الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السادس
عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي بِئْرٍ، فَاخْتَصَمْنَا إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ"، فَقُلْتُ: إذًا يَحْلِفُ وَلَا يُبَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ صَبْرٍ يَقْتَطعُ بِهَا مَالَ امْرِىءٍ مُسْلِمٍ، هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ"(1).
* * *
(عن) أبي محمدٍ (الأَشْعَثِ) -بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
تقدم تخريج حديث الأشعث بن قيس رضي الله عنه في حديث ابن مسعود رضي الله عنه الماضي؛ إذ هو قطعة منه، فرواه البخاري برقم (2380، 2523، 2525)، وعند مسلم برقم (138/ 222)، وكذا برقم (138/ 221)، وانظر: تخريج الحديث السابق، حيث استوفينا طرقه عند أصحاب الكتب الستة، وبالله التوفيق.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 148)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1522)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 329)، و"فتح الباري" لابن حجر (5/ 280)، و"عمدة القاري" للعيني (13/ 248)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (9/ 216). وانظر: مصادر الشرح السالفة الذكر في الحديث الماضي.
فعين مهملة مفتوحة فمثلثة-، (بنِ قيس)، وهو الأشجُّ كما قاله الذهبي في حاشية بخطه على "تاريخ ابن عساكر"، كما في البرماوي، بنِ معدي كرب بنِ معاويةَ بنِ جبلةَ بن عديِّ بنِ ربيعةَ بنِ معاوية بنِ الحارثِ الأصغرِ بنِ الحارثِ الأَكبرِ بنِ معاويةَ بنِ ثورٍ الكنديِّ، نسبة إلى كِنْدَة -بكسر الكاف وسكون النون-؛ لأنه من ولده، وكندة هو: ثور بن عقبة بن مرة بن أدد بنِ يَشْجُب، وسمي كندةَ؛ لأنه كندَ أباه نعمتَه؛ أي: كفرها، قال تعالى:{إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} [العاديات: 6].
واسمُ الأشعث بن قيس رضي الله عنه: معدي كرب باسم جده، والأشعثُ لقبٌ له؛ لشعثٍ في رأسه، قاله ابن قتيبة (1).
قدم الأشعث على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد كندة سنة عشر، وكان رئيسهم؛ لأنه كان رئيسًا في الجاهلية مطاعًا في قومه.
قال الحافظ ابن الجوزي وغيرُه: وهو أول من مشت معه الرجال وهو راكب.
وقال أبو عمر بن عبد البر: كان من ملوك كندة، وكان أيضًا وجيهًا في الإسلام، وارتد لما مات النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عاد إلى الإسلام في خلافة الصديق بعدما أَحضره من اليمن مأسورًا، فإنه قال للصديق لما أراد قتله: استَبْقِني لحربك، وزوِّجني أختَك، فزوَّجه أخته، وهي أم فَرْوة بنتُ أبي قحافة، لها صحبة ورواية، فولدت للأشعث محمدًا وغيرَه، واسمُها هند، ومنهم من يقول: فروة بإسقاط أم، وفي حاشية بخط الذهبي على "تاريخ ابن عساكر": أن الذي زوجه بها أبو قحافة، قال: ولعله وكّل ابنه أبا بكر في ذلك.
(1) انظر: "المعارف" لابن قتيبة (ص: 333).
وخرج الأشعث مع سعد بن أبي وقاص إلى العراق، وشهد اليرموك بالشام، وبها أصيبت عينه، ثم القادسية بالعراق، والمدائن، وجلولاء، ونهاوند، وسكن الكوفة، ومات بها سنة أربعين بعد مقتل سيدنا علي رضي الله عنه بأربعين ليلة، وقيل: قبله بيسير، توفي سنة اثنتين وأربعين، وصلى عليه سيدُنا الحسنُ بنُ عليّ -رضوان الله عليهما-، نقله صاحب "أسد الغابة" عن ابن منده، وردّه بأن الحسن لم يكن بالكوفة سنة اثنتين وأربعين؛ لأنه قد كان سلم الأمر إلى معاوية، نعم من قال: كان ذلك سنة أربعين، لا يستشكل صلاةَ الحسن عليه.
روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة أحاديث، اتفق الشيخان منها على حديث واحد (1)، وهو الذي نحن بصدد شرحه.
(قال) الأشعث بن قيس رضي الله عنه: (كان بيني وبينَ رجلٍ).
قال النووي: اسم هذا الرجل: الجَنْشيش (2) -بالجيم-، وقيل: -بالحاء المهملة-، وقيل: -المعجمة-، وكنيته: أبو الخير (3).
(1) وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (6/ 22)، و"الثقات" لابن حبان (3/ 13)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (1/ 133)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (9/ 116)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (1/ 249)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (1/ 133)، و"تهذيب الكمال" للمزي (3/ 286)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (2/ 37)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (1/ 87)، و"تهذيب التهذيب" له أيضًا (1/ 313).
(2)
قلت: كذا في الاْصل: "الجنشيش" -بالجيم ثم النون بعدها فشين-. وقد ضبطه ابن العطار في "العدة في شرح العمدة"(3/ 1524) -بالفاء بين الجيم والشين-، وهو الصواب.
(3)
ذكره أبو حاتم الرازي، كما في "الجرح والتعديل" لابنه (2/ 550).
قال الشيرازي في "الغاية": اسمه معدان بن النعمان، له صحبة (1).
وقال الطبري: له صحبة، ولا رواية عنه.
وفي رواية: رجل يقال له: الجَنْشيش بن حصين، وهو -بالشين المعجمة المكررة على كل حال- وأوله مفتوح على كل حال كما قاله النووي.
لكن قال الذهبي في "تجريده" في باب الجيم: إنه مثلث الخاء بالحركات الثلاث (2). وحكى ابن عبد البر أنه -بضم الجيم (3) -، وحكى عن نسخ "العمدة" أنه ضبط فيها -بكسر الجيم-، وكل هذا دليل على أنه بالتثليث كما قاله الذهبي.
قال الحافظ الذهبي في باب الجيم: الجنشيش، وبالحاء، والخاء، وهو الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أنت مِنّا، فقال:"أنا من ولد النضر بنِ كنانة لا نَقْفو أُمَّنا، ولا ننتفي من أبينا"(4).
وقيل: اسمه جرير بن معدان، ويقال: إن اسمه معدان.
(خصومةٌ) بالرفع -: اسم كان مؤخر (في بئر) متعلق بخصومة، وفي رواية عند البخاري، وأبي داود، والترمذي: أن الحكومة بين الأشعث وبين رجل من اليهود (5)، ويمكن بأن يجاب بأنهما واقعتان للأشعث.
(1) كما ذكر الطبراني في "المعجم الكبير"(2/ 285).
(2)
انظر: "تجريد أسماء الصحابة" للذهبي (1/ 86).
(3)
انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (1/ 277).
(4)
تقدم تخريجه عند ابن ماجه (2612)، وعند الإمام أحمد في "المسند" برقم (5/ 211).
(5)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (2285، 2523)، وعند أبي داود برقم =
قال الأشعث رضي الله عنه: (فاختصمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم)؛ أي: رفعنا أمر خصومتنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، (فقال صلى الله عليه وسلم: شاهداك)؛ أي: ليحضُر شاهداك على مقتضى دعواك، فإذا شهدا لك بالأرض أو البئر التي تدعيها، فهي لك، رفع شاهداك على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره: المثبتُ لدعواك شاهداك، أو الحجةُ أو البينةُ لك شاهداك، ويجوز أن يكون شاهداك مبتدأ خبرٍ محذوف (1).
(أو) كان لا بينة لك تشهد بمقتضى دعواك، فعليه (يمينُه) على نفي ما تدعيه عليه.
وفي كتاب: الخصومات من "صحيح البخاري": لما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من حلف على يمين. . . ." الحديث، فقال الأشعث: فيَّ واللهِ! كان ذلك، كان بيني وبين رجل من اليهود أرضٌ، فجحدني، فقدمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لك بينة؟ "، قلت: لا، فقال لليهودي: احلف (2)، (فقلت): يا رسول الله! (إذًا يحلف)؛ أي: حيث جعلت أن حلفه يخلصه مني، يحلف يمينًا وهو فيها كاذب، (ولا يبالي)؛ أي: ولا يكترث بتلك اليمين، تقول: لم أبل بالأمر، ولا أباله؛ أي: لا ألقي له بالًا، فمن قال: لم أبل حذفَ على غير قياس؛ لأن اللام متحركة، وأدخله صاحب "العين" في باب المعتل بالواو.
وقال سيبويه: في بالت كأنها بالية؛ كعافية، فحذفت الياء، ونُقلت حركتها إلى اللام.
= (3243)، وعند الترمذي برقم (1269).
(1)
انظر: "عمدة القاري" للعيني (12/ 198 - 199).
(2)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (2285).
والبال: الاكتراث والاهتمام بالشيء، والبال أيضًا: الحال، ومنه: وما بال الناس؟ وفلان خليُّ البال، وناعمُ البال، كله راجع إلى الحال كما في "المطالع"(1).
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) عند ذلك: (من حلف على يمين صَبْرٍ)، وهي الغموس (يقتطع بها)؛ أي: اليمينِ الغموسِ (مال امرىءٍ مسلم)، وكذا مال ذمي ومعاهد (هو)؛ أي: الحالف (فيها)؛ أي: اليمين (فاجر)؛ أي: كاذب (لقي الله) تعالى (وهو) -جل شأنه- (عليه)؛ أي: الحالفِ الكاذبِ (غضبانُ)، وهي جملة اسمية وقعت حالًا.
وفي لفظ من حديث ابن مسعود في "الصحيحين": "من حلف على مال امرىء مسلم بغير حق"(2).
وعن الأشعث بن قيس رضي الله عنه: أن رجلًا من كندة، وآخر من حضرموت اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض من اليمن، فقال الحضرمي: يا رسولَ الله! إن أرضي اغتصبها أبوه، فتهيأ الكنديُّ لليمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يقتطعُ أحدٌ مالًا بيمينٍ، إلا لقيَ اللهَ وهو أجذَمُ"، فقال الكندي: هي أرضُه، رواه أبو داود، واللفظ له، وابن ماجه مختصرًا (3).
وأخرج الإمام أحمد بإسناد حسن، وأبو يعلى، والبزار، والطبراني في "الكبير" من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: اختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أرض، أحدُهما من حضرموت، قال: فجعل يمينَ
(1) وانظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (1/ 104).
(2)
تقدم تخريجه عند مسلم برقم (138).
(3)
وتقدم تخريجه.
أحدِهما، فضج الآخر، وقال: إذًا يذهب بأرضي، فقال:"إن هو اقتطعها بيمينه ظلمًا، كان ممن لا ينظر الله إليه يوم القيامة، ولا يزكيه، وله عذاب أليم"، قال: وورع الآخر، فردها (1).
ورواه الإمام أحمد أيضًا بنحوه من حديث عدي بن عميرة، إلا أنه قال: خاصم رجل من كندة يقال له امرؤ القيس بن عباس رجلًا من حضرموت، فذكره، ورواته ثقات (2).
وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الكبائر: الشرك بالله، وعقوق الوالدين، واليمين الغموس"(3).
وفي رواية: أن أعرابيًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! ما الكبائر؟ قال: "الإشراك بالله"، قال: ثم قال: "اليمين الغموس"، قلت: وما اليمين الغموس؟ قال: "الذي يقتطع مال امرىء مسلم"؛ يعني: بيمين "هو فيها كاذبٌ" رواه البخاري، والترمذي، والنسائي (4).
قال العلماء: سميت اليمين الكاذبة التي يحلفها الإنسان متعمدًا يقتطع بها مال امرىء مسلم عالمًا أن الأمر بخلاف ما يحلف: غَمُوسًا -بفتح الغين
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 394)، وأبو يعلى في "مسنده"(7274)، والبزار في "مسنده"(3163)، والطبراني في "المعجم الكبير"(4/ 178 - "مجمع الزوائد" للهيثمي).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 191).
(3)
رواه البخاري (6298)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: اليمين الغموس.
(4)
رواه البخاري (6522)، كتاب: استتابة المرتدين، باب: إثم من أشرك بالله، وعقوبته في الدنيا والآخرة، والترمذي (3021)، كتاب: التفسير، باب: ومن سورة النساء، والنسائي (4011)، كتاب: تحريم الدم، باب: ذكر الكبائر.
المعجمة-؛ لأنها تغمس الحالف في الإثم في الدنيا، وفي النار في الآخرة (1).
وروى الترمذي وحسنه، والطبراني في "الأوسط"، وابن حبان في "صحيحه"، واللفظ له، والبيهقيُّ من حديث عبد الله بن أنيس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكبر الكبائر الإشراكُ بالله، وعقوقُ الوالدين، واليمينُ الغموسُ، والذي نفسي بيده! لا يحلف رجلٌ على مثل جَناح بعوضة، إلا كانت نكتة في قلبه يوم القيامة".
ولفظ البيهقي: "ما حلف حالف بالله يمينَ صبرٍ، فأدخل فيها مثلَ جناح البعوضة، إلا كانت نكتةً في قلبه يوم القيامة".
ولفظ الترمذي: "وما حلف حالف بالله يمين صبر" كلفظ البيهقي (2).
تنبيهات:
الأول: اختلف الفقهاء في اليمين الغموس هل لها الكفارة؟
فمعتمد مذهب الإمام أحمد، وكذا عند أبي حنفية، ومالك رضي الله عنهم: لا كفارة لها؛ لأنها أعظمُ من أن تكفَّر.
وقال الإمام الشافعي، وكذا الإمام أحمد في الرواية الثانية: تُكَفَّر (3).
احتج للأول بما رواه الحاكم في "صحيحه"، وقال: على شرطهما، عن ابن مسعود رضي الله عنهم، قال: كنا نَعُدُّ من الذنب الذي ليس له
(1) انظر: "الترغيب والترهيب" للمنذري (2/ 387 - 388).
(2)
رواه الترمذي (3020)، كتاب: التفسير، باب: ومن سورة النساء، وابن حبان في "صحيحه"(5563)، والطبراني في "المعجم الأوسط"(3237)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(4843).
(3)
انظر: "الإفصاح" لابن هبيرة (2/ 320).
كفارة: اليمينَ الغموسَ، قيل: وما اليمينُ الغموس؟ قال: الرجل يقتطع بيمينه مال الرجل (1).
وروى الإمام أحمد، وأبو الشيخ بإسناد حسن من حديث أبي هريرة مرفوعًا:"خمسٌ ليس فيهن كفارة: الشركُ بالله، وقتلُ النفس بغير حق، وبَهْتُ المؤمن، والفرارُ يومَ الزحف، ويمينٌ صابرة يقتطعُ بها مالًا بغير حق"(2)، ولأنها لا يقصد بها الانعقاد، فلا تجب بها الكفارة؛ كاللغو، ولأن الكفارة شُرعت لرفع الإثم، وهذه لا يرتفع إثمها بالكفارة، فلا فائدة لإيجاب الكفارة، لأنه لا أثر لها (3).
وفي "الفروع" ما نصه: وعنه -يعني الإمام أحمد-: تُكَفَّر؛ يعني: اليمينَ الغموس التي حلفَ بالله على فعل ماضٍ وهو كاذبٌ يعلم كذبه (4).
وفي "شرح المحرر": والرواية الثانية عن الإمام أحمد: وتجب الكفارة مع الإثم؛ لأنه وجدت منه اليمينُ والمخالفةُ مع القصد، فلزمه موجبُها؛ كاليمين بالطلاق والعتاق والظهار والحرام والنذر؛ فإن هذه كلها يلزمه فيها موجبُها، كذلك اليمين بالله، انتهى.
قال في "الفروع": واحتج غير واحد على عدم التكفير بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] الآية، فكيف يقال: إن الجزاء غير هذا؟ وإن الكفارات تمحِّص هذا؟
(1) رواه الحاكم في "المستدرك"(7809).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 361)، وأبو الشيخ في "التوبيخ والتنبيه"(215)، قال المنذري في "الترغيب والترهيب" (2/ 197): وفيه بقية بن الوليد.
(3)
انظر: "المغني" لابن قدامة (9/ 392).
(4)
انظر: "الفروع" لابن مفلح (6/ 306).
قال: وقال شيخنا؛ يعني: شيخ الإسلام ابن تيمية -طيب الله ثراه-: من قال: تكفّر الغموس، قال: تكفّر الغموسُ في نحو طلاق وعتاق، وكذا كاذبٌ في لعانه.
وأما من قال: لا كفارة في اليمين الغموس، وأن اليمين بالنذر والكفر وغيرهما يكفر، فلهم في اليمين الغموس بذلك قولان:
أحدهما: يلزمه ما التزمه من نذر وكفر وغيرهما، قاله بعض الحنفية وبعض الحنبلية، وقاله محمد بن مقاتل -يعني: الحنفي- في الحلف بالكفر، وقاله جدنا أبو البركات في الحلف بالنذر ونحوه، وهؤلاء يحتجون بقوله صلى الله عليه وسلم:"من حلف بملة غيرِ الإسلام كاذبًا، فهو كما قال"(1) -كما يأتي في الحديث الآتي-.
وقول الأكثرين: إنه لا يلزمه ما التزمه في اليمين الغموس إلا إذا كان يلزمه ما التزمه في اليمين المستقبل؛ لأنه في جميع صور الأيمان لم يقصد أن يصير كافرًا ولا ناذرًا ولا مطلِّقًا ولا معتِقًا، وإنما قصدُه في الماضي التصديق أو التكذيب، وأكده باليمين؛ كما يقصد الحض والمنع في الأمر أو النهي، وأكده باليمين، ولهذا لم يَكْفُر الغموس إجماعًا؛ لأنه لم يقصد نفي حرمة الإيمان بالله، لكن فعل كبيرة مع اعتقاد أنها كبيرة (2).
والحاصل: أن معتمد المذهب: عدمُ وجوب الكفارة في اليمين على أمر ماض؛ لأنه إذا كان كاذبًا يعلم ذلك، فهي الغموس، وإن كان يظن
(1) رواه البخاري (1297)، كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في قاتل النفس، ومسلم (110)، كتاب: الإيمان، باب: غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه، من حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه.
(2)
انظر: "الفروع" لابن مفلح (6/ 306 - 307).
صدقَ نفسه، فلم يكن، لم يحنث (1)، والله الموفق.
الثاني: استدل بعض الكوفيين بقوله صلى الله عليه وسلم: "شاهداك، أو يمينه" على رد القضاء باليمين لإفادة الحصر، وأجاب عن ذلك الحافظ ابن حجر بأن المراد بقوله عليه السلام:"شاهداك"؛ أي: بينتك، سواء كانت رجلين، أو رجلًا وامرأتين، أو رجلًا ويمينَ الطالب (2).
واعترضه البدر العيني بأنه تأويل غير صحيح (3).
قلت: وهذه مسألة اشتهر فيها الخلاف بين الفقهاء، فمذهب ابن شبرمة، وابن أبي ليلى، وعطاء، والنخعي، والشعبي، والأوزاعي، والكوفيين، وغيرهم: عدمُ الالتفات للشاهد ويمين الطالب، ويقولون: نص الكتاب العزيز في باب الشهادة: رجلان، فإن لم يكونا رجلين، فرجل وامرأتان، قالوا: فالحكم بشاهد ويمين مخالفٌ للنص، فلا يجوز، والأخبار التي وردت بشاهد ويمين أخبار آحاد، فلا يُعمل بها عند مخالفتها للنص؛ لأنه لا يكون نسخًا، قالوا: ونسخُ الكتاب بخبر الواحد لا يجوز.
وقال الحافظ ابن حجر في الرد عليهم: النسخ: رفعُ الحكم، ولا رفعَ هنا، وأيضًا: الناسخُ والمنسوخ لابد أن يتواردا على محل واحد، وهذا غير متحقق في الزيادة على النص (4).
واعترضه البدر العيني بما يطول ذكره من أقسام النسخ، وأن هذا من نسخ الوصف (5)، انتهى.
(1) انظر: "الإقناع" للحجاوي (4/ 341).
(2)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (5/ 283).
(3)
انظر: "عمدة القاري" للعيني (13/ 248).
(4)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (5/ 281).
(5)
انظر: "عمدة القاري" للعيني (13/ 244).
وقال الإمام ابن القيم في كتابه "الطرق الحكمية": الحكم بالشاهد واليمين مذهبُ أهل الحديث وفقهاء المحدِّثين، ومذهبُ فقهاء الأمصار في المال، وما يُقصد به المال؛ كالبيع والشراء والجعالة والمزارعة والشركة وتوابعها، والإجارة والمساقاة والجنايات التي موجبها المال، ونحو ذلك، ما خلا أبا حنيفة وأصحابه، وقد روى مسلم في "صحيحه" من حديث عمرو بن دينار، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بشاهد ويمين. قال عمرو: في الأموال (1).
قال الإمام الشافعي: حديث ابن عباس ثابت، ومعه ما يشدّه.
قال ابن عبد الحكم: سمعت الشافعيَّ يقول: قال لي محمدُ بن الحسن: لو علمت أن سيف بن سليمان يروي حديث اليمين مع الشاهد، لأفسدته، فقلت: يا أبا عبد الله! وإذا أفسدته، فسد (2).
وقال علي بن المديني: سألت يحيى بن سعيد عن سيف بن سليمان، قال: هو عندنا صدوق ويحفظ، كان ثبتًا (3).
ورواه أبو داود من حديث عبد الرزاق، أخبرنا محمد بن مسلم عن عمرو (4)، ورواه الشافعي (5)، وغيره (6).
(1) رواه مسلم (1712)، كتاب: الأقضية، باب: القضاء باليمين والشاهد، بلفظ:"قضى بيمين وشاهد". ورواه الإمام الشافعي في "مسنده"(ص: 149)، وعنده زيادة:"قال عمرو: في الأموال".
(2)
رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 167).
(3)
المرجع السابق، الموضع نفسه.
(4)
رواه أبو داود (3609)، كتاب: الأقضية، باب: القضاء باليمين والشاهد.
(5)
رواه الإمام الشافعي في "مسنده"(ص: 149).
(6)
انظر: "الطرق الحكمية" لابن القيم (ص: 193 - 194).
قال في "التمييز": حديث ابن عباس صحيح لا يرتاب في صحته، وقال ابن عبد البر: لا مطعن لأحد في صحته ولا إسناده (1)، ورواه الترمذي، وأبو داود، والشافعي، وابن ماجه من حديث أبي هريرة، ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد، قال الترمذي: حديث حسن غريب (2).
قال ابن القيم: وقد روي القضاء بالشاهد مع اليمين من رواية عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وسعد بن عبادة، والمغيرة بن شعبة، وجابر بن عبد الله، وزيد بن ثعلبة، وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم.
وقال أبو بكر الخطيب في مصنف أفرده لهذه المسألة: روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قضى بشاهد ويمين، وذكرَ الصحابةَ المتقدَم ذكرُهم، وزاد: عمارة بن حزم، وسرق، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عمرو، وأبا سعيد الخدري، وعامر بن ربيعة، وسهلَ بن سعد، الساعدي، وعمرو بن حزم، وبلال بن الحارث، وتميمًا الداري، ومسلمةَ بن قيس، وأنس بن مالك رضي الله عنهم، ثم ذكر أحاديثهم بأسانيده.
وفي مراسيل مالك: عن جعفر بن محمد، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد الواحد (3).
(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (5/ 282).
(2)
رواه الإمام الشافعي في "مسنده"(ص: 150)، وأبو داود (3610)، كتاب: الأقضية، باب: القضاء باليمين والشاهد، والترمذي (1343)، كتاب: الأحكام، باب: ما جاء في اليمين مع الشاهد، وابن ماجه (2368)، كتاب: الأحكام، باب: القضاء بالشاهد واليمين وانظر: "تمييز الطيب عن الخبيث" لابن الديبع الشافعي (ص: 128).
(3)
رواه الإمام مالك في "الموطأ"(2/ 721) دون قوله: "الواحد".
وقضى به عليٌّ بالعراق.
وروى البيهقي من حديث جعفر الصادق بن محمد الباقر، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر، وعمر، وعثمان كانوا يقضون بالشاهد الواحد ويمين المدعي، قال جعفر رضي الله عنه: والقضاة يقضون بذلك عندنا اليوم (1).
وذكر أبو الزناد عن عبد الله بن عامر، قال: حضرتُ أبا بكر، وعمرَ، وعثمان يقضون بشهادة الشاهد واليمين (2).
وقال الزنجي: حدثني جعفر بن محمد، قال: سمعت الحكمَ بنَ عيينة يسأل أبي -وقد وضع يده على جدار القبر ليقوم-: أقضى النبيُّ صلى الله عليه وسلم باليمين مع الشاهد؟ قال: نعم، وقضى به عليٌّ بين أظهُرِكم (3).
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عامله بالكوفة: اقضِ بالشاهد مع اليمين؛ فإنها السنة، رواه الشافعي (4).
قال الإمام الشافعي: واليمين مع الشاهد لا يخالف من ظاهر القرآن شيئًا؛ لأنا نحكم بشاهدين، وشاهد وامرأتين، فإذا كان شاهد، حكمنا بشاهد ويمين، وليس ذلك بمخالف للقرآن (5)؛ لأنه لم يُحرِّمْ أنه يجوز أقلُّ
(1) رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 173).
(2)
رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 173).
(3)
رواه الإمام الشافعي في "مسنده"(ص: 150).
(4)
رواه الإمام الشافعي في "الأم"(6/ 255)، ومن طريقه: البيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 173).
(5)
انظر: "الأم" للإمام الشافعي (7/ 21).
مما نص عليه في كتابه، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم أعلمُ بما أراد الله، وقد أمرنا الله تعالى أن نأخذ ما آتانا.
قال الإمام ابن القيم في كتابه "الطرق الحكمية": وليس في القرآن ما يقتضي أنه لا يُحكم إلا بشاهدين، أو شاهد وامرأتين؛ فإن الله تعالى إنما أمر بذلك أصحاب الحقوق أن يحفظوا حقوقهم بهذا النصاب، ولم يأمر بذلك الحكامَ أن يحكموا به، فضلًا عن أن يكون قد أمرهم أَلَّا يقضوا إلا بذلك، ولهذا يحكم الحاكم بالنكول واليمين المردودة عند من يرى ذلك، والمرأة الواحدة، والنساء المنفردات لا رجلَ معهن، وبمعاقد القمط، ووجوه الأُجر عند الحنفية، ومن يرى ذلك، وغير ذلك من طرق الحكم التي لم تذكر في القرآن، فإن كان الحكم بالشاهد واليمين مخالفًا لكتاب الله، فهذا أشد مخالفة لكتاب الله تعالى منه، وإن لم تكن هذه الأشياء مخالفة للقرآن، فالحكمُ بالشاهد واليمين أولى ألا يكون مخالفًا للقرآن، وطرقُ الحكم شيء، وطرقُ حفظ الحقوق شيء، وليس بينها تلازم، فتُحفظ الحقوق بما لا يحكم به الحاكم مما يعلم صاحب الحق أنه يحفظ به، ويحكم الحاكم بما لا يحفظ به صاحب الحق حقه، ولا خطر على باله؛ من نكولٍ، وردّ يمين، وغيرِ ذلك، والقضاءُ بالشاهد واليمين مما أراه الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم؛ فإنه سبحانه قال:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105]، وقد حكم بالشاهد واليمين، فهو مما أراه الله إيّاه قطعًا.
ومن العجب ردّ الشاهد واليمين والحكم بمجرد النكول الذي هو سكوت، ولا ينسب إلى ساكت قول، والحكم لِمُدّعي الحائط إذا كانت إليه الدواخل والخوارج، وهو الصحاح من الآجر، أو إليه معاقد القمط في
الخص، كما يقوله أبو يوسف، فأين هذا من الشاهد الواحد العدل المبرز في العدالة الذي يكاد يحصل العلم بشهادته إذا انضاف إليها يمين المدعي (1)؟
قال في "الطرق الحكمية": ومعلوم أن الشاهد العدل واليمين أقوى في الدلالة والبينة من ثلاثة جذوع على الحائط الذي ادعاه، فإذا أقام جاره شاهدًا، وحلف معه، كان ذلك أقوى من شهادة الجذوع، وقد نسب إلى البخاري إنكار الحكم بشاهد ويمين؛ لقوله في باب: يمين المدعى عليه، من كتاب: الشهادات من "صحيحه": قال لي قتيبة: حدثنا سفيان، عن ابن شبرمة، قال: كلمني أبو الزناد في شهادة الشاهد ويمين المدعي، فقلت: قال الله تعالى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282] ما كان يصنع بهذه الأخرى (2)، فترجمة الباب بأن اليمين من جهة المدعى عليه، وذكر هذه المناظرة وعدم رواية حديث أو أثر في الشاهد، واليمين ظاهر في أنه لا يذهب إليه، وهذا ليس بصريح في أنه مذهبه. ولو صرَّح به، فالحجة فيما رواه، لا فيما رَآهُ، وذكر أبو بكر في "الشافي" من رواية حنبل: سمعت أبا عبد الله؛ يعني: الإمام أحمد رضي الله عنه يقول في الشاهد واليمين: جاز الحكم به، فقيل لأبي عبد الله: أي شيء معنى اليمين؟ قال: قضى النبي صلى الله عليه وسلم بشاهد ويمين؛ قال: وهم لعلهم يقضون في مواضع بغير شهادة شاهد في مثل رجل اكترى من
(1) انظر: "الطرق الحكمية" لابن القيم (ص: 194 - 199).
(2)
انظر: "صحيح البخاري"(2/ 948).
رجل دارًا، فوجد صاحبُ الدار في الدار شيئًا، فقال: هذا لي، وقال الساكن: هي لي، ومثل رجل اكترى من رجل دارًا، فوجد بها دفونًا، فقال الساكن: هي لي، وقال صاحب الدار: هي لي، فقيل: لمن يكون؟ فقال: هذا كله لصاحب الدار.
وقال في رواية طالب: هم -يعني: المانعين شهادة الرجل الواحد ويمينَ المدعي- يقولون: لا تجوز شهادة رجل واحد ويمين صاحب الحق، ويجيزون شهادة المرأة الو احدة، ويجيزون الحكم بغير شهادة، مثل الخص إذا ادّعاه رجلان، يعطونه للذي القمطُ مما يليه، فمن قضى في هذا، وفي الحائط إذا ادّعاه رجلان، نظروا إلى اللبنة للتي من هي، فقضوا به لأحدهما بلا بينة، والقابلة تُقبل شهادتها في استهلال الصبي، فهذا يدخل عليهم، والله أعلم.
الثالث: إذا قضى بالشاهد واليمين، فالحكم بالشاهد وحده، واليمين تقوية وتأكيد، هذا منصوص الإمام أحمد رضي الله عنه، فلو رجع الشاهد، كان الضمان كله عليه، قال الخلال في "الجامع" من رواية ابن شيس: سئل الإمام أحمد عن الشاهد واليمين تقول به؟ قال: إي لعمري! قيل له: فإن رجع الشاهد؟ قال: تكون الألف على الشاهد وحده، قيل له: كيف لا يكون على الطالب؛ لأنه استحق بيمينه، ويكون بمنزلة الشاهد؟ قال: لا، إنما هو السنة -يعني: اليمين-.
وقال في رواية الأثرم: ما تلف بالشهادة فعلى الشاهد، ليست اليمين من الشهادة في شيء.
قال أبو الحارث: قلت لأحمد: فإن رجع الشاهد عن شهادته بعدُ؟ قال: يضمن المال كلَّه، بِهِ كان الحكم.
وقال مالك والشافعي: إنما يضمن النصف بناء على أن اليمين قامت مقام الشاهد، فوقع الحكم بهما.
والإمام أحمد أنكر ذلك لوجوه:
منها: أن يمين صاحب الحق لو كانت كالشاهد، لجاز تقديمها على شهادته؛ كالشاهد الآخر.
ومنها: أن اليمين قول الخصم، وقوله ليس بحجة على خصمه، وإنما هو شرط للحكم، واتباع للسنة، فجرى مجرى مطالبة الحاكم به (1)، والله تعالى الموفق.
(1) انظر: "الطرق الحكمية" لابن القيم (ص: 199 - 205).