الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الخامس
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم جاءَ إليه اليَهُودُ، فَذَكَروا لَهُ أَنَّ امرَأَةً مِنْهُم وَرَجُلًا زَنيا، فَقَالَ لَهُم رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"ما تَجِدوُنَ فِي التَّوْرَاةِ في شَأنِ الرَّجْمِ؟ "، فَقَالُوا: نَفْضَحُهم وَيُجْلَدُونَ، قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ: كذبتم، إنَّ فِيها آيَةَ الرَّجْم. فَأتوْا بالتَّوْرَاةِ، فَنَشَرُوها، فَوَضَعَ أَحَدُهُم يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَقَرَأَ مَا قَبْلَها وَمَا بَعدها، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ: ارفَع يَدَكَ، فَرَفَعَ يَدَهُ، فَإذَا فِيها آيةُ الرَّجْمِ، فَقَالَ: صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ، فَأَمَرَ بهِمَا النَّبي صلى الله عليه وسلم، فَرُجِمَا، قَالَ: فَرَأيتُ الرجُلَ يَحنِي على المَرأَة يَقِيها الحِجارةَ (1).
الذي وَضَعَ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، عَبْدُ اللهِ بنُ صُورِيا.
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (1264)، كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد، و (3436)، كتاب: المناقب، باب: قول الله تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: 146]، و (4280)، كتاب: التفسير، باب:{قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 93]، و (6433)، كتاب: المحاربين، باب: الرجم في البلاط، و (6450)، باب: أحكام أهل الذمة وإحصانهم إذا زنوا ورفعوا إلى الإمام، و (6901)، كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحضَّ على اتفاق أهل العلم، و (7104)، كتاب: التوحيد، باب: ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها من =
(عن) أبي عبدِ الرحمن (عبدِ الله بنِ) أمير المؤمنين (عمرَ) بنِ الخطاب (رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء إليه اليهود، فذكروا له) صلى الله عليه وسلم: (أن امرأة منهم) -أي: اليهود- (ورجلًا منهم).
قال البرماوي: اسم المرأة اليهودية التي زنت بسرة.
قال البغوي في "تفسيره": إنهما، أي: اللذين (زنيا) وأُتي بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل خيبر (1).
قال السهيلي: اسم المرأة بسرة (2)، ولم يسم الرجل، زنيا بعد إحصان.
وفي "سنن أبي داود": أن رجلًا منهم -أي: يهود- وامرأة زنيا، فقالوا: اذهبوا إلى هذا النبي، فإنه بُعث بالتخفيف، فإن أفتانا بفتيا دون الرجم، قبلناها منه، واحتججنا بها عند الله، وقلنا: فُتيا نبيٍّ من أنبيائك، فأتوه وهو جالس في المسجد في أصحابه، فقالوا: يا أبا القاسم! ما ترى في رجل
= كتب الله بالعربية وغيرها، ومسلم (1699/ 26 - 27)، كتاب: الحدود، باب: رجم اليهود أهل الذمة في الزنا، وأبو داود (4446)، كتاب: الحدود، باب: في رجم اليهوديين.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (3/ 325)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 529)، و"المفهم" للقرطبي (5/ 108)، و "شرح مسلم" للنووي (11/ 208)، و "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 120)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1466)، و"النكت على عمدة الأحكام" للزركشي (ص: 316)، و"فتح الباري" لابن حجر (12/ 167)، و"عمدة القاري" للعيني (16/ 160)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (10/ 30)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (7/ 256).
(1)
انظر: "تفسير البغوي"(1/ 289).
(2)
انظر: "الروض الأنف" للسهيلي (2/ 423).
وامرأة زنيا؟ فلم يكلمهم بكلمة حتى أتى بيتَ مِدْراسهم (1)؛ أي: وهو البيت الذي يقرأ فيه أهل الكتاب، ودرستُ الكتاب: قرأته، كما في "المطالع"(2)، وفي "القاموس" المِدراس: الموضعُ يُقرأ فيه القرآن، ومنه مِدراسُ اليهود (3)، انتهى.
(فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟).
وفي حديث أبي داود: فقام صلى الله عليه وسلم على الباب، فقال:"أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى! ما تجدون في التوراة على من زنى إذا أحصن؟ "، (فقالوا: نفضحهم)؛ أي: نفضح من زنى؛ أي: نظهر ذمه وعيبه، ونُسَخِّمهم، أي: نسوِّدُ وجوههم، (ويُجلدون) بالسوط.
وفي حديث أبي داود: يُحَمَّم؛ أي: يُسَوَّد وجهُه؛ من الحمم، وهو الفحم، ومنه: صاروا حممًا (4)، ويُجَبَّهُ، ويُجْلَد، وفي لفظ: التحميمُ والتجبية (5)، وهو -بفتح المثناة فوق مشددة، وسكون الجيم وكسر الموحدة فمثناة فهاء-، جاء تفسيره في الحديث: أنهما يُجلدان، وتُحمم وجوههما، ويُحملان على حمار، ويخالَفُ بين وجوههما، فيقابل أقفيتهما، ويُطاف بهما (6).
(1) في "ب": "مدارسهم"، وهو خطأ. والحديث رواه أبو داود (4450)، كتاب: الحدود، باب: رجم اليهوديين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
وانظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (1/ 256).
(3)
انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 702)، (مادة: درس).
(4)
وانظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (1/ 21).
(5)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (6433).
(6)
رواه ابن هشام في "السيرة"(3/ 102)، من طريق ابن إسحاق، عن الزهري، به، وقد جزم الحربي أن هذا التفسير من قول الزهري، كما نقل الحافظ ابن حجر في "الفتح"(12/ 129).
قال: فسكت شابٌّ منهم، فلما رآه النبيُّ صلى الله عليه وسلم سكت، أَلَظَّ به النِّشْدَةَ، فقال: اللهم إذ نشدتنا، فإنا نجد في التوراة الرجمَ، ولما قالوا ما قالوا، وأنكروا الرجمَ، (قال عبد الله بن سَلَام) -بتخفيف اللام- بنِ الحارث، يكنى: أبا يوسف، من بني قَيْنُقاع -بفتح القاف وسكون المثناة تحت وضم النون ثم قاف وألف وآخره عين مهملة- الإسرائيليُّ، من ولد يوسفَ الصديقِ -على نبينا وعليه أفضلُ الصلاة والسلام-، وكان حليفًا لبني عوف بنِ الخزرج، وكان اسمه: الحُصينَ، فسماه رسول لله صلى الله عليه وسلم: عبدَ الله، أسلم أول مقدمِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم المدينة، وهو أحد الأحبار، وأحدُ من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي "الصحيحين" من حديث سعد بن أبي وقاص، قال: ما سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحيّ يمشي على الأرض: إنه من أهل الجنة، إلا لعبد الله بن سلام، قال: وفيه نزلت: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} (1)[الأحقاف: 10].
روى عنه: ابناه: يوسف، ومحمد، وأنسُ بنُ مالك، وغيرهم، مات بالمدينة سنة ثلاث وأربعين.
روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وعشرون حديثًا، اتفقا على حديث، وانفرد البخاري بآخر رضي الله عنه (2).
(1) رواه البخاري (3601)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب عبد الله بن سلام رضي الله عنه، ومسلم (2483)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل عبد الله سلام رضي الله عنه.
(2)
وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2/ 352)، و"الآحاد والمثاني" لابن أبي عاصم (4/ 109)، و"الثقات" لابن حبان (3/ 228)، و"المستدرك" للحاكم (3/ 467)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (3/ 921)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (29/ 97)، و"صفة الصفوة" لابن الجوزي =
(كذبتم)؛ أي: قال عبد الله بن سلام رضي الله عنه ليهود لما قالوا في الزناة: نفضحهم ونُسَخِّمهم، ونسبوا ذلك إلى التوراة: كذبتم، (إن فيها)؛ أي: التوراة (آيةَ الرجم)، فأنكروا ذلك، فطلبها منهم، (فأتوا) -بقصر الهمز-؛ أي: جاؤوا (بالتوراة، فنشروها)؛ أي: أفردوها، ونظروا فيها، والنشرُ ضدُّ الطَّيِّ (1)، (فوضع أحدهم يده)؛ أي: اليهود، وهو عبد الله بن صوريا -كما يأتي في كلام المصنف رحمه الله (يده على آية الرجم) من التوراة، فغطاها، (فقرأ ما قبلها)؛ أي: الآية التي قبل آية الرجم، (وما)؛ أي: والآية التي (بعدها)، ولم يقرأ آية الرجم، (فقال له)؛ أي: عبدِ الله بن صوريا (عبدُ الله بنُ سلام) رضي الله عنه فاعل، قال:(ارفع يدك، فرفع يده) الخبيثة، (فإذا فيها)؛ أي: التوراة (آيةُ الرجم) مكتوبة، (فقال) عبد الله بن صوريا ومَنْ معه من أحبار يهود:(صدق) عبد الله بن سلام (يا محمد)، إن فيها آيةَ الرجم.
وفي حديث أبي داود لما اعترفوا أنهم يجدون في التوراة الرجم: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فما أول ما ارتخصتم أمر الله؟ "، قال له الشاب: زنى ذو قرابةٍ [مع] ملكٍ من ملوكنا، فأخر عنه الرجمَ، ثم زنى رجل في أسرة من الناس، فأراد رجمَه، فحال قومُه دونه، وقالوا: لا يرجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمَه، فاصطلحوا [على] هذه العقوبة بينهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
= (1/ 718)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (3/ 265)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (1/ 255)، و"تهذيب الكمال" للمزي (15/ 74)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (2/ 413)، و"تذكرة الحفاظ" له أيضًا (1/ 26)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (4/ 118)، و"تهذيب التهذيب" له أيضًا (5/ 219).
(1)
انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (5/ 54).
"فإني أحكم بما في التوراة"(1)، (فأمر بهما)؛ أي: الزانيين من اليهود ([النبي صلى الله عليه وسلم])، (فرجما) عند باب مسجده الشريف.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "السياسة الشرعية": وذلك أول رجم كان في الإسلام (2).
وفي كتاب "الأوائل" لعلي دَدَهْ: أن أول من رُجم في الإسلام ماعز، وعزاه لـ"شرح المصابيح".
ويمكن الجمع بأن أول من رُجِم في الإسلام من المسلمين ماعزٌ، وأول رجم مطلقًا اليهوديين (3).
وعند أبي داود أيضًا: أنه صلى الله عليه وسلم دعا بالشهود، فجاء أربعة فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها مثلَ الميل في المكحلة (4)، (قال) عبدُ الله بن عمر رضي الله عنهما:(فرأيت الرجل) وهما يُرجمان (يَحني)؛ أي: يميل ويعطف (على المرأة يَقيها الحجارةَ) بنفسه؛ من العطف والإشفاق عليها.
قال الحافظ المصنف رحمه الله ورضي عنه-: الحبر (الذي وضع يده على آية الرجم) في التوراة من يهود (عبدُ الله بن صُورِيا) -بضم الصاد المهملة وسكون الواو وكسر الراء وبالمثناة تحت- وقال الحافظ زكي الدين المنذري: عبد الله بن صُوَرَى -بفتح الواو-، وقيده بعضهم: صُورِي -بكسر الراء-.
(1) تقدم تخريجه عند أبي داود برقم (4450).
(2)
انظر: "السياسة الشرعية" لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص: 87).
(3)
كذا في "الأصل"، والصواب:"اليهوديان".
(4)
رواه أبو داود (4452)، كتاب: الحدود، باب: في رجم اليهوديين، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
قال الحافظ المنذري: وفي أبي داود، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: جاءت اليهود برجل وامرأة قد زنيا، فقال:"ائتوني بأعلم رجلين منكم"، فأتوا بابني صُوريا (1)، ولعله أراد: عبدَ الله بنَ صوري المتقدم، وكنانةَ بنَ صوريا، ويكون قد ثناهما على لفظ أحدهما، أو يكون عبد الله يقال فيه: ابن صوريا (2).
قال البرماوي: صورياء -ممدود-، وفي "البحر" عن السهيلي حكاية عن النقاش: إنه أسلم (3).
قلت: عند الإمام أحمد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: فجاؤوا -يعني: يهود- بقارىء لهم أعور يقال له: ابن صوريا (4).
وفي "المسند" أيضًا، و"صحيح مسلم"، و"سنن أبي داود"، من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: مُرّ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم بيهودي مُحَمَّمٍ مجلودٍ، فدعاهم، فقال:"هكذا تجدون حدَّ الزاني في كتابكم؟ "، قالوا: نعم، فدعا رجلًا من علمائهم، فقال:"أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى! أهكذا تجدون حدَّ الزاني في كتابكم؟ "، قال: لا، ولولا أنك نشدتني بهذا، لم أخبرك، نجد الرجمَ، ولكنه كثر في أشرافنا، فكنا إذا أخذنا الشريف، تركناه، وإذا أخذنا الضعيف، أقمنا عليه الحد، فقلنا: تعالوا فلْنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميمَ والجلدَ مكانَ الرجم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إني أولُ من أحيا أمرك إذْ أماتوه"،
(1) تقدم تخريجه آنفًا.
(2)
انظر: "مختصر السنن" للمنذري (6/ 265).
(3)
انظر: "الروض الأنف" للسهيلي (2/ 369).
(4)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 5).
فأمر به فرُجم، فأنزل الله عز وجل:{يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} [المائدة: 41] إلى قوله: {إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ)} [المائدة: 41]، يقولون: ائتوا محمدًا، فإن أمركم بالتحميم والجلد، فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم، فاحذروا، فأنزل الله تبارك وتعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45]، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47]، هي في الكفار كلُّها (1).
وفي "تفسير الحنبلي العُليمي" في قوله تعالى: {وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ} [المائدة: 41]: المعنى: هؤلاء الجماعة الذين جاؤوك من اليهود هم جواسيسُ لطائفة أخرى منهم لم تجئْكَ؛ لأنه كان قد زنى يهودي بيهودية، وكانا محصنين شريفين عند أهل خيبر، وكان حدُّهما الرجم، فكرهوا رجمَهما، فأرسلوا بهما مع جماعة من قريظة والنضير ليسألوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن حدهما عنده، وقالوا: إن أمركما محمد بالجلد، فاقبلوا، وإن أمركم بالرجم، فاحذروا، فعلى هذا {سماعون} الأولى: أهل خيبر، والثانية: قريظة والنضير، وذكر تمام القصة على نحو ما قدمنا (2)، والله الموفق.
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 286)، وأبو داود (4448)، كتاب: الحدود، باب: في رجم اليهوديين.
(2)
كتاب "فتح الرحمن في تفسير القرآن" للشيخ مجير الدين العليمي، مخطوط بالمكتبة الظاهرية بدمشق، وهذا النقل الثاني للشارح رحمه الله عن تفسير العليمي، وقد قدمنا أننا بصدد إخراجه إلى عالم المطبوع، نسأل الله التوفيق فيه والسَّداد.
تنبيهان:
الأول: ثبت بهذا الحديث ونحوِه الإحصانُ للذميين، وهي مسألة خلاف، فمعتمد مذهب الإمام أحمد، عدم اشتراط الإسلام في الإحصان، وبه قال الزهري، والشافعي، فيكون الذميان محصَنين، وإذا تزوج المسلم ذمية، فوطئها، صارا محصنين.
وفيه رواية أخرى عن الإمام أحمد: أن الذمية لا تحصن المسلم.
وقال عطاء، والنخعي، والشعبي، ومجاهد، والثوري: الإسلام شرط في الإحصان، فلا يكون الكافر محصنًا، ولا تحصن الذمية مسلمًا؛ لأن ابن عمر روى: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أشرك بالله، فليس بمحصَن"(1)، وبه قال أبو حنيفة، ومالك، إلا أن الذمية تحصِنُ المسلم عند مالك بناء على أصله في أنه لا يعتبر الكمال في الزوجين.
ولنا: هذا الحديث في قصة اليهوديين، ولأن الجناية بالزنا استوت من المسلم والذمي، فيجب أن يستويا في الحد، وحديثهم لم يصح، ولا يُعرف في مسنَد، وقيل: هو موقوف على ابن عمر، ثم على فرض ثبوته، يتعين حملُه على إحصان القذف؛ جمعًا بينه وبين الأحاديث الثابتة في "الصحيحين"، وغيرهما، ولاسيما وروايهما واحد، وحديثنا صريح في الرجم، فيتعين حملُ خبرهم على الإحصان الآخر.
فإن قيل: إنما رجم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم اليهوديين بحكم التوراة؛ بدليل أنه راجعها، فلما تبين له أن ذلك حكمُ الله عليهم، أقامه فيهم، وفيها أنزل الله
(1) رواه الدارقطني في "سننه"(3/ 147)، ثم قال: والصواب موقوف، ومن طريقه: البيهقي في "السنن الكبرى"(8/ 216).
تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا} [المائدة: 44].
فالجواب: إنما حكم عليهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بما أنزل الله عليه؛ بدليل قوله تعالى: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48]، ولأنه لا يسوغ للنبي صلى الله عليه وسلم الحكمُ بغير شريعته، ولو ساغ ذلك له، لساغ لغيره، وإنما راجعَ صلى الله عليه وسلم التوراة؛ لتعريفهم أن حكم التوراة موافقٌ لما يحكم به عليهم، وأنهم تاركون شريعتهم، مخالفون لحكمهم، ثم هذا حجة لنا؛ لأن حكم الله تعالى -في وجوب الرجم- إن كان ثابتًا في حقهم، يجب أن يحكم به عليهم، وقد ثبت وجود الإحصان فيهم، ولا معنى له سوى وجوب الرجم على من زنى منهم بعد وجود شروط الإحصان فيه، فإن منعوا ثبوتَ الحكم في حقهم، فلم حكم به النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصح القياس على إحصان القذف؛ لأن من شروطه العفةَ، وليست شرطًا هاهنا (1).
الثاني: حدُّ اللواط، وهو عمل الفاحشة، ونسبته إلى قوم لوط؛ لأنه يعمل عملهم، وهم منسوبون إلى لوط النبي عليه السلام، وهو لوط بن هاران، وهارانُ أخو إبراهيم الخليل عليه السلام، وأما هاران أبو سارة فهو هاران الأكبر عمُّ إبراهيم عليه السلام كما برهن على ذلك ابن خلكان في "تاريخه"(2).
وكان لقوم لوط صفات مذمومة، أشهرها وأقبحها إتيانُ الذكور في
(1) انظر: "شرح المقنع" لابن أبي عمر (10/ 162 - 163).
(2)
انظر: "وفيات الأعيان" لابن خلكان (1/ 315).
الدُّبُر، وهو المراد هنا، الفاعل والمفعول به كزانٍ، ولا فرق بين أن يكون في مملوكه، أو أجنبي، أو أجنبية.
وأما إن وطىء زوجته في دبرها، وكذا مملوكته، فهو محرم من الكبائر، ولا حد عليه في ذلك، نعم يُعَزَّرُ ويُفَرَّق بينهما إن أصرَّ على ذلك.
قال في "شرح المقنع": وحدُّ اللوطيِّ كحدِّ الزاني، وعنه: حده الرجم بكل حال، قال: وأجمع أهل العلم على تحريم اللواط، وقد ذمه الله تعالى في كتابه، وعاب مَنْ فعله، وذمه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ولعنَ من عَمِلَ عَمَلَ قومِ لوط، وكرر ذلك.
قال: واختلفت الرواية عن الإمام أحمد في حده، فروي عنه: أن حده الرجم بكل حال، بكرًا كان أو ثيبًا، وهذا قول علي، وابن العباس، وجابر بن زيد، وعبيد الله بن معمر، والزهري، وأبي حبيب، وربيعة بن مالك، وإسحاق، وأحد قولي الشافعي.
والرواية الثانية: أن حده حدّ الزنا، وبه قال سعيد بن المسيب، وعطاء، والحسن، والنخعي، وقتادة، والأوزاعي، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وهو المشهور من قولي الشافعي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أتى الرجلُ الرجلَ، فهما زانيان"(1)، ولأنه إيلاج في فرج آدمي لا ملك له فيه، ولا شبهةَ ملكٍ، فكان زنا كالإيلاج في فرج المرأة، وإذا ثبت كونه زنا،
(1) رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(8/ 233)، وفي "شعب الإيمان"(5458)، من حديث أبي موسى رضي الله عنه.
دخل في عموم الآية والأخبار فيه، ولأنه فاحشة، فكان زنا كالفاحشة بين الرجال والنساء.
وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أنه أمر بتحريق اللوطي، وهو قول ابن الزبير، ولما روى صفوان بن سليم عن خالد بن الوليد: أنه وجد في بعض نواحي العرب رجلًا يُنكح كما تُنكح المرأة، فكتب إلى أبي بكر، فاستشار أبو بكر الصحابة فيه، فكان علي رضي الله عنه أشدَّهم قولًا فيه، فقال: ما فعل هذا إلا أمةٌ من الأمم واحدة، وقد علمتم ما فعل الله بها، أرى أن يحرق بالنار، فكتب أبو بكر رضي الله عنه إلى خالد، فحرقه (1).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "السياسة الشرعية": وأما المتلوط، فمن العلماء من يقول: حدُّه حدُّ الزنا، وقد قيل: دون ذلك، والصحيح الذي اتفقت عليه الصحابة: أن يُقتل الاثنان الأعلى والأسفلُ، سواء كانا محصَنين، أو غيرَ محصَنين؛ فإن أهل السنن رووا عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: "من وجدتموه يعملُ عملَ قومِ لوط، فاقتلوه، الفاعلَ والمفعولَ به"(2)، وروى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما في البكر يؤخذ على اللوطية، قال: يرجم (3)، ورُوي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه نحوُ ذلك (4).
(1) رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(8/ 232)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(5389)، وانظر:"شرح المقنع" لابن أبي عمر (10/ 175 - 176).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
رواه أبو داود (4463)، كتاب: الحدود، باب: فيمن عمل عمل قوم لوط.
(4)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(28339)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(8/ 232).
قال شيخ الإسلام: لم يختلف الصحابة رضي الله عنهم في قتله، وإنما اختلفوا في كيفية قتله، فعن بعضهم: أنه يُلقى عليه جدار حتى يموت تحت الهدم، وقيل: يُحبسان في أنتنِ موضع حتى يموتا، وعن بعضهم: أنه يرفع على أعلى جدار في القرية، فيرمى منه، ويتبع بالحجارة؛ كما فعل الله بقوم لوط، قال: وهذه رواية عن ابن عباس، والرواية الأخرى قال: يرجم.
قال شيخ الإسلام: وعلى هذا أكثرُ السلف، قالوا: لأن الله رجم قومَ لوط، وشرع رجم الزاني تشبيهًا برجم قوم لوط، فيرجم الاثنان، سواء كانا حرين، أو مملوكين، أو كان أحدهما مملوكًا، والآخر حرًا، إذا كانا بالغين، فإن كان أحدهما غير بالغ، عوقب بما دون القتل، ولا يرجم إلا البالغ، انتهى (1).
وقال ابن القيم في كتابه "الطرق الحكمية": هو -أي: اللواط- أولى بالحد من الزنا، فإنه وطء فرج لا يستباح بحال، والداعي إليه قويٌّ، فهو أولى بوجوب الحد، فيكون نصابه -يعني: من جهة ثبوته- نصابَ الزنا.
واكتفى أبو حنيفة، وأبو محمد بن حزم بشاهدين (2).
وقال في كتابه "إغاثة اللهفان": اعلم أن الإمام مالكًا من أشد الناس، بل أشدّهم في هذا الباب، حتى إنه يوجب قتل اللوطي حدًا، بكرًا كان أو ثيبًا، قال: وقوله في ذلك هو أصح المذاهب كما دلت عليه النصوص، واتفقت عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن اختلفت أقوالهم في كيفية قتله، وما نسب إلى الإمام مالك من جواز وطء الرجل امرأته في دبرها هو كذبٌ
(1) انظر: "السياسة الشرعية" لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص: 88).
(2)
انظر: "الطرق الحكمية" لابن القيم (ص: 240).
عليه وعلى أصحابه، فكتبُهم كلُّها صريحة بتحريمه.
قال: ومن نسب إلى الإمام مالك شيئًا من إباحة الفواحش، فهو كذب، وهو كفر وزندقة من قائله بإجماع الأمة.
قال: ونظير هذا ما يتوهمه كثير من الفَسَقَة وجهالِ الترك وغيرهم أن مذهب أبي حنيفة أن هذا ليس من الكبائر، وغايته أن يكون صغيرة من الصغائر، وهذا من أعظم الكذب والبهتان على الأئمة، فقد أعاذ الله أبا حنيفة وأصحابه من ذلك، وشُبهة هؤلاء الفسقة الجهلة أنهم لما رأوا أبا حنيفة لم يوجبْ فيه الحد، ركَّبوا على ذلك أنه ليس من كبائر الذنوب، بل من صغائرها، وهذا ظن كاذب؛ فإنه لم يُسقط فيه الحد لخفته؛ فإن جرمه عنده وعند جميع أهل الإسلام أعظمُ من جرم الزنا، ولهذا عاقب الله -سبحانه- أهله بما لم يعاقب به أمةً من الأمم، وجمعَ عليهم من أنواع العذاب ما لم يجمعه على غيرهم، ولكن شُبهة من أسقط فيه الحد: أن فحشه مركوز في طباع الأمم، فاكتفى فيه بالوازع الطبعي، كما اكتفى بذلك في أكل الرجيع وشرب البول والدم، ورتب الحد على شرب الخمر؛ لكونه مما تدعو إليه النفوس.
والجمهور يجيبون عن هذا بأن في النفوس الخبيثة المتعديةِ حدودَ الله أقوى الداعي لذلك، فالحد فيه أولى من الحد في الزنا، ولذلك وجب الحد على من وطىء أمه وبنته وخالته وجدته، وإن كان في النفوس وازع وزاجر طبعي عن ذلك، بل حد هذا القتل بكل حال، بكرًا كان أو محصنًا في أصح الأقوال.
قال: وهذا مذهب الإمام أحمد، وغيره، وأطال في ذلك (1).
(1) انظر: "إغاثة اللهفان" لابن القيم (2/ 144 - 145).
وقال في كتابه "الداء والدواء": وقد اختلف الناس هل هو أغلظ عقوبة من الزنا، أو الزنا أغلظ عقوبة منه، أو عقوبتهما سواء؟ على ثلاثة أقوال:
فذهب الصديق الأعظمُ، وعليُّ بن أبي طالب، وخالد بن الوليد، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، وجابر بن زيد، وعبد الله بن معمر، والزهري، وربيعة بن عبد الرحمن، ومالك، وإسحاق بن راهويه، والإمام أحمد في أصح الروايتين عنه، والشافعي في أحد قوليه: إلى أن عقوبته أغلظُ من عقوبة الزنا، وعقوبته القتل على كل حال، محصنًا كان أو غير محصن.
وذهب عطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وسعيد بن المسيب، وإبراهيم النخعي، وقتادة، والأوزاعي، والشافعي في ظاهر مذهبه، والإمام أحمد في الرواية الثانية عنه، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن: إلى أن عقوبته وعقوبة الزنا سواء.
وذهب الحكم، وأبو حنيفة: إلى أن عقوبته دون عقوبة الزاني، وهي التعزير، قالا: لأنه معصية من المعاصي لم يقدر الله ولا رسولُه فيه حدًا مقدَّرًا، فكان فيه التعزير؛ كأكل الميتة والدم ولحم الخنزير، ولأنه وطء في محل لا تشتهيه الطباع، بل ركبها الله على النفرة منه، حتى الحيوان البهيم، فلم يكن فيه حد؛ كوطء الحمار وغيره.
قالوا: ولأنّا رأينا قواعد الشريعة أن المعصية إذا كان الوازع عنها طَبْعيًّا، اكتفي بذلك الوازع من الحد، وإذا كان في الطباع تقاضيها، جعل فيه الحد بحسب اقتضاء الطباع لها، وقد جبل الله الطباع على النفرة من وطء الرجل مثلَه أشدَّ نفرة، كما جبلها على النفرة من استدعاء الرجل من يطؤه؛ بخلاف الزنا؛ فإن الداعي فيه من الجانبين.
قال أصحاب القول الأول، وهم جمهور الأمة، وحكاه غير واحد إجماعًا للصحابة: ليس في المعاصي مفسدة أعظمُ من هذه المفسدة، وهي التي تلي مفسدةَ الكفر، وربما كانت أعظم من مفسدة القتل، إلى أن قال: وقد حتم قتلُ اللوطي حدًا؛ كما أجمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة الصريحة التي لا مُعارِضَ لها، بل عليها عملُ أصحابه وخلفائه الراشدين، وذكر قصةَ خالد بن الوليد والذي وجده في بعض ضواحي العرب، وتحريقه بالنار (1)، وقد روى ابنُ عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من وجدتموه يعمل عملَ قوم لوط، فاقتلوا الفاعلَ والمفعول به" رواه أهل "السنن"، وصححه ابن حِبانَ وغيرُه (2)، واحتج به الإمامُ أحمد، قال ابن القيم: وإسنادُه على شرط البخاري، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لعن الله من عمل عمل قومِ لوط، لعن الله من عمل عملَ قوم لوطٍ، لعن الله من عمل عمل قوم لوط"(3)، ولم تجىء لعنة الزاني في حديث واحد، وقد لعنَ جماعةً من أهل الكبائر، فلم يجاوز بهم اللعنة مرة واحدة، وكرر لعنَ اللوطية ثلاثَ مرات، وأطال في تقرير أدلة هذا المذهب، ورد ما يخالفه وتضعيفه، وأنه غير ملتفَت إليه (4).
(1) تقدم تخريجه.
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 317)، وعبد بن حميد في "مسنده"(589)، والنسائي في "السنن الكبرى"(7337)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(4)
انظر: "الداء والدواء" المشهور بـ"الجواب الكافي" لابن القيم (ص: 118)، وما بعدها.
وقد ذكرتُ طرفًا من ذلك صالحا في رسالتي "قرع السياط في قمع أهل اللواط"، والله الموفق (1).
(1) * تنبيه: قوله في الحديث: "فرأيت الرجل يجنأ على المرأة": هذه اللفظة -أي: يحنأ- قد أثبتها الشارح رحمه الله خلاف ذلك، فقال:"يحني"، ثم قال: أي: يميل ويعطف، وكان على الشارح رحمه الله تبيان هذه اللفظة بوضوح أكثر؛ نظرًا للاختلاف الكثير فيها.
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح"(12/ 169): وجملة ما حصل لنا من الاختلاف الكثير في ضبط هذه اللفظة عشرة أوجه:
الأولان والثالث: بضم أوله والجيم وكسر النون وبالهمز.
الرابع: كالأول إلا أنه بالموحدة بدل النون.
الخامس: كالثاني إلا أنه بواو بدل التحتانية.
السادس: كالأول إلا أنه بالجيم.
السابع: بضم أوله وفتح المهملة وتشديد النون.
الثامن: "يجاني" بالنون.
التاسع: مثله، لكن بالحاء.
العاشر: مثله، لكنه بالفاء بدل النون والجيم أيضًا.
ورأيت في "الزهريات" للذهلي بخط الضياء في هذا الحديث من طريق معمر عن الزهري "يجافي" بجيم وفاء بغير همز، وعلى الفاء: صح صح، انتهى.