المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الخامس عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ: أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ يَحْيَى بنْتَ - كشف اللثام شرح عمدة الأحكام - جـ ٦

[السفاريني]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌كتاب القصاص

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌كتاب الحدود

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب حد السرقة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب حد الخمر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌كتاب الأيمان والنذور

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌باب النذر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب القضاء

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌باب الصيد

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

الفصل: ‌ ‌الحديث الخامس عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ: أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ يَحْيَى بنْتَ

‌الحديث الخامس

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ: أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ يَحْيَى بنْتَ أَبِي إِهَابٍ، فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعْتكمَا، فَذَكَرْتُ ذَلِك لرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَعْرَضَ عَنِّي، قالَ: فَتنَحَّيْتُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، قَالَ:"كيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنْ قَدْ أَرْضَعَتكمَا؟ "(1).

(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (2516)، كتاب: الشهادات، باب: شهادة الإماء والعبيد، و (2517)، باب: شهادة المرضعة، و (4816)، كتاب: النكاح، باب: شهادة المرضعة، وأبو داود (3603)، كتاب: الأقضية، باب: الشهادة في الرضاع، والنسائي (3330)، كتاب: النكاح، باب: الشهادة في الرضاع، والترمذي (1151)، كتاب: الرضاع، باب: ما جاء في شهادة المرأة الواحدة في الرضاع.

قلت: الحديث من أفراد البخاري، ولم يخرجه مسلم، بل لم يخرج في "صحيحه" عن عقبة بن الحارث شيئًا، كما قال الزركشي في "النكت على العمدة" (ص: 298). وقد فات الشارح رحمه الله التنبيه عليه.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

"معالم السنن" للخطابي (4/ 170)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (5/ 93)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 81)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1394)، و"فتح الباري" لابن حجر (5/ 269)، و"عمدة القاري" للعيني (11/ 166)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (8/ 33)، و"سبل السلام" للصنعاني (3/ 218)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (7/ 125).

ص: 33

(عن) أبي سِرْوَعَةَ -بكسر السين المهملة وسكون الراء وفتح الواو والعين المهملة- (عُقْبَةَ) -بضم العين المهملة وسكون القاف، فموحدة، فهاء تأنيث- (بنِ الحارثِ) بن عامر بن نوفل بن عبد مناف بن قصيٍّ القرشيِّ النوفليِّ، أسلم بعد فتح مكة، هذا على قول المحدِّثين، وأما أهلُ النسب- غير مصعب الزبيري، فيقولون: إن عقبة هذا أخو أبي سِرْوَعَة، وأنهما أسلما جميعًا يوم الفتح، وعِدادُ عقبةَ في أهل مكة، وهو الذي قتل خُبيبًا، على ما صححه ابنُ عبد البر، رواه بسنده عن جابر بن عبد الله.

روى له البخاري ثلاثة أحاديث، وأخرج له -أيضًا- مسلمٌ، وأبو داود (1) (أنه)؛ أي: عقبة المذكور (تزوج أُمَّ يحيى) الصحابيةَ، اسمها غَنِيَّةَ -بفتح الغين المعجمة، وكسر النون وتشديد المثناة تحت- كما قاله الأمير بن ماكولا (2)، والحافظ ابنُ حجر في باب: الرحلة في المسألة النازلة مِن كتاب: العلم في "الفتح"(3).

وقال المزي في "الأطراف": اسمها زينب.

قال البرماوي في "شرح الزهر البسام": والجمهور لم يذكروا لها اسمًا.

(1) وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (5/ 447)، و"التاريخ الكبير" للبخاري (6/ 430)، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (6/ 309)، و"الثقات" لابن حبان (3/ 279)، و"المستدرك" للحاكم (3/ 490)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (3/ 1072)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (4/ 48)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (1/ 308)، و"تهذيب الكمال" للمزي (20/ 192)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (4/ 518)، و"تهذيب التهذيب" له أيضًا (7/ 212).

(2)

انظر: "غوامض الأسماء المبهمة" لابن بشكوال (1/ 453 - 454).

(3)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 184).

ص: 34

(بنتَ أبي إهاب) -بكسر الهمزة- لا يعرف اسمه كما في "الفتح" وهو مذكورٌ في الصحابة (1).

(فجاءت أَمَةٌ سوداءُ).

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح": ما عرفتٌ اسمَ هذه الأمَة السوداء المرضعة بعد (2)، (فقالت)؛ أي: الأمَةُ السوداء: (قد أرضعتكما)؛ تعني: الزوجين عقبةَ بنَ الحارث وأمَّ يحيى المذكورَين، قال عقبةُ بنُ الحارث:(فذكرت ذلك)؛ أي: قول الأمَة السوداء إنها أرضعته وأرضعت زوجته أم يحيى (لرسول الله صلى الله عليه وسلم) فيه مزيد الأهتمام والاحتياط للفروج، وسؤال من لم يعلم الحكمَ لمن يعلم، وقد كان عقبة في مكة، فركب منها إلى المدينة كما في "الصحيحين" وغيرهما: أنه تزوج بنتًا لأبي إهاب بن عزيز، فأتته امرأة فقالت: إني قد أرضعتُ عقبةَ والتي تزوج بها، فقال لها عقبةُ: ما أعلم أنك أرضعتيني ولا أخبرتيني-؛ أي:-بكسر المثناة-؛ أي: قبل ذلك، كأنه اتهمها، فأرسل إلى آل أبي إهاب يسألهم، فقالوا: ما علمنا أرضعت صاحبتَنا، فركب؛ أي: من مكة؛ لأنها كانت دار إقامته إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فسأله (3)، قال عقبة:(فأعرضَ عني)، وفي رواية "المستملي": فأعرض عنه، وفيه التفات، (قال) عقبة:(فتنحيتُ)، أي: انصرفت، ودرت إلى [جهة](4) وجهه صلى الله عليه وسلم، (فذكرت ذلك)؛ أي: قولَ

(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 184).

(2)

المرجع السابق، (5/ 268).

(3)

رواه البخاري (88)، كتاب: العلم، باب: الرحلة في المسألة النازلة وتعليم أهله. ولم يروه مسلم في "صحيحه" كما تقدم.

(4)

ما بين معكوفين ساقطة من "ب".

ص: 35

السوداء وزعمَها الذي زعمته - (له) عليه الصلاة والسلام (قال) صلى الله عليه وسلم: (كيف وقد زعمت أن قد أرضعتكما؟) فنهاه، وفي رواية: فقال: "وكيف وقد قيل؟ دعها عنك"(1)، ففارقها، ونكحت زوجًا غيره.

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح": اسم هذا الزوج ظُرَيْب -بضم المعجمة المشالة وفتح الراء وآخره موحدة مُصَغَّرًا- (2).

قال الكرماني في "شرح البخاري": أمرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالمفارقة بقوله: "كيف وقد قيل؟ " كالحكم، وإخبار المرضعة كالشهادة (3).

وقال في "الفتح": المرضعة أثبتت الرّضاع، وعقبة نفاه، فأعملَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم قولَها، فأمره بالمفارقة، إمّا وجوبًا عند من يقول به، وإمّا ندبًا على طريق الورع (4)، واعترضه العيني بأن في كلٍّ منهما نظر، أمّا الأول: ففيه التجوز، وأمّا الثاني: فلو لاحظ صورة ما علمت، لكان أقرب وأوجه؛ لأنه فيه نفي العلم (5)، انتهى.

واستدل الحافظ المصنف بالحديث المذكور على قبول شهادة المرضعة وحدَها في ثبوت حكم الرضاعة (6)، على قاعدة معتمد مذهب الإِمام أحمد.

وقد أغرب ابن بطال، فنقل الإجماع على أنّ شهادة المرأة وحدها

(1) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (2517).

(2)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 185).

(3)

وانظر: "عمدة القاري" للعيني (13/ 199).

(4)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (5/ 251).

(5)

انظر: "عمدة القاري" للعيني (13/ 199).

(6)

انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 81).

ص: 36

لا تجوز في الرضاع وشبهه، وهو عجيب منه، فإنه قول جماعة من السلف، حتى إن عند المالكية رواية أنها تُقبل وحدَها، لكن بشرط فُشُوِّ ذلك في الجيران (1).

قال أبو المظفر عونُ الدين بنُ هبيرة -رحمه الله تعالى-: اتفق الأئمة على أنه تُقبل شهادة النساء فيما لا يطلع عليه الرجال، كالولادة، والبكارة، والرضاع، وعيوب النساء، وما يخفى عن الرجال غالبًا، ثم اختلفوا في العدد الذي يُعتبر فيه منهن، فقال أبو حنيفة، وأحمد: تُقبل شهادة امرأة عدل، وقال مالك: لا تقبل بأقل من شهادة امرأتين عُدَّل، وعن أحمد مثلُه، وقال الشافعي: لا يقبل إلا شهادةُ أربع نسوة عُدَّل (2)، انتهى.

وفي "الفروع": ويقبل فيما لا يطلع عليه الرجال، كعيوب النساء تحت الثياب، كحيض، ورضاع، وعنه: وتحلف فيه، وولادة، واستهلال، وبكارة، وثيوبة امرأةٌ لا ذميّةٌ، نقله الشَّالنجي، وغيره.

وفي "الانتصار": فيجب أَلَّا يلتفت إلى لفظ الشهادة، ولا مجلس الحكم، كالخبر، قال: ولا أعرف عن إمامنا ما يرده، والرجل فيه كالمرأة (3)، انتهى.

والذي استقر عليه المذهب: أن الرضاع إذا شهدت به امرأةٌ واحدةٌ مرضيَّةٌ على فعلها، أو على فعل غيرها، أو رجلٌ واحدٌ، ثبت بذلك، ولا يمين (4).

(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (9/ 152 - 153).

(2)

انظر: "الإفصاح" لابن هبيرة (2/ 356 - 357).

(3)

انظر: "الفروع" لابن مفلح (6/ 510).

(4)

انظر: "الإقناع" للحجاوي (4/ 40 - 41).

ص: 37

قال في "شرح الكافي": ما لا يطلع [عليه](1) الرجال، كعيوب النساء تحت الثياب، والرضاع، والاستهلال، والبكارة، والحيض، ونحوه يُقبل فيه شهادة امرأة واحدة، وهذا المذهب [مطلقًا](2) بلا ريب، ونص عليه الإِمام أحمد في رواية الجماعة، وعليه الأصحاب.

قال: وقبولُ شهادتها منفردةً في الاستهلال والرضاع من المفردات.

وبه تعلم ما في كلام ابن هبيرة من الإجمال.

وعن الإِمام أحمد رواية: تحلف الشاهدة في الرضاع.

قال شيخ الإِسلام ابن تيمية: قال أصحابنا: والاثنتان في الرضاع أحوطُ من المرأة، وجعله القاضي محلَّ وفاق.

وقال أبو الخطاب، والموفق، وابن الجوزي، وابن حمدان، وابن عبد القوي، وغيرهم: الرجل أولى، لكماله (3)، انتهى.

قال علي بن سعيد: سمعت الإِمام أحمد يُسأل عن شهادة المرأة وحدها في الرضاع، قال: تجوز على حديث عقبةَ بنِ الحارث.

وهو قول الأوزاعي، ونُقل عن عثمان، وابن عباس رضي الله عنهم، والزهري، والحسن، وإسحاق.

وروى عبد الرزاق عن ابن جريج، عن ابن شهاب، قال: فرّق عثمان بين ناسٍ تناكحوا يقول امرأةٍ سوداء: إنها أرضعتهم (4).

(1) ما بين معكوفين ساقطة من "ب".

(2)

ما بين معكوفين ساقطة من "ب".

(3)

وانظر: "الإنصاف" للمرداوي (12/ 86).

(4)

رواه عبد الرزاق في "المصنف"(13969).

ص: 38

قال ابن شهاب: الناس يأخذون بذلك من قول عثمان اليوم، واختاره أبو عبيد، إلا أنه قال: إن شهدت المرضعة وحدَها، وجب على الزوج مفارقةُ المرأة، ولا يجب عليه الحكمُ بذلك، وإن شهدت معها أخرى، وجب الحكمُ به، واحتجّ بأنه صلى الله عليه وسلم لم يلزم عقبةَ بطلاق امرأته، بل قال:"دعها عنك".

وذهب الجمهور إلى أنه لا يكفي في ذلك شهادةُ المرضعة؛ لأنها شهادةٌ على فعلِ نفسِها، فأخرج أبو عبيد عن عمر والمغيرة بن شعبة، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس رضي الله عنهم: أنهم امتنعوا من التفرقة بين الزوجين بذلك، وقال عمر: فرّق بينهما إن جاءت بيّنة، وإلّا، فخلّ بين الرجل وامرأته إلّا أن يتنزها، ولو فتح هذا الباب، لم تشأ امرأةٌ أن تفرق بين زوجين إلّا فعلت.

وقال الشافعي: يُقبل مع ثلاث نسوة في ثبوت المحرمية، دون ثبوت الأجرة لها على ذلك.

وقال مالك: تُقبل مع أخرى.

وعن أبي حنيفة: لا تقبل في الرضاع شهادةُ النساء المتمحضات.

وعكسه الإصطخري من الشافعية.

ولا ريب أن الحديث فيه الحجّةُ الظاهرة والدلالةُ الباهرة لمذهبنا، وأجاب: من لم يقبل شهادةَ المرأة وحدها عن الحديث يحمل النهي في قوله صلى الله عليه وسلم: فنهاه عنها، على التنزيه، ويحمل الأمر في قوله:"دَعْها عنك" على الإرشاد (1)، والله أعلم.

(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (5/ 268 - 269).

ص: 39