الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
118 -
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَاعِدَةَ رضي الله عنه قالَ: كُنْتُ أُحِبُّ الْخَيْلَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ في الْجَنَّةِ خَيْلٌ؟ فَقَالَ: إِنْ أَدْخَلَكَ اللهُ الْجَنَّةَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ كَانَ لَكَ فِيهَا فَرَسٌ مِنْ يَاقُوتٍ لَهُ جَنَاحَانِ تَطِيرُ بِكَ حَيثُ شِئْتَ. رواه الطبراني ورواته ثقات.
119 -
وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ في الْجَنَّةِ مِنْ خَيلٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إنِ اللهُ أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ فَلا تَشَاءُ أَنْ تُحْمَلَ فِيهَا عَلَى فَرَسٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ تَطِيرُ بِكَ في الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْتَ إِلاّ كَانَ، قالَ: وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ في الْجَنَّةِ مِنْ إِبِلٍ؟ قالَ: فَلَمْ يَقُلْ لَهُ مَا قَالَ لِصَاحِبِهِ، قالَ: إِنْ يُدْخِلْكَ اللهُ الْجَنَّةَ يَكُنْ لَكَ فِيهَا مَا اشْتَهَتْ (1) نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ. رواه الترمذي من طريق المسعودي عن علقمة عن عبد الرحمن بن سابط عن النبي صلى الله عليه وسلم قال نحوه بمعناه، وهذا أصح من حديث المسعودي يعني المرسل.
120 -
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنه قالَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أُحِبُّ الْخَيْلَ، أَفِي الْجَنَّةِ خَيْلٌ؟ قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنْ دَخَلْتَ الْجَنَّةَ أُوتِيتَ (2) بِفَرَسٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ، لَهُ جَنَاحَانِ فَحُمِلْتَ عَلَيْهِ، ثُمَّ طَارَ بِكَ حَيْثُ شِئْتَ. رواه الترمذي ويأتي حديث محمد بن الحسين في الفصل بعده إن شاء الله.
فصل
في زيارة أهل الجنة ربهم تبارك وتعالى
121 -
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قالَ: إِذَا سَكَنَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ أَتَاهُمْ مَلَكٌ فَيَقُولُ: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَزُورُوهُ، فَيَجْتَمِعُونَ، فَيَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى دَاوُدَ عليه الصلاة والسلام، فَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّسْبِيحِ (3) وَالتَّهْلِيلِ، ثُمَّ تُوضَعُ مَائِدَةُ (4) الْخُلْدِ. قالُوا
(1) الذي طلبته نفسك وأوجد لعينك الفرح والسرور.
(2)
أتاك الخادم: أي أحضر لك حصاناً.
(3)
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
(4)
طعام جنة الخلد
يَا رَسُولَ اللهِ: وَمَا مَائِدَةُ الْخُلْدِ؟ قالَ: زَاوِيَةٌ مِنْ زَاوَايَاهَا أَوْسَعُ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ والْمَغْرِبِ فَيُطْعَمُونَ، ثُمَّ يُسْقَوْنَ، ثُمَّ يُكْسَوْنَ، فَيَقُولُونَ لَمْ يَبْقَ إِلَاّ النَّظَرُ في وَجْهِ رَبِّنَا عز وجل، فَيَتَجَلَّى لَهُمْ فَيَخِرُّونَ سُجَّداً، فَيُقَالُ لَسْتُمْ في دَارِ عَمَلٍ، إِنَّمَا أَنْتُم في دَارِ جَزَاء. رواه أبو نعيم في صفة الجنة.
122 -
وعن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن صفي اليمامي قالَ: سَأَلَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَروانَ عَنْ وَفْدِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، قالَ: إِنَّهُمْ يَفِدُونَ إِلى اللهِ سُبْحَانَهُ كُلَّ يَوْمِ خَمِيسٍ فَتُوضَعُ لَهُمْ أُسِرَّةٌ، كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ أَعْرَفُ بِسَرِيرِهِ مِنْكَ بِسَرِيرِكَ هذا الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ، فَإِذَا قَعَدُوا عَلَيْهِ وَأَخَذَ الْقَوْمُ مَجَالِسَهُمْ. قالَ تبارك وتعالى: أَطْعِمُوا عِبَادِي وَخَلْقِي وَجِيرَانِي وَوَفْدِي، فَيُطِعَمُونَ، ثُمَّ يَقُولُ: اسْقُوهُمْ. قالَ: فَيُؤْتَوْنَ بِآنِيَةٍ مِنْ أَلْوَانٍ شَتَّى مُخْتَمَةٍ (1) فَيَشْرَبُونَ مِنْهَا، ثُمَّ يَقُولُ: عِبَادِي وَخَلْقِي وَجِيرَانِي وَوَفْدِي قَدْ طُعِمُوا وَشَرِبُوا فَكِّهُوهُمْ (2)، فَتَجِيءُ ثَمَرَاتُ شَجَرٍ مُدَلَّى فَيَأْكُلُونَ مِنْهَا مَا شَاؤُوا، ثُمَّ يَقُولُ عِبَادِي وَخَلْقِي وَجِيرَانِي وَوَفْدِي قَدْ طُعِمُوا وَشَرِبُوا وَفَكِهُوا اكْسُوهُمْ فَتَجِيء ثَمَراتُ شَجَرٍ أَخْضَرَ وَأَصْفَرَ وَأَحْمَرَ وَكُلِّ لَوْنٍ لَمْ تُنْبِتْ إِلَاّ الْحُلَلَ فَيَنْشُرُ عَلَيْهِمْ حُللاً وَقُمْصاً، ثُمَّ يَقُولُ عِبَادِي وَجِيرَانِي وَوَفْدِي قَدْ طُعِمُوا وَشَرِبُوا وفُكِّهُوا وَكُسُوا، طَيِّبُوهُمْ (3) فَيَتَنَاثَرُ (4) عَلَيْهِمْ الْمِسْكُ مِثْلَ رَذَاذِ (5) الْمَطَرِ، ثُمَّ يَقُولُ: عِبَادِي وَخَلْقِي وَجِيرَانِي وَوَفْدِي قَدْ طُعِمُوا وَشَرِبُوا وَفُكِهُوا وَكُسُوا وَطُيِّبُوا لأَتَجَلَّيَنَّ (6)
عَلَيْهِمْ حَتَّى يَنْظُرُوا إِلَيَّ، فَإِذَا تَجَلَّى لَهُمْ، فَنَظَرُوا إِلَيْهِ نَضرَتْ وُجُوهُهُمْ، ثُمَّ يُقَالُ: ارْجِعُوا إِلى مَنَازِلِكُمْ، فَتَقُولُ لَهُمْ أَزْوَاجُهُمْ: خَرَجْتُمْ مِنْ عِنْدِنَا عَلَى صُورَةٍ وَرَجَعْتُمْ عَلَى غَيْرِهَا، فَيَقُولُونَ ذَلِكَ أَنَّ اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ تَجَلَّى لَنَا، فَنَظَرْنَا إِلَيْهِ فَنَضَرَتْ وُجُوهُنَا. رواه ابن أبي الدنيا موقوفاً.
123 -
وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ رضي الله عنهما قالَ: قالَ
(1) عليها ختم: أي لا يستعملها غيرهم.
(2)
قدموا لهم فاكهة.
(3)
عطروهم بالرائحة الذكية.
(4)
ينتشر.
(5)
قطرات دقيقة.
(6)
لأمدنهم بأنواري ورحمتي ..
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ في الْجَنَّةِ شَجَرَةً يُقَالُ لَهَا: طُوبَى لَوْ يُسَخَّرُ (1) الرَّاكِبُ الْجَوَادَ يَسِيرُ في ظِلِّهَا لَسَارَ فِيهِ مَائَةَ عَامٍ، وَرَقُهَا بُرُودٌ خُضْرٌ، وَزَهْرُهَا رِيَاطٌ (2) صُفْرٌ، وَأَفْنَانُهَا (3) سُنْدُسٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَثَمَرُهَا حُلَلٌ، وَصَمْغُهَا زَنْجَبِيلٌ وَعَسَلٌ، وَبَطْحَاؤُهَا يَاقُوتٌ أَحْمَرُ وَزُمُرُّدٌ أَخْضَرُ، وَتُرَابُهَا مِسْكٌ وَعَنْبَرٌ وَكَافُورٌ أَصْفَرُ، وَحَشِيشُهَا زَعْفَرَانٌ مُونَعُ (4) وَالأَلَنْجُوجُ يَتَأَجَّجَانِ مِنْ غَيْرِ وَقُودٍ، يَتَفَجَّرُ مِنْ أَصْلِهَا السَّلْسَبِيلُ (5)
وَالْمَعينُ (6) والرَّحِيقُ (7) وَأَصْلُهَا مَجْلِسٌ مِنْ مَجَالِسِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَأْلَفُونَهُ وَمُتَحَدّثٌ (8) يَجْمَعُهُمْ فَبَيْنَاهُمْ يَوْماً في ظِلِّهَا يَتَحَدَّثُونَ إِذْ جَاءَتْهُمُ الْملائِكَةُ يَقُودُونَ نُجُباً (9) جُبِلَتْ (10) مِنَ الْيَاقُوتِ، ثُمَّ نُفِخَ فِيهَا الرُّوحُ مُزْمُومَةً (11) بِسَلاسِلَ مِنْ ذَهَبٍ كَأَنَّ وُجُوهَهَا الْمَصَابِيحُ نَضَارَةً وَحُسْنَاً وَبَرُهَا خَزٌّ أَحْمَرُ وَمَرْعَزِيٌّ أَبْيَضُ مُخْتَلِطَانِ لَمْ يَنْظُرِ النَّاظِرُونَ إِلى مِثْلِهَا حُسْناً وَبَهَاءً ذُلُلٌ (12) مِنْ غَيْرِ مَهَابَةٍ، نُجُبٌ مِنْ غَيْرِ رِيَاضَةٍ، عَلَيْهَا رَحَائِلُ أَلْوَاحُهَا مِنَ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ مُفَضَّضَةٌ بِاللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ، صَفَائِحُهَا مِنَ الذَّهَبِ الأَحْمَرِ مُلَبَّسَةً بالْعَبْقَرِيِّ والأرْجُوانِ فأَنَاخُوا لَهُمْ تِلْكَ النَّجَائِبَ، ثُمَّ قُالُوا لَهُمْ: إِنَّ رَبَّكُمْ يُقْرِئُكُمُ السَّلامُ وَيَسْتَزِيرُكُمْ
(1) لو يوجه الراكب الحصان المسرع.
(2)
كل ثوب رقيق لين، المفرد ريطة والجمع ريط ورياط، ومنه حديث أبي سعيد في ذكر الموت، ومع كل واحد منهم ريطة من رياط الجنة أهـ نهاية، رياط كذا ط وع ص 510 - 2.
(3)
أغصانها من الحرير الرقيق والغليظ.
(4)
أدركت وحان أن تقطف. والينعة: خرزة حمراء، وجمع ينع، وهو ضرب من العقيق، ودم يانع محمار: وأينع الثمر: إذا نضج.
(5)
العين المتدفقة ماء عذب كما قال تعالى: [ويسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلا عيناً فيها تسمى سلسبيلا (18)] من سورة الدهر.
قال البيضاوي لسلاسة انحدارها في الحق وسهولة مساغها.
(6)
جار أو طاهر سهل المأخذ.
(7)
شراب خالص كما قال تعالى: [إن الأبرار لفي نعيم على الأرائك ينظرون تعرف في وجوههم نضرة النعيم يشقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون (26)] من سورة المطففين.
أسماء ثلاثة لمنابع الجنة يزداد طعمها حلاوة وعذوبة وبهجة ليتمتع بها سكانها سبحانه وتعالى.
(8)
ناد أو مكان اجتماع.
(9)
حيوانات مسرعة مذللة، وفي النهاية النجيب: الفاضل من كل حيوان.
(10)
خلقت.
(11)
منقادة.
(12)
منقادة: أي طبعها سلس رقيق لا تحتاج إلى مران أو ترويض، انتفت عنها الحرونة والشراسة.
لِتَنْظُرُوا إِلَيْهِ وَيَنْظُرَ إِلَيْكُمْ، وَتُكَلِّمُونَهُ وَيكَلِّمُكُمْ وَتُحَيُّونَهُ وَيُحَيِّيكُمْ وَيَزِيدُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَمِنْ سَعَتِهِ إِنَّهُ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَفَضْلٍ عَظِيمٍ، فَيَتَحَوَّلُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ عَلَى رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ يَنْطَلِقُونَ صَفّاً مُعْتَدِلاً، لَا يَفُوتُ شَيْءٌ مِنْهُ شَيْئاً، وَلَا تَفُوتُ أُذُنُ نَاقَةٍ أُذُنَ صَاحِبَتِهَا، وَلَا يَمُرُّونَ بِشَجَرَةٍ مِنْ أَشْجَارِ الْجَنَّةِ إِلَاّ أَتْحَفَتْهُمْ بِثَمَرِهَا، وَزَحَلَتْ لَهُمْ عَنْ طَرِيقِهِمْ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَنْثِلِمَ (1) صَفُّهُمْ، أَو تُفَرِّقَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَرَفِيقِهِ، فَلَمَّا دَفَعُوا إِلى الْجَبَّارِ تبارك وتعالى أَسْفَرَ (2) لَهُمْ عَنْ وَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَتَجَلَّى لَهُمْ في عَظَمَتِهِ الْعَظِيمَةِ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا السَّلامُ، قالُوا: رَبَّنَا أَنْتَ السَّلامُ، وَمِنْكَ السَّلامُ، وَلَكَ حَقُّ الْجلالِ والإِكْرَامِ، فَقَالَ لَهُمْ رَبُّهُمْ: إِنِّي أَنَّا السَّلامُ وَمِنِّي السَّلامُ وَلِي حَقُّ الْجلالِ والإِكرَامِ، فَمَرْحَباً بِعِبَادِي الَّذِينَ حَفِظُوا وَصِيَّتِي وَرَعَوا عَهْدِي (3) وَخَافُونِي بالْغَيْبِ (4)، وَكَانُوا مِنِّي عَلَى كُلِّ حَالٍ مُشْفِقِينَ، قالُوا: أَمَا وَعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ وَعُلُوِّ مَكَانِكَ مَا قَدَرْنَاكَ حَقَّ قَدْرِكَ، وَلا أَدَّيْنَا إِلَيْكَ كُلَّ حَقِّكَ، فائْذَنْ لَنَا بِالسُّجُودِ لَكَ؟ فَقَالَ لَهُمْ رَبُّهُمْ تبارك وتعالى: إِنِّي قَدْ وَضَعْتُ عَنْكُمْ (5)
مُؤونَةَ الْعِبَادَةِ، وَأَرَحْتُ لَكُمْ أَبْدَانَكُمْ، فَطَالَمَا أَنْصَبْتُمْ (6) الأَبْدَانَ، وَأَعَنَيْتُمْ الْوُجُوهَ، فالآنَ أَفْضَيْتُمْ إِلى رَوْحِي وَرَحْمَتِي وَكَرَامَتِي، فَسَلُونِي مَا شِئْتُمْ وَتَمَنَّوا عَلَيَّ أُعْطِكُمْ أَمَانِيِّكُمْ، فإِنِّي لَنْ أَجْزِيَكُمُ الْيَوْمَ بِقَدْرِ أَعْمَالِكِمُ ولَكِنْ بِقَدْرِ رَحْمَتِي وَكَرَامَتِي وَطَوْلِي وَجَلالِي وَعُلُوِّ مَكَانِي وَعَظَمَةِ شَأْنِي، فَمَا يَزَالُونَ في الأَمَانِيِّ وَالْمَوَاهِبِ (7) وَالْعَطَايَا حَتَّى إِنَّ الْمُقَصِّرَ مِنْهُمْ لَيَتَمَنَّى مِثْلَ جَمِيعِ الدُّنْيَا مُنْذُ يَوْمِ خَلَقَهَا اللهُ عز وجل إِلى يَوْمِ أَفْنَاهَا، قالَ رَبُّهُمْ: لَقَدْ قَصَّرْتُمْ في أَمَانِيِّكُمْ وَرَضِيتُمْ بِدُونِ مَا يَحِقُّ لَكُمْ، فَقَدْ أَوْجَبْتُ لَكُمْ مَا سأَلْتُمْ وَتَمَنَّيْتُمْ وَزِدْتُكُمْ عَلَى مَا قَصُرَتْ عَنْهُ أَمَانِيِّكُم، فانْظُرُوا إِلى مَوَاهِبِ رَبِّكُمُ الَّذِي وَهَبَ لَكُمْ، فَإِذَا بِقِبَابٍ في الرَّفِيعِ الأَعْلَى،
(1) ينشق أي يذهبون دفعة واحدة انتظاماً.
(2)
أضاء.
(3)
في حياتهم عملوا صالحاً ابتغاء ثوابي.
(4)
خائفين راجين كما قال تعالى: [يدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين].
(5)
أزلت عنكم تكاليف الطاعة كما كانت في الدنيا والآن تتنعمون ..
(6)
أتعبتم.
(7)
التفضل والتكرم.
وَغُرَفٍ مَبْنِيَّةٍ مِنَ الدُّرِّ وَالْمَرْجَانِ أَبْوَابُهَا مِنْ ذَهَبٍ وَسُرُرُهَا مِنْ يَاقُوتٍ وَفُرُشُهَا مِنْ سُنْدِسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ، وَمَنَابِرُهَا مِنْ نُورٍ يَثُورُ (1) مِنْ أَبْوَابِهَا وَأَعْرَاضِهَا نُورٌ كَشُعَاعِ الشَّمْسِ مِثْلَ الْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ في النَّهَارِ الْمُضِيءِ، وَإِذَا قُصُورٌ شَامِخَةٌ في أَعْلَى عِلِّيِّينَ مِنَ الْيَاقُوتِ يَزْهَرُ نُورُهَا، فَلَوْلَا أَنَّهُ سُخِّرَ لالْتَمَعَ الأَبْصَارَ فَمَا كَانَ مِنْ تِلْكَ الْقُصُورِ مِنَ الْيَاقُوتِ الأَبْيَضِ، فَهُوَ مَفْرُوشٌ بِالْحَرِيرِ الأَبْيَضِ، وَمَا كَانَ مِنْهَا مِنَ الْيَاقُوتِ الأَحْمَرِ، فَهُوَ مَفْرُوشٌ بِالْعَبْقَرِيِّ الأَحْمَرِ، وَمَا كَانَ مِنْهَا مِنَ الْيَاقُوتِ الأَخْضَرِ فَهُوَ مَفْرُوشٌ بالسُّنْدُسِ الأَخْضَرِ، وَمَا كَانَ مِنْهَا مِنَ الْيَاقُوتِ الأَصْفَرِ فَهُوَ مَفْرُوشٌ بالأُرْجُوَانِ الأَصْفَرِ مُمَوَّهٌ (2) بِالزُّمُرُّدِ الأَخْضَرِ وَالذَّهَبِ الأَحْمَرِ وَالْفِضَّةِ الْبَيْضَاءِ، قَوَاعِدُهَا وَأَرْكَانُهَا مِنَ الْيَاقُوتِ وَشُرُفُهَا (3) قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ وَبُرُوجُهَا (4) غُرَفُ الْمَرْجَانِ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا إِلى مَا أَعْطَاهُمْ رَبُّهُمْ قُرِّبَتْ لَهُمْ بَرَاذِينُ (5) مِنَ الْيَاقُوتِ الأَبْيَضِ مَنْفُوخٌ فِيهَا الرُّوحُ يَجْنُبُهَا (6)
الْوِلْدَانُ الْمُخَلَّدُونَ، وَبِيَدِ كُلِّ وَلِيدٍ مِنْهُمْ حَكَمَةُ بِرْذَوْنٍ، وَلُجُمُهَا وأَعِنَّتُهَا مِنْ فِضَّةٍ بَيْضَاءَ مُتَطُوَّقَةً (7) بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ وَسُرُجُهَا سُرُرٌ مَوْضُونَةٌ مَفْرُوشَةٌ بِالسُّنْدِسِ وَالإِسْتَبْرَقِ فانْطَلَقَتْ بِهِمْ تِلْكَ الْبَرَاذِينُ تَزُفُّ (8) بِهِمْ وَتَنْظُرُ رِيَاضَ الْجَنَّةِ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلى مَنَازِلِهِمْ وَجَدُوا فِيهَا جَمِيعَ مَا تَطَوَّلَ (9) بِهِ رَبُّهُمْ عَلَيْهِمْ مِمَّا سَأَلُوهُ وَتَمَنَّوْا، وَإِذَا عَلَى بَابِ كُلِّ قَصْرٍ مِنْ تِلْكَ الْقُصُورِ أَرْبَعُ (10) جِنَانٍ جَنَّتَانِ ذَوَاتَا أَفْنَانٍ وَجَنَّتَانِ مُدْهَامَّتَانِ (11) وَفِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (12) وَفِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (13)، وَحُورٌ مَقْصُوراتٌ (14) في الْخِيَامِ، فَلَمَّا تَبَوَّؤُوا مَنَازِلَهُمْ واسْتَقَرَّ بِهِمْ قَرَارُهُمْ قالَ لَهُمْ رَبُّهُمْ:
(1) ينتشر.
(2)
مطلى.
(3)
أعاليها.
(4)
أماكنها ومأواها.
(5)
خيل مطهمة مسرعة العدو بديعة المنظر أقل حجماً من الحصن.
(6)
يقودها للسباق، يقال جنبته أجنبه من باب قتل إذا قدته إلى جنبك، وفي النهاية في حديث الزكاة، "السباق لا جلب ولا جنب"، الجنب بالتحريك في السباق أن يجنب فرساً إلى فرسه الذي يسابق عليه أهـ ..
(7)
محاطة. وفي ن ع: منظومة.
(8)
تزف بهم، كذا د وع ص 512 - 2، وفي ن ط: ترف بالراء.
(9)
تفضل وتكرم.
(10)
أنواع من الأشجار والثمار.
(11)
خضراوان تضربان إلى السواد من شدة الخضرة.
(12)
فوارتان بالماء.
(13)
صنفان.
(14)
قصرن في خدورهن.
هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقّاً؟ قالُوا: نَعَمْ رَضِينَا فارْضَ عَنَّا؟ قالَ: بِرِضَايَ عَنْكُمْ حَلَلْتُمْ دَارِي (1) وَنَظْرْتُمْ إِلى وَجْهِي وَصَافَحَتْكُمْ مَلائِكَتِي فَهَنِيئاً هَنِيئاً عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ لَيْسَ فِيهِ تَنْغِيصٌ وَلا تَصْرِيدٌ، فَعِنَدَ ذَلِكَ [قالُوا الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ (2) وَأَحَلَّنَا دَارَ (3) الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ (4) لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ (5) وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (6) إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ (7) شَكُورٌ (8)]. رواه ابن أبي الدنيا وأبو نعيم هكذا معضلا، ورفعه منكر، والله أعلم.
[الرياط] بالياء المثناة تحت: جمع ريطة، وهي كل ملاءة تكون نسجاً واحداً ليس لها لفقين، وقيل: ثوب لين رقيق حكاه ابن السكيت، والظاهر أنه المراد في هذا الحديث.
[والألنجوج] بفتح الهمزة واللام وإسكان النون وجيمين الأولى مضمومة: هو عود البخور
[تتأججان] تتلهبان وزنه ومعناه.
[زحلت] بزاي وحاء مهملة مفتوحتين معناه تنحت لهم عن الطريق.
[أنصبتم]: أي أتعبتم، والنصب: التعب.
[وأعنيتم]: هو من قوله تعالى: وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ: أي خضعت وذلت.
[والْحَكَمة] بفتح الحاء والكاف: هي ما تقاد به الدابة كاللجام ونحوه.
[المجذوذ] بجيم وذالين معجمتين: هو المقطوع.
[والتصريد]: التقليل كأنه قال: عطاء ليس بمقطوع ولا منغص ولا متملل.
124 -
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قالَ: إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا يَتَغَوَّطُونَ
(1) جنتي.
(2)
هموم الدنيا وكروبها.
(3)
مكان الإقامة الدائمة.
(4)
من إنعامه وتفضله.
(5)
تعب.
(6)
كلال أو ملل، إذ دار الآخرة لا تكليف فيها ولا مشاق.
(7)
العفو عن المذنبين.
(8)
يثيب المطيعين.
قال تعالى: [والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقاً لما بين يديه إن الله بعباده لخبير بصير ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا درا المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب (35)] من سورة فاطر.