الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معللة بجلب المصالح للعبد دنيوية أو أخروية، ودرء المفاسد عنه بكل أنواعها، وسواء منها ما كان معقول المعنى، وما لم يكن كذلك، ولم يخالف في هذا إلا بعض الظاهرية.
ولا نزاع بين القائلين بالقياس في تعليل كل ما يجري فيه القياس، ذلك: لأن العلة ركن من أركان القياس - عند الأكثرين، وأعظم أركانه لدى الجمهور بل عدها بعضهم ركن القياس الوحيد، وما عداها -من الأركان- ليس إلا شروطا لها (1).
كما اتضح أن الإمام أحمد وأصحابه مع الجمهور في القول في تعليل الأحكام، وملاحظة كل ما يمكن للعقل البشري أن يلاحظه أو يصل إليه - من وجوه العلل والحكم والمصالح العائدة للعباد في أحكام الشارع الحكيم.
والإمام أحمد لا يعتبر العلة حين تصادم نصا أو تخرج عليه، فإنه يرى فيها في هذه الحالة علة غير معتبرة، وأن المستدل قد يكون أخطأ العلة فعليه مواصلة البحث والاستمرار في الجهد
(1) التلويح (2/ 353).
أقسام القياس والمقبول منها والمردود لدى الحنابلة
ينقسم القياس باعتبار تبادر الذهن إليه بلا تأمل، وعدم تبادره إليه إلا بالتأمل إلى قسمين:
1 -
جلي، أو في معنى الأصل.
2 -
خفي.
(فالجلي) أو القياس في معنى الأصل - هو: ما قطع فيه بنفي تأثير الفارق بين الأصل والفرع.
مثاله: قياس الأمة على العبد، فإن الفارق -بينهما- وهو: الذكورة والأنوثة - مقطوع بنفي تأثيره، لأن الشارع لم يفرق في أحكام العتق بين الذكر والأنثى.
ونحوه قياس الضرب على التأفيف عند القائلين بأنه من قبيل القياس.
وقياس البول في إناء، ثم صبه في الماء الراكد، على البول بشكل مباشر.
وأما (القياس الخفي) فهو: ما لم يقطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع بأن يكون نفي الفارق مظنونا.
مثاله: قياس النبيذ على الخمر في الحرمة، لأنه لا يمتنع أن تكون خصوصية الخمر معتبرة، ولذلك اختلفوا في تحريم النبيذ.
ومثله قياس القتل بالمثقل على القتل بالمحدد بجامع القتل العمد العدوان ليثبت وجوب القصاص في المثقل كما وجب في المحدد، فإن الفارق -بينهما- هو: كون أحدهما مثقلا والآخر محددا لم يقطع بإلغاء تأثيره من الشارع، بل يجوز أن يكون الفارق مؤثرا.
ولذلك ذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه لا يجب القصاص في القتل بالمثقل.
وبالقياس الخفي لا يشمل إلا نوعا واحدا - هو: قياس الأذى، وينقسم القياس - من حيث القطع والظن إلى قسمين:
1 -
قياس مقطوع به - وهو: ما قطع فيه بعلة الحكم في الأصل، وبوجودها في الفرع - كقياس الضرب على التأفيف بجامع الإيذاء، وقياس إحراق مال اليتيم على أكله في الحرمة بجامع الإتلاف عليه، وكقياس الأمة على العبد في سراية العتق.
وعلى هذا فإن القياس القطعي يشمل الأولوي والمساوي الآتي ذكرهما، وبيانهما.
2 -
قياس ظني - وهو: ما لم يقطع فيه بالأمرين معا: بأن يقطع بأحدهما دون الآخر، أو بأن يكون كل منهما مظنونا، كقياس التفاح أو السفرجل على البر بجامع الطعم في كل منهما لتثبت فيه حرمة التفاضل، كما ثبتت في البر: فالعلة في البر لم يقطع بأنها الطعم لوجود احتمالات أخرى كالكيل والادخار والاقتيات.
وينقسم من حيث التساوي بين الفرع والأصل في قوة الجامع في كل منهما، ومن ثم في مناسبة الحكم لكل منهما إلى: