الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الحادي والاربعون
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِى عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ".
قوله: "أنه قال: قيل يا رسول الله" هكذا بزيادة "قيل" لأبي ذَرٍ وكريمة. وسقطت "قيل" للباقين، وهو الصواب ولعلها كانت "قلت" فتصحفت. فقد أخرجه المؤلف في الرقاق كذلك. وللإِسماعيلي أنه سأل، ولأبي نعيم أن أبا هريرة قال: يا رسول الله. وقوله: "من أسعد الناس بشفاعتك يومَ القيامة" بنصب يوم على الظرفية، ومن استفهامية مبتدأ، خبره تاليه، وقوله:"لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني" بضم اللام وفتحها على حد قراءتي {وحَسِبوا أنْ لا تكونُ فتنة} [المائدة: 71] بالرفع والنصب، لوقوع أن بعد الظن واللام في لقد جواب القسم المحذوف، أي: والله لقد، أو للتأكيد.
وقوله: "عن هذا الحديث أحدٌ" بالرفع فاعل يسألني. وقوله: "أولُ منك" برفع اللام ونصبها، فالرفع على الصفة لأحد، أو البدل منه، والنصب على الظرفية، أو مفعول ثان لظننت، وقال أبو البقاء: على الحال، ولا يضر كونه نكرة، لأنها في سياق النفي، كقولهم: ما كان أحدٌ مثلكَ. وقوله: "لما رأيت من حرْصك على الحديث" ما في قوله "لمِا" موصولة أو مصدرية، أي للذي رأيته، أو لرؤيتي. ومن بيانية على الأول،
وتبعيضيّة على الثاني، ولعل أبا هريرة سأل عن ذلك عند تحديثه صلى الله تعالى عليه وسلم، بقوله:"وأريد أن أختبىء دعوتي شفاعةً لأُمتي في الآخرة"، وقوله:"من قال لا إله إلا الله" أي: احترازًا من الشرك. والمراد مع قوله "ومحمد رسول الله" لكن قد يكتفى بالجزء الأول من كلمتي الشهادة، لأنه صار شعارًا لمجموعها، كما مر في الإِيمان. ومن خبر المبتدأ الذي هو أسعد موصولة، أي: الذي.
قال: وقوله: "خالصًا من قلبه أو نفسه" شك من الراوي. وفي رواية "مخلصًا" وهذا احترازٌ من المنافق. وفي رواية في الرقاق "خالصًا من قبل نفسه" أي: بكسر القاف وفتح الموحدة، أي: قال ذلك باختياره. وفي رواية أحمد، وصححه ابن حبان، عن أبي هريرة نحو هذا الحديث. وفيه "لقْد ظننت أنك أولُ من يسألني عن ذلك من أمتي، وشفاعتي لمن شهد أن لا اله إلا الله مخلصًا يصدق قلبه لسانه، ولسانه قلبه" وإنما قال "من قلبه" مع أن الإخلاص محله القلب للتأكيد، وذلك لأن إسناد الفعل إلى الجارحة أبلغ في التأكيد، كما في قوله {فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283] وقد استشكل التعبير بأفعل التفضيل في قوله "أسعد" إذ مفهومه أنَّ كلا من الكافر الذي لم ينطق بالشهادة، والمنافق الذي يظن بلسانه دون قلبه، يكون سعيدًا. وأجيب بان أفعل هنا ليست على بابها، بل بمعنى سعيد الناس. ويحتمل أن يكون أفعل التفضيل على بابها، وأن كل أحد تحصل له سعادةٌ بشفاعته، لكن المؤمن المخلص أكثر سعادة بها، فإنه صلى الله تعالى عليه وسلم يشفع للخلق في إراحتهم من هول الموقف، وهذه سعادة عامة للخلق، ويشفع في بعض الكفار بتخفيف العذاب، كما صح في حق أبي طالب، ويشفع في بعض المؤمنين بالخروج من النار بعد أن دخلوها، وفي بعضهم بعدم دخلوها، بعد أن استوجبوا دخولها، وفي بعضهم بدخول الجنة بغير حساب، وفي بعضهم برفع الدرجات فيها، فظهر الاشتراك في السعادة بالشفاعة وأن أسعدهم بها المؤمن المخلص.