الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال ابن عُيَيْنة: قال لي الثَّوريّ: رأيت منصورًا وعبد الكريم الجَزْريّ وأيوب وعمرو بن دينار، هؤلاء الأعين الذين لا يشك فيهم. وقال الثَّوريّ أيضًا: ما بالكوفة آمن على الحديث من منصور. وقال ابن مهدي: أربعة بالكوفة، لا يختلف في حديثهم، فمن اختلف عليهم، فهو مخطىء، ليس هو منهم، منهم ابن المُعْتمِر. وقال عبدان: سمعت أبا حمزة يقول: دخلت بغداد فرأيت جميع من بها يثني على منصور، وقال وكيع عن سفيان: إذا جاءت المذاكرة، جئنا بكل، وإذا جاء التحصيل جئنا بمنصور.
وقال عبد الرزاق: حدث سفيان عن منصور عن إبراهيم عن عَلْقَمة عن عبد الله، فقال: هذا الشرف على الكرسيّ، وقال عثمان الدّارميّ: قلت ليحيى: أبو مَعشر أحب إليك عن إبراهيم، أو منصور؟ قال: منصور. قلت: فالحكم أو منصور؟ قال: منصور. قلت: فمنصور أو مغيرة؟ قال: منصور.
روى عن أبي وائل وزيد بن وهب، وإبراهيم النِّخعيّ، والحسن البصري، ورَبَعي بن حِراش، وسعيد بن جُبَير، ومجُاهد، وخلق. وروى عنه أيوب والأعمش، وسليمان التَّيْميّ، وهم من أقرانه، والثَّوريّ وشُعبة ومِسْعَر وشَيبان، وزُهير بن معاوية، وجرير بن عبد الحميد، وإسرائيل وخلق. مات سنة ثلاث وقيل اثنتين وثلاثين ومئة، ومنصور في الستة سواه ستة عشر.
لطائف إسناده:
منها أن فيه التحديث والعنعنة، ورواته كلهم كوفيون وهم أئمة أجلاء. ثم قال المصنف:
باب من يُرد الله به خيرًا يفقِّهْهُ في الدين
في رواية الكَشْمَيهنيّ زيادة "في الدين"، وسقطت عند الباقين. وخيرًا، بالنصب مفعول يُرد المجزوم، لأنه فعل الشرط، وكُسرِ لالتقاء الساكنين، وجواب الشرط يفقهْه، فالهاء ساكنة. يقال: فَقُهَ، بالضم، إذا صار الفقه له سجية. وفَقَهَ، بالفتح، إذا سبق غيره إلى الفهم، وفَقِه، بالكسر، إذا فهم
وعلم. وجعله العُرف خاصًا بالعلم الشريعة، ومخصصًا بعلم الفروع، وإنما خص علم الشريعة بالفقه، لأنه علم مستنبط بالقوانين والأدلة، والأقيسة والنظر الدقيق، بخلاف علم اللغة والنحو وغيرهما.
روي أن سليمان نزل على نَبَطيّة بالعراق، فقال لها: هل هنا مكان نظيف أصلي فيه؟ فقالت: طهر قلبك، وصل حيث شئت. فقال: فَقِهت وفطنت الحق، ولو قال: علمت، لم يقع هذا الموقع.
ونكّر "خيرًا" ليشمل القليل والكثير، والتنكير للتعظيم، لأن المقام يقتضيه، ومفهوم الحديث أن من لم يتفقه في الدين، أي: يتعلم قواعد الإِسلام، وما يتصل بها من الفروع، فقد حُرِم الخير. وقد أخرج أبو يعلي حديث معاوية الآتي من وجه آخر ضعيف، وزاد في آخره "ومن لم يتفقه في الدين لم يبالِ الله به" والمعنى صحيح، لأن من لم يعرف أمور دينه، لا يكون فقيهًا، ولا طالبَ فقهٍ، فيصح أن يوصف بأنه ما أريد به الخير، وفي ذلك بيان ظاهرٌ لفضل العلماء على سائر الناس، ولفضل التفقه في الدين على سائر العلوم.