيّ صلى الله عليه وسلم القودَ، ولم يوجب كفارة، وعمر [و] بن أمية الضمري قتل رجلين كانا في عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلم (1)، فوداهما النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ولم يأمره بكفارة؛ لأنه فعل يوجب القتل، فلا يوجب الكفارة، كزنى المحصن، وحديث واثلة يحتمل أنه كان خطأ، وسماه موجبًا؛ أي: فوت النفس بالقتل، ويحتمل أنه كان شبه عمد، ويحتمل أنه أمرهم بالإعتاق تبرعًا، وكذلك أمرُه غيرَ القاتل بالإعتاق، وما ذكروه من المعنى لا يصح؛ لأنها وجبت في الخطأ لتمحو إثمه، لكونه لا يخلو من تفريط، فلا يلزم من ذلك إيجابها في موضع عظم الإثم فيه بحيث لا يرتفع بها، وأما شبه العمد، فتجب فيه الكفارة بلا خلافٍ في المذهب (2).
والحاصل: أن الذي استقر عليه المذهب: وجوبُ الكفارة في الخطأ وشبهِ العبد، سواء كان الجاني هو على نفسه، أو شارك في قتل نفس غيره، أو كان الجاني على غيره حيث كانت النفس محرمة، والله -تعالى- الموفق.
(1) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(4/ 248)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(45/ 421).
(2)
انظر: "المغني" لابن قدامة (8/ 402).