الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَمْتَخِطُونَ وَلَا يُمْنُونَ (1) إِنَّمَا نَعِيمُهُمْ الَّذِي هُمْ فِيهِ مِسْكٌ يَتَحَدَّرُ مِنْ (2) جُلُودِهِمْ كَالْجُمَانِ (3) وَعَلَى أَبُوَابِهِمْ كُثْبَانٌ (4) مِنْ مِسْكٍ يَزُورُونَ (5) اللهَ جَلَّ وَعَلا في الْجُمُعَةِ مَرَّتَيْنِ فَيَجْلِسُونَ عَلَى كَرَاسِيَّ مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلَةٍ بِاللُّؤلُؤِ وَالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ يَنْظُرُونَ إِلى اللهِ عز وجل وَيَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا قامُوا انْقَلَبَ (6) أَحَدُهُمْ إِلى الْغُرْفَةِ مِنْ غُرْفَةٍ لَهَا سَبْعُونَ بَاباً مُكَلَّلَةً (7) بِالْيَاقُوتِ والزَّبَرْجَدِ. رواه ابن أبي الدنيا موقوفاً.
[الجمان] الدّر.
فصل
في نظر أهل الجنة إلى ربهم تبارك وتعالى
125 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ نَاساً قالُوا: يا رَسُولَ اللهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ تُضَارُونَ (8) في رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ؟ قالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللهِ قالَ: هَلْ تُضَارُونَ في الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا (9) سَحَابٌ؟ قالُوا لا، قال: فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَا. فذكر الحديث بطوله رواه البخاري ومسلم.
126 -
وَعَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ يَقُولُ اللهُ عز وجل: تُرِيدُونَ شَيْئاً أَزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّض وُجُوهَنَا، أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ، وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قالَ: فَيُكْشَفُ الْحِجَابُ فَمَا أُعْطُوا شَيْئاً أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلى رَبِّهِمْ ثُمَّ تَلا هذِهِ الآيَةَ [لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى (10) وَزِيَادَةٌ]. رواه مسلم والترمذي والنسائي.
(1) ولا يحصل منهم مني مثل نكاح الدنيا، وقد تقدم أنه توجد لذة، ويحصل تمتع بلا مادة قذرة.
(2)
يرشح ويخرج.
(3)
كاللؤلؤ.
(4)
قطع.
(5)
يرون جلال الله وعظمته.
(6)
رجع.
(7)
مدبجة ومزينة ومزخرفة.
(8)
هل يحصل ضرر أو مانع.
(9)
لا يوجد سحاب يمنع رؤيتها.
(10)
قال النسفي: للذين آمنوا بالله ورسوله المثوبة الحسنى، وهي الجنة وزيادة رؤية الرب عز وجل، كذا عن أبي بكر وحذيفة وابن عباس وأبي موسى الأشعري وعبادة بن الصامت رضي الله عنهم، وفي بعض التفاسير أجمع المفسرون على أن الزيادة النظر إلى الله تعالى أهـ ص 123 جـ 2. =
127 -
وَعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: إِنَّ في الْجَنَّةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ (1) عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلاً، في كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ مَا يَرَوْنَ الآخَرِينَ، يَطُوفُ عَلَيْهِمْ الْمُؤْمِنُ، وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلى رَبِّهِمْ إِلَاّ رِدَاءُ الْكِبْرِيَاءِ (2) عَلَى وَجْهِهِ في جَنَّاتِ عَدْنٍ. رواه البخاري واللفظ له ومسلم والترمذي.
رؤية أهل الجنة ربهم عز وجل
128 -
وَرُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: بَيْنَا أَهْلُ الْجَنَّةِ في مَجْلِسٍ لَهُمْ إِذْ سَطَعَ لَهُمْ نُورٌ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَرَفَعُوا رُؤُوسَهُمْ فَإِذَا الرَّبُّ تبارك وتعالى قَدْ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ (3) فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ سَلُونِي (4) فَقَالُوا: نَسْأَلُكَ الرِّضَا عَنَّا. قالَ: رِضَائِي أُحِلُّكُمْ دَارِي (5)، وَأَنَا لَكُمْ كَرَامَتِي (6) وَهذَا أَوَانُهَا فَسَلُونِي، قالُوا: نَسْأَلُكَ الزِّيَادَةَ، قالَ: فَيُؤْتَوْنَ بِنَجَائِبَ (7) مِنْ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ أَزِمَّتُهَا مِنْ زُمُرُّدٍ أَخْضَرَ وَيَاقُوتٍ أَحْمَرَ فَيُحْمَلُونَ عَلَيْهَا تَضَعُ حَوَافِرَهَا عِنْدَ مُنْتَهَى طَرفَيْهَا فَيَأْمُرُ اللهُ عز وجل بِأَشْجَارٍ عَلَيْهَا الثِّمَارُ، فَتَجِيءُ جَوَارٍ (8) مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَهُنَّ يَقُلْنَ نَحْنُ النَّاعِمَاتُ فَلا نَبْأَسُ (9)، وَنَحْنُ الْخَالِدَاتُ (10) فَلا نَمُوتُ، أَزْوَاجُ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ كِرَامٍ، وَيَأْمُرُ اللهُ عز وجل بِكُثْبَانٍ مِنْ مِسْكٍ أَبْيَضَ أَذْفَرَ (11) فَيَنْثُرُ (12) عَلَيْهِمْ رِيحاً
= قال تعالى: [والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون (26)] من سورة يونس.
(1)
مثقبة، قال النووي يدوم لأهل الجنة النعيم، ومذهب أهل السنة وعامة المسلمين أن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ويتمتعون بذلك وبغيره من ملاذها وأنواع نعيمها تنعماً دائماً لا آخر له ولا انقطاع أبداً على هيئة متنعم أهل الدنيا، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم:"وإن لكم أن تنعموا فلا تبتئسوا أبدا" أي لا يصيبكم بأس ولا أذى.
(2)
كناية عن زيادة الجلال والإكرام والتعظيم.
(3)
تجلى عليهم بجلاله ورضوانه.
(4)
اطلبوا من فضلي.
(5)
أمتعتكم بجنتي.
(6)
زيادة إحسان.
(7)
أفضل ما يركب.
(8)
نساء بيض.
(9)
لا يصيبنا شقاء.
(10)
الباقيات.
(11)
ذكي الرائحة وطيبها.
(12)
فينشر.
يُقَالُ لَهَا: الْمُثِيرَةُ (1) حَتَّى تَنْتَهِيَ بِهِمْ إِلى جَنَّةِ عَدْنٍ وَهِيَ قَصَبَةُ الْجَنَّةِ (2) فَتَقُولُ الْملائِكَةُ: يَا رَبَّنَا قَدْ جَاءَ الْقَوْمُ، فَيَقُولُ: مَرْحَباً (3) بِالصَّادِقِينَ، مَرْحَبَاً بِالطَّائِعِينَ. قالَ: فَيَكْشِفُ لَهُمْ الْحِجَابَ فَيَنْظُرُونَ إِلى اللهِ تبارك وتعالى فَيَتَمَتَّعُونَ بِنُورِ الرَّحْمَنِ حَتَّى لا يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، ثُمَّ يَقُولُ: أَرْجِعُوهُمْ إِلى الْقُصُورِ بِالتُّحَفِ فَيَرْجِعُونَ وَقَدْ أَبْصَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: فَذَلِكَ قَوْلُهُ: نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ (4) رِحِيمٍ. رواه أبو نعيم والبيهقي واللفظ له وقال: قد مضى في هذا الكتاب يعني في كتاب البعث، وفي كتاب الرؤية ما يؤكد ما روي في هذا الخبر انتهى.
وهو عند ابن ماجة وابن أبي الدنيا مختصر قال:
قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: بَيْنَا أَهْلُ الْجَنَّةِ في نَعِيمِهِمْ إِذَا سَطَعَ لَهُمْ نُورٌ فَرَفَعُوا رُؤُوسَهُمْ، فَإِذَا الرَّبُّ جل جلاله قَدْ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ عز وجل: سَلامٌ قَوْلاً (5) مِنْ رَبِّ رَحِيمٍ فَلا يَلْتَفِتُونَ إِلى شَيْءٍ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ مَا دَامُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ حَتَّى يَحْتَجِبَ (6) عَنْهُمْ وَتَبْقَى فِيهِمْ بَرَكَتُهُ وَنُورُهُ. هذا لفظ ابن ماجة والآخر بنحوه.
نظر أهل الجنة إلى ربهم عز وجل
129 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَانِي جِبْرِيلُ عليه السلام وَفي يَدِهِ مِرْآةٌ بَيْضَاءُ فِيهَا نُكْتَةٌ (7) سَوْدَاءُ فَقُلْتُ مَا هَذِهِ
(1) المنتشرة الباعثة شذاها.
(2)
حاضرتها وعاصمتها وأبهاها.
(3)
وجدتم مكاناً واسعاً منعماً.
(4)
رزق النزيل، وهو الضيف كما قال النسفي: أي شيء يقدم للتجلة والاحترام تفضلاً وتكرماً كما قال تعالى: [إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلاً من غفور رحيم (32)] من سورة فصلت.
أي هذا إكرام ستار الذنوب العفو كثير الرحمة والإحسان والرأفة. اللهم متعنا برضاك وإحسانك يا رب.
(5)
قال لهم سلام. قال النسفي: والمعنى أن الله تعالى يسلم عليهم بواسطة الملائكة أو بغير واسطة تعظيماً لهم، وذلك متمناهم ولهم ذلك لا يمنعونه، قال ابن عباس والملائكة يدخلون عليهم بالتحية من رب العالمين قال تعالى:[إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون سلام قولاً من رب رحيم (58)] من سورة يس.
(6)
يمتنع التجلي.
(7)
علامة أو أثر.
يَا جِبْرِيلُ؟ قالَ: هذِهِ الْجُمُعَةُ يَعْرِضُهَا عَلَيْكَ رَبُّكَ لِتَكُونَ لَكَ عِيداً وَلِقَوْمِكَ مِنْ بَعْدِكَ تَكُونُ أَنْتَ الأَوَّلَ، وَتَكُونُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى مِنْ بَعْدِكَ قالَ: مَا لَنَا فِيهَا؟ قالَ: فِيهَا خَيْرٌ لَكُمْ فِيهَا سَاعَةٌ مَنْ دَعَا رَبَّهُ فِيهَا بِخَيْرٍ هُوَ لَهُ قُسِمَ إِلَاّ أَعْطَاهُ (1) إِيَّاهُ أَوْ لَيْسَ لَهُ يُقْسَمُ إِلَاّ ادّخَرَ لَهُ (2) مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ، أَوْ تَعَوَّذَ فِيهَا (3) مِنْ شَرٍّ هُوَ عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ (4) إِلَاّ أَعَاذَهُ، أَوْ لَيْسَ عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ إِلَاّ أَعَاذَهُ (5) مِنْ أَعْظَمَ مِنْهُ، قُلْتُ: مَا هَذِهِ النُّكْتَةُ السَّوْدَاءُ فِيهَا؟ قالَ: هذِهِ السَّاعَةُ تَقُومُ يَوْمَ الْجُمْعَةِ وَهُوَ سَيِّدُ الأَيَّامِ (6) عِنْدَنَا، وَنَحْنُ نَدْعُوهُ في الآخِرَةِ يَوْمَ الْمَزِيدِ. قالَ: قُلْتُ لِمَ تَدْعُونَهُ يَوْمَ الْمَزِيدِ؟ قالَ: إِنَّ رَبَّكَ عز وجل اتخذَ في الْجَنَّةِ وَادِياً أَفْيَحَ مِنْ مِسْكٍ أَبْيضَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ نَزَلَ (7) تبارك وتعالى مِنْ عِلِّيِّينَ عَلَى كُرْسِيِّهِ، ثُمَّ حَفَّ الْكُرْسِيَّ بِمَنَابِرَ مِنْ نُورٍ وَجَاءَ النَّبِيُّونَ حَتَّى يَجْلِسُوا عَلَيْهَا، ثُمَّ حَفَّ (8)
الْمَنَابِرَ بِكَرَاسِيَّ مِنْ ذَهَبٍ، ثُمَّ جَاءَ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ حَتَّى يَجْلِسُوا عَلَيْهَا، ثُمَّ يَجِيءُ أَهْلُ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا عَلَى الْكَثِيبِ (9) فَيَتَجَلَّى لَهُمْ رَبُّهُمْ تبارك وتعالى حَتَّى يَنْظُرُوا إِلى وَجْهِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا الَّذِي صَدَقْتُكُمْ وَعْدِي وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي هذَا مَحَلُّ كَرَامَتِي فَسَلُونِي فَيَسْأَلُونَهُ حَتَّى تَنْتَهِيَ رَغْبَتُهُمْ فَيَفْتَحُ لَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلا خَطَرَ عَلى قَلْبِ بَشَرٍ إِلى مِقْدَارِ مُنْصَرَفِ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ يَصْعَدُ الرَّبُّ تبارك وتعالى عَلى كُرْسِيِّهِ فَيَصْعَدُ مَعهُ الشُّهَدَاءُ والصِّدِّيقُونَ، أَحْسِبُه قال: وَيَرْجِعُ أَهْلُ الْغُرَفِ إلى غُرَفِهِمْ دُرَّةٌ بَيْضَاءُ لا فَصْمَ فِيهَا وَلَا وَصْمَ أَوْ يَاقُوتَةٌ
(1) أي أعطى وأجاب.
(2)
أخر الإجابة إلا اكتنز له ثوابها وما هو أعظم من طلبه يوم القيامة.
(3)
طلب الغوث والنجاة والتحصين والوقاية. وفي الغريب: العوذ: الالتجاء إلى الغير والتعلق به.
(4)
مقدر.
(5)
أجاره من مصائب أكثر ضرراً منه.
(6)
أفضل.
(7)
تجلى برضوانه وبرحمته.
(8)
زين وأبهج ..
(9)
المكان المعد للزينة والبهجة والنضارة، وفي النهاية الكثيب: الرمل المستطيل المحدودب جمع كثبان وكثب، كناية عن حفاوة زائدة في الإكرام، على الكثيب كذا ن ط، وفي ن ع ص 515 - 2 على الكثب، وفي النهاية ثلاثة على كثب المسك.
حَمْرَاءُ أَوْ زَبَرْجَدَةٌ خَضْرَاءُ مِنْهَا غُرَفُهَا وَأَبْوَابُهَا مُطَّرِدَةٌ فِيهَا أَنهَارُهَا، مُتَدَلِّيَةٌ فِيهَا ثِمَارُهَا فِيهَا أَزْوَاجُهَا وَخَدَمُهَا فَلَيْسُوا إلى شَيْءٍ أَحَوَجَ مِنْهُمْ إِلى يَوْمِ الْجُمُعَةِ. لِيَزْدَادُوا فِيهِ كَرَامَةً، وَلِيَزْدَادُوا فِيهِ نَظَراً إِلى وَجْهِهِ تبارك وتعالى، وَلِذَلِكَ دُعِيَ يَوْمَ الْمَزِيدِ. رواه ابن أبي الدنيا والطبراني في الأوسط بإسنادين أحدهما جيد قوي، وأبو يعلى مختصراً ورواته رواة الصحيح، والبزار واللفظ له.
[الفصم] بالفاء: هو كسر الشيء من غير أن تفصله.
[والوصم] بالواو: الصدع والعيب.
130 -
وَرُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَانِي جَبْرِيلُ فَإِذَا في كَفِّهِ مِرْآةٌ كَأَصْفَى الْمَرَايَا وَأَحْسَنِهَا، وَإِذَا في وَسَطِهَا نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ قالَ: قَلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَا هذِهِ؟ قالَ: هَذِهِ الدُّنْيَا صَفَاؤُهَا وَحُسْنُهَا. قالَ: قُلْتُ: وَمَا هذِهِ اللُّمْعَةُ السَّوْدَاءُ في وَسَطِهَا؟ قالَ: هذِهِ الْجُمُعَةُ، قالَ: قُلْتُ: وَمَا الْجُمُعَةُ؟ قال: يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ رَبِّكَ عَظِيمٌ، وَسَأُخْبِرُكَ بِشَرَفِهِ وَفَضْلِهِ واسْمِهِ في الدُّنْيَا والآخِرَةِ: أَمَّا شَرَفَهُ وَفَضْلُهُ واسْمُهُ في الدُّنْيَا فَإِنَّ اللهَ تبارك وتعالى جَمَعَ فِيهِ أَمْرَ الْخَلْق، وَأَمَّا مَا يُرْجَى فِيهِ فَإِنَّ فِيهِ سَاعَةً لَا يُوافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ أَوْ أَمَةٌ مُسْلِمَةٌ يَسْأَلانِ اللهَ فيهَا خَيْراً إِلَاّ أَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ، وَأَمَّا شَرَفُهُ وَفَضْلُهُ واسْمُهُ في الآخِرَةِ فَإِنَّ اللهَ تعَالى إِذَا صَيَّرَ أَهْلَ الْجَنَّةِ، إِلى الْجَنَّةِ، وَأَدْخَلَ أَهْلَ النَّارِ النَّارَ، وَجَرَتْ عَلَيْهِمْ أَيَّامُهَا وَسَاعَاتُهَا لَيْسَ بِهَا لَيْلٌ وَلا نَهَارٌ إِلَاّ قَدْ عَلِمَ اللهُ مِقْدَارَ ذَلِكَ وَسَاعَاتِه، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ في الْحِينِ الَّذِي يُبْرُزُ أَوْ يَخْرُجُ فِيهِ أَهْلُ الْجُمُعَةِ إِلى جُمُعَتِهِمْ نَادَى مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ اخْرُجُوا إِلى دَارِ الْمَزِيدِ، لَا يَعْلَمُ سَعَتَهَا وَعَرْضَهَا وَطُولَهَا إِلَاّ اللهُ عز وجل فَيَخْرُجُونَ في كُثْبَانٍ مِنَ الْمِسْكِ. قالَ حُذَيْفَةُ: وَإِنَّهُ لَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنْ دَقِيقِكُمْ هذَا.
قالَ فَيَخْرُجُ غِلْمَانُ الأَنْبِياءِ بِمَنابِرَ مِنْ نُورٍ، وَيَخْرُجُ غِلْمَانُ الْمُؤْمِنِينَ بِكَرَاسِيَّ مِنْ يَاقُوتٍ. قالَ: فَإِذَا وُضِعَتْ لَهُمْ وَأَخَذَ الْقَوْمُ مَجَالِسَهُمْ بَعَثَ اللهُ تبارك وتعالى عَلَيْهِمْ رِيحاً تُدْعَى الْمُثِيرَةَ تُثِيرُ عَلَيْهِمْ أَثَابِيرَ الْمِسْكِ الأَبْيَضِ فَتُدْخِلُهُ مِنْ تَحْتِ ثِيَابِهِمْ، وَتُخْرِجُهُ
في وُجُوهِهِمْ وَأَشْعَارِهِمْ فَتِلْكَ الرِّيحُ أَعْلَمُ كَيْفَ تَصْنَعُ بِذَلِكَ الْمِسْكِ مِن امْرَأَةِ أَحَدِكُمْ لَوْ دَفَعَ إِلَيْهَا كُلَّ طَيِّبٍ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ لَكَانَتْ تِلْكَ الرِّيحُ أَعْلَمَ كَيْفَ تَصْنَعُ بِذَلِكَ الْمِسْكِ مِنْ تِلْكَ الْمَرْأَةِ لَوْ دُفِعَ إِلَيْهَا ذَلِكَ الطِّيبُ بِإِذْنِ اللهِ عز وجل. قالَ: ثُمَّ يُوحِي اللهُ سُبْحَانَهُ إِلى حَمَلَةِ الْعَرْشِ فَيُوضَعُ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْجَنَّةِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهُمُ الْحُجُبُ فَيَكُونُ أَوَّلُ مَا يَسْمَعُونَ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ: أَيْنَ عِبَادِي الَّذينَ أَطَاعُونِي بالْغَيْبِ وَلَمْ يَرَوْنِي، وَصَدَّقُوا رُسُلِي واتَّبَعُوا أَمْرِي فَسَلُونِي فهذَا يَوْمُ الْمَزِيدِ. قالَ: فَيَجْتَمِعُونَ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ: رَبِّ رَضِينَا عَنْكَ فارْضَ عَنَّا. قالَ: فَيَرْجِعُ اللهُ تَعَالَى في قَوْلِهِمْ أَنْ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ إِنِّي لَوْ لَمْ أَرض عَنْكُمْ لَمَا أَسْكَنْتُكُمْ جَنَّتِي فَسَلُونِي فهذَا يَوْمُ الْمَزِيدِ. قالَ: فَيَجْتَمِعُونَ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ رَبِّ وَجْهَكَ أَرِنَا نَنَظُرُ إِلَيْهِ. قالَ: فَيَكْشِفُ اللهُ تبارك وتعالى تِلْكَ الْحُجُبَ، وَيَتَجَلَّى لَهُمْ فَيَغْشَاهُمْ (1) مِنْ نُورِهِ شَيءٌ لَوْلا أَنَّهُ قَضَى عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَحْتَرِقُوا لاحْتَرَقُوا مِمَّا غَشِيَهُمْ مِنْ نُورِهِ. قالَ: ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ: ارْجِعُوا إِلى مَنَازِلِكُمْ. قالَ فَيَرْجِعُونَ إِلى مَنَازِلِهِمْ وَقَدْ خَفُوا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ وَخَفِينَ عَلَيْهِمْ مِمَّا غَشِيَهُمْ مِنْ نُورِهِ تبارك وتعالى، فَإِذَا صَارُوا إِلى مَنَازِلِهِمْ ترَادّ النُّورُ وَأَمْكَنَ حَتَّى يَرْجِعُوا إِلى صُوَرِهِمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا.
قالَ: فَتَقُولُ لَهُمْ أَزْوَاجُهُمْ: لَقَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ عِنْدِنَا عَلَى صُورَةٍ، وَرَجَعْتُمْ عَلَى غَيْرِهَا؟ قالَ: فَيَقُولُونَ: ذلِكَ بأَنَّ اللهَ تبارك وتعالى تَجَلَّى لَنَا فَنَظَرْنَا مِنْهُ إِلى مَا خَفِينَا بِهِ عَلَيْكُمْ. قالَ: فَلَهُمْ في كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ الضِّعْفُ عَلَى مَا كَانُوا. قالَ: وَذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل: [فلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ]. رواه البزار.
ما لأدنى أهل الجنة وما لأكرمهم عند الله تعالى
131 -
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: إِنَّ أَدْنَى (2) أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً لَمنْ يَنْظُرُ إِلى جِنَانِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَنَعِيمِهِ وَخَدَمِهِ وَسُرُرِهِ مَسِيرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ، وأَكْرَمَهُمْ عَلَى اللهِ مَنْ يَنْظُرُ إِلى وَجْهِهِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً (3)، ثُمَّ قَرَأ
(1) فيغطيهم.
(2)
أقل.
(3)
صباح مساء.