الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقصود منه، لا يقال كان ينبغي أن يقتصر على قوله "ولا تعسروا""ولا تنفروا" لعموم النكرة في سياق النفي، يعني الفعل المتنزل منزلتها، ينفي مصدره المنكر، لأنه لا يلزم من عدم التعسير ثبوت التيسير، ولا من عدم التنفير ثبوت التبشير، فجمع بين هذه الألفاظ لثبوت هذه المعاني، لاسيما والمقام مقام إطناب.
وفي قوله "بشروا" بعد "يسروا" الجناس الخطي. وفي الحديث الأمر للوُلاة بالرِّفق، وهو من جوامع الكلم، لاشتماله على خَيرْي الدنيا والآخرة، لأن الدنيا دار الأعمال، والأخرى دار الجزاء. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما يتعلق بالدنيا بالتسهيل، وفيما يتعلق بالآخرة بالوعد بالخير، والإِخبار بالسرور، تحقيقًا لكونه رحمة للعالمين في الدارين.
رجاله خمسة:
الأول: محمد بن بشّار، بفتح الباء وتشديد الشين، ابن عثمان بن داود ابن كَيْسان، أبو بكر الحافظ العَبديّ البَصرْي، بُندار، بضم الباء وسكون النون وفتح الدال المهملة، لقِّب به لأنه كان بُندار الحديث، جمع حديث بلده. وبُندار، في الأصل، من في يده القانون، وهو أصل ديوان الخَرَاج، فلذلك سمي هو به، لأنه يؤول إلى معنى الحفظ. قال محمد إسحاق بن خُزَيْمة: حدثنا محمد بن بشّار الإِمام بُندار. وقال العَجليّ: بصري ثقة كثير الحديث، وكان حائكًا. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال النّسائي: صالح لا بأس به. وقال عبد الله بن محمد بن يونس السَّخْتيانيّ: كان أهل البصرة يقدّمون أبا موسى على بُندار، وكان الغرباء يقدمون بُندارًا. وقال محمد بن المُسيّب: سمعته يقول: كتب عني خمسة قرون، وسألوني عن الحديث، وأنا ابن ثمان عشرة سنة. وقال ابن خُزيمة: سمعتُ بُندارًا يقول: اختلفتُ إلى يحيى بن سعيد القطّان أكثر من عشرين سنة، قال بندار: ولو عاش يحيى بعد تلك المدة لكنت أسمع منه شيئًا كثيرًا.
وقال أبو داود: كتبت عن بُندار نحوًا من خمسين ألف حديث، وكتبت
عن أبي موسى شيئًا، ولولا سلامة في بُندار لترُك حديثه، يعني أنه كانت فيه سلامة، فكان إذا صدر منه خطأ حمل على أنه سها أو غلط، ولم يتعمد ذلك. وقال إسحاق بن إبراهيم الفزاريّ: كنا عند بُندار، فقال في حديث عن عائشة: قال: قالت: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رجل، يسخر منه: أعيذك بالله ما أفصحك! فقال: كنا إذا خرجنا من عند روح، دخلنا إلى أبي عبيدة، فقال: قد بان ذلك عليك. وقال ابن سَيّار: بُندار وأبو موسى ثقتان، وأبو موسى أصح، لأنه كان لا يقرأ إلا من كتابه، وبندار يقرأ من كل كتاب. وقال ابن حِبان: كان يحفظ حديثه، ويقرأه من حفظه. وقال ابن خُزيمة في "التوحيد": حدثنا إمام زمانه، محمد بن بشّار. وقال الدارقطني: من الحفاظ الأثبات.
وقال البخاريّ في صحيحه: كُتب إلى بُندار، فذكر حديثًا مسندًا، ولولا شدة وثوقه ما حدث عنه بالمكاتبة، مع أنه في الطبقة الرابعة من شيوخه، إلا أنه كان مكثرًا فيوجد عنده ما لم يوجد عند غيره. وكان يفتخر بأخذ البخاريّ عنه، ويقول: أنا أفتخر به منذ سنين. وضعّفه عمرو بن علي الفلاّس، ولم يذكر سبب تضعيفه، فما عرّجوا على تجريحه. وقال القَوارِيريّ: كان يحيى بن معين يستضعفه، وكان صاحب حمّام. قال الأزْدي: بندار قد كتب عنه الناس وقبلوه، وليس قول يحيى والقواريريّ مما يجرحه، وما رأيت أحدًا ذكره إلا بخير وصدق. قال الذَّهبيّ: لم يرحل ففاته كبار، واقتنع بعلماء البصرة، أرجو أنه لا بأس به. ولم يكثر البخاري من تخريج أحاديثه لأنه من صغار شيوخه.
وفي "الزُّهرة" روى عنه البخاريُّ مئتي حديث وخمسة أحاديث. وروى عنه مسلم أربع مئة وستين. روى عن عبد الوهاب الثَّقفيّ وغُنْدر، وروح بن عُبادة ومُعاذ بن هشام، ويحيى القطّان، وابن مَهدي، وأبي داود الطيالسي، ويزيد بن زُرَيع، وابن هارون وخلق.
وروى عنه الجماعة، وروى النَّسائي عن أبي بكر المَرْوَزيّ، وزكرياء