الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ لأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحاً، ولَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا.
140 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: غُدْوَةٌ في سَبِيلِ اللهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ أَوْ مَوْضِعُ قِدِّهِ في الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلى أَهْلِ الأَرْضِ لأَضَاءَتِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَمَلأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحاً (1) وَلنصِيفُهَا يَعْنِي خِمَارَهَا خيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. رواه البخاري ومسلم والترمذي وصححه واللفظ له.
[القاب] هنا قيل هو القدر، وقيل: من مقبض القوس إلى سيته، ولكل قوس قوبان.
[والقِدّ] بكسر القاف وتشديد الدال: هو السوط، ومعنى الحديث ولقدر قوس أحدكم أو قدر الموضع الذي يوضع فيه سوطه خير من الدنيا وما فيها.
وقد رواه البزار مختصراً بإسناد حسن قال: مَوْضِعُ سَوْطٍ في الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا.
141 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قالَ: لَيْسَ في الْجَنَّةِ شَيْءٌ مِمَّا في الْدُّنْيَا (2) إِلَاّ الأَسْمَاءُ. رواه البيهقي موقوفاً بإسناد جيد.
فصل
في خلود أهل الجنة فيها وأهل النار فيها وما جاء في ذبح الموت
142 -
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ إِلى الْيَمَنِ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِمْ قالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْكُمْ يُخْبِرُكُمْ أَنَّ الْمَرَدَّ (3) إِلى اللهِ إِلى جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ خُلُودٌ (4) بِلا مَوْتٍ، وَإِقامَةٌ
(1) رائحة عطرة.
(2)
نفى الله المشابهة والمماثلة لخيرات الجنة في الدنيا ثم استثنى الأسماء فقط كاسم تفاح مثلاً ولكن طعم الجنة أحلى.
(3)
الرجوع: إما دخول جنة وإما دخول نار.
(4)
حياة باقية.
بِلا ظَعْنٍ (1). رواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد إلا أن فيه انقطاعاً. وتقدم حديث أبي هريرة في بناء الجنة، وفيه:
مَنْ يَدْخُلُهَا يَنْعَمُ (2) وَلا يَيْأَسُ، وَيَخْلُدُ لَا يَمُوتُ، لا تَبْلَى ثِيَابُهُ، وَلَا يَفْنَى شَبَابُهُ وَحديث ابن عمر أيضاً بمثله.
143 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ يُنَادِي مُنَادٍ إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلا تَسْقَمُوا أَبداً، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلا تَمُوتُوا أَبَداً، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا (3) فلا تَهْرَمُوا (4) أَبَداً وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا (5) فَلا تَبْأَسُوا (6) أَبداً، وذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عز وجل: [وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةَ أُورِثْتُمُوهَا (7)
بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ]. رواه مسلم والترمذي.
(1) سفر.
(2)
يسعد ولا يشقى ويبقى في الجنة دائماً وملابسه جديدة وقوته مستمرة في صحة تامة ونعمة عامة شاملة كاملة.
(3)
يدوم الشباب والنضارة. وفي النهاية: شب يشب شباباً فهو شاب والجمع شيبة وشبان.
(4)
فلا يصبكم هرم وضعف.
(5)
يدوم لكم العز والرفاهية.
(6)
لا يحصل لكم بأس أو شقاء أو ضرر.
(7)
شبه جزاء العمل بالميراث، لأنه يخلفه عليه العامل، قال تعالى:[الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون يطاف عليكم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون (73)] من سورة الزخرف.
تبقى خلة الصالحين نافعة دائمة. (تحبرون) تسرون سروراً يظهر حباره: أي أثره على وجوهكم، أو تزينون، من الحبر وهو حسن الهيئة، أو تكرمون إكراماً يبالغ فيه، والحبرة: المبالغة فيما وصف بجميل.
آيات صفة الجنة وما أعده الله للمتقين كما قال تعالى في كتابه العزيز
أ - قال تعالى: [إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين (10)] من سورة يونس.
ب - وقال تعالى: [إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حولا (108)] من سورة الكهف.
جـ - وقال تعالى: [إن الأبرار لفي نعيم على الأرائك ينظرون تعرف في وجوههم نضرة النعيم يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ومزاجه من تسنيم عيناً يشرب بها المقربون (28)] من سورة المطففين.
د - وقال تعالى: [إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها =
144 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ
= تفجيرا يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيرا ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريرا فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمساً ولا زمهريرا ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير قوارير من فضة قدروها تقديرا ويسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلا عيناً فيها تسمى سلسبيلا ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثورا وإذا رأيت ثم رأيت نعيماً وملكاً كبيرا عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شراباً طهورا إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا (22)] من سورة الدهر.
هـ - وقال تعالى: [للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون (26)] من سورة يونس.
و- قال تعالى: [والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ثلة من الأولين وقليل من الآخرين على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون جزاء بما كانوا يعملون لا يسمعون فيها لغواً ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عرباً أترابا لأصحاب اليمين (38)] من سورة الواقعة.
آيات سعادة الدارين في الطاعة وشقائهما في العصيان من القرآن الكريم
أ - قال تعالى: [ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه] من سورة الطلاق.
ب - وقال تعالى: [ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون (8)] من سورة المنافقون.
جـ - وقال تعالى: [من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون (97)] من سورة النحل.
د - وقال تعالى: [وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون (55)] من سورة النور.
هـ_ وقال تعالى: ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون (173)] من سورة الصافات.
و- وقال تعالى: [وكان حقاً علينا نصر المؤمنين (47)] من سورة الروم.
ز - وقال تعالى: [وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا (1) لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا (2) (17)] من سورة الجن.
ح - وقال تعالى: [فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا (3) ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى (126)] من سورة طه. =
_________
(1)
غزيراً. والفتنة الاختبار، وكما يختبر الله عبده بالمصائب لينظر هل يصبر عليها أولاً؟ يختبره أيضاً بالنعم هل يشكره عليها أو يكفره.
(2)
شاقاً.
(3)
الضنك: الضيق.
عليه وسلم: يُؤْتَى بِالْمَوْتِ (1) كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ (2) فَيُنَادِي بِهِ مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هذَا الْمَوْتُ وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ النَّارِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رآهُ فَيُذْبَحُ بَيْنَ الْجَنَّةِ والنَّارِ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ (3) فلا مَوْت، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلا مَوْت، ثُمَّ قَرأَ: [وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إذْ قُضِيَ الأَمْرُ (4) وَهُمْ في غَفْلَةٍ (5)
وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ] وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلى الدُّنْيا. رواه البخاري ومسلم والنسائي والترمذي، ولفظه قال:
إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أُتِيَ بِالْمَوْتِ كَالْكَبْشِ الأَمْلَحِ فَيُوقَفُ بَيْنَ الْجَنَّةِ والنَّارِ
= ط - وقال تعالى: [ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقاً علينا ننج المؤمنين (103)] من سورة يونس.
ي - وقال تعالى: [ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون (96)] من سورة الأعراف.
ك - وقال تعالى: [وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها (1) فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا] من سورة القصص.
ل - وقال تعالى: [كذبت ثمود وعاد بالقارعة (2) فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية (3) وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نحل خاوية فهل ترى لهم من باقية (8)] من سورة الحاقة.
م - وقال تعالى: [إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين (10)] من سورة يونس.
(1)
الذي هو عرض من الأعراض لا جسماً كما قال القسطلاني. وفي ن ط زيادة: يوم القيامة. وفي ن د وع حذفها. والمعنى يريد الله أن يطمئن أهل الجنة ويزيدهم سروراً بتمثيل الموت الذي عرض إليهم في الدنيا ككبش يذبح أمامهم ليهدأ بالهم، وتفرح قلوبهم وتستقر اطمئنانا.
(2)
فيه بياض وسواد.
(3)
بقاء وحياة أبد الآبدين.
(4)
فصل بين أهل الجنة وأهل النار.
(5)
قال القسطلاني: أهل الدنيا في غفلة إذ الآخرة ليست دار غفلة .. قال تعالى: [وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون (40)] من سورة مريم أي يوم يتحسر الناس المسيء على إساءته والمحسن على قلة إحسانه إذ فرغ من الحساب وتصادر الفريقان إلى الجنة والنار، أي أنذرهم غافلين غير مؤمنين (نرث) لا يبقى لأحد غيرنا عليها وعليهم ملك ولا ملك، أو نتوفى الأرض ومن عليها بالإفناء والإهلاك وإلينا يردون للجزاء.
_________
(1)
استخفت نعمة الله عليها.
(2)
القيامة، لأنها تقرع النفوس.
(3)
بطغيانها ومجاوزتها الحد. وصرصر: شديد. وعاتية من العتو: وهو النبو عن الطاعة. وحسوماً من الحسم: وهو إزالة أثر الشيء. وصرعى: جمع صريع.
فَيُذْبَحُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ، فَلَوْ أَنَّ أَحَداً مَاتَ فَرَحاً (1) لَمَاتَ أَهْلُ الْجَنَّةِ. ولَوْ أَنَّ أَحَداً مَاتَ حُزْناً لَمَاتَ أَهْلُ النَّارِ.
[يشرئبون] بشين معجمة ساكنة ثم راء ثم همزة مكسورة ثم باء موحدة مشددة: أي يمدون أعناقهم لنظروا.
145 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يُؤْتَى بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُوقَفُ عَلَى الصِّرَاطِ فَيُقَالُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَطَّلِعُونَ خَائِفِينَ وَجِلِينَ (2) أَنْ يُخْرَجُوا مِنْ مَكَانِهِمْ الَّذِي هُمْ فِيهِ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَهْلَ النَّارِ فَيَطَّلِعُونَ (3) مُسْتَبْشِرِينَ فَرِحِينَ أَنْ يُخْرَجُوا مِنْ مَكَانِهِمْ الّذِي هُمْ فِيهِ، فَيُقالُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هذَا؟ قالُوا نَعَمْ هذَا الْمَوْتُ. قالَ: فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُذْبَحُ عَلَى الصَّرَاطِ ثُمَّ يُقَالُ لِلْفَرِيقَيْنِ كِلاهُمَا: خُلُودٌ فِيمَا يَجِدُونَ لَا مَوْتَ فِيهَا أَبَداً. رواه ابن ماجة بإسناد جيد.
146 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يُؤْتَى بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ كَبْشٌ أَمْلَحُ فَيُوقَفُ بَيْنَ الْجَنَّةِ والنَّارِ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ! فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ (4) رَبَّنَا، قالَ فيُقَالُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ رَبَّنَا، هذَا الْمَوْتُ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ النَّارِ فَيَقُولُونَ لَبَّيْكَ رَبَّنَا، قالَ فَيُقَالُ لَهُمْ: هَلْ تَعْرِفُونَ هذَا؟ فَيَقُولُونَ نَعَمْ رَبَّنَا، هذَا الْمَوْتُ فَيُذْبَحُ كما تُذْبَحُ الشَّاةُ (5) فَيَأْمَنُ هؤلاءِ وَيَنْقَطِعُ رَجَاءُ هَؤلاءِ. رواه أبو يعلى واللفظ له والطبراني والبزار وأسانيدهم صحاح.
147 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
(1) كناية عن شدة السرور، لماذا؟ اطمأن خاطرهم من الفزع وانشرحت صدورهم بنعيم الجنة، وقرت عيونهم بمناظرها وزال الموت الشبح المخيف. أما أهل النار فازدادوا حسرة وكمدا، لماذا؟ لشدة تألمهم من النار وجزعهم وتمنيهم الموت، ولا موت كما قال تعالى:[كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب] نسأل الله السلامة والعافية والعفو.
(2)
مقشعرة جلودهم خشية أن يذهب هذا النعيم.
(3)
فينظرون إلى النداء منتظرين فرج الله وإنقاذهم من كروبهم.
(4)
إجابة بعد إجابة وثناء عليك وحمدا.
(5)
تمثيل محسوس لإزالة ما علق بأذهانهم في الدنيا من ذكر الموت.
إِذَا صَارَ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلى الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ إِلى النَّارِ جِيءَ بِالْمَوْتِ حَتَّى يُجْعَلَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَيُذْبَحُ، ثُمَّ يُنَادِي مُنادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا مَوْتَ، يَا أَهْلَ النَّارِ لا مَوْتَ، فَيزْدَادُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَرَحاً إلى فَرَحِهِمْ، وَأَهْلُ النَّارِ حُزْناً إِلى حُزْنِهِمْ.
148 -
وفي رواية أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: يُدْخِلُ اللهُ أَهْلَ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلَ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يَقُومُ مُؤَذِّنٌ (1) بَيْنَهُمْ، فَيَقُولُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ لا مَوْتَ ويَا أَهْلَ النَّارِ لا مَوْت، كُلٌّ خَالِدٌ (2) فِيمَا هُوَ فِيهِ. رواه البخاري ومسلم.
خاتمة الكتاب أسأل الله الانتفاع بسنته صلى الله عليه وسلم
[ولنختم] الكتاب بما ختم به البخاري رحمه الله كتابه، وهو حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: كَلِمَتَانِ (3) حَبِيبَتَانِ (4) إِلى الرَّحْمَنِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ في الْمِيزَانِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ.
[قال الحافظ] زكي الدين عبد العظيم مملي هذا الكتاب رضي الله عنه: وقد تم ما أرادنا الله به من هذا الإملاء المبارك، ونستغفر الله سبحانه مما زل به اللسان أو داخله ذهول أو غلب عليه نسيان، فإن كل مصنف مع التؤدة والتأني وإمعان النظر وطول الفكر قلّ
(1) مناد ينادي بصوت مرتفع.
(2)
كل باق على ما هو عليه، اطمئنان وقرار ثابت أيها السعداء، وبقاء في عذاب أيها الأشقياء كما قال تعالى:
أ -[إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون].
ب -[ألا إن لله ما في السموات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شيء عليم (64)] من سورة النور.
(3)
أراد بالكلمة الكلام: أي جملتان.
(4)
يزيد الله في ثوابهما. وفي الجامع الصغير وصفهما بالخفة والثقل، لبيان قلة العمل، وكثرة الثواب (حبيبتان) أي محبوبتان. والمعنى محبوب قائلهما ومحبته تعالى للعبد إرادة إيصال الخير له، والتكريم، قال العلقمي وفي هذه الألفاظ سجع مستعذب. والحاصل أن المنهي عنه ما كان متكلفاً أو متضمناً بالباطل لا ما جاء عفواً من غير قصد إليه (سبحان الله) معنى التسبيح تنزيه الله عما لا يليق به من كل نقص (وبحمده) قيل الواو للحال والتقدير أسبح الله متلبساً بحمده من أجل توفيقه، وقيل الواو عاطفة والتقدير أسبح الله وألتبس بحمده، ويحتمل أن تكون الباء متعلقة بمحذوف متقدم، والتقدير وأثني عليه بحمده فيكون سبحان الله جملة مستقلة، وبحمده جملة أخرى (سبحان الله العظيم) قال الكرماني: صفات الله تعالى وجودية كالعلم والقدرة، وهي صفات الإكرام. وعدمية كلا شريك ولا مثل، وهي صفات الجلال، فالتسبيح إشارة إلى صفات الجلال، والتحميد إشارة إلى صفات الإكرام. وترك التقييد مشعر التعميم، والمعنى أنزهه عن جميع النقائص أو أحمده بجميع الكمالات. كلمات خبر مقدم، وخفيفتان وما بعده صفة والمبتدأ سبحان الله أهـ ص 91 جـ 3.
وكان الفراغ من هذا الشرح يوم الاثنين 14 المحرم سنة 1355 هـ والحمد لله أولاً وآخراً. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم. وطبعته الثانية في يوم 23 يناير سنة 1956 م.
أن ينفك عن شيء من ذلك فكيف بالمملى مع ضيق وقته وترادف همومه، واشتغال باله، وغربة وطنه، وغيبة كتبه، وقد اتفق إملاء عدة من الأبواب في أماكن كان الأليقَ بها أن تُذكر في غيرها، وسبب ذلك عدم استحضارها في تلك الأماكن ونذكرها في غيرها فأمليناه حسب ما اتفق، وقدمنا فهرست الأبواب أول الكتاب لأجل ذلك، وكذلك تقدم في هذا الإملاء أحاديث كثيرة جداً صحاح، وعلى شرط الشيخين أو أحدهما، وحسان لم ننبه على كثير من ذلك، بل قلت غالباً: إسناد جيد أو رواته ثقات أو رواة الصحيح أو نحو ذلك، وإنما منع من النص على ذلك تجويز وجود علة لم تحضرني مع الإملاء، وكذلك تقدم أحاديث كثيرة غريبة وشاذة متناً وإسناداً لم أتعرض لذكر غرابتها وشذوذها.
والله أسأل أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفع به إنه ذو الطول الواسع العظيم.
[ولنشرع الآن فيما وعدنا به] من ذكر الرواة المختلف فيهم وما ذكره الأئمة فيهم من جرح وتعديل على سبيل الإيجاز والاختصار مرتباً على حروف المعجم: ص 521 - 2. ع
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله. قد تمت المراجعة على النسخة المخطوطة العمارية في يوم الاثنين المبارك 8 من صفر الخير سنة 1356 هـ
مصطفى محمد عمارة
العبد الفقير إلى الله تعالى خادم الحديث النبوي
وتمت مراجعة الطبعة الثانية في يوم الاثنين المبارك 10 جماد الآخرة سنة 1375 هـ وفقنا الله للعمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبله سبحانه ووقانا عاريات الزمن، إنه بر رؤوف رحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.