الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترهيب من المرور بقبور الظالمين وديارهم ومصارعهم مع الغفلة عما أصابهم، وبعض ما جاء في عذاب القبر ونعيمه وسؤال منكر ونكير عليهما السلام
1 -
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ لأَصْحَابِهِ: يَعْنِي لَمَّا وَصَلُوا الْحِجْرَ دِيَارَ ثَمُودَ (1) لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلَاّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ لَا يُصِيبُكُمْ (2) مَا أَصَابَهُمْ. رواه البخاري ومسلم.
لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين
2 -
وفي رواية قالَ: لَمَّا مَرَّ النَّبِيُّ صلى اللهُ علهي وسلم بِالْحِجْرِ قالَ: لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ إِلَاّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، ثُمَّ قَنَعَ (3) رَأْسَهُ وَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أَجَازَ الْوَادِيَ.
فصل
3 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا فَذَكَرَتْ عَذَابَ الْقَبْرِ فَقَالَتْ لَهَا: أَعَاذَكِ اللهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. قالَتْ عَائِشَةُ: فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه
(1) مساكن ثمود: قبيلة أرسل إليهم سيدنا صالح عليه السلام. قال تعالى: [قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب (61)] من سورة هود.
(2)
خشية أن يقع بكم العذاب. قال النووي: بمناسبة مرورهم في غزوة تبوك، وفيه الحث على المراقبة عند المرود بديار الظالمين ومواضع العذاب، ومثله الإسراع في وادي محسر لأن أصحاب الفيل هلكوا هناك أهـ ص 595 جـ 2 مختار الإمام مسلم.
يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحيطة من مصاحبة الظالمين وعدم الذهاب إلى أماكنهم، وإذا مررنا نحوها أسرعنا فارين من عذاب الله خشية أن يلحق بنا ما أصابهم كما قال تعالى:
أ -[ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون (113)] من سورة هود.
ب -[ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون (52)] من سورة يونس.
(3)
رفع بميل، قال النووي: ساق ناقته سوقاً كثيراً حتى خلفها (ثم زجر فأسرع حتى خلفها) أي جاوز المساكين.
وسلم عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ عَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌّ. قالَتْ: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدُ - صَلَّى صَلاةً إِلَاّ تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. رواه البخاري ومسلم.
4 -
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: إِنَّ الْمَوءتَى لَيُعَذَّبُونَ في قُبُورِهِمْ حَتَّى إِنَّ الْبَهَائِمَ لَتَسْمَعُ أَصْوَاتَهُمْ. رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن.
5 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: لَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ عَذَابَ الْقَبْرِ. رواه مسلم.
القبر أول منزل من منازل الآخرة
6 -
وَعَنْ هَانِئٍ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانٍ قالَ: كانَ عُثْمَانُ رضي الله عنه إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ يَبْكِي حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ فَقِيلَ لَهُ: تَذْكُرُ الْجَنَّةَ والنَّارَ فَلَا تَبْكِي، وَتَذْكُرُ الْقَبْرَ فَتَبْكِي؟ فَقَالَ: إِنِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: الْقَبْرُ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الآخِرَةِ، فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ، وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ، قالَ: وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ مَنْظَراً قَطُّ إِلَاّ والْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ. رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، وزاد درزين فيه مما لم أره في شيء من نسخ الترمذي، قال هانئ: وَسَمِعْتُ عُثْمَانَ ينْشدُ عَلَى قَبْرٍ:
فَإِنْ تَنْجُ مِنْ ذِي عَظِيمَةٍ
…
وَإِلَاّ فَإِنِّي لا إِخَالُكَ (1) نَاجِياً
7 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ (2) إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ فَيُقَالُ: هذَا مَقْعَدُكَ (3) حَتَّى يَبْعَثَكَ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود دون قوله: فَيُقَالُ إِلى آخِره.
(1) لا أظنك.
(2)
بالصباح والمساء.
(3)
مكانك، قال النووي: فيه تنعيم للمؤمن وتعذيب للكافر حتى يحيي الله النفوس فتخرج من قبورها.
8 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قالَ: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يُسَلَّكُ عَلَى الْكَافِرِ في قَبْرِهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ تِنِّيناً (1) تَنْهَشُهُ وَتَلْدَغُهُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ فَلَوْ أَنَّ تِنِّيناً مِنْهَا نَفَخَتْ في الأَرْضِ مَا أَنْبَتَتْ خَضْرَاءَ. رواه أحمد وأبو يعلى، ومن طريقه ابن حبان في صحيحه، كلهم من طريق درّاج عن أبي الهيثم.
يسلط على الكافر في قبره تسعة وتسعون تنيناً الخ
9 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ فِي قَبْرِهِ لَفِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ فَيُرَحَّبُ لَهُ قَبْرَهُ سَبْعُونَ ذِرَاعاً، وَيُنَوِّرُ لَهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ أَتَدْرُونَ فِيمَا أُنْزِلَتْ هذِهِ الآيَةُ (2):[فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى] قالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْمَعِيشَةُ الضَّنْكُ؟ قالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قالَ: عَذَابُ الْكَافِرِ في قَبْرِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ يُسَلَّطُ عَلَيْهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ تِنِّيناً أَتَدْرُونَ مَا التِّنِينُ؟ سَبْعُونَ حَيَّةً لِكُلِّ حَيَّةٍ سَبْعُ رُؤُوسٍ يَلْسَعُونَهُ وَيَخْدِشُونَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. رواه أبو يعلى وابن حبان في صحيحه واللفظ له، كلاهما من طريق درّاج عن ابن حجيرة عنه.
10 -
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ فَتَّانَ الْقَبْرِ فَقَالَ عُمَرُ: أَتُرَدُّ عَلَيْنَا عُقُولُنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: نَعَمْ كَهَيْئَتِكَ الْيَوْمَ، فَقَالَ عُمَرُ بِفِيهِ الْحَجَرُ (3). رواه أحمد من طريق ابن لهيعة والطبراني بإسناد جيد.
11 -
وَعَنْ عَائشِةَ رضي الله عنها قالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ تُبْتَلى هذِهِ الأُمَّةُ
(1) أفاعي كبيرة عدها رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين حية.
(2)
قال تعالى [ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى (125) قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا (126) قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى (127) وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه لعذاب الآخرة أشد وأبقى (128)] من سورة طه.
أعمى البصر أو القلب، جاءتك الدلائل واضحة نيرة فعميت عنها وتركتها غير منظور إليها والآن تترك في العمى والعذاب، نجزي من أسرف بالانهماك في الشهوات والإعراض عن الآيات (ولم يؤمن) بل كذب بآيات ربه وخالفها، والحشر على العمى أشد من ضنك العيش، ولعله إذا دخل النار زال عماه ليرى محله أو مما فعله من ترك الآيات والكفر بها.
(3)
أي يلقم الفتان الحجر كأنه أفحم وأرتج عليه.
في قُبُورِهَا فَكَيْفَ بي وأَنَا امْرَأَةٌ ضَعِيفَةٌ. قالَ: [يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا (1) بِالْقَوْلِ الثّابِتِ في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفي الآخِرَةِ (2)]. رواه البزار، ورواته ثقات.
جواب المؤمن والكافر والمنافق حين يسألون في القبر
12 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ في قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ (3) إِذَا انْصَرَفُوا أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولانِ لَهُ: مَا كَنْتَ تَقُولُ في هذَا النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ؟ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلى مَقَعَدِكَ مِنَ النَّارِ أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ مَقْعَداً مِنَ الْجَنَّةِ، قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: فَيَراهُمَا جَمِيعاً، وَأَمَّا الْكَافِرُ أَوِ الْمُنَافِقُ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهِ، فَيُقَالُ: لَا دَرَيْتَ (4) وَلَا تَلَيْتَ ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلا الثّقَلَيْنِ (5). رواه البخاري واللفظ له، ومسلم.
13 -
وفي رواية: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذا وُضِعَ في قَبْرِهِ أَتَاهُ مَلَكٌ فيَقُولُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَعْبُدُ؟ فَإِنَّ اللهُ هَدَاهُ قالَ: كُنْتُ أَعْبُدُ اللهَ. فَيَقُولُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ في هذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ: هُوَ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، فَمَا يُسْأَلُ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا، فَيُنْطَلَقُ بِهِ إِلى بَيْتٍ كَانَ لَهُ في النَّارِ فَيُقَالُ لَهُ: هذَا كانَ لَكَ، وَلكِنَّ اللهُ عَصَمَكَ (6) فَأَبْدَلَكَ بِهِ بَيْتاً في الْجَنَّةِ فَيَرَاهُ فَيَقُولُ: دَعُوني حَتَّى أَذْهَبَ فَأُبَشِّرَ
(1) يديمهم عليه فيحفظون قواهم وينطقون بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله في الحياة ثابتين على الإيمان عاملين بآداب الإسلام. قال النسفي: حتى إذا فتنوا في دينهم لم يزلوا كما ثبت الذي فتنهم أصحاب الأخدود وغير ذلك.
(2)
الجمهور على أنه في القبر بتلقين الجواب وتمكين الصواب، فعن البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر قبض روح المؤمن فقال ثم تعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه في قبره فيقولان له: من ربك وما دينك ومن نبيك فيقول ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم، فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي، فذلك قوله:[يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت] ثم يقول الملكان: عشت سعيداً ومت حميداً نم نومة العروس.
(3)
صوت أحذيتهم [ويضل الله الظالمين] فلا يثبتهم على القول الثابت في مواقف الفتن، وتزل أقدامهم أول شيء وهم في الآخر أضل وأزل.
(4)
لا علمت ولا نطقت.
(5)
الإنس والجن.
(6)
ثبتك على الحق وأنطقك جواب الحكمة. يا رب هذا مقام العائذ بك. يرجف فؤادي وأنا أحبك وأحب رسولك فثبتني واجعل قبري روضة والمسلمين.
أهْلِي فَيُقَالُ لَهُ. اسْكُنْ. قالَ: وَإِنَّ الْكَافِرَ أَوِ الْمُنَافِقَ (1) إِذَا وُضِعَ في قَبْرِهِ أَتَاهُ مَلَكٌ فَيَنْتَهِرَهُ (2) فَيَقُولُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَعْبُدُ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، فَيُقَالُ: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ، فَيُقَالُ لَهُ مَا كَنْتَ تَقُولُ في هذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ: كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فَيَضْرِبُهُ بِمِطْرَاقٍ بَيْنَ أُذنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا الْخَلْقُ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ. ورواه أبو داود نحوه والنسائي باختصار، ورواه أحمد بإِسناد صحيح من حديث أبي سعيد الخدري بنحو الرواية الأولى وزاد في آخره: فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَحَدٌ يَقُومُ عَلَيْهِ مَلَكٌ في يَدِهِ مِطْرَاقٌ إِلَاّ هِيلَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: [يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ].
ما ورد في الاستعاذة من فتنة القبر وعذابه وفتنة الدجال
14 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ: جَاءَتْ يَهُودِيَّةٌ اسْتَطْعَمَتْ عَلَى بَابِي فَقَالَتْ: أَطْعِمُونِي أَعَاذَكُمُ اللهُ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَالِ وَمِنْ فِتْنَةِ عَذَابِ الْقَبْرِ، قالَتْ: فَلَمْ أَزَلْ أَحْبِسُهَا حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا تَقُولُ هذِهِ الْيَهُودِيَّةُ قالَ: مَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: تَقُولُ: أَعَاذَكُمُ اللهُ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ وَمِنْ فِتْنَةِ عَذَابِ الْقَبْرِ قالَتْ عَائِشَةُ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَفَعَ يَدَيْهِ مَدّاً يَسْتَعِيذُ بِاللهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ وَمِنْ فِتْنَةِ عَذَابِ الْقَبْرِ، ثُمَّ قالَ: أَمَّا فِتْنَةُ الدَّجَّالِ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلَاّ حَذَّرَ (3) أُمَّتَهُ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثْ لَمْ يُحَذِّرْهُ نَبِيٌّ أُمَّتَهُ: إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ اللهُ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، فَأَمَّا فِتْنَةُ الْقَبْرِ فَبِي يُفْتَنُونَ وَعَنِّي يُسْأَلُونَ فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ أُجْلِسَ في قَبْرِهِ غَيْرَ فَزِعٍ وَلَا مَشْعُوفٍ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ فَمَا كَنْتَ تَقُولُ في الإِسْلامِ؟ فَيُقَالُ: مَا هذَا الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ جاءَ بالْبَيِّنَاتٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَصَدَّقْنَاهُ فَيُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ (4) قِبَلَ النَّارِ فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يُحَطِّمُ بَعْضُهَا بَعْضاً فَيُقالُ لَهُ: انْظُرْ إِلى مَا وَقَاكَ اللهُ (5)، ثُمَّ تُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ إِلى الْجَنَّةٍ فَيَنْظُرُ إِلى
(1) المذبذب غير ثابت الإيمان كثير العصيان.
(2)
فيزجره.
(3)
خوف.
(4)
تفتح له ثغرة.
(5)
حفظك.
زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ لَهُ: هذَا مَقْعَدُكَ مِنْهَا، وَيُقَالُ: عَلَى الْيَقِينِ كنْتَ، وَعَلَيْهِ مِتَّ وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ السُّوءُ أُجْلِسَ في قَبْرِهِ فَزِعاً مَشْعُوفاً فَيُقالُ لَهُ: فَمَا كُنْتَ تَقُولُ؟ فَيَقُولُ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلاً فَقُلْتُ كمَا قَالُوا فَيُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ إِلى الْجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إِلى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلى مَا صَرَفَ اللهُ عَنْكَ، ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يُحَطِّمُ بَعْضها بَعْضاً، وَيُقَالُ: هذَا مَقْعَدُكَ مِنْهَا، عَلى الشَّكِّ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مِتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يُعَذَّبُ. رواه أحمد بإسناد صحيح.
[قوله] غير مشعوف، هو بشين معجمة بعدها عين مهملة وآخره فاء، قال أهل اللغة: الشعف، هو الفزع، حتى يذهب بالقلب.
15 -
وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فانْتَهَيْنَا إِلى الْقَبْرِ، وَلَمَّا يُلْحَدْ (1) بَعْدُ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُؤُوسِنَا الطَّيْرُ (2)، وَبِيَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ (3) بِهِ في الأَرْضِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثاً.
زاد في رواية وقالَ: إِن الْمَيِّتَ يَسْمَعُ خَفْقَ (4) نِعَالِهِمْ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (5) حِينَ يُقَالُ لَهُ: يَا هذَا مَنْ رَبُّكَ وَمَا دِينُكَ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟.
وفي رواية: وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللهُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: وَمَا دينُكَ؟ فَيَقُولُ: دِينِي الإِسْلامُ، فَيَقُولانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللهِ، فَيَقُولانِ لَهُ: وَمَا يُدْرِيكَ (6)؟ فَيَقُولُ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللهِ وآمَنْتُ وَصَدَّقْتُ.
(1) إلى الآن لم يلحد.
(2)
في هدوء وسكون كأنا نطرق لصيد الطير، كناية عن الصفاء وعدم الحركة.
(3)
يؤثر فيها بعصا فعل المفكر المهموم، أصله من النكت بالحصا ونكت الأرض بالقضيب.
(4)
صوت.
(5)
ذاهبين.
(6)
وما يعلمك؟ وقراءته في حياته تثبيت له وحفظ.
إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة الخ
زاد في رواية فذلك قَوْلُهُ: [يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفي الآخِرَةِ] فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ صَدَقَ عَبْدِي فَافْرُشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وافْتَحُوا لَهُ بَاباً إِلى الْجَنَّةِ فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا، وَيُفْسَحُ لَهُ في قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ، وَإِنَّ الْكَافِرَ فَذَكَرَ مَوْتَهُ قالَ: فَتُعَادُ رُوحُهُ في جَسَدِهِ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَان فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي: فَيَقُولانِ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ (1) لَا أَدْرِي فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ قَدْ كَذَبَ فَافْرُشُوهُ مِنَ النَّارِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ النَّارِ، وافْتَحُوا لَهُ بَاباً إِلى النَّارِ فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا، ويُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ (2) فِيهِ أَضْلاعُهُ.
زاد في رواية: ثُمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أَعْمَى أَبْكَمُ مَعَهُ مِرْزَبَّةٌ مِنْ حَدِيدٍ لَوْ ضَرَبَ بِهَا جَبَلاً لَصَارَ تُرَاباً فَيَضْرِبُهُ بِهَا ضَرْبَةً يَسْمَعُهَا مَنْ بَيْنَ الْمَشْرِقِ والْمَغْرِبِ إِلَاّ الثَّقَلَيْنِ فَيَصِيرُ تُرَاباً ثُمَّ تُعَادُ فِيهِ الرُّوحُ (3). رواه أبو داود، ورواه أحمد بإسناد رواتُهُ محتجٌّ بهم في الصحيح أطول من هذا، ولفظه قال:
خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فذَكَرَ مِثْلَهُ إِلى أَنْ قالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: اسْتَعِيذَوا (4) بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثَاً، ثُمَّ قالَ: إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ في انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ (5) مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، وَيَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عليه السلام حَتَّى يُجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إِلى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ قالَ: فَتَخْرُجُ فَتَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ في (6) السِّقَاءِ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا في يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ
(1) يظهر صوت الغفلة واللهو.
(2)
تتكسر وتتمزق.
(3)
يحيا ليذوق العذاب من جراء كفره أو عصيانه.
(4)
اطلبوا من الله الوقاية من عذاب القبر.
(5)
في الإشراق.
(6)
فم القربة.
كيف يكون حال المؤمن في القبر ومآله
حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا في ذَلِكَ الْكَفَنِ، وَفي ذلِكَ الْحَنُوطِ، وَيَخْرُجُ مِنْهُ كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ، وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، قالَ: فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ عَلى مَلأٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِلَاّ قَالُوا: مَا هذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ؟ فَيَقُولَانِ: فُلَانٌ ابْنُ فُلانٍ بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ التي كَانَ يُسَمَّى بِهَا في الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَيُفْتَحُ لَهُ فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرِّبُوهَا إِلى السَّمَاءِ التي تليها، حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَيَقُولُ اللهُ عز وجل: اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ (1)، وَأَعِيْدُوهُ إِلى الأَرْضِ في جَسَدِهِ فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولانِ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللهُ، فَيَقُولَانِ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: دِينِي الإِسْلامُ، فَيَقُولانِ: مَا هذَا الرَّجُلُ الّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللهِ، فَيَقُولَانِ: مَا يُدْرِيكَ؟ فَيَقُولُ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللهِ (2)، وَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُهُ فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ قَدْ صَدَقَ عَبْدِي فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وافْتَحُوا لَهُ بَاباً إِلى الْجَنَّةِ. قالَ: فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا (3) وَطِيبِهَا، وَيُفْسَحُ لَهُ في قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ.
قالَ: وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الثِّيَابِ، طَيِّبُ الرِّيحِ فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بالّذِي يَسُرُّكَ، هذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ الْحَسَنُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ؟ فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ فَيَقُولُ: رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ، رَبِّ أَقَمِ السَّاعَةَ، حَتَّى أَرْجِعَ إِلى أَهْلِي وَمَالِي. وَإِنّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ في انْقِطَاعٍ مِنَ الْدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ مَعَهُمُ الْمُسُوحُ (4) فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ؛ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلى سَخَطٍ مِنَ اللهِ، وَغَضَبٍ فَتَفَرَّقُ في جَسَدِهِ فَيَنْتَزِعُهَا (5) كَنَا يُنْتَزَعُ السَّفُودُ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا في يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا في تِلْكَ الْمُسُوحِ، وَتَخْرُجُ مِنْهَا
(1) في أعلى درجة في الجنة.
(2)
القرآن.
(3)
رائحتها ونسيمها.
(4)
مجارف من حديد.
(5)
فينتزعها كذا ط وع ص 431 - 2 وفي ن د فينزعها الملك: أي يشدها وفي المصباح: المسح البلاسي، والجمع المسوح مثل حمل وحمول.
كيف يكون حال الكافر في القبر ومآله؟
كَأَنْتَنِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلأٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِلَاّ قَالُوا: مَا هذِهِ الرِّيحُ الْخَبِيثَةُ؟ فَيَقُولُونَ: فُلانُ ابْنُ فُلَانٍ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ التي كَانَ يُسَمَّى بِهَا في الدُّنْيَا؛ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلَا يُفْتَحُ لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ (1) السَّمَاءِ، وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ (2) الْجَمَلُ في سَمِّ الْخِيَاطِ) فَيَقُولُ اللهُ عز وجل: اكْتُبُوا كِتَابَهُ في سِجِّينٍ في الأَرْضِ السُّفْلَى، ثُمَّ تُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحاً، ثُمَّ قَرَأَ:[وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ (3) مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ (4) أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ في مَكَانٍ سَحِيقٍ (5)] فَتُعَادُ رُوحُهُ في جَسَدِهِ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي. قالَ: فَيَقُولانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي.
قالَ: فَيَقُولانِ لَهُ: مَا هذَا الرَّجُلُ الّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ كَذَبَ فَأَفْرِشُوهُ مِنَ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَاباً إِلى النَّارِ. فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفُ فِيهِ أَضْلاعُهُ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُولُ: أَبشِرْ بالّذِي يَسُوؤُكَ، هذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ الْقَبِيحُ يُجِيءُ بِالشَّرِّ! فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيبُ، فَيَقُولُ: رَبِّ لَا تُقِمِ السَّاعَةَ.
وفي رواية له بمعناه وزاد: فَيَأْتِيهِ آتٍ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِهَوَانٍ مِنَ اللهِ وَعَذَابٍ مُقِيمٍ، فَيقُولُ: بَشَّرَكَ اللهُ بِالشَّرِّ، مَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ:
(1) لأدعيتهم وأعمالهم، أو لأرواحهم كما تفتح لأعمال المؤمنين، وأرواحهم لتتصل بالملائكة.
(2)
يدخل: أي حتى يدخل ما هو مثل في عظم الجرم وهو البعير فيما هو مثل في ضيق المسك، وهو ثقبة الإبرة وذلك مما لا يكون فكذا ما يتوقف عليه قال تعالى:[وكذلك نجزي المجرمين (40)] من سورة الأعراف. مثل ذلك الجزاء الفظيع.
(3)
هوى الذي يجعل لله شريكاً قال البيضاوي، لأنه سقط من أوج الإيمان إلى حضيض الكفر.
(4)
فإن الأهواء الرديئة توزع أفكاره.
(5)
بعيد فإن الشيطان قد طوح به في الضلالة فيكون المعنى: ومن يشرك بالله فقد هلكت نفسه هلاكاً يشبه أحد الهلاكين.
أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ كُنْتَ بَطِيئاً عَنْ طَاعَةِ اللهِ سَرِيعاً في مَعْصِيَتِهِ فَجَزَاكَ اللهُ بِشَرٍّ، ثُمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أَعْمَى أَصَمُّ أَبْكَمُ في يَدِهِ مِرْزَبَّةٌ لَوْ ضُرِبَ بِهَا جَبَلٌ كَانَ تُرَاباً، فَيَضْرِبُهُ ضَرْبَةً فَيَصِيرُ تُرَاباً ثُمَّ يُعَيدُهُ اللهُ كَمَا كَانَ فَيَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أُخْرَى فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلاّ الثَّقَلَيْنِ. قالَ الْبَرَاءُ: ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنَ النَّارِ، وَيُمَهَّدُ لَهُ مِنْ فَرْشِ النَّارِ.
[قال الحافظ]: هذا الحديث حديث حسن، ورواته محتج بهم في الصحيح كما تقدم، وهو مشهور بالمنهال بن عمرو عن زاذان عن البراء، كذا قال أبو موسى الأصبهاني رحمه الله، والمنهال روى له البخاري حديثاً واحداً، وقال ابن معين: المنهال ثقة وقال أحمد العجلي: كوفي ثقة وقال أحمد بن حنبل: تركه شعبة على محمد. قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: لأنه سُمِع من داره صوت قراءة بالتطريب، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: أبو بشر أحب إليّ من المنهال، وزاذان ثقة مشهور ألانه بعضهم، وروى له مسلم حديثين في صحيحه، ورواه البيهقي من طريق المنهال بنحو رواية أحمد، ثم قال: وهذا حديث صحيح الإسناد، وقد رواه عيسى بن المسيب عن عدي بن ثابت عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر فيه اسم الملكين فقال في ذكر المؤمن: فَيُرَدُّ إِلى مَضْجَعِهِ فَيَأْتِيهِ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ يُثِيرَانِ الأَرْضَ بِأَنْيَابِهِمَا وَيَلْجُفَانِ الأَرْضَ بِشِفَاهِهِمَا فَيُجْلِسَانِهِ؛ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: يَا هذَا مَنْ رَبُّكَ؟ فَذَكَرَهُ وَقَالَ في ذِكْرِ الْكَافِرِ: فَيَأْتِيهِ مُنْكَرٌ وَنَكيرٌ يُثِيرَانِ الأَرْضَ بِأَنْيَابِهِمَا، ويَلْجُفَانِ الأَرْضَ بِشفَاهِهِمَا، أَصْوَاتُهُمَا كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ، وَأَبْصَارُهُمَا كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ فَيُجْلِسَانِهِ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا هذَا مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، فَيُنَادَى مِنْ جَانِبِ الْقَبْرِ: لَا دَرَيْتَ وَيَضْرِبَانِهِ بِمِرْزَبَّةٍ مِنْ حَدِيدٍ، لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا منْ بَيْن الْخَافِقِيْنِ لَمْ يُقِلُّوهَا يَشْتَعِلُ مِنْهَا في قَبْره ناراً، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلاعُهُ.
[قوله: هاه هاه] هي كلمة تقال في الضحك وفي الإبعاد، وقد تقال للتوجع، وهو أليق بمعنى الحديث والله أعلم.
16 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: إِنَّ
الْمُؤْمِنَ إِذَا قُبِضَ أَتَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ بِحَرِيرَةٍ بَيْضَاءَ، فَيَقُولُونَ: اخْرُجِي إِلى رَوْحِ اللهِ (1) فَتَخْرُجُ كَأَطْيَبِ رِيحِ الْمِسْكِ حَتّى إِنَّهُ لَيُنَاوِلُهُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَيَشُمُّونَهُ حَتّى يَأْتُوا بِهِ بَابَ السَّمَاءِ؛ فَيَقُولُونَ: مَا هذِهِ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ الّتِي جَاءَتْ مِنَ الأَرْضِ، وَلَا يَأْتُونَ سَمَاءً إِلَاّ قالُوا مِثْلَ ذَلِكَ حَتّى يَأْتُوا بِهِ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَهُمْ أَشَدُّ فَرَحاً بِهِ مِنْ أَهْلِ الْغَائِبِ بِغَائِبِهِمْ، فَيَقُولُونَ: مَا فَعَلَ فُلانٌ؟ فَيَقُولُونَ: دَعُوهُ حَتَّى يَسْتَرِيحَ فَإِنَّهُ كَانَ في غَمِّ الْدُّنْيَا، فَيَقُولُ: قَدْ مَاتَ أَمَا أَتَاكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: ذُهِبَ بِهِ إِلى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ. وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَأْتِيهِ مَلائِكَةُ الْعَذَابِ بِمِسْحٍ فَيَقُولُونَ: اخْرُجِي إِلى غَضَبِ اللهِ فَتَخْرُجُ كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ، فَيُذْهَبُ بِهِ إِلى بَابِ الأَرْضِ. رواه ابن حبان في صحيحه، وهو عند ابن ماجة بنحوه بإسناد صحيح.
ما يجري بين الميت في القبر وبين منكر ونكير في القول.
17 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: شَهِدْنَا جَنَازَةً مَعَ نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ دَفْنِهَا، وانْصَرَفَ النَّاسُ، قالَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ الآنَ يَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِكُمْ أَتَاهُ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ أَعْيُنُهُمَا مِثْلُ قُدُورِ (2) النُّحَاسِ، وَأَنْيَابُهُمَا مِثْلُ صَيَاصِي الْبَقَرِ، وأَصْوَاتُهُمَا مِثْلُ الرَّعْدِ فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَسْأَلَانِهِ مَا كَانَ يَعْبُدُ وَمَنْ كَانَ نَبِيُّهُن فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَعْبُدُ اللهَ قالَ: أَعْبُدُ اللهَ، وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى فَآمَنَّا بِهِ واتَّبَعْنَاهُ فَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ:[يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بالْقَوْلِ الثَّابِتِ، في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ] فَيُقَالُ لَهُ: عَلَى الْيَقِينِ حَيِيتَ، وَعَلَيْهِ مِتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ (3)، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ، وَيُوَسَّعُ لَهُ في حُفْرَتِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّكِّ قالَ: لَا أَدْرِي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئاً فَقُلْتُهُ، فَيُقَالُ لَهُ عَلَى الشَّكِّ حَيِيتَ، وَعَلَيْهِ مِتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلى النَّارِ، وَتُسَلَّطُ عَلَيْهِ عَقَارِبُ وَتَنانِينُ لَوْ نَفَخَ أَحَدُهُمْ عَلَى الدُّنْيَا مَا أَنْبَتَتْ شَيْئاً تَنْهَشُهُ، وَتُؤْمَرُ الأَرْضُ فَتَضْطَمُّ عَلَيْهِ (4)
(1) نعيمه.
(2)
أواني.
(3)
وعليه تبعث كذا ط وع ص 423 - 2 وفي ن د زيادة إن شاء الله. مات يموت ويمات من باب يخاف ومت بالكسر.
(4)
فتضطم كذا ط وع، وفي ن د: فتنضم.
حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلاعُهُ. رواه الطبراني في الأوسط، وقال: تفرد به ابن لهيعة:
[قال الحافظ]: ابن لهيعة حديثه حسن في المتابعات، وأما ما انفرد به فقليل من يحتج به، والله أعلم.
[صياصي البقر]: قرونها.
بيان أن الأعمال الصالحة تنفع المرء المسلم في القبر
18 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضاً رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: إِذَا قُبِرَ الْمَيِّتُ؛ أَوْ قالَ أَحَدُكُمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَادَانِ أَزْرَقَانِ يُقَالُ لأَحَدِهِمَا: الْمُنْكَرُ وللآخَرِ النَّكِيرُ، فَيَقُولانِ: مَا كُنْتَ تَقُولُ في هذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ مَا كَانَ يَقُولُ: هُوَ عَبْدُ اللهِ ورَسُولُهُ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَاّ اللهُ، وأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَيَقُولانِ: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هذاَ، ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ في قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعاً في سَبْعِينَ ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فيهِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: نَمْ، فَيَقُولُ: أَرْجِعُ إِلى أَهْلِي فأُخْبِرُهُمْ؟ فَيَقُولانِ: نَمْ كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ الذِي لَا يُوقِظُهُ إِلَاّ أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللهُ مِنْ مَضْجَعِهِ (1) ذلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُنَافِقاً قالَ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلاً فَقُلْتُ مِثْلَهُ لَا أَدْرِي فَيَقُولانِ: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ فَيُقَالُ للأَرْضِ: الْتَئِمِي عَلَيْهِ فَتَلْتَئِمُ عَلَيْهِ فَتَخْتَلِفُ أَضْلاعُهُ فَلَا يَزَالُ فِيهَا مُعَذّباً، حَتَّى يَبْعَثُهُ اللهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ. رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، وابن حبان في صحيحه.
[العروس] يطلق على الرجل وعلى المرأة ما داما في أعراسهما.
يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة
19 -
وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَيْضاً رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: إِنَّ الْمَيِّتَ إِذَا وُضِعَ في قَبْرِهِ، إِنَّهُ يَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ حِينَ يَوَلُّوا مُدْبِرِينَ، فَإِنْ كانَ مُؤْمِناً كانَتِ الصَّلاةُ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَكَانَ الصِّيَامُ عَنْ يَمِينِهِ، وَكَانَتِ الزّكاةُ عَنْ شِمَالِهِ وَكَانَ فِعْلُ الْخَيْراتِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصَّلاةِ والْمَعْرُوفِ والإِحْسَانِ إِلى النَّاسِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَيُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ فَتَقُولُ الصَّلَاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ (2) ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَمِينِهِ فَيَقُولُ الصِّيَامُ:
(1) مكانه الذي استراح فيه.
(2)
ليس جهتي مكان دخول. اللهم في نفحة السحر أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. يا رب اقبل هذه الشهادة من عبدك الخاضع لجلالك حبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم آمين.
مَا قِبَلي مَدْخلٌ، ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَسَارِهِ فَتَقُولُ الزَّكَاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، ثُمَّ يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ فَيَقُولُ فِعْلُ الْخَيْرَاتِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالإِحْسَانِ إِلى النَّاسِ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ فَيُقَالُ لَهُ اجْلِسْ فَيَجْلِسُ قَدْ مُثِّلَتْ لَهُ الشَّمْسُ، وَقَدْ دَنَتْ لِلْغُرُوبِ فَيُقَالُ لَهُ: أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كانَ قِبَلَكُمْ مَا تَقُولُ فِيهِ، وَمَاذَا تَشْهَدُ عَلَيْهِ فَيَقُولُ: دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّيَ، فَيَقُولُونَ إِنَّكَ سَتَفْعَلُ أَخْبِرْنَا عَمَّا نَسْأَلُكَ عَنْهُ أَرَأَيْتَكَ هذَا الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ قِبَلَكُمْ مَاذَا تَقُولُ فِيهِ، وَمَاذَا تَشْهَدُ عَلَيْهِ؟ قالَ: فَيَقُولُ: مَحَمَّدٌ أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُ جَاءَ بالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَيُقَالُ لَهُ: عَلَى ذَلِكَ حَيِيتَ، وَعَلى ذَلِكَ مِتَّ، وَعَلَى ذَلِكَ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ: هذَا مَقْعَدُكَ مِنْهَا، وَمَا أَعَدَّ اللهُ لَكَ فِيهَا فَيَزْدَادُ غِبْطَةً وَسُرُوراً، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ فَيُقَالُ لَهُ: هذَا مَقْعَدُكَ وَمَا أَعَدَّ اللهُ لَكَ فِيهَا لَوْ عَصَيْتَهُ فَيَزْدَادُ غِبْطَةً وَسُرُوراً، ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعاً وَيُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ، وَيُعَادُ الْجَسَدُ (1) كَما بَدَأَ مِنْهُ فَتُجْعَلُ نَسَمَتُهُ في النَّسِيمِ الطَّيِّبِ وَهِيَ طَيْرٌ تَعْلَقُ في شَجَرِ الْجَنَّةِ (2)
فَذلِكَ قَوْلُهُ: [يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِيْنَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثابِتِ، في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفي الآخِرَةِ] الآيَة، وَإِنّ الْكَافِرَ إِذَا أُتِيَ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ ثُمَّ أُتِيَ عَنْ يَمِينِهِ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ، ثُمَّ أُتِيَ عَنْ شِمَالِهِ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ، ثُمَّ أُتِيَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ. فَيُقَالُ لَهُ: اجْلِسْ فَيَجْلِسُ مَرْعُوباً (3) خَائِفاً، فَيُقَالُ: أَرَأَيْتَكَ هذَا الرّجُلُ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ مَاذَا تَقُولُ فِيهِ وَمَاذَا تَشْهَدُ عَلَيْهِ؟ فَيَقُولُ: أَيُّ رَجُلٍ وَلَا يَهْتَدِي لاسْمِهِ فَيُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ: لا أَدْرِي سَمِعْتُ النَّاسَ قَالُوا قَوْلاً فَقُلْتُ كَمَا قالَ النَّاسُ فَيُقَالُ لَهُ: عَلَى ذَلِكَ حَيِيتَ، وَعَلَيْهِ مِتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ فَيُقَالُ لَهُ: هذَا مَقْعَدُكَ مِنَ النَّارِ وَمَا أَعَدَّ اللهُ لَكَ فِيهَا فَيَزْدَادُ حَسْرَةً وَثُبُوراً (4) ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِن أَبْوَابِ الْجنَّةِ قالَ لَهُ: هذَا مَقْعَدُكَ مِنْهَا وَمَا أَعَدَّ اللهُ
(1) يحييه الله كما بدأه. كما بدا كذا ط وع ص 424 - 2 وفي ن د: كما بدئ منه فتعجل نسمته وفي ن ط: فتجعل نسمة.
(2)
في شجر الجنة كذا د وع، وفي ن ط: شجرة الجنة ..
(3)
فزعاً.
(4)
تألماً وهلاكاً.
لَكَ فِيهَا لَوْ أَطَعْتَهُ فَيَزْدَادُ حَسْرَةً وَثُبُوراً، ثُمَّ يُضَيَّقْ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلاعُهُ فَتِلْكَ الْمَعِيشَةُ الضَّنْكَةُ (1) الَّتِي قالَ اللهُ:[فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً، وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (2)]. رواه الطبراني في الأوسط، وابن حبان في صحيحه واللفظ له، وزاد الطبراني قال: أبو عمر يعني الضرير قلت لحماد بن سلمة: كان هذا من أهل القبلة؟ قال: نعم. قال أبو عمر: كان شهد بهذه الشهادة على غير يقين يرجع إلى قلبه كان يسمع الناس يقولون شيئاً فيقوله.
20 -
وفي رواية للطبراني: يُؤتَى الرَّجُلُ في قَبْرِهِ فَإِذَا أُتِيَ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ دَفَعَتْهُ تِلاوَةُ الْقُرْآنِ، وَإِذَا أُتِيَ مِنْ قِبَلِ يَدَيْهِ دَفَعَتْهُ الصَّدَقَةُ، وَإِذَا أُتِيَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ دَفَعَهُ مَشْيُهُ إِلى الْمَسَاجِدِ الْحديث.
[النسمة] بفتح النون والسين: هي الروح.
[قوله: تعلق] بضم اللام: أي تأكل.
[قال الحافظ]: وقد أملينا في الترهيب من إصابة البول الثوب؛ وفي النميمة جملة من الأحاديث في أن عذاب القبر من البول والنميمة لم نعد من تلك الأحاديث هنا شيئاً، والأحاديث في عذاب القبر وسؤال الملكين كثيرة، وفيما ذكرناه كفاية، والله الموفق لا رب غيره.
ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر
21 -
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إِلاّ وَقَاهُ اللهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ (3). رواه الترمذي وغيره وقال الترمذي: حديث غريب، وليس إسناده بمتصل.
الترهيب من الجلوس على القبر، وكسر عظم الميت
1 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ (4) فَتَحْرِقَ ثِيَابَهُ
(1) الضيقة.
(2)
ضالاً معذباً. قال تعالى [ومن أعرض عن ذكري ..].
(3)
أي حماه الله وأبعد عنه عذاب القبر، وحفظه تفضلاً وإكراماً لهذا اليوم المبارك أو ليله.
(4)
نار متقدة.
فَتَخْلصَ (1) إِلى جِلْدِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ. رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
2 -
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لأَنْ أَمْشِيَ عَلَى جَمْرَةٍ أَوْ سَيْفٍ (2) أَوْ أَخْصِفَ نَعْلِي (3) بِرِجْلِي أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَنْ أَمْشِيَ عَلَى قَبْرِ. رواه ابن ماجة بإسناد جيد.
3 -
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قالَ: لأَنْ أَطَأَ (4) عَلَى جَمْرَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَطَأَ عَلَى قَبْرِ مُسْلِم. رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن وليس في أصلي رفعه.
4 -
وَعَنْ عِمَارَةَ بْنِ حَزْمٍ رضي الله عنه قالَ: رَآنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: جَالِساً عَلَى قَبْرٍ فَقَالَ: يَا صَاحِبَ الْقَبْرِ انْزِلْ مِنْ عَلى الْقَبْرِ، لَا تُؤْذِي صَاحِبَ الْقَبْرِ (5) وَلَا يُؤْذِيكَ (6). رواه الطبراني في الكبير من رواية ابن لهيعة.
(1) فتصل إلى جلده. قال العلقمي قيل أراد للإحداد والحزن، وهو أن يلازمه فلا يرجع عنه. وقال المناوي هذا مفسر بالجلوس للبول والغائط، فالجلوس والوطء عليه لغير ذلك مكروه لا حرام عند الجمهور أهـ جامع صغير 17 جـ 3.
يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم احترام القبور وعدم إضاعة كرامتهن وعدم امتهانهن، ويخبر أن الجلوس على النار الملتهبة أخف عقاباً وأقل عذاباً من الجلوس على القبر. لماذا؟ لأن عقاب الله أشد في الآخرة من نار الدنيا كما قال صلى الله عليه وسلم:"ناركم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم".
(2)
أو أمشي على حد سيف.
(3)
أخيط نعلي بجلد مقطوع من رجلي، يقال خصف النعل: خرزها وخصف الورق على بدنه: ألزقها وأطبقها عليه ورقة ورقة: أي ثلاثة أخف في العقاب من الجلوس على القبر:
أ - المشي على نار.
ب - المشي على ظبى السيف وحده الحاد.
جـ - تقطيع جزء الجسم وتخييط القدم منه.
(4)
أمشي قال المناوي: المراد قبر المسلم المحترم، وظاهره إخراج قبور أهل الذمة، وظاهر الحديث الحرمة واختاره كثير من الشافعية لكن المصحح عندهم الكراهة والكلام في غير حالة الضرورة أهـ جامع صغير.
وقال الحفني: على قبر ظاهره، حرمة ذلك فيحمل على ما إذا وطئ القبر ووضع عقبه عليه ليبول أو يتغوط فإنه يحرم البول ونحوه عليه؛ أما مجرد المشي على القبر فمكروه إلا لحاجة كأن لا يصل إلى زيارة قبره إلا بالمشي على القبور فلا بأس به حينئذ للحاجة، فإن كان المراد من الحديث مجرد المشي على القبر، كان المراد التنفير عنه لا أنه حرام أهـ.
مكارم أخلاق من الحي أن يحترم الميت، ولا يدوس على قبره ولا يمهنه.
(5)
بالجلوس على قبره لإهانته.
(6)
يسبب لك عذاب الله في الآخرة بسبب هذا الجلوس.
5 -
وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيَّاً (1)
رواه أبو داود وابن ماجة وابن حبان في صحيحه.
(1) المعنى أن الله تعالى يعاقب من اعتدى على الميت بكسر شيء من عظامه، كما كان يعاقب بكسر شيء منه أثناء حياته قال تعالى:[ولقد كرمنا بني آدم] الآيات وتقدم ذكرها.
تنوير القلوب يبين خلاصة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الجنائز
اعلم أن الموت من أعظم المصائب والغفلة عنه أعظم منه. فيجب لكل مكلف أن يستعد للموت، ويكثر من ذكره، وتجب عليه التوبة من الذنوب، ورد المظالم إلى أهلها والخروج منها ويتأكد طلب ذلك من المريض ويرد ما عنده من الأمانات، ويشهد بما عليه من الديون والحقوق ويستحل خصماءه ومن بينه وبينه معاملة، ويوصي ولا يتضجر من المرض، ولا يترك شيئاً من فروض الصلاة، ولو بإجراء الأركان على قلبه لأنها لا تسقط ما دام العقل باقياً ليلقى ربه على أحسن حالة. ويسن عيادة المريض المسلم، ولو في أول يوم من مرضه، ولو عدوّاً ومن لا يعرفه، وكذا الكافر والذمي والمعاهد والمستأمن إن كان جاراً أو قريباً أو نحوهما أو رجى إسلامه، فإن انتفى ذلك جازت عيادته بلا كراهة، وتكره عيادة ذي بدعة منكرة وأهل الفجور والمكس إذا لم تكن قرابة ولا نحو جوار ولا رجاء توبة لأنا مأمورون بهجرهم. ويندب أن تكون العيادة غباً: أي يوماً بعد يوم. نعم نحو القريب والصديق ممن يستأنس به المريض أو يتبرك به يسن له المواصلة ويسن للعائد أن يخفف المكث عند المريض ويدعو له بالعافية إن طمع في حياته، وأن يكون الدعاء بالوارد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من عاد مريضاً لم يحضر أجله فقال أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم أن يشفيك سبع مرات عافاه الله من ذلك المرض" ويطيب نفسه بمرضه بأن يذكر له من الآثار والأخبار ما تطمئن به نفسه، وإن لم يطمع في حياته فليرغبه في توبة ووصية ويذكر له أحوال الصالحين في ذلك، ويطلب الدعاء منه قال صلى الله عليه وسلم "وإذا دخلت على مريض فمره فليدع لك فإن دعاءه كدعاء الملائكة" ويسن للمريض أن يوصي أهله بالصبر عليه وترك النوح وتحسين خلقه واجتناب المنازعة في أمور الدنيا واسترضاء من له به علاقة ويحسن المريض ظنه بالله تعالى بأن يظن به أن يرحمه ويعفو عنه ويكره له الشكوى ويكره تمني الموت لضر نزل به، أما تمنيه عند خشية الفتنة في الدين فلا يكره، ويكره إكراه المريض على تناول الدواء والطعام، وإذا حضره أمارات الموت أضجع على شقه الأيمن وجعل وجهه إلى القبلة كالوضع في اللحد، فإن تعذر لمشقة كضيق المكان وشدة المرض فعلى قفاه، ويجعل وجهه وأخماصه للقبلة ويرفع رأسه بشيء ليستقبل بوجهه. ويسن تلقينه لا إله إلا الله ولا يسن زيادة محمد رسول الله: لأنه لم يرد ولا يلح عليه ولا يقال له قل لئلا يتأذى بذلك، بل يذكر الشهادة بين يديه ليتذكرها، أو يقال ذكر الله مبارك فلنذكر الله جميعاً "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر" والأفضل تلقين غير الوارث والعدو والحاسد، فإذا قالها لم تعد عليه حتى يتكلم، فإذا تكلم ولو بغير كلام الدنيا أعيدت عليه للخبر الصحيح "من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة" أي مع الفائزين. ويندب أن يقرأ عند يس لخبر أبي داود "اقرؤوا على موتاكم يس" ولحديث "ما من مريض يقرأ عنده يس إلا مات ريان، وأدخل قبره ريان" فإذا مات غمض عيناه وشد لحياه بعصابة عريضة ولينت مفاصله وتنزع عنه ثيابه التي مات فيها ويستر بدنه بثوب خفيف يجعل أحد طرفيه تحت رأسه والآخر تحت رجليه ويوضع على بطنه شيء ثقيل نحو عشرين درهماً من حديد كسيف ومرآة ثم طين رطب، ثم ما تيسر لئلا ينتفخ ويستقبل به القبلة كالمحتضر كما مر ويندب جعله على سرير من غير فرش لئلا يتغير بنداوة الأرض ويتولى جميع ما تقدم أرفق محارمه به المتحد معه ذكورة وأنوثة ويبادر ببراءة ذمته كقضاء دينه، وتنفيذ وصيته حالاً إن تيسر وغلا سأل وليه غرماءه أن يحللوه ويحتالوا به عليه، فإن فعلوا برئ في الحال، ويستحب الإعلام بموته لا للرياء والسمعة بذكر الأوصاف =