المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب حد الخمر - كشف اللثام شرح عمدة الأحكام - جـ ٦

[السفاريني]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌كتاب القصاص

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌كتاب الحدود

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب حد السرقة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب حد الخمر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌كتاب الأيمان والنذور

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌باب النذر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب القضاء

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌باب الصيد

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

الفصل: ‌باب حد الخمر

‌باب حد الخمر

اعلم أن الخمر محرَّم بالكتاب والسنَّة والإجماع، أما الكتاب، فقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90]، والآية التي بعدها إلى قوله:{فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 91].

قال أبو بكر الرازي في "أحكام القرآن": يستفاد تحريمُ الخمر من هذه الآية من تسميتها رِجسًا، وقد سمّى به ما أجمع على تحريمه، وهو لحم الخنزير، ومن قوله:{مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [المائدة: 90]؛ لأنه لما كان من عمل الشيطان، حرم تناوله، ومن الأمر بالاجتناب، وهو للوجوب، وما وجب اجتنابه، حرم تناوله، ومن الفلاح المرتَّب على الاجتناب، ومن كون الشرب سببًا للعداوة والبغضاء للمؤمنين، وتعاطي ما يوقع ذلك حرامٌ، ومن كونها تصدُّ عن ذكر الله، وعن الصلاة، ومن ختام الآية بقوله تعالى:{مُنْتَهُونَ} [المائدة: 91]؛ فإنه استفهام معناه الردع والزجر، ولهذا قال عمر رضي الله عنه لما سمعها: انتهينا انتهينا (1).

وسبق الرازي إلى نحو ذلك الطبريُّ (2).

(1) انظر: "تفسير الرازي"(6/ 86).

(2)

انظر: "تفسير الطبري"(2/ 361).

ص: 324

وأخرج الطبراني، وابن مردويه، وصححه الحاكم عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: لما نزل تحريم الخمر، مشى أصحاب رسول الله بعضُهم إلى بعض، فقالوا: حُرِّمت الخمر، وجُعلت عدلًا للشرك (1) -يشير إلى تسميتها: رجسًا من عمل الشيطان-، فعادلت قوله تعالى:{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [الحج: 30] إلى غير ذلك (2).

وأما السنة، فقوله صلى الله عليه وسلم:"كلُّ مسكر خمرٌ، وكلُّ خمر حرامٌ" رواه الإمام أحمد، وأبو داود (3).

وفي "أبي داود" عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله الخمرَ وشاربَها وساقيَها، وبائعَها ومبتاعَها، وعاصرَها، ومعتصرَها، وحاملَها والمحمولَة إليه"(4).

ورواه ابن ماجه، وزاد:"وآكلَ ثمنها"(5).

ورواه ابن ماجه أيضًا، والترمذي من حديث أنس بمعناه، وزاد فيه:"وبائعَها وآكلَ ثمنِها والمشتريَ لها والمشترَى له"، وفي أوله قال: لعن

(1) رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(12399)، والحاكم في "المستدرك"(7227).

(2)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (10/ 31).

(3)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 29)، وأبو داود (3679)، كتاب: الأشربة، باب: النهي عن المسكر، وكذا رواه مسلم (2003)، كتاب: الأشربة، باب: بيان أن كل مسكر خمر وأن كل خمر حرام، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

(4)

رواه أبو داود (3674)، كتاب: الأشربة، باب: العنب يعصر للخمر.

(5)

رواه ابن ماجه (3380)، كتاب: الأشربة، باب: لعنت الخمر على عشرة أوجه.

ص: 325

رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرةً (1)، قال الحافظ المنذري: رواته ثقات (2)، وروى نحوه الإمام أحمدُ بإسناد صحيح من حديث ابن عباس، وكذا ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد (3).

وأما الإجماع: فأجمعت الأمة على تحريمه، وإن ما حكي عن قدامة بن مظعون، وعمرو بن معدي كرب، وأبي جندل بن سهل: أنهم قالوا: هي حلال، فبين لهم علماء الصحابة معنى هذه الآية، وتحريمَ الخمر، وأقاموا عليهم الحدَّ لشربهم إياه، فرجعوا إلى ذلك، فانعقد الإجماع على التحريم، فمن استحلها الآن، فقد كذب النبيَّ صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قد عُلِمَ ضرورة من جهة النقل تحريمُه، فيكفر مستحلُّه، ويُستتاب، فإن تاب، وإلا قتل.

روى الجوزجاني بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن قدامةَ بنَ مظعون شرب الخمر، فقال له عمر: ما حملك على ذلك؟ فقال: إن الله عز وجل يقول: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93]؛ وإني من المهاجرين الأولين من أهل بدر وأُحد، فقال عمر للقوم: أجيبوا الرجل، فسكتوا عنه، فقال لابن عباس أجبه، فقال: إنما أنزلها الله تعالى عذرًا للماضين لمن شربها قبل أن تُحَرَّم، وأنزل:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} [المائدة: 90] حجةً على الناس، ثم سأل عمرُ عن الحدِّ فيها، فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إذا شرب هَذى، وإذا هذى افترى، فاجلدوه ثمانين، فجلده عمر ثمانين.

(1) رواه الترمذي (1295)، كتاب: البيوع، باب: النهي أن يتخذ الخمر خلًا، وابن ماجه (3381)، كتاب: الأشربة، باب: لعنت الخمر على عشرة أوجه.

(2)

انظر: "الترغيب والترهيب" للمنذري (3/ 175).

(3)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 316)، وابن حبان في "صحيحه"(5356)، والحاكم في "المستدرك"(2234).

ص: 326

وروى الواقدي أن عمر قال له: أخطأتَ التأويل يا قدامة، إذا اتقيت، اجتنبْ ما حرم الله عليك.

وروى الخلال بإسناده عن محارب بن دثار: أن أناسًا شربوا بالشام الخمر، فقال لهم يزيد بن أبي سفيان: شربتم الخمر؟ قالوا: نعم، يقول الله تعالى:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93]، فكتب فيهم إلى عمر بن الخطاب، فكتب إليه: إذا أتاك كتابي هذا نهارًا، فلا تنتظر بهم إلى الليل، وإن أتاك ليلًا، فلا تنتظر بهم نهارًا حتى تبعث بهم إليّ؛ لئلا يفتنوا عبادَ الله، فبعث بهم إلى عمر، فشاور فيهم الناس، فقال لعلي: ما ترى؟ فقال: إنهم قد شرعوا في دين الله ما لم يأذن الله فيه، فإن زعموا أنها حلال، فاقتلهم، فقد أحلوا ما حَرَّم الله، وإن زعموا أنها حرام، فاجلدهم ثمانين ثمانين، فقد افتروا على الله، وقد أخبرنا بحد ما يفتري بعضُنا على بعض، قال: فحدهم عمر ثمانين ثمانين.

إذا عرف هذا، فالمجمَع على تحريمه عصيرُ العنب إذا اشتدَّ وقذفَ زبدَهُ، وما عداه من الأشربة، فهو محرم (1)، وسنبينُ الخلاف، وذكر الصحيح منه فيما يأتي في كتاب: الأشربة -إن شاء اللهُ تعالى-.

وذكر الحافظ المصنف -رحمه الله تعالى- في هذا الباب حديثين:

(1) انظر: "المغني" لابن قدامة (9/ 135 - 136).

ص: 327