المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الأول عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: أَتَيْتُ - كشف اللثام شرح عمدة الأحكام - جـ ٦

[السفاريني]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌كتاب القصاص

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌كتاب الحدود

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب حد السرقة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب حد الخمر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌كتاب الأيمان والنذور

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌باب النذر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب القضاء

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌باب الصيد

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

الفصل: ‌ ‌الحديث الأول عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: أَتَيْتُ

‌الحديث الأول

عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّا بأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، أَفَنَأْكُلُ في آنِيَتِهِمْ؟ وَفِي أَرْضٍ أَصِيدُ بقَوْسِي وَبكَلْبِيَ الَّذِي لَيْسَ بمُعَلَّمٍ، وِبكَلْبِيَ المُعَلَّمِ، فَمَا يَصْلُحُ لِي؟ فَقَالَ:"أَمَّا مَا ذَكرْتَ: مِنْ آنِيَةِ أَهْلَ الكِتَابِ، فَإنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا، فَلا تَأْكُلُوا فِيهَا، فَإنْ لَمْ تَجِدُوا، فَاغْسِلُوهَا، وَكلُوا فِيهَا، وَمَا صِدْتَ بقَوْسِكَ، فَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ، فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بكَلْبِكَ المُعَلَّمِ، فَذَكرْت اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ، فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ غَيْرِ المُعَلَّمِ، فَأَدْرَكْتَ ذَكاتَهُ، فَكُلْ"(1).

(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (5161)، كتاب: الذبائح والصيد، باب: ما أصاب المعراض بعرضه، و (5170)، باب: ما جاء في التصيد، و (5177)، باب: آنية المجوس والميتة، ومسلم (1930)، كتاب: الذبائح والصيد، باب: الصيد بالكلاب المعلمة، وأبو داود (2855 - 2856)، كتاب: الصيد، باب: في الصيد، والنسائي (4266)، كتاب: الصيد والذبائح، باب: صيد الكلب الذي ليس بمعلم، والترمذي (1464)، كتاب: الصيد، باب: ما جاء: ما يؤكل من صيد الكلب وما لا يؤكل، وابن ماجه (3207)، كتاب: الصيد، باب: صيد الكلب.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

"معالم السنن" للخطابي (4/ 291)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (6/ 364)، و"المفهم" للقرطبي (5/ 213)، و"شرح مسلم" للنووي (13/ 81)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 194)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1606)، و"فتح الباري" لابن حجر (9/ 605)، =

ص: 592

(عن أبي ثعلبة) جُرْهمِ بنِ ناشبٍ (الخُشَني) -بضم الخاء وفتح الشين المعجمتين فنون- نسبةً إلى خُشينة؛ كجُهينة، بطن من قضاعة -كما تقدم- (رضي الله عنه، قال: أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: يا رسول الله! إنا بأرض قوم أهل كتاب) يعني: الشام، وكان جماعة من قبائل العرب قد سكنوا الشام وتنصروا، منهم: آل غسان، وتنوخ، وبهرة، وبطون من قضاعة، منهم: بنو خُشَين آل أبي ثعلبة، (أفنأكل) معشرَ المسلمين (في آنيتهم) جمع إناء، والأواني جمع آنية، (و) أنا (في أرض) صيد، (أصيدُ) منها (بقوسي وبكلبي الذي ليس بمعلم)، (و) أصيد (بكلبي المعلم، فما يصلح)؛ أَي: يحل (لي) من ذلك كله؟ فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ترتيب سؤاله الأول، (فقال: أما ما ذكرت من آنية أهل الكتاب، فإن وجدتم غيرها)، فكلوا فيما وجدتم من الأواني غير آنية أهل الكتاب، ودعوا آنيتهم (فلا تأكلوا فيها) احتياطًا؛ لكثرة استعمالهم النجاسة، حتى إن منهم من يتدين بملامستها.

وقد اختلف الفقهاء في ذلك بناءً على تعارض الأصل والغالب: فقال قوم بوجوب غسل آنية أهل الكتاب لمن أراد استعمالها.

ومشى عليه ابن حزم معتمدًا ظاهريته، فقال: لا يجوز استعمالُ آنية أهل الكتاب إلا بشرطين: أحدهما: أَلَّا يجد غيرها، والثاني: غسلها.

وقالوا في تعليل ذلك: إن الظن المستفاد من الغالب راجح على الظن المستفاد من الأصل (1).

وأجاب من قال بأن الحكم الأصل حتى يتحقق النجاسة بجوابين:

= و"عمدة القاري" للعيني (21/ 95)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (8/ 258)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (9/ 4).

(1)

انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 194).

ص: 593

أحدهما: أن الأمر بالغسل محمول على الاستحباب احتياطًا؛ جمعًا بينه وبين ما دلّ على التمسك بالأصل.

والثاني: أن المراد بحديث أبي ثعلبة: حال من تحقق النجاسة فيه، ويؤيده ما في بعض طرقه من ذكر المجوس؛ فإن آنيتهم نجسة؛ لكونهم لا تحل ذبائحهم (1)، كما عند الترمذي من طريقٍ أخرى عن أبي ثعلبة: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قدور المجوس: فقال: "أَنقوها غسلًا، واطبخوا فيها"(2).

وفي لفظ من وجهٍ آخر عن أبي ثعلبة: قلت: إنا نمر بهذا اليهود والنصارى والمجوس، فلا نجد غير آنيتهم (3).

وقال النووي: المراد بالآنية في حديث أبي ثعلبة: آنية من يطبخ فيها لحم الخنزير، ويشرب فيها الخمر؛ كما وقع التصريح به في رواية أبي داود: إنا نجاور أهل الكتاب، وهم يطبخون في قدورهم الخنزير، ويشربون في آنيتهم الخمر، فقال، فذكر هذا الحديث (4).

وأما الفقهاء: فمرادهم مطلق آنية الكفار التي ليست مستعملة في النجاسة (5)، فإنه يجوز استعمالها، ولو لم تغسل عندهم، وإن كان غسلُها أولى؛ خروجًا من الخلاف، لا لثبوت الكراهة في ذلك.

ويحتمل أن يكون استعمالها بلا غسل مكروهًا، وهو الظاهر من الحديث، وأن استعمالها مع الغسل رخصة إذا وجد غيرها، فإن لم يجد،

(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (9/ 606).

(2)

رواه الترمذي (1796)، كتاب: الأطعمة، باب: ما جاء في الأكل في آنية الكفار.

(3)

تقدم تخريجه عند الترمذي برقم (1464).

(4)

رواه أبو داود (3839)، كتاب: الأطعمة، باب: الأكل في آنية أهل الكتاب.

(5)

انظر: "شرح مسلم" للنووي (13/ 80).

ص: 594

جاز بلا كراهة؛ للنهي عن الأكل فيها مطلقًا، وتعليق الإذن على عدم غيرها مع غسلها، وتمسك بهذا بعض المالكية (1).

وفي "فروع" العلامة ابن مفلح: ثيابُ الكفار وآنيتهم مباحة إن جهل حالها؛ وفاقًا لأبي حنيفة.

وعن الإمام أحمد: هي مكروهة؛ وفاقًا لمالك والشافعي.

وعن الإمام أحمد: المنع فيما ولي عوراتهم، وممن تحرم ذبيحته، وكذا حكم ما صبغوه، وآنية من لابس النجاسة كثيرًا، وثيابه.

وقيل للإمام أحمد عن صبغ اليهود بالبول، فقال: المسلم والكافر في هذا سواء، ولا تسأل عن هذا، ولا تبحث عنه، فإن علمت، فلا تصلِّ فيه حتى تغسله.

واحتج غير واحد بقول عمر رضي الله عنه: نهانا الله عن التعمق والتكلف (2)، وبقول ابن عمر رضي الله عنهما في ذلك: نُهينا عن التكلف والتعمق.

وسأل أبو الحارث الإمام أحمد عن اللحم يُشترى من القصاب، قال: يغسل.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: غسلُه بدعة (3).

(فإن لم تجدوا) غيرها، (فاغسلوها) غسلًا منقيًا، (وكلوا فيها) أمر إباحة.

(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (9/ 606).

(2)

رواه البخاري (6863)، كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه، بلفظ: نهينا عن التكلف.

(3)

انظر: "الفروع" لابن مفلح (1/ 72).

ص: 595

(و) أما ما ذكرت من صيدك بقوسك وكلبك، فـ (ما صدت بقوسك، فذكرت اسم الله عليه)؛ بأن تقول عند إطلاق السهم من القوس: باسم الله، (فكل). تمسَّك به علماؤنا ومَنْ وافقهم في إيجاب التسمية على الصيد بالقوس، وكذا بالكلب؛ بدليل قوله صلى الله عليه وسلم لأبي ثعلبة:(وما صدت بكلبك المعلم)، ويأتي محترزه في الحديث، (فذكرت اسم الله عليه)؛ بأن تبسمل، (فكل)، والعلماء مجمعون على مشروعيتها، إلا أنهم اختلفوا في كونها شرطًا في حل الأكل.

فمعتمد مذهب الإمام أحمد على الراجح في مذهبه الذي لا يفتى بغيره، وهو مذهب أبي ثور وطائفة: أنها واجبة؛ يعني: لا تسقط عمدًا ولا سهوًا ولا جهلًا، فمن تركها عند إرخاء الآلة إلى الصيد، فوجد المصيدَ ميتًا، فهو ميتة لا يحل أكله؛ لأنه صلى الله عليه وسلم جعلها شرطًا في الحديث، ولأن الأصل تحريم الميتة، إلا ما أذن الشارع فيه منها، وما أذن فيه منها، يراعي صفته، فالمسمى عليها وافق الوصف، وغير المسمى باقٍ على أصل التحريم.

وذهب الشّافعيّ وطائفة، وهو رواية عن مالك وأحمد: إلى أنها سنّة، فمن تركها سهوًا أو عمدًا، لم يقدح في حل الأكل.

وذهب أبو حنيفة، ومالك، والثوري، وجمهور العلماء: إلى الجواز لمن تركها سهوًا لا عمدًا.

لكن اختلف عن المالكية هل يحرم أو يكره؟

وعند الحنفية: يحرم.

وعند الشّافعيّة في العمد ثلاثة أوجه:

ص: 596

أصحها: يكره الأكل.

وقيل: خلاف الأولى.

وقيل: يأثم بالترك، ولا يحرم الأكل؛ كما في "الفتح"(1).

وفي الحديث: دليلٌ على إباحة الاصطياد بالكلاب المعلمة، لكن استثنى الإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه الكلبَ الأسودَ البهيم، وهو ما لا لون فيه سوى السواد، فقال: لا يحل الصيد؛ لأنه شيطان.

ونقل عن الحسن وإبراهيم وقتادة نحو ذلك (2).

قال علماؤنا: ولا يخرج عن كونه أسود بهيمًا بالنكتتين اللتين تكونان بين عينيه.

قالوا: يحرم اقتناؤه وتعليمه، ويسن قتله، ولو كان معلمًا؛ كالخنزير، ويحرم الانتفاع به (3).

(وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت) المصيد حيًا حياة مستقرة، فقد أدركت (ذكاته)، فلا يحل إلا بالتذكية، فإذا ذكيته بالذبح الشرعي، (فكل)؛ لأنه حلالٌ طيب، لوجود تذكيته، فلو أدرك الصيد ميتًا، لم يحل؛ لعدم وجود شرطه، وهو كون الجارح غير معلم.

(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (9/ 601).

(2)

المرجع السابق، الموضع نفسه.

(3)

انظر: "الإقناع" للحجاوي (4/ 330).

ص: 597