الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفصْله بلو وما بها وصل
…
مستعملٌ كذاك ما فيه عمِل
وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم، الحثُّ على تبليغ العلم وأن حامل الحديث يؤخذ منه وإن كان جاهلًا بمعناه، فالفهم للمعنى ليس شرطًا في الأداء، وهو مأمور بتبليغه محسوبٌ في زُمرة أهل العلم. وفيه أنه قد يأتي في الآخر من يكون أفهم ممن تقدمه، لكن بقلة. وفيه الخطبة على موضع عال، ليكون أبلغ في إسماعه الناس، ورؤيتهم إياه.
وأما عمرو بن خارجة، فهو ابن المُنْتفِق الأسديّ حليفُ آل أبي سفيان، وقيل: إنه أشْعريّ أو أنصاري أو جُمَحىّ، والأول أشهر. قال ابن السَّكَنْ: هو أسدي سكن الشام، ومخرج حديثه عند أهل البصرة، وكان رسولَ أبي سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج التِّرمذيّ وابن مَاجه والنَّسائي عن شِهر بن حَوْشَب حديثه "خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم، على ناقته، وأنا تحت جرانها .. " الحديث.
وفيه: لا وصية لوارث، وقال العَسْكريّ: لا يصح سماع شِهر بن حَوْشب منه، وقد صرح الطَّبرانيّ بسماع شِهرٍ منه في حديث آخر، وأخرج العسكريُّ والطبرانيُّ له حديثًا آخر من رواية الشعبي عنه، وأخرج الطبرانيّ حديث "لا وصية لوارث" من طريق مجاهِد عنه.
رجاله ستة:
الأول: مُسدَّد، وقد مرّ في السادس من كتاب الإِيمان، ومرّ ابن سيرين في الأربعين منه، ومرّ أبو بكرة في الرابع والعشرين منه أيضًا.
الرابع: بشر بن المُفضَّل بن لاحق الرَّقاشيّ، مولاهم أبو إسحاق البَصْريّ. قال أحمد: إليه المنتهى في التثبت بالبصرة، وعده ابن معين في أثبات شيوخ البصريين، وقال على: كان بشرٌ يصلي كل يوم أربع مئة ركعة، ويصوم يومًا، ويفطر يومًا. وذُكر عنده إنسانٌ من الجَهْمية، فقال: لا تذكروا ذلك الكافر. وقال أبو زرعة، وأبو حاتم والنَّسائي: ثقة. وقال ابن
سعد: كان ثقة كثير الحديث، عثمانيًا. وقال العجليّ: ثقة فقيه البدن ثبتٌ في الحديث، حَسَن الحديث، صاحبَ سنة.
وقال البزّار: ثقة، روى عن حُميد الطويل، وأبي رَيْحانة، ومحمد بن المُنْكدر، وابن عَوْن ويحيى بن سعيد الأنصاري، وخالد الحذّاء، وداود بن أبي هند، وعُبيد الله بن عمر العمريّ، وعُمارة بن غُزَيَّة وغيرهم. وروى عنه أحمد وإسحاق وعلي ومُسدّد وأبو أسامة وأبو الوليد وخَليفة بن خيَاط، وبشر ابن مُعاذ العَقْديّ، وخلف، ويحيى بن يحيى النَّيْسابوريّ.
مات سنة ست وثمانين ومئة. قال أحمد بن حنبل: دخلت البصرة في رجب سنة ست وثمانين ومئة، واعتقل لسان بشر بن المُفضَّل قبل أن أخرج. ومات سنة سبع وثمانين ومئة. وليس في الستة بشر بن المفضل سواه. وأما بشر فكثير، ومرّ الكلام على بِسْر، بكسر الباء مع إهمال السين، وبشر بضمها مع إعجامها في السادس من بدء الوحي.
والرَّقَاشيّ في نسبه نسبة إلى رَقَاشِ كحَذَام، عَلَم لنساءٍ مبني على الكسر، وقد يعرب إعراب ما لا ينصرف، وبنو رقاش في بكر بن وائل، وفي كليب وفي كندة منسوبون إلى أُمهاتهم. فرَقاش في بني بكر هي رَقاش بنت الحارث بن عبيد بن غنْم بن تَغْلِب، وهي المعروفة بالبَرْشاء. ويقال لبنيها: بنو البرشاء، سميت بذلك لبَرَشٍ بها، أو لما جرى بينها وبين ضَرَّتها. وأولادها ثلاثة: الحارث وقيس وشَيْبان بنو ثعلبة بن عُكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل. وفي بني ربيعة قبيلةٌ أخرى يعرفون ببني رَقَاش أيضا وهم بنو مالك وزيد مناة ابني شيبان بن ذُهل أمهما رَقاش بنت ضبيعة بن قيس بن ثعلبة، بها يعرفون. ورَقَاش بنت ركبة هي أم عَدي بن كعب بن لُؤى بن غالب. ورَقَاش بنت عامر، هي الناقمِيّة. وقال في "لب اللُّباب" إن رَقَاش في نسب ابن المفضل هذا المراد بها رقَاش بنت قيس بن ثعلبة.
الخامس: عبد الله بن عَوْن بن أرطبان أبو عون المُزنيّ، مولاهم،
البصري فارطبان مولى لعبد الله بن مُغفل الصحابيّ الخرّاز، قال ابن المبارك: ما رأيت أحدًا ذكر لي قبل أن ألقاه ثم لقيته إلاّ وهو على دون ما ذكر لي، إلا ابن عَون وحَيْوة أو سفيان. فأما ابن عون فلوددت أني لزمته حتى يموت أو أموت. وقال ابن مَهْدي: ما كان بالعراق أحد أعلم بالسنة منه. وقال قُرّة: كنا نتعجب من ورع ابن سيرين، فأنساناه ابن عَون. وقال ابن سعد: كان ثقة، وكان عتمانيًا، وكان كثير الحديث، ورعًا.
وقال الأنصاري: كان ابن عون لا يُسلِّم على القدرية، وكان يصوم يومًا، ويفطر يومًا إلى أن مات. وتزوج امرأة عربية فضربه بلال بن أبي بُرْدة. وقال محمد بن فضاء: رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال: زوروا ابن عون، فإن الله يحبه. وقال النَّسائي في "الكُنى": ثقةٌ مأمون. وقال في موضع آخر: ثقة ثَبْتٌ. وقال ابن حِبان فى "الثقات": كان من سادات أهل زمانه عبادةً وفضلًا وورعًا ونُسكًا، وصلابةً في السنة، وشدة على أهل البدع. وقال العجليّ: بصري ثقة رجلٌ صالح. وقال أبو بكر البزار: كان على غاية من التَّوقِّي. وقال عثمان بن أبي شَيْبة: ثقة صحيح الكتاب. وقال شُعبة: إني لأسمع من ابن عون حديثًا يقول فيه: أظن أني سمعته، أحبّ إلى من أن أسمع من ثقة غيره، يقول: قد سمعت. وقال ابن معين: ثبت وقال عيسى ابن يونس: كان أثبت من هشام بن حسّان، وقال أبو حاتم: ثقة، وهو أكبر من التَّيميّ، وقال ابن المَدينيّ: جمع لابن عون من الإِسناد ما لا يجمع لأحد من أصحابه، سمع بالمدينة من القاسم وسالم، وبالبصرة من الحسن وابن سيرين، وبالكوفة من الشعبي والنّخعي، وبمكة من عطاء ومجاهد، وبالشام من مكحول ورجاء بن حَيْوة. قال علي: وقال بشر بن المُفضَّل: لقيتُ الثَّوريّ فقلت: من آمن من تركت على الحديث بالكوفة؟ قال: منصور، وبالبصرة يونُس بن عبيد. قال عليّ: وهذا كان قبل أن يحدث ابن عَوْن، لأنه لم يحدث إلا بعد موت أيّوب. وقال الثَّوريّ: ما رأيتُ أربعة اجتمعوا في مصر مثل هؤلاء: أيّوب ويونُس والتيميّ وابن عَون، وقال
وُهَيب: دار أمر البصرة على أربعة، فذكر هؤلاء. وقال أبو داود عن شُعبة: ما رأيت مثلهم.
وقال حمّاد بن زيد عن ابن عَون: وفِدْت عند الحسن وابن سيرين، فكلاهما لم يزل قائمًا حتى فرش لي. وقال موسى بن عُبيد: إني لأعرف رجلًا يطلب منذ عشرين سنة أن يسلم له يوم كأيام ابن عون، فلم يسلم له ذلك، وكأنه عني نفسه. وقال هشام بن حسّان: حدثني من لم تر عيناي مثله، وأشار بيده إلى ابن عون.
رأى أنس بن مالك. وروى عن ثُمامة بن عبد الله بن أنس، وأنس بن سيرين، ومحمد بن سيرين، وإبراهيم النَّخعيّ، وزياد بن جُبير بن حَيّة، والحسن البَصريّ والشَّعبيّ والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وعبد الرحمن ابن أبي بَكرة، وأبي رَجَاء مولى أبي قُلابة، وموسى بن أنس بن مالك، وسعيد بن جُبير، ونافع، مولى ابن عمر.
وروى عنه الأعمش، وداود بن أبي هند، وهما من أقرانه، والثَّوريّ، وشُعبة والقطّان، وابن المبارك، ووَكيع، وعبّاد بن العوّام، وهُشَيم بن يزيد ابن زُريع، وابن علية، وبِشر بن المُفضَّل، ومُعاذ بن مُعاذ، والنَّضْر بن شُمَيل، ويزيد بن هارون، وغيرهم.
مات ابن عون سنة إحدى وخمسين ومئة، بعد موت أيوب بعشرين سنة. وفي الستة عبد الله بن عون، سواه، واحدٌ. وهو عبد الله بن عون بن أبي عون، عبد الملك بن يزيد الهلاليّ والخَرّاز المار في لقبه، بالخاء المعجمة والراء المهملة، نسبة إلى خَرْز الجُلود وغيرها، على ما في خلاصة "تهذيب الكمال".
والذي في مقدمة "فتح الباري" هو أن الخَرّاز خاصة بعُبيد الله بن الأخْنس، وإن غيره بخاء وزايين، من الخزز. ونظم قوله سيدي عبد الله في "غرة الصباح" فقال: