الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من توفرت له إمكانية تذوق اللغة العربية بكل ما يدل عليه التعبير من دلالات، وعندما أشترط أن يكون عربي اللسان، فإنني لا أعني أن يكون عربي النسب، وإنما أعني أن يكون قد عاش في بيئة عربية تمكنه من فهم النص العربي، لكي يكون مؤهلا لتذوق النص القرآني، وفهم دلالاته، وإدراك معانيه، بكل ما يفيده النص من أبعاد، سواء في مجال الإعجاز الأسلوبي، أو في مجال التوجيه التشريعي وإقرار الأحكام.
وإنني أعرف أن كثيرا من أبناء اللغة العربية نسبا لا يملكون القدرة على فهم الدلالات العربية للنص العربي، بكل ما يملكه من طاقة في مجال التعبير أو التصوير أو التمثيل. .
2 -
أن يكون المترجم متمكنا من معرفة علوم القرآن، عالما بأصول الشريعة ومبادئها العامة، على وجه الإجمال لا التفصيل؛ وذلك لأن المترجم لا يمكن له ترجمة النص ترجمة دقيقة ما لم يكن ملما بكل ما يتعلق بذلك النص، من أسباب نزوله، ودلالاته من حيث العموم والخصوص، عارفا بكل المصطلحات اللغوية الواردة في القرآن، متمكنا من دلالاتها الشرعية على الأحكام المرادة بها، حتى يكون قادرا على اختيار اللفظ المعبر عن المعنى المراد. .
3 -
أن يكون المترجم متمكنا كل التمكن من اللغة التي يريد الترجمة إليها، وذلك لكي يكون قادرا على اختيار اللفظ الملائم والمعبر، وإن المعرفة السطحية باللغة المترجم إليها تدفع المترجم إلى أن يختار مفردات قاموسية قد لا تكون دلالاتها الفعلية منسجمة في حالة التركيب مع المعنى القرآني المراد، أو مع ما أراده المترجم من أفكار. .
حكم ترجمة المستشرقين:
دأب بعض المستشرقين على ترجمة القرآن إلى اللغات الرئيسية كاللغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية، وجاءت ترجمات القرآن مختلفة في دلالاتها، متباينة كل التباين في كثير من معانيها، تختلف اختلافا واضحا من حيث قيمتها العلمية.
وأود هنا أن أوضح أن المستشرق ليس مؤهلا بحسب تكوينه الاستشراقي للتصدي لترجمة القرآن؛ وذلك لأن المستشرق ينظر للقرآن نظرة تختلف عن نظرة المسلم له، ولا يملك الغيرة الوجدانية التي تدفعه للدقة في اختيار المفردات المعبرة عن المعاني القرآنية
فضلا عن أن المستشرق متهم في التزامه الموضوعية تجاه الإسلام، وذلك الاتهام كفيل بأن يلقي ظلالا من الشك حول الثقة بما يسهم به في مجال الترجمة القرآنية. .
ويدخل في حكم المستشرق كل من اتهم من المسلمين في دينه وعقيدته؛ لأن الترجمة أمانة، ولا يجوز أن يتصدى لها إلا من توفرت له كامل الثقة بسلامة عقيدته، وحسن خلقه، وبكفاءته اللغوية، وبجدارته للقيام بهذه المهمة الجليلة.
إنشاء مؤسسة معتمدة للترجمة القرآنية:
لا أعتقد أن ما ذكرناه من شروط يمكن أن يتوفر بدقة وموضوعية في ترجمة القرآن، والترجمة كما ذكرت هي نوع من أنواع التفسير والبيان، وفي جميع الأحوال لا يمكن اعتبارها قرآنا؛ لأنها ليست القرآن، وليست من كلام الله، وإنما هي من كلام البشر، ويجوز أن تصحح وتعدل بعض مفرداتها، كما يجري عليها احتمال الخطأ والصواب. .
ومع هذا. . . ولئلا نسمح بالعبث في ترجمة القرآن عن طريق طرح ترجمات متعددة، ربما يشتهر بعضها يوما، فتصبح قرآنا بلغة أخرى، يتداوله عوام المسلمين ممن لم يتوفروا على قدر كاف من الوعي والنضج والإدراك. . فإنني أقترح "تشكيل مؤسسة متخصصة معتمدة" تتوفر على بعض أصحاب الاختصاص اللغوي والشرعي، من المتمكنين في المعاني القرآنية، والقادرين على الترجمة الدقيقة السليمة، وتقوم هذه المؤسسة عن طريق اللجان العلمية المتخصصة بإعداد ترجمة تفسيرية للقرآن، لا أقول معبرة كل التعبير عن كل معاني القرآن، وإنما يمكن أن تكون أفضل من الترجمة الفردية التي لا يتوفر فيها ما يتوفر في الترجمة المعتمدة من إعداد سليم.
وإن مثل هذه المؤسسة ستكون مؤهلة - على وجه التأكيد - لتقديم ترجمة تفسيرية للقرآن الكريم إلى اللغات الأخرى، لا نجد فيها من ركاكة الترجمة، وعدم الدقة فيها ما نجده في الترجمات المتعددة التي نراها اليوم. . . وأتمنى من أعماق قلبي أن تتصدى الجهات المسئولة في العالم الإسلامي لحمل الأمانة فيما يتعلق بهذا الجانب الهام من الدراسات القرآنية، لكي توقف خطرا لا بد أن يتزايد أثره مع الزمن. . .
محمد فاروق النبهان
صفحة فارغة
تعقيب
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم سماحة شيخ الأزهر جاد الحق علي جاد الحق، وفقه الله لما يحبه ويرضاه. .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فقد بلغني بالنشرة المرفقة تصريح سماحتكم لصحيفة الأخبار المتضمن إنكار صيام رمضان 28 يوما ثم قضاء اليوم الأول من رمضان باعتبار وقوع خطأ في تحديده. . . إلخ.
وأخبر سماحتكم أنني استغربت ما تضمنه هذا التصريح؛ لما أعلمه عن فضيلتكم من العلم والفضل، وأن مثل هذا الحدث لا يخفى عليكم. . وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الشهر لا ينقص عن تسعة وعشرين يوما. ومتى ثبت دخول شوال بالبينة الشرعية بعد صيام المسلمين ثمانية وعشرين يوما، فإنه يتعين أن يكونوا أفطروا اليوم الأول من رمضان، فعليهم قضاؤه؛ لأنه لا يمكن أن يكون الشهر ثمانية وعشرين يوما، وإنما الشهر تسعة وعشرون يوما أو ثلاثون.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في الجزء 25 من فتاواه ص154 - 155 أن هذا حدث في زمن علي رضي الله عنه صاموا ثمانية وعشرين يوما وأمرهم علي بصيام اليوم الذي نقصهم وإتمام الشهر تسعة وعشرين يوما.
فآمل التنويه على الصحيفة بالصواب، إذا كان قد صدر من فضيلتكم لها خلافه، ولا يخفى أن فضيلتكم محل الثقة والاعتبار، وسيأخذ بفتواكم من لا يحصيه إلا الله ويعتمدون عليها.
ولوجوب التناصح بيننا والتواصي بالحق والتعاون على البر والتقوى رأيت الكتابة إلى فضيلتكم في ذلك. والله المسئول أن يوفقنا جميعا لإصابة الحق في القول والعمل، وأن يجعلنا وإياكم من الهداة المهتدين، إنه جواد كريم. أثابكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرئيس العام
لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد