الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترغيب في الحب في الله تعالى، والترهيب من حب الأشرار وأهل البدع، لأن المرء مع من أحب
1 -
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ (1) وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ (2):
مَنْ كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُما، وَمَنْ
(1) حصلن واجتمعن.
(2)
ذاق طعمه وشعر بأنواره واستضاء بهديه، وفي الفتح في البخاري: باب حلاوة الإيمان. مقصود المصنف أن الحلاوة من ثمرات الإيمان استعارة تخييلية، شبه رغبة المؤمن في الإيمان بشيء حلو وأثبت له لازم ذلك الشيء وأضافه إليه، وفيه تلميح إلى قصة المريض والصحيح، لأن المريض الصفراوي يجد طعم العسل مراً، والصحيح يذوق حلاوته على ما هي عليه، وكلما نقصت الصحة شيئاً نقص ذوقه بقدر ذلك فكانت هذه الاستعارة من أوضح ما يقوى استدلال المصنف على الزيادة والنقص. قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة: إنما عبر بالحلاوة، لأن الله تعالى شبه الإيمان بالشجرة في قوله تعالى:[وضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة] فالكلمة هي كلمة الإخلاص، والشجرة أصل الإيمان وأغصانها اتباع الأمر واجتناب النهي، وورقها ما يهتم به المؤمن من الخير، وثمرها عمل الطاعات وحلاوة الثمر جني الثمرة، وغاية كماله تناهي نضج الثمرة، وبه تظهر حلاوتها [أحب إليه] .. قال البيضاوي: المراد بالحب هنا الحب العقلي الذي هو إيثار ما يقتضي العقل السليم رجحانه، وإن كان على خلاف هوى النفس كالمريض يعاف الدواء بطبعه فينفر عنه، ويميل إليه بمقتضى عقله فيهوى تناوله فإذا تأمل المرء أن الشارع لا يأمر ولا ينهى إلا بما فيه صلاح عاجل أو خلاص آجل، والعقل يقتضي رجحان جانب ذلك، تمرن على الائتمار بأمره بحيث يصير هواه تبعاً له ويلتذ بذلك التذاذاً عقلياً إذ الالتذاذ العقلي إدراك ما هو كمال وخير من حيث هو كذلك، وعبر الشارع عن هذه الحالة بالحلاوة، لأنها أظهر اللذائذ المحسوسة، قال: وإنما جعل هذه الأمور الثلاثة عنواناً لكمال الإيمان، لأن المرء إذا تأمل أن المنعم بالذات هو الله تعالى، وأن لا مانح، ولا مانع في الحقيقة سواه، وأن ما عداه وسائط. والرسول يبين له مراد ربه، اقتضى ذلك أن يتوجه بكليته نحوه، فلا يحب إلا ما يحب ولا يحب من يحب إلا من أجله، وأن يتيقن أن جملة ما وعد أوعد حق يقيناً، ويخيل إليه الموعود كالواقع فيحسب أن مجالس الذكر ر ياض الجنة، وأن العود إلى الكفر إلقاء في النار انتهى ملخصاً، وشاهد الحديث من القرآن قوله تعالى:[قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم - إلى أن قال - أحب إليكم من الله ورسوله - ثم هدد على ذلك وتوعد بقوله: فتربصوا] من سورة التوبة.
[فائدة] فيه إشارة إلى التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل، فالأول من الأول والأخير من الثاني، وقال غيره: محبة الله على قسمين: فرض وندب، فالفرض المحبة التي تبعث على امتثال أوامره والانتهاء عن معاصيه والرضى بما يقدره، فمن وقع في معصية من فعل محرم أو ترك واجب فلتقصيره في محبة الله حيث قدم هوى على نفسه، والتقصير تارة يكون مع الاسترسال في المباحات والاستكثار منها فيورث الغفلة المقتضية للتوسع في الرجاء، فيقدم على المعصية أو تستمر الغفلة فيقع، وهذا الثاني يسرع إلى الإقلاع مع الندم، وإلى الثاني يشير حديث "لا يزني الزاني وهو مؤمن" والندب أن يواظب على النوافل، ويتجنب الوقوع في الشبهات: والمتصف عموماً بذلك نادر قال: وكذلك محبة الرسول على قسمين كما تقدم، ويزاد أن لا يتلقى شيئاً من المأمورات والمنهيات إلا من مشكاته، ولا يسلك إلا طريقته ويرضى بما شرعه حتى لا يجد في نفسه خرجاً مما قضاه، ويتخلق بأخلاقه في الجود والإيثار والحلم والتواضع وغيرها، فمن جاهد نفسه على ذلك وجد حلاوة الإيمان، وتتفاوت مراتب المؤمنين =
2 -
وفي رواية: ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الإِيْمَانِ وَطَعْمَهُ: أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ في اللهِ وَيَبْغَضَ في اللهِ، وَأَنْ تُوقَدَ نَارٌ عَظِيمَةٌ فَيَقَعَ فِيهَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُشْرِكَ باللهِ شَيْئَاً. رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.
3 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ الْقِيامَةِ: أَيْنَ المُتَحابُّونَ بِجَلالِي (1) الْيَوْمَ أُظِمُّهُمْ في ظِلِّي (2) يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَاّ ظِلِّي. رواه مسلم.
من سره أن يجد حلاوة الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا الله
4 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَجِدَ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ فَلْيُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَاّ للهِ. رواه الحاكم من طريقين وصحح أحدهما.
5 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضاً رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ في ظِلِّهِ (3) يَوْمَ لا ظِلَّ إِلَاّ ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ (4)، وَشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللهِ (5)، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المسَاجِدِ (6)،
= بحسب ذلك. قوال الشيخ محي الدين: هذا حديث عظيم أصل من أصول الدين، ومعنى حلاوة الإيمان استلذاذ الطاعات، وتحمل المشاق في الدين وإيثار ذلك على أعراض الدنيا، ومحبة العبد لله تحصل بفعل طاعته وترك مخالفته، وكذلك الرسول، وإنما قال: مما سواهما، ولم يقل ممن، ليعم من يعقل، ومن لا يعقل، قال: وفيه دليل على أنه لا بأس بهذه التثنية.
(1)
بعظمتي وابتغاء وجهي يريدون ثوابي ويتعاونون ويتوادون لأجلي، يقال فعلته من جلالك: أي من أجلك.
(2)
أرحمهم وأقيهم أهوال القيامة وأصد عنهم العذاب، ففيه الترغيب في محبة المسلم لأخيه بإخلاصٍ لله تعالى وحده.
(3)
في ظل عرشه ويحيطه برحمته ويغمره بنعيمه فيشعر بسعادة. قال المناوي: وغيره المراد يوم القيامة إذا قام الناس لرب العالمين وقربت الشمس من الرؤوس واشتد عليهم حرها، وأخذهم العرق، ولا ظل هناك إلا ظل العرش. وقال ابن دينار: المراد بالظل هنا الكرامة والكنف والكن عن المكاره في ذلك الموقف، يقال فلان في ظل فلان: أي في كنفه وحمايته، وهذا أولى الأقوال، وقيل المراد بالظل الرحمة.
(4)
قال العلقمي: قالوا: هو كل من نظر في شيءٍ من أمور المسلمين من الولاة والحكام أهـ، أي كل من رأس عملاً فعدل، وكان سيد جماعة فصدق وقال الحق من حاكم إلى متولي أمور أسرته.
(5)
أي ابتدأ عمره في طاعة الله جل جلاله وتحصيل الصالحات فلم تكن له صبوة وما مر عليه زمن ضيعه في معصيته. وخص الشاب لكونه مظنة الشهوة وأدعى إلى الغواية، وأقرب إلى الهوى فحفظه الله من كل سوء.
(6)
شديد الحب لها يعمرها بالعبادة، ويساعد على نظافتها ويشارك في تشييدها، ويؤدي الفروض جماعة =
ورَجُلَانِ تَحَابَّا في اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ (1)، وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ (2)، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ (3) وَجَمَالٍ (4)، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا (5)
حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِياً (6) فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
فضل الحب في الله
6 -
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ يعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ الرَّجُلُ رَجُلاً لَا يُحِبُّهُ إِلَاّ للهِ مِنْ غَيْرِ مَالٍ أَعْطَاهُ فَذلِكَ الإِيْمَانُ. رواه الطبراني في الأوسط.
7 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَا تَحَابَّ رَجُلَانِ في اللهِ إِلَاّ كانَ أَحَبُّهُمَا إِلى اللهِ عز وجل أَشَدَّهُمَا حُبّاً لِصَاحِبِهِ. رواه الطبراني وأبو يعلى، ورواته رواة الصحيح إلا مبارك بن فضالة، ورواه ابن حبان في صحيحه
= فيها مع الإمام الراتب: أي في أول وقتها، وليس معناه دوام القعود في المسجد قاله النووي.
(1)
تقابلا على العمل على ذكر الله وحده وجلب رضاه وتعاونا في الخير وأحب كل منهما صحابه في طلب رضاه والعمل الصالح ابتغاء أجره ولم يجتمعا لجني فائدة دنيوية أو ثمرة شهية تلهيهم عن حقوق الله تعالى.
(2)
ذهب كل واحد لمصالحه وحده فهما دامت محبتهما مجتمعين حتى ماتا أو تفرقا من مجلسهما، والمعنى في الغياب والحضور أحباب أعوان أبرار أخيار.
(3)
حسب ونسب شريف وعز وجاه قوي، ومن أسرة عريقة في المجد.
(4)
حائزة كل كمال ونضارة وصحة وجسم قوي ذات شبق واشتياق إلى النكاح، فامتنع خوفاً من ربه جل وعلا وطلق مالها وترك جمالها وغض عن محاسنها ابتغاء خشية الله تعالى، وطلب ثوابه، فهو ممن قال فيهم الحق عز شأنه:
أـ[إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون] 57 من سورة المؤمنون. أي خائفون.
ب ـ[إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم] 15 من سورة يونس.
(5)
بالغ في إخفائها ليبعد من الرياء وليتجنب مدح الناس، وليخلص لله في إنفاقه فهذا مبالغة في الإخفاء، وقيل أن يتصدق على الضعيف في صورة المشتري منه فيدفع له درهماً مثلاً في شيء يساوي نصف درهم، فالصورة مبايعة، والحقيقة صدقة بينه وبين ربه معاملة، وقد نظم السبعة المذكورة أبو شامة بقوله:
وقال النبي المصطفى إن سبعة
…
يظلهم الله العظيم بظله
محب عفيف ناشئ متصدق
…
وباك مصل والإمام بعمله
أسأل الله جل جلاله أن يغمرنا بإحسانه ويوفقنا للهدى بأنواره ويجعلنا ممن جمع هذه الخصال فنال هذه الكرامة، فعليك أخي بمحبة أخيك المسلم تساعده وتنصره وتنصحه، وتحب له الخير ما استطعت.
(6)
مر على خاطره خشية الله وجلاله وعظمته وكثرة نعمه وتعداد إحسانه فبكى من تقصيره وقلة أعماله، فالسفر بعيد، والسؤال شديد، والحساب عسير، والزاد يسير، قال تعالى:[وبشر المخبتين (34) الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم] وجلت: أي خافت، من سورة الحج.
والحاكم إلا أنهما قالا: كاَنَ أَفْضَلُهُمَا أَشَدَّهُمَا حُبّاً لِصَاحِبهِ. وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه
8 -
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرُ الْجِيْرَانِ عِنْدَ اللهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ. رواه الترمذي وحسنه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم.
9 -
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه يَرْفَعُهُ قالَ: مَا مِنْ رَجُلَيْنِ تَحَابَّا في اللهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ (1) إِلَاّ كَانَ أَحَبُّهُما إِلى اللهِ أَشَدَّهُمَا حُبَّاً لِصَاحِبهِ. رواه الطبراني بإِسناد جيد قويّ.
10 -
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: مَنْ أَحَبَّ رَجُلاً للهِ، فَقَالَ: إِنّي أُحِبُّكَ للهِ فَدَخَلَا جَمِيعاً الْجَنَّةَ، فَكَانَ الَّذِي أَحَبَّ أَرْفَعَ مَنْزِلَةً مِنَ الآخَرِ، وَأَحَقَّ بالذِي أَحَبَّ للهِ. رواه البزار بإِسناد حسن.
11 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَجُلاً زَارَ أَخاً لَهُ في قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ للهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكاً (2)، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قالَ: أُرِيدُ أَخاً لِي في هذِهِ الْقَرْيَةِ. قالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قال: لَا، غَيْرَ أَنِّي أُحِبُّهُ في اللهِ. قالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكَ إِنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّكَ كما أَحْبَبْتَهُ فِيهِ. رواه مسلم.
[المدرجة] بفتح الميم والراءِ: هي الطريق.
[قوله: تربها]: أي تقوم بها، وتسعى في صلاحها.
يقول الله تبارك وتعالى وجبت محبتي للمتحابين فيّ
12 -
وَعَنْ أَبِي إِدْريسَ الْخَوْلَانِيِّ قالَ: دَخَلْتُ مَسْجِدَ دِمَشْقَ، فَإِذَا فَتَىً بَرَّاقُ
(1) في حال غياب أخيه يذكره بخير في مجلسه.
(2)
أرسل الملك يرتقب وينتظر.
يريد صلى الله عليه وسلم أن يبين فضل زيارة أخ في الله بإرسال ملك من ملائكة الرحمة على صورة إنسان سار باش مفرح مبشر بسبب قبول هذه الزيارة في الله وأنها جلبت نعمة دائمة وسعادة خالدة، لأن محبة الله دليل رضوانه وقبوله.
الْثَنَايَا (1)، وَإِذَا النَّاسُ مَعَهُ فَإِذَا اخْتَلَفُوا في شَيْءٍ أَسْنَدُوهُ إِلَيْهِ (2)، وَصَدَرُوا عَنْ رَأْيِهِ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقِيلَ: هذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَلَمَّا كانَ مِنَ الْغَدِ (3) هَجَّرْتُ (4) فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي بالتَّهْجِيرِ، وَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي فانْتَظَرْتُهُ حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ، ثُمَّ جِئْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِه، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: واللهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ للهِ، فَقَالَ: آللهِ (5). فَقُلْتُ: آللهِ. فَقَالَ: آللهِ. فَقُلْتُ: آللهِ. فَأَخَذَ بِحُبْوَةِ رِدَائِي (6)، فَجَذَبَنِي إِلَيْهِ (7)، فَقَالَ: أَبْشِر (8) فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: قالَ اللهُ تبارك وتعالى: وَجَبَتْ (9) مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ (10)،
ولِلْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ، وَلِلْمُتَباذِلِينَ فِيَّ (11). رواه مالك بإسناد صحيح، وابن حبان في صحيحه.
13 -
وَعَنْ أَبِي مُسْلِمٍ قالَ: قُلْتُ لِمُعَاذٍ: وَاللهِ إِني لأُحِبُّكَ لِغَيْرِ دُنْيَا أَرْجُو أَنْ أُصِيبَهَا مِنْكَ، وَلَا قَرَابَةَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ قالَ: فَلَا شَيءَ؟ قُلْتُ: للهِ. قالَ: فَجَذَبَ حُبْوَتِي ثُمَّ قالَ: أَبْشِرْ إِنْ كُنْتَ صَادِقاً، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: المُتَحَابُّونَ في اللهِ في ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَاّ ظِلُّهُ يَغْبِطُهُمْ (12) بِمَكَانِهِمْ النَّبِيُّونَ (13) والشُّهَدَاءُ (14). قالَ: وَلَقِيتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ فَحَدَّثْتُهُ بِحَدِيثِ مُعَاذٍ، فَقَالَ: سَمِعْتُ
(1) أسنانه نظيفة لامعة لنضارة جسمه وبشاشة وجهه وحلاوة منظره.
(2)
سلموا له زمام الكلام وشاوروه وعملوا بنصيحته ونفذوا ما أمر فهو سيدهم.
(3)
اليوم الثاني.
(4)
بكرت، والتهجير: التبكير إلى كل شيء، والمبادرة إليه، أراد المبادرة إلى أول وقت الصلاة أهـ نهاية.
(5)
نطق بلفظ الجلالة استحساناً وزيادة فرح بمد الهمزة.
(6)
مد يديه لأطراف ثوبي، يقال احتبى الرجل: جمع ظهره وساقيه بثوب أو غيره، وقد يحتبي بيديه، والاسم الحبوة بالكسر.
(7)
ضمني قريباً منه.
(8)
لك البشرى والتهنئة.
(9)
استحقوا دخول الجنة وفازوا بنعيمها تحتماً، وهذا فضل من الله، ولكن جعله حتماً تكرماً وحلماً منه وجوداً.
(10)
أحب بعضهم بعضاً في الله فيجلسون في طاعة الله، ويتدارسون القرآن والعلم، ويذكرون ويتشاورون ويتناصحون في الله لله ..
(11)
الذين يبذلون جهد الطاقة في تحميده وتسبيحه وتكبيره متخاضعين متواضعين مائلين إلى الزهد والورع، وفي النهاية التبذل ترك التزين والتهيؤ بالهيئة الحسنة الجملية على جهة التواضع كما قال الشاعر:
* هينون لينون أيسار ذوو كرم *
(12)
يتمنون نيل هذه المنزلة الرفيعة والدرجة السامية.
(13)
الأنبياء.
(14)
الذين استبسلوا وماتوا في الجهاد في سبيل نصر دين الله تعالى وحده. =
رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَنْ رَبِّهِ تبارك وتعالى: حَقَّتْ مَحَبَّتِي عَلَى الْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي عَلَى الْمُتَنَاصِحِينَ فِيَّ (1)، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي عَلَى الْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ، هُمْ عَلَى مَنَابِرَ (2) مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ والشُّهَدَاءُ والصِّدِّيقُونَ. رواه ابن حبان في صحيحه.
المتحابون في جلالي لهم منابر من نور
14 -
وروى الترمذي حديث معاذ فقط، ولفظه: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: قالَ اللهُ عز وجل: المُتَحَابُّونَ في جَلَالِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُور يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ. وقال: حديث حسن صحيح.
15 -
وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْثُرُ عَنْ رَبِّهِ تبارك وتعالى يَقُولُ: حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَوَاصِلِينَ فِيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ (3)، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ. رواه أحمد بإِسناد صحيح.
16 -
وَعَنْ شَرَحْبِيلَ بْنِ السَّمْطِ أَنَّهُ قالَ لِعَمْرِو بْنِ عَبْسَةَ: هَلْ أَنْتَ مُحَدِّثِي حَدِيثاً سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ فِيهِ نِسْيَانٌ، ولَا كَذِبٌ؟ قالَ: نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: قالَ اللهُ عز وجل: قَدْ حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَحَابُّونَ مِنْ أَجْلِي، وَقَدْ حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَزَاوَرُونَ مِنْ أَجْلِي، وَقَدْ حَقَّتْ مَحَبَّتِي للذِينَ يَتَبادَلُونَ مِنْ أَجْلِي، وَقَدْ حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَصَادَقُونَ مِنْ أَجْلِي (4). رواه أحمد ورواته ثقات، والطبراني في الثلاثة، واللفظ له، والحاكم وقال: صحيح الإسناد.
17 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: إِنَّ للهِ جُلَسَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ، وَكِلْتَا يَدَيِ اللهِ يَمِينٌ - عَلى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ وُجُوهُهُمْ مِنْ نُورٍ، لَيْسُوا بأَنْبِياءَ، وَلَا شُهَدَاءَ، وَلَا صِدِّيقِين، قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ: منْ هُمْ؟ قالَ: هُمُ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلالِ اللهِ تبارك وتعالى، الْمُتَحَابُّونَ بِجَلالِ اللهِ تبارك وتعالى. رواه أحمد بإسناد لا بأس به.
= يخبر صلى الله عليه وسلم من يحب أخاه في الله ويوده ويزوره ويكرمه، ويجالسه وتتمكن بينهم عرا الصداقة لله يعطيه ربهم في الجنة منازل سامية تشابه قصور الأبرار والأنبياء والمجاهدين.
(1)
الذين يبذلون النصيحة لله.
(2)
مرتفعات.
(3)
يزور بعضهم بعضاً.
(4)
يصدق بعضهم الحديث، ولا يغير القول ولا يضار ولا يفتري. 283 - 2. ع.
حال المتحابين في الله يوم القيامة وجزاؤهم
18 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ مِنْ عِبادِ اللهِ عِباداً لَيْسُوا بِأَنْبِياءَ يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِياءُ والشُّهَدَاءُ. قِيلَ: مَنْ هُمْ لَعَلَّنَا نُحِبُّهْمْ؟ قالَ: هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا (1) بِنُورِ اللهِ مِنْ غَيْرِ أَرْحَامٍ (2) وَلَا أَنْسابٍ، وُجُوهُهُمْ نُورٌ (3) عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ. لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ (4)، وَلا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ، ثُمَّ قرَأَ:[أَلَا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (5)].
رواه النسائي وابن حبان في صحيحه، واللفظ له، وهو أتمّ.
19 -
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ للهِ عِباداً يُجْلِسُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ يَغَشِّي (6) وُجُوهَهُمُ النُّورُ حَتَّى يُفْرَغَ مِنْ حِسَابِ الْخَلائِقِ (7). رواه الطبراني بإسناد جيد.
20 -
وَعَنِ العِرْباضِ بْنِ سَارِيَةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ
(1) أظهروا المحبة على ضوء تعاليم الإسلام كما قال تعالى: [أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه] من سورة الزمر.
يتزاور في الله، يحب لله، يتخذ أنصار الله ويتوادد، ويتعاون ويجد لله.
(2)
قرابة.
(3)
تضيء كالقمر ليلة البدر أو كالمصباح الوهاج الساطع.
(4)
اجتماعهم لله تعالى لا يخشون سطوة حاكم، ولا يهمهم بأس سلطان في الدنيا، وينجون من أهوال يوم القيامة. لماذا؟ لأنهم يعملون صالحاً على وفق منهج الشرع والشارع، كما قال تعالى:
أ -[وكان حقاً علينا نصر المؤمنين] 47 من سورة الروم.
ب -[والذين جاهدوا فينا لندينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين] 69 من سورة العنكبوت.
جـ -[فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين] 3 من سورة العنكبوت.
د -[وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين] 27 من سورة العنكبوت.
هـ -[وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين] 11 من سورة العنكبوت.
(5)
[الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله، ذلك هو الفوز العظيم] 64 من سورة يونس.
لقد بشر الله المتقين المتحابين في الله على لسان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالفوز والنصر [وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم] 10 من سورة الأنفال.
أو ما يريهم من الرؤيا الصالحة، وما يسنح لهم من المكاشفات وبشرى الملائكة عند النزع فلا يلحقهم مكروه ولا يندمون على فوات مأمول، وثقتهم بالله تامة.
(6)
يغشي وجوههم النور كذا ط وع ص 284 - 2: أي تغطي الأضواء المتلألئة وجوههم الوضاءة، وفي ن ط حذف يغشي ويحيط.
(7)
ينتهي سؤال الناس عن أعمالهم فينال المحسن جزاءه، والمسيء عقابه.
عليه وسلم: قالَ اللهُ عز وجل: المُتَحَابُّونَ بِجَلالِي في ظِلِّ عَرْشِي يَوْمَ لا ظِلَّ إِلَاّ ظِلِّي. رواه أحمد بإسناد جيد.
ليبعثن الله أقواماً يوم القيامة في وجوههم النور الخ
21 -
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَيَبْعَثَنَّ (1) اللهُ أَقْوَاماً يَوْمَ القِيَامَةِ في وُجُوهِهِمُ النُّورُ عَلَى مَنَابِرِ اللُّؤْلُؤِ (2) يَغْبِطُهُمُ النَّاسُ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ ولا شُهَدَاءِ، قالَ: فَجَثَى (3) أَعْرَابِيٌّ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ: جَلِّهِمْ (4) لَنَا نَعْرِفْهُمْ، قالَ: هُمُ الْمُتَحَابُّونَ في اللهِ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى (5)، وَبِلادٍ شَتَّى يَجْتَمِعُونَ عَلى ذِكْرِ اللهِ يَذْكُرُونَهُ. رواه الطبراني بإِسناد حسن.
22 -
وَعَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِن مِنْ عِبادِ اللهِ لأُنَاساً مَا هُمْ بِأَنْبِياءَ، وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِياءُ والشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنْ اللهِ. قالُوا يَا رَسُولَ اللهِ: فَخَبِّرْنا (6) مَنْ هُمْ؟ قالَ: هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللهِ (7) عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ، وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعاطَوْنَهَا، فَوَاللهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ، وَإِنَّهُمْ لَعَلَى نُورٍ، وَلَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ (8)، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ، وَقَرَأَ هذِهِ الآيَةَ [أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ]. رواه أبو داود.
23 -
وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا واعْقِلُوا (9)، واعْلَمُوا أَنَّ للهِ عز وجل عِبَاداً لَيْسُوا بِأَنْبِياءَ، وَلَا شُهَدَاءَ، يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ عَلَى مَنَازِلِهِمْ وَقُرْبِهِمْ مِنَ اللهِ، فَجَثَى رَجُلٌ مِنَ الأَعْرَابِ مِنْ قَاصِيَةِ النَّاسِ، وَأَلْوَى بِيَدِهِ (10) إِلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم،
(1) ليحيين.
(2)
الدرر المتلألئة غالية الثمن عظيمة القدر.
(3)
جلس على ركبتيه.
(4)
أوضح صفاتهم، يقال جل الشيء: عظم.
(5)
طوائف مختلفة وشعوب متفرقة.
(6)
فحدثنا ونبئنا.
(7)
أراد ما يحيا به الخلق ويهتدون فيكون حياة لهم. وقيل أراد أمر النبوة، وقيل هو القرآن أهـ نهاية.
(8)
لا يخشون أحداً غير الله تعالى فقلوبهم مطمئنة راضية مرضية لا يصيبهم فزع في الدنيا والآخرة، ولا يضيع رجاؤهم فيتكدرون، لأنهم غرسوا في حدائق مثمرة ضمنها الحليم الكريم الوهاب الذي لا يخلف الميعاد.
(9)
احبسوا أفكاركم في الفهم والاسترشاد.
(10)
وألوا كذا ط وع، وفي ن د: فألوى: أي أمالها من جانب إلى جانب. مكارم أخلاق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم =
فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ: ناسٌ مِنَ الناسِ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَداءَ يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ عَلَى مَجَالِسِهِمْ، وَقُرْبِهِمْ مِنَ اللهِ، أَنْعِتْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنا: يَعْنِي صِفْهُمْ لَنَا شَكِّلْهُمْ لَنا، فَسُرَّ وَجْهُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (1) بِسُؤَالِ الأَعْرَابِيِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: هُمْ ناسٌ مِنْ أَفْناءِ النَّاسِ (2)، وَنَوازِعِ الْقَبَائِلِ (3) لَمْ تُصَلْ بَيْنَهُمْ أَرْحَامٌ مُتَقَارِبَةٌ، تَحَابُّوا فِي اللهِ وَتَصَافَوْا (4) يَضَعُ اللهُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فَيَجْلِسُونَ (5) عَلَيْهَا، فَيَجْعَلُ وُجُوهَهُمْ نُوراً، وَثِيابَهُمْ نُوراً، يَفْزَعُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلَا يَفْزَعُونَ وَهُمْ أَوْلِياءُ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ، وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ. رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد حسن، والحاكم وقال: صحيح الإسناد.
ما أعده الله للمتحابين فيه والمتزاورين فيه الخ
24 -
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: إِنَّ في الجَنَّةِ لَعُمُداً مِنْ يَاقُوتٍ عَلَيْهَا غُرَفٌ مِنْ زَبَرْجَدٍ لَهَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ تُضيءُ كمَا يُضِيءُ الْكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ. قالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ: مَنْ يَسْكُنُهَا؟ قالَ: المُتَحَابُّونَ في اللهِ، والمُتَباذِلُونَ في الله، والمُتَلاقُونَ في اللهِ (6). رواه البزار.
25 -
وَرُوِيَ عَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: إِنَّ في الجَنَّةِ غُرَفاً تُرَى ظَوَاهِرُهَا مِنْ بَوَاطِنِهَا وَبَوَاطِنُهَا مِنْ ظَوَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللهُ لِلْمُتَحَابِّينَ فِيهِ، وَالْمُتَزَاورِينَ فيهِ، والْمُتَبَاذِلِينَ فيهِ. رواه الطبراني في الأوسط.
= أن يقبل أعرابي من جهة بعيدة، ويجلس على ركبتيه ويتهجم على حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويمد يده ليده الشريفة ويعطف عليها ويديرها فيجيبه صلى الله عليه وسلم بلطف ورفق ويمن وبشاشة، [من قاصية الناس] من جماعة قاطنة في جهة بعيدة عن المدينة المنورة لما يتذوقوا طعم الهداية فيستنيروا.
(1)
ففرح وأظهر طلاقة الوجه.
(2)
أي لم يعلم ممن هو، الواحد فنو أهـ نهاية.
(3)
جمع نازع ونزيع، وهو الغريب الذي نزع عن أهله وعشيرته: أي بعد وغاب، وقيل لأنه ينزع إلى وطنه: أي ينجذب ويميل أهـ نهاية في معنى "طوبى للغرباء قيل من هم يا رسول الله: قال النزاع من القبائل" أي طوبى للمهاجرين الذين هجروا أوطانهم في الله تعالى.
(4)
أظهروا الصفاء في المحبة، وطهرت قلوبهم من أدران الحقد والبغضاء.
(5)
في ن د أيضاً فيجلسهم.
(6)
المجتمعون المتزاورون المتجالسون المتوارون إعانة على طاعة الله.
أفضل الإيمان أن تحب لله وتبغض لله الخ
26 -
وَرُوِيَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن أفْضَلِ الإِيْمَانِ؟ قالَ: أَنْ تُحِبَّ للهِ، وَتُبْغِضَ للهِ (1)، وتَعْمَلَ لِسَانَكَ (2) في ذِكْرِ اللهِ، قالَ: وَمَاذَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: وَأَنْ تُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ (3)،
وَتَكْرَهَ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ. رواه أحمد.
27 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ رضي الله عنه أَنهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَا يَجِدُ الْعَبْدُ صَرِيحَ الإِيْمَانِ (4) حَتَّى يُحِبَّ للهِ تَعَالى، وَيُبْغِضَ للهِ، فَإِذَا أَحَبَّ للهِ تبارك وتعالى، وَأَبْغَضَ للهِ، فَقَدْ اسْتَحَقَّ الْوِلايَةَ للهِ تَعَالَى. رواه أحمد والطبراني، وفيه رشيد بن سعد.
28 -
وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ رضي الله عنه أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: مَنْ أَعْطى للهِ، وَمَنَعَ للهِ، وأَحَبَّ للهِ، وأَبْغَضَ للهِ، وأَنْكَحَ للهِ (5)، فَقَدْ اسْتَكْمَلَ (6) إِيمَانَهُ. رواه أحمد والترمذي، وقال: حديث منكر، والحاكم وقال: صحيح الإسناد والبيهقي وغيرهم.
(1) تكره.
(2)
تشغله بإجهاد.
(3)
ما تختار لها من أنواع الخير، وصنوف البر وتبعد الشرور والأضرار عنهم كما تنحيها عن نفسك، يوضح هذه العبارة نصائح سيدنا الإمام علي كرم الله وجهه لابنه الحسن:
يا بني: اجعل نفسك ميزاناً فيما بينك وبين غيرك فأحب لغيرك ما تحب لنفسك، واكره له ما تكرهه لها، ولا تظلم كما لا تحب أن تظلم، وأحسن كما تحب أن يحسن إليك، واستقبح من نفسك ما تستقبحه من غيرك، وارض من الناس ما ترضاه لهم من نفسك، ولا تقل ما لا تعلم وكل ما تعلم، ولا تقل ما لا تحب أن يقال لك، ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً، واعلم أن حفظ ما في يدك أحب إليك من طلب ما في يد غيرك، ولا تأكل من طعام ليس لك فيه حق فبئس الطعام الحرام، وجد في تحصيل معاشك، وإياك والاتكال على المنى فإنها بضائع النوكى أهـ أي الحمقى.
(4)
خالصه ونقيه، والمعنى علامة بزوغ شموس الإيمان في القلب أن يود صاحبه أخاه، ويحبه أو يكرهه لله.
(5)
تزوج ليعف نفسه ولينجب، كما قال تعالى:[نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين] 223 من سورة البقرة.
فإتيان الرجل أهله صدقة.
(6)
أي طلب كماله باتباع هذه الأعمال الخمسة:
أ - الإنفاق لله.
ب - الحرمان لله.
جـ - المحبة لله.
د - الكره لله.
هـ - الزواج بقصد العصمة والتعفف، وإيجاد ولد صالح يدعو له، وامتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم:"تناكحوا تناسلوا".
29 -
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: مَنْ أَحَبَّ للهِ، وأَبْغَضَ للهِ، وأَعْطَى للهِ، وَمَنَعَ للهِ، فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِيْمَانَ. رواه أبو داود.
إن أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله
30 -
وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قالَ: كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَيُّ عُرَى (1) الإِسْلامِ أَوْثَقُ؟ قالُوا: الصَّلاةُ. قالَ: حَسَنةٌ، وَمَا هِيَ بِهَا قالُوا: صِيَامُ رَمَضَانَ. قالَ: حَسَنٌ، وَمَا هُوَ بِه؟ قالُوا: الْجِهَادُ. قالَ: حَسَنٌ، وَمَا هُوَ بِهِ؟ قالَ إِنَّ أَوْثَقَ عُرَى الإِيْمَانِ أَنْ تُحِبَّ في اللهِ وَتُبْغِضَ في اللهِ. رواه أحمد والبيهقي، كلاهما من رواية ليث بن أبي سليم، ورواه الطبرانيّ من حديث ابن مسعود أخصر منه.
31 -
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أفْضَلُ الأَعْمَالِ الْحُبُّ في اللهِ، وَالْبُغْضُ في اللهِ. رواه أبو داود، وهو عند أحمد أطول منه، وقال فيه:
إِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلى اللهِ عز وجل الْحُبُّ في اللهِ، والْبُغْضُ في اللهِ. وفي إِسنادهما راوٍ لم يسمّ.
32 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَتَى السَّاعَةُ (2)؟ قالَ: وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا (3)؟ قالَ: لَا شَيْءَ إِلَاّ أَنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ. قالَ: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ (4).
قالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرحْنَا بِشَيْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه
(1) رابطة، جمع عروة، أوثق أمتن وأشد، أي الأشياء التي أتبعها فأكسب شيئاً كثيراً وخيراً وفيراً عليه أرتكن وأعتمد وأثق، فأخبر صلى الله عليه وسلم عن الأعمال الجليلة التي تقوي رابطة الإسلام، وتزيد الإيمان وضوحاً، وكمالاً:
أ - الصلاة.
ب - الصوم.
جـ - الدفاع عن الدين.
د - والرابطة المتينة للإيمان المحبة لله والبغض في الله، وفي الغريب: العروة ما يتعلق به من عراه: أي ناحيته. قال تعالى: [فقد استمسك بالعروة الوثقى] من سورة البقرة. وذلك على سبيل التمثيل أهـ.
(2)
في أي زمن يأتي يوم القيامة.
(3)
أي شيء عملته استعداداً لحسابها العسير.
(4)
في الجنة بحسب نيته من غير زيادة عمل، لأن محبته لهم كطاعتهم والمحبة من أفعال القلوب فأثيب على معتقده، لأن النية الأصل، والعمل تابع لها، قال الله تعالى:[قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله] من سورة آل عمران. أهـ قسطلاني من الجواهر. =
وسلم: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ. قالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَر وأَرْجُوا أَن أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ (1).
رواه البخاري ومسلم.
= فهذا حديث صحيح يبين أن محبة الصالحين تنفع في الدنيا والآخرة. في الدنيا تدعو إلى تشييد الأعمال الصالحة بالقدوة الحسنة، وبالمعاونة على فعل البر وبالنصيحة وبالاتفاق على بذل الطاعة. فمن أحب إنساناً رافقه، وعمل مثله واهتدى بهديه، ودله على الخير وتعهد غصنه فينمو على الكمال ويترعرع على المحامد كما أن صحبة الأشرار تضر في الدنيا والآخرة وقد أخبر الله تعالى عن نعيم المتقين كيف نالوا جزاءهم [في جنات النعيم (43) على سرر متقابلين (44) يطاف عليهم بكأس من معين (45) بيضاء لذة للشاربين (46) لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون (47) وعندهم قاصرات الطرف عين (48) كأنهم بيض مكنون (49) فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون (50) قال قائل منهم إن كان لي قرين (51) يقول إنك لمن المصدقين (52) أإذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أإِنا لمدينون (53) قال هل أنتم مطلعون (54) فاطلع فرآه في سواء الجحيم (55) قال تالله إن كدت لتردين (56) ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين (57) من سورة الصافات.
يتحادث الأصحاب في الجنة عن المعارف والفضائل، وما جرى لهم في الدنيا وعليهم فتصدى أحدهم في مكالمتهم كان لي جليس في الدنيا يوبخني على التصديق بالبعث [لمدينون] لمجزيون ثم لفت نظرهم إلى أهل النار [هل أنتم مطلعون] لأريكم ذلك القرين، وقيل القائل هو الله أو بعض الملائكة يقول لهم هل تحبون أن تطلعوا على أهل النار فتعلموا أين منزلتكم من منزلتهم، والحمد لله قد أفادت صحبة الأخيار الثبات على الإيمان. أما ذلك الشرير فلم يصاحبنا، لأنه ينكر يوم القيامة، وكان يقول لنا كما أخبر الله تعالى عنه [أفما نحن بميتين (58) إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين (59) إن هذا لهو الفوز العظيم (60) لمثل هذا فليعمل العاملون (61)] من سورة الصافات.
(1)
عمل سيدنا أنس صالحاً ووثق بالدرجات العالية لساداتنا الخلفاء الراشدين فأحبهم رجاء أن يحشر معهم. وأنا أشهد الله جل جلاله أني أحب الصحابة والتابعين وتابعي التابعين متضرعاً إليه جل وعلا أن يدخلنا برحمته في عباده الصالحين إنه قدير غفور رحيم. قال عبد القيس بن خفاف البرجمي:
ودع القوارص للصديق وغيره
…
كيلا يروك من اللثام العذل
وصل المواصل ما صفا لك وده
…
واجذذ حبال الخائن المتبدل
واحذر محل السوء لا تحلل به
…
وإذا نبا بك منزل فتحول
وللإمام علي الرضا:
من نازع الأفيال في أمرهم
…
بات بعيد الرأس عن جثته
من لاعب الثعبان في كفه
…
هيهات أن يسلم من لسعته
من عاشر الأحمق في حاله
…
كان هو الأحمق في عشرته
لا تصحب النذل فتردى به
…
لا خير في النذل ولا صحبته
من اعتراك الشك في جنسه
…
وحاله فانظر إلى شيمته
من غرس الحنظل لا يرتجى
…
أن يجتني السكر من غرسته
من جعل الحق له ناصراً
…
أيده الله على نصرته
وقال تقي الدين أبو بكر بن حجة الحموي:
جهد البلاء صحبة الأضداد
…
فإنها كي على الفؤاد
أعظم ما يلقى الفتى من جهد
…
أن يبتلى في جنسه بالضد
فإنما الرجال بالإخوان
…
واليد بالساعد والبنان =
33 -
وفي رواية للبخاري: أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ: مَتَى السَّاعَةُ قائِمَةً (1)؟ قالَ: وَيْلَكَ (2)، وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قالَ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا إِلَاّ أَنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ. قالَ: إِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ. قالَ: وَنَحْنُ كَذَلِكَ؟ قالَ: نَعَمْ. فَفَرِحْنَا يَوْمَئِذٍ فَرَحاً شَدِيداً.
34 -
ورواه الترمذي، ولفظه قالَ: رَأَيْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرِحُوا بِشَيْءٍ لَمْ أَرَهُمْ فَرِحُوا بِشَيْءٍ أَشَدَّ مِنْهُ. قالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، الرَّجُلُ يُحِبُّ الرَّجُلَ عَلَى الْعَمَلِ مِنَ الْخَيْرِ يَعْمَلُ بِهِ، وَلَا يَعْمَلُ بِمِثْلِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ.
35 -
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ: كَيْفَ تَرَى في رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمَاً وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ (3)؟ فَقَالَ
= لا يحقر الصحبة إلا جاهل
…
أو مرق عن الرشاد غافل
صحبة يوم نسب قريب
…
وذمة يحفظها اللبيب
ولأبي الفتح البستي:
من سالم الناس يسلم من غوائلهم
…
وعاش وهو قرير العين جذلان
من كان للعقل سلطان عليه غدا
…
وما على نفسه للحرص سلطان
من مد طرفاً بفرط الجهل نحو هدى
…
أغضى على الحق يوماً وهو خزيان
من استشار صروف الدهر قام له
…
على حقيقة طبع الدهر برهان
من يزرع الشر يحصد في عواقبه
…
ندامة ولحصد الزرع إبان
من استنام إلى الأشرار نام وفي
…
قميصه منهم صل وثعبان
لا تودع السر وشاء به مذلا
…
فما رعى غنماً في الدو سرحان
لا تحسب الناس طبعاً واحداً فلهم
…
غرائز لست تحصيهن ألوان
ما كل ماء كصداء لوارده
…
نعم ولا كل نبت فهو سعدان
لا تخدشن بمطل وجه عارفة
…
فالبر يخدشه مطل وليان
لا تستشر غير ندب حازم يقظ
…
قد استوى فيه إسرار وإعلان
فالتدابير فرسان إذا ركضوا
…
فيها أبروا كما للحرب فرسان
(1)
في أي زمن تقوم القيامة ويحشر الخلائق.
(2)
عجباً لك كما في النهاية، وقد يرد الويل بمعنى التعجب، ومنه الحديث في قوله لأبي بصير: ويله مسعر حرب تعجباً من شجاعته، وجراءته وإقدامه.
يريد صلى الله عليه وسلم من السائل بيان أعماله الصالحة التي عملها حتى يسأل عنها.
(3)
لم يعمل مثلهم ولم يساوهم في عملهم.
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ. رواه البخاري ومسلم، ورواه أحمد بإسناد حسن مختصراً من حديث جابر: الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ.
36 -
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قالَ: يَا رَسُولَ اللهِ الرَّجُلُ يُحِبُّ الْقَوْمَ، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعْمَلَ بِعَمَلِهِمْ. قالَ: أَنْتَ يَا أَبَا ذَرٍّ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ. قالَ: فَإِنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسولَهُ؟ قالَ: فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ، قالَ: فَأَعَادَهَا أَبُو ذَرٍّ، فَأَعَادَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. رواه أبو داود.
لا تصاحب إلا مؤمناً الخ
37 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لا تُصَاحِبْ (1) إِلَاّ مُؤْمِنَاً، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَاّ تَقِيٌّ (2). ورواه ابن حبان في صحيحه.
38 -
وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ثَلاثٌ هُنَّ حَقٌّ (3): لَا يَجْعَلُ اللهُ مَنْ لَهُ سَهْمٌ في الإِسْلامِ كَمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ (4)،
وَلَا يَتَولَّى اللهُ عَبْداً (5) فَيُوَلِّيَهُ غَيْرَهُ (6).
(1) لا تصادق غير الصالح التقي المسلم، ولا يأكل أكلك إلا كل صالح عامل بالكتاب والسنة.
(2)
ينهى صلى الله عليه وسلم عن صحبة الأشرار وإطعامهم، وينصح أن يصافي الأخيار ويطعمهم.
(3)
ثوابهن محقق، فدرجات المسلم العامل المتحلي بآداب الدين مرتفعة بوجود سهم له.
(4)
أما الذي لا سهم له فلا نصيب له في الخير كما قال تعالى:
أ -[أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب] 29 من سورة ص.
ب - وقال تعالى: [أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون] 21 من سور الجاثية.
(5)
العبد يعتمد على الله تعالى ويسلم له أموره، ويجعله سبحانه وتعالى وكيلاً له في كل شؤونه فبذا يتولاه الله: أي يرأف به ويعينه ويساعد ويمده برعايته كما قال تعالى: [إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا] من سورة المائدة.
(6)
أي لا يجعل الله عليه سلطاناً غيره، ولا يحكم فيه ولياً آخر غيره سبحانه، والله تعالى يعزه ويبعد عنه شرور الناس، ويظله برحماته ولا يتحكم فيه أي إنسان، كما قال تعالى:[ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون] 56 من سورة المائدة.
فاتق الله أخي وأخلص لله وحده واتخذه لك ولياً ونصيراً، واركن إليه في كل أعمالك ينجحك وسلم إليه تظفر وفوض إليه تفز، فإذا سمت درجات الإيمان في قلب المسلم التجأ إلى ربه وقنع ورضي وعرف هذه الآية [وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين] 29 من سورة التكوير.
وَلَا يُحِبُّ رَجُلٌ قَوْماً إِلا حُشِرَ مَعَهُمْ (1). رواه الطبراني في الصغير والأوسط بإسناد جيد، ورواه في الكبير من حديث ابن مسعود.
لا يحب رجل قوماً إلا جعله الله معهم
39 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: ثلَاثَةٌ حُلِفَ عَلَيْهِنَّ (2):
لَا يَجْعَلُ اللهُ مَنْ لَهُ سَهْمٌ في الإِسْلامِ كَمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ، وَأَسْهُمُ الإِسْلَامِ ثَلَاثَةٌ: الصَّلاةُ والصَّوْمُ والزَّكاةُ، وَلَا يَتَولَّى اللهُ عَبْداً (3) في الدُّنْيَا فَيُوَلِّيَهُ غَيْرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (4)، وَلَا يُحِبُّ رَجُلٌ قَوْماً إِلَاّ جَعَلَهُ اللهُ مَعَهُمْ. الحديث. رواه أحمد بإسناد جيد.
40 -
وَعَنْهَا رضي الله عنها قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: الشِّرْكُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ الذَّرِّ (5) عَلَى الصَّفَا (6) في اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ، وأَدْنَاهُ أَنْ تُحِبَّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْجَوْرِ، وَتُبْغِضَ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْعَدْلِ، وَهَلِ الدِّينُ إِلَاّ الْحُبُّ وَالْبُغْضُ. قالَ اللهُ عز وجل:[قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله (7)] رواه الحاكم، وقال صحيح الإسناد.
(1) أحياه الله وأوجده في زمرة الصالحين يتنعم مثلهم ويغمر بالبركات الطيبات.
(2)
أقسم بالله أن نتائج هذه الثلاثة محققة فتصيب الحائز على سهم من الإسلام كبير الأجر، والخالية صحيفته من ثواب هذا السهم سوداء: أي لا يستوي عند الله تعالى في الدرجة والثواب من عمل صالحاً، وتحلى بآداب الدين وأجاب الداعي، ومن تكاسل في الصلاة، ومن بخل في الزكاة، ومن أفطر في رمضان. الله عادل:
أ - يثيب المحسن.
ب - ويعاقب المسيء.
(3)
يجعله سبحانه عماده وينفذ أوامره ويخشاه، ويجعل القرآن قبلته، والسنة كعبته والعلماء العاملين قدوته.
(4)
فيحكمه مخلوق مثله ويتأمر عليه ويستبد به:
وإذا العناية لاحظتك عيونها
…
نم فالمخاوف كلهن أمان
أشاهد أفذاذاً قلائل تفكيرهم في الله وأعمالهم لله، ولا يخشون غير الله فترى السكينة ترفرف عليهم والوقار يحيط بهم، والهداية وصواب القول دينهم يغمرهم احترام الخلق وتبجيلهم ومساعدتهم لله كما وعد جل جلاله [ومن يسلم وجهه لله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى، وإلى الله عاقبة الأمور] 22 من سورة لقمان.
(5)
صغار النمل.
(6)
الصخرة الملساء، والمعنى يحذر الإنسان أن يجعل لله شريكاً في أعماله، وأقرب الشرك يتسرب من حب إنسان ظالم وتبغض العادل، فالمؤمن يحب الصالح لأعماله لله، ويكره الفاجر العاصي لمخالفته أوامر الله.
(7)
أخبر يا محمد أن الذي يريد أن الله يحبه يتبعك ويعمل بشرعك، ويتحلى بآداب القرآن فبرهان المحبة الصادقة اتباعك، والعمل بما جئت به، وكل محبة لا يؤيدها البرهان والعمل لمحبة كاذبة، وهذا مشاهد، وإن دلائل محبتك لصديقك أن تعمل مثله وتقتدي به، وتقبل على إرشاداته وتتخلق بأخلاقه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ولله در القائل:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه
…
هذا لعمري في القياس شنيع
لو كان حبك صادقاً لأطعته
…
إن المحب لمن يحب مطيع
الآيات القرآنية في الحب في الله والبغض في الله
1 -
قال الله تعالى: [واعتصموا بحبل (1) الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون](103) من سورة آل عمران.
2 -
وقال تعالى: [والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء (2) بعض] من سورة التوبة.
3 -
وقال تعالى: [لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم (3) حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم](128) من سورة التوبة.
4 -
وقال تعالى: [وإِن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء (4) إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين (9) إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون (10) يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا (5) أنفسكم ولا تنابزوا (6) بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون](11) من سورة الحجرات.
5 -
وقال الله تعالى: [محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم] من سورة الفتح.
6 -
وقال تعالى: [يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوماً غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور](13) من سورة الممتحنة.
7 -
وقال تعالى: [يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين](51) من سورة المائدة.
8 -
وقال تعالى: [ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله] من سورة النساء.
9 -
وقال تعالى: [لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين (8) إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون](9) من سورة الممتحنة.
10 -
وقال تعالى: [يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم (54) إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون (55) ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون](56) من سورة المائدة.
11 -
وقال تعالى: [ألم تر إلى الذين تولوا قوماً غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون (14) أعد الله لهم عذاباً شديداً إنهم ساء ما كانوا يعملون](15) من سورة المجادلة. =
_________
(1)
عهده وهو العمل بدين الإسلام.
(2)
أنصار وأصدقاء.
(3)
شديد شاق عليه عنتكم ولقاؤكم المكروه: أي يحب لكم السعادة والخير ويكره الشر.
(4)
ترجع إلى حكمه أو ما أمر به.
(5)
ولا يغتب ولا يسب.
(6)
ولا تذكروا صفات السوء لكم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 12 - وقال عز شأنه: [لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون](22) من سورة المجادلة.
13 -
وقال تعالى: [ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير](120) من سورة البقرة.
14 -
وقال تعالى: [فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين (45) قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين](46) من سورة هود.
الثمرات التي يجنيها من يحب الله ويكره كما قال صلى الله عليه وسلم
أولاً: يتذوق حلاوة الإيمان فيسري بجسمه النور المحمدي ويتغذى بلبان الإسلام فيحيا حياة السعداء.
ثانياً: يحيطه الله برحمته ويقيه عاديات شدائد يوم القيامة (أين المتحابون).
ثالثاً: يجلب له الأمن والسرور ويعد في صفاف السبعة الذين يظلهم برضوانه وإحسانه.
رابعاً: روحة إيمانه مورقة مزهرة مباركة كاملة.
خامساً: دليل على زيادة محبة الله ورسوله (ما تحاب).
سادساً: برهان القبول وعنوان التوثيق (خير الأصحاب).
سابعاً: زيادة درجات في الجنة (أرفع منزلة) بجوار منازل الأبرار (يغبطهم).
ثامناً: قلوبهم مطمئنة آمنة من الأهوال تتلألأ وجوههم نوراً وسروراً (على منابر اللؤلؤ).
تاسعاً: عروة الإيمان الوثقى من تمسك بها نجا.
عاشراً: بشائر الأعمال الصالحة الموصلة إلى قبول الله المشوبة بالإخلاص لله الدالة على الهداية والنجاح.
الحادي عشر: تحشر مع الصالحين (من أحببت).
الثاني عشر: سلوك حسن وصحبة نافعة وسيرة طيبة ونية صالحة وعيشة سعيدة (لا تصاحب إلا مؤمناً).
الثالث عشر: له نصيب في الخير وسهم في الأجر (ثلاث).
الرابع عشر: يدل على كمال الدين وصفاء السريرة والعمل المتقن وخوف الله ورعاية جانبه واحترام كتابه وحب سنة حبيبه صلى الله عليه وسلم (الدين الحب والبعض).
الخامس عشر: لا يتسرب إلى من يحب لله الإشراك بالله، لأنه يأمن عواقب أعماله ويضمن إخلاصه ويسلم من شوائب الإلحاد (الشرك أخفى).
معنى الحب لله تعالى كما في إحياء علوم الدين
قال الغزالي: الأمة مجمعة على أن الحب لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم فرض، وكيف يفرض ما لا وجود له، وكيف يفسر الحب بالطاعة، والطاعة تبع الحب وثمرته فلا بد وان يتقدم الحب، ثم بعد ذلك يطيع من أحب، ويدل على إثبات الحب لله تعالى قوله عز وجل [يحبهم ويحبونه] وقوله تعالى:[والذين آمنوا أشد حباً لله] من سورة البقرة. =