الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
احتمالين. ولفظ أبي الخطاب: النص على علة الحكم يكفي في التعبد بالقياس. ثم قال: وبهذا قال أكثر الجماعة وأكثر منكري القياس، فمن منكريه النظام والفاشاني والنهرواني.
وأما ابن عقيل - فقال: (. . . هو عندنا ليس بقياس). وذكرها في موضع آخر من كتابه (العدة) واعتبرها نوعا من الاستدلال وقال: (. . الاستدلال ليس بقياس عندنا، وهو مذهب جماعة من الفقهاء. وقال قوم من الفقهاء وأهل الجدل: هو قياس، ومثل ذلك بما توجد فيه العلة المنصوصة)(1)
(1) انظر المسودة باختصار: (390 - 391).
قياس الشبه وموقف الحنابلة منه
قياس الشبه مما كثرت الأقوال وتضاربت في بيان حقيقته وتحديد مفهومه.
وأقرب ما قيل في بيان حقيقته: أنه مشاركة فرع لأصلين في أوصافهما فيلحق بأكثرهما شبها به: العبد إذا قتل خطأ، فإنه يشارك الحر في كونه ناطقا قابلا للصناعات مكلفا بالأحكام.
ويشارك البهيمة في كونه مما يباع ويورث: فيقاس على الحر لأن شبهه به أكثر من شبهه بالبهيمة، لأنه يشابهه في الصفات البدنية والنفسية وفي أكثر الأحكام التكليفية ولذلك فإن الأئمة أحمد والشافعي وأبا يوسف ذهبوا إلى أن في قتله خطأ الدية كالحر.
وذهب الإمام أبو حنيفة ومالك إلى أن فيه القيمة كالدابة، لأنهما اعتبرا شبهه بها أكثر (1).
وبعض الأصوليين لم يعتد بهذا النوع من القياس أصلا، وذلك لأنه إما أن يكون الوصف المسمى (بالشبه) مناسبا فيكون معتبرا بالاتفاق. أو يكون غير مناسب، وهو مردود بالاتفاق.
(1) راجع الإشراف: (2/ 180 - 181)، ورحمة الأمة:(260).
كما أن المعتمد في إثبات القياس عمل الصحابة - رضوان الله عليهم ولم يثبت أنهم تمسكوا بالشبه (1).
أما الأئمة - فإن الإمام الشافعي رحمه الله قد اعتد بهذا النوع من القياس، فقال: والقياس قياسان: أحدهما أن يكون في مثل معنى الأصل، فذلك لا يحل لأحد خلافه، ثم قياس أن يشبه الشيء بالشيء من الأصل، والشيء من الأصل غيره، فيشبه هذا بهذا الأصل، ويشبه غيره بالأصل غيره.
قال الشافعي: وموضع الصواب فيه عندنا -والله تعالى أعلم- أن ينظر، فأيهما كان أولى بشبهه صيره إليه: إن أشبه أحدهما في خصلتين، والآخر في خصلة ألحقه بالذي هو أشبه في خصلتين) (2).
وفي الرسالة قال: (. . والقياس من وجهين: أحدهما أن يكون الشيء في معنى الأصل، فلا يختلف القياس فيه، وأن يكون الشيء له في الأصول أشباه، فذلك يلحق بأولاها به وأكثرها شبها فيه. وقد يختلف القايسون في هذا)(3).
وقد اختلفت الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله في قياس الشبه فروى أنه صحيح ويحتج به، والثانية: أنه غير صحيح ولا يحتج به (4).
والقاضي أبو يعلى اعتبر هذا القياس من قبيل القياس الخفي، ولذلك فإنه بعد أن تكلم عن القياس الواضح، شرع في الكلام عن القياس الخفي، فقال:(. . . إنه قياس غلبة الشبه)(5) ومثل له بأن يتجاذب الحادثة أصلان لكل واحد منهما أوصاف خمسة والحادث لا يجمع الخمسة، بل بعضها، فيلحق بأكثرها شبها، وبسط القول في ذلك.
قال المجد ابن تيمية: وفي مثل ذلك نص الشافعي، ثم نقل أقوال المخالفين فيه كأبي إسحاق المروزي والحنفية والقاضي والباقلاني.
(1) هذا مذهب القاضي الباقلاني فراجع المحصول: (2 / ق2/ 280 - 281).
(2)
انظر الأم -باب اجتهاد الحاكم-: (7/ 94) ط الفنية.
(3)
الرسالة: (479) الفقرة (1334).
(4)
راجع الروضة: (314).
(5)
العدة: (203 - 204) مخطوطة