الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الهجرية (1)، وكان لعبد الرحمن إبل ترعى في (الغابة)(2)، كما كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاح (3) ترعى في الغابة أيضا، فأغار عيينة بن حصن في أربعين فارسا على سرح المدينة، فأخطأ مكان إبل عبد الرحمن بن عوف واهتدى إلى لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستاقها، فطارده المسلمون (4) وهرب المشركون. (5)
(1) سيرة ابن هشام (3/ 323)
(2)
الغابة: موضع شمالي المدينة
(3)
اللقاح: الإبل الحوامل ذوات الألبان
(4)
مغازي الواقدي (2/ 539).
(5)
انظر التفاصيل في الدرر (198 - 191)، وجوامع السيرة (201 - 203).
4 -
قائد سرية دومة الجندل:
.
كانت في شهر شعبان من سنة ست الهجرية، فقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف، فأقعده بين يديه وعمه بيده، وقال:«اغز باسم الله وفي سبيل الله، فقاتل من كفر بالله، لا تغل، ولا تغدر، ولا تقتل وليدا (1)» ).
وبعثه إلى بني كلب بدومة الجندل، فمكث ثلاثة أيام يدعوهم إلى الإسلام، فأسلم الأصبغ بن عمرو الكلبي، وكان رأسهم، وأسلم معه ناس كثير من قومه، وأقام من أقام على إعطاء الجزية، وكان الأصبغ نصرانيا.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال لعبد الرحمن: «إن استجابوا لك، فتزوج ابنة ملكهم» ). فتزوج عبد الرحمن تماضر بنت الأصبغ، وقدم بها إلى المدينة، وهي أم أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف (2).
ولا نعلم شيئا عن عدد أفراد هذه السرية، وهي على كل حال من سرايا الدعوة، أدى فيها عبد الرحمن واجبه أداء كاملا.
(1) صحيح مسلم الجهاد والسير (1731)، سنن الترمذي السير (1617)، سنن أبو داود الجهاد (2613)، سنن ابن ماجه الجهاد (2858)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 358)، سنن الدارمي السير (2439).
(2)
طبقات ابن سعد (2/ 89)، وسيرة ابن هشام (4/ 307 - 309)، ومغازي الواقدي (2/ 560 - 562).
في الغزوات الجديدة:
شهد غزوة الحديبية التي كانت في ذي القعدة من السنة السادسة الهجرية،
فساق قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي من أهل الغنى، منهم عبد الرحمن (1)، وكان أحد شهود صلح الحديبية بين المسلمين وقريش (2)، ثم نحر بدنات له ساقها من المدينة، وعاد مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة.
وشهد غزوة خيبر التي كانت في شهر المحرم من السنة السابعة الهجرية (3)، فوقع سهم عبد الرحمن مع قسم من الصحابة في (الشق) من خيبر، وقد جعل على كل مائة رأس من المسلمين رأس يعرف يقسم على أصحابه ما خرج من غلتها، فكان عبد الرحمن أحد الرؤساء (4).
وشهد غزوة فتح مكة التي كانت في شهر رمضان من السنة الثامنة الهجرية (5)، فلما طلعت كتيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم الخضراء، ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته القصواء بين أبي بكر وأسيد بن حضير وهو يحدثهما، فقال العباس لأبي سفيان بن حرب:(هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء فيها المهاجرون والأنصار، فيها الرايات والألوية، مع كل بطن من الأنصار راية ولواء، في الحديد، لا يرى منهم إلا الحدق)، ويقال: كان في الكتيبة ألف دارع. وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رايته سعد بن عبادة وهو أمام الكتيبة، فلما مر سعد براية النبي صلى الله عليه وسلم نادى:(يا أبا سفيان! اليوم يوم الملحمة (6)، اليوم تستحل الحرمة! اليوم أذل الله قريشا!)، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا حاذى أبا سفيان ناداه:«يا رسول الله! أمرت بقتل قومك؟! زعم سعد ومن معه حين مر بنا قال: يا أبا سفيان! اليوم يوم الملحمة! اليوم تستحل الحرمة! اليوم أذل الله قريشا! وإني أنشدك الله مع قومك، فأنت أبر الناس، وأرحم وأوصل الناس (7)» ). قال عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان: (يا رسول الله! ما نأمن سعدا أن يكون منه في
(1) مغازي الواقدي (2/ 572 - 573)
(2)
مغازي الواقدي (2/ 612)، وسيرة ابن هشام (3/ 368)، وابن الأثير (2/ 205)
(3)
الدرر (209)، وجوامع السيرة (211).
(4)
مغازي الواقدي (2/ 689) وسيرة ابن هشام (3/ 404) والدرر (217) وجوامع السيرة (214).
(5)
الدرر (227)
(6)
الملحمة: الحرب الشديدة، وموضعها (ج) ملاحم
(7)
صحيح البخاري المغازي (4280).
قريش صولة)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اليوم يوم المرحمة! اليوم أعز الله فيه قريشا» )، وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد فعزله، وجعل اللواء إلى قيس بن سعد بن عبادة (1).
وبعد فتح مكة بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد على سرية داعيا لا مقاتلا (2) إلى بني جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة، فلما رآه القوم أخذوا السلاح، فقال خالد:(ضعوا السلاح فإن الناس قد أسلموا)(3).
ولكن خالدا وجد السلاح على بني جذيمة، فسألهم:(ما أنتم؟)، قالوا:(مسلمون، قد صلينا، وصدقنا بمحمد، وبنينا المساجد في ساحاتنا، وأذنا فيها)، قال:(فما بال السلاح عليكم!)، فقالوا:(إن بيننا وبين قوم من العرب عداوة، فخفنا أن تكونوا هم، فأخذنا السلاح). قال: (فضعوا السلاح!) فوضعوه، فأسرهم وفرقهم في أصحابه. فلما كان في السحر نادى خالد:(من كان معه أسير، فليدافه)، والمدافة الإجهاز عليه بالسيف، فأما بنو سليم فقتلوا من كان في أيديهم، وأما المهاجرون والأنصار، فأرسلوا أسراهم، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ما صنع خالد فقال:«اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد (4)» )، وبعث علي بن أبي طالب، فودى لهم قتلاهم وما ذهب منهم، ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره (5).
وقد كان بين خالد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام في ذلك، فقال له عبد الرحمن:(عملت بأمر الجاهلية في الإسلام)، فقال:(إنما ثأرت بأبيك)، فقال عبد الرحمن:(كذبت، قد قتلت قاتل أبي، ولكنك ثأرت بعمك الفاكه بن المغيرة)، حتى كان بينهما شر، وبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«مهلا يا خالد! دع عنك أصحابي، فوالله لو كان لك أحد ذهبا، ثم أنفقته في سبيل الله، ما أدركت غدوة رجل من أصحابي ولا روحته» ) (6)).
وكان الفاكه بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، وعوف بن عبد عوف، وعفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس قد خرجوا تجارا إلى اليمن، ومع عفان ابنه
(1) مغازي الواقدي (2/ 821 - 822).
(2)
سيرة ابن هشام (4/ 53)
(3)
سيرة ابن هشام (4/ 53)، وطبقات ابن سعد (2/ 147).
(4)
صحيح البخاري المغازي (4339)، سنن النسائي آداب القضاة (5405)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 151).
(5)
طبقات ابن سعد (2/ 147 - 148).
(6)
سيرة ابن هشام (4/ 56)، وانظر مغازي الواقدي (3/ 880 - 881)
عثمان، ومع عوف ابنه عبد الرحمن، فلما أقبلوا حملوا مال رجل من بني جذيمة بن عامر هلك باليمن إلى ورثته، فادعاه رجل منهم يقال له: خالد بن هشام، ولقيهم بأرض بني جذيمة قبل أن يصلوا إلى أهل الميت، فأبوا عليه، فقاتلهم بمن معه من قومه على المال ليأخذوه، وقاتلوه، فقتل عوف بن عبد عوف والفاكه بن المغيرة ونجا عفان بن أبي العاص وابنه عثمان، وأصابوا مال الفاكه بن المغيرة ومال عوف بن عبد عوف، فانطلقوا به، وقتل عبد الرحمن بن عوف خالد بن هشام قاتل أبيه. وهمت قريش بغزو بني جذيمة، فقالت بنو جذيمة:(ما كان مصاب أصحابكم على ملإ منا، إنما عدا عليهم قوم بجهالة فأصابوهم، ولم نعلم، فنحن نعقل لكم ما كان لكم قبلنا من دم أو مال)، فقبلت قريش ذلك ووضعوا الحرب (1).
هـ - وشهد غزوة حنين التي كانت في شهر شوال من السنة الثامنة الهجرية وحصار الطائف التي كانت في شوال من السنة الثامنة الهجرية أيضا، فنال عبد الرحمن امرأة من سبي هوازن (2)، فلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة السبي إلى هوازن أعاد عبد الرحمن المرأة التي كانت عنده إلى أهلها (3).
ووشهد غزوة تبوك التي كانت في شهر رجب من السنة التاسعة الهجرية (4)، فحض رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين على القتال والجهاد وأمرهم بالصدقة، فحمل عبد الرحمن من جملة من حمل إلى النبي صلى الله عليه وسلم مالا، مائتي أوقية (5)، وهي أربعة آلاف درهم (6) كما يبدو.
وفي طريق النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى تبوك، صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه في سفرة (7) سافرها ركعة من صلاة الفجر (8).
(1) سيرة ابن هشام (4/ 56 - 57).
(2)
مغازي الواقدي (3/ 943)
(3)
مغازي الواقدي (3/ 952)
(4)
طبقات ابن سعد (2/ 165).
(5)
مغازي الواقدي (3/ 991)
(6)
سيرة ابن هشام (4/ 210).
(7)
أسد الغابة (3/ 314)، والإصابة (4/ 177).
(8)
الإصابة (4/ 177)، والبداية والنهاية (7/ 164).