الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ يَرْضَ اللهُ عَنْهُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَإِنْ مَاتَ مَاتَ كَافِراً، فَإِنْ عَادَ كَانَ حَقّاً علَى اللهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قالَ: صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ (1). رواه أحمد بإسناد حسن، ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث عبد الله بن عمر وأطولَ منه إلا أنه قال:
مَنْ عَادَ في الرَّابِعَةِ كانَ حَقّاً على اللهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قالَ: عُصَارَةُ (2) أَهْلِ النَّارِ. وتقدم في شرب الخمر، وتقدم أيضاً فيه حديث أنس:
مَنْ فَارَقَ الدُّنْيَا وَهُوَ سَكْرَانُ دَخَلَ الْقَبْرَ سَكْرَانَ، وَبُعِثَ مِنْ قَبْرِهِ سَكْرَانَ، وَأُمِرَ بِهِ إِلى النَّارِ سَكْرَانَ، فِيهِ عَيْنٌ تَجْرِي مِنْهَا الْقَيْحُ والدَّمُ، هُوَ طَعَامُهُمْ وَشَرابُهُمْ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ والأَرْضُ.
فصل
في طعام أهل النار
65 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرأ هذِهِ الآيَةَ: [اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ] فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنَ الزَّقُّومِ قَطَرَتْ في دَارِ الدُّنْيَا لأَفْسَدَتْ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا مَعَايِشَهُمْ فَكَيْفَ بِمَنْ يَكُونُ طَعَامَهُ؟ رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال:
فَكَيْفَ بِمَنْ لَيْسَ لَهُ طَعَامٌ غَيْرُهُ. والحاكم إلا أنه قال فيه:
(1) نوع ثان من العذاب أن يتناول السكير الصديد. وفي المصباح: الصديد الدم المختلط بالقيح، وقال أبو زيد: هو القيح: الذي كأنه الماء في رقته، والدم في شكلته، وزاد بعضهم فقال: فإذا خثر فهو مدة، وأصد الجر صار ذا صديد أهـ.
(2)
المادة النازلة من أجسامهم.
فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنَ الزَّقُومِ قَطَرَتْ في بِحَارِ الأَرْضِ لأَفْسَدَتْ (1). أَو قال: لأَمَرَّتْ (2) عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ مَعَايِشَهُمْ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَكُونُ طَعَامَهُ. وقال: صحيح على شرطهما، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وروي موقوفاً على ابن عباس.
شراب أهل النار
66 -
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يُلْقَى عَلَى أَهْلِ النَّارِ الْجُوعُ فَيَعْدِلُ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ، فَيَسْتَغِيثُونَ فَيُغَاثُونَ بِطَعَامٍ مِنْ ضَرِيعٍ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ فَيَسْتَغِيثُونَ فَيُغَاثُونَ بِطَعَامٍ ذِي غُصَّةٍ فَيَذْكُرُونَ أَنَّهُمْ يُجِيزُونَ الْغُصَصَ في الدُّنْيَا بِالشَّرَابِ فَيَسْتَغِيثُونَ بِالشَّرابِ فَيُدْفَعُ إِلَيْهِمْ بِكَلالِيبِ الْحَدِيدِ فَإِذَا دَنَتْ مِنْ وُجُوهِهِمْ شَوَتْ وُجُوهَهُمْ، فَإِذا دَخَلَتْ بُطُونَهُمْ قَطَعَتْ مَا في بُطُونِهِمْ فَيَقُولُونَ: ادْعُوا خَزَنَةَ جَهَنَّمَ. فَيَقُولُونَ: [أَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ (3) قَالُوا: بَلَى قَالُوا: فادْعُوا (4)
وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَاّ في ضَلالٍ] قالَ: فَيَقُولُونَ: ادْعُوا مَالِكاً فَيَقُولُونَ: [يَا مَالِكُ لِيَقْضِ (5) عَلَيْنَا رَبُّكَ] قالَ: فَيُجِيبُهُمْ: إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (6). قالَ الأعْمَشُ: نُبِّئْتُ أَنَّ بَيْنَ دُعَائِهِمْ وَبَيْنَ إِجَابَةِ مَالِكٍ إِيَّاهُمْ أَلْفَ عَامٍ. قالَ: فَيَقُولُونَ: ادْعُوا رَبَّكُمْ فَلَا أَحَدَ خَيْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ، فَيَقُولُونَ: [رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا
(1) لجعلته فاسداً مراً لا يصلح للشرب منه.
(2)
لوضعت فيه المرارة. إذا كان الشيء القليل كريه الطعم مفسداً الماء العذب الكثير فما حال من يأكله إن أكله لشديد الألم، وإن تعاطيه لصعب مر.
(3)
بالبراهين القاطعة استدلالاً على أحقية الله بالعبادة والطاعة.
(4)
قال البيضاوي: أرادوا به إلزامهم للحجة وتوبيخهم على إضاعتهم أوقات الدعاء وتعطيلهم أسباب الإجابة (فادعوا) فإنا لا نجترئ فيه إذ لم يؤذن لنا في الدعاء لأمثالكم، وفيه إقناط لهم عن الإجابة (ضلال) ضياع لا يجاب، وفيه إقناط لهم عن الإجابة أهـ.
قال تعالى: [وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال (50)] من سورة غافر.
(5)
قال البيضاوي: والمعنى سل ربنا أن يقضي علينا، من قضى عليه إذا أماته، وهو لا ينافي إبلاسهم، فإنه جؤار وتمن للموت من فرط الشهوة.
(6)
لا خلاص لكم بموت ولا بغيره، قال تعالى:[ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون أم أبرموا أمراً فإنا مبرمون أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بل ورسلنا لديهم يكتبون (80)] من سورة الزخرف.
(بالحق) والإرسال كارهون لما في اتباعه من إتعاب النفس وآداب الجوارح (أبرموا) في تكذيب الحق ووروده ولم يقتصروا على كراهته (مبرمون) أمراً في مجازاتهم.
شِقْوَتُنَا (1) وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ، رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا (2) فَإِنْ عُدْنَا (3) فَإِنَّا ظَالِمُونَ] قالَ: فَيُجِيبُهُمْ: [اخْسَئُوا (4) فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ (5)] قالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ يَئِسُوا مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَأْخُذُونَ في الزَّفِيرِ (6) وَالْحَسْرَةِ (7) وَالْوَيْلِ (8). رواه الترمذي والبيهقي كلاهما عن قطبة بن عبد العزيز عن الأعمش عن شمر بن عطية عن شهر بن حوشب عن أمّ الدرداء عنه.
وقال الترمذي: قال عبد الله بن عبد الرحمن: والناس لا يرفعون هذا الحديث قال: وإنما روي هذا الحديث عن الأعمش عن شمر بن عطية عن شهر بن حوشب عن أمّ الدرداء عن أبي الدرداء. قوله: وليس بمرفوع، وقطبة بن عبد العزيز ثقة عند أهل الحديث انتهى.
67 -
وَعنِ ابْنِ عَبَّاس رضي الله عنهما في قَوْلِهِ تَعَالَى: طَعَاماً ذَا غُصَّةٍ (9) قالَ: شَوْكٌ يَأْخُذُ بالْحَلِقِ وَلَا يَدْخُلُ وَلا يَخْرُجُ. رواه الحاكم موقوفاً عن شبيب بن شيبة عن عكرمة عنه وقال: صحيح الإسناد.
(1) ملكتنا بحيث صارت أحوالنا مؤدية إلى سوء العاقبة. ضالين عن الحق.
(2)
من النار.
(3)
إلى التكذيب.
(4)
اسكتوا سكوت هوان في النار، فإنها ليست مقام سؤال.
(5)
في رفع العذاب، قال تعالى:[فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون إنه كان فريق من عبادي يقولون: ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم تضحكون إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم فاسأل العادين قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين (118)] من سورة المؤمنون.
(6)
تردد الأنفاس حتى تنتفخ الضلوع منه.
(7)
تقطع الأنفاس وزيادة الملل والضجر.
(8)
الثبور والهلاك.
(9)
قال البيضاوي: طعاماً ينشب في الحلق كالضريع والزقوم، قال تعالى:[واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا إن لدينا أنكالاً وجحيما وطعاماً ذا غصة وعذاباً أليما يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيباً مهيلا (14)] من سورة المزمل.