الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الترغيب في إنجاز الوعد والأمانة، والترهيب من إخلافه
ومن الخيانة والغدر، وقتل المعاهد أو ظلمه
1 -
وَعنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: تَقَبَّلُوا (1) لِي سِتَّاً أَتَقَبَّلْ لَكُمْ (2) بِالْجَنَّةِ: إِذَا حَدَّثَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَكْذِبْ، وَإِذَا وَعَدَ فَلَا يُخْلِفْ، وَإِذَا ائْتُمِنَ فَلَا يَخُنْ، الحديث. رواه أَبو يعلى والحاكم والبيهقي، وتقدم في الصدق.
2 -
وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: اضْمَنُوا ليَ سِتَّاً أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ: اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ، وأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ، وأَدُّوا إِذَا ائْتُمِنْتُمْ، الحديث. رواه أحمد وابن حبان في صحيحه والحاكم والبيهقي وتقدم.
3 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ مِنْ أُمَّتِهِ: اكْفُلُوا لِي (3) بسِتٍّ أَكْفُلْ لَكُمْ بِالجَنَّةِ، قُلْتُ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: الصَّلَاةُ، والزَّكاةُ، والأَمَانَةُ، والْفَرْجُ، والْبَطْنُ، واللِّسَانُ. رواه الطبراني في الأوسط بإِسناد لا بأس به.
(1) افعلوا ستاً بانشراح صدر وقبول.
(2)
أتقبل كذا د وع ص 255 - وفي ن هم أقبل، والمعنى: حافظوا على هذه الثلاثة ليتحتم دخولكم الجنة بفضل الله:
أ - الصدق.
ب - الوفاء.
جـ - الأمانة.
(3)
تحملوا بها: أي أدوا الصلاة، وأنفقوا، وأخرجوا الزكاة: وحافظوا على ما ائتمنتم عليه، ولا تفعلوا الفواحش: أي لا تزنوا، وكلوا من الطيبات: أي الحلال، واحفظوا اللسان عن الكلام القبيح، وبه تسلمون من العقاب.
4 -
وَعَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قالَ: حَدَّثَنا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ في جَذْرِ قلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ نَزَلَ الْقُرْآنُ، فَعَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ، وَعَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ، ثُمَّ حَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِ الأَمَانَةِ، فَقَالَ: يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ، فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ الرَّجُلُ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِنْ أَثَرِ المَجْلِ كَجَمْرٍ دَحْرَجَتَهُ عَلَى رِجْلِك فنَفَطَ، فَتَراهُ مُنْتَبِرَاً، وَلَيْسَ فِيهِ شَيءٌ ثمَّ أَخَذَ حَصَاةً فَدَحْرَجَهَا عَلَى رِجْلِهِ فَيُصْبِحُ النّاسُ يَتَبَايَعُونَ لا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ حَتَّى يُقَالَ: إِنَّ في بَنِي فُلَانٍ رَجُلاً أَمِيناً، حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ: مَا أَظْرَفَهُ مَا أعْقَلَهُ، وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ (1) مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمانٍ. رواه مسلم وغيره.
[الجذر] بفتح الجيم وإِسكان الذال المعجمة: هو أصل الشيء.
[والوكت] بفتح الواو وإسكان الكاف بعدها تاء مثناة: هو الأثر اليسير.
[المجل] بفتح الميم وإسكان الجيم: هو تنفط اليد من العمل وغيره.
[وقوله: مُنتبراً] بالراء: أي مرتفعاً.
القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة
5 -
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قالَ: الْقَتْلُ في سَبِيلِ اللهِ (2) يُكَفِّرُ الذُّنُوبَ (3) كُلَّهَا إِلَاّ الأَمَانَةَ قالَ: يُؤْتَى العَبْدُ يَوْمَ الْقِيامَةِ، وَإِنْ قُتِلَ في سَبيلِ اللهِ، فَيقَالُ: أَدِّ أَمَانَتَكَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ كَيْفَ، وقَدْ ذَهَبتِ الدُّنْيَا، فَيُقَالُ: انْطَلِقُوا بِهِ إِلى الهَاوِيَةِ (4)، فَيُنْطَلَقُ بِهِ إِلى الْهاوِيَةِ، وَتُمَثَّلُ لَهُ أَمَانَتُهُ كَهَيْئَتِهَا يَوْمَ دُفِعَتْ إِلَيْهِ، فَيَراهَا فَيَعْرِفُها، فَيَهْوِي في أَثَرِهَا حَتَّى يُدْرِكَهَا، فَيَحْمِلُهَا عَلى مَنْكِبَيْهِ حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ خَارِجٌ قلْت عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَهُوَ يَهْوِي في أَثَرِهَا أَبَدَ الآبِدِينَ، ثُمَّ قَالَ:
(1) حبة كذا ط وع ص 277 - 2 وكذا الجذر، وفي ن د: ذرة، وفي ن ط: الجذع.
(2)
محاربة الأعداء لنصر دين الله تعالى.
(3)
يزيل الخطايا.
(4)
جهنم لزيادة عمقها وبعد غورها.
الصَّلَاةُ أَمَانَةٌ (1)، وَالْوُضُوءُ أَمَانَةٌ (2)، وَالْوَزْنُ أَمَانَةٌ (3)، وَالْكَيْلُ أَمَانَةٌ، وَأَشْيَاءُ عَدَّدَهَا، وَأَشَدُّ ذَلِكَ (4) الْوَدَائِعُ (5). قال: يعني زذان: فأتيت البراءَ بن عازب فقلت: ألا ترى إِلى ما قال ابن مسعود؟ قال: كذا، قال: صدق. أَمَا سَمِعْتَ اللهَ يَقُولُ "إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلى أَهْلِهَا" رواه أحمد والبيهقي موقوفاً، وذكر عبد الله بن الإِمام أحمد في كتاب الزهد أَنه سأل أباه عنه فقال: إسناد جيد.
6 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَا إِيمانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ (6)، وَلَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا طَهُورَ لَهُ، الحديث. رواه الطبراني، وتقدم في الصلوات.
7 -
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قالَ: كُنَّا جُلُوسَاً مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَطَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعَالِيَةِ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ: أَخْبِرْني بِأَشَدِّ شَيْءٍ في هذَا الدِّينِ وأَلْيَنِهِ؟ فَقَالَ: أَلْيَنُهُ (7) شَهادَةُ (8) أَنْ لا إِلهَ إِلَاّ اللهُ، وأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وأَشَدُّهُ (9) يَا أَخَا الْعَالِيَةِ الأَمَانَةُ، إِنّهُ لا دِينَ لِمَنْ لا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا صَلاةَ لَهُ، وَلَا زَكَاةَ لَهُ. الحديث رواه البزار.
8 -
وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: إِذا فَعَلَتْ أُمَّتِي خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً، فَقَدْ حَلَّ بِهَا الْبَلَاءُ. قِيلَ: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: إِذَا كانَ
(1) تركها خيانة ونكث بوعده، قال تعالى:(ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قالوا بلى) من سورة الأعراف. اعتراف بالربوبية له سبحانه وتعالى.
(2)
فعله بفروض وسننه.
(3)
وفاؤه بالحق كاملاً.
(4)
وأصعب ذلك في العقاب، وأكثر في الآلام.
(5)
الأشياء المتروكة لحفظها ولصونها، يقال: ودعته أدعه: تركته والوديعة فعلية بمعنى مفعولة، وأودعت زيداً مالاً: دفعته إليه ليكون عنده وديعة وجمعها ودائع، واشتقاقها من الدعة، وهي الراحة، واستودعته مالاً: دفعته له وديعة يحفظه، من الدعة: الراحة وخفض العيش.
(6)
نفى صلى الله عليه وسلم الإيمان عن الخائن الغادر كما نفى الصلاة عن غير المتوضئ.
(7)
أيسره وأسهله النطق بالشهادتين والإقرار بهما.
(8)
شهادة كذا د وع ص 278 - 2 وفي ن ط: أشهد.
(9)
أكثر عناية وأصعب تحفظاً الودائع تستحق الرعاية وأداءها كاملاً، وقد نفى صلى الله عليه وسلم الدين عن الخائن فلم تهذبه صلاة ولم يقبل منه عمل صالح وترد زكاته، وقد قيل: يكمل الإنسان بالعقل والشجاعة والحلم، والسخاء، والبيان، والتواضع ليكون سيد قومه وتجمع هذه الصفات الأمانة، لأن الأمين محبوب =
المَغْنَمَ (1) دُوَلاً (2)، وَإِذَا كَانَتِ الأَمَانَةُ مَغْنَمَاً، والزَّكَاةُ مَغْرَماً (3)، وأَطَاعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ (4)، وعَقَّ أُمَّهُ (5)، وبَرَّ صَدِيقَهُ (6)، وَجَفا أَبَاهُ (7)، وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ في الْمَسَاجِدِ (8)، وَكَانَ زَعِيمُ الْقَوْمِ (9) أَرْذَلَهُمْ (10)، وأُكْرِمَ الرَّجُلُ مَخَافَةَ شَرِّهِ (11)، وَشُرِبَتِ الْخَمْرُ، وَلُبِسَ الْحَرِيرُ، واتُّخِذَتِ الْقَيْنَاتُ (12) والْمَعَازِفُ (13)،
وَلَعَنَ آخِرُ (14) هَذِهِ الأُمَّةِ أَوَّلَهَا، فَلْيَرْتَقِبُوا عِنْدَ ذَلِكَ رِيحاً حَمْرَاءَ (15)، أَوْ خَسْفاً (16) أَوْ مَسْخاً (17).
= عند الله والناس، ملهم بالتوفيق مسدد شريف النفس، مستقيم الخطة. إن الأمين لا يكذب ولا يداهن ولا يمالق. لأن نفسه نقية غير ملوثة بأدران الرذائل. فطرة الله التي فطر الناس عليها، لأنه تعود على عزة النفس وإباء الضيم ونقاء الضمير وصدق القول، ولأنه يخشى الله في جميع أطواره.
(1)
الغنيمة واكتساب الخيرات من العدو، الشيء المعطى يعد غنيمة وتحسب الوديعة مكسباً يضن بردها من ائتمن ويستسيغها، وينتفع بها ويملكها ظلماً.
(2)
جمع دولة بالضم، وهو ما يتداول من المال فيكون لقوم دون قوم.
(3)
تعد غرامة وضريبة لا بد منها فتخرج بالقوة والقسر.
(4)
مشى في هواها فجرته إلى المعاصي.
(5)
عصاها وأهانها ولم يكرمها.
(6)
وأحسن إليه دون والديه.
(7)
لم يوده ولم يطعه وقطع بره.
(8)
كثر اللغو فيها.
(9)
رئيس وعظيم.
(10)
أكثرهم قباحة وقل أدبه وساء خلقه.
(11)
لشدة فجوره يعطى خشية انتقامه، ولا يجد من يردعه أو يؤدبه وضيع الحق وطغى الجبار.
(12)
المغنيات من الإماء، المفرد قينة: أي أمة، والآن باصطلاح المدنية الفاسدة كمريرة، أي خدامة سرير: أي يسترسل المسلم شهواته ويترك النكاح الحلال ويتمتع بالنساء بلا عقد شرعي، ويتهاون في حقوق الله، ومن صفات الصالحات كما قال تعالى:[ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما (68) يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا (69) إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً] من سورة الفرقان.
(13)
آلات الطبل واللهو الغناء، والمعنى يكثر من الطرب ويقبل على الملاهي وينسى حقوق الله ..
(14)
أي ذم أهل هذا الزمن السلف الصالح والصحابة والأبرار والعاملين التابعين، ومن حذا حذوهم، وهذا كثير الآن، نرى المتشدقين يتركون الصلاة ويتحذلقون في كلامهم ويشدون النكير على من سبق من الأولياء الصالحين، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
(15)
إذا وجدت هذه الخصال يمر عليهم هواء كله سموم وأمراض، وغارات جوية كلها آفات تهلك الحرث. والنسل فتنتشر الدودة وتفتك بالزروع والثمار.
(16)
اهتزاز الأرض وانقلاب أطرافها فتتهدم المنازل على أصحابها وتقل الأضواء، من خسف المكان: غار في الأرض، وخسف القمر: ذهب ضوؤه.
(17)
قلب الخلقة من شيء إلى شيء كما مسخت القردة من بني إسرائيل، قال تعالى:[فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنصرين] 81 من سورة القصص.
وقال تعالى: [وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعداً] 59 من سورة الكهف.
وقال تعالى: [فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما =
رواه الترمذي، وقال: لا نعلم أحداً روى هذا الحديث عن يحيى بن سعيد الأنصاري غير الفرج بن فضالة.
9 -
وفي رواية للترمذي من حديث أبي هريرة: إِذَا اتُّخِذَ الْفَيْءُ دُوَلاً (1) وَالأَمَانَةُ مَغْنَمَاً، والزَّكَاةُ مَغْرَمَاً، وَتُعُلِّمَ لِغَيْرِ دِينٍ (2)، وَأطَاعَ الرَّجُلُ اَمْرَأَتَهُ، وَعَقَّ أُمَّهُ، وأَدْنَى صَدِيقَهُ (3)، وأَقْصَى أَبَاهُ (4) وَظَهَرَتِ الأَصْوَاتُ في المَسَاجِدِ، وَسَادَ (5) الْقَبِيلَةَ فَاسِقُهُمْ وَكَانَ زَعِيمُ الْقَوْمِ أَرْذَلَهُمْ، وَأُكْرِمَ الرَّجُلُ مَخَافَةَ شَرِّهِ، وَظَهَرَتِ القِيْناتُ والمَعَازِفُ، وَشُرِبَتِ الْخُمُورُ، وَلَعَنَ آخِرُ هذِهِ الأُمَّةِ أَوَّلَهَا فَلْيَرْتَقِبُوا عِنْدَ ذَلِكَ رِيحاً حَمرَاءَ، وخَسْفاً وَمَسْخاً وقَذْفاً (6)، وآيَاتٍ تَتَابَعُ (7) كَنِظَامٍ بَال قُطِعَ سِلْكُهُ فَتَتَابَعَ. قال الترمذي: حديث غريب.
= كان يفسقون (165) فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين (166)، وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن بربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم (167)] من سورة الأعراف.
لقد ترك بعض الناس آداب الدين ظهرياً فضلوا وأضلوا واتبعوا شهواتهم ولم يقتدوا بالصلحاء ولم يتوسموا مناهج العلماء العاملين وزاد الاعتداء فعم البلاء بسبب فسقهم. (عتوا) تكبروا عن ترك ما نهوا عنه (ليبعثن) ليسلطن على اليهود الإذلال وضرب الجزية. قال البيضاوي: وقد بعث الله عليهم بعد سيدنا سليمان عليه السلام بختنصر فخرب ديارهم، وقتل مقاتليهم وسبى نساءهم وذراريهم وضرب الجزية على من بقي منهم، وكانوا يؤدونها إلى المجوس حتى بعث الله سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم ففعل ما فعل ثم ضرب عليهم الجزية فلا تزال مضروبة إلى آخر الدهر (لسريع العقاب) عاقبهم في الدنيا (لغفور) لمن تاب وآمن أهـ.
تفكر في أخبار المسلمين الآن 1955 م في العالم تجد ذلاً وأسراً. لماذا؟ لأنهم تركوا تعاليم كتاب الله، وسنة نبيه، ووالله لو اتبعنا آداب ديننا كما أمر الله ورسوله لزادت النعم، وذهبت الآفات وكثر الخير، ووضعت البركة في الربح والأولاد ولتمتعنا بصنوف الحرية كما قال الله تعالى: في كلامه العزيز [الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا: ألم نكن معكم، وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين، فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً](141) من سورة النساء.
تأمل هذه الآية واقرأها مراراً لتعرف سبب ذل المسلمين، هل تقطع يد السارق الآن؟ هل تقام الحدود على حسب دين محمد صلى الله عليه وسلم؟ هل نخلص لله في طاعته؟ هل نتحلى بمكارم الأخلاق؟ هل نجتنب الغيبة والنميمة؟ هل نتحد ونتصافى ونخلص في العمل؟.
(1)
المغانم.
(2)
أي كان تعليم العلوم، واجتناء المعارف لطلب الدنيا وزخارفها وجلب أموالها واكتساب الوظائف العالية، ولم يوصل العلم إلى معرفة لباب الدين وتقوى الله وصالح الأعمال.
(3)
قربه.
(4)
أبعد أبويه.
(5)
ترأس على طائفة من الناس.
(6)
سبّاً واسترسالاً في الشتائم والشرور، يقال قذف المحصنة قذفاً: رماها بالفاحشة والقذيفة: القبيحة، وهي الشتم، وقذف بقوله: تكلم من غير تدبر ولا تأمل، والمعنى اقتراف الذنوب يصرف الإنسان عن الجد والإتقان إلى هزل القول ورديئه ولغوه وسبابه، وانتشار العداوة بين النفوس.
(7)
علامات عذاب تترى وتنزل بكثرة كعقد تقطع فتناثر.
10 -
وَرُوِيَ عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ثلَاثٌ مُتَعَلِّقاتٌ بالْعَرْشِ (1): الرَّحِم تَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي بِكَ فَلَا أُقْطَعُ، والأَمَانَةُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي بِكَ فَلَا أُخَانُ، وَالنِّعْمَةُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي بِكَ فَلَا أُكْفَرُ. رواه البزار.
خيركم قرني
11 -
وَعَنْ عِمْرانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما عَن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: خَيْرُكُمْ قَرْنِي (2)،
ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ (3)، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ (4)، وَيَخُونُونَ (5) وَلا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَنْذِرُونَ (6) وَلا يُوفُونَ، وتَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ (7). رواه البخاري ومسلم.
(1) أي المستجيرة بالله طالبة الغوث منه تعالى راجية أن يحرسها بجلاله ويذب عنها بعظمته ما يؤذيها، والمراد تعظيم شأنها وفضيلة المعتنى بها:
أ - صلة الرحم.
ب - الأمانة.
جـ - النعمة تحتاج إلى شكر الله وإنفاق في سبيل الله تعالى.
(2)
خيركم قرني كذا د وع ص 279 - 2 وفي ن د: خير القرون: أي أفضل الأزمان عند الله تعالى عصري الذي وجدت فيه وعشت فيه لكثرة الرحمات وازدهار الإسلام وبزوغ شمسه الوضاءة في قلوب العاملين الأبرار. قال تعالى: [وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم] من سورة الأنفال.
فوجوده صلى الله عليه وسلم خير وبركة ونور وإرشاد، وقد نالت أمته صلى الله عليه وسلم الخيرية على الأمم السابقة بنسبتهم إليه صلى الله عليه وسلم واتباعه، فكيف لا يكون عصره أفضل العصور ما ضيها ومستقبلها؟ والقرن مائة سنة، أو جيل من الناس.
(3)
يتبعونهم بعد زمن محدد: أي الصحابة والتابعون وتابع التابعين، وبعد ثلثمائة سنة يكثر الفساد، وينتشر الضلال ويعم الشر.
(4)
لا تطلب منهم الشهادة فيقدمون أنفسهم زوراً وظلماً؛ والمعنى لا ضمير لهم يؤنبهم عن قول الباطل خوفاً من الله تعالى كما قال عز شأنه: [واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين به] من سورة الحج.
(5)
يؤدون الوديعة ناقصة ولا يحفظون الشيء الذي في ذمتهم تماماً.
(6)
يلزمون أنفسهم بأداء شيء لله تعالى على سبيل الوجوب، ولا يقومون به؛ ومعنى النذر التزام قربة غير لازمة بأصل الشرع، قال الله تعالى:[وليوفوا نذورهم] وشرطه أن يكون مكلفاً مسلماً مختاراً نافذ التصرف فيما ينذره، فلا يصح من صبي ومجنون، وكافر ومكره؛ ويصح من سكران متعد، ومن محجور عليه بسفه، ومفلس في القرب البدنية كالصلاة، ولا يصح في المالية من السفيه، ولا من المفلس في العينية، ويصح منه في الذمة، ويخرج بعد حقوق الغرماء، وأركانه: ناذر ومنذور وصيغة.
(7)
لا يهمهم في الحياة إلا ملء بطونهم بالملذات وأصناف الطعام والشراب، ولا يفعلون الواجب عليهم إزاء النذر. قال القسطلاني: لحرصهم على الدنيا يتمتعون بلذاتها فتسمن أجسامهم، وتكون ضخمة، وهذه من صفات الكفار كما قال تعالى:[والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم] 12 من سورة محمد صلى الله عليه وسلم.
12 -
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أبِي الْحَمْسَاءِ رضي الله عنه قالَ: بَايَعْتُ (1) رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِبَيْعٍ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ فَبَقِيَتْ لَهُ بَقِيَّةٌ وَوَعَدْتُهُ أَنْ آتِيَهُ بِهَا في مَكَانِهِ، فَنَسِيتُ (2)، ثُمَّ ذَكَرْتُ بَعْدَ ثَلَاثٍ، فِجِئْتُ، فَإِذَا هُوَ مَكَانَهُ (3) فَقَالَ: يَا فَتَى لَقَدْ شَقَقْتَ (4) عَلَيَّ، أَنَا هَهُنَا مُنْذُ ثَلاثٍ أَنْتَظِرُكَ. رواه أبو داود وابن أبي الدنيا في كتاب الصمت كلاهما عن إبراهيم بن طهمان عن بديل بن ميسرة عن عبد الكريم عن عبد الله بن شقيق عن أبيه عنه، وقال أبو داود: قال محمد بن يحيى: هذا عندنا عبد الكريم بن عبد الله بن شقيق. وقد ذكر عبد الله بن أبي الحمساء أبو علي بن السكن في كتاب الصحابة فقال: روى حديث إبراهيم بن طهمان عن بديل بن ميسرة عن ابن شقيق عن أبيه، ويقال عن بديل عن عبد الكريم المعلم، ويشبه أن يكون ما ذكره أبو عليّ من إسقاط عبد الكريم منه هو الصواب، والله أعلم.
آية المنافق ثلاث
13 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ (5)، إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ. رواه البخاري ومسلم.
وزاد مسلم في رواية له: وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ.
14 -
ورواه أبو يعلى من حديث أنس، ولفظُهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ
(1) اتفقت معه صلى الله عليه وسلم وعاهدته.
(2)
فنسيت كذا ط وع، وفي ن د: فنسيته: أي غفلت عن وعده صلى الله عليه وسلم.
(3)
ينتظر صلى الله عليه وسلم مدة ثلاثة أيام لم ينتقل عن موعده.
(4)
فعلت معي ما يوجب التعب والشقة وكثرة آلام الانتظار.
فانظر رعاك الله سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحافظ على الوفاء ويمكث ثلاثة أيام في انتظار من وعده، ذلك ليعلم أمته الوفاء، وليضرب صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في الوفاء بالوعد، وللمثقب العبدي الجاهلي:
لا تقولن إذا ما لم ترد
…
أن تتم الوعد في شيء نعم
حسن قول نعم من بعد لا
…
وقبيح قول: لا، بعد نعم
إن: لا بعد: نعم. فاحشة
…
فبلا فابدأ إذا خفت الندم
وإذا قلت نعم فاصبر لها
…
بنجاز الوعد إن الخف ذم
(5)
علامة التذبذب ونقص الإيمان:
أ - الكذب.
ب - خلف الوعد.
جـ - الخيانة.
عليه وسلم يَقُولُ: ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ، وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَحَجَّ واعْتَمَرَ، وَقَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ. فذكر الحديث.
أربع من كنّ فيه كان منافقاً خالصاً
15 -
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقاً خَالِصاً، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَها (1): إِذَا ائْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ (2)، وَإِذَا خَاصَمَ (3) فَجَرَ (4). رواه البخاري ومسلم.
16 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: إِذَا جَمَعَ اللهُ الأَوَّلِينَ والآخِرينَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ (5) لِوَاءٌ (6)، فَقِيلَ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانٍ (7) ابْنِ فُلانٍ، رواه مسلم وغيره.
17 -
وفي رواية لمسلم: لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعْرَفُ بِهِ، يُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانٍ.
18 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ، فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخيَانَةِ فَإِنَّها بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ. رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة.
19 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيَضاً رضي الله عنه قالَ: قالَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: قالَ الله تَعَالَى: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرَّاً فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيراً، فَاسْتَوفَى مِنْهُ الْعَمَلَ، وَلَم يُوَفِّهِ أَجْرَهُ. رواه البخاري.
20 -
وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْكٍ قالَ: رَأَيْتُ عَلِيّاً رضي الله عنه عَلى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَا واللهِ مَا عِنْدَنَا مِنْ كِتَابٍ نقْرَؤُهُ إِلَاّ كِتَابَ اللهِ، ومَا في هذِهِ الصَّحِيفَةِ
(1) يتركها.
(2)
عمل اتفاقاً فنكث ولم ينفذ.
(3)
اشتد غضبه.
(4)
فسق وانتقم أشد انتقام.
(5)
ناقض للعهد.
(6)
راية.
(7)
علامة غدره. قال القسطلاني: في الدنيا، وبذلك يشهر بالغدر ليذمه أهل الموقف.
فَنَشَرَهَا، فَإذَا فِيهَا أَسْنَانُ الإِبِلِ، وأَشْيَاءٌ مِنَ الْجِرَاحَاتِ، وَفِيهَا قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ذِمَّةُ الْمُسْلِمينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِماً، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ والملَائِكَةِ والنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَدْلاً وَلَا صَرْفاً (1) الْحَدِيث. رواه مسلم وغيره.
[يقال: أخفر بالرجل] إذا غدره ونقض عهده.
لا إيمان لمن لا أمانة له
21 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قالَ: مَا خَطَبَنا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَاّ قالَ: لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ (2)، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ. رواه أحمد والبزار والطبراني في الأوسط وابن حبان في صحيحه إِلا أَنه قالَ:
خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ في خُطْبَتِهِ: فذكر الحديث، ورواه الطبرانيّ في الأوسط والصغير من حديث ابن عمر، وتقدم.
22 -
وَعَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: مَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ إِلَاّ كَانَ الْقَتْلُ بَيْنَهُمْ (3)، وَلَا ظَهَرَتِ الْفَاحِشَةُ (4) في قَوْمٍ إِلَاّ سَلَّطَ عَلَيْهِمُ الْمَوْتَ (5)، وَلَا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكاةَ إِلَاّ حُبِسَ عَنْهُمُ الْقَطْرُ (6). رواه الحاكم، وقال صحيح على شرط مسلم.
23 -
وعن صفوانَ بن سُلَيم عن عدّة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عَنْ آبَائِهِمْ: أَنَّ رسُولَ اللهَ صلى الله عليه وسلم قالَ: مَنْ ظَلَمَ (7) مُعَاهَداً (8)، أَو انْتَقَصَهُ (9)، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ (10)، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئاً بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسِهِ، فَأَنَا
(1) فرضاً ولا نفلاً ولا توبة.
(2)
نفى صلى الله عليه وسلم الإيمان الكامل عن الخائن.
(3)
تنتشر بينهم البغضاء وتعم الحروب بسبب نكث ما عاهدوا الله عليه.
(4)
الزنا.
(5)
أي تنتشر جراثيم الأوبئة فتحصد بالأرواح حصدا.
(6)
منع عنهم التبخير وكثرة قطرات المطر فيجف ماء النيل، ولا تمطر السماء بسبب منع حقوق الله في أموالهم، ومنع الصدقات لله. أي ثلاثة سبب الخراب والدمار وإنزال الأمراض الفتاكة وجفاف الماء العذب وهي:
أ - نقض العهد.
ب - الزنا.
جـ - البخل والشح.
(7)
تعدى عليه وسلب حقوقه.
(8)
له عهد مع المسلمين بعقد جزية أو هدنة من سلطان أو أمان من مسلم.
(9)
أنقص ماله.
(10)
أتعبه ولم يتحمل.
حَجِيجُهُ (1) يومَ الْقِيَامَةِ. رواه أبو داود. والأبناء مجهولون.
24 -
وَعَنْ عَمْرو بْنِ الْحَمِقِ رضي الله عنه قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: أَيُّمَا رَجُلٍ أَمَّنَ رَجُلاً عَلَى دَمِهِ ثُمَّ قَتَلَهُ، فَأَنَا مِنَ الْقَاتِلِ بَرِيءٌ (2)، وَإِنْ كانَ الْمَقْتُولُ كافِراً، رواه ابن ماجة وابن حبان في صحيحه، واللفظ له، وقال ابن ماجة فَإِنَّهُ يَحْمِلُ لِوَاءَ غَدْرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة
25 -
وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: مَنْ قَتَلَ نَفْساً مُعاهَدَةً بِغَيْرِ حَقِّها لَمْ يُرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَ الْجَنَّةِ لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ مِائَةِ عَامٍ (3).
26 -
وفي رواية: مَنْ قَتَلَ مُعاهَداً في عَهْدِهِ لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ. رواه ابن حبان في صحيحه، وهو عند أبي داود والنسائي بغير هذا اللفظ، وتقدم.
[قوله: لم يرح] قال الكسائي: هو بضم الياءِ، من قوله: أرحت الشيءَ فأنا أريحه إذا وجدت ريحه، وقال أبو عمرو: لم يرح بكسر الراءِ من رحت أريح إذا وجدت الريح، وقال غيرهما: بفتح الياء والراء، والمعنى واحد، وهو شم الرائحة.
27 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: أَلَا مَنْ قَتَلَ نَفْساً مُعَاهَدَةً لَهُ ذِمَّةُ اللهِ، وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، فَقَدْ أَخْفَرَ بِذِمَّةِ اللهِ، فَلَا يُرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسيرَةِ سَبْعِينَ خَرِيفاً (4). رواه ابن ماجة والترمذيّ،
(1) خصمه الذي أقيم الحجة على ظلمه، ففيه الترهيب من قتل أي إنسان مال إليه وسكن بجواره وأعطاه الضمان والأمان والاطمئنان أو أمنه الحاكم، وكذا لا يصح ظلمه وأخذ أمواله ونهبه وسلبه وسرقته وخيانته، وهكذا من المكارم التي تدل على حسن المعاملة وحسن الضيافة، وانطلاق الوجه والبشاشة والمودة وطيب السريرة وديمقراطية الإسلام.
(2)
غير منسوب إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم الخيانة ونقضه العهد.
(3)
أي مسافة شم رائحتها نحو السفر على ناقة مسرعة 100 سنة أو 500 أو 70.
(4)
سنة، يوصي صلى الله عليه وسلم بحسن الجوار وإكرام من يقصدك.
واللفظ له، وقال: حديث حسن صحيح.
الآيات الدالة على أداء الأمانات والوفاء بالعهد
أ - قال تعالى: [ومن أوفى بعهده (1) من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به، وذلك هو الفوز العظيم] 11 من سورة التوبة.
ب - وقال تعالى: [وأَوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها (2) وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً إن الله يعلم ما تفعلون] 91 من سورة النحل.
جـ - وقال تعالى: [وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا] 34 من سورة الإسراء.
د - وقال تعالى: [يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود] من سورة المائدة.
هـ - وقال تعالى: [وأوفوا بعهدي أوفِ بعهدكم وإياي فارهبون] 40 من سورة البقرة.
و- وقال تعالى: [ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين 75 فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون 76 فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون] 77 من سورة التوبة.
ز - وقال تعالى: [وما يضل به إلا الفاسقين 26 الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه (3) ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم المعتدون] 27 من سورة البقرة.
ح - وقال تعالى: [لا يرقبون في مؤمن إلا (4) ولا ذمة وأولئك هم المعتدون] 10 من سورة التوبة.
ط - وقال تعالى: [وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون (12) ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم يدعوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين (13)] من سورة التوبة.
ي - وقال تعالى: [إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها] من سورة النساء.
ك - وقال تعالى: [إنا عرضنا الأمانة (5) على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا] 72 من سورة الأحزاب.
ل - وقال تعالى: [والذين هم لآماناتهم وعهدهم راعون] 8 من سورة المؤمنون.
م - وقال تعالى: [يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون] 27 من سورة الأنفال.
ن - وقال تعالى: [واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيا] 54 من سورة مريم.
يا عجباً ابن آدم يتعهد بشيء تنوء من حمله السموات والأرض خشية من الله سبحانه وتعالى ولا يقوم به خير قيام [ظلوماً] لم يف بها ولم يراع حقها [جهولاً] كثير الجهل بكنه عاقبتها. قيل المراد بالأمانة الطاعة، وبحملها الخيانة فيها والامتناع عن أدائها. والظلم والجهالة الخيانة والتقصير. وقيل إنه تعالى لما خلق هذه الأجرام خلق فيها فهما وقال لها إني فرضت فريضة وخلقت جنة لمن أطاعني فيها وناراً لمن عصاني، فقلن: نحن مسخرات على ما خلقتنا لا نحتمل فريضة، ولا نبتغي ثواباً ولا عقاباً، ولما خلق آدم عرض عليه مثل ذلك فحمله، وكان ظلوماً لنفسه بتحمله ما يشق عليها، جهولاً بوخامة عاقبته.
_________
(1)
إن العهود والأيمان والعقود والمواثيق، معناها الوفاء بالعهد والوعد وأداء الأمانة والصدق، وكما يجب الوفاء بالعهد مع الخالق جل وعلا بأداء المأمورات واجتناب المنهيات يجب الوفاء به مع المخلوق.
(2)
توثيقها، والكفيل الشاهد والمراقب.
(3)
توكيده وتوثيقه.
(4)
العهد، وهو الذمة.
(5)
التكاليف التي عاهدنا الله تعالى على القيام بها، وعرضها على السموات والأرض مع امتناعها من الحمل تمثيل لأهميتها وعظمتها.