الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترغيب في دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب سيما المسافر
1 -
عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ رضي الله عنها قالَتْ: حَدَّثَنِي سَيِّدِي أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ
= الواقي المانع كل أذى. قال النسفي: بيان الذي يوسوس على أن الشيطان ضربان: جني وإنسي كما قال تعالى: [شياطين الجن والإنس] وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال لرجل: هل تعوذت بالله من شيطان الإنس؟ روي أنه صلى الله عليه وسلم سحر فمرض فجاءه ملكان، وهو نائم، فقال أحدهما لصاحبه ما باله؟ فقال: طب، قال: ومن طبه؟ قال بيد بن أعصم اليهودي، قال: وبم طبه؟ قال بمشط ومشاطة في جف طلعة تحت راعوفة في بئر ذي أروان فانتبه صلى الله عليه وسلم فبعث زبيراً وعلياً وعماراً رضي الله عنهم فنزحوا ماء البئر، وأخرجوا الجف فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان من مشطه، وإذا فيه وتر معقد فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالإبر فنزلت هاتان السورتان فكلما قرأ جبريل آية انحلت عقدة حتى قام صلى الله عليه وسلم عند انحلال العقدة الأخيرة كأنما نشط من عقال، وجعل جبريل يقول: باسم الله أرقيك والله يشفيك من كل داء يؤذيك، ولهذا جوز الاسترقاء بما كان من كتاب الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، لا بما كان بالسريانية والعبرانية، والهندية فإنه لا يحل اعتقاده والاعتماد عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا وأقوالنا أهـ.
نقلت هذا لأستدل على التعوذ بالله، وذكر اسمه سبحانه ينفع ويحفظ ويطرد المؤذين بإذنه جل جلاله، قال تعالى:[والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم (2)] من سورة محمد صلى الله عليه وسلم.
قال البيضاوي: أي حالهم في الدين والدنيا بالتوفيق والتأييد، وقال تعالى:[أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم (14)] من سورة محمد.
وقال تعالى: [إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم (25)] من سورة محمد.
(سول) سهل لهم اقتراف الكبائر وحملهم على اتباع الشهوات ومد لهم في الآمال والأماني فأمهلهم الله تعلى ولم يعاجلهم بالعقوبة. ولقد جربت فائدة الاستعاذة به سبحانه وتعالى وأكثرت من ذكره سبحانه وتعالى صباحاً:
أ - يا لطيف.
ب - يا حكيم.
جـ - يا أرحم الراحمين.
د - أعوذ بكلمات الله التامات.
هـ - المعوذتين والإخلاص وآية الكرسي والآيتين من آخر سورة البقرة.
و- لإيلاف قريش. السورة.
ز -[لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم (128) فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم (129)] من سورة التوبة.
فشعرت بحفظ الله طيلة اليوم، قال تعالى:[ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير (14) هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور (15) أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور (16) أم أمنتم من السماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير؟ (17)] من سورة الملك.
اللطيف: أي العالم بدقائق الأشياء. الخبير العالم بحقائق الأشياء، وفيه إثبات خلق الأقوال فيكون دليلاً على خلق أفعال العباد، وقال تعالى:[أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض؟] من سورة النمل.
قال النسفي: الاضطرار افتعال من الضرورة. وهي الحالة المحوجة إلى اللجا. والمضطر الذي أحوجه مرض أو فقر أو نازلة من نوازل الدهر إلى اللجا والتضرع إلى الله تعالى، أو المذنب إذا استغفر، أو المظلوم إذا دعا أو من رفع يديه ولم ير لنفسه غير التوحيد، وهو منه على خطر. السوء الضر أو الجور (خلفاء) يتوارثون الأرض في التصرف فيها أهـ. ومن فعله سبحانه الحفظ ومنع الأذى.
صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: إِذَا دَعَا الرَّجُلُ لأَخِيهِ (1) بِظَهْرِ الْغَيْبِ قالَتِ الملَائِكَةُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ (2). رواه مسلم وأبو داود واللفظ له.
[قال الحافظ]: أمّ الدرداء هذه هي الصغرى تابعية، واسمها هجيمة، ويقال: جهيمة بتقديم الجيم، ويقال: جمانة ليس لها صحبة إنما الصحبة لأم الدرداء الكبرى، واسمها خيرة وليس لها في البخاري ولا مسلم حديث قاله غير واحد من الحفاظ.
2 -
وَرُويَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: دَعْوَتَانِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ اللهِ حَجَابٌ (3):
دَعْوَةُ المظْلُومِ، وَدَعْوَةُ المرْءِ لأخيهِ بِظَهْرِ الغَيْبِ. رواه الطبراني.
إن أسرع الدعاء إجابة دعوة غائب لغائب
3 -
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعاص رضي الله عنهما أَنّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: إِنّ أَسْرَعَ الدُّعَاءِ إِجَابةً (4) دَعْوَةُ غَائِبٍ لِغائِبٍ. رواه أبو داود والترمذي كلاهما من رواية عبد الرحمن بن يزاد بن أنعم، وقال الترمذي: حديث غريب.
4 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الوَالِدِ، وَدَعْوَةُ المظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ (5) رواه أبو داود والترمذي في موضعين وحسنه في أحدهما والبزار، ولفظه قالَ:
(1) قال تعالى: [والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم (10)] من سورة الحشر.
الدعاء لأخيه المسلم وهو غائب يريد له الخير، ويتمنى له التوفيق والإرشاد إلى الصواب والحكمة والإتقان.
قال المناوي: أي الملك الموكل بنحو ذلك كما يرشد إليه تعريفه أهـ أي أدعو الله أن يجعل لك مثل ما دعوت به لأخيك، وإرادة الإخبار بعيدة، والمراد بالغائب: الغائب عن المجلس أهـ جامع صغير ص 118.
(2)
ولك بمثل كذا ط وع ص 306 - 2 أي الله يعطيك لنفسك كما تحب وترضى لأخيك، وفي ن د: بمثله على سبيل الاستظهار والتساند وفعل القوة والتظاهر والتعاون والتساعد.
(3)
مانع: أن تصعدان إلى الله جل وعلا فيجيبهما:
أ - دعاء المستغيث الذي ظلم وضاع حقه وهضم وأوذي.
ب - الدعاء للغائب.
(4)
أدعاها إلى القبول دعوة غائب لغائب كذا ط وع، وفي ن د: دعوة لغائب.
(5)
أي ثلاثة ترجى فيهن الإجابة لصدورها بإخلاص القادر العظيم: دعاء الوالد والمظلوم والمسافر سفر طاعة ومصلحة مفيدة.