الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالخمسُ للجمهور ثم الحُجَّه
…
قصته محمود وعقْل المَجَّة
وهوابن خمسةٍ، وقيل أربعه
…
وليس فيه سنة مُتَّبَعهْ
بل الصوابُ فَهْم الخِطابْ
…
مُمَيَّزًا ورَدُّوه الجوابْ
وقيل لابن حنبل فَرَجُلٌ
…
قال لخمس عشرة التَّحَمُّلُ
يجوز لا في دونها فَغَلَّطه
…
قال إذا غفله وضبطه
وقيل: من بين الحمار والبقر
…
فَرَّقَ "سامعه ومن لا "فحضر"
قال به الحمّال وابن المقرِي
…
"سمع" لابن أربع ذي ذكر
ثم قال المصنف:
باب الخروج في طلب العلم
قال في "الفتح": لم يذكر فيه شيئًا مرفوعًا صريحًا، وقد أخرج مسلم "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهّل الله به طريقًا إلى الجنة". ولم يخرجه المصنف لاختلاف فيه كما مر. قلت: ظاهره أن رحلة موسى إلى الخِضْر ليست صريحة في طلب العلم، والظاهر صراحتها فيه لأنها لا تحتمل غير ذلك. ثم ذكر تعليقًا فقال: ورحل جابر بن عبد الله مسيرة شهرٍ إلى عبد الله بن أُنيْس في حديث واحد. وهو حديث المظالم والقصاص أخرجه المؤلف في التوحيد مُعَلَّقًا بلفظ "ويذكر عن جابر بن عبد الله عن عبد الله بن أُنيْس قال: سمعت النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم، يقول: يَحشْرُ الله العبادَ فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب" وأخرجه بتمامه في "الأدب المفرد"، وكذا أخرجه أحمد وأبو يعلى في مسنديهما، والطَّبراني، كلهم عن عبد الله بن محمد بن عقيل، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: بلغني عن رجل حديثٌ سمعه من رسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم، فاشتريت بعيرًا، ثم شددت رحلي فسرت إليه شهرًا حتى قدمت الشام، فإذا عبد الله بن أُنيس، فقلت للبواب: قل له جابر على الباب، فقال: ابن عبد الله؟ قلت: نعم فخوج فاعتنقني، فقلت: حديث بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فخشيت أن أموت قبل أن أسمعه، فقال: سمعت رسول الله صلى الله
تعالى عليه وسلم، يقول:"يحشر الله الناس يوم القيامة عُراة غُرْلًا بُهْما". قلنا: وما بُهْما؟ قال: ليس معهم شيء، ثم يناديهم بصوت يسمعه من بَعُد كما يسمعه من قرب: أنا الدَّيان، لا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار، وله عند أحد من أهل الجنة حق حتى أقصه منه، ولا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة، ولأحد من أهل النار عنده حق، حتى أقصه منه، حتى اللطمة". قال: قلنا: كيف وإنا إنما نأتي عراة بُهْما؟ قال: الحسنات والسيئات والغُرْل. بضم المعجمة، وسكون الراء، جمع أَغْرل، وهو الذي لم يختن.
وله طريق أخرى أخرجها الطَّبرانيّ في مسند الشاميين وتمام في فوائده، وما قيل من أن المؤلف نقض قاعدته، حيث عبر هنا بقوله "رحل" بصيغة الجزم المقتضية للتصحيح. وفي كتاب التوحيد بقوله:"ويذكر" بصيغة التمريض، يجاب عنه بأنها غير منتقضة، ونظر البخاري أدق من أن يُعترض عليه بمثل هذا، فإنه حيث ذكر الارتحال فقط، جزم به؛ لأن الإسناد حسن. وقد اعتضد. وحيث ذكر طرفًا من المتن لم يجزم به؛ لأن لفظ الصوت مما يتوقف في إطلاق نسبته إلى الرب، ويحتاج إلى تأويل، فلا يكفي فيه مجيء الحديث من طريق مختلف فيها، ولو اعتضدت. ومن هنا يظهر شُفُوف علمه، ودقة نظره، وحسن تصرفه، رحمه الله تعالى.
ووهم ابن بَطَّال حيث زعم أن الحديث الذي رحل فيه جابر إلى عبد الله بن أُنيس هو حديث الستر على المسلم المروي بلفظ "من ستر مؤمنا في الدنيا ستره الله يوم القيامة" فإن الراحل في حديث الستر أبو أيوب الأنصاري، رحل فيه إلى عُقْبة بن عامر الجُهَني. أخرجه أحمد بسند منقطع، وأخرجه الطَّبرانيّ من حديث مَسْلَمة بن خالد.
وقد وقع ذلك لغير من ذكر فروى أبو داود عن عبد الله بن بُرَيْدة أن رجلًا من الصحابة، رحل إلى فَضاله بن عَبيد، وهو بمصر في حديث. وروى الخطيب عن عُبَيد الله بن عَدِيّ قال: بلغني حديث عن علي، رضي الله
تعالى عنه، فخفت إن مات أن لا أجده عند غيره، فرحلت حتى قدمت عليه العراق. وهذا النوع كثير، وسيأتي قول الشعبى في مسألة إن كان ليرحل فيما دونها إلى المدينة. وروى مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد ابن المُسَيَّب قال: إن كنت لأرحل الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد.
وفي حديث جابر دليل على طلب علوّ الإسناد؛ لأنّه بلغه الحديث عن عبد الله بن أُنيس، فلم يقنع حتى رحل وأخذه عنه بلا واسطة، وسيأتي عن ابن مسعود في كتاب "فضائل القرآن" قوله: لو أعلم أحدًا أعلم بكتاب الله مني، لرحلت إليه.
وأخرج الخطيب عن أبي العالية قال: كنا نسمع عن أصحاب رسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم، فلا نرصى حتى خرجنا إليهم، فسمعنا منهم، وقد مر تحرير الكلام في علو السند، ونزوله في حديث ضمام. وقيل لأحمد: رجل يطلب العلم يلزم رجلًا عنده علم كثير أو يرحل؟ قال: يرحل؟ يكتب عن علماء الأمصار، فيُشَام الناس، ويتعلم منهم، وفيه ما كان عليه الصحابة من الحرص على تحصيل السنة النبوية، وفيه جواز اعتناق القادم حيث لا تحصل الريبة.
رجاله اثنان: الأول جابر بن عبد الله، وقد مر في الرابع من بدء الوحيِ. والثاني: عبد الله بن أُنيس بن أسعد بن حرام بن حبيب بن مالك ابن غنْم بن كعب بن تيْم بن نُفَاتة بن إياس بن يربوع بن البّرك بن وَبْرةَ أخي كلب بن وَبْرة من قْضاعة. والبَرْكُ بن وَبْرة دخل في جُهينة فهو جُهَني أنصاري، حليف لبني سَلَمة، وقيل: إنه من جُهينة أصالةً، حليف للأنصار. وقيل: هو من الأنصار، كنيته أبو يحيي، شهد العقَبة وما بعدها، وبعثه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، سريَّةً وحده إلى خالد بن نبيح فقتله. وهو ممن صَلّى إلى القبلتين، وهو الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن ليلة القدر، فقال له: يا رسول الله، إني شاسع الدار،
فمرني بليلة أنزل لها، فقال له: أنزل ليلة ثلاث وعشرين، وتعرف تلك الليلة بليلة الجُهينيّ بالمدينة.
وهو أحد الذين كسروا آلهة بني سلمة، وروى الزُهْريّ عنه أن النبي، صلى الله عليه وسلم، انتهى إلى قربة معلقة، فخَنَثها، فشرب منها.
له خمسة وعشرون حديثًا. روى له مسلم حديثًا واحدًا في ليلة القدر، وروى له الأربعة. ولم يذكره الكلاباذِيّ وغيره، فيمن روى له البخاري. وقد ذكر البخاري في كتاب "الرد على الجَهْميّة": ويذكر عن جابر بن عبد الله عن عبد الله بن أُنيس. روى عنه أولاده عطية وعمرو وضمْرة وعبد الله. وروى عنه جابر بن عبد الله وآخرون. مات بالشام سنة أربع وخمسين، في خلافة معاوية، بعد موت أبي قتادة. فقد رُوي عن خَلْدَة بنت عبد الله بن أُنيس أنها قالت: جاءت أُم النبين بنت أبي قتادة بعد موت أبيها، بنحو نصف شهر، إلى عبد الله بن أُنيس، وهو مريض، فقالت له: يا عم أَقْرِىء أبي مني السلام.
وفي الصحابة عبد الله بن أُنيس، استُشهد يوم اليمامة سُلَمِيّ، وفيهم عبد الله بن أُنيس العامري، له وِفادة، وفي سنن أبي داود والتِّرْمذيّ من طريق عيسى بن عبد اللُه بن أُنيس الأَنصاري، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، دعا يوم أحد بإداوة، فقال أخنُثُ فم الإِداوة ثم أشْرَب
…
الحديث، ففرق ابن المدِيني وغير واحد، وبينه وبين الجُهَنِيّ. وجزم البَغَويّ وغيره بأنهما واحد. قال ابن حجر: وهو الراجح.
وخَنَثَ السقاء: كسره إلى خارج، فشرب منه. والجَهَنِيُّ في نسبه نسبة إلى جُهَيْنة بالتصغير، قبيلة من قُضاعة، وهوابن زيد بن لَيث بن سوْد بن أَسْلَم بن الحاف بن قُضاعة. وقُضاعة من ريف العراق.
وفي المثل "عند جُهَيْنة الخبرُ اليَقين". وكان من حديثه ما أخبر به ابن الكلبي من أن حصين بن عمرو بن معاوية بن عمرو بن كلاب، خرج ومعه
رجل من بني جُهَينة يقال له الأخنس، فنزلا منزلًا، فقام الجُهينيّ إلى الكلابيّ، وكانا فاتكين، فقتله، وأخذ ماله. وكانت صَخْرة بنت عمرو بن معاوية تبكيه في المواسم، فقال الأخنس:
تُسائِلُ عن حُصَينٍ كلَّ رَكْبٍ
…
وعندَ جُهَيَنَة الخبرُ اليقينُ
وروي "تسائل عن أخيها" ورواه أبو عبيدة في كتاب الأمثال عند جُفيْنة الخبر اليقين، بالجيم. وجفينة اسم خمّار.