الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يجوز بيع مصنوع من الموزونات لم تخرجه الصناعة عن الوزن بجنسه إلا بمثله وزنا سواء ماثله في الصناعة أو لا؛ لعموم الحديث، وجوز الشيخ بيع مصنوع مباح الاستعمال كخاتم ونحوه بيع بجنسه بقيمته حالا جعلا للزائد عن وزن الخاتم في مقابلة الصنعة فهو كالأجرة، وكذا جوزه (أي بيع خاتم بجنسه بقيمته نساء) ما لم يقصد كونها ثمنا فإن قصد ذلك لم يجز النسأ. اهـ.
6 -
الأشياء التي يجري فيها الربا:
هناك أشياء مجمع (1) على جريان الربا فيها وهي الأصناف الستة: الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح، وما عدا هذه الأصناف فقد اختلف في جريان الربا فيه، ومنشأ هذا الخلاف يرجع إلى أنه هل يقاس على هذه الأصناف غيرها مما شاركها في العلة أو لا؟ أو بعبارة أخرى: هل تحريم الربا في هذه الأشياء لمعنى فيها فيقاس عليها غيرها مما شاركها في هذا المعنى أو لأعيانها، وإذا كان لمعنى فيها فهل عرف ذلك المعنى.
أولا - إليك أقوالهم في ذلك:
القول الأول: أن تحريم الربا محصور في هذه الأشياء الستة لا يتجاوزها إلى غيرها، ويروى هذا القول عن قتادة وهو قول أهل الظاهر (2) وقال به أيضا طاوس وعثمان البتي وأبو سليمان (3)، قال ابن حزم بعد (4) أن ساق بعض الأدلة على تحريم الربا والوعيد عليه: فإذا أحل الله البيع وحرم الربا فواجب طلب معرفته ليتجنب، وقال تعالى:{وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (5) فصح أن ما فصل لنا بيانه على لسان رسوله عليه السلام من الربا أو من الحرام فهو ربا وحرام، وما لم يفصل لنا تحريمه فهو حلال؛ لأنه لو جاز أن يكون في الشريعة شيء حرمه الله تعالى ثم لم يفصله لنا ولا بينه رسوله عليه السلام لكان تعالى كاذبا في قوله:{وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} (6) وهذا كفر صريح ممن قال به، ولكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عاصيا لربه تعالى؛ إذ أمره بالبيان فلم يبين فهذا كفر متيقن ممن أجازه. اهـ
(1) المبدع ص128 ج 4، إعلام الموقعين ص136ج 2.
(2)
المبدع ص128 ج 4، إعلام الموقعين ص136ج 2.
(3)
المحلى ج 9 ص504.
(4)
المحلى ج 9 ص504.
(5)
سورة الأنعام الآية 119
(6)
سورة الأنعام الآية 119
وهو كلام فيه قسوة وشدة كما هي عادة ابن حزم رحمه الله.
وممن اختار هذا القول الإمام الصنعاني حيث يقول في سبل السلام شرح بلوغ المرام (1) ما نصه: " ولكن لما لم يجدوا - أي الجمهور - علة منصوصة اختلفوا فيها اختلافا كثيرا يقوي للناظر العارف أن الحق ما ذهبت إليه الظاهرية من أنه لا يجري الربا إلا في الستة المنصوص عليها، وقد أفردنا الكلام على ذلك في رسالة مستقلة سميتها:(القول المجتبى). اهـ، واختاره من الحنابلة ابن عقيل (2) في آخر مصنفاته مع قوله بالقياس، قال: لأن علل القياسيين في مسألة الربا علل ضعيفة، وإذا لم تظهر فيه علة امتنع القياس
القول الثاني: وهو قول جمهور العلماء أن الربا يتجاوز هذه الأصناف الستة إلى غيرها مما شاركها في العلة، قال الشوكاني في الدراري البهية (3):(ومما يدل على أن الربا يثبت في غير هذه الأجناس حديث ابن عمر في الصحيحين قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة أن يبيع الرجل ثمر حائطه إن كان نخلا بثمر كيلا، وإن كان كرما أن يبيعه بكيل طعام، نهى عن ذلك كله (4)»، وفي لفظ لمسلم: عن كل ثمر يخرصه، فإن هذا الحديث يدل على ثبوت الربا في الكرم والزبيب، ورواية مسلم تدل على أعم من ذلك، ومما يدل على الإلحاق ما أخرجه مالك في الموطأ عن سعيد بن المسيب:«أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع اللحم بالحيوان» ، وأخرجه أيضا الشافعي، وأبو داود في المراسيل، ووصله الدارقطني في الغرائب عن مالك عن الزهري عن سهل بن سعد، وحكم بضعفه وصوب الرواية المرسلة، وتبعه ابن عبد البر، وله شاهد من حديث ابن عمر عند البزار إلى أن قال: وله شاهد أقوى منه في رواية الحسن عن سمرة عند الحاكم والبيهقي وابن خزيمة، ومما يؤيد ذلك حديث رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة عند الترمذي في رخصة العرايا وفيه: عن بيع العنب بالزبيب وعن كل ثمر يخرصه.
ولما اتفقوا على أنه يلحق بالأصناف المنصوصة ما شاركها في العلة ولم تكن تلك العلة منصوصة اختلفوا فيها على الأقوال التالية:
(1) صفحة 8 ج 3 ط الاستقامة عام 1369هـ.
(2)
المبدع ص128 ج 4، وإعلام الموقعين ص136 ج 2.
(3)
ص105.
(4)
صحيح البخاري البيوع (2205)، صحيح مسلم البيوع (1542)، سنن النسائي البيوع (4549)، سنن ابن ماجه التجارات (2265).