الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن العاص إلى جَيْفَر وعبّاد ابني الجُلَندي بعُمان، ودَحْية إلى قيْصر، وشُجاع بن وَهب إلى أبي شَمِر الغَسّانيّ، وعمرو بن أُميّة إلى النَّجاشي، فرجعوا جميعًا قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، غير عمرو بن العاص.
وزاد أصحاب السير أنه بعث المهاجرَ بن أبي أُمية بن الحارث بن عَبد كَلَال، وجَرِيرًا إلى ذي الكُلَاع، والسائبَ إلى مُسَيْلَمة، وحاطِب بن أبي بلتعة إلى المقوقس.
وفي حديث أنس الذي أشرت إليه عند مسلم، أن النجاشيّ، الذي بُعث إليه مع هؤلاء، غير النجاشي الذي أسلم.
ووجه دلالة هذا الحديث على المكاتبة ظاهر، ويمكن أن يُستدل به على المناولة من حيث أن النبيّ صلى الله عليه وسلم، ناول الكتاب لرسوله، وأمره أن يخبر عظيم البحرين، بأن هذا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن لم يكن سمع ما فيه ولا قرأه.
رجاله ستة:
وفيه ذكر رجل مبهم الأول إسماعيل بن عبد الله، وهو ابن أبي أُويس، وقد مر في الخامس عشر من كتاب الإِيمان ومر إبراهيم بن سعد في السادس عشر منه أيضًا. ومر صالح بن كَيْسان في الأخير من الوحي، ومر ابن شهاب الزُّهريّ في الثالث منه أيضًا. ومر عُبيد الله بن عبد الله بن عُتْبة بن مسعود في السادس منه أيضًا، ومر عبد الله بن عبّاس في الخامس منه أيضًا.
والرجل الذي أُرسل بالكتاب قد مرّ أنه عبد الله بن حُذافة، بضم الحاء، ابن قيس بن عَديّ بن سَعد، بفتح السين، ابن سَهْم بن عَمرو بن هُصَيْص بن كَعب بن لُؤَيّ أبو حُذافة السَّهميّ. وأمه بنت حَرْثان من بني الحارث بن عبد مَنَاة وهو أحد السابقين الأولين في الإِسلام، هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية مع أخيه قيس بن حذافة، في قول ابن إسحاق والواقديّ، وهو أخو أبي الأخْنس بن حذافة، وخُنَيْس بن حذافة، زوج
حَفْصة. أصابته جراحات بأحد فمات منها، وخلَف عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقال إنه شهد بدرًا، ولم يذكره ابن إسحاق في البدريِّين، وهو القائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حين قال:"سَلُوني عمّا شئتم": من أبي؟ قال: أبوك حُذافة بن قيس. فقالت له أمه: ما سمعت بابن أعقّ منك، أمنت أن تكون أُمك قارفَتْ ما تقارِف نساءُ الجاهلية، فتفضحها على أعين الناس؟ فقال: والله، لو ألحقني بعبد أسود للحقت به.
وكانت فيه دعابة معروفة، ومن دُعابته ما رُوي أنه حل حزام راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بعض أسفاره، حتى كاد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقع لضحكه. ومن دعابته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمَّرَه على سَرِيَّة، فأمرهم أن يجمعوا حطبًا ويوقدوا نارًا، فلما أوقدوها أمرهم بالتَقَحُّمَ فيها، فأبَوا، فقال لهم: ألم يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم بطاعتي؟ وقال: "من أطاع أميري فقد أطاعني"؟ فقالوا: ما آمنا بالله واتبعنا رسوله، إلا لننجو من النار، فصوّب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلهم، وقال:"لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق". قال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} .
ومن مناقبه ما رُوي عن أبي رافع أن عُمَر وجه جيشًا إلى الروم، وفيهم عبد الله بن حُذَافة، فأسروه، فقال له ملك الروم: تَنَصَّر أشْرِكْكَ في مُلكي، فأبى، فأمر به، فصُلِب، وأمر برميه بالسهام فلم يجزع، فأُنزل، وأُمر بقدر فصب فيها الماء، وأُغلي، وأمر بإلقاء أسيرٍ فيها، فإذا عظامه تلوح، فأمر بإلقائه إن لم يتنصَّر، فلما ذهبوا به، بكى. قال: رُدّوه. قال: لم بكيتَ؟ قال: تمنيت أن لي مئة نفس تلقى هكذا في الله، فعجب وقال له: قَبّل رأسي، وأنا أخلّي عنك، قال: لا، قال: قبل رأسي وأنا أطلقك ومن معك من المسلمين، قال: نعم، فقبل رأسه ففعل، وأطلق من معه، وهم ثمانون أسيرًا، فقدم بهم على عمر، فقال: حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله، وأنا أبدأ، ففعلوا. وكان الصحابة يقولون: قَبّلْتَ رأس علج، فيقول: أطلق الله بتلك القبلة ثمانين أسيرًا من المسلمين.
له أحاديث انفرد مسلمٌ بحديثٍ منها، ومن حديثه ما رواه الزُّهريّ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، أن عبد الله بن حُذافة صلى فجهر في صلاته، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ناجِ ربَّك بقراءتك يا ابن حُذافة، ولا تسمعني واسمعْ ربك".
روى عنه من المدنيين مسعود بن الحَكَم، وأبو سلَمة بن عبد الرحمن. وسليمان بن يَسَار، وروى عنه من الكوفيين أبو وائل. مات في خلافة عُثمان، رضي الله عنه، بمصرَ، ودفن في مقبرتها. وليس في الصحابة ولا في الستة عبد الله بن حُذافة سواه. والسَّهميُّ في نسبه نسبة إلى جده المارّ سَهْم بن عَمرو أبي بطن من قُريش. وفي باهِلَة بنو أسْهم ابن عمرو بن ثَعْلبة بن غَنْم بن قُتَيْبة.
وعظيم البحرين، قد مر أن المراد به المنذر بن ساوى بن الأخْنس بن بَيَان بن عمرو بن عبد الله بن زيد بن عبد الله بن دَارِم التَّميميّ الدّارميّ. وزعم غير الكلبيّ أنه من عَبد القيس. وذكر الرِّشاطيُّ أن السبب في ذلك، أنه يقال له العبديّ، لأنه من ولد عبد الله بن دَارِم. فظن بعض الناس أنه من ولد عبد القيس. وذُكر أنه قدم في الوفد على النبي صلى الله عليه وسلم. وهو في مسند ابن رَاهَوَيه عن سليمان بن نافع، قال: قال لي أبي: وَفَدَ المنذر بن ساوى من البحرين، ومعه أناس، وأنا غُليم أعقل، أمسك جمالهم، فذهبوا بسلاحهم، فسلموا على النبي صلى الله عليه وسلم، ووضع المنذر سلاحه، ولبس ثيابًا كانت معه، ومسح لحيته بدُهن، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا مع الجمال أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال المنذر: قال لي: رأيت منك ما لم أر من أصحابك. فقلت: أشيءٌ جُبِلْتُ عليه أم أحدثته؟ قال: لا بل جُبلت عليه. فلما أسلموا، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم:"أسلمت الناس كَرْها، وأسلمتْ عبد القيس طوعًا".
والأكثر على أنه لم يكن في الوفد، وإنما كتب معهم بإسلامه، وكان عامل البحرين، وكتب إليه النبي صلى الله عليه وسلم، مع العلاء بن الحَضْرميّ قبل الفتح،