الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من حديث النعمان في معناه، وزاد "حتى لو أن رجلًا بالسوق لسمعه".
وفي الحديث التغليظ في الإنكار والتكرار للمبالغة، ورفع الصوت في المناظرة بالعلم، ودليل على وجوب غسل الرجلين وهو الإسباغ لا المسّ بالماء. وأما قوله تعالى {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6] وإن كان ظاهره على قراءة الجر عطفَه على الرؤوس، فيجب تأويله بالعطف على المجاورة، نحو قولهم: هذا حُجْرُ ضبٍ خَرِبٍ، بجر خرِبٍ. ويجوزعطف قراءة الجر على الرؤوس.
ويحمل المسحُ على مسح الخف، أو على الغسل الخفيف الذي تسميه العرب مسحًا. وعبر به في الأرجل طلبا للاقتصاد، لأنها مَظَنَّة الإسراف، لغسلها بالصَّبِّ عليها. والحامل على ذلك الجمعُ بين القراءتين. قال ابن خُزَيمة: لو كان الماسح مؤديًا للفرض لما تُوُعِّد بالنار. وأشار بذلك إلى ما في كتب الخلاف عن الشيعة: أن الواجب المسح أخذًا بظاهر قراءة {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6] بالخفض.
وقد تواترت الأخبار عن النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، في صفة وضوئه، أنه غسل رجليه، وهو المبيّن لأمر الله. وقد قال في حديث عَمرو ابن عَنَبْسَة الذي رواه ابن خُزيمة وغيره مطولًا، في فضل الوضوء:"ثم يغسل قدميه، كما أمره الله تعالى" ولم يثبت عن أحد من الصحابة خلاف ذلك إلا عن علي وابن عباس وأنس. وقد ثبت عنهم الرجوع عن ذلك. قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: أجمع أصحاب رسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم، على غسل القدمين. رواه سعيد بن منصور. وقال الطَّحاوِيُّ وابن حزم: إن المسح منسوخ.
رجاله خمسة:
الأول: أبو النُّعمان، وقد مر في الأخير من كتاب الإيمان، ومر عبد الله بن عمر في الثالث منه أيضًا، ومر أبو عوانة في الرابع من بَدء الوحي. الرابع جعفر بن إياس:
وهو ابن أبي وَحْشِيَّةَ أبو بِشْرِ، اليَشْكُريُّ الواسطيُّ بصريُّ الأصل. قال
ابن مُعين وأبو زَرعة وأبو حاتم والعَجْلِيّ والنَّسَائي ثقة. وقال البَرْدِيجِيّ: كان ثقة، وهو من أثبت الناس في سعيد بن جبير. وقال علي بن المَدِيني: سمعت يحيى بن سعيد يقول: كان شُعْبَةُ يُضَعِّفُ أحاديث أبي بشر عن حبيب بن سالم، وقال أحمد: أبو بِشْر أحبُّ إليّ من المُنْهال. قلت: مِنَ المُنهال؟ قال: نعم شديدا أبو بشر أوثق. قال أحمد: وكان شُعْبَةُ يقول: لم يَسمع أبو بِشر من حَبِيب بن سالم. وقال أيضًا: كان شُعبة يُضَعِّف حديث أبي بشر عن مُجَاهِد. قال: لم يسمع منه شيئًا.
وقال ابن عَدِيّ: أرجو أنه لا بأس به. وقال ابنُ سعد: كان ثقة كثيرَ الحديث. قال ابن حَجَر: لم يُخَرّج له الشيخان من حديثه عن مجاهد، ولا عن حبيب بن سالم شيئًا. وقال في الخلاصة: حديثه عن مجاهد في البخاري ومسلم في الجمع.
روى عن عَبّاد بن شرَحْبيل اليَشْكُريّ، وله صحبة، وسعيد بن جُبَيْر، وعطاء وعِكْرمَة، ومجاهد، ويوسف بن ماهَك، وعبد الرحمن بن أبي بَكْرَة، وأبي نَضْرة العَبْدِيّ وجماعة، وروى عنه الأعمش وأيّوب، وهما من أقرانه، وداود بن أبي هند، وشُعْبَةُ وغَيْلانَ بن جامع، وأبو عُوانة، وهشيْم. وخالد بن عبد الله الواسِطِيّ، وعدة.
مات ساجدًا خلف المقام سنة ثلاث وعشرين ومئة، وقيل: سنة ست وعشرين، وليس في الستة جَعْفَرُ بن إيَاس سواه. وأما جعفر، فجمَاعة، واليَشْكُرِيّ في نسبه نسبة إلى يَشْكُر، ويشكر اثنان: يَشْكُرُبن عليّ بن بَكر ابن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصي بن دُعْمِيّ بن جَدِيْلَة بن أَسَد بن رِبِيعة، ويَشْكُر بن مُبشِّر بن صَعْب في الأزْد.
الخامس:
يوسف بن ماهك بن بِهزْاد، بضم الباء الموحدة. وقيل بكِسرها، الفارسيّ المكِيّ، مولى قريش. والصحيح أنه غير يوسف بن مَهْران. قال ابن مُعين والنَّسائي: ثقة. وقال ابن خراش. ثقة عَدْل. وذكره ابن حبان في
الثقات. وقال ابن سعد: كان ثقةً قليلَ الحديث، روى عن أبيه وأبي مُسَيْكةَ، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمر، وعائشة، وحكيم بن حِزام، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن صَفْوان، وحفصة بنت عبد الرحمن ابن أبي بكر، وأرسل عن أُبَيّ بن كَعْب، وروى عنه عطاء بن أبي رباح، وهو من أقرانه، وأيوب وأبو بشِر وحُمَيْد الطويل وابن جُريْج وإبراهيم بن مُهاجر، ويعلي بن حكيم، وجعفر بن سليمان الضَّبعِيّ وآخرون.
مات سنة عشرة ومئة، وقيل: سنة ثلاث عشرة أو أربع عشرة، وقيل: سنة ثلاث ومئة. وليس في الستة يوسف بن ماهك سواه. وماهك، غير منصرف للعلمية والعُجمة. وفي رواية الأصيلي: منصرف. ولعله لاحظ فيه الوصف لأن ماهك معناه القُمير.
قال العيني: والتحقيق فيه أن من يُمنع فيه الصرف يلاحظ فيه العلمية والعجمة. أما العلمية فظاهرة، وأما المعجمة فإن ماهك بالفارسية تصغير ماه، وهو القمر بالعربية، وقاعدتهم أنهم إذا صغروا الاسم أدخلوا في آخره الكاف. وأما من يصرفه، فإنه يلاحظ فيه معنى الصفة، لأن التصغير من الصفات، والصفة لا تجامع العلمية؛ لأن بينهما تضادٌ، فيبقى الاسم بعلة واحدة، فلا يُمنع من الصرف. ولو جُوِّز الكسر في الهاء كان عربيًا صرفًا، فلا يُمنع من الصرف أصلًا؛ لأنه حينئذ، اسم فاعل من مَهكتُ الشيء أمْهَكهُ مهْكًا، إذا بالغتُ في سحقه، أو يكون من مُهْكة الشباب، بالضم، وهو امتلاؤه وارتواؤه ونماؤه. ويمكن أن يقال: إنه عربيّ مع كون الهاء مفتوحة، بأن يكون علمًا منقولًا من ماهَكَ، وهو فعل ماضٍ من المُماهكة، وهو الجهد في الجماع من الزوجين، فعلى هذا لا يجوز صرفه أصلًا للعلمية ووزن الفعل.
وقال الدارقطنّي: ماهك اسم أمه، والأكثر على أنه اسم أبيه، واسم أمه مُسَيْكة، فعلى قول الدارقطنيّ يمنع من الصرف أصلًا للعلمية والتأنيث.