الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أربعة أحاديث، ومن روايته عن سعيد بن حُبيرِ حديثًا واحدًا، ومن روايته عن سعيد المَقْبَريّ عن أبي هُريرة حديثًا واحداً، واحتج به الباقون.
روى عن أنس بن مالك ومولاة المطَّلب، وعِكْرِمة وسعيد بن جبير، والأعرج وغيرهم. وروى عنه مالك بن أنس وسُليمان بن بلال، وعبد الرحمن بن أبي الزِّناد ويزيد بن الهادّ وغيرهم. مات سنة خلافة المنصور، في أولها، وكانت أول سنة ست وثلاثين ومئة، وزياد بن عبد الله على المدينة. وفي الستة عمرو بن عمرو أبو الزَّعْراء الجُشَيِميّ.
لطائف إسناده:
منها أن فيه التحديث بصيغة الجمع والإفراد، والعنعنة، ورواته كلهم مدنيّون، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ. أخرجه البخاريُّ هنا، وفي صفة الجنة عن قتيبة، والنَّسائيّ في العلم عن علي بن حَجَر.
ثم قال المصنف.
باب كيف يقبض العلم
باب بالتنوين، وفي فرع اليُوْنينيَّة بغير تنوين، مضافًا لكيف، أي كيفيةُ قبضِهِ برفعِه، وموتِ العلماء الحاملين له. ثم ذكر تعليقًا فقال:
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حَزْم: انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاكتبه فإني خفت دروس العلم، وذهاب العلماء، ولا تقبل إلا حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ولْتُفْشوا العلم، وليَجْلسوا حتى يعلم من لا يعلم، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرًا.
قوله: "وكتب" في رواية ابن عساكر قال: أي، البخاري "وكتب" وقوله:"انظر ما كان" أي اجمع ما تجد، وفي رواية الكَشْمَيهنيّ "انظر ما كان عندك" أي في بلدك، فكان على الرواية الأُولى تامة، وعلى الثانية ناقصه. وعندك هو الخبر. وقوله:"فأكتبه" يستفاد منه ابتداء تدوين الحديث النبويّ. وكانوا قبل ذلك يعتمدون على الحفظ، فلما خاف عمر
ابن عبد العزيز، وكان على رأس المئة الثانية، من ذهاب العلم بموت العلماء، ورأى أن في تدوينه ضبطًا له وإبقاءً.
وقد روى أبو نعيم في تاريخ أصبهان هذه القصة بلفظ "كتب عمر إلى الآفاق: انظروا حديث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فاجمعوه". وقوله: "ولا يقبل". بضم المثناة التحتية، وسكون اللام وفي بعض النسخ بالرفع، على أن "لا" نافيه وفي بعضها "تَقْبلْ" بفتح المثناة الفوقية على الخطاب مع الجزم، وقوله: وَلْيُفشوا العلم وليجلسوا" بضم المثناة التحتية في الأول، من الإِفشاء، وفتحها في الثاني من الجلوس، لا من الإجلاس مع كسر اللام وسكونها فيهما معًا وفي رواية ابن عساكر "ولتفشوا ولتجلسوا" بالمثناة الفوقية فيهما.
وقوله: "حتى يُعلم" بضم المثناة التحتية، وتشديد اللام المفتوحة وللكَشْمَيْهنيّ "يعْلم" بفتحها وسكون العين وتخفيف اللام، من العلم، وقوله:"فإن العلم لا يهْلِك" بفتح أوله وكسر ثالثه، من باب ضرب، وقد تفتح. وقوله:"حتى يكون سرًا" أي خفية، كاتخاذه في الدار المحجورة التي لا يتأتى فيها نشر العلم، بخلاف المساجد والجوامع والمدارس ونحوها. وهذا التعليق يأتي عقبة موصولًا، وسنده اثنان: الأول عمر بن عبد العزيز أحد الخلفاء الراشدين، مر في أول كتاب الإيمان في الأثر الأول قبل ذكر حديث منه.
والثاني: أبو بكر بن حَزْم، وهو ابن محمد بن عمرو بن حَزْم، الأنصاريّ الخزرجيّ البخاريّ القاضي، المدنيّ. يقال: اسمه أبو بكر، وكنيته أبو محمد. وقيل: اسمه كنيته. قال ابن معين وابن خراش: ثقة، وذكره ابن حِبان في الثقات، وقال عطّاف بن خالد عن امرأة أبي بكر بن حزم قالت: ما اضطجع أبو بكرٍ على فراشه منذ أربعين سنة بالليل، وقال محمد بن عليّ بن شافع: قالوا لعمر بن عبد العزيز: استعملت أبا بكر غرك بصلاته. فقال: إذا لم يَغرَّني المصلون فمن يغرني؟ قال: وكانت سجدته
قد أخذت جبهته وأنفه. وذكره ابن عديّ في محدّثي أهل المدينة، والواقديّ في ثقاتهم. وقال: كان ثقة كثير الحديث.
وقال مالك: لم يكن عندنا بالمدينة أحد عنده من علم القضاء ما كان عند أبي بكر بن محمد بن حزم، وكان ولاه عمر بن عبد العزيز، وكتب له من العلم ما عند عمرة بنت عبد الرحمن، والقاسم بن محمد. ولم يكن بالمدينة أنصاري أمير غير أبي بكر بن حزم، وكان قاضيًا وقال أيضًا: ما رأيت مثل أبي بكر بن حزم أعظم مروءةً ولا أتم حالًا، ولا رأيت مثل ما أرى.
ولي المدينة والقضاء والموسم لسليمان بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز، وسئل يحيى بن مُعين عن حديث عثمان بن حكيم عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم، قال: عرضت على النبي
…
فقال: مرسل. روى عن أبيه، وأرسل عن جده، وروى عن خالته عَمْرة بنت عبد الرحمن، وخالدة بنت أنس، ولها صحبةٌ، والسائب بن يزيد، وعمر بن عبد العزيز، وخلق. وروى عنه ابناه عبد الله، ومحمد وابن عمه محمد بن عُمارة بن عمرو بن حزم، وعمرو بن دينار، وهو أكبر منه، والزُّهريّ، ويحيى بن سعيد الأنصاريّ، وخلق كثير. وله أخ اسمه عثمان. وأخت اسمها أم كلثوم، وأمهم كَبْشَة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زُرارة. مات سنة مئة، وفيها أقام الحج، وقيل: مات سنة عشر ومئة، وقيل سنة عشرين ومئة، في خلافة هشام بن عبد الملك، وهو ابن أربع وثمانين سنة.
وليس في الستة أبو بكر بن محمد سواه إلا واحد، وهو أبو بكر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أحد فقهاء المدينة السبعة، كل منهما اسمه أبو بكر وله كنية، فهو كنيته أبو محمد، والثاني كنيته أبو عبد الرحمن. قال الخطيب لا نظير لهما، يعني ممن اسمه أبو بكر وله كنية، وأما من اشتهر
بكنيته، ولم يعرف له اسم غيرها فكثير، ثم ذكر البخاري هذا التعليق موصولًا فقال:
حدثنا العلاء بن عبد الجبار قال: حدثنا عبد العزيز بن مسلم عن عبد بن دينار بذلك، يعني حديث عمر بن عبد العزيز، إلى قوله ذهاب العلماء.
وفي رواية الأصيلي: قال أبو عبد الله، أي البخاري: حدثنا العلاء بن عبد الجبار. ولم يقع هذا التعليق موصولًا في رواية الكشَمْيهنيّ وكريمة وابن عساكر، وأشار بهذا إلى أنه روى أثر عمر بن عبد العزيز موصولًا ولكنه إلى قوله "ذهاب العلماء" فسر ذلك بقوله: يعني حديث عمر بن عبد العزيز، إلى قوله "ذهاب العلماء" قال في "الفتح": يحتمل أن يكون ما بعده ليس من كلام عمر، أو من كلامه ولم يدخله في هذه الرواية. والأول أظهر، وبه صرح أبو نعيم في "المستخرج"، ولم أجده في مواضع كثيرة إلا كذلك، وعلى هذا فبقيته من كلام المصنف. أورده تلو كلام عمر، ثم بين أن ذلك غاية ما انتهى إليه كلام عمر.
ولعل المصنف أخر إسناد كلام عمر بن عبد العزيز عن كلامه، لكونه لم يطلَّع عليه إلا بعد وضع هذا الكلام، فألحقه بالأخير.
رجاله ثلاثة: الأول العلاء بن عبد الجبار أبو الحسن البصريّ العطَّار الأنصاريّ، مولاهم، سكن مكة، أخرج البخاري من رواية إسحاق بن إبراهيم، وأبي الهيثم في العلم، عنه عن عبد العزيز بن مسلم هذا الأثر، ولم يخرج عنه غيره. قال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال العَجْلِيّ: ثقة، وقال ابن سعد: كان كثير الحديث. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال النَّسائي: ليس به بأس، وفي الزهرة روى عنه البخاري حديثين. توفي سنة اثنتي عشرة ومئتين روى التَّرمْذِي والنَّسائي وابن ماجة عن رجل عنه، ولم يخرج مسلم له شيئًا.
الثاني: عبد العزيز بن مسلم القسْملِي، مولاهم، أبو زيد،
المَرْوَزي، البصريّ. ذكره ابن حبان، وقال: أصله من مرو. وقال ابن مُعين وابن نُمير والعَجْلي: ثقة. وقال أبو حاتم: صالح الحديث ثقة، وقال أبو عامر: حدثنا عبد العزيز، وكان من العابدين. وقال يحيى بن إسحاق: حدثنا عبد العزيز، وكان من الأبدال، وقال يحيى بن حسَّان: كان من أفاضل الناس، وقال ابن خراش: صدوق. وقال ابن حبان أيضًا: ربما وهم فأفحش.
روى عن أبي إسحاق الهَمْدانيّ، وعبد الله بن دينار، ويحيى بن سعيد الأنصاري، والاعمش، وابن عَجْلان وغيرهم. وروى عنه ابن مَهْدِيّ، وأبو عامر العَقْدي، وعبد الصمد بن عبد الوارث، والعلاء بن عبد الجبار وغيرهم. مات سنة سبع وستين ومئة في ذي الحجة، وليس في الستة عبد العزيز بن مسلم سواه إلا ابن مسلم الأنصاري، مولى آل رفاعة، والقسملي في نسبه مر الكلام عليه في التاسع والعشرين من كتاب الإيمان.
الثالث: عبد الله بن دينار، وقد مر في الثاني من كتاب الإيمان.