الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث
عَنْ عُمَر بْنِ الخَطَّاب رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بَآبَائِكُمْ"(1).
وَلِمُسْلِمٍ: "فَمَنْ كَانَ حَالِفًا، فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ، أَوْ لِيَصْمُتْ"(2).
وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ عُمَرُ: فَوَاللهِ! مَا حَلَفْتُ بهَا مُنْذْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهَا ذَاكِرًا وَلَا آثِرًا (3).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (6271)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: لا تحلفوا بآبائكم، ومسلم (1646/ 1)، كتاب: الأيمان، باب: النهي عن الحلف بغير الله تعالى، وأبو داود (3250)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: في كراهية الحلف بالآباء، والنسائي (3765)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: التشديد في الحلف بغير الله تعالى، و (3766 - 3768)، باب: الحلف بالآباء، والترمذي (1533)، كتاب: النذور والأيمان، باب: ما جاء في كراهية الحلف بغير الله، وابن ماجه (2094) كتاب: الكفارات، باب: النهي أن يحلف بغير الله، من طريق سالم، عن ابن عمر، به.
(2)
رواه مسلم (1646/ 3)، كتاب: الأيمان، باب: النهي عن الحلف بغير الله تعالى، وكذا رواه البخاري (5757)، كتاب: الأدب، باب: من لم ير إكفار من قال ذلك متأولًا أو جاهلًا، و (6270)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: لا تحلفوا بآبائكم، وأبو داود (3249)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: في كراهية الحلف بالآباء.
(3)
تقدم تخريجه في رواية سالم، عن أبيه السابقة. =
آثرًا يَعْنِي: حَاكِيًا عَنْ غَيْرِي أَنَّهُ حَلَفَ بِهَا.
* * *
(عن) أمير المؤمنين أبي حفصٍ (عمرَ بنِ الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ينهاكم) معشر الخلق (أن تحلفوا بآبائكم) إذا حلفتم؛ لأن الحلف بشيء يقتضي تعظيمه، والعظمة إنما هي لله وحده.
ولا يعارضه حديث: "أَفْلَحَ وأَبيه"(1)؛ لأنها كلمة جرت على لسانهم للتأكيد لا للقسم (2).
وفي "الصحيحين" من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه أدرك عمر يحلف بأبيه، فناداه رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم"(3).
= * مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (4/ 45)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (5/ 202)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (7/ 16)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 400)، و"المفهم" للقرطبي (4/ 621)، و"شرح مسلم" للنووي (11/ 104)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 144)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1507)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 326)، و"طرح التثريب" للعراقي (7/ 140)، و"فتح الباري" لابن حجر (11/ 530)، و"عمدة القاري" للعيني (22/ 160)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (9/ 374)، و"سبل السلام" للصنعاني (4/ 101)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (9/ 121).
(1)
رواه مسلم (11)، كتاب: الإيمان، باب: بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، من حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه.
(2)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (11/ 105)، و"فتح الباري" لابن حجر (1/ 107).
(3)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (5757، 6270)، وعند مسلم برقم (1646/ 3).
(ولمسلم) في "صحيحه": (فمن كان) منكم (حالفًا) ولابد، (فليحلف بالله) تعالى، (أو ليصمت) عن الحلف، وأما أن يحلف بغير الله، فلا.
قلت: بل هو في "الصحيحين"، وكذا رواه أهل "السنن" الأربع كذلك (1).
وفي رواية لابن ماجه من حديث بريدة، قال: سمع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رجلًا يحلف بأبيه، فقال:"لا تحلفوا بآبائكم، من حلف بالله، فَلْيَصْدُق، ومن حُلِفَ له بالله، فلْيَرْضَ، ومن لم يَرْضَ بالله، فليس من الله"(2).
(وفي رواية) من حديث ابن عمر في "الصحيحين": (قال عمر) بن الخطاب رضي الله عنه: (فوالله! ما حلفت بها) -يعني: اليمين بغير الله- (منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها) -يعني في قوله: "لا تحلفوا بآبائكم"(ذاكرًا) لها، (ولا آثرًا) -بفتح الهمزة ومدها وكسر المثلثة-، قال في تفسير قوله:(آثرًا؛ يعني: حاكيًا عن غيري أنه حلف بها)؛ أي: حلف يمينًا بغير الله؛ كآبائه؛ تحرزًا وحرصًا منه أن يجري على لسانه الحلف بغير الله تعالى: لنهيه عليه الصلاة والسلام عن ذلك.
وفي "الصحيحين" من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أيضًا: "من كان حالفًا، فلا يحلف إلا بالله"، وكانت قريش تحلف بآبائها، فقال صلى الله عليه وسلم:"لا تحلفوا بآبائكم"(3).
وروى الترمذي وحَسَّنه، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم، وقال:
(1) وتقدم تخريجه عندهم.
(2)
رواه ابن ماجه (2101)، كتاب: الكفارات، باب: من حُلف له بالله فليرض.
(3)
رواه البخاري (3624)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: أيام الجاهلية، ومسلم (1646/ 4)، كتاب: الأيمان، باب: النهي عن الحلف بغير الله تعالى.
صحيح على شرطهما، عن ابن عمر أيضًا: أنه سمع رجلًا يقول: لا والكعبة! فقال ابن عمر: لا تحلف بغير الله؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من حلف بغير الله، فقد كفر -أو: فقد أشرك-"(1).
وفي رواية للحاكم: "كل يمين يحلف بها دون الله، فهو شرك"(2).
وروى أبو داود عن بريدة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف بالأمانة، فليس منّا"(3).
وعنه أيضًا، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف قال: إني بريء من الإسلام، فإن كان كاذبًا، فهو كما قال، وإن كان صادقًا، فلن يرجع إلى الإسلام سالمًا" رواه الإمام أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما (4).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "من حلف على يمين، فهو كما حلف، إن قال: هو يهودي، فهو يهودي، وإن قال:
(1) رواه الترمذي (1535)، كتاب: النذور والأيمان، باب: ما جاء في كراهية الحلف بغير الله، وقال: حسن، وأبو داود (3251)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: في كراهية الحلف بالآباء، والإمام أحمد في "المسند"(2/ 69)، وابن حبان في "صحيحه"(4358)، والحاكم في "المستدرك"(7814).
(2)
رواه الحاكم في "المستدرك"(46)، من حلإيث ابن عمر رضي الله عنهما.
(3)
رواه أبو داود (3253)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: في كراهية الحلف بالأمانة، والإمام أحمد في "المسند"(5/ 352).
(4)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 355)، وأبو داود (3258)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: ما جاء في الحلف بالبراءة وبملة غير الإسلام، والنسائي (3772)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: الحلف بالبراءة من الإسلام، وابن ماجه (2100)، كتاب: الكفارات، باب: من حلف بملة غير الإسلام، والحاكم في "المستدرك"(7818).
نصراني، فهو نصراني، وإن قال: هو بريء من الإسلام -يعني: فكذلك-، ومن ادعى دعاء الجاهلية، فهو من جثاء جهنم"، قالوا: يا رسول الله! وإن صام وصلى؟ قال: "وإن صام وصلى" رواه أبو يعلى، والحاكم، واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد (1).
واعلم أن من قال: هو يهودي، أو كافر، أو مجوسي، أو يعبد الصليب، أو يعبد غير الله، أو بريء من الله سبحانه، أو من الإسلام، أو من القرآن، أو النبي صلى الله عليه وسلم، إن فعل ذلك، فقد فعل محرمًا بلا نزاع، وعليه كفارة يمين إن فعل -على معتمد المذهب (2) -، ولا يكفر، ويحمل ما ورد على الزجر والردع والترهيب.
واختار الإمام الموفق أنه لا كفارة على الحالف بذلك؛ لأنه لم يحلف باسم الله عز وجل، ولا صفته، ولا أتى بصيغة اليمين، وإنما علق الكفر على الفعل، فلم تجب الكفارة بذلك، كما لو علق عليه الطلاق، لكن معتمد المذهب: الأول.
قال في "الإنصاف": هو المذهب، سواء كان منجَّزًا، أو معلَّقًا (3).
قال الزركشي: وهو أشهر الروايتين عن الإمام أحمد (4)، واختيار جمهور الأصحاب: القاضي، والشريف، وأبي الخطاب، والشيرازي،
(1) رواه أبو يعلى في "مسنده"(6006)، والحاكم في "المستدرك"(7817)، وانظر:"الترغيب والترهيب" للمنذري (3/ 372 - 373).
(2)
انظر: "الإقناع" للحجاوي (4/ 344).
(3)
انظر: "الإنصاف" للمرداوي (11/ 31).
(4)
انظر: "شرح الزركشي على الخرقي"(7/ 165).
وابن عقيل، وغيرهم، وجزم به في "الوجيز"، و"المنور"(1)، و"منتخب الأدمي"، و"تذكرة ابن عبدوس"، وغيرهم (2)؛ لأن قوله هذه الأشياء توجب هتك الحرمة، فكان يمينًا؛ كالحلف بالله سبحانه وتعالى، والله أعلم.
(1) انظر: "المنور في راجح المحرر" للأدمي (ص: 386).
(2)
انظر: "الإنصاف" للمرداوي (11/ 31 - 32).