الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الرابع
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَباسٍ رضي الله عنهما: أَنَّهُ قَالَ: اسْتَفْتَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ، تُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"فَاقْضِهِ عَنْهَا"(1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (2610)، كتاب: الوصايا، باب: ما يستحب لمن يتوفى فجأة أن يتصدقوا عنه، وقضاء النذر عن الميت، و (6320)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: من مات وعليه نذر، و (6558)، كتاب: الحيل، باب: في الزكاة، وألا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة، ومسلم (1638)، كتاب: النذر، باب: الأمر بقضاء النذر، وأبو داود (3307)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: في قضاء النذر عن الميت، والنسائي (3657 - 3659)، كتاب: الوصايا، باب: فضل الصدقة عن الميت، و (3660 - 3663)، باب: ذكر الاختلاف على سفيان، و (3817 - 3819)، باب: من مات وعليه نذر، والترمذي (1546)، كتاب: النذور والأيمان، باب: ما جاء في قضاء النذر عن الميت، وابن ماجه (2132)، كتاب: الكفارات، باب: من مات وعليه نذر.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (4/ 60)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (5/ 163)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 384)، و"المفهم" للقرطبي (4/ 604)، و"شرح مسلم" للنووي (11/ 96)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 159)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1542)، و"فتح الباري" لابن حجر (5/ 389)، و"عمدة القاري" للعيني =
(عن) أبي العباس حبر الأمة (عبدِ الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: استفتى)؛ أي: طلب الفتوى، وهي الإخبار والكشف عن حكم المطلوب (سعدُ بن عبادة) سيدُ الخزرج رضي الله عنه، وهو بالرفع فاعل (رسولَ الله صلى الله عليه وسلم) بنصب رسول على المفعولية (في نذر كان) ذلك النذر (على أمه) عَمْرَةَ بنتِ مسعود بن قيسِ بنِ عمرو بنِ زيد مناة رضي الله عنهما (1)(توفيت) أمُّه (قبل أن تقضيه)، وتقدم في الصيام أنه قال: إن أمي ماتت، وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟ فقال عليه الصلاة والسلام:"لو كان على أمك دَيْن، أكنت قاضيَه عنها؟ "، قال: نعم. قال: "فدينُ الله أحقُ أن يُقضى"(2).
وفي رواية: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! إن أمي ماتت، وعليها صومُ نذر، أفأصوم عنها؟ فقال صلى الله عليه وسلم:"أرأيتِ لو كان على أمك دينٌ، فقضيتيه عنها، أكان ذلك يؤدّى عنها؟ "، قالت: نعم، قال:"فصومي عن أمك"(3).
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) لسعد بن عبادة رضي الله عنه: (فاقضِه)؛ أي: النذر الذي كان على أمك (عنها)؛ لتبرأ ذمتها من تبعته، فمعتمد مذهب الإمام أحمد: أن من مات وعليه صوم منذور في الذمة، ولم يصم منه شيئًا مع إمكانه، ففُعل عنه، أجزأ عنه، وبرئت ذمته منه، فإن لم يخلف تركة، لم
= (14/ 56)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (9/ 407)، و"سبل السلام" للصنعاني (4/ 113)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (9/ 155).
(1)
وانظر ترجمتها في: "الاستيعاب" لابن عبد البر (4/ 1887)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (7/ 200)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (8/ 33).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
تقدم تخريجه.
يلزم الوليَّ شيء، لكن يُسن له فعلُه عنه بنفسه؛ لتفرغ ذمته؛ كقضاء دينه. وإن خلّف تركة، وجب، فيفعله الولي بنفسه استحبابًا، فإن لم يفعل، وجب أن يدفع من تركته إلى من يصوم عنه عن كل يوم طعام مسكين، ويجزىء فعل غيره عنه بإذنه، وبدونه، وإن مات وقد أمكنه صومُ بعض ما نذره، قُضي عنه ما أمكنه صومه فقط، ويجزىء صومُ جماعة عنه في يوم واحد عن عدتهم من الأيام. وأما لو نذر صومَ شهر بعينه، فمات قبل دخوله، لم يصم، ولم يقض عنه.
قال الإمام مجد الدين: وهذا مذهب سائر الأئمة، لا أعلم فيه خلافًا، وإن مات في أثنائه، سقط باقيه (1).
هذا تحرير مذهب الإمام أحمد ومن وافقه؛ كالليث بن سعد، وإسحاق بن راهويه، وأبي عبيد.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إن نذر، قضى عنه وليُّه، والراوي أعلمُ بما روى (2).
ولم يقل أحد من الأئمة الثلاثة بوجوب قضاء النذر على الولي، بل جعلوه كقضاء رمضان.
ولنا: الأحاديث والأخبار الواردة في ذلك، وتقدم الكلام عليه في كتاب الصيام، والله تعالى أعلم.
(1) انظر: "الإقناع" للحجاوي (1/ 506 - 507).
(2)
انظر: "الفروع" لابن مفلح (3/ 70).