المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترغيب في الفقر وقلة ذات اليد - الترغيب والترهيب للمنذري - ت عمارة - جـ ٤

[عبد العظيم المنذري]

فهرس الكتاب

- ‌الترغيب في إنجاز الوعد والأمانة، والترهيب من إخلافهومن الخيانة والغدر، وقتل المعاهد أو ظلمه

- ‌الترغيب في الحب في الله تعالى، والترهيب من حب الأشرار وأهل البدع، لأن المرء مع من أحب

- ‌الترهيب من السحر وإتيان الكهان والعرّافين والمنجمين بالرملوالحصى أو نحو ذلك وتصديقهم

- ‌الترهيب من تصوير الحيوانات والطيورفي البيوت وغيرها

- ‌الترهيب من اللعب بالنرد

- ‌الترغيب في الجليس الصالح والترهيب من الجليس السيء وما جاء فيمن جلس وسط الحلقة وأدب المجلس وغير ذلك

- ‌الترهيب أن ينام المرء على سطح لا تحجير لهأو يركب البحر عند ارتجاجه

- ‌الترهيب أن ينام الإنسان على وجهه من غير عذر

- ‌الترهيب من الجلوس بين الظل والشمسوالترغيب في الجلوس مستقبل القبلة

- ‌الترغيب في سكنى الشام وما جاء في فضلها

- ‌الترهيب من الطيرة

- ‌الترهيب من اقتناء الكلب إلا لصيد أو ماشية

- ‌الترهيب من سفر الرجل وحده أو مع آخر فقط وما جاء في خبر الأصحاب عدة

- ‌ترهيب المرأة أن تسافر وحدها بغير محرم

- ‌الترغيب في ذكر الله لمن ركب دابته

- ‌الترهيب من استصحاب الكلب والجرس في سفر وغيره

- ‌الترغيب في الدلجة، وهو السفر بالليل والترهيب من السفر أوّله، ومن التعريس في الطرق، والافتراق في المنزل والترغيب في الصلاة إذا عَرَّس الناسُ

- ‌الترغيب في ذكر الله لمن عثرت دابته

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن من نزل منزلاً

- ‌الترغيب في دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب سيما المسافر

- ‌الترغيب في الموت في الغربة

- ‌كتاب التوبة والزهد

- ‌الترغيب في التوبة، والمبادرة بها، وإتباع السيئةِ الحسنة

- ‌الترغيب في الفراغ للعبادة، والإقبال على الله تعالىوالترهيب من الاهتمام بالدنيا، والانهماك عليها

- ‌الترغيب في العمل الصالح عند فساد الزمان

- ‌الترغيب في المداومة على العمل وإن قل

- ‌الترغيب في الفقر وقلة ذات اليد

- ‌الترغيب في الزهد في الدنيا والاكتفاء منها بالقليلوالترهيب من حبها والتكاثر فيها والتنافس، وبعض ما جاء في عيش النبي صلى الله عليه وسلم في المأكل والملبس والمشرب ونحو ذلك

- ‌الترغيب في البكاء من خشية الله تعالى

- ‌الترغيب في ذكر الموت وقصر الأملوالمبادرة بالعمل، وفضل طول العمر لمن حسن عمله، والنهي عن تمني الموت

- ‌الترغيب في الخوف وفضله

- ‌الترغيب في الرجاء وحسن الظن بالله عز وجل سيما عند الموت

- ‌كتاب الجنائز وما يتقدمها

- ‌الترغيب في سؤال العفو والعافية

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن من رأى مبتلى

- ‌الترغيب في الصبر سيما لمن ابتلي في نفسه أو مالهوفضل البلاءِ والمرض والحمى، وما جاء فيمن فقد بصره

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن من آلمه شيء من جسده

- ‌الترهيب من تعليق التمائم والحروز

- ‌الترغيب في الحجامة ومتى يحتجم

- ‌الترغيب في عيادة المرضى وتأكيدهاوالترغيب في دعاء المريض

- ‌الترغيب في كلمات يدعى بهن للمريض وكلمات يقولهن المريض

- ‌الترغيب في الوصية والعدل فيهاوالترهيب من تركها أو المضارة فيها، وما جاء فيمن يعتق ويتصدق عند الموت

- ‌الترهيب من كراهية الإنسان الموت والترغيب في تلقيه بالرضا والسرور إذا نزل حبا للقاء الله عز وجل

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن من مات له ميت

- ‌الترغيب في حفر القبور وتغسيل الموتى وتكفينهم

- ‌الترغيب في تشييع الميت وحضور دفنه

- ‌الترغيب في كثرة المصلين على الجنازة وفي التعزية

- ‌الترغيب في الإسراع بالجنازة وتعجيل الدفن

- ‌الترغيب في الدعاء للميت وإحسان الثناء عليهوالترهيب من سوى ذلك

- ‌الترهيب من النياحة على الميتوالنعي ولطم الخدّ وخمش الوجه وشق الجيب

- ‌الترهيب من إحداد المرأة على غير زوجها فوق ثلاث

- ‌الترهيب من أكل مال اليتيم بغير حق

- ‌الترغيب في زيارة الرجال القبوروالترهيب من زيارة النساء واتباعهن الجنائز

- ‌الترهيب من المرور بقبور الظالمين وديارهم ومصارعهم مع الغفلة عما أصابهم، وبعض ما جاء في عذاب القبر ونعيمه وسؤال منكر ونكير عليهما السلام

- ‌كتاب البعث وأهوال يوم القيامة

- ‌فصلفي النفخ في الصور وقيام الساعة

- ‌فصلفي الحشر وغيره

- ‌فصلفي ذكر الحساب وغيره

- ‌فصلفي الحوض والميزان والصراط

- ‌فصلفي الشفاعة وغيرها

- ‌كتاب صفة الجنة والنار

- ‌الترغيب في سؤال الجنة والاستعاذة من النار

- ‌الترهيب من النار أعاذنا الله منها بمنه وكرمه

- ‌فصلفي شدة حرها وغير ذلك

- ‌فصلفي ظلمتها وسوادها وشررها

- ‌فصلفي أوديتها وجبالها

- ‌فصلفي بعد قعرها

- ‌فصلفي سلاسلها وغير ذلك

- ‌فصلفي ذكر حياتها وعقاربها

- ‌فصلفي شراب أهل النار

- ‌فصلفي طعام أهل النار

- ‌فصلفي عظم أهل النار وقبحهم فيها

- ‌فصلفي تفاوتهم في العذاب وذكر أهونهم عذاباً

- ‌فصلفي بكائهم وشهيقهم

- ‌الترغيب في الجنة ونعيمها ويشتمل على فصول

- ‌فصلفي صفة دخول أهل الجنة الجنة وغير ذلك

- ‌فصلفيما لأدنى أهل الجنة فيها

- ‌فصلفي درجات الجنة وغرفها

- ‌فصلفي بناء الجنة وترابها وحصبائها وغير ذلك

- ‌فصلفي خيام الجنة وغُرَفها وغير ذلك

- ‌فصلفي أنهار الجنة

- ‌فصلفي شجر الجنة وثمارها

- ‌فصلفي أكل أهل الجنة وشربهم وغير ذلك

- ‌فصلفي ثيابهم وحللهم

- ‌فصلفي فرش الجنة

- ‌فصلفي وصف نساء أهل الجنة

- ‌فصلفي غناء الحور العين

- ‌فصلفي سوق الجنة

- ‌فصلفي تزاورهم ومراكبهم

- ‌فصلفي زيارة أهل الجنة ربهم تبارك وتعالى

- ‌فصلفي نظر أهل الجنة إلى ربهم تبارك وتعالى

- ‌فصلفي أن أعلى ما يخطر على البال أو يجوزه العقل من حسن الصفات المتقدمة فالجنة وأهلها فوق ذلك

- ‌فصلفي خلود أهل الجنة فيها وأهل النار فيها وما جاء في ذبح الموت

- ‌باب ذكر الرواة المختلف فيهم المشار إليهم في هذا الكتاب:

- ‌الألف

- ‌أبان بن إسحق المدني:

- ‌إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع الأنصاري المدني:

- ‌إبراهيم بن رستم:

- ‌إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي:

- ‌إبراهيم بن مسلم الهجري:

- ‌إبراهيم بن هشام الغساني:

- ‌إبراهيم بن يزيد الخوزي:

- ‌أزهر بن سنان:

- ‌إسحق بن أسيد الخراساني:

- ‌إسحق بن محمد بن إسماعيل بن أبي فروة الفوري:

- ‌إسماعيل بن رافع المدني:

- ‌إسماعيل بن عمرو البجلي الكوفي:

- ‌إسماعيل بن عياش الحمصي:

- ‌أصبغ بن يزيد الجهني مولاهم الواسطي:

- ‌أيوب بن عتبة أبو يحيى قاضي اليمامة:

- ‌الباء

- ‌بشار بن الحكم:

- ‌بشر بن رافع أبو الأسباط البحراني:

- ‌بقية بن الوليد:

- ‌بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة:

- ‌بكير بن خنيس الكوفي العابد:

- ‌بكر بن معروف الخراساني:

- ‌التاء

- ‌تمام بن نجيح عن الحسن:

- ‌الثاء

- ‌ثابت بن محمد الكوفي:

- ‌الجيم

- ‌جابر بن يزيد الجعفي الكوفي:

- ‌جميع بن عمير التيمي تيم الله بن ثعلبة الكوفي:

- ‌جنادة بن سلم:

- ‌الحاء

- ‌الحارث بن عبد الله الهمداني الأعور:

- ‌الحارث بن عمير البصري:

- ‌حجاج بن أرطاة:

- ‌الحسن بن قتيبة الخزاعي:

- ‌الحكم بن مصعب:

- ‌حكيم بن جبير:

- ‌حكيم بن نافع الرقي:

- ‌حمزة بن أبي محمد:

- ‌الخاء

- ‌خالد بن طهمان:

- ‌خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن مالك الدمشقي:

- ‌الخليل بن مرة الضبعي:

- ‌الدال المهملة

- ‌دراج أبو السمح:

- ‌الراء

- ‌راشد بن داود الصنعاني الدمشقي:

- ‌رييح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري:

- ‌ربيعة بن كلثوم بن جبر البصري:

- ‌رجاء بن صبح السقطي:

- ‌رشدين بن سعد:

- ‌رواد بن الجراح العسقلاني:

- ‌روح بن جناح:

- ‌الزاي

- ‌زبان بن فائد:

- ‌زمعة بن صالح:

- ‌زهير بن محمد التميمي المروزي:

- ‌زياد بن عبد الله النميري:

- ‌زيد بن الحواري العمي:

- ‌السين

- ‌سعد بن سنان ويقال:

- ‌سعيد بن بشير:

- ‌سعيد بن عبد الله بن جرنح البصري:

- ‌سعيد بن المرزبان أبو سعد البقال:

- ‌سعيد بن يحيى اللخمي:

- ‌سعدان الكوفي:

- ‌ سعد بن يحيى أبو سفيان الحميري:

- ‌سلمة بن وردان:

- ‌سلمة بن وهرام:

- ‌سليمان بن موسى الأشدق:

- ‌سليمان بن يزيد أبو المثنى الكعبي:

- ‌سهل بن معاذ بن أنس:

- ‌سويد بن إبراهيم البصري العطار:

- ‌سويد بن عبد العزيز الدمشقي:

- ‌الشين

- ‌شرحبيل بن سعد المدني:

- ‌شريك بن عبد الله الكوفي القاضي:

- ‌شهر بن حوشب:

- ‌الصاد

- ‌صالح بن أبي الأخضر:

- ‌صباح بن محمد البجلي:

- ‌صدقة بن عبد الله السمين:

- ‌صدقه بن موسى الدقيقي:

- ‌الضاد

- ‌الضحاك بن حمزة الأملوكي:

- ‌الطاء

- ‌طلحة بن خراش:

- ‌طليق بن محمد:

- ‌طيب بن سلمان:

- ‌العين

- ‌عاصم بن بهدلة:

- ‌عباد بن كثير الدئلي:

- ‌عباد بن منصور الناجي:

- ‌عبد الله بن أبي جعفر الرازي:

- ‌عبد الله بن صالح:

- ‌عبد الله بن عبد العزيز الليثي:

- ‌عبد الله بن عياش بن عباس القبقاني:

- ‌عبد الله بن كيسان المروزي:

- ‌عبد الله بن لهيعة:

- ‌عبد الله بن عقيل بن أبي طالب:

- ‌عبد الله بن المؤمل المخزومي المكي:

- ‌عبد الله بن ميسيرة أبو ليلى:

- ‌عبد الحميد بن بهرام:

- ‌عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين:

- ‌عبد الحميد ابن الحسن الهلالي:

- ‌عبد الرحمن بن إسحق:

- ‌‌‌عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان الدمشقي:

- ‌عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان الدمشقي:

- ‌عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي:

- ‌عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي:

- ‌عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون:

- ‌عبد الرحمن بن عطاء:

- ‌عبد الرحمن بن مغراء:

- ‌عبد الرحيم بن ميمون أبو مرحوم:

- ‌عبد الصمد بن الفضل:

- ‌عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد:

- ‌عبيد الله بن زحر:

- ‌عبيد الله بن أبي زناد القداح:

- ‌عبيد الله بن عبد الله أبو المنيب العتكي:

- ‌عبيد الله بن علي بن أبي رافع:

- ‌عبيد الله بن إسحق العطار:

- ‌عتبة بن حميد:

- ‌عثمان بن عطاء بن أبي مسلم الخراساني:

- ‌عطاف بن خالد المخزومي:

- ‌عطاء بن السائب بن يزيد الثقفي:

- ‌عطاء بن مسلم الخفاف:

- ‌عطية بن سعد العوفي:

- ‌علي بن زيد بن جدعان:

- ‌علي بن مسعدة الباهلي:

- ‌علي بن زيد الإلهاني:

- ‌عمار بن سيف الضبي:

- ‌عمر بن راشد اليماني:

- ‌عمر بن أبي شيبة:

- ‌عمر بن عبد الله مولى غفرة:

- ‌عمر بن هارون البلخي:

- ‌عمران بن داود القطان:

- ‌عمران بن ظبيان:

- ‌عمران بن عيينة الهلالي:

- ‌عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص:

- ‌عيسى بن سنان:

- ‌الغين

- ‌غسان بن عبيد الموصلي:

- ‌الفاء

- ‌فرقد السَبَخي:

- ‌الفضل بن دلهم القصاب:

- ‌الفضل بن موفق:

- ‌القاف

- ‌قابوس بن أبي ظبيان:

- ‌القاسم بن عبد الرحمن:

- ‌القاسم بن الحكم:

- ‌قرة بن عبد الرحمن بن حيويل:

- ‌قيس بن الربيع الأسدي الكوفي:

- ‌الكاف

- ‌كثير بن زيد الأسلمي المدني:

- ‌اللام

- ‌ليث بن أبي سليم:

- ‌الميم

- ‌محمد بن إسحق بن يسار:

- ‌محمد بن جحادة:

- ‌محمد بن عبد الله بن مهاجر الشعبثي:

- ‌محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي:

- ‌محمد بن عقبة بن هرم السدوسي:

- ‌محمد بن عمرو الأنصاري الواقفي:

- ‌محمد بن يزيد أبو هشام الرفاعي الكوفي:

- ‌الماضي بن محمد الغافقي المصري:

- ‌مبارك بن حسان:

- ‌مبارك بن فضالة:

- ‌مجاعة بن الزبير:

- ‌ مجالد بن سعيد الهمداني:

- ‌مسروق بن المرزبان:

- ‌مسلم بن خالد الزنجي:

- ‌المسيب بن واضح الحمصي:

- ‌مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير:

- ‌معارك بن عباد:

- ‌معاوية بن صالح الحضرمي الحمصي:

- ‌معدي بن سليمان:

- ‌مغيرة بن زياد الموصلي:

- ‌المنهال بن خليفة البكري العجلي:

- ‌مهدي بن جعفر الرملي الزاهد:

- ‌موسى بن وردان:

- ‌موسى بن يعقوب الزمعي:

- ‌ميمون بن موسى المرائي:

- ‌النون

- ‌نعيم بن حماد الخزاعي المروزي:

- ‌نعيم بن مورع:

- ‌الواو

- ‌واصل بن عبد الرحمن:

- ‌الوليد بن جميل:

- ‌الوليد بن عبد الملك الحراني:

- ‌الياء

- ‌يحيى بن أيوب الغافقي:

- ‌يحيى بن دينار أبو هاشم الرماني:

- ‌يحيى بن راشد البصري:

- ‌يحيى بن سليم أو ابن أبي سليم:

- ‌يحيى بن أبي سليمان المدني:

- ‌يحيى بن عبد الله أبو حجبة الكندي الأجلح:

- ‌يحيى بن عبد الله بن الضحاك البابلتي:

- ‌يحيى بن عبد الحميد الحماني الكوفي:

- ‌يحيى بن عمرو بن مالك النكري:

- ‌يحيى بن مسلم البكاء:

- ‌يزيد بن أبان الرقاشي:

- ‌يزيد بن أبي زياد الكوفي:

- ‌يزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي:

- ‌يزيد بن عطاء اليشكري:

- ‌يزيد بن أبي مالك الدمشقي:

- ‌يمان بن المغيرة العنزي:

- ‌يوسف بن ميمون:

- ‌الكنى وغيرها

- ‌أبو الأحوص:

- ‌أبو إسرائيل الملاء الكوفي:

- ‌أبو سلمة الجهني:

- ‌أبو سنان القسملي:

- ‌أبو هاشم الرماني:

- ‌أبو هشام الرفاعي:

- ‌أبو يحيى القتات:

- ‌ابن لهيعة:

- ‌باب الأدعية الصالحة

- ‌آيات القرآن

- ‌آيات فضل العلم

- ‌آيات الترغيب في نشر العلم والترهيب من كتمه

- ‌آيات الجهاد في سبيل الله

- ‌آيات الترغيب في الاتحاد وحسن الخلق

- ‌آيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌آيات الإيمان وشعبه وأصحابه المتصفين بخلاله

- ‌آيات تنمية الإيمان بالنظر في آيات الله تعالى

- ‌آيات وحدانية الله تعالى ودلائلها

- ‌آيات قدرة الله تعالى ودلائلها

- ‌آيات علم الله تعالى ودلائله

- ‌آيات سنة الله تعالى في أن من رجع إليه هداه ومن أعرض عنه أضله

- ‌ثبت المؤلف لقراء ونشر الأحاديث الشريفة

- ‌الاعتراف بالجميل

الفصل: ‌الترغيب في الفقر وقلة ذات اليد

ولمالك والبخاري أيضاً: قالَتْ: كانَ أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلى الله عز وجل الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ.

ولمسلم: كانَ أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلى اللهِ أَدْوَمَهَا وَإِنْ قَلَّ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها إِذَا عَمِلَتِ الْعَمَلَ لَزِمَتْهُ. ورواه أبو داود، ولفظه:

أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ اكْلُفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلى اللهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ، وَكَانَ إِذَا عَمِلَ عَمَلاً أَثْبَتَهُ.

5 -

وفي رواية له قال: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها كَيْفَ كَانَ عَمَلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئاً مِنَ الأَيَّامِ؟ قالَتْ: لَا، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَطِيعُ. ورواه الترمذي.

ولفظه: كَانَ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا دِيمَ عَلَيْهِ.

6 -

وفي رواية له: سُئِلَتْ عَائِشَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنهما: أَيُّ الْعَمَلِ كَانَ أَحَبَّ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالا: مَا دِيمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ.

[يحجره]: أي يتخذه حجرة وناحية ينفرد عليه فيها.

[يثوبون]: بثاء مثلثة ثم واو ثم باء موحدة: أي يرجعون إليه، ويجتمعون عنده.

أحب العمل ما داوم عليه العبد

7 -

وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قالَتْ: مَا مَاتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى كَانَ أَكْثَرُ صَلَاتِهِ، وَهُوَ جَالِسٌ، وَكَانَ أَحَبَّ الْعَمَلِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ (1) وَإِن كَانَ شَيْئاً يَسِيراً (2) رواه ابن حبان في صحيحه.

‌الترغيب في الفقر وقلة ذات اليد

وما جاء في فضل الفقراء والمساكين والمستضعفين وحبهم ومجالستهم

1 -

عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِن

(1) الذي استمر عليه طيلة عمره.

(2)

قليلا.

ص: 130

بَيْنَ أَيْدِيكُمْ عَقَبَةً كَؤُوداً لَا يَنْجُو مِنْهَا إِلَاّ كُلُّ مُخِفّ. رواه البزار بإسناد حسن.

إن وراءكم عقبة كؤوداً لا يجوزها المثقلون

2 -

وَعَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنهما قالَ: قُلْتُ لَهُ: مَالَكَ لَا تَطْلُبُ مَا يَطْلُبُ فُلانٌ وَفُلَانُ؟ قالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ وَرَاءَكُمْ عَقَبَةً كَؤُوداً لَا يَجُوزُهَا المثْقِلُونَ (1) فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَتَخَفَّفَ (2)

لِتِلْكَ الْعَقَبَةِ. رواه الطبراني بإسناد صحيح.

[الكؤود] بفتح الكاف وبعدها همزة مضمومة: هي العقبة الصعبة.

3 -

وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْماً وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ أَبِي ذَرٍّ، فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرّ: أَعَلِمْتَ أَنَّ بَيْنَ أَيْدِينَا عَقَبَةً كَؤُوداً لا يَصْعَدُهَا إِلَاّ المخِفُّونَ. قالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ أَمِنَ الْمُخِفِّينَ (3) أَنَا أَمْ مِنَ الْمُثْقَلِينَ؟ قالَ: عِنْدَكَ طَعَامُ يَوْمٍ؟ قالَ: نَعَمْ، وَطعَامُ غَدٍ (4). قالَ: وَطَعَامُ بَعْدَ غَدٍ (5)؟ قالَ: لَا. قالَ: لَوْ كَانَ عِنْدَكَ طَعَامُ ثَلاثٍ كُنْتَ مِنَ الْمُثْقَلِينَ (6). رواه الطبراني.

(1) أصحاب الغنى واليسار والأموال الوفيرة إلا بعد الحساب.

(2)

أكون خفيف السؤال قال تعالى: [ألم نجعل له عينين (8) ولساناً وشفتين (9) وهديناه النجدين (10) فلا اقتحم العقبة (11) وما أدراك ما العقبة (12) فك رقبة (13) أو إطعام في يوم ذي مسغبة (14) يتيماً ذا مقربة (15) أو مسكيناً ذا متربة (16) ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة (17) أولئك أصحاب الميمينة (18)] من سورة البلد.

الله تعالى يمن على عبده ليعمل له عينين يبصر بهما المرئيات ولساناً يعبر به عما في ضميره وشفتين يستر بهما ثغره ويستعين بهما على النطق والأكل والشرب والنفخ، وهديناه طريق الخير والشر المفضيين إلى الجنة والنار فلم يشكر الإنسان تلك الأيادي والنعم بالأعمال الصالحة من فك الرقاب أو إطعام اليتامى والمساكين ثم بالإيمان الذي هو أصل كل طاعة وأساس كل خير، بل غمط النعم وكفر بالمنعم، والمعنى أن الإنفاق على هذا الوجه مرضي نافع عند الله لا أن يهلك ماله لبدا: أي كثيراً في الرياء والفخار، وعن الحسن: عقبة والله شديدة مجاهدة الإنسان نفسه وهواه وعدوه الشيطان، بخ بخ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعد لمجاوزة هذه العقبة ويتقلل من حطام الدنيا ويتزود بالتقوى لتقدي به أمته.

(3)

هل أنا من الذين أحمالهم خفيفة أو ثقيلة؟

(4)

اليوم التالي.

(5)

اليوم الثالث. هذا درس زهد وورع والإقبال على الله والإخلاص له وعدم الركون إلى زخارف الدنيا. يسأل أبو ذر حبيبه ومرشده صلى الله عليه وسلم ليعلمه طريق النجاة وسبيل الخلاص. إن الذي يمر بسلام هو القانع الذي يحب طاعة الله ويتصدق ولا يغتر بالدنيا ولا يجمع إلا ما سد الرمق وأزال الجوع. والمثقل من عنده طعام ثلاثة أيام. فما حال الأغنياء الآن؟ وما عملوه بأموالهم للنجاة من حساب الله؟

(6)

الذي حمل نفسه فوق طاقتها وأثقلها من كثرة الحساب كما قال تعالى: [ولتسألن يومئذ عن النعيم] وكما قال صلى الله عليه وسلم: "وأصحاب الجد محبوسون".

ص: 131

4 -

وَعَنْ أَبِي أَسْمَاءَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي ذَرٍّ وَهُوَ بِالرَّبَذَةِ (1) وَعِنْدَهُ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ مُشَنَّعَةٌ (2) لَيْسَ عَلَيْهَا أَثَرُ الْمَحَاسِنِ (3)، وَلا الْخَلُوقِ (4)، فَقَالَ: أَلَا تَنْظُرُونَ إِلى مَا تَأْمُرُني هَذِهِ السُّوَيْدَاءُ؟ تَأْمُرُني أَنْ آتِيَ الْعِرَاقَ، فَإِذَا أَتَيْتُ الْعِرَاقَ مَالُوا عَلَيَّ (5) بِدُنْيَاهُمْ، وَإِنَّ خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم عَهِدَ (6) إِليَّ أَنَّ دُونَ جِسْرِ جَهَنَّمَ طَرِيقاً ذَا دَحْضٍ وَمَزَلَّةٍ، وَإِنَّا أَنْ تَأْتِيَ عَلَيْهِ (7)، وَفي أَحْمَالِنَا اقْتِدَارٌ (8) واضْطِمَارٌ أَحْرَى (9) أَنْ نَنْجُوَ مِنْ أَنْ نَأْتِيَ عَلَيْهِ، وَنَحْنُ مَوَاقِيرُ (10). رواه أحمد، ورواته رواة الصحيح.

[الدَّحض] بفتح الدال وسكون الحاء المهملتين، وبفتح الحاء أيضاً، وآخره ضاد معجمة: هو الزلق.

5 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: إِنَّ اللهَ عز وجل لَيَحْمِي (11) عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ الدُّنْيَا، وَهُوَ يُحِبُّهُ كما تَحْمُونَ مَرِيضَكُمُ الطَّعَامَ والشَّرَابَ (12). رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد.

إذا أحب الله عز وجل عبداً حماه الدنيا

6 -

وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَحَبَّ اللهُ (13) عز وجل عَبْدَاً حَمَاهُ الدُّنْيَا كما يَظَلُّ أَحَدُكُمْ يَحْمِي سَقِيمَهُ الماءَ.

(1) قرية كانت عامرة في صدر الإسلام، وبها قبر أبي ذر الغفاري وجماعة من الصحابة، وهي في وقتنا دارسة لا يعرف بها رسم، وهي عن المدينة في جهة الشرق على طريق حاج العراق نحو ثلاثة أيام أهـ مصباح.

(2)

مشنعة شعرها متفرق منتشر كذا ع ص 319، - 2 وفي ن ط: مسفعة، وفي النهاية السفعة نوع من السواد ليس بالكثير، وقيل سواد مع لون آخر.

(3)

المحامد والجمال.

(4)

العطر والرائحة الزكية.

(5)

أقبلوا علي بأعمالهم الكثيرة التي تشغلني عن طاعة الله.

(6)

أفهمني وأعلمني أن غير الجسر عقبة صعبة وطريق كؤود ذات زلق ووحل وكدر وزلل.

(7)

نمر عليه خفافاً لا ثقالا.

(8)

قدرة على حمل أعبائه.

(9)

أولى بالفوز.

(10)

محملون أثقالاً، من أوقر الدابة: أثقلها: ودابة وقرى.

(11)

ليحفظ.

(12)

زاد في ن د: تخافون عليه. المعنى أن الله تعالى بلطفه وحكمته وقدرته، يسلم المطيع من آفات الحياة ويقيه أضرارها ويبعده من همومها، رزقه القناعة والرضاء نضارة الصحة كعطف الأب على ابنه إذا مرض، أو عطف القريب على قريبه فيخشى عليه تناول الأكل ويلزمه الحمية، ويراعيه ويعتني بطلباته، فالله أحق بالرأفة، وهو تعالى: الرؤوف الرحيم، ففيه الترغيب في العبادة، والتفويض إلى الله تعالى في كل الأمور رجاء السلامة من أدران الدنيا:[فالله خير حافظاً].

(13)

أقبل عليه برضوانه لكثرة عبادته له سبحانه.

ص: 132

رواه الطبراني بإسناد حسن، ورواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم بلفظ من حديث أبي قتادة وقال الحاكم: صحيح الإسناد.

أكثر أهل الجنة الفقراء

7 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: اطَّلَعْتُ في الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَراءَ (1)، واطَّلَعْتُ في النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ. رواه البخاري ومسلم، ورواه أحمد بإِسناد جيد من حديث عبد الله بن عمرو إلا أنه قال فيه: واطَّلَعْتُ في النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الأَغْنِيَاءَ والنِّسَاءَ.

8 -

وَعَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قالَ: إِنَّ مُوسَى صلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ قالَ: أَيْ رَبِّ عَبْدُكَ الْمؤْمِنُ تُقَتِّرُ عَلَيْهِ (2) في الدُّنْيَا؟ قالَ: فَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنَ الْجَنَّةِ فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا، قالَ لَهُ: يَا مُوسَى: هَذَا مَا أَعْدَدْتُ لَهُ، فَقَالَ مُوسَى: أَيْ رَبِّ وَعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ لَوْ كَانَ أَقْطَعَ الْيَدَيْنِ والرِّجْلَيْنِ يُسْحَبُ عَلَى وَجْهِه مُنْذُ يَوْمِ خَلَقْتَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَكَانَ هَذَا مَصِيرَهُ لَمْ يَرَ بُؤْساً (3) قَطُّ. قَالَ: ثُمَّ قالَ مُوسَى: أَيْ رَبِّ عَبْدُكَ الْكَافِرُ تُوَسِّعُ عَلَيْهِ في الدُّنْيَا؟ قالَ: فَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنَ النَّارِ، فَيُقَالَ لَهُ: يَا مُوْسَى! هَذَا مَا أَعْدَدْتُ لَهُ. فَقَالَ مُوْسَى: أَيْ رَبِّ وَعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ لَوْ كَانَ لَهُ الدُّنْيَا مُنْذُ يَوْمِ خَلَقْتَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَكَانَ هَذَا مَصِيرَهُ كَأَنْ لَمْ يَرَ خَيْراً قَطُّ. رواه أحمد من طريق ابن لهيعة عن دراج.

أول من يدخل الجنة الفقراء

9 -

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قالَ: هَلْ تَدْرُونَ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُل الجَنَّةَ مِنْ خَلْقِ اللهِ عز وجل؟ قالُوا: الله

(1) يخبر صلى الله عليه وسلم أن الفقراء أسبق الناس إلى دخول الجنة لأن حسابهم يسير، وأكثر الناس دخولاً في النار النساء، وبين صلى الله عليه وسلم السبب في حديث البخاري:"قالوا: لم يا رسول الله؟ قال: يكفرن. قيل يكفرن بالله. قال يكفرن العشير. ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئاً، قالت ما رأيت منك خيراً قط". قال القسطلاني العشير: أي إحسان الزوج. لأنها كالمصرة على كفران النعمة، والإصرار على المعصية سبب العذاب أهـ ص 239 جواهر البخاري.

(2)

تضيق رزقه وتقلل حاجاته.

(3)

ضيقاً وشدة.

ص: 133

وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قالَ: الْفُقَرَاءُ المُهَاجِرُونَ (1) الَّذِينَ تُسَدُّ (2) بِهِمُ الثُّغُورُ، وَتُتقَى بِهِم (3) المَكَارِهُ، وَيَمُوتُ أَحَدُهُمْ وَحَاجَتُهُ في صَدْرِهِ لَا يَسْتَطِعُ لها قَضَاءً، فَيَقُولُ اللهُ عز وجل لِمَنْ يَشَاءُ مِن مَلائِكَتِه: ائْتُوهُمْ فَحَيُّوهُمْ، فَتَقُولُ الملائِكَةُ: رَبَّنَا نَحْنُ سُكَّانُ سَمَائِكَ وَخِيرَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ، أَفَتَأْمُرُنُا أَنْ نَأْتِيَ هؤُلاءِ فَنُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ؟ قالَ: إِنَّهُمْ كَانُوا عِبَاداً يَعْبُدُونِي، وَلَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً، وَتُسَدُّ بِهِمُ الثُّغُورُ، وَتُتَّقَى بِهِمُ المكَارِهُ، وَيَمُوتُ أَحَدُهُمْ وَحَاجَتُهُ في صَدْرِهِ (4) لَا يَسْتَطِيعُ لها قَضَاءً (5). قالَ: فَتَأْتِيهِمُ الملائِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَيَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ (6)

بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (7) رواه أحمد والبزار، ورواتهما ثقات، وابن حبان في صحيحه.

أول الناس وروداً على الحوض فقراء المهاجرين

10 -

وَعَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه، قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ حَوْضِي (8) مَا بَيْنَ عَدَن (9) إِلى عَمَّانَ أَكْوَابُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ الثَّلْج وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَكْثَرُ النَّاسِ وُرُوداً عَلَيْهِ فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ. قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ

(1) الذين تركوا وطنهم وعاشوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، أو فارقوا أوطانهم، وذهبوا إلى بلاد الإسلام وطاعة الله موفورة.

(2)

تسد كذا ط وع ص 320 - 2 وفي ن د: يسد بالياء: أي يكونون عرضة لصد هجمات الأعداء، وحصوناً قوية منيعة لرد الخصوم الكفار الفجار، وفي النهاية: الثغر: الموضع الذي يكون حداً فاصلاً بين بلاد المسلمين والكفار؛ وهو موضع المخافة من أطراف البلاد.

(3)

يكونون سبباً لإبعاد المخاوف، وهم قواد مهرة يعتمد عليهم في إزالة الكروب.

(4)

أي فقراء لهم مطالب، ولا يشكون إلا الله.

(5)

أداء.

(6)

بشارة بدوام السلامة كما قال تعالى: [جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب (23) سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار (24)] من سورة الرعد.

أي هذا الثواب بسبب صبركم على الشهوات، أو على أمر الله، أو بسلام: أي نسلم عليكم ونكرمكم بصبركم، والأول أوجه أهـ نسفي.

(7)

أي أمدح هذه النتيجة التي أوصلتكم إلى الجنات، نعم كلمة مدح وثناء، وعقبى بمعنى عاقبة وثمرة مجناة كما قال تعالى:[والعاقبة للتقوى].

(8)

قال عنه علماء التوحيد: هو جسم مخصوص كبير متسع الجوانب ترده أمته صلى الله عليه وسلم حين خروجهم من قبورهم عطاشاً يكون على الأرض المبدلة البيضاء كالفضة، من شرب منه لا يظمأ أبدا، وهو حق ويفسق من أنكره.

(9)

بين هذين البلدين كناية عن أنه واسع المدى عذب المذاق كبير جداً. وعمان كشداد بلد بالشام كذا القاموس ون ع، وعمان كغراب بلد باليمن.

ص: 134

صِفْهُمْ لَنَا قالَ: شُعْثُ الرُّؤُوسِ (1) دُنْسُ الثِّيَابِ (2) الَّذِينَ لا يَنْكِحُونَ المتَنَعِّمَاتِ (3)، وَلا تُفْتَحُ لَهُمْ السُّدُدُ الَّذِينَ يُعْطُونَ مَا عَلَيْهِمْ (4)،

وَلَا يُعْطَوْنَ مَا لَهُمْ. رواه الطبراني، ورواته رواة الصحيح، وهو في الترمذي وابن ماجة بنحوه.

[السدد] هنا: هي الأبواب.

11 -

وَعنْ أَبي سَلَامِ الأَسْوَدِ أَنَّهُ قالَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: سَمِعْتُ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَوْضِي مَا بَيْنَ عَدَنَ إِلى عَمَّانَ الْبَلْقَاءِ مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَوَانِيهِ عَدَدُ النُّجُومِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ (5) بَعْدَهَا أَبَداً، وَأَوَّلُ النَّاسِ وُرُوداً عَلَيْهِ فُقَراءُ المهَاجِرِينَ الشُّعْثُ رُؤوساً، الدُّنْسُ

(1) رؤوسهم متغيرة متلبدة، وفي المصباح: شعث الشعر شعثاً: تغير وتلبد لقلة تعهده بالدهن، ورجل أشعث وامرأة شعثاء، وهو أشعث أغبر: أي من غير استحداد ولا تنظف؛ والمعنى يهمهم طاعة الله وحده ولا يعتنون بأجسامهم، مثل هذا الزمن الذي يحب خدمة نفسه ويترك طاعة الله تعالى كما وصف الله الكفار:[إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار، والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم (12)] من سورة محمد صلى الله عليه وسلم.

(2)

أي ملابسهم بالية قذرة.

(3)

المتنعمات كذا د وع ص 320 - 2 وفي ن د: المنعمات: أي لا يتزوجون السيدات المترفة اللاتي لا يساعدنهن على تقوى الله.

(4)

يؤدون الواجب، وحقوق الناس كاملة وحقوقهم مهضومة، وأموالهم يطمع الناس فيها لتسامحهم ولعكوفهم على العبادة، والمعنى وراد حوض رسول الله الذين يشربون من مائه العذب متحلون بصفات:

أ - ليس عندهم شيء من حطام الدنيا يلهيهم عن ذكر الله وتسبيحه.

ب - يتركون محال الفجور واللهو، ويحضرون مجالس العلم، ويعملون صالحاً، ويقطعون صحبة الأشرار:(المهاجرون).

جـ - يقبلون على تكميل أنفسهم بآداب الشرع، ولا يتجملون ولا يعتنون بالمظاهر الكذابة (شعث).

د - سيداتهم مطيعة محتجبة بعيدة عن العصيان عابدة قانتة طيبة (غير المتنعمة).

هـ - نفوسهم متواضعة سهلة لينة لا يؤبه لهم ولا تحترمهم الظلمة الجهلة، ويعطون ما عليهم كاملاً، ولا يأخذون الذي استقر لهم طمعاً في حلمهم وكرمهم.

فتى كان يدنيه الفتى من صديقه

إذا ما هو استغنى ويبعده الفقر

فتى لا يعد المال ربا ولا ترى

به جفوة إن نال مالاً ولا كبر

فتىً كان يعطي السيف في الروع حقه

إذا ثوب الداعي وتشفى به الجزر

وهون وجدي أنني سوف أغتدي

على إثره يوماً وإن نفس العمر

(5)

لم يطرأ عليه عطش أبداً ولا يصيبه ألم ولا شدة. وشرباً بفتح الشين المصدر، وبضمها وبكسرها: اسم [فشاربون شرب الهيم].

ص: 135

ثِيَاباً، الَّذِينَ لَا يَنْكِحُونَ الْمُنَعَّمَاتِ، وَلَا تُفْتَحُ لَهُمُ السُّدَدُ. قالَ عُمَرُ (1): لكِنِّي قَدْ نَكَحْتُ الْمُنَعَّمَاتِ فَاطِمَةَ بِنْتَ عَبْدِ الملِكِ، وَفُتِحَتْ إِليَّ السُّدَدُ، لَا جَرَمَ أَنِّي (2) لَا أَغْسِلُ رَأْسِي حَتَّى يَشْعَثَ (3)، وَلَا ثَوْبِي الَّذِي يَلِي جَسَدِي حَتَّى يَتَّسِخَ. رواه الترمذي، وابن ماجة والحاكم، واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد.

يدخل فقراء أمتي الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفاً

12 -

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: يَدْخُلُ فُقَراءُ أُمَّتِي الجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفاً (4)، فَقِيلَ: صَفْهُمْ لَنَا؟ قالَ: الدَّنِسَةُ ثِيَابُهُمُ الشَّعِثَةُ رُؤُوسُهُمْ الَّّذِينَ لَا يُؤْذَنُ لَهُمْ عَلَى السُّدَاتِ (5)، وَلَا يَنْكِحُونَ الْمُنَعَّمَاتِ (6) تُوَكَّلُ بِهِمْ مَشَارِقُ الأَرْضِ وَمَغَارِبُهَا يُعْطُونَ كُلَّ الَّذِي عَلَيْهِمْ، وَلَا يُعْطَوْنَ كُلَّ الَّذِي لَهُمْ. رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ورواته ثقات. ورواه مسلم مختصراً: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ فُقَرَاءَ أُمَّتِي الْمُهَاجِرِينَ يَسْبِقُونَ الأَغْنِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفاً. رواه ابن حبان في صحيحه مختصراً أيضاً، وقال: بِأَرْبَعِينَ عَاماً.

13 -

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: يَجْتَمِعُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ: أَيْنَ فُقَراءُ هذِهِ الأُمَّةِ؟ قالَ: فَيُقَالُ لَهُمْ: مَاذَا عَمِلْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا ابْتُلِينَا (7) فَصَبَرْنَا، وَوَلّيْتَ الأَمْوَالَ وَالسُّلْطَانَ غَيْرَنَا، فَيَقُولُ اللهُ جَلَّ

(1) سيدنا عمر تزوج النساء الجميلات اللائي وصفن بالنعيم والعز وقوبل بكل إجلال واحترام وخشي الناس بأسه. ثم أراد أن يتقشف ويخشوشن، ولقد ثبت أنه رقع ثوبه وخصف نعله كرسول الله صلى الله عليه وسلم ولبس الثوب المرقع. وفي حلية الأولياء مشى مرة وهو أمير المؤمنين فخلع نعله وعبر ماء كان يملأ الشارع.

(2)

حقاً أني.

(3)

يتغير ويتلبد. والمعنى سأقبل على تكميل الباطن، وأدع الظاهر فلا أجعله كل عنايتي.

(4)

سنة.

(5)

يقفون مدة طويلة على الأبواب إذا طلبوا السؤال فلا يعتنى بهم لتواضعهم وحلمهم، وذهبت عنهم صف التكبر والتجبر.

(6)

المتنعمات توكل كذا د وع، وفي ن ط: المنعمات يوكل. المعنى نفوسهم خاضعة خاشعة لله فانية في ذكره.

(7)

أي أفقرتنا اختباراً لنا فأطعناك ورضينا وحبسنا الأنفس عن الجزع، ولم نعصك. ووليت الأموال والسلطان كذا د وع، وفي ن ط: ووليت السلطان والأموال: أي يا رب أسندت إدارة الأموال الوفيرة، والنعم الكثيرة لغيرنا من عبادك وكذا الحكم والأمر النافذ والسلطة القاهرة وجعلتنا فقراء في الحياة الدنيا.

ص: 136

وَعَلا: صَدَقْتُمْ. قالَ: فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ النَّاسِ، وَيَبْقَى شِدَّةُ الحِسَابِ عَلَى ذَوِي الأَمْوَالِ والسُّلْطَانِ (1). قالُوا: فَأَيْنَ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَئِذٍ؟ قالَ: يُوضَعُ لَهُمْ كَرَاسِيُّ مِنْ نُورٍ وَيُظَلّل عَلَيْهِمُ الْغَمَامُ (2)

يَكُونُ ذَلِكَ اليَوْمُ (3) أَقْصَرَ عَلى الْمُؤْمِنِينَ مِنْ سَاعَةٍ مِنْ نَهَارٍ. رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه.

إن فقراء المسلمين يزفون كما تزف الحمام

14 -

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ سَابِطٍ قالَ: أَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلى سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ: إِنَّا مُسْتَعْمِلُوكَ (4) عَلى هَؤلاءِ تَسِيرُ بِهمْ إِلى أَرْضِ الْعَدُوِّ، فَتُجَاهِدُ بِهِمْ. قال فذكر حديثاً طويلاً قال فيه: قال سعيد: وَمَا أَنَا بِمُتَخَلِّفٍ عَنِ الْعَنَقِ الأَوَّلِ (5) بَعْدَ إِذْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ فُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ يُزَفُّونَ كَمَا تُزَفُّ الْحَمَامُ (6) فَيُقَالَ لَهُمْ: قِفُوا لِلْحِسَابِ، فَيَقُولُونَ: وَاللهِ مَا تَرَكْنَا شَيْئاً نُحَاسَبُ بِهِ، فَيَقُولُ اللهُ عَزّ

(1) يسألهم ربهم عز وجل فيم أنفقتم أموالكم؟ وأين أضعتموها؟ وما الصالحات التي شيدتموها. ولماذا ملكتم فظلمتم؟ وهكذا يسألون عن الصغيرة والكبيرة. قال تعالى: [ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير (70)] من سورة الحج. سبحانه لا يخفى عليه شيء، وإن الإحاطة به، وإثباته في اللوح المحفوظ، أو الحكم بينكم على الله يسير، أي سهل لأن علمه مقتضى ذاته المتعلق بكل المعلومات سواء. وشاهدنا إحاطة الله بأعمال عباده ليثيب المحسن، ويعاقب المسيء كما قال تعالى:[وما للظالمين من نصير] نسأل الله السلامة: إن الدين يدعو إلى النظافة، والنظافة من الإيمان، فالمعنى أن هؤلاء الصالحين يحبون تحسين الباطن وتكميله وانشغاله بربه، وإذا قربت إليهم أيها الأخ المسلم وجدت رائحتهم جميلة طاهرة نقية لأن الله تعالى جميل. ويحب الجميل والنبي صلى الله عليه وسلم جعل الطهارة أساساً لصحة الصلاة. وقال الله تعالى [وثيابك فطهر].

(2)

أي السحاب يكون عليهم كالظلة يقيهم حر الشمس المحرقة ..

(3)

أي يوم القيامة يمر عليهم بسلام لا يشعرون فيه بألم أو شدة، الله أكبر التقشف والتقلل من حطام الدنيا والتباعد عن الرياسة والسلطة ينجي من شدائد يوم الحساب، ويتمتع الزاهد الفقير بالأضواء المشرقة، والنعيم المقيم كما قال الله تعالى:[فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا (11) وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا (12)] من سورة الدهر، والله تعالى أخبرنا في كتابه [للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون (8)] من سورة الحشر.

قال البيضاوي: فإن كفار مكة أخرجوهم وأخذوا أموالهم. وقد جاهدوا في الله حق جهاده بأنفسهم وأموالهم أهـ. وينال ثوابهم من هاجر في سبيل نصر دين الله، وأقام شعائره وعمل بكتابه وسنة رسوله وترك الأشرار والعصاة ونبذ صحبتهم.

(4)

أي نستفهم عن سير الأبطال المجاهدين.

(5)

الفوج: أي الطائفة المسرعة في طاعة الله تعالى، وفي المصباح: العنق ضرب من السير فسيح سريع، من أعنق إعناقا.

(6)

الطيور المغردة جميلة الصورة حسنة الهيئة يفرح بها أصحابها ويطربون بها.

ص: 137

وَجَلَّ: صَدَقَ عِبَادِي، فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ النّاسِ بِسَبْعِينَ عَامَاً. رواه الطبراني وأبو الشيخ بن حبان في الثواب، ورواتهما ثقات إلا يزيد بن أبي زياد.

يأتي قوم يوم القيامة نورهم كنور الشمس

15 -

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْماً، فَطَلَعَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ: يَأْتِي قَوْمٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نُورُهُمْ كَنُورِ الشَّمْسِ قالَ أَبُو بَكْرٍ: نَحْنُ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: لَا، وَلَكُمْ خَيْرٌ كَثِيرٌ، وَلكِنَّهُمُ الْفُقَراءُ الْمُهَاجِرُونَ الَّذِينَ يُحْشَرُونَ (1) مِنْ أَقْطَارِ الأَرْضِ. فذكر الحديث. رواه أحمد والطبراني وزاد ثم قال:

طُوبَى (2) لِلْغُرَبَاءِ. قِيلَ: مَنِ الْغُرَبَاءُ؟ قالَ: أُناسٌ صَالِحُونَ قَلِيلٌ في نَاسٍ سُوءٍ (3) كَثِيرٌ مَنْ يَعْصِيِهِمْ (4) أَكْثَرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُمْ. وأحد إِسنادَيِ الطبراني رواته رواة الصحيح.

16 -

وَعَنْ أَبِي الصِّدِّيق النَّاجِي عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قالَ: يَدْخُلُ فُقَرَاءُ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الأَغْنِياءِ بَأَرْبَعِمِائَةِ عَامٍ. قالَ: فَقُلْتُ: إِنَّ الْحَسَنَ يَذْكُرُ أَرْبَعِينَ عَاماً؟ فَقَالَ: عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَربَعُمِائَةِ عَامٍ حَتَّى يَقُولَ الْمُؤْمِنُ الْغَنِيُّ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ عَيِّلاً (5). قالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ: سَمِّهِمْ لَنَا بِأَسْمَائِهِمْ؟ قالَ: هُمْ الَّذِينَ إِذَا كَانَ مَكْرُوهٌ (6) بُعِثُوا إِلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ نَعِيمٌ بُعِثَ إِلَيْهِ سِوَاهُمْ، وَهُمُ الَّذِينَ يُحْجَبُونَ عَنِ الأَبْوَابِ (7). رواه أحمد من رواية زيد بن الحواريّ عنه.

يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم

17 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

(1) يوجدون من جميع جهاتها.

(2)

مكان في الجنة يناله البعيد عن وطنه حباً في رضا الله تعالى ورسوله وابتغاء فراق الأشرار العصاة.

(3)

ناس سوء، أي فساق عصاة فجرة طغاة ظلمة فيفارقهم الصالحون خشية العدوى والقدوة السيئة.

(4)

الذي يوافقهم في المعاصي أكثر من الأبرار المطيعين.

(5)

مؤمناً فقيراً لا أملك شيئاً في حياتي حتى يقل حساب ما أنعم علي به في دنياي.

(6)

يرسلون للشدائد ويواجهون الصعاب لشدة إيمانهم بالله تعالى والثقة بنصره كما قال تعالى: [إن الله يدافع عن الذين آمنوا] ويرسل غيرهم لكسب الأموال وجلب الخيرات ونيل الأرزاق الواسعة والعيش الرغد.

(7)

معناه لزهادتهم في الدنيا يمنعون من الدخول على الحكام: أي لا يحترمهم الناس لتواضعهم، وخلعوا رداء الكبر عنهم "هينون لينون أيسار ذوو كرم".

ص: 138

يَدْخُلُ فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الأَغْنِياءِ بِنِصْفِ يَوْمٍ، وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ. رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

[قال الحافظ]: ورواته محتجّ بهم في الصحيح، ورواه ابن ماجة بزيادة من حديث موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر.

18 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: الْتَقَى مُؤْمِنَانِ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ: مُؤْمِنٌ غَنِيٌّ، وَمُؤْمِنٌ فَقِيرٌ كَانَا فِي الدُّنْيَا، فَأُدْخِلَ الْفَقِيرُ الْجَنَّةَ، وَحُبِسَ الْغَنِيُّ (1) مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يُحْبَسَ، ثُمَّ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، فَلَقِيَهُ الْفَقِيرُ فَقَالَ: يَا أَخِي مَاذَا حَبَسَكَ (2)؟ وَاللهِ لَقَدْ حُبِسْتَ حَتَّى خِفْتُ عَلَيْكَ، فَيَقُولُ: يَا أَخِي إِنِّي حُبِسْتُ بَعْدَكَ مَحْبساً (3) فَظِيعاً كَرِيهاً مَا وَصَلْتُ إِلَيْكَ حَتَّى سَالَ مِنِّي مِنَ الْعَرَقِ مَا لَوْ وَرَدَهُ أَلْفُ بَعِيرٍ كُلُّهَا أَكَلَةُ حُمْضِ النَّبَاتِ لَصَدَرَتْ عَنْهُ رِوَاءً. رواه أحمد بإِسناد جيد قويّ.

[الحُمض]: ما ملح وأمرّ من النبات.

مراتب الصحابة في الجنة

19 -

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما قالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَصْحَابِهِ أَجْمَعَ مَا كَانُوا، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ مَنَازِلَكُمْ في الْجَنَّةِ، وَقُرْبَ مَنَازِلِكُمْ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَقْبَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ: إِنِّي لأَعْرِفُ رَجُلاً أَعْرِفُ اسْمَهُ، واسْمَ أَبِيهِ وأُمِّهِ لَا يَأْتِي بَاباً مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ إِلَاّ قَالُوا: مَرْحَباً (4) مَرْحَباً، فَقَالَ سَلْمَانُ: إِنَّ هَذَا: الْمُرْتَفِع شَأْنُهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: فَهُوَ أَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا عُمَرُ لَقَدْ رَأَيْتُ في الْجَنَّةِ قَصْراً مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ لُؤْلُؤهُ أَبْيَضُ، مُشَيَّدٌ بِالْيَاقُوتِ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هذَا؟ فَقِيلَ: لِفَتَىً مِنْ قُرَيْشٍ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ لِي، فَذَهَبْتُ لأَدْخُلَهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدْ هذَا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَمَا مَنَعَنِي مِنْ دُخُولِهِ إِلَاّ غَيْرَتَكَ (5) يَا أَبَا حَفْصٍ، فَبَكَى عُمَرُ

(1) انتظر للحساب على أمواله.

(2)

أي شيء أبعدك عن دخول الجنة؟

(3)

حبساً شديد الأهوال.

(4)

وجدت مكاناً راحباً: أي واسعاً وسروراً وتشريفاً مباركاً.

(5)

الحمية والأنفة والشهامة على حفظ الحريم.

ص: 139

وَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي عَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه، فَقَالَ يَا عُثْمَانُ إِنَّ لِكُلِّ نَبيٍّ رَفِيقاً فِي الْجَنَّةِ، وَأَنْتَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ رضي الله عنه، فَقَالَ يَا عَليُّ: أَوَمَا تَرْضَى أَنْ يَكُونَ مَنْزِلُكَ فِي الْجَنَّةِ مُقَابِلَ مَنْزِلِي (1)، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ رضي الله عنهما، فَقَالَ: يَا طَلْحَةُ وَيَا زُبَيْرُ: إِنَّ لِكُلِّ نَبيٍّ حَوَارِيَّ (2)، وَأَنْتُمَا حَوَارِييِّ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه، فَقَالَ: لَقَدْ بَطَّأَ (3)

بِكَ عَنَّا مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِي حَتَّى خَشِيتُ أَنْ تَكُونَ هَلَكْتَ، وَعَرِقْتُ عَرَقاً شَدِيداً، فَقُلْتُ: مَا بَطَّأَ بِكَ؟ فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ مِنْ كَثْرَةِ مَالِي مَا زِلْتُ مَوْقُوفاً مُحَاسَباً أَسْأَلُ عَنْ مَالِي مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبْتُهُ، وَفِيما أَنْفَقْتُهُ، فَبَكَى عَبْدُ الرَّحْمنِ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَذِهِ مَائَةُ رَاحِلَةٍ جَاءَتْنِي اللَّيْلَةَ مِنْ تِجَارَةِ مِصْرَ، فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّهَا عَلَى فُقَراءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَيْتَامِهِمْ لَعَلَّ اللهَ يُخَفِّفُ عَنِّي ذَلِكَ الْيَومَ. رواه البزار، واللفظ له والطبراني ورواته ثقات إلا عمار بن سيف، وقد وُثق.

[قال الحافظ]: وقد ورد من غير وجه، ومن حديث جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمنِ بْنَ عَوْفٍ رضي الله عنه يَدْخُلُ الْجَنَّةَ حَبْواً لِكَثْرَةِ مَالِهِ، ولا يسلم أجودُها من مقال، ولا يبلغ منها شيء بانفراده درجة الحسن، ولقد كان ماله بالصفة

(1) أن يكون منزلك في الجنة مقابل منزلي كذا ط وع ص 322 - 2، وفي ن د: أن تكون منزلتك مقابل منزلتي.

(2)

أنصاراً مخلصين وأتباعاً صالحين.

(3)

بطأ: أي أخرك. استفهم صلى الله عليه وسلم عن سبب تأخيره، ولم يلحق درجات الصالحين الأوائل حتى خاف صلى الله عليه وسلم أن يهلك عبد الرحمن، فأجاب رضي الله عنه بوفرة أمواله، ودقة الحساب: من أي مكان أوجده؟ وعلى من أنفقه؟ وفي أي الوجوه صرفه؟ ثم أثمر درسه صلى الله عليه وسلم فأكثر سيدنا عبد الرحمن من أفعال البر ووجه خيرات مائة راحلة إلى الفقراء والأيتام ذخيرة عند ربه جل وعلا ورجا أن ينجيه من أهوال القيامة. انتبهوا يا أصحاب الأموال والضيعات فالله تعالى سيحاسبكم عليها. أنفقوا في حياتكم وشيدوا أعمال البر وساعدوا على إنشاء المشروعات المفيدة، إن الوطن يناديكم أن توجدوا أعمالاً حرة لأبنائه .. شيدوا مصنوعات وأنشئوا الشركات الوطنية، وحرام عليكم أن تودعوا الأموال في المصارف مكدسة مخزونة بلا استثمار طيب وحلال، وقد رأيتم سيدنا عبد الرحمن، وهو صاحب المنزلة الرفيعة في الدين، ومع ذلك وقف ليسأل، وتأخر عن زملائه، وبعبارة أخرى "يدخل الجنة حبواً": أي يدرج على بطنه ويزحف على الأرض. لماذا؟ لأنه كثير الغلات وافر الخيرات مع شهادة عدول له أنه رضي الله عنه سباق =

ص: 140

التي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم: نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ، فَأَنى تنقص درجاته في الآخرة، أو يقصر به دون غيره من أغنياء هذه الأمة؟ فإنه لم يرد هذا في حق غيره إنما صح سبق فقراء هذه الأمة أغنياءهم على الإطلاق، والله أعلم.

20 -

وَعَنْ أُسَامَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: قُمْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَكَانَ عَامّة مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِينُ (1)، وَأَصْحَابُ الْجَدِّ (2) مَحْبُوسُونَ (3) غَيْرَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلى النَّارِ، وَقُمْتُ عَلَى بَابِ النَّارِ، فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاء. رواه البخاري ومسلم.

[الجد]: بفتح الجيم: هو الحظ والغنى.

21 -

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: رَأَيْتُ أَنِّي دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا أَعَالِي أَهْلِ الْجَنَّةِ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ، وَذَرَارِي (4) الْمُؤْمِنِينَ، وَإِذَا لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ أَقَلَّ مِنَ الأَغْنِياءِ وَالنِّسَاءِ، فَقِيلَ لِي: أَمَّا الأَغْنِياءُ فَإِنَّهُمْ عَلَى الْبَابِ يُحَاسَبُونَ وَيُمَحَّصُونَ (5)، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَأَلْهَاهُنَّ الأَحْمَرَانِ: الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ (6). الحديث. رواه أبو الشيخ ابن حبان وغيره من طريق عبد الله بن زُحَر عن علي بن يزيد عن القاسم عنه.

22 -

وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: اللَّهُمَّ

= إلى المكارم جواد وكريم محسن "نعم المال الصالح للرجل الصالح": أي أمدح المال إذا وفق صاحبه لأعمال البر مثل سيدنا عبد الرحمن. فأين الثريا والثرى من أغنياء زمننا هذا وما يفعلون بغناهم الآن؟ هل استعدوا ليوم الحساب.

(1)

الفقراء.

(2)

الغنى.

(3)

منتظرون للحساب على باب الجنة. فيم أنفقوا؟ من أين جمعوا؟.

(4)

الصغار الذين لم يبلغوا الحلم.

(5)

يزكون ويطهرون كما قال تعالى: [وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين] وليمحص ما في قلوبكم فالتمحيص: التزكية، وأصله إزالة ما يشوبه من خبث وتخليص الشيء مما فيه من عيب كالفحص.

(6)

غرهن التنعم والترف فقصرن في حقوق الله.

ص: 141

أحْيِني مِسْكِيناً (1)، وَأَمِتْنِي مِسْكِيْناً، وَاحْشُرنِي في زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: إِنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيائِهِمْ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفاً يَا عَائِشَةُ لَا تَرُدِّي مِسْكِيناً، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ. يَا عَائِشَةُ حُبِّي الْمَسَاكِينَ وَقَرِّبِيهِمْ، فَإِنَّ اللهَ يُقَرِّبُك يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه الترمذي، وقال: حديث غريب،

وتقدم في صلاة الجماعة حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي، وفي رواية: رَبِّي في أَحْسَنِ صُورَةٍ. فذكر الحديث إلى أن قال: قالَ ياَ مَحمَّدْ. قُلْتُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ (2). فَقَالَ: إِذَا صَلَّيْتَ، قُل: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْك المُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَإِذَا أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً (3)، فاقْبِضْنِي إلَيْكَ (4) غَيْرَ مَفْتُونٍ. الحديث. رواه الترمذي وحسنه.

23 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: اللَّهُمَّ أحْيِنِي مِسْكِيناً، وَتَوَفَّنِي مِسْكِيناً، وَاحْشُرْنِي في زُمْرَةِ المَسَاكِينِ وَإِنَّ أَشْقَى الأَشْقِيَاءِ (5) مَنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَقْرُ الدُّنْيَا وَعَذَابُ الآخِرَةِ. رواه ابن ماجة إلى قوله: المساكين، والحاكم بتمامه، وقال صحيح الإسناد.

ورواه أبو الشيخ والبيهقي عن عطاء بن أبي رباح سمع أبا سعيد يقول:

يا أَيُّهَا النَّاسُ: لَا تَحْمِلَنَّكُمُ الْعُسْرَةُ (6) عَلَى طَلَبِ الرِّزْقِ (7) مِنْ غَيْرِ حِلَّهِ، فَإِنِّي

(1) المسكين: الذي لا شيء له، وهو أبلغ من الفقير. يدعو صلى الله عليه وسلم أن يرزقه الله الهيبة والخشية ويبعد عنه زخارف الدنيا حتى يخلص لعبادته سبحانه.

(2)

إجابة بعد إجابة وإسعاداً بعد إسعاد. ثم أمر صلى الله عليه وسلم بطلب ثلاثة:

أ - الإعانة على تشييد الصالحات وإيجاد المحامد وغرس المكارم.

ب - الابتعاد عن القبائح، وهجر الموبقات وصحبة الأشرار.

جـ - إكرام الضعفاء والتقرب إلى الصالحين ومودتهم وصحبة الأخيار الأبرار.

(3)

اختباراً.

(4)

فألحقني إلى الرفيق الأعلى سليماً من كل محنة.

(5)

أكثر الناس شقاءً وتعباً: الذي ضيع دنياه وآخرته، فذاق فقرها وعصى ربه فيها، فعذبه عذاباً شديداً بعد موته.

(6)

الضيق والشدة.

(7)

جمع المال من وجوه الحرام خشية عذاب الله في الآخرة لكم. قال تعالى:

أ -[يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين (18)] من سورة البقرة.

ب - وقال تعالى: [يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا الله] من سورة البقرة.

ص: 142

سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: اللَّهُمَّ تَوَفَّنِي فَقِيراً، وَلَا تَوَفَّنِي غَنِيّاً، واحْشُرْنِي في زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ، فَإِنَّ أَشْقَى الأَشْقِيَاءِ مَنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَقْرُ الدُّنْيَا، وَعَذَابُ الآخِرَةِ. قال أبو الشيخ: زاد فيه غير أبي زرعة عن سليمان بن عبد الرحمن: وَلَا تَحْشُرْنِي في زُمْرَةِ الأَغْنِياءِ.

أحبوا الفقراء وجالسوهم

24 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعاً: أَحِبُّوا الْفُقَراءَ (1)، وَجَالِسُوهُمْ وَأحِبَّ الْعَرَبَ (2) مِنْ قَلْبِكَ، وَلْيرُدُّكَ عَنِ النَّاسِ مَا تَعْلَمُ مِنْ نَفْسِكَ (3). رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد.

25 -

وَعَنْ عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَتَى عَلَى سَلْمَانَ وَصُهَيْبٍ وَبِلَالٍ في نَفَرٍ (4)، فَقَالُوا (5): مَا أَخَذَتْ سُيُوفُ اللهِ مِنْ عُنُقِ عَدُوِّ اللهِ مَأْخَذَهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَتَقُولُونَ هذَا لِشَيْخِ قُرَيْشٍ (6) وَسَيِّدِهِمْ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَجَارَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ: لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ؟ لَئِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أَغَضَبْتَ رَبَّكَ (7)، فَأَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا إِخْوَتَاهُ أَغْضَبْتُكُمْ (8)؟ قَالُوا: لَا (9) يَغْفِرُ اللهُ لَكَ يَا أُخَيُّ. رواه مسلم وغيره.

(1) أظهروا مودتهم، وقدموا لهم الإكرام والاحترام.

(2)

أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأهله وأتباعه، ومن سلك سنته إلى يوم القيامة.

(3)

وليبعدك عن الناس تقصيرك في حقوق الله وكل ما تعلمه من خلالك خيرها وشرها.

(4)

جماعة.

(5)

ساداتنا سليمان وصهيب وبلال تهكموا بأبي سفيان فأنكر قولهم أبو بكر وسماه سيدا، وأمر صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يصلح هؤلاء السادة الأبرار لأن رضاهم من رضا الله جل وعلا كما قال تعالى:[إن أكرمكم عند الله أتقاكم] فذهب رضي الله عنه يستعطفهم ويستميلهم عذراً ويتمنى رضاهم. أبو سفيان رجل كبير في قومه ذو مكانة سامية، ولكن احتقره هذا النفر لكفره وعناده وعداوته لله ورسوله. فدافع عنه أبو بكر، ولكن أسف واستغفر ربه، والله غفور رحيم

(6)

حماه وهو رئيس قبيلة وصاحب كلمة نافذة وسلطان قوي، وأنجب ابنه سيدنا معاوية رضي الله عنه رأس الدولة الأموية.

(7)

إذ تعديت على أوليائه.

(8)

هل تكدرتم من دفاعي عن أبي سفيان؟ فأظهروا غضبهم من الدفاع عن أهل الكفر، والله ولي المؤمنين ففيه محبة المسلمين، وعدم الدفاع عن الفسقة الملحدين.

(9)

أي ما أغضبتنا، ثم ادعوا له بالغفران وزيادة الإحسان لأنه رضي الله عنه أخوهم في الدين.

وهنا درس أخلاقي، يحمي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان، ثم يلزم أبا بكر بإرضاء أصحابه فيسترضيهم ويطلبون له الخير والعزة والسعادة.

ص: 143

26 -

وَعَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ قالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَفْتِحُ (1) بِصَعَالِيكِ (2) المسْلِمِينَ. رواه الطبراني، ورواتُه رواة الصحيح، وهو مرسل.

وفي رواية: يَسْتَنْصِرُ بِصَعَالِيكِ الْمُسْلِمِينَ.

حديث يعقوب عليه السلام مع من آخاه في الله تعالى

27 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: كَانَ لِيَعْقُوبَ أَخٌ مُؤَاخٍ (3) فِي اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: يَا يَعْقُوبُ (4) مَا الَّذِي أَذْهَبَ بَصَرَكَ (5)؟ قاَلَ: الْبُكَاءُ عَلَى يُوسُفَ (6). قالَ: مَا الَّذِي قَوَّسَ ظَهْرَكَ (7)؟ قالَ الْحُزْنُ عَلَى بِنْيَامِينَ، فَأَتَأهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا يَعْقُوبُ! إِنَّ اللهَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ. وَيَقُولُ: أَمَا تَسْتَحِي أَنْ تَشْكُوَنِي إِلى غَيْرِي؟ قالَ: إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي (8) وَحُزْنِي إِلى اللهِ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: اللهُ أَعْلَمُ بِمَا تَشْكُو يَا يَعْقُوبُ، ثُمَّ قالَ يَعْقُوبُ: أَيْ رَبِّ أَمَا تَرْحَمُ (9) الشَّيْخَ الْكَبِيرَ! أَذْهَبْتَ بَصَرِي، وَقَوَّسْتَ ظَهْرِي، فازْدُدْ عَليَّ رَيْحَانَتِي أَشمُّهُ شَمَّةً قَبْلَ الْمَوْتِ، ثُمَّ اصْنَعْ بِي مَا أَرَدْتَ، قالَ: فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ يُقْرِئكَ السَّلامَ، وَيَقُولُ لَكَ: أَبْشِرْ، وَلْيَفْرِحْ قَلْبُكَ، فَوَعِزَّتِي لَوْ كَانَا مَيِّتَيْنِ لَنَشَرْتُهُمَا (10)، فاصْنَعْ طَعَاماً لِلْمَسَاكِين (11) فَإِنَّ أَحَبَّ عِبَادِي إِلَيَّ الأَنْبِيَاءُ والْمَسَاكِينُ، وَتَدْرِي (12)

لِمَ أَذْهَبْتُ بَصَرَكَ وَقَوَّسْتُ ظَهْرَكَ، وَصَنَعَ إِخْوَةُ يُوسُفَ بِيُوسُف مَا صَنَعُوا؟ إِنَّكُمْ ذَبَحْتُمْ شَاةً، فَأَتَاكُمْ مِسْكِينٌ يَتيم (13)، وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمْ تُطْعِمُوهُ مِنْهُ شَيْئاً. قَالَ: فَكانَ

(1) يطلب الفتح والفوز.

(2)

فقرائهم، ففيه أن الإنسان يتبرك ويستبشر بالضعفاء، كما قال صلى الله عليه وسلم "هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم".

(3)

صديق متفق معه على طاعة الله تعالى.

(4)

يوم يا يعقوب كذا د وع ص 324 - 2 وفي ن ط: يوم ليعقوب يا يعقوب.

(5)

سأله صاحبه في الله عن السبب الذي أذهب ضوء عينيه.

(6)

لفقده وذهابه.

(7)

حناه.

(8)

كشف ما انطويت عليه من الغم، وفي الغريب: أي غمي الذي يبثه عن كتمان فهو مصدر في تقدير مفعول أو بمعنى غمي الذي بث فكري نحو توزعني الفكر، فيكون في معنى الفاعل أهـ.

(9)

توسل به سبحانه وتعالى يعقوب في الخلوة ودعاه وطلب الرأفة منه جل وعلا.

(10)

لأحييتهما.

(11)

اعمل موائد أكل للفقراء لله تعالى.

(12)

هل تعلم ..

(13)

فقير مات أبوه.

ص: 144

يَعْقُوبُ عليه السلام بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَرَادَ الْغَدَاءَ أَمَرَ مُنَادِيَاً فَنَادَى: أَلَا مَنْ أَرَادَ الْغَدَاءَ مِنَ الْمَسَاكِينِ فَلْيتَغَذَّ مَعَ يَعْقُوبَ، وَإِنْ كانَ صَائِمَاً أَمَرَ مُنَادِياً فَنَادى: أَلَا مَنْ كَانَ صَائِماً مِنَ الْمَسَاكِينِ فَلْيُفْطِرْ مَعَ يَعْقُوبَ عليه السلام. رواه الحاكم ومن طريقه البيهقي عن حفص بن عمر بن الزبير عن أنس قال الحاكم: كذا في سماعي عن حفص بن عمر بن الزبير، وأظن الزبير وهم، وأنه حفص بن عمر بن عبد الله بن أبي طلحة، فإن كان كذلك فالحديث صحيح، وقد أخرجه إسحق بن راهويه في تفسيره قال: أنبأنا عمرو بن محمد حدثنا زافر بن سليمان عن يحيى بن عبد الملك عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.

وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذرّ

28 -

وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِخِصَالٍ مِنَ الْخَيْرِ: أَوْصَانِي أَنْ لا أَنْظُرَ إِلى مَنْ هُوَ فَوْقِي (1)، وَأَنْظُرَ إِلى مَنْ هُوَ دُونِي (2)، وَأَوْصَانِي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ، وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ (3) وَأَوْصَانِي أَنْ أَصِلَ رَحِمِي (4)،

وَإِنْ أَدْبَرَتْ. الحديث رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه.

29 -

وَعَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ رضي الله عنه قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيفٍ مُسْتَضْعَفٍ لَوْ يُقْسِمُ عَلى اللهِ لأَبَرَّهُ. أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ عُتُلٍ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ. رواه البخاري ومسلم وابن ماجة.

(1) الذي هو أعلى مني في المال والجاه والصحة.

(2)

أقل مني في النعم والصحة.

(3)

القرب منهم والعطف عليهم وإكرامهم.

(4)

أزور أقاربي وأمدهم بالمودة والعطاء، وإن قاطعت، أو تباعدت، أو هجرت. ينصح صلى الله عليه وسلم أبا ذر أن يتبع مناهج أربعة هي منابع العز ومعين السعادة والسرور وكثرة الرزق.

أ - الرضا بالقليل، وعدم الفكر في رقي من سما عليه خشية استصغار نعم الله التي فاز بها وتمتع بخيراتها، فيغضب أو يحسد أو يغتاب أو يسخط.

ب - يقارن نفسه بالذي هو أقل منه في النعم رجاء الحمد والشكر والقناعة وكثرة العبادة كما قال تعالى: [لئن شكرتم لأزيدنكم].

جـ - حب الفقراء ومجالستهم.

د - زيارة الأقارب والإحسان إليهم.

ص: 145

[العتلّ] بضم العين والتاء وتشديد اللام: هو الجافي الغليظ.

[والجوّاظ] بفتح الجيم وتشديد الواو وآخره ظاء معجمة: هو الضخم المختال في مشيته، وقيل: القصير البطين، وقيل الجموع المنوع.

30 -

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: أَهْلُ النَّارِ كُلُّ جَعْظَرِيٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ جَمَّاعٍ (1) مَنَّاعٍ (2)، وَأَهْلُ الْجَنَّة الضُّعَفَاءُ الْمَغْلُوبُونَ (3). رواه أحمد والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم.

[الجعظريّ] بفتح الجيم وإِسكان العين المهملة وفتح الظاء المعجمة قال ابن فارس: هو المنتفخ بما ليس عنده.

31 -

وَعَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في جَنَازَةٍ فَقَالَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ عِبَادِ اللهِ؟ الْفَظُّ الْمُسْتَكْبِرُ (4). أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ عِبَادِ اللهِ: الضَّعِيفُ الْمُسْتَضْعَفُ ذُو الطِّمْرَيْنِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ (5) لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ. رواه أحمد ورواته رواة الصحيح إلا محمد بن جابر.

[الطمر] بكسر الطاء: هو الثوب الخلق.

32 -

وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ مُلُوكِ الْجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى قال: رَجُلٌ ضَعِيفٌ مُسْتَضْعَفٌ ذُو طِمْرَيْنِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ. رواه ابن ماجة، ورواة إسناده محتجّ بهم في الصحيح إلا سويد بن عبد العزيز.

33 -

وَعضنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشَمٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: يَا سُرَاقَةُ أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ.

(1) يحب جمع المال لطمعه وشرهه.

(2)

لا يرجى خير منه.

(3)

الذين يغلب على أمرهم لقناعتهم ورضاهم.

(4)

الخشن الجافي فظيع المعاملة قاسي الطبع.

(5)

لا يعتنى به.

ص: 146

قالَ: أَمَّا أَهلُ النَّارِ، فَكُلُّ جَعْظَرِيٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ، وَأمَّا أَهْلُ الْجَنَّةِ فَالضُّعَفَاءُ الْمَغْلُوبُونَ. رواه الطبراني في الكبير والأوسط، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم.

34 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: احْتَجَّتِ (1) الْجَنَّةُ والنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: فِيَّ الْجَبَّارُونَ (2) وَالْمُتَكَبِّرُونَ، وَقالَتِ الْجَنَّةُ: فِيَّ ضُعَفَاءُ الْمُسْلِمِينَ وَمَسَاكِينُهُمْ، فَقَضَى اللهُ بَيْنَهُمَا: إِنَّكِ الْجَنَّة رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، وَإِنَّكِ النَّارُ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، وَلِكِلَيْكُمَا عَلَيَّ مِلْؤُهَا. رواه مسلم.

35 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ الْعَظِيمُ (3) السَّمِينُ (4) يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَزِنُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ. رواه البخاري ومسلم.

36 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٌ. مَا رَأْيُكَ في هَذَا؟ قالَ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ (5): هَذَا وَاللهِ حَرِيٌّ (6) إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ (7) أَنْ يُشَفَّعَ، فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَا رَأْيُكَ في هذَا؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هذَا رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ. هذَا أَحْرَى (8) إِنْ خَطَبَ أَنْ لَا يُنْكَحَ

(1) تخاصمتا بلسان المقال أو الحال.

(2)

اختصصت بالمتكبر المتعظم بما ليس فيه والمتجبر الظالم الممنوع الذي لا يوصل إليه، أو الذي لا يكترث بأمر ضعفاء الناس وسقطهم، وفسر القسطلاني ضعفاء الناس وسقطهم بالمحتقرين بين الناس الساقطين من أعينهم لتواضعهم لربهم أهـ.

(3)

في الطول والجاه المنتفخة أوداجه المترف المتنعم الممتلئ صحة.

(4)

الأكول الشروب، وزاد البخاري وقال اقرؤوا [فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا]. قال البيضاوي: أي فنزدري بهم ولا نجعل لهم مقداراً واعتباراً، أو لا نضع لهم ميزاناً توزن به أعمالهم لانحباطها أهـ. وقال النسفي فلا يكون لهم عندنا وزن ومقدار أهـ.

(5)

سراتهم وساداتهم وعظمائهم.

(6)

جدير وحقيق، وأولى إن أراد زواج أي سيدة أعطى ونكح وعقد العقد الشرعي عليها.

(7)

رجا في مسألة أجيب طلبه وقضيت حاجته.

(8)

أحق ألا يزوج لفقره، ولا يرجوه أحد لضعته، وهوانه على الناس، قال أن لا يسمع، كذا ط وع ص 326 - 2 وفي ن د. قال لا يسمع؛ والمعنى إن تكلم غضوا النظر عنه، ولم ينصتوا لقوله وازدروا به واحتقروه =

ص: 147

وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لَا يُشَفَّعَ، وَإِنْ قالَ أَنْ لَا يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هذا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هذَا. رواه البخاري ومسلم وابن ماجة.

37 -

وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا أَبَا ذَرٍّ: أَتَرَى كَثْرَةَ الْمَالِ هُوَ الْغَنَى؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. قالَ: فَتَرَى قِلَّةَ الْمَالِ هُوَ الْفَقْرُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. قالَ: إِنَّمَا الْغِنَى غِنَى الْقَلْبِ، والْفَقْرُ فَقْرُ الْقَلْبِ، ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ قالَ: هَلْ تَعْرِفُ فُلَاناً؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. قالَ: فَكَيْفَ تَرَاهُ أَوْ تُرَاهُ. قُلْتُ: إِذَا سَأَلَ أُعْطِي (1)، وَإِذَا حَضَرَ أُدْخِل (2). قالَ: ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ (3)، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُ فُلاناً؟ قُلْتُ: لَا وَاللهِ مَا أَعْرِفُهُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا زَالَ يُجَلِّيهِ (4) وَيُنْعِتُهُ حَتَّى عَرَفْتُهُ، فَقُلْتُ: قَدْ عَرَفْتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ، قالَ: فَكَيْفَ تَرَاهُ أَوْ تُرَاهُ؟ قُلْتُ: هُوَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ. فَقَالَ: هُوَ خَيْرٌ (5) مِنْ طِلاعِ الأَرْضِ (6) مِنَ الآخَرِ.

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَفَلا يُعْطَى مِنْ بَعْضِ مَا يُعْطَى الآخَرُ؟ فَقَالَ: إِذَا أُعْطِيَ خَيْراً فَهُوَ أَهْلُهُ (7)، وَإِذَا صُرِفَ عَنْهُ فَقَدْ أُعْطِيَ حَسَنَةً. رواه النسائي مختصراً وابن حبان في صحيحه واللفظ له.

= فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه أفضل من ذلك المتكبر المتجبر الطاغية من ملايين ملايين تملأ الدنيا مثل ذلك الحقير لكفره، أو لعصيانه ربه وظلمه. صلى الله عليك يا رسول الله تضرب مثلاً أعلى للعزة والرفعة باتباع الدين والعمل بكتاب رب العالمين ليسمو الإنسان عند ربه، ويحظى بالدرجات العالية، وتضرب صفحاً عن حطام الدنيا وزخارفها الموجودة عند الفسقة العصاة المجرمين كما قال الله تعالى:

أ -[ولله العزة ولرسوله والمؤمنين].

ب -[إن العزة لله جميعاً]. وهكذا النفوس العامرة بالإيمان عالية سامية تشعر بعزة الله ونصره وقوته، ولا تخشى بأس سواه.

(1)

أي إذا طلب من الناس شيئاً أسرعوا في إعطائه.

(2)

إذا وجد في محفل بجلوه واحترموه ودخل موقراً معززاً.

(3)

هم فقراء المهاجرين، ومن لم يكن له منهم منزل يسكنه، فكانوا يأوون إلى موضع مظلل في مسجد المدينة يسكنونه أهـ نهاية.

(4)

يذكر محامده وبدائع خلاله.

(5)

فقال هو خير، كذا د وع، وفي ن ط قال فهو خير.

(6)

مما طلعت عليه الشمس: أي كل ما يظهر على سطح الأرض. لماذا؟ لأنه فقير مخلص لربه مطيع.

(7)

أخذه باستحقاق، وإذ حرم نال ثواب صبره ورضاه بما قسم له.

ص: 148

38 -

وَعَنْهُ رضي الله عنه قالَ: قالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: انْظُرْ أَرْفَعَ رَجُلٍ في الْمَسْجِدِ قالَ: فَنَظَرْتُ، فَإِذَا رَجُلٌ عَلَيْهِ حُلَّةٌ، قُلْتُ: هذا، قالَ: قالَ لي: انْظُرْ أَوْضَعَ رَجُلٍ في الْمَسْجِدِ، قالَ: فَنَظَرْتُ، فَإِذَا رَجُلٌ عَلَيْهِ أَخْلاقٌ، قالَ: قُلْتُ: هَذَا، قالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَهَذَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هذَا. رواه أحمد بأسانيد رواتها محتج بهم في الصحيح، وابن حبان في صحيحه.

39 -

وَعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قالَ: رَأَى سَعْدٌ رضي الله عنه أَنَّ لَهُ فَضْلاً عَلَى مَنْ دُونَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَاّ بِضُعَفَائِكُمْ. رواه البخاري والنسائي، وعنده:

فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا تُنْصَرُ هذِهِ الأُمَّةُ بِضَعِيفِيهَا بِدَعْوَتِهِمْ وَصَلاتِهِمْ وَإِخْلاصِهِمْ.

40 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ابْغُونِي في ضُعَفَائِكُمْ، فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ. رواه أبو داود والترمذي والنسائي.

41 -

وَعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ رضي الله عنه قالَ: كُنْتُ في أصْحَابِ الصُّفَةِ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا مِنَّا إِنْسَانٌ عَلَيْهِ ثَوْبٌ تَامٌّ، وَأَخَذَ الْعَرَقُ في جُلُودِنَا طُرُقاً مِنَ الْغُبَارِ وَالْوَسَخِ إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: لِيَبْشُرْ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ، إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ عَلَيْهِ شَارَةٌ حَسَنَةٌ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ إِلَاّ كَلَّفَتْه نَفْسُهُ أَنْ يَأْتِي بِكَلَامٍ يَعْلُو كَلَامَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا انْصَرَفَ قالَ: إِنَّ اللهَ عز وجل لا يُحِبُّ هذَا وَضَرْبَهُ (1) يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ لِلنَّاسِ (2)

(1) وضربه كذا د وع ص 327 - 2، وفي ن ط وأضرابه: أي أمثاله. وفي النهاية ضرب الأمثال، وهو اعتبار الشيء بغيره وتمثيله به والضرب المثال والضرباء الأمثال والنظراء، وأحدهم ضريب أهـ.

(2)

كناية عن الكذب وتخرص الحديث. قال تعالى: [يلوون ألسنتهم بالكتاب]. وقال تعالى: =

ص: 149

لَيَّ الْبَقَر (1) بلِسَانِهَا الْمَرْعَى كَذَلِكَ يَلْوِي اللهُ (2) عز وجل أَلْسِنَتَهُمْ وَوُجُوهَهُمْ في النَّارِ. رواه الطبراني بأسانيد أحدها صحيح.

لو تعلمون ما ادّخر لكم ما حزنتم على ما زوي عنكم

42 -

وَعَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رضي الله عنه قالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ إِلَيْنَا في الصُّفَّةِ، وَعَلَيْنَا الْحَوْتَكِيَّةُ، فَقَالَ: لَوْ تَعْلَمُونَ مَا ادُّخِرَ (3) لَكُمْ مَا حَزِنْتُمْ عَلَى مَا زَوِيَ (4) عَنْكُمْ، وَلَتُفَتَّحَنَّ عَلَيْكُمْ فَارِسُ وَالرُّومُ (5). رواه أحمد بإسناد لا بأس به.

[الحوتكية] بحاء مهملة مفتوحة ثم واو ساكنة ثم تاء مثناة فوق، قيل: هي عمة يتعممها الأعراب يسمونها بهذا الاسم، وقيل: هو مضاف إلى رجل يسمى حوتكا كان يتعممها، والحوتك: القصير، وقيل: هي خميصة منسوبة إليه وإلى القصر، وهذا أظهر، والله أعلم.

43 -

وَعَنْ فُضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ مَنْ آمَنَ بِكَ (6)، وَشَهِدَ أَنِّي رَسُولُكَ، فحَبِّبْ إِلَيْهِ لِقَاءَكَ، وَسَهِّلْ عَلَيْهِ قَضَاءَكَ، وَأَقْلِلْ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا (7)،

وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِكَ، وَيَشْهَدْ أَنِّي رَسُولُكَ، فَلَا تُحَبِّبْ إِلَيْهِ لِقَاءَكَ، وَلَا تُسَهِّلْ عَلَيْهِ قَضَاءَكَ، وَكَثِّرْ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا. رواه ابن أبي الدنيا

= [لياً بألسنتهم]، ويقال فلان لا يلوي على أحد إذا أمعن في الهزيمة، قال تعالى:[إذ تصعدون ولا تلوون على أحد] أهـ غريب.

(1)

ميلان الماشية بلسانها لتأكل في المرعى.

(2)

يميلها فيقعون في جهنم. لماذا؟ لتجبرهم وتكبرهم وارتفاع صوته أمام حضرة النبي صلى الله عليه وسلم أو أمام العلماء الفضلاء والسادة الأتقياء ويتطاولون على الناس باللسان البذيء والقول الدنيء تعاجباً وتظاهراً ورياء كما تمد البقر ألسنتها إلى الكلأ.

(3)

ما ادخر: أي الذي كنز وعد ذخيرة لكم عند الله جل وعلا.

(4)

أي خفي.

(5)

أي والله ليفتح الله لكم بلاد فارس والروم فتدخلونها ظافرين وتحكمون أهلها فرحين مستبشرين، وتفوزون بثمراتها وتسعدون بخيراتها، والمعنى أبشروا فالله سيكثر لكم الفتوح وتكونون سادة قادة.

(6)

صدق بوجودك واعترف برسالتي فأعنه على طاعتك ليشتاق إلى مناجاتك ويرضى بأفعالك، ويقنع ويصبر ويحلم ويسعد.

(7)

اجعل رزقه قليلاً ليتيسر له العكوف على عبادتك ولتبعد عنه مشاغل الدنيا ولهوها ولعبها وزينتها. دعاء مستجاب للمؤمن التقي:

أ - الطاعة.

ب - الرضا.

جـ - الكفاف. وللفاجر الشقي:

أ - عدم الخوف من الله تعالى.

ب - السخط والتبرم من الحوادث.

جـ - جشعه على ملذات الدنيا وجمع المال بلا أعمال صالحة.

ص: 150

والطبراني وابن حبان في صحيحه، وأبو الشيخ ابن حبان في الثواب، ورواه ابن ماجة من حديث عمرو بن غيلان الثقفي وهو مختلف في صحبته قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ مَنْ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي، وَعَلِمَ أَنَّ مَا جِئْتُ بِهِ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ، فَأَقْلِلْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَحَبِّبْ إِلَيْهِ لِقَاءَكَ، وَعَجِّلْ لَهُ الْقَضَاءَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِي، وَلَمْ يُصَدِّقْنِي، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ، فَأَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَأَطِلْ عُمُرَهُ.

44 -

وَعَن مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ: الْمَوْتُ (1)، وَالْمَوْتُ خَيْرٌ مِنَ الْفِتْنَةِ، وَيَكْرَهُ قِلَّةَ المالِ، وَقِلَّةُ الْمَالِ أَقَلُّ لِلْحِسَابِ (2). رواه أحمد بإسنادين رواة أحدهما محتج بهم في الصحيح، ومحمود له رؤية، ولم يصح له سماع فيما أرى، وتقدم الخلاف في صحبته في باب الرياء وغيره، والله أعلم.

45 -

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قَلَّ مَالُهُ، وَكَثُرَتْ عِيَالُهُ (3)، وَحَسُنَتْ صَلَاتُهُ (4)، وَلَمْ يَغْتَبِ الْمُسْلِمِينَ (5) جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ مَعِي كَهَاتَيْنِ. رواه أبو يعلى والأصبهاني.

رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره

46 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

(1) الفناء والذهاب من الدنيا، ولكن الموت خير من الاستمرار في المعاصي والمحن والميل إلى الشهوات.

(2)

يوم القيامة يسأل الله تعالى عن المال فيم أنفقه؟ ومن أين اكتسبه؟ وقلته تخفف الحساب وتجعل صحيفة الإنسان نقية بيضاء من الذنوب، والمؤمن يتذكر دائماً الموت ويحب العيش الكفاف.

(3)

أفراد أسرته.

(4)

صلاها صلاة كاملة مستوفية الشروط والأركان والسنن.

(5)

ولم يذكر المسلمين بسوء. المعنى الذي اتصف بصفات أربعة يجاور رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة، ويكون مكانه قريباً منه عليه الصلاة والسلام:

أ - الزهد في الدنيا والرضا بعيشه والقناعة برزقه.

ب - رجل منجب معيل منتج مثمر يكد في حياته، ويجمع لأهله وأولاده فيخدم أمته بوجود أولاد بررة مصلحين عاملين.

جـ - يؤدي الصلاة في أوقاتها تامة بخشوع.

د - يسلم المسلمون من لسانه ويده.

هذه أربعة خلال تجعلك قريباً من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 151

رُبَّ أَشْعَثَ (1) أَغْبَرَ مَدْفُوعٍ بِالأَبْوَابِ (2) لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ. رواه مسلم.

47 -

وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ رُبَّ أَشْعَثَ (3) أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ مُصفِحٍ (4) عَنْ أَبْوَابِ النَّاسِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ. رواه الطبراني في الأوسط، ورواته رواة الصحيح إلا عبد الله بن موسى التيمي.

48 -

وَعَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. إِنَّ مِنْ أُمَّتِي (5) مَنْ لَوْ جَاءَ أَحَدَكُمْ يَسْأَلُهُ دِيَنَاراً لَمْ يُعْطِهِ، وَلَوْ سَأَلَهُ دِرْهَمَاً لَمْ يُعْطِهِ، وَلَوْ سَأَلَهُ فَلْساً (6) لَمْ يُعْطِهِ، فَلَوْ سَأَلَ اللهَ الْجَنَّةَ أَعْطَاهَا إيَّاهُ، ذِي طِمْرَيْنِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ. رواه الطبراني، ورواته محتج بهم في الصحيح.

ما جاء في فضل الفقراء الذين لا يعبأ بهم في الدنيا

49 -

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: إِنَّ أَغْبَطَ

(1) الملبد الشعر المغبر.

(2)

لا قدر له عند الناس، فهم يدفعونه عن أبوابهم ويطردونه عنهم احتقاراً له، ولو حلف على وقوع شيء أجاب الله سؤاله لعظم منزلته عند الله تعالى أهـ نووي. فعليك أخي بمحبة الصالحين الزاهدين الورعين واطلب دعواتهم فإنها مستجابة كما قال صلى الله عليه وسلم. وفي الجامع الصغير (أشعث) ثائر الرأس مغبره قد أخذ فيه الجهد حتى أصابه الشعث وعلته الغبرة، ويكرمه الله بإجابة سؤاله وصيانته من الحنث في يمينه. وقال الحفني أشعث: أي اشتغل بربه عن تعهد بدنه بالتنظيف حتى تغير لونه وشعث شعره، ولو حلف بالله أو بنفسه بأن يقول والله أو وحياتي لا بد من كذا، وقيل المراد لو عبد الله لقبل عبادته فالقسم العبادة والبر القبول، والأولى حمله على ظاهره، فإن أهل الدلال يقسمون عليه تعالى ملاحظين تلك النعمة التي أنعم بها عليهم من إجابتهم بعين ما طلبوا، فقد نقل عن بعضهم أنه أراد أن يجامع زوجته فأخبرته بأن أولاده مستيقظون فدعا عليهم بالموت فماتوا جميعاً وكانوا سبعة، فأخبر من هو أرقى منه بذلك فدعا عليه بالموت فمات وقال لو عاش لأمات ناساً كثيرين. وكان لسيدي أبي محمود الحنفي ولد ليس له غيره، وكان إذا طلب من أحد شيئاً ولم يعطه قال له مت فيموت فدعا عليه أبوه فمات نفعنا الله بهم جميعاً أهـ ص 288 جـ 2.

(3)

أشعث: جعد الرأس، أغبر: غير الغبار لونه. ذي طمرين: تثنية طمر وهو الثوب الخلق (تنبو عنه أعين الناس) أي ترجع وتغض عن النظر إليه احتقاراً له (لو أقسم) الانكسار ورثاثة الحال والهيئة من أعظم أسباب الإجابة أهـ عزيزي.

(4)

معرض ولم يذهب إليها تعففاً وقناعة وزهادة. من أصفحه رده.

(5)

يوجد في أمتي فقير يطلب من الناس فيحرم، ولو طلب من ربه تعالى لأجابه ما هو أفضل وأبقى وهو النعيم المقيم.

(6)

الذي يتعامل به، يقال أفلس الرجل كأنه صار إلى حال ليس له فلوس: كما يقال أقهر إذا صار إلى حال يقهر عليه أهـ مصباح، ففيه الترغيب في إكرام الفقير السائل وطلب دعواته رجاء الفوز بالجنة.

ص: 152

أَوْلِيَائِي عِنْدِي (1)

لَمُؤْمِنٌ خَفِيفُ الْحاذِ ذُو حَظٍّ مِنْ صَلَاةٍ أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَأَطَاعَهُ في السِّرِّ (2)، وَكَانَ غَامِضاً في النَّاسِ (3) لَا يُشَارُ إِلَيْهِ بالأَصَابِعِ، وَكَانَ رِزْقُهُ كَفَافاً (4)، فَصَبَرَ عَلى ذَلِكَ (5)، ثُمَّ نَقَرَ بِيَدِهِ (6) فَقَالَ: عَجِلَتْ مَنِيَّتُهُ، قَلَّتْ بَواكِيهِ، قَلّ تُرَاثُهُ. رواه الترمذي من طريق عبيد الله بن زحر عن عليّ بن يزيد عن القاسم بن أبي أمامة ثم قال: وهذا الإِسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم قالَ: عَرَضَ عَلَيَّ رَبِّي لِيَجْعَلَ لِيَ بَطْحَاءَ مَكَّةَ (7)

ذَهَبَاً، قُلْتُ: لَا يَا رَبِّ، وَلكِنْ أَشْبَعُ يَوْماً، وأَجُوعُ يَوْماً، أَوْ قالَ: ثَلَاثاً، أَوْ نَحْوَ هذَا، فَإِذَا جُعْتُ تَضَرَّعْتُ (8) إِلَيْكَ وَذَكَرْتُكَ (9)، وَإِذَا شَبِعْتُ شَكَرْتُكَ وَحَمِدْتُكَ. ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن.

50 -

وروى ابن ماجة والحاكم الحديث الأول إلا أنهما قالا: أَغْبَطُ النَّاسِ

(1) أوليائي عندي كذا ط وع ص 329 - 2 وفي ن د أولياء الله عز وجل. وأرى أن نسخة دار الكتب أقرب إلى الصحة: أي أن أحسن شيء يتمنى المؤمنون الأتقياء البررة أن ينال حظ ذلك الذي تحلى بخلال ستة.

أ - ماله قليل.

ب - يحسن الصلاة.

جـ - يخلص في العبادة.

د - يميل إلى الأعمال الصالحة التي تفعل في السر.

هـ - لا يحب الشهرة وإذاعة الصيت.

و- عيشة كفاف، خفيف الحساب.

(2)

بعيداً من الرياء.

(3)

يميل إلى العكوف في عقر داره.

(4)

الكفاف هو الذي لا يفضل عن الشيء، ويكون بقدر الحاجة، ومنه حديث عمر: وددت أني سلمت من الخلافة كفافاً لا علي ولا لي أهـ نهاية.

(5)

فحبس نفسه على الطاعة ورضي وقنع.

(6)

أي دق بيده الشريفة صلى الله عليه وسلم وزاد من صفاته قرب منيته وقلة من ينعيه ويرثيه وقلة الإرث ففيه الترغيب بالإقبال على الذكر والتسبيح والطاعة والتقليل من زخارف الدنيا ما أمكن.

(7)

الحصى الصغار الموجودة في الجبال. لم يرض صلى الله عليه وسلم بزهرة الدنيا لشدة قناعته وزهده وإعراضه عن الدنيا واختار صلى الله عليه وسلم قليلاً يأكل يوماً فيشبع فيحمد ربه ويثني عليه جل وعلا، ولا يجد شيئاً يوماً فيجوع فيتضرع إلى ربه ويسأله سمو الدرجات وعظيم الرضوان، وفي هذا المعنى يقول الإمام البوصيري يمدح النبي صلى الله عليه وسلم:

ظلمت سنة من أحيا الظلام إلى

أن اشتكت قدماه الضر من ورم

وشد من سغب أحشاءه وطوى

تحت الحجارة كشحا مترف الأدم

وراودته الجبال الشم من ذهب

عن نفسه فأراها أيما شمم

وأكدت زهده فيها ضرورته

أن الضرورة لا تعدو على العصم

وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من

لولاه لم تخرج الدنيا من العدم

(8)

التجأت إليك طالباً بذل وخشوع.

(9)

سبحتك كثيراً.

ص: 153

عِنْدِي (1). والباقي بنحوه. قال الحاكم: صحيح الإسناد كذا قال:

[قوله: خفيف الحاذ] بحاء مهملة وذال معجمة مخففة: خفيف الحال قليل المال.

إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء

51 -

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه خَرَجَ إِلى الْمَسْجِدِ فَوَجَدَ مُعاذَاً عِنْدَ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَبْكِي، فقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ قالَ: حَدِيثٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: الْيَسِيرُ (2) مِنَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ، وَمَنْ عَادَى (3) أَوْلِيَاءَ اللهِ فَقَدْ بَارَزَ (4) اللهَ بِالْمُحَارَبَةِ (5) إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الأَبْرَارَ الأَتْقِياءَ الأَخْفِياءَ الَّذِينَ إِنْ غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا (6)، وَإِنْ حَضَرُوا لَمْ يُعْرَفُوا. قُلُوبُهُمْ مَصَابِيحُ الدُّجَى يَخْرُجُونَ مِنْ كلِّ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ (7).

رواه ابن ماجة والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح، ولا علة له.

(1) أكثر الناس غبطة، وفي النهاية غبطت الرجل أغبطه غبطاً: إذا اشتهيت أن يكون لك مثل ماله، وأن يدوم عليه ما هو فيه؛ وحسدته أحسده حسداً إذا اشتهيت أن يكون لك ماله، وأن يزول عنه ما هو فيه، ومنه الحديث "على منابر من نور يغبطهم أهل الجمع. واللهم غبطاً لا هبطاً": أي أولنا منزلة نغبط عليها وجنبنا منازل الهبوط والضعة، وقيل معناه نسألك الغبطة: وهي النعمة والسرور ونعوذ بك من الذل والخضوع أهـ ص 148.

(2)

القليل من العمل لغير الله إشراك وإلحاد.

(3)

حاربهم وآذهم وقدم لهم كل شر قال تعالى: [إن أولياؤه إلا المتقون].

(4)

فقد بارز كذا د وع ص 329 - 2 في ن ط: بارز.

(5)

أظهر لله العداوة والعصيان، من برز بروزاً: ظهر، وبارز في الحرب مبارزة وبرازاً فهو مبارز، وبرز الرجل في العلم تبريزاً: برع وفاق نظراءه.

(6)

لم يسأل عنهم لتواضعهم إلى ربهم لا يحبون المحافل التي تجتمع على غير طاعة الله تعالى.

(7)

ينجيهم الله تعالى من كل الفتن والظلمات كما في حديث علي رضي الله عنه "يوشك أن تغشاكم دواجي ظلمة": أي ظلمها واحدها داجية أهـ ولكن الصالحين يقيهم الله شرور الدنيا بأنوار إيمانهم بربهم قال تعالى:

أ -[قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين (120)] من سورة النحل.

ب - وقال تعالى: [والذين آمنوا أشد حباً لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعاً وأن الله شديد العذاب (165)] من سورة البقرة.

وشاهدنا الأبرار لا تنقطع محبتهم لله تعالى بخلاف محبة الأشرار الفساق أصحاب الشهرة والصيب الكاذب فأغراضهم لغير الله فاسدة لا ثواب لها.

جـ - وقال تعالى: [وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم (163) إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك .. الآية] من سورة البقرة.

ساقها الله للعقلاء الذين يتدبرون معنى القرآن ويعملون بأوامره فيعتزون به وحده. وشاهدنا النبراس الوهاج المتلألئ المضيء في قلوب من يتفكر في بدائع صنع الله. =

ص: 154

[قال الحافظ]: ويأتي بقية أحاديث هذا الباب بعده إن شاء الله تعالى.

= خلاصة أقواله صلى الله عليه وسلم في التخشن والزهد في الدنيا وحب الفقراء

أولاً: تنجي قلة المال من شدائد القيامة "عقبة".

ثانياً: تسرع بالفوز ودرك النعيم "يصعدها المخفون".

ثالثاً: مطية مسرعة ومركب وطيء وسيارة البهجة والسرور إلى طريق الجنة "لست ذا دحض ومزلة".

رابعاً: سبب إقبال الله تعالى على عبده الفقير وإغداقه بالرحمات وحفظه من الأكدار والهموم "حماه الدنيا".

خامساً: بشره النبي صلى الله عليه وسلم بدخول الجنة، وكان من السابقين "اطلعت في الجنة".

سادساً: يفوز بالنعيم والفوز الذي وثق به سيدنا موسى عليه السلام واختاره الله لعبده الصالح "يفتح له باب الجنة فينظر إليه قال موسى أي رب ما أعددت له".

سابعاً: يسبق أهل المحشر ويشرب من حوضه صلى الله عليه وسلم "أكثر وروداً عليه الفقراء المهاجرون"

ثامناً: يسبق الفقير الغني الصالح بسنين عديدة "أربعين أو خمسمائة".

تاسعاً: تستقبل الملائكة الفقراء باحتفال العز والسرور "يزفون كما تزف الحمام".

عاشراً: صحيفة الفقير نقية بيضاء من أدران الدنيا لخفة ما له فيها " مؤمن فقير ومؤمن غني".

الحادي عشر: فاز الأصحاب بالسبق إلا سيدنا عبد الرحمن حتى قال صلى الله عليه وسلم "لقد بطأ بك غناك من بين أصحابي".

الثاني عشر: الفقير داخل في زمرة دعوته صلى الله عليه وسلم المستجابة "أحيني مسكيناً".

الثالث عشر: حب الفقراء يجلب السعادة والنصر والصحة التامة والنعمة العامة "يستفتح بصعاليك".

الرابع عشر: إكرامهم يدفع البلاء ويزيل كروب الدنيا ويجلب النضارة كما في حديث سيدنا يعقوب "فاصنع طعاماً للمساكين".\

الخامس عشر: تظهر على الفقير علامات أهل الجنة ودعاؤه مقبول "أشعث أغبر".

السادس عشر: حركات الفقير وسكناته وكل أعماله حسنات له "ألا أخبركم عن ملوك الجنة".

السابع عشر: أفضل خلق الله الفقير "خير من ملء الأرض".

الثامن عشر: أهل الصفة قال الله تعالى عنهم "أولئك الذين صدقوا".

التاسع عشر: وجود الفقير يوسع الرزق المنفق عليه "ابقوني في ضعفائكم".

العشرون: الفقير سعيد، لأنه اختار أن يجوع يوماً ويشبع يوماً مثل ما خير حبيبيه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم "بطحاء مكة ذهباً".

الحادي والعشرون: فليهنأ الفقير فأوقاته كلها في طاعة، وهي من دلائل رضوان الله ورحماته وهو مثل سيدنا رسول الله في المعيشة "أشبع يوماً وأجوع يوماً" والله تعالى ولي التوفيق.

الثاني والعشرون: قلب الفقير الراضي ثريا وضاءة وشمس مشرقة تتفتح لها ينابيع الحكمة "مصابيح الدجى".

الثالث والعشرون: ترفرف عليهم شارات السعادة وراحة الضمير وهناءة الحياة "إن غابوا لم يفتقدوا" فتجد حقارة الدنيا عندهم محققة لا يهمهم زخارفها ولا يعتنون بمشاغلها، رضي الله عنهم وحشرنا في زمرتهم كما قال سيدنا سليمان عليه السلام "رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين (19) " من سورة النمل.

أي اجعلني أزع شكر نعمتك عندي وأن أوفق للعمل بكتابك إتماماً للشكر واستدامة النعمة يا رب، وقال تعالى:

أ -[والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقاً لهم مغفرة ورزق كريم (74) والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم] من سورة الأنفال. =

ص: 155