الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُجْعَلُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ (1) مِنْ لُؤْلُؤٍ يَتَلأْلأُ. قالَ: فَيَنْطَلِقُ إِلى أَصْحَابِهِ فَيَرَوْنَهُ مِنْ بَعِيدٍ فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي هذَا حَتَّى يَأْتِيَهُمْ، فَيَقُولُ: أَبْشِرُوا (2)، فَإِنَّ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مِثْلَ هذَا، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُعْطَى كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ مُسْوَدَّاً وَجْهُهُ، وَيُمَدُّ لَهُ في جِسْمِهِ (3) سِتُّونَ ذِرَاعاً عَلَى صُورَةِ آدَمَ، وَيُجْعَلُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ مِنْ نَارٍ، فَيَرَاهُ أَصْحَابُهُ فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ اخْزِهِ، فَيَقُولُ: أَبْعَدَكُمُ اللهُ، فَإِنَّ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مِثْلَ هذا. رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه واللفظ له والبيهقي في البعث.
فصل
في الحوض والميزان والصراط
63 -
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ (4) مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ (5) مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَا يَظْمَأُ أَبَداً.
64 -
وفي رواية: حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ، وَزَوَايَاهُ سَوَاءٌ (6)، وَمَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ الْوَرِقِ. رواه البخاري ومسلم.
65 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
= على الحسنات والسيئات، وينصب الميزان وتشخص الأبصار إلى الكتب أتقع في اليمين أو في الشمال. ثم لسان الميزان أيميل إلى جانب السيئات أو إلى جانب الحسنات، وهذه حالة هائلة تطيش فيها عقول الخلائق أهـ ص 444.
(1)
إكليل يوضع على الرأس.
(2)
لكم التهنئة.
(3)
يمتد طولاً وعرضاً.
(4)
أي مسافة طوله نحو سير شهر بمركب مسرعة.
(5)
أي كثيرة، أي لون شرابه أبيض، وله رائحة ذكية وأكواب جمة، وفي المصباح: الكوب كوز مستدير الرأس لا أذن له، ويقال قدح لا عروة له.
(6)
أي نواحيه واسعة، وهو طويل جداً، وأواني الشرب عديدة ورائحته طيبة أحلى مذاقاً من عسل النحل وماؤه بارد أبيض، شربة منه تزيل الظمأ وتجلب الري. وفي النهج السعيد: الحوض جسم مخصوص كبير متسع الجوانب ترده أمته صلى الله عليه وسلم حين خروجهم من قبورهم عطاشا يكون على الأرض المبدلة البيضاء كالفضة. وأهله من تمسك بشريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولم يبدلوا ولم يغيروا، ومن لم يتخذ عقيدة غير ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم حين خروجهم من قبورهم عطاشاً يكون على الأرض المبدلة البيضاء كالفضة. وأهله من تمسك بشريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولم يبدلوا ولم يغيروا، ومن لم يتخذ عقيدة غير ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، أما من غير أو بدل، فإنه يطرد عنه كالمرتد والمخالف لجماعة المسلمين كالخوارج والروافض المعتزلة والظلمة الجائرين، والمعلن بالكبائر المستخف بالمعاصي، وأهل الزيغ والبدع والكفار أهـ ص 169.
66 -
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّ اللهَ وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفَاً بِغَيْرِ حِسَابٍ، فَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الأَخْنَسِ: واللهِ مَا أُولئِكَ في أُمَّتِكَ إِلَاّ كَالذُّبَابِ الأَصْهَبِ (1) في الذُّبَابِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: قَدْ وَعَدَنِي سَبْعِينَ أَلْفاً مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعِينَ أَلفاً وَزَادَنِي ثلاث حَثَيَاتٍ (2). قال فَمَا سَعَةُ حَوْضِكَ يَا نَبِيَّ اللهِ؟ قالَ: كَمَا بَيْنَ عَدَنٍ إِلى عَمَّانَ (3) وَأَوْسَعُ وَأَوْسَعُ، يُشِيرُ بِيَدِهِ قالَ: فِيهِ مَثْعَبَانِ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ. قالَ: فَمَاءُ حَوْضِكَ يَا نَبِيَّ اللهِ؟ قالَ: أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنَ الْمُسْكِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَداً وَلَمْ يَسْوَدَّ وَجْهُهُ. رواه أحمد ورواته محتج بهم في الصحيح وابن حبان في صحيحه.
ولفظه قال: عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ الأَخْنَسِ رضي الله عنه قالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا سَعَةُ حَوْضِكَ يَا نَبِيَّ اللهِ؟ قالَ: أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مَذَاقَةً مِنَ الْعَسَلِ، وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ أَبَداً وَلَمْ يَسْوَدَّ وَجْهُهُ أَبَداً.
[المثعب] بفتح الميم والعين المهملة جميعاً بينهما ثاء مثلثة وآخره موحدة: وهو مسيل الماء.
67 -
وَعَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: إِنِّي لَبِعُقْرِ حَوْضِي أَذُودُ النَّاسَ لأَهْلِ الْيَمَنِ أَضْرِبُ بِعَصَايَ حَتَّى يَرْفَضَّ عَلَيْهِمْ، فَسُئِلَ عَنْ عَرْضِهِ؟ فَقَالَ: مِنْ مَقَامِي (4) إِلى عَمَّانَ، وَسُئِلَ عَنْ شَرَابِهِ فَقَالَ: أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ،
(1) الأحمر، والصهوبة: احمرار الشعر.
(2)
قبضات اليد، يقال حثا الرجل التراب يحثوه حثواً ويحثيه حثياً إذا هاله بيده، وبعضهم يقول قبضه بيده ثم رماه، ومنه: فاحثوا التراب في وجهه: ولا يكون إلا بالقبض والرمي أهـ.
(3)
بلدان بعيدان، يضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً محسوساً لسعته وامتداده، ويتلألأ مجرياه من ذهب وفضة بيرقان. وعمان بلد بالشام.
(4)
من المدينة إلى عمان طولاً ليقرب صلى الله عليه وسلم لهم مقداره، ينصب الماء من ميزابه بتدفق متتابع من الجنة، شق أحدهما من الذهب والآخر من الفضة.
حوضي مثل ما بين عدن وعمان والبلقاء
وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، يَغُتُّ فِيهِ مِيزَابَانِ يَمُدَّانِهِ مِنَ الْجَنَّةِ أَحَدُهُمَا مِنْ ذَهَبٍ وَالآخَرُ مِنْ وَرَقٍ رواه مسلم، وروى الترمذي وابن ماجة والحاكم وصححه عن أبي سلام الحبشي قال: بعث إليّ عمر بن عبد العزيز فحملت عن البريد، فلما دخلت إليه قلت يا أمير المؤمنين: لقد شق على مركبي البريد، فقال: يا أبا سلام ما أردت أن أشق عليك ولكن بلغني عنك حديث تحدثه عن ثوبان عن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الحوض فأحببت أن تشافهني به، فقلت: حدثني ثوبان أن رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: حَوْضِي مِثْلُ مَا بَيْنَ عَدَنٍ إِلى عَمَّانَ الْبَلْقَاءِ مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ الثَّلْجِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَكْوَابُهُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَداً، وَأَوَّلُ النَّاسِ وُرُوداً علَيْهِ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ (1) الشُّعْثُ رُؤْوساً (2) الدُّنُسُ (3) ثِياباً، الَّذِينَ لَا يَنْكِحُونَ الْمنَعَّمَاتِ، وَلَا تُفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السُّدَدِ، فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ أَنْكَحْتُ الْمُنَعَّمَاتِ (4) فاطِمَةَ بِنْتَ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَفُتِحَتْ لِي أَبْوَأبُ السُّدَدِ لَا جَرَمَ (5) لَا أَغْسِلُ رَأْسِي حَتَّى يَشْعَثَ، وَلَا ثَوْبِي الَّذِي يَلِي جَسَدِي حَتَّى يَتَّسِخَ.
[عقر الحوض] بضم العين وإسكان القاف: هو مؤخره.
[أذود الناس لأهل اليمن]: أي أطردهم وأدفعهم ليرد أهل اليمن.
[يرفضّ] بتشديد الضاد المعجمة: أي يسيل ويترشش.
[يغتّ فيه ميزابان] هو بغين معجمة مضمومة ثم تاء مثناة فوق: أي يجريان فيه جرياً له صوت، وقيل: يدفقان فيه الماء دفقاً متتابعاً دائماً، من قولك: غت الشارب الماء جرعاً بعد جرع.
[الشعث] بضم الشين المعجمة: جمع أشعث، وهو البعيد العهد بدهن رأسه وغسل وتسريع شعره.
(1) الذين هاجروا من مكة إلى المدينة، وكل من ترك المعاصي وهجر ما نهى الله عنه.
(2)
الذي شعره متلبد مغبر غير ظاهر عليه أثر النعيم متفرق.
(3)
لتواضعهم إلى ربهم لا يعتنون بالملابس المفتخرة البهيجة المتلألئة الجديدة التي تدل على التأنق والترف.
(4)
السيدات الممتعة بالعز والسعادة والنعيم.
(5)
حقاً، لأترك غسل رأسي حتى يظهر عليه تفرق الشعر، وعدم الاعتناء بملابسي.
[الدنس] بضم الدال والنون. جمع دنس، وهو الوسخ.
حوضي كما بين عدن وعمان
68 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: حَوْضِي كما بَيْنَ عَدَنٍ وَعَمَّانَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَطْيَبُ رِيحاً مِنَ الْمِسْكِ أَكْوَابُهُ مِثْلُ نُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَداً أَوَّلُ النَّاسِ عَلَيْهِ وُرُوداً صَعَالِيكُ الْمُهَاجِرِينَ. قالَ قائِلٌ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: الشَّعِثَةُ رُؤُوسُهُمُ الشَّحِبَةُ وُجُوهُهُمُ، الدَّنِسَةُ ثِيَابُهُمْ، لَا تُفْتَّحُ لَهُمُ السُّدَدُ، وَلَا يَنْكِحُونَ الْمُنَعَّمَاتِ الَّذِينَ يُعْطُونَ كُلَّ الَّذِي عَلَيْهِمْ، وَلَا يَأْخُذُونَ كُلَّ الَّذِي لَهُمْ. رواه أحمد بإِسناد حسن.
[قوله: الشحبة وجوههم] بفتح الشين المعجمة وكسر الحاء المهملة بعدها باءٌ موحدة هو من الشحوب: وهو تغيّر الوجه من جوع أو هزال أو تعب.
[وقوله: لا تفتح لهم السدد]: أي لا تفتح لهم الأبواب.
69 -
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِليِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: حَوْضِي كما بَيْنَ عَدَنٍ وَعَمّانَ، فِيهِ أَكاوِيبُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأ بَعْدَهَا أَبَداً، وَإِنَّ مَنْ يَرِدُهُ عَلَيَّ مِنْ أُمَّتِي الشَّعِثَةُ رُؤُوسُهُمُ الدَّنِسَةُ ثِيَابُهُمْ لَا يَنْكِحَونَ الْمُنَعَّمَاتِ وَلَا يَحْضُرُونَ السُّدَدَ، يَعْنِي أَبْوَابَ السُّلْطَانِ. رواه الطبراني وإسناده حسن في المتابعات
[الأكاويب] جمع كوب: وهو كوب لا عروة له، وقيل: لا خرطوم له، فإذا كان له خرطوم فهو إبريق.
70 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: مَا بَيْنَ جَنْبَتَيْ حَوْضِي كما بَيْنَ صَنْعَاءَ (1) وَالْمَدِينَةِ.
وفي رواية: مِثْلُ مَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَعَمَّانَ.
وفي رواية: تَرَى فِيهِ أَبَارِيقُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ.
زَادَ في رواية: أَوْ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
(1) يقدر طوله بمسافة بعيدة تشبه بين صنعاء اليمن والمدينة المنورة تقريباً لأفهام السامعين ودلالة واضحة على أنه بعيد المدى اللهم اسقنا منه من فضلك يا رب العالمين.
أعطيت الكوثر
71 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: أُعْطِيتُ الْكَوْثَرَ (1) فَضَرَبْتُ بِيَدِي، فَإِذَا هِيَ مِسْكَةٌ ذَفِرَةٌ (2)، وَإِذَا حَصْبَاؤُهَا (3) اللُّؤْلُؤ، وَإِذَا حَافتَاهُ (4) أَظُنُّهُ قالَ: قِبَابٌ تَجْرِي عَلَى الأَرْضِ جَرْياً لَيْسَ بِمَشْقُوقٍ. رواه البزار وإسناده حسن في المتابعات، ويأتي أحاديث الكوثر في صفات الجنة إن شاء الله تعالى.
72 -
وَعَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيُّ رضي الله عنه قالَ: قامَ أَعْرَابِيٌّ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا حَوْضُكَ الَّذِي تُحَدِّثُ عَنْهُ؟ فَقَالَ: هُوَ كَما بَيْنَ صَنْعَاءَ إِلى بُصْرَى ثُمَّ يَمُدُّنِي اللهُ فِيهِ بِكُرَاعٍ (5) لَا يَدْرِي بَشَرٌ (6) مِمَّنْ خُلِقَ أَيُّ طَرْفَيْهِ (7) قالَ: فَكَبَّرَ عُمَرُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: أَمَّا الْحَوْضُ فَيَزْدَحِمُ عَلَيْهِ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ (8) الَّذِينَ يُقْتَلُونَ في سَبِيلِ اللهِ وَيَمُوتُونَ في سَبِيلِ اللهِ، وَأَرْجُوا أَنْ يُورِدَنِي اللهُ الْكُرَاعَ فَأَشْرَبَ مِنْهُ (9). رواه ابن حبان في صحيحه.
[الكراع] بضم الكاف: هو الأنف الممدد من الحرة، استعير هنا، والله أعلم.
73 -
وَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ رضي الله عنه قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَا بَيْنَ نَاحِيَتِيْ حَوْضِي كما بَيْنَ أَيْلَةَ إِلى صَنْعَاءَ مَسِيرَةُ شَهْرٍ (10) عَرْضُهُ كَطُولِهِ
(1) أعطاني الله نهراً في الجنة.
(2)
طيبة الريح، عطرة الشذى؛ يقال ذفر الشيء من باب تعب، وامرأة ذفرة: ظهرت رائحتها واشتد طيبها.
(3)
صغار الحصى مثل الجواهر المتلألئة.
(4)
طرفاه مثل بيت مستدير، ومنه القبة من الخيام: أي بيت صغير مستدير من بيوت العرب. يصف صلى الله عليه وسلم حوضه الجميل البديع يفوح شذاه، ويتضوع طيبه، ومجراه معادن متلألئة غالية الثمن وضاءة وطرفاه مستدير هندسي الشكل حسن المنظر منظم متقن ليس فيه ثقوب أو خروق (صنع الله الذي أتقن كل شيء).
(5)
طرف من ماء الجنة مشبه بالكراع لقلته كما في النهاية: وفي حديث الحوض: فبدأ الله بكراع.
(6)
إنسان.
(7)
أي حافتيه، أو أي جهتيه. والكراع جانب مستطيل من الحرة كما في النهاية: أي يساوي طوله اتساعاً كما بين هذين البلدين. ثم بعد ذلك يأتي مدد: وزيادة من ماء الجنة لا يعلم أحد من أي ناحية أتى ذلك الفضل من الله ففرح سيدنا عمر بهذه البشرى، وقال: الله أكبر الله أكبر.
(8)
الذين تركوا أوطانهم وجاهدوا في سبيل الله تعالى ابتغاء نصر دينه.
(9)
يعلمنا صلى الله عليه وسلم الرجاء والتضرع إلى الله والدعاء رجاء نيل ثوابه؛ ودرك نعيمه وإحسانه.
(10)
يسير الراكب متبعاً طوله فيستغرق في السير شهراً، وكذا عرضه: أي حوضه صلى الله عليه وسلم طويل جداً وعريض.
فِيهِ مِرْزَابَانِ (1) يَنْبَعِثَانِ (2) مِنَ الْجَنَّةِ مِنْ وَرِقٍ (3) وَذَهَبٍ، أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَأَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، فِيهِ أَبَارِيقُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ. رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه من رواية أبي الوازع، واسمه جابر بن عمر عن أبي برزة، واللفظ لابن حبان.
إن لي حوضاً ما بين الكعبة وبيت المقدس
74 -
وَعَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: إِنَّ لِي حَوْضاً مَا بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ، أَبْيَضُ مِثْلُ اللَّبَنِ، آنِيَتُهُ كَعَدَدِ (4) النُّجُومِ، وَإِنِّي لأَكْثَرُ الأَنْبِيَاءِ تَبَعاً (5) يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه ابن ماجة من حديث زكريا عن عطية وهو العوفيّ عنه.
75 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: بَيْنَا أَنَا قَائِمٌ عَلى الْحَوْضِ إِذَا زُمْرَةٌ (6) حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِي وَبَيْنِهِمْ فَقَالَ: هَلُمَّ (7) فَقُلْتُ: إِلى أَيْنَ (8)؟ قالَ: إِلى النَّارِ وَاللهِ. فَقُلْتُ: مَا شَأْنُهُمْ؟ فَقَالَ: إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا (9) عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى، ثُمَّ إِذَا زُمْرَةٌ أُخْرَى حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِي وَبَيْنِهِمْ (10)، فَقَالَ لَهُمْ: هَلُمَّ، قُلْتُ: إِلى أَيْنَ؟ قالَ: إِلى النَّارِ وَاللهِ. قُلْتُ: مَا شَأْنُهُمْ؟ قالَ: إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا علَى أَدْبَارِهِمْ فَلَا أَرَاهُ يَخْلُصُ مِنْهُمْ إِلَاّ مِثْلُ هَمَلِ النَّعَمِ. رواه البخاري ومسلم.
76 -
وَلمسلم قال: تَرِدُ عَلَيَّ أُمَّتِي الْحَوْضَ وَأَنَا أَذُودُ (11) النَّاسَ عَنْهُ كَمَا يَذُودُ الرَّجُلُ إِبِلَ الرَّجُلِ عَنْ إِبِلِهِ. قالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ تَعْرِفُنَا؟ قالَ نَعَمْ لَكُمْ سِيمَا (12) لَيْسَتْ لأَحَدٍ غَيْرِكُمْ تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرّاً (13) مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ، وَلَيُصَدَّنّ عَنِي طَائِفَةٌ مِنْكُمْ فَلَا يَصِلُونَ
(1) مرزابان كذا ط وع ص 446 - 2، وفي ن د: ميزابان، وفي المصباح الأرزبة والجمع أرازب، والجمع مرازب والمرازب لغة في الميزب.
(2)
يتدفقان.
(3)
فضة.
(4)
كعدد كذا ع ص 446 - 2، وفي ن ط عدد.
(5)
أفراد تابعة.
(6)
جماعة.
(7)
أقبلوا.
(8)
إلى أي مكان.
(9)
رجعوا وراءهم متأخرين: أي غيروا عقائدهم في الله وتأخروا عن صالحات الأعمال.
(10)
وسط أصحابه.
(11)
أدفع وأمنع.
(12)
علامة.
(13)
بيض الجباه: وفي النهاية الغر جمع الأغر من الغرة بياض الوجه، يريد بياض وجوههم بنور الوضوء يوم القيامة، وفي موضع آخر: أمتي الغر المحجلون: أي بيض مواضع الوضوء من الأيدي والوجه =
فَأقُولُ: يَا رَبِّ هؤُلاءِ مِنْ أَصْحَابِي (1) فيُجِيبُنِي مَلَكٌ فَيَقُولُ: وَهَلْ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ؟
[همل النعم]: ضوالّها، ومعناه أن الناجي قليل كضالة النعم بالنسبة إلى جملتها.
77 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَصْحَابِهِ: إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ أَنْظُرُ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكُمْ فَوَ اللهِ لَيُقْتَطَعَنَّ دُونِي رِجَالٌ فَلأَقُولَنَّ: أَيْ رَبِّ مِنْ أُمَّتِي (2)،
فَيَقُولُ: إِنَّكَ لا تَدْرِي
= والأقدام، استعار أثر الوضوء في الوجه واليدين والرجلين للإنسان من البياض الذي يكون في وجه الفرس، ويديه ورجليه أهـ ص 204.
(1)
المتبعين سنتي، وقد قال لي أحد العلماء في ضريح سيدنا الحسين رضي الله عنه لم يثبت في التاريخ، وفي السنة أن أحداً من أصحابه زاغ أو حاد أو غير وبدل، وإنما يعني من جاء بعده من المسلمين الذي لم يعملوا بالكتاب والسنة وأرخوا العنان لعقلهم الفاسد وفكرهم الكاسد فضلوا وأضلوا وحرموا من نور الله ونعيمه ولم يزدهم في الدنيا إلا جهلاً كما قال تعالى [يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون (7)] من سورة الروم.
(2)
أي من أتباعي ومن المسلمين الذين استضاؤوا بنبراس المسلمين، فيجاب أنهم انحرفوا عن جادة الصواب وأنك بلغت الرسالة وأديت الأمانة، ولكن لا تعلم ماذا فعل بعدك هؤلاء؟ وفي الغريب رجع على عقبه إذا انثنى راجعاً وانقلب على عقبيه نحو رجع حافرته، قال تعالى:
أ -[ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله] من سورة الأنعام.
ب -[ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين (144)] من سورة آل عمران.
أي من يرجع إلى الكفر بارتداده، فأنت تجد أن الله تعالى أخبر بوجود طائفة معاصرة له صلى الله عليه وسلم غير ثابتة الإسلام وغير تامة الإيمان وعقيدتها ضعيفة فمالت عن تعاليم الإسلام فطردت من الورود على حوضه صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك يقول الله تبارك وتعالى [وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين (144) وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين (145) وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين (147) فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين (148) يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين (149) بل الله مولاكم وهو خير الناصرين (150)] من سورة آل عمران.
(ربيون) ربانيون علماء أتقياء أو عابدون لربهم، وقيل جماعات فما فتروا وما ضعفوا عن العدو أو في الدين، وما خضعوا للعدو فآتاهم الله بسبب الاستغفار واللجوء إليه تعالى النصر والغنيمة والعز وحسن الذكر في الدنيا والجنة والنعيم في الآخرة. آخذ من هذه الآية وجود منافقين عاصروا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتظاهروا بالإسلام فهؤلاء هم المطرودون من رحمة الله في الدنيا والآخرة كما قال تعالى:[يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين (149)] من سورة آل عمران.
قال البيضاوي نزلت في قول المنافقين للمؤمنين عند الهزيمة: ارجعوا إلى دينكم وإخوانكم، ولو كان محمد نبياً لما قتل، وقيل إن تستكينوا لأبي سفيان وأشياعه وتستأمنوهم يردوكم إلى دينكم، وقيل عام في مطاوعة الكفرة والنزول على حكمهم فإنه يستجر إلى موافقتهم [بل الله مولاكم] ناصركم فاستغنوا به عن ولاية غيره: ونصره =
ما أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، مَا زَالُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ. رواه مسلم، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
78 -
وَعَنْهَا رضي الله عنها قالَتْ: ذَكَرْتُ النَّارَ فَبَكَيْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَا يُبْكِيكِ؟ قُلْتُ: ذَكَرْتُ النَّارَ فَبَكَيْتُ. فَهَلْ تَذْكَرُونَ أَهْلِيكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: أَمَّا في ثَلاثَةِ مُوَاطِنَ فَلَا يَذْكُرُ أَحَدٌ أَحَداً. عِنْدَ الْمِيزَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَيَخِفُّ مِيزَانُهُ (1)
أَمْ يَثْقُلُ؟ وَعِنْدَ تَطَايُرِ الصُّحُفِ حَتَّى يَعْلَمَ أَيْنَ يَقَعَ كِتَابُهُ في يَمِينِهِ أَمْ فِي شِمَالِهِ أَمْ وَرَاءَ ظَهْرِهِ؟ وَعِنْدَ الصِّرَاطِ إِذَا وُضِعَ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ حَتَّى يَجُوزَ. رواه أبو داود من رواية الحسن عن عائشة، والحاكم إلا أنه قال:
وَعِنْدَ الصِّرَاطِ إِذَا وُضِعَ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ حَافَتَاهُ كَلالِيبُ كَثِيرَةٌ وَحَسَك كَثِيرَةٌ، يَحْبِسُ اللهُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَيَنْجُو أَمْ لا؟ الحديث وقال: صحيح على شرطهما لولا إرسال فيه بين الحسن وعائشة.
79 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ
= [سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين (151) ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم، ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين (152)] من سورة آل عمران.
فاطمئن أيها المسلم واعلم أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على هدى، وعلى بصيرة وعلى حق كما قال صلى الله عليه وسلم:
أ - (أصحابي كالنجوم).
ب - (الله في أصحابي).
(1)
قال علماء التوحيد: ميزان واحد على الراجح حسى له قصبة وعمود وكفتان كل واحدة منهما أوسع من طباق السموات والأرض، وجبريل آخذ بعموده ناظر إلى لسانه وميكائيل أمين عليه، ومحله بعد الحساب، إحدى كفتيه نيرة، وهي اليمنى المعدة للحسنات والأخرى مظلمة، وهي اليسرى المعدة للسيئات، وثقله على كيفيته المعهودة في الدنيا، ما ثقل نزل إلى أسفل ثم يرفع إلى عليين، وما خف طاش إلى أعلى. ثم ينزل إلى سجين. وبذلك صرح القرطبي. والوزن هو وزن أعمال العباد، ولا يكون للأنبياء والملائكة، ومن يدخل الجنة بغير حساب، ولا مانع من وزن سيئات الكفار ليجازوا عليها بالعقاب، قال تعالى:
أ - والوزن يومئذ الحق - وأما قوله تعالى: [فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا (105)] من سورة الكهف أي وزنا نافعاً أهـ ص 165 النهج السعيد، وقال تعالى:
ب -[فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم] من سورة المؤمنون.
يَشْفَعَ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ: أَنَا فَاعِلٌ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. قُلْتُ: فأَيْنَ أَطْلُبُكَ (1) قالَ: أَوَّل مَا تَطْلُبُنِي عَلَى الصَّرَاطِ. قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عَلَى الصَّرَاطِ قالَ: فاطْلُبْنِي عِنْدَ الْمِيزَانِ. قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عِنْدَ الْمِيزَانِ قالَ: فاطْلُبْنِي عِنْدَ الْحَوْضِ، فَإِنِّي لا أُخْطِئُ هذِهِ الثَّلاثَةَ مَوَاطِنَ. رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، والبيهقي البعث وغيره.
80 -
وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ يَرْفَعُهُ قالَ: مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِالمِيْزَانِ فَيُؤْتَى بِابْنِ آدَمَ فَيُوقَفُ بَيْنَ كَفَّتَيِ الْمِيزَانِ فَإِنْ ثَقُلَ مِيزَانُهُ نَادَى مَلَكٌ بِصَوْتٍ يُسْمِعُ الْخلائِقَ: سَعِدَ (2) فُلَانٌ سَعَادَةً لا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَداً، وَإِنْ خَفَّ مِيزَانُهُ نَادَى مَلَكٌ بِصَوْتٍ يُسْمِعُ الْخَلائِقَ شَقِيَ (3) فُلانٌ شَقَاوَةً لَا يِسْعَدُ بَعْدَهَا أَبداً. رواه البزار والبيهقي.
81 -
وَعَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: يُوضَعُ الْمِيزَانُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَوْ دُرِّيَ (4) فِيهِ السَّموَاتُ وَالأَرْضُ لَوَسِعَتْ، فَتَقُولُ الملائِكَةُ: يَا رَبِّ لِمَنْ يَزِنُ (5) هذَا؟ فَيَقُولُ اللهُ لِمَنْ شِئْتُ (6) مِنْ خَلْقِي، فَيَقُولُونَ: سُبْحَانَكَ (7) مَا عَبدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ. رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم.
82 -
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قالَ: يُوضَعُ الصِّرَاطُ (8) عَلَى سَوَاءِ جَهَنَّمَ مِثْلَ حَدِّ السَّيفِ الْمُرْهَفِ (9) مَدْحَضَةٌ (10) مَزَلَّةٌ (11) عَلَيْهِ كَلالِيبُ (12)
(1) في أي مكان أجدك؟ أرشده صلى الله عليه وسلم إلى ثلاثة. عند الصراط أو الميزان أو الحوض.
(2)
فاز ونجا.
(3)
خسر وهوى في النار. لماذا؟ لأن الله تعالى وزن أعماله في الدنيا فرجحت سيئاته وثقلت خطاياه فعمت بلواه وندم ولا ينفع الندم.
(4)
فلو دري فيه السموات والأرض لوسعت كذا ع ص 448 - 2 وفي ن ط: لو وزن فيه السموات والأرض لوضعت وكذا د.
(5)
تسأل الملائكة ربها لمن يزن أعماله هذا؟
(6)
لمن أردت حسابه.
(7)
تنزيهاً لك وثناء عليك فإنا لم نوف حقك من الطاعة مع أنهم ليل نهار في عبادة كما قال تعالى: [لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون (6)] من سورة التحريم.
فأين أنت يا ابن آدم؟ وأمامك حساب الله الدقيق، وقد غمرك بنعمه فأطعه واتقه واخشه.
(8)
جسر ممدود على متن جهنم يرده الأولون والآخرون حتى الكفار أرق من الشعرة وأحد من السيف وأوله في الموقف وآخره على باب الجنة وطوله مسيرة ثلاثة آلاف سنة: ألف منها صعود وألف منها هبوط وألف منها استواء كذا قال مجاهد والضحاك أهـ من النهج السعيد ص 169.
(9)
الحاد الدقيق، يقال رهفت السيف وأرهفته فهو مرهوف ومرهف: أي رققت حواشيه.
(10)
مزلقة دحضت زلقة والدحض الزلق، ومنه "إن دون جسر جهنم طريقاً ذا دحض" أهـ نهاية.
(11)
داعية إلى السقوط.
(12)
خطاطيف من حديد.
مِنْ نَارٍ يَخْطَفُ بِهَا، فَمُمْسَكٌ يَهوِي فِيهَا، وَمَصْرُوعٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالْبَرْقِ فَلا يَنْشَبُ (1) ذلك أَنْ يَنْجُوَ، ثُم كالرِّيحِ فَلا يَنْشَبُ ذلِكَ أَنْ يَنْجُوَ، ثُمَّ كَجَرْي الْفَرَسِ، ثُمَّ كَرَمَلِ الرِّجْلِ (2) ثُمَّ كَمَشْيِ الرِّجْلِ ثُمَّ يَكُونُ آخِرَهُمْ إِنْسَاناً رَجُلٌ قَدْ لَوَّحَتْهُ (3) النَّارُ وَلَقِيَ فِيهَا شَرّاً حَتَّى يُدْخِلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ، فَيُقَالُ لَهُ: تَمنَّ وَسَلْ (4)، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَتَهْزَأُ مِنِّي (5) وَأَنْتَ رَبُّ الْعِزَّةِ فَيُقَالُ لَهُ: تَمَنَّ وَسَلْ حَتَّى إِذَا انْقَطَعَتْ بِهِ الأَمَانِيُّ (6) قالَ: لَكَ مَا سَأَلْتَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ. رواه الطبراني بإِسناد حسن، وليس في أصلي رفعُه، وتقدم بمعناه في حديث أبي هريرة الطويل.
لا يدخل النار إن شاء الله من أهل الشجرة أحد
83 -
وَعَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ الأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عِنْدَ حَفْصَةَ: لَا يَدْخُلُ النَّارَ إِنْ شَاءَ اللهُ مِنْ أَهْلِ الشَّجَرَةِ (7)
أَحَدٌ، الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَهَا. قالَتْ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ فانْتَهَرَهَا (8). فَقَالَتْ حَفْصَةُ: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَاّ وَارِدُهَا (9)، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: قَدْ قالَ اللهُ تَعَالَى: [ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ
(1) أي يقع فيما لا مخلص له منه ولم يلبث.
(2)
هرولة: أي السير بسرعة، يقال رملت رملاً: هرولت،
(3)
غيرت لونه، من لاحه يلوحه ولوحه.
(4)
اطلب ما تريد واسأل من فضل الله تعالى.
(5)
أتسخر؟.
(6)
الآمال المرجوة يتفضل الله عليه ويعطيه ما تمنى، وما يسار به تكرماً سبحانه رب العزة: أي الغلبة، وهو العزيز الذي يقهر ولا يقهر.
(7)
سمرة، وكانوا ألفاً وأربعمائة، قال الله تعالى:[لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً (18) ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزاً حكيما (19)] من سورة الفتح.
هي بيعة الرضوان؛ النبي صلى الله عليه وسلم نزل بالحديبية فبعث خراش بن أمية الخزاعي رسولاً إلى مكة فهموا به فمنعه الأحابيش فلما رجع دعا بعمر ليبعثه فقال إذاً أخافهم على نفسي لما عرف من عداوتي إياهم فبعث عثمان بن عفان فخبرهم أنه لم يأت لحرب، وإنما جاء زائراً البيت فوقروه واحتبس عندهم فأرجف بأنهم قتلوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نبرح حتى نناجز القوم، ودعا الناس إلى البيعة فبايعوه على أن يناجزوا قريشاً ولا يفروا تحت الشجرة أهـ نسفي.
وقال البيضاوي: كانوا ألفاً وثلثمائة أو أربعمائة أو خمسمائة (فعلم ما في قلوبهم) من الإخلاص (السكينة) الطمأنينة وسكون النفس بالتشجيع أو الصلح (فتحاً قريباً) فتح خيبر غب انصرافهم، وقيل مكة أو هجر. مغانم خيبر (عزيزاً) غالباً مراعياً مقتضى الحكمة أهـ.
(8)
زجرها.
(9)
أي ليس كل أحد إلا داخل النار. قال النسفي: الورود الدخول عند علي وابن عباس رضي الله عنهم وعليه جمهور أهل السنة لقوله تعالى [فأوردهم النار] ولقوله تعالى: [لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها] ولقوله تعالى: [ثم ننجي الذين اتقوا] إذ النجاة إنما تكون بعد الدخول.
اتَّقَوْا (1) وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً]. رواه مسلم وابن ماجة
84 -
وَعَنْ أَبِي سُمَيَّةَ قالَ: اخْتَلَفْنَا في الْوُرُودِ؟ فَقَالَ بَعْضُنَا: لَا يَدْخُلُهَا مُؤْمِنٌ، وَقالَ بَعْضُنَا: يَدْخُلُونَهَا جَمِيعاً ثُمَّ يُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوا، فَلَقِيتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ فَقُلْنَا: إِنَّا اخْتَلَفْنَا ههُنَا في الْوُرُودِ؟ فَقَالَ: تَرِدُونَهَا جَمِيعاً. فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّا اخْتَلَفْنَا في ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُنَا: لَا يَدْخُلُهَا مُؤْمِنٌ، وَقالَ بَعْضُنَا: يَدْخُلُونَهَا جَمِيعاً، فَأَهْوَى بِأُصْبُعَيْهِ إِلى أُذُنَيْهِ وَقالَ صُمَّتَا (2) إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: الْوُرُودُ الدُّخُولُ لَا يَبْقَى بَرٌّ (3) وَلَا فَاجِرٌ (4) إِلَاّ دَخَلَهَا فَتَكُونُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بَرْداً وَسَلامَاً كَمَا كَانَتْ عَلَى إِبْرَاهِيمَ حَتَّى إِنَّ لِلنَّارِ، أَوْ قالَ: لِجَهَنَّمَ ضَجِيجَاً (5) مِنْ بَرْدِهِمْ، ثُمَّ يُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَيَذَرُ الظَّالِمِينَ. رواه أحمد ورواته ثقات، والبيهقي بإِسناد حسنه.
وإن منكم إلا واردها
85 -
وَعَنْ قَيْسٍ، هُوَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ قالَ: كانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَاضِعاً رَأْسَهُ في حِجْرِ امْرَأَتِهِ فَبَكَى فَبَكَتِ امْرَأَتُهُ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ؟ قالَتْ: رَأَيْتُكَ تَبْكِي فَبَكَيْتُ، قالَ: إِنِّي ذَكَرْتُ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَاّ وَارِدُهَا (6)
وَلَا أَدْرِي أَنْجُو مِنْهَا أَمْ لَا؟ رواه الحاكم وقال: صحيح على شرطهما كذا قال.
اختلاف الناس في مرورهم على الصراط
86 -
وَعَنْ حُذَيْفَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما قالَا: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَجْمَعُ اللهُ النَّاسَ فذكر الحديث إلى أن قالا: فَيَأْتُونَ (7) مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم،
(1) ابتعدوا عن الشرك وهم المؤمنون. قال البيضاوي فيساقون إلى الجنة جثياً: أي منهاراً بهم كما كانوا، وهو دليل على أن المراد بالورود الجثو حواليها، وأن المؤمنين يفارقون الفجرة إلى الجنة بعد تجاثيهم، وتبقى الفجرة فيها منهاراً بهم على هيئاتهم أهـ.
(2)
أصابهم صمم وعدم السمع.
(3)
مطيع.
(4)
فاسق عاص كافر.
(5)
صوتاً.
(6)
[وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً (71) ثم ننجي الذي اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا (72)] من سورة مريم.
(إلا واردها) إلا واصلها وحاضر دونها يمر بها المؤمن، وهي خامدة وتنهار بغيرهم (فأولئك عنها مبعدون) أي عذابها، وقيل ورودها: الجواز على الصراط فإنه ممدود عليها. (مقضياً) أي كان ورودهم واجباً أوجبه الله على نفسه وقضى به بأن وعد به وعداً لا يمكن خلفه. وقيل أقسم عليه أهـ بيضاوي.
(7)
يأتي الناس سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم شفيعاً.
فَيَقُومُ وَيُؤْذَنُ لَه وَتُرْسَلُ مَعَهُ الأَمَانَةُ (1) وَالرَّحِمُ (2)
فَيَقُومَانِ جَنْبَتَي الصَّرَاطِ يَمِيناً وَشِمَالاً فَيَمُرُّ أَوَّلُكُمْ (3) كَالْبَرْقِ. قالَ قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَيُّ شَيْءٍ كَمَرِّ الْبَرْقِ؟ قالَ: أَلَمْ تَرَوْا إِلى الْبَرْقِ كَيْفَ يَمُرُّ وَيَرْجِعُ في طَرْفَةِ عَيْنٍ؟ ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ وَشَدِّ الرِّجَالِ تَجْرِي بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ، وَنَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم قائِمٌ عَلى الصِّرَاطِ يَقُولُ: رَبِّ سَلِّمْ (4) سَلِّمْ حَتَّى تَعْجَزُ أَعْمَالُ الْعِبَادِ حَتَّى يَجِيءَ الرَّجُلُ فَلَا يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إِلَاّ زَاحِفاً قالَ: وَفِي حَافَّتَيِ الصِّراطِ كَلالِيبُ مُعَلَّقَةٌ مَأْمُورَةٌ تَأْخُذُ مَنْ أُمِرَتْ بِهِ، فَمَخْدُوشٌ (5) نَاجٍ، وَمَكْدُوشٌ (6) في النَّارِ، وَالَّذِي نَفْسُ أَبي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ إِنَّ قَعْرَ (7) جَهَنَّمَ لَسَبْعِينَ خَرِيفاً. رواه مسلم، ويأتي بتمامه في الشفاعة إن شاء الله، وتقدم حديث ابن مسعود في الحشر، وفيه:
والصِّرَاطُ كَحَدِّ السَّيْفِ دَحْضٌ (8) مَزَلَّةٌ. قالَ: فَيَمُرُّونَ عَلَى قَدْرِ نورِهِمْ (9) فَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كانْقِضَاضِ (10) الْكَوْكَبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالطَّرْفِ (11)، وَمِنْهُمْ
(1) حفظ حقوق الناس وودائعها.
(2)
القرابة، ثنتان تقفان بجوار الصراط:
أ - الأمانة.
ب - القرابة مثل العمومة والخئولة.
(3)
الفائز السابق يمر مثل ظهور البرق اللامع في السماء أقل من لحظة.
(4)
يطلب السلامة والنجاة.
(5)
أثرت في جلده خطف قطعة الحديد.
(6)
مأخوذ بشدة، وفي النهاية، ومنهم مكدوس في النار: أي مدفوع، وتكدس الإنسان إذا دفع من ورائه فقط، ويروى مكدوش بالشين المعجمة من الكدش، وهو السوق الشديد، والكدش: الطرد والجرح أيضاً أهـ.
(7)
نهاية عمقها وغورها مسافة سير سبعين عاماً، والمعنى أنها واسعة وعميقة فليحذرها المسلمون.
(8)
زلق وسقوط.
(9)
أضوائهم التي اكتسبوها من صالحي أعمالهم في حياتهم كما قال تعالى: [يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم (12) يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب (13) ينادونهم ألم نكن معكم قالوا: بلى، ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور (14) فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير (15)] من سورة الحديد.
(يسعى نورهم) أي ما يوجب نجاتهم وهدايتهم إلى الجنة. (انظرونا) أي انتظرونا فإنهم يسرع بهم كالبرق الخاطف أو انظروا إلينا فإنهم إذا نظروا إليهم استقبلوهم بوجوههم فيستضيئون بنور بين أيديهم (بسور) بحائط (فتنتم أنفسكم) بالنفاق (وتربصتم) بالمؤمنين الدوائر (وارتبتم) وشككتم في الدين (وغركم) امتداد العمر (الغرور) الشيطان، أو الدنيا أهـ بيضاوي.
(10)
كظهور وسقوط بهدة.
(11)
كطرف العين.
مَنْ يَمُرُّ كَالرِّيْحِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَشَدِّ الرّجْلِ وَيَرْمُلُ رَمْلاً (1) فَيَمُرُّونَ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ حَتَّى يَمُرَّ الَّذِي نُورُهُ عَلَى إِبْهَامِ قَدَمَيْهِ تَخِرُّ يَدٌ وَتَعْلُقُ يَدٌ (2)، وَتَخِرُّ رِجْلٌ وَتَعْلُقُ رِجْلٌ، فَتُصيبُ جَوَانِبَهُ النَّارُ. رواه ابن أبي الدنيا والطبراني والحاكم واللفظ له، وروى الحاكم أيضاً بإِسناد ذكر أنه على شرط مسلم عن المسيب قال:
سَأَلْتُ مَرَّةً عَنْ قَوْلِهِ تَعَالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَاّ وَارِدُهَا فَحَدَّثَنِي أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: يَرِدُ النَّاسُ النَّارَ ثُمَّ يَصْدُرُونَ عَنْهَا (3) بِأَعْمَالِهِمْ، وَأَوَّلُهُمْ كَلَمْحِ الْبَرْقِ، ثُمَّ كَلَمْحِ الرِّيْحِ، ثُمَّ كَحُضْرِ الْفَرَسِ، ثُمَّ كَالرَّاكِبِ (4) في رَحْلِهِ، ثُمَّ كَشَدِّ الرّجْلِ (5) ثُمَّ كَمَشْيِهِ.
ما جاء في الصراط والمرور عليه
87 -
وَعَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: الصِّرَاطُ عَلَى جَهَنَّمَ مِثْلُ حَرْفِ السَّيْفِ، بِجَنْبَتَيْهِ الْكَلالِيبُ (6) وَالْحَسَكُ، فَيَرْكَبُهُ النَّاسُ فَيَخْتَطِفُونَ، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ وَإِنَّهُ لَيُؤْخَذُ بِالْكَلُّوبِ الْوَاحِدِ أَكْثَرُ مِنْ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ (7). رواه البيهقي مرسلاً وموقوفاً على عبيد بن عمير أيضاً.
88 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَلْقَى رَجُلٌ (8) أَبَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: يَا أَبَتِ أَيَّ ابْنٍ كُنْتُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: خَيْرَ
(1) يهرول.
(2)
تسقط وترفع، والمعنى يتخبط في مشيه ويعز ويزل ويتحرك حتى تحفه النار ويصيبه لهبها كما قال تعالى:[من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها] من سورة الكهف.
قال البيضاوي: لا ينجي اهتداؤه غيره، ولا يردي ضلاله سواه [ولا تزر وازرة وزر أخرى] من سورة فاطر.
(3)
يبعدون عنها بقدر أعمالهم الصالحة البارة:
أ - يمر مثل البرق.
ب - مثل هبوب النسيم.
جـ - مثل جري الحصان، والحضر العدو كما في النهاية، وأحضر يحضر فهو محضر: إذا عدا.
د - أي مثل المشي بسرعة.
هـ - يمر مثل المشي بتؤدة مشي العادة.
(4)
ثم كالراكب كذا ع ص 449 - 2، وفي ن ط كالركاب: أي يمر مثل مرور الراكب الممتطي ناقة.
(5)
كمد خطاها.
(6)
بحافتيه وطرفيه خطاطيف الحديد وشجر الشوك.
(7)
أي يخطف كلوب واحد جماعة كثيرة مثل قبيلتي ربيعة ومضر وعدد أفرادهما جمة.
(8)
يلقى رجل كذا ط وع، وفي ن د يلقى الرجل.
ابْنٍ (1) فَيَقُولُ: هَلْ أَنْتَ مُطِيعِي (2) الْيَوْمَ؟ فَيَقُولُ نَعَمْ فَيَقُولُ: خُذْ بِأُزْرَتِي (3) فَيَأْخُذُ بِأُزْرَتِهِ ثُمَّ يَنْطَلِقُ حَتَّى يَأْتِيَ اللهَ تَعَالَى وَهُوَ يَعْرِضُ بَيْنَ (4) الْخَلْقِ فَيَقُولُ: يَا عَبْدِي (5) ادْخُلْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتَ، فَيَقُولُ: أَيْ ربِّ وَأَبِي (6) مَعِي فَإِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تُخْزِيَنِي (7)؟ قالَ: فَيَمْسَخُ (8) اللهُ أَبَاهُ ضَبُعاً فَيَهْوِي (9) في النَّارِ فَيَأْخُذُ (10) بِأَنْفِهِ فَيَقُولُ اللهُ: يَا عَبْدِي أَبُوكَ هَوَى؟ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ (11).
رواه الحاكم، وقال صحيح على شرط مسلم، وهو في البخاري إلا أنه قال: يَلْقَى إِبراهيم أَبَاهُ آزَرَ فذكر القصة بنحوه.
(1) كنت مطيعاً باراً صالحاً تقياً، ففيه إكرام الوالدين سعادة.
(2)
هل تطيعني اليوم؟
(3)
مد يدك لشد ردائي لتغيثني وتقيني من النار، والأزرة الحالة والهيئة.
(4)
يعرض بين الخلق: أي يظهر لأهل المحشر كذا ع ص 450 - 2، وفي ن ط يعرض بعض الخلق.
(5)
أيها التقي البار الصالح.
(6)
والدي أرجو أن يرافقني.
(7)
أن لا تخزيني كذا ع ص 450 - 2، وفي ن ط: أن لا تخزنني.
(8)
يحول الله خلقه كصورة الحيوان الضبع. والمسخ تشويه الخلق والخلق وتحويلهما من صورة إلى صورة.
(9)
يسقط.
(10)
فيشد.
(11)
نكره إذ تحولت صورته من الآدمية إلى الوحشية فهذا الابن أطاع ربه في حياته ووالده كان عاصياً فلم تنفعه النبوة التقية، ففيه الحث على صالحات الأعمال وفعل البر وتشييد المكارم ابتغاء ثواب الله تعالى ولقد أنذرنا الله في كتابه [فإذا جاءت الصاخة (33) يوم يفر المرء من أخيه (34) وأمه وأبيه (35) وصاحبته وبنيه (36) لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه (37)] من سورة عبس.
(الصاخة) النفخة لاشتغال كل إنسان بعمله وبشأنه وعلمه بأنهم لا ينفعونه أو للحذر من مطالبتهم بما قصر في حقهم.
آيات التذكير بالله تعالى واليوم الآخر
أ - قال تعالى: [واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون (281)] من سورة البقرة.
ب - وقال تعالى: [يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد] من سورة التحريم.
جـ - وقال تعالى: [يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون (18) ولا تكونوا كالدين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون (19) لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون (20)] من سورة الحشر.
د - وقال تعالى: [يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم (1) يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حلمها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد (2)] من سورة الحج.
هـ - وقال تعالى: [يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك (8)] من سورة الانفطار.
و- وقال تعالى: [يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه (27)] من سورة عبس. =