الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترهيب من اللعب بالنرد
1 -
عَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ (1) فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي دَمِ خِنْزِيرٍ. رواه مسلم.
وله لأبي داود وابن ماجة: فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِيْ لَحْم خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ.
= ثالثاً: يكلف بالمستحيل تعجيزاً له وردعاً وزجراً.
رابعاً: إن استحل هذا فقد كفر بالكتاب والسنة.
خامساً: يعاقب بمنع دخول ملائكة الرحمة التي تدعو له بالمغفرة والرضوان والرحمة.
سادساً: يخصص له هيئة عذاب انتقاماً له (عنق).
سابعاً: يبكته الله تعالى ويرسل ملك العذاب يقول للمصور اجعل هذا حيواناً ذا روح كما ضاهيت في حياتك في رسمك [أحيوا ما خلقتم].
ثامناً: يكتسب من حرام ويأكل من باطل ويربح من مكروه، ويحترف بمهنة منهي عنها، لأنه يصور حيواناً أما إذا صور شجراً ونحوه مما لا روح فيه فلا تحرم صنعته ولا التكسب به كما قال النووي ص 195 جـ 2 مختار الإمام مسلم، وفي المدخل لابن الحاج، ولا فرق في ذلك أعني في لحوق الإثم بين من صنعها وبين من استحسّها، وبين من جلس إليها، وبين من رضي بها وأحبها، وبين من رآها ولم ينكر وله القدرة على التغيير بحسب مراتب التغيير، وهذا فيمن لم يستحل ذلك، أما من استحله فالحكم ظاهر فيه معلوم؛ وإذا كان ذلك محرماً فلا يجوز اتخاذ شيء من ذلك للرجل، ولا لامرأة عموماً أهـ ص 273 جـ 1.
وأذكر أني سألت أستاذي المرحوم الشيخ محمد النجدي شيخ رواق الشراقوة فأفتى بإباحة الصورة التي على الورقة وقال إنها تشبه صورة المرأة أو النظر في الزير والنهر، وقد سألت المرحوم الشيخ محمد بخيت فأفتى بإباحتها ولدي الآن نسخة: أي رسالة استنباط فضيلته، عنوانها (الجواب الشافي في إباحة التصوير الفوتوغرافي) ومنها قال ابن عبدين: الذي يظهر من كلامهم إن العلة إما التعظيم أو التشبه ص 14. ومنها واختلف المحدثون في امتناع ملائكة الرحمة بما على النقدين؛ فنفاه عياض وأثبته النووي، وصرح في الفتح وغيره بأن الصورة الصغيرة لا تكره في البيت قال وقد نقل أنه كان على خاتم أبي هريرة ذبابتان أهـ ولو كانت منع دخول الملائكة لكره اتخاذها في البيت، لأنه يكون شر البقاع، وكذا المهانة كما في الحديث "اقطعها وسائد أو اجعلها بسطاً". هذا كله في اقتناء الصورة. وأما فعل التصوير فغير جائز مطلقاً، لأنه مضاهاة لخلق الله تعالى كما مر، وفي آخر خطر المجتبى عن أبي يوسف يجوز بيع اللعبة، وأن يلعب بها الصبيان أهـ وفي تفسير الألوسي عند قوله تعالى:[ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون] 52 من سورة الأنبياء.
التمثال الصورة شبيهة بمخلوق من مخلوقات الله تعالى: [يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل] من سورة سبأ.
قال الضحاك: كانت صورة حيوانات. وقال الزمخشري: صور الملائكة والأنبياء والعلماء كانت تعمل في المساجد من نحاس وصفر وزجاج ورخام ليراها الناس فيعبدون نحو عبادتهم، وكان اتخاذ الصور في ذلك الشرع جائزاً كما قال الضحاك وأبو العالية أهـ ص 15.
(1)
النرد: اسم أعجمي معرب وشير بمعنى حلو. قال النووي: صبغ يده أي في حال أكله منهما وهو تشبيه لتحريمه بتحريم أكلهما والله أعلم أهـ ص 334 جـ 3 مختار الإمام مسلم.
2 -
وَعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ لَعِبَ بِنَرْدٍ أَوْ نَرْدَشِيرَ فقَدء عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ (1). رواه مالك واللفظ له وأبو داود وابن ماجة والحاكم والبيهقي، ولم يقولوا: أَوْ نَرْدَشِيرَ، وقال الحاكم: صحيح على شرطهما. قال البيهقي: وروينا من أوجه أخر عن محمد بن كعب عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لَا يَقْلِبُ كَعَبَاتِهَا (2) أَحَدٌ يَنْتَظِرُ مَا تَأْتِي بِهِ إِلَاّ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ.
(1) أي خالف أوامرهما وصرف وقته في لهو ولعب.
(2)
لا يقلب كعابها كذا ط وع ص 292 - 2 وفي ن د: لا يطلب أحد ينتظر ما كعباتها تأتي به: أي يرمي طلعها ليتبين عدد نقطها ويرجو إصابة غرضه فقد كثر لغطه وزاد لهوه. وقد أخرج البيهقي كما في الزواجر عن يحيى بن أبي كثير قال: "مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم يلعبون بالنرد فقال: قلوب لاهية وأيد عاملة وألسنة لاغية" وأخرج أحمد "إياكم وهاتان الكعبتان المرسومتان اللتان يزجران زجراً فإنهما ميسر العجم".
ونقل القرطبي في شرح مسلم اتفاق العلماء على تحريم اللعب به مطلقاً ونقل الموفق الحنبلي في مغنيه الإجماع على تحريم اللعب به. وقال القاضي البيضاوي في شرح المصابيح: يقال أول من وضعه سابور بن أردشير ثاني ملوك الساسان ولأجله يقال له النردشير وشبه رقبته بالأرض وقسمها أربعة أقسام تشبيهاً بالفصول الأربعة. وقال الماوردي قيل إنه على البروج الإثني عشر والكواكب السبعة، لأن بيوته اثنا عشر كالبروج ونقطه من جانبي القصر سبع كالكواكب السبعة فعدل به إلى تدبير الكواكب والبروج أهـ ص 166 جـ 2.
يخبر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يتباعدوا عن هذه اللعبة المضيعة للوقت الجالبة للنفور الباعثة كل آلام التي تجلب الغفلة عن الله والسهو عن ذكره ونسيان حقوقه وعدم أداء الصلاة في أوق وقتها ويشبه لاعبها بالقصاب الذي يذبح الخنزير ويغمس يده في لحمه بجامع التحريم، وإذا كان الله جل جلاله نهى المؤمنين أن تلهيهم أموالهم وأولادهم فيزداد النهي في تضييع الوقت في النرد يقول الله تعالى:[يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون](10) من سورة المنافقون.
أي لا يشغلكم التصرف في الأموال والسعي في تدبير أمرها بالنماء وطلب النتاج ولا سرور أولادكم وشفقتكم عليهم والقيام بمؤنهم عن الصلوات الخمس أو عن القرآن أهـ نسفي، ويقول جل جلاله [ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله] فهذا لهو الحديث فما بالك بالنرد؟ ويقول تعالى [وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها] قال البيضاوي: فإن المراد من اللهو الطبل الذي كانوا؛ يستقبلون به العير والترديد للدلالة على أن منهم من انفض لمجرد سماع الطبل ورؤيته. روي "أنه صلى الله عليه وسلم كان يخطب الجمعة فمرت عليه عير يحمل الطعام فخرج الناس إليهم إلا اثني عشر رجلاً فنزلت". هؤلاء فرحوا بقدوم بضائع وحاجات الطعام فتركوا استماع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فكذا من لعب النرد مشتغلاً بها عن ذكر الله وأداء حقوقه. يقول الله تعالى: [زين للناس حب الشهوات] أي المشتهيات، سماها شهوات مبالغة وإيماء على أنهم انهمكوا في محبتها حتى حبوا شهوتها، والمزين هو الله تعالى لأنه الخالق للأفعال والدواعي ولعله زينه ابتلاء أو لأنه يكون وسيلة إلى السعادة الأخروية إذا كان على وجه يرتضيه الله تعالى، أو لأنه من أسباب التعيش وبقاء النوع، وقيل الشيطان فإن الآية في معرض الذم أهـ بيضاوي، والنفس تميل إلى اللعب فالنرد من الشهوات المنهي عنها، ويقول الله تعالى [ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق] ثم يقول عز شأنه:[اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو] من سورة الحديد. قال النسفي كلعب الصبيان وكلهو الفتيان =