الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب البعث وأهوال يوم القيامة
[قال الحافظ]: وهذا الكتاب بجملته ليس صريحاً في الترغيب والترهيب، وإنما هو
= غير اللائقة به، بل الصلاة والدعاء والترحم: ويجوز البكاء عليه قبل موته وبعده، لكن البكاء عليه بعد الموت خلاف الأولى، ويحرم النوح والندب والجزع بضرب الصدر والوجه وشق الجيب ونشر الشعر أو حلقه وتسويد الوجه ويجب على سبيل فرض الكفاية في الميت خمسة أشياء (الأول) غسله وأقله تعميم بدنه بالماء مرة فيجب غسل ما يظهر من فرج الثيب عند جلوسها على قدميها وما تحت قلفة الأقلف، فإن تعذر غسله فإن كان ما تحتها طاهراً يمم عنه، قال ابن حجر: وكذلك إن كان متنجساً للضرورة ويصلى عليه حينئذ، وأكمله أن يغسل في خلوة لا يدخلها إلا الغاسل ومن يعينه ووليه، ويجعل الميت على شيء مرتفع، وأن يكون محل رأسه أعلى. وأن يستر في نحو قميص بال، فإن فقد وجب ستر العورة، وأن يكون الماء بارداً إلا لحاجة كوسخ أو برد، وأن يكون الماء في إناء كبير بعيد عن المغتسل، وأن يجلسه الغاسل برفق مائلاً إلى ورائه ويضع يمينه على كتفه وإبهامه بنقرة قفاة ويسند ظهره بركبته اليمنى ويمر يسراه على بطنه مرة بعد أخرى ليخرج ما فيها من الفضلات، ويكون عنده مجمرة قائمة بطيب والمعين يصب عليه الماء. ثم يضجعه لقفاه ويغسل بخرقة ملفوفة على يساره سوأتيه وباقي عورته، ولف اليد بالخرقة حينئذ واجب إن كان الغاسل غير أحد الزوجين، ثم يأخذ خرقة نظيفة بدل الأولى، وينظف أسنانه ومنخريه، ثم يوضئه كوضوء الحي بنية بأن يقول نويت الوضوء المسنون لهذا الميت فلا يصح بلا نية، والغسل لا يتوقف على نية مع أنه واجب. ثم يغسل رأسه فلحيته ويسرحهما بمشط واسع الأسنان برفق ويرد الساقط من الشعر إليه. ثم يغسل شقه الأيمن ثم الأيسر كذلك ويحرم كبه على وجهه ويستعين في ذلك كله بنحو سدر كصابون. ثم يصب عليه ماء من رأسه إلى قدمه ليزيل ما عليه من نحو صابون. ثم يصب عليه ماء خالصاً فيه قليل. كافور بحيث لا يغيره ما لم يكن محرماً لم يتحلل التحلل الأول وإلا حرم وضع الكافور في ماء غسله. وهذا الغسلات الثلاث تعد واحدة إذ لا يحسب منها إلا الأخيرة لتغير الماء فيما قبلها ويسن ثانية وثالثة كذلك فتكون الغسلات تسعاً ويلين مفاصله بعد الغسل. ثم ينشفه تنشيفاً بليغاً. ولو خرجت بعد غسله نجاسة وجب إزالتها فقط ويحرم على الغاسل وغيره النظر إلى عورته ويسن أن لا ينظر من بدنه إلا بقدر الحاجة، وأن يغطي وجهه بخرقة، وأن لا يمس شيئاً من بدنه سوى عورته إلا بخرقة، وأن يكون الغاسل أميناً، فإن رأى خيراً ذكره أو ضده حرم ذكره إلا لمصلحة، ومن تعذر غسله لفقد ماء أو احتراق بحيث لو غسل تهرى يمم، ويجب أن يغسل الرجل الرجل والمرأة المرأة وللزوج غسل زوجته، ولها غسل زوجها، فإن لم يحضر في المرأة إلا رجل أجنبي أو في الرجل إلا امرأة أجنبية يمما وجوباً من وراء حائل، بخلاف ما لو كان على بدن أحدهما نجاسة فالأوجه أن يزيلها الأجنبي والأجنبية لأن إزالة النجاسة لا بد لها بخلاف غسله، ولكل من الرجال والنساء تغسيل صغير وصغيرة لم يبلغا حد الشهوة ويجب إبقاء أثر الإحرام إن كان الميت محرماً، فلا يطيب ولا يستر رأسه ولا يغسل الشهيد، وهو من مات في معركة المشركين بسبب القتال ولا يصلى عليه. والسقط وهو النازل قبل تمام أقل الحمل إن ظهرت أمارة الحياة فحكمه =
حكاية أمور مهولة تؤول بالسعداء إلى النعيم، وبالأشقياء إلى الجحيم، وفي غضونها ما هو صريح
= كالكبير وإلا فإن ظهر خلقه وجب فيه ما عدا الصلاة، وإن لم يظهر خلقه فلا يجب فيه شيء، بل يسن ستره بخرقة ودفنه. أما النازل بعد تمام أقل الحمل فلا يسمى سقطاً، ويجب فيه ما في الكبير وإن لم تعلم حياته. بل وإن لم يظهر خلقه (الثاني) تكفينه بما يجوز لبسه حياً، وكره المغالاة فيه وأقله ثوب يستر جميع بدنه وأكمله للذكر ثلاث لفائف يعم كل واحدة منها البدن وجاز وإن لم يكن نحو قاصر أن يزيد تحتها قميصاً وعمامة، وللأثنى خمسة أثواب: إزار فقميص فخمار فلفافتان. ويسن أن يكون أبيض، وأن يذر على كل من اللفائف نحو حنوط كطيب وكافور، وأن يشد أليتاه بخرقة بعد أن يدس بينهما بقطن عليه حنوط، وأن يجعل على أنفه ومنخريه وأذنيه وجبهته وركبتيه قطن عليه حنوط وتلف عليه اللفائف وتشد بخرقة وتحل في القبر (الثالث) الصلاة عليه وأركانها سبعة (النية) بأن يقول نويت أن أصلي أربع تكبيرات على هذا الميت أو على من حضر من أموات المسلمين فرضاً أو فرض كفاية، ولا بد أن يلاحظ ذلك بقلبه حال النطق بتكبيرة الإحرام (والقيام) فإن عجز صلى قاعداً (وأن يكبر) أربع تكبيرات بتكبيرة الإحرام (وقراءة الفاتحة) عقب التكبيرة الأولى (والصلاة على النبي) صلى الله عليه وسلم عقب الثانية وأقلها اللهم صل على سيدنا محمد، وأكملها اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد (والدعاء) للميت عقب الثالثة، وأقله اللهم اغفر له أو ارحمه، وأكمله اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وكبيرنا وصغيرنا وذكرنا وأنثانا اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان اللهم إن هذا عبدك وابن عبديك خرج من روح الدنيا وسعتها ومحبوبه وأحباؤه فيها إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه، كان يشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمداً عبدك ورسولك وأنت أعلم به منا، اللهم إنه نزل بك وأنت خير منزول به وأصبح فقيراً إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له، اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته ولقه برحمتك رضاك وقه فتنة القبر وعذابه وافسح له في قبره وجاف الأرض عن جنبه ولقه برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه آمناً إلى جنتك برحمتك يا أرحم الراحمين. وإن كان الميت صغيراً يقول مع الدعاء الأول: اللهم اجعله فرطاً لأبويه وسفاً وذخراً وعظة واعتباراً وشفيعاً وثقل به موازينهما، وأفرغ الصبر على قلوبهما ولا تحرمهما أجره ولا وتفتنهما بعده واغفر لنا ولهما ولجميع المسلمين (ويقول) بعد التكبيرة الرابعة ندباً: اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله (والسلام) بعد التكبيرة الرابعة، وأقله السلام عليكم، وأكمله السلام عليكم ورحمة الله مرتين يميناً وشمالاً. ولو تخلف عن إمامه بلا عذر بتكبيرة حتى شرع إمامه في أخرى بطلت صلاته، والمسبوق يكبر ويقرأ الفاتحة فلو كبر إمامه قبل إتمام قراءته تابعه في تكبيره وسقطت عنه القراءة وتدارك الباقي بعد سلام إمامه. وشرط لصحتها شروط غيرها: وهي تقدم طهر الميت بغسل أو تيمم وطهر ما اتصل به، فإن كان في القبر صحت الصلاة عليه وإن متصلاً بنجس. وأن لا يتقدم المصلي على الميت الحاضر ولو في القبر تنزيلاً للميت منزلة الإمام ويسن أن تكون الصلاة بمسجد وبثلاثة صفوف فأكثر، وأن تجعل رأس الذكر على يسار الإمام ويقف الإمام قريباً من رأسه ورأس الأنثى عن يمينه ويقف عند عجزها ومثله المنفرد، وأن لا ترفع الجنازة حتى يتم المسبوق صلاته وتصح الصلاة على غائب عن البلد ولو كان في غير جهة القبلة والمصلي متوجه إليها، فإن كان الغائب مخصوصاً اشترط تعيينه وإلا كفى أن يقول أصلي على من مات في هذا اليوم ممن تصح الصلاة عليه. ويشترط في المصلي أن يكون من أهل فرضها قبل الدفن بزمن يمكن فعلها فيه بأن يكون مسلماً بالغاً عاقلاً طاهراً من حيض ونفاس، أما الحاضر بالبلد فلا يصلي عليه إلا من حضر عنده وتصح الصلاة على القبر أيضاً (الرابع) حمله وأقله أن يحمل على هيئة غير مزرية وأكمله أن يحمل على ثلاثة واحد من أمامه بأن يجعل العمودين على كتفيه، وأقله أن يحمل على هيئة غير مزرية وأكمله أن يحمل على ثلاثة واحد من أمامه بأن يجعل العمودين على كتفيه، واثنين من خلفه يحمل كل واحد عموداً، وهذا أفضل من التربيع لما روى البيهقي "أنه صلى الله عليه وسلم حمل جنازة =
فيها أو كالصريح على إملاءِ نبذ منه يحصل بالوقوف عليها الإِحاطة بجميع معاني ما ورد فيه على طرف من الإجمال، ولا يخرج عنها إلا زيادة شاذة في حديث ضعيف أو منكر، إذ لو
= سعد بن معاذ بين عمودين، ولما يلزم على ذلك من اختلاف الحاملين في سرعة المشي أو عدمها أو ذهاب أحدهما يميناً والآخر شمالاً فيحصل ضرر للميت، وإن كان الميت ثقيلاً يزاد على ذلك بحسب الحاجة، ولا يحمل الجنازة إلا الرجال. ويسن المشي أمامها وقربها والإسراع بها والتفكر في الموت وما بعده وكره اللغط والحديث في أمور الدنيا ورفع الصوت إلا بالقرآن والذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فلا بأس به الآن، لأنه شعار للميت فتركه مزر به وما في القليوبي من كراهة ذلك أيضاً إنما هو باعتبار ما كان في الصدر الأول كما قاله الرملي وقال في حاشية المنهج: ولو قيل بندب ما يفعل الآن أمام الجنازة من اليمانية وغيرها لم يبعد. لأن في تركه إزراء بالميت وتعرضاً للكلام فيه وفي ورثته. وقال ابن زياد اليماني في فتاويه 8: وقد عمت البلوى بما يشاهد من اشتغال المشيعين بالحديث الدنيوي وربما أداهم إلى الغيبة فالمختار اشتغال أسماعهم بالذكر المؤدي إلى ترك الكلام أو تقليله، ويكره القيام لمن مرت به جنازة إن لم يرد الذهاب معها والأمر بالقيام لها منسوخ، ويكره اتباعها بنار ولو في مجمرة، واتباع النساء للجنازة إن لم يتضمن حراماً وإلا حرم. ويستحب لمن رأى الجنازة أن يقول عند رؤيتها: الله أكبر الله أكبر الله أكبر (هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً) أو يقول سبحان الحي الذي لا يموت أبداً (الخامس) دفنه وأقله أن يدفن في حفرة تمنع رائحته والسبع عنه مستقبل القبلة، وأكمله أن يدفن في قبر بعمق قامة وبسطة ويوسع قدر ذراع وشبر على يمينه، وأن يوجه للقبلة وجوباً فإن لم يوجه نبش ووجه إن لم يتغير ويجعل في لحد إن صلبت الأرض، وفي شق إن كانت رخوة، وأن يقول من يدخل فم القبر: بسم الله وعلى ملة رسول الله، وأن يقال اللهم افتح أبواب السماء لروحه وأكرم نزله ووسع مدخله ووسع له في قبره فقد ورد أن من قيل عند دفنه ذلك رفع الله العذاب عنه أربعين سنة، ويجعل خد الميت على كثيب تراب (فائدة) يؤخذ من محل دفنه كف تراب، ويقرأ عليه سورة القدر سبع مرات ويذر على كفنه فإنه لا يعذب، ثم سشد عليه ويهال التراب وبعد تمام الدفن يسن أن يجلس واحد على القبر يلقنه بلغة يفهمها إن كان الميت بالغاً عاقلاً غير نبي ولا شهيد فيقول: يا عبد الله ابن أمة الله اذكر ما خرجت عليه من دار الدنيا، وهو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن الجنة حق والنار حق والبعث حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور وأنك رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبيا ورسولاً وبالقرآن إماماً وبالقبلة كعبة وبالمؤمنين إخواناً وورد "إن الميت إذا لقن يأخذ أحد الملكين بيد صاحبه ويقولان مالنا ولرجل قد لقنه الله حجته". ويسن أن تمكث جماعة بعد دفنه يدعون ويسألون التثبيت قدر ما ينحر الجمل ويفرق لحمه لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال "استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل" فيقولون اللهم اغفر له وراحمه نصف المدة واللهم ثبته عند السؤال باقيها، وأن يرش القبر بماء بارد، وأن يوضع عليه نحو حجر. ويحرم البناء على المقبرة الموقوفة إلا لنبي أو شهيد أو عالم أو صالح. ويحرم دفن اثنين في قبر واحد إلا لضرورة كضيق الأرض وكثرة الموتى، ومن مات في سفينة وتعذر دفنه في البر يحل أن يوضع بعد غسله وتكفينه والصلاة عليه بين لوحين مثلاً ويرمى في البحر، وأن يثقل بنحو حجر ليصل إلى القرار فهو ألوى. ويسن تعزية أهل الميت قبل الدفن وبعده إلى ثلاثة أيام، ويقول في تعزية المسلم بالمسلم: أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك، وفي تعزية المسلم بالكافر: أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك، وفي تعزية الكافر بالمسلم: أحسن الله عزاءك وغفر لميتك، وفي تعزية الكافر بالكافر أخلف الله عليك ولا نقص من عددك. ويحرم نقل الميت إلى بلد آخر ليدفن فيها، وإن أمن تغيره إلا من كان قريباً من مكة أو المدينة أو بيت المقدس أو مقبرة قوم صالحين فيجوز نقله بلا كراهة ولو زادت المسافة عن يوم إن أمن تغيره قبل الوصول إليه، ولو اعتاد أهل بلدة التنقل إلى مقبرة بلد آخر جاز نقله إليها بلا كراهة أيضاً. =
استوعبنا منه كما استوعبنا من غيره من أبواب هذا الكتاب لكان ذلك قريباً مما مضى، ولخرجنا عن غير المقصود إلى الإطناب المملّ، والله المستعان، وجعلناه فصولاً.
= زيارة القبور
تسن زيارة قبور المسلمين للرجال لأجل تذكر الموت والآخرة وإصلاح فساد القلب ونفع الميت بما يتلى عنده من القرآن لخبر مسلم "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها" ولقوله عليه الصلاة والسلام "اطلع في القبور واعتبر بالنشور" خصوصاً قبور الأنبياء والأولياء وأهل الصلاح، وتكره من النساء لجزعهن وقلة صبرهن ومحل الكراهة إن لم يشتمل اجتماعهن على محرم وإلا حرم. ويندب لهن زيارة قبره صلى الله عليه وسلم وكذا قبور سائر الأنبياء والعلماء والأولياء وتتأكد يوم العيد ومن عشية خميس إلى طلوع شمس سبت ويكره المبيت بها لما فيه من الوحشة والمشي والجلوس عليها، ويحرم البور والغائط وإلقاء نجاسة عليها. ويسن أن يكون الزائر متوضئاً، وأن يقول عند دخوله: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، ويقرأ ما تيسر من القرآن لأن القراءة تنفع الميت في ثلاثة مواضع: إذا قرئ في حضرته أو في غيبته لكن دعا له عقبها أو قصده بها وإن لم يدع له. ويسن قراءة الإخلاص إحدى عشرة مرة، وأن يقول: اللهم أوصل ثواب ما قرأته إلى فلان أو للموتى وورد "من قرأ آية الكرسي وجعل ثوابها لأهل القبور أدخل الله في كل قبر من المشرق إلى المغرب أربعين نوراً ووسع عليهم مضاجعهم" وأن يتصدق عليهم فينفعهم ذلك ويصل ثوابه إليهم، وأن يقرب من مزوره كقربه منه حياً ويسلم عليه مستقبلاً وجهه لقوله صلى الله عليه وسلم:"ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام" ثم يتوجه إلى القبلة فيدعو له بنحو: اللهم رب هذه الأجساد البالية والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة أدخل عليها روحاً منك وسلاماً مني، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم. والدعاء ينفع لدفع العذاب ورفع الدرجات قال صلى الله عليه وسلم "ما الميت في قبره إلا كالغريق المغوث ينتظر دعوة تلحقه من ابنه أو أخيه أو صديق له فإذا لحقته كانت أحب إليه من الدنيا وما فيها وإن هدايا الأحياء للأموات الدعاء والاستغفار" ويندب وضع الجريد والريحان على القبر كما جرت به العادة لأنه يستغفر للميت ما دام رطباً ولما روي "أن النبي صلى الله علهي وسلم شق الجريدة نصفين ثم غرس على قبر نصفاً وعلى قبر نصفاً وقال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا" رواه الشيخان. ومنه يعلم أن قراءة القرآن تنفع الميت، لأنه إذا وصل النفع إليه بسببهما حال رطوبتهما فانتفاعه بقراءة القرآن من الرجل المؤمن من باب أولى انتهت عبارات الشيخ الكردي رحمه الله تعالى ونفعنا به وبعلومه.
وفي إحياء علوم الدين ص 216 في بيان حال القبر. أول منزل الآخرة كما قال صلى الله عليه وسلم وقال مجاهد: أول ما يكلم ابن آدم حفرته فيقول: أنا بيت الدود وبيت الوحدة وبيت الغربة وبيت الظلمة هذا ما أعددت لك، فما أعددت لي؟ ويروى أن فاطمة بنت الحسين نظرت إلى جنازة زوجها الحسن بن الحسن. فغطت وجهها وقالت:
وكانوا رجاء ثم أمسوا رزية
…
لقد عظمت تلك الرزايا وجلت
وقد أنشدوا في أهل القبور:
قف بالقبور وقل على ساحاتها
…
من منكم المغمور في ظلماتها
ومن المكرم منكم في قعرها
…
قد ذاق برد الأمن من روعاتها
أما السكون لذي العيون فواحد
…
لا يستبين الفضل في درجاتها
لو جاوبوك لأخبروك بألسن
…
تصف الحقائق بعد من حالاتها
أما المطيع فنازل في روضة
…
يفضي إلى ما شاء من دوحاتها
والمجرم الطاغي بها متقلب
…
في حفرة يأوي إلى حياتها
وعقارب تسعى إليه فروحه
…
في شدة التعذيب من لدغاتها =