المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

-صلى الله عليه وسلم، فمسح على ناصيتي وقال:"اللهم علمه الحكمة - كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري - جـ ٣

[محمد الخضر الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العلم

- ‌باب فضل العلم

- ‌باب من سئل علمًا وهو مشتغل في حديثه فأتم الحديث ثم أجاب السائل

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من رفع صوته بالعلم

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب قول المحدث حدثنا واخبرنا وانبأنا

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله أربعة

- ‌باب طرح الإِمام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله أربعة

- ‌باب ما جاء في العلم وقول الله تعالى وقل رب زدني علمًا

- ‌باب القراءة والعرض على المحدث

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله خمسة

- ‌لطائف إسناده

- ‌باب ما يذكر في المناولة وكتاب أهل العلم بالعلم إلى البلدان

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من قعد حيث ينتهي به المجلس ومن رأى فرجة في الحَلقة، فجلس فيها

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجال سنده خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ مُبْلغٍ أوعى من سامع

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب "العلم قبل القول والعمل

- ‌باب "ما كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلهُم بالموعظة والعلم كي لا يَنفروا

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من جعل لأهل العلم أيامًا معلومة

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من يُرد الله به خيرًا يفقِّهْهُ في الدين

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الفهم في العلم

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الاغتباط في العلم والحكمة

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ما ذكر في ذهاب موسى في البحر إلى الخضر عليهما السلام

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله تسعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب قول النبي صلى الله عليه وسلم اللهمّ علِّمهُ الكِتابَ

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب متى يصح سماع الصغير

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الخروج في طلب العلم

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب فضل من عَلِمَ وعَلَّمَ

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب رفع العلم وظهور الجهل

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب فضل العلم

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجالُهُ ستةٌ

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم وقد عبد القيس على أن يحفظوا الإيمان والعلم ويخبروا من وارءهم

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله خمسة

- ‌باب الرِّحلة في المسألة النازلة

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجال السند خمسة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التناوب في العلم

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله تسعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من برك على ركبتيه عند الإِمام أو المحدث

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب من أعاد الحديث ثلاثًا ليفهم عنه

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌ رجاله رجال الأول

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب تعليم الرجل أَمَتَه وأَهْلَه

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب عظة الإمام النساء وتعليمهن

- ‌الحديث الاربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الحرص على الحديث

- ‌الحديث الحادي والاربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب كيف يقبض العلم

- ‌الحديث الثاني والاربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب هل يجعل للنساء يومًا على حدة في العلم

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌باب من سمع شيئًا فراجع حتى يعرفه

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌رجاله أربعة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب

- ‌الحديث السادس والاربعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والاربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والخمسون

- ‌رجاله ثلاثة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب كتابة العلم

الفصل: -صلى الله عليه وسلم، فمسح على ناصيتي وقال:"اللهم علمه الحكمة

-صلى الله عليه وسلم، فمسح على ناصيتي وقال:"اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب". وقد رواه أحمد عن هُشيم بلفظ "مسح على رأسي".

وقد بين المصنف في الطهارة سبب هذا الدعاء عن ابن عباس قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم، الخلاء فوضعتُ له وضوءًا -زاد مسلم: فلما خرج قال: من وضع هذا؟ فأخبر. ولمسلم قالوا: ابن عباس، ولأحمد وابن حبان أن ميمونة هي التي أخبرته بذلك، وإن ذلك كان في بيتها ليلًا، ولعل ذلك كان في الليلة التي بات فيها ابن عباس عندها، ليرى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، كما سيأتي في موضعه، إن شاء الله تعالى.

وأخرج أحمد عن ابن عباس في قيامه خلف النبي صلى الله عليه وسلم، في صلاة الليل، وفيه فقال لي: ما بالك أجعلك حذائي فتخلفني؟ فقلت: أينبغي لأحد أن يصلي حذاءك وأنت رسول الله؟ فدعا لي أن يزيدني الله فهمًا وعلمًا. وهذه الدعوة مما تحقق فيها إجابة النبي صلى الله عليه وسلم، لما علم من حال ابن عباس في معرفة التفسير والفقه في الدين، رضي الله تعالى عنه، حتى صار يلقب بترجمان القرآن، وبالبحر، وبالحَبر، كما مر في ترجمته. أما الكتاب، فالمراد به القرآن قطعًا؛ لأن العُرْف الشرَّعيّ عليه، والمراد بالتعلم ما هو أعم من حفظه والتفهم فيه. وأما الحكمة، فقد اختلف العلماء في المراد بها هنا، فقيل: القرآن، جمعًا بين الروايتين، فيكون بعضهم رواه بالمعنى. وقيل: العمل به، وقيل: السنه كما مر، وقيل: الإصابة في القول. وقيل: الخشية، وقيل: اللهم عن الله، وقيل: العقل، وقيل: ما يشهد العقل بصحته، وقيل: نور يفرق بين الإلهام والوَسواس، وقيل: سرعة الجواب مع الإصابة. وبعض هذه الأقوال ذكرها بعض أهل التفسير في تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} [لقمان: 12] والأقرب أن المراد بها في حديث ابن عباس الفهم في القرآن.

‌رجاله خمسة:

ص: 221

الأول: عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج ميسرة أبو معمر البصري المِنْقريّ، مولاهم، الحافظ الحجة، قال ابن معين: ثقة ثبت، وقال ابن الجُنَيْد، عن يحيى: ثقة نبيل عاقل، وقال يعقوب بن شيبة: كان ثقة ثبتًا صحيح الكتاب، وكان يقول بالقدر، وكان غاليًا على عبد الوارث. قال عليّ ابن المَدينيّ: قد كتبت كتب عبد الوارث عن عبد الصمد، يعني ابنه، وأنا أشتهي أن أكتبها عن أبي معمر.

وقال أبو داود: أبو معمر أثبت من عبد الصمد مرارًا، وقال العجليّ: ثقة، وكان يرى القدر. وقال أبو حاتم: صدوق متقن قوي الحديث، غير أنه لم يكن يحفظ، وكان له قدر عند أهل العلم. وقال أبو ذرٍّ: كان ثقة حافظًا. قال عبد الغني، يعني أنه كان متقنًا. وقال ابن خِراش: كان صدوقًا وكان قدَريًّا. وذكره ابن حبان في "الثقات".

روى عن عبد الوارث بن سعيد وهو راويته، وعبد الوهاب الثقفي، وعيثر بن القاسم أبي زَبيد وغيرهم، وروى عنه البُخاريّ وأبو داود، وروى له الباقون بواسطة، وروى عنه عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وعُبيد الله بن فضَالة، والفضل بن سَهل وأبو حاتم، وأبو زرعة، وأحمد بن منصور الرَّماديّ، ومحمد بن مسلم بن وارَةَ، ويعقوب بن شَيْبة وغيرهم. مات سنة أربع وعشرين ومئتين. وعبد الله بن عمر في الستة كثير، والمِنقريّ في نسبه تقدم في الخامس من بدء الوحي.

الثاني: عبد الوارث بن سعيد بن ذَكْوان بن التميمي العَنْبرىّ التَّنُّوريّ، أبو عُبيدة البَصريّ. قال ابن سعد: كان ثقة حجة، أحد الأعلام الحُفّاظ. وقال الذهبيّ: أجمع المسلمون على الاحتجاج به، وهو من مشاهير المحدثين ونبلائهم. أثنى شعبة على حفظه، وكان يحيى بن سعيد القطان يرجع إلى حفظه. وقال أبو زرعة: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق ممن يعد مع ابن عليّة، ووُهيب وبشر بن المُفضَّل يعد من الثقات، وهو أثبت من حمّاد بن سلمة. وقال النّسائي ثقة ثبت. قال معاذُ بن مُعاذ: سألت أبا يحيى بن سعيد:

ص: 222

شُعبة روى شيئًا من حديث أبي التَّياح؟ فقال: ما يمنعكم من ذلك الشاب، يعني عبد الوارث، فما رأيت أحدًا أحفظ الحديث أبي التَّياح منه.

وقال القوارِيرىَّ: كان يحيى بن سعيد يثبته، فإذا خالفه أحد من أصحابه قال ما قال عبد الوارث. وقال أحمد: كان عبد الوارث أصح حديثًا عن حسين المعلم، وكان صالحًا في الحديث. وقال معاوية بن صالح: قلت ليحيى بن معين: من أثبت شيوخ البصريين؟ فقال: عبد الوارث مع جماعة، سماهم. وقال عثمان الدارميّ عن ابن معين: هو مثل حمّاد بن زيد في أيوب. قلت: فالثقفي أحب إليك أو عبد الوارث؟ قال: عبد الوارث، قلت: فابن علية أحب إليك في أيوب أو عبد الوارث؟ قال: عبد الوارث.

وقال أبو عمر الجرْمىّ: ما رأيت فقيهًا أفصح منه إلا حمّاد بن سَلمة. وقال الحسن بن الربيع: سألت ابن المبارك، فقلت: كنا نأتي عبد الوارث بن سعيد، فإذا حضرت الصلاة، تركناه وخرجنا. فقال: ما أعجبني ما فعلت، وكان يُرمى بالقدر، قال عُبيد الله بن عُمير: قال لي إسماعيل بن علية: إذا حدثك عبد الوارث بحديث، وشد إسماعيل يده، أي خذْه، قال عبيد الله: لولا الرأي لم يكن به بأس. وقال أبو علي الموصلي: قلما جلسنا إلى حماد بن زيد إلا نهانا عن عبد الوارث، وجعفر بن سليمان. وقال ابن مَعين: ثقة إلا أنه كان يرى القَدَر، ويظهره. وقال السّاجيّ: الذي وضع منه القدرُ فقط. وقال: كان قدريًا صدوقًا متقنًا. وكان شعبة يطريه. وقال البخاريّ: قال عبد الصمد: إنه لمكذوب على أُبي، وما سمعته يقول في القدر، وكلام عمرو بن عبيد، قط شيئًا. وقال السّاجيّ: حدثنا علي بن أحمد: سمعت هُدْبة ابن خالد يقول: سمعت عبد الوارث يقول: ما رأيت الاعتزال قط. قال ابن حَجَر: يحتمل أنه رجع عنه، بل الذي اتضح لي أنهم اتهموه لأجل ثنائه على عمرو بن عبيد، فإنه كان يقول: لولا أني أعلم أن كل شيء روى عمرو بن عُبيد حق لما رويت عنه شيئًا قط. وأئمة الحديث كانوا يكذبون عمرو بن عبيد وينهون عن مجالسته. فمن هنا اتهُّم عبد الوارث. وقد احتج به الجماعة.

ص: 223

روى عن عبد العزيز بن صُهيب وشُعيب بن الحَبْحاب وأبي التَّياح، وأيوب السَّخْتِيانيّ، وخالد الحذاء، وحسين المعلم وسعيد بن أبي عَروبة وخلق كثير. وروى عنه الثَّوريّ وهو أكبر منه، وابنه عبد الصمد، وعفّان بن مُسلم، ومسدد، وعارم، وأبو معمر المُقعد، ويحيى بن يحيى النَّيْسابوريّ وخلق. بلغ سبعًا وثمانين سنة وأشهرًا. ومات في المحرم سنة ثمانين ومئة، وقيل في آخر ذي الحجة، فيكون سنه تسع وسبعين.

وعبد الوارث في الستة سواه ثلاثة: حفيده عبد الوارث بن عبد الصمد، وابن أبي حنيفة الكوفي، وابن عبيد الله العَتكيّ.

والعنبري في نسبه نسبة إلى ابن حي من تميم، وهو العَنْبر بن عمرو بن تميم، يقال: فيهم بَلْعَنْبر حذفوا منه تخفيفًا، كَبَلْحَرْث في بني الحارث، وهو كثير في كلامهم.

وأما التَّنوريّ في نسبه، فلعله نسبة إلى "تنور" جبل بالجزيرة، قرب المصيصة، وهي عين الوَردَة، وموجود في النسب إلى تنور أبو بكر محمد بن علي التَّنوريّ: سمع أبا الحسن المَلْطي، وأبا جعفر بن المُسْلمة. وحدث بشيء يسير. وذكره أبو الفضل بن ناصر فأثنى عليه، وأبو مُعاذ أحمد بن إبراهيم الجُرْجانيّ التَّنُّوريّ ثقة.

الثالث: خالد بن مِهران، بكسر الميم، الحذّاء، أبو المنازل البَصرْيّ، مولى قريش وقيل مولى بني مجاشع، قال ابن سعد: كان ثقة، ولم يكن حذّاء، ولكن كان يجلس إليهم، وقال فهد بن حَبّان: إنما كان يقول "احْذُ هذا النحو" فلقب الحذّاء قال: وكان خالد ثقة مهيبًا كثير الحديث، وكان قد استعمل على العشور بالبصرة، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال العجليّ: بصري ثقة، وقال الأثرم عن أحمد: ثبت، وقال ابن معين: ثقة، وكذلك قال النّسائي، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وعن أبي شهاب، قال: قال لي شُعبة: عليك بحجّاج بن أرطأة ومحمد بن إسحاق، فإنهما

ص: 224

حافظان واكتم عليّ عند البصريين في خالد الحذّاء، وهشام. قال يحيى: وقلت لحماد بن زيد: فخالد الحذّاء؟ قال: قدم علينا قدمة فكأنا أنكرنا حفظه. وقال عبّاد بن عبّاد: أراد شعبة أن يقع في خالد فأتيته أنا وحماد بن زَيد، فقلنا له: مالك، أجننت؟ وتهددناه، فسكت، وقال العقيليّ عن أحمد بن حنبل: قيل لابن عليّة في حديث كان خالد يرويه، فلم يلتفت إليه ابن عليّة، وضعف أمر خالد، قال الذهبي: ما خالد في المثبت بدون هشام بن عروة، وأمثاله.

قال ابن حجر: والظاهر أن كلام هؤلاء فيه من أجل ما أشار إليه حماد ابن زيد من تغيرُّ حفظه بآخره، أو من أجل دخوله في عمل السلطان. روى عن أبي عثمان النَّهديّ وأبي قلابة، وأنس ومحمد، وحفصة أولاد سيرين، وأبي العالية والحسن وسعيد ابني أبي الحسن البصري، وعكرمة وعطاء بن أبي رَبَاح، وخلق.

وروى عنه الحمّادان وابن عليّة والثَّوريّ وشعبة، سعيد بن أبي عَروبة. وحدث عنه شيخه محمد بن سيرين، وأبو إسحاق السَّبيعيّ والأعمش، ومنصور وابن جُريج وغيرهم، ممن هو مثله أو أكبر منه. مات سنة إحدى وأربعين ومئة، وقيل: سنة اثنتين. وكل ما كان من مُنازل، فهو بضم الميم، إلا يوسف بن مَنازل، فهو بفتحها، لكن قال الباجيّ: قرأت على الشيخ أبو ذرٍّ الهَرَوي في كتاب "الكُنى والأسماء" لمسلم خالد بن مِهران أبو المَنازل، بفتح الميم، وكذا ذكره في سائر الباب، والضمّ أظهر، وليس في الستة خالد بن مِهران سواه، وأما خالد فهو كثير.

الرابع: عكرمة بن عبد الله، مولى عبد الله بن عباس، أبو عبد الله المَدَني، البرْبريّ، كان لحصين بن أبي الحُرّ العَنْبريّ، فوهبه لابن عباس. لما ولي البصرة لعلي. مات ابن عباس وهو مملوك، فباعه ابنه عليّ من خالد بن معاوية، بأربعة آلاف دينار، فقال له عكرمة: بعت علم أبيك بأربعة آلاف دينار؟ فاستقاله، فأقاله، وأعتقه. وكالن جوالاً في البلاد، قال يزيد النَّحويّ

ص: 225

عن عكرمة، قال لي ابن عباس: انطلق فافتِ الناس، وأنا لك عون. قال. فقلت له: لو أن هذا الناس مثلهم مرتين لأفتيتهم، قال: فانطلق فافتهم، فمن جاءك يسألك عما يعنيه، فافته، ومن سألك عما لا يعنيه، فلا تفته، فإنك تطرح عنك ثلثي مُؤْنة الناس.

وقال الفرزدق بن جَوّاس: كنا مع شِهْر بن حَوْشَب بجُرْجان، فقَدِم علينا عكرمة، فقلنا لشِهر: ألا نأتيه؟ فقال: ائتوه، فإنه لم يكن أمة إلا كان لها حَبْر، وإن مولى ابن عباس حَبْر هذه الأمة. وقال داود بن أبي هند عن عكرمة: قرأ ابن عباس هذه الآية:! {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا} [الأعراف: 164] لم أدر نجا القوم أو هلكوا؟ قال: فما زلت أُبين له حتى عرف أنهم قد نجوا، فكساني حلة. وقال عمرو بن دينار: دفع إليَّ جابر بن زيد مسائل أسال عنها عكرمة، وجعل يقول: هذا عكرمة مولى ابن عباس، هذا البحر فسلوه. وقال ابن عُيينة: كان عكرمة إذا تكلم في المغازي فسمعه إنسان قال: كأنه مشرف عليهم ينظر إليهم. وقال مغيرة: قيل لسعيد بن جُبير: تعلم أحدًا أعلم منك؟ قال: نعم، عكرمة. وقال الشعبي: ما بقي أعلم بكتاب الله من عكرمة.

وقال سعيد بن أبي عرُوبة عن قَتادة: كان أعلم التابعين أربعة: عطاء وسعيد بن جُبير وعكرمة والحسن. وقال قتادة: أعلمهم بالتفسير عكرمة، فأقعدوه، فجعلوا يسألونه عن حديث ابن عباس. وقال حبيب بن أبي ثابت: اجتمع عندي خمسة: طاوس ومجُاهد وسعيد بن جُبير وعكرمة وعطاء، فأقبل مجاهد وسعيد يسألان عكرمة عن التفسير، فلم يسألاه عن آية إلا فسرّها لهما، فلما نفد ما عندهما، جعل يقول: أُنزلت آية كذا في كذا، وأُنزلت آية كذا في كذا. وقال أيوب: لو قلت لك إن الحسن ترك كثيرًا من التفسير حين دخل علينا عكرمة البصرة، حتى خرج منها، لصدقت. وقال الثَّوريّ: خذوا التفسير عن أربعة: فذكره فيهم، وقال يحيى بن أيّوب المصريّ: سألني ابن جُريج: هل كتبتم عن عكرمة؟ قلت. لا، قال: فاتكم ثلث العلم. وقال

ص: 226

أيوب: كنت أريد أن أرحل إلى عكرمة، فإني لفي سوق البصرة، إذ قيل هذا عكرمة، قال: فقمت إلى جنب حماره، فجعل الناس يسألونه، وأنا أحفظ. وقال: لم يكن عندي ثقة لم أكتب عنه. وقال حبيب بن أبي ثابت: مر عكرمة بعطاء وسعيد بن جبير فحدثهم، فلما قام قلت لهما: تنكران مما حدث شيئًا؟ قالا: لا. وقال حمّاد بن زيد عن أيوب: قال عكرمة: رأيت هؤلاء الذين يكذبوني من خلفي، أفلا يكذبوني في وجهي؟ فإذا كذبوني في وجهي، فقد والله كذبوني.

وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان من علماء زمانه بالفقه والقرآن. وكان جابر بن زيد يقول: عكرمة من أعلم الناس، ولا يحب لمن شم رائحة العلم أن يعرج على قول يزيد بن أبي يزيد. وقال عثمان الدراميّ: قلت لابن معين: فعكرمة أحب إليك عن ابن عباس أو عبيد الله؟ فقال: كلاهما، ولم يخير. قلت: فعكرمة أو سعيد بن جُبير؟ قال: ثقة وثقة. ولم يخير، قال: فسألته عن عكرمة بن خالد هو أصح حديثًا أو عكرمة مولى ابن عباس؟ فقال: كلاهما ثقة.

وقال ابن معين: إذا رأيت إنسانًا يقع في عكرمة وحمّاد بن سلمة، فاتهم على الإِسلام. وقال ابن المديني: لم يكن في موالي ابن عباس أكثر علمًا من عكرمة، عكرمة من أهل العلم.

وقال العجلي: مكيّ تابعيّ ثقة، بريء مما يرميه الناس من الحَرَورِية. وقال البخاريّ: ليس أحد من أصحابنا إلا وهو يحتج بعكرمة. وقال أبو عبد الله محمد بن نصر المَرْوزيّ: قد أجمع عامة أهل العلم بالحديث على الاحتجاج بحديث عكرمة، واتفق على ذلك رؤساء أهل العلم بالحديث من أهل عصرنا، منهم أحمد بن حنبل، وابن راهَوَيه، ويحيى بن معين، وأبو ثور. ولقد سألت إسحاق بن راهَويه عن الاحتجاج بحديثه فقال: عكرمة عندنا إمام الدنيا، تعجب من سؤالي إياه، ويحيى بن معين، سأله بعض الناس عن الاحتجاج به، فأظهر التعجب. وقال أبو عبد الله: وعكرمة قد ثبتت عدالته

ص: 227

بصحبته ابن عباس، وملازمته إياه، وبأن غير واحد من العلماء قد رووا عنه وعَدَّلوه. وكل رجل ثبتت عدالته لم يقبل فيه تجريح أحد، حتى يبين ذلك عليه بأمر لا يحتمل غير جرحه.

وقال ابن مَنْده في صحيحه: أما حال عكرمة في نفسه، فقد روى عنه أئمة من نبلاء التابعين، فمن بعدهم، وحدثوا عنه، واحتجوا بمفاريده، في الصفات والأحكام. روى عنه زُهاء ثلاث مئة رجل من البلدان فيهم زيادة على سبعين رجلًا من خيار التابعين ورفعائهم. وهذه منزلة لا تكاد توجد لكثير أحد من التابعين، على أن من جرحه من الأئمة لم يمسك عن الرواية عنه، ولم يستغنوا عن حديثه، وكان يُتلقى حديثه بالقبول، ويحُتج به قرنًا بعد قرن، وإماما بعد إمام، إلى وقت الأئمة الأربعة، الذين أخرجوا الصحيح، وميزوا ثابته من سقيمه، وخطأه من صوابه، وأخرجوا روايته، وهم البخاريّ ومسلم وأبو داود والنّسائي، فأجمعوا على إخراج حديثه، واحتجوا به، على أن مسلمًا كان أسوأهم فيه رأيًا. وقد أخرج عنه مقرونًا، وعدَّله بعد أن جرَّحه، وقد تكلم فيه بعض العلماء.

وقال ابن حَجَر في مقدمته: فأما أقوال من وهّاه فمدارها على ثلاثة أشياء: على رميه بالكذب، وعلى الطعن فيه بأنه كان يرى رأي الخوارج في التكفير بالمعصية، وعلى القدح فيه بأنه كان يقبل جوائز الأمراء. فهذه الأوجه الثلاثة عليها يدور الطعن فيه، فأما البدعة، فإن ثبتت عليه فلا تضر حديثه؛ لأنه لم يكن داعية، مع أنها لم تثبت عليه، وإنما تكُلِّم فيه بها، لأنه وقد على نجْدة الحَرَويّ، فأقام عنده تسعة أشهر، ثم رجع إلى ابن عباس، فسلم عليه، فقال: جاء الخبيث. قال يحيى بن معين: ولهذا تركه مالك. ولم يثبت عليه من وجه قاطع أنه كان يرى رأيهم، ولكنه كان يوافق في بعض المسائل، فنسبوه إليهم.

وقد برأه أحمد والعَجْلِيّ من ذلك، فقال العجلي في كتاب "الثقات" له: عكرمة مولى ابن عباس مكيّ تابعيَّ ثقة، بريء مما يرميه الناس به من

ص: 228

الحَرَوْرِية. وقال ابن جَرير: لو كان كل من ادعي عليه مذهبٌ من المذاهب الرديئة ثبت عليه ما ادّعي به، وسقطت عدالته، وبطلت شهادته بذلك لزم ترك أكثر محدثي الأمصار؛ لأنهم ما منهم إلا وقد نسبه قوم إلى ما يرغب عنه به. وأما قبول الجوائز فلا يقدح إلا عند أهل التشديد، وجمهور أهل العلم على الجواز. وقد صنف في ذلك ابن عبد البرّ. وهذا الزُهْرِيّ قد كان في ذلك أشهر من عكرمة، ومع ذلك لم يترك أحد الرواية عنه بسبب ذلك، وأما الطعن عليه بالكذب فأشد ما روي فيه عن ابن عمر أنه قال لنافع: لا تكذب عليّ، كما كذب عكرمة عن ابن عباس. ورُوي أيضا عن سعيد بن المُسَيّب أنه قال لمولاه بُرْدٍ ذلك. وروي عن يزيد بن أبي يزيد أنه قال: دخلت على علي بن عبد الله بن عباس وعكرمة مقيَّد، فقلت: ما لهذا؟ فقال: إنه يكذب على أبي. وقيل فيه غير ذلك.

فأما قول ابن عمر، فلم يثبت عنه؛ لأنه من رواية يحيى البَكّاء، ويحيى البكاء متروك الحديث، ومن المحال أن يُجْرح العدل بكلام المجروح. ولو ثبت عنه، كان محتملا لأوجه عديدة، لا يتعين منه القدح في جميع روايته، فيمكن أن يكون أنكر عليه مسألة من المسائل، كذَّبه فيها، لأنه روي عن ابن عمر أنه انكر عليه الرواية عن ابن عباس في الصرف، وذلك لا يوجب قدحًا. فقد روى الثقات عن سالم بن عبد الله بن عمر أنه قال: إذا قيل له: إن نافعا مولى ابن عمر حدث عنه في مسألة "الاتيان المحلّ المكروه" كذب العبد على أبي، ولم ير ذلك جرحًا في نافع، فكذلك عكرمة.

وأيضًا فإن أهل الحجاز يطلقون كذَب على "أخطأ" فقد روي أن عُبادة ابن الصّامت قال: كذب أبو محمد، لمّا أخبر أنه يقول: الوِتر واجب، وأبو محمد لم يقله رواية ، وإنما قاله اجتهادًا. والاجتهاد لا يقال فيه "كذب". وإنما يقال فيه "خطأ"، وأما ما روي عن ابن المُسَيّب فلا يبعد أن يكون ما حكي عنه مثل ما حكي عن ابن عمر، وأما ما روي عن علي بن عبد الله

ص: 229