الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
وعرفها آخرون - بأنها (الوصف الباعث على الحكم)، أو (الداعي) له واختاره الآمدي وابن الحاجب والحنفية.
وكل من هذه التعريفات عليه إيرادات واعتراضات وإجابات عن تلك الاعتراضات، تكفلت بإيرادها المطولات.
4 -
وقد اختار الإمام الرازي ونحوه تعريفها - بأنها (الوصف المعرف للحكم).
وقد رجح كثيرون هذا التعريف، واختاروه ومنه ابن السبكي - حيث نسبه إلى (أهل الحق)(1).
شرح هذا التعريف:
قوله: (الوصف) - هو: المعنى القائم بالغير، وهو جنس في التعريف يشمل سائر الأوصاف: سواء أكانت مؤثرة أو معرفة، معتبرة عند الشارع، أو غير معتبرة، وقوله:(المعرف) قيد أول كالفصل معناه: الذي جعل علامة على الحكم من غير تأثير فيه ولا أن يكون باعثا عليه. وقد خرج به كل وصف لا يحصل به تعريف.
وقوله: (للحكم) قيد ثاني والمتبادر منه الاستغراق لأنه لم يتقدم له ذكر لحكم معهود، فيكون شاملا لحكم الأصل والفرع معا، ومن غير فرق بين أن تكون العلة مستنبطة أو منصوصة. وقد خرج به المعرف لغير الحكم كالمانع، فإنه معرف لنقيض الحكم، لا للحكم.
وقد زاد بعضهم عليه قيدا آخر وهو: (بحيث يضاف إليه)، وقد أراد من زاد هذا القيد إخراج العلامات الشرعية التي لا تكون علة كالأذان فهو علامة على وجوب الصلاة بدخول وقتها وليس علة للوجوب.
واعترض على التعريف بأن فيه دورا، وقد دفع الجمهور ذلك فلا تطيل بإيراد الاعتراض ودفعه
(1) وراجع هذه التعريفات وما أورد عليها والمناقشات حولها في المحصول: (2 / ق2 /).
وجوه الاجتهاد في العلة:
مما يتعلق بالعلة وتلزم معرفته أمور ثلاثة هي:
1 -
تنقيح المناط.
2 -
تحقيق المناط.
3 -
تخريج المناط.
وقد قال الإمام الرازي في (المحصول): (. . . واعلم أن الجمع بين الأصل والفرع تارة يكون بإلغاء الفارق والغزالي يسميه (تنقيح المناط)، وتارة باستخراج الجامع، وها هنا لا بد من بيان أن الحكم -في الأصل- معلل بكذا، ثم بيان وجود ذلك المعنى في الفرع، والغزالي يسمي الأول (تخريج المناط)، والثاني (تحقيق المناط). (1).
أما ابن السبكي فقد جعل (تنقيح المناط) مغايرا لإلغاء الفارق. إذا عرفت هذا فنقول:
(تنقيح المناط) مركب إضافي جعل علما على طريق من الطرق المثبتة للعلية.
وأما قبل ذلك ف (التنقيح) -لغة- التهذيب والتخليص، يقال: نقح الشاعر القصيدة إذا هذبها وخلصها مما لا يحسن بقاؤه فيها.
وأما (المناط) - فهو -في الأصل- مصدر ميمي بمعنى اسم المكان، ومعناه: الإناطة والتعلق، فمناط الحكم هو الشيء الذي علق عليه الحكم وأنيط به. أو ما أضاف الشرع الحكم إليه، ونصبه علامة عليه.
وأما معناه الاصطلاحي -فقد عرفه البيضاوي - بأنه: (بيان المستدل) إلغاء الفارق بين الأصل والفرع ليتعين المشترك بينهما للعلية. وبذلك يكون تنقيح المناط -عنده- مساويا لإلغاء الفارق، لا مغايرا له كما قال ابن السبكي (2).
ولبيان إلغاء الفارق طرق ثلاثة منها تنقيح المناط.
وأما ابن السبكي - فقد عرف (تنقيح المناط) بقوله: (أن يدل نص ظاهر على التعليل بوصف، فيحذف خصوصه عن الاعتبار بالاجتهاد، ويناط الحكم بالباقي). وقد ذكر شارح المحلى: أن حاصله يرجع على الاجتهاد في الحذف والتعيين (3).
(1) راجع المحصول: (2 / ق2/ 29 - 30)، وشفاء العليل:(130) وما بعدها.
(2)
راجع جمع الجوامع بشرح الجلال: (2/ 308).
(3)
انظر جمع الجوامع: (2/ 308)، وشفاء الغليل:(412).
ويستخلص مما قالوه: أن (تنقيح المناط) - هو اجتهاد المجتهد في تعريف الأوصاف المختلفة لمحل الحكم لتحديد ما يصلح منها مناطا للحكم، واستبعاد ما عداه بعد أن يكون قد علم مناط الحكم على الجملة.
وينقسم (تنقيح المناط) إلى أقسام ثلاثة:
1 -
ما عرف المناط فيه بورود الحكم مرتبا على وقوع الواقعة، ومثاله ما روي «أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:(هلكت وأهلكت، واقعت أهلي في نهار رمضان)، فقال:(أعتق رقبة)(1)»، ففهم من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أمران:
أحدهما: وجوب الكفارة على الأعرابي.
والثاني: تعليق هذا الوجوب بما صدر منه، وجعل الفعل الصادر منه موجبا، وهذا الفعل الصادر منه مقيد بقيود: فالنظر في حذف تلك القيود أو اعتبارها نظر واجب مقول به بالاتفاق.
ويتضح عمل المجتهد لتنقيح المناط في مثالنا هذا ببيان أن الجماع -في حق الأعرابي- وقع على وجوه: إذا كان حرا بالغا عاقلا، فالحكم به في العبد والصبي والمرأة إذا جومعت مأخوذ من النظر في (تنقيح المناط).
وهو بالإضافة - إلى المرأة تقييد بخصوص، إذا صادف آدمية حية أنثى منكوحة حرة؛ فالحكم به في الجماع المصادف للبهيمة والميتة، والإتيان في غير المأتى من الرجال والنساء وفي المملوكة التي ليست منكوحة، وفي المنكوحة الرقيقة وفي الأجنبية المحرمة مأخوذ من فهم المناط وتنقيحه.
وهو -بالإضافة- إلى العبادة التي لاقاها وأفسدها مقيد بكونه صوما فرضا أداء في رمضان؛ فالحكم فيما ليس بصوم - كالحج وفي النفل وفي أداء صوم آخر وفي القضاء مأخوذ من فهم المناط وتنقيحه وهو -بالإضافة إلى الجماع- نفسه -مخصوص بكونه إفطارا بمقصود- وهو: قضاء شهوة الفرج، فالحكم في ابتلاع الحصاة، وهو ليس بمقصود وفي الأكل وليس بقضاء شهوة الفرج مأخوذ من النظر في فهم المناط وتنقيحه.
فهذه وجوه من القيود والخصوص اتفقت في الواقعة - التي فيها الحكم: بعضها محذوف لا مدخل له في الاقتضاء.
(1) صحيح البخاري الصوم (1936)، صحيح مسلم الصيام (1111)، سنن الترمذي الصوم (724)، سنن أبو داود الصوم (2390)، سنن ابن ماجه الصيام (1671)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 281)، سنن الدارمي الصوم (1716).
وبعضها معتبر، وبعضها مختلف فيه، والبحث في الإلغاء والإبقاء على تأثيرات معقولة من مورد الشرع.
والمجتهد ينظر فيها: فما عرف كونه مؤثرا أو مؤيدا لتأثير الأصل أبقاه وما علم أنه لا مدخل له في اقتضاء الحكم ألغاه.
فمن الأوصاف المذكورة يعتبر البلوغ: فلا كفارة على صبي جامع في نهار رمضان، لأن الشرع اعتبر الصبا مؤثرا في إسقاط العقوبات. وأما العبد فيلحق به من ناحية، وهو كالحر المعسر، لأنهما يستويان في التكليف، وليس للرق تأثير في إفساد العبادات.
وأما المرأة فملحقة في قول أبي حنيفة وأحد قولي الشافعي بالرجل، وإن لم يتعرض لها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما على قول الشافعي الآخر فتختلف عنه، لأن للأنوثة تأثيرا في إسقاط الغرامات المالية المتعلقة بالجماع: كالمهر وثمن ماء الغسل وغيره (1). وأما القيود في حق المحل وهي المرأة: فلا تأثير للحرمة ولا للمحل قطعا: فالأمة والأجنبية في معنى المنكوحة الحرة، إذ لم يعرف للنكاح والمحل مدخل في إيجاب الكفارة: فالتحق ذلك بالأوصاف التي لا مدخل لها في التأثير، ولا في تأييد المؤثر.
وأما جماع الميتة والبهيمة والإتيان في غير المأتى فهو في محل النظر: فالشافعي رحمه الله يوجب الكفارة، فإنه قضاء شهوة بالجماع بخلاف الإنزال بين الغضون والأفخاذ فإن ذلك ليس جماعا.
وأبو حنيفة يقول: هذا يسمى جماعا مجازا وليس المحل محل الشهوة في الأصل إلا في حق المضطر: فلا تتعدى إليه الكفارات.
وأما قيود العبادة فهي مرعية.
وأما الجماع -نفسه- فقد ذهب مالك رحمه الله إلى حذف قيوده، وأوجب بابتلاع الحصاة، وقال: الجناية من حيث كان إفسادا والكل مفسد، موجب للقضاء مفوت لفضيلة الوقت.
(1) راجع شفاء الغليل (419).
وأبو حنيفة اعتبر كمال الإفطار بمقصود تتشوف النفس إليه، فإن هذه عقوبة بإزاء جناية فتتأثر بما يؤثر في إثارة باعثه التشوف، فساعده الشافعي والإمام أحمد عليه، وزادا فاعتبرا كونه جماعا.
فهذه وجوه من التصرفات معقولة من مورد الشرع، إذ فهم أن الكفارة منوطة بنوع جناية، وفهم مناسبتها وتأثيرها، فحكم التأثير في إلغاء القيود وإبقائها.
2 -
القسم الثاني-من أقسام تنقيح المناط -: ما عرف بالإضافة اللفظية بصيغة التسبيب من الترتيب بقاء التعقيب وترتيب الجزاء على الشرط كما سيأتي في مسالك (الإيماء).
مثال المرتب بالفاء، قوله عليه الصلاة والسلام:«إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا إحداهن بالتراب (1)» .
ومثال المرتب بصيغة الجزم والشرط قوله عليه الصلاة والسلام: «من أعتق شركا له في عبد قوم عليه الباقي (2)» .
فالولوغ -في الحديث الأول- مقيد عن الكروع وغيره، والكلب قيد عن سائر الحيوانات حتى الخنزير، والإناء قيد عن الثوب وغيره، وقوله:(فليغسله) قيد عن فعل آخر: من الفرك والتشمس وغيره، وقيد من غسل غير صاحب الإناء، وقوله:(سبعا) قيد عن سائر الأعداد سواه. وقوله: (إحداهن بالتراب) قيد عن الصابون والأشنان وغيره.
فنظر المجتهدين وتصرفهم -في هذه القيود- تنقيح للمناط.
وأما الحديث الثاني - فقوله: (أعتق) قيد عن سائر التصرفات الأخرى: كالبيع والطلاق وغيرها. وقوله: (شركا) قيد عن نصف العبد المستخلص، والبعض المعتق من العبد، وقوله:(له) قيد عن إعتاقه ملك غيره، وقوله:(في عبد) قيد عن الأمة.
وهذه القيود منها المعتبر ومنها الملغي.
3 -
القسم الثالث: ما عرف مناط الحكم فيه بحدوث حكم عقيب أمر حادث يعلم على الجملة: أن الحادث موجبه، ثم ينظر في تنقيح قيوده: كالحكم بلزوم الوضوء بخروج
(1) صحيح البخاري الوضوء (172)، صحيح مسلم الطهارة (279)، سنن الترمذي الطهارة (91)، سنن النسائي المياه (338)، سنن أبو داود الطهارة (73)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (363)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 482)، موطأ مالك الطهارة (67).
(2)
صحيح البخاري العتق (2522)، صحيح مسلم العتق (1501)، سنن الترمذي الأحكام (1346)، سنن النسائي البيوع (4699)، سنن أبو داود العتق (3940)، سنن ابن ماجه الأحكام (2528)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 112)، موطأ مالك العتق والولاء (1504).
الخارج من السبيلين.
وقد اختلف العلماء فيه:
فقال أبو حنيفة رحمه الله مناط الحكم خروج النجاسة: فألحق به الفصد والحجامة وكل نجاسة سالت، وقال: إحالة وجوب الطهارة على النجاسة - وقد عرف تأثيرها في الطهارة في محله أولى من إحالته على المحل الذي منه ينفصل، فسائر أجزاء البدن وأعضائه له حكم واحد في الطهارة والنجاسة: فلا يعرف للمحل مدخل فيه.
وقال الشافعي رحمه الله: المعتبر خروج خارج من المسلك المعتاد، ولا يتبع خروج، بل يجب بخروج الدود والريح وغيرهما، وتعلقه بالريح يدل على أنه لا تتبع النجاسة -وأن قدر اشتمال الهواء المنفصل بالريح- على نجاسة فيمكن تقدير ذلك في الريح الخارج من غير المسلك المعتاد وفي الحشاء المتغير، ولا تتعلق به الطهارة بالإجماع. فكان المسلك المعتاد متبعا من حيث إن سبب وجوب الوضوء الصلاة، ولكن جعلت الأحداث التي تتكرر بالطبع على الدوام مواقيت لها: فليس في معناها الفصد والحجامة.
وفي معناها انفتاح ثقبة تحت المعدة مع انسداد المسلك المعتاد، فإنه قائم مقامه.
وقال مالك رحمه الله: بما ذكره الشافعي - وزاد عليه الاعتبار في الخارج: فلا ينتقض بالدم إذا خرج من السبيلين، وبما يندر، لأنه لا يتكرر بالطبع.
وأنكر الشافعي -هذا- وأقام المحل مقام الخارج، فما يخرج من المحل المعتاد يلتحق بالخارج المعتاد - كيفما كان عنده.
ومما تقدم يتضح: أن التنقيح خاص بالعلل المنصوصة: فلا يجري في العلل المستنبطة (1).
وقد سماه بعض الأصوليين القياس في معنى الأصل.
(1) راجع شرح مختصر ابن الحاجب: (2/ 248).
وأما (تحقيق المناط) -فهو إقامة الدليل على أن علة الأصل - المتفق عليها بين المعترض، والمستدل- موجودة في الفرع، سواء كانت العلة -في الأصل- منصوصة أو مستنبطة.
وقد قال الغزالي فيه: (لا نعرف خلافا بين الأمة في جوازه). ومثل له بالاجتهاد في تعيين الإمام بالاجتهاد مع قدرة الشارع في الإمام الأول على النص، وتقدير المقدرات، وتقدير الكفايات في نفقة الأقارب، وإيجاب المثل في قيم المتلفات، وطلب المثل في جزاء الصيد (1).
ثم إن كانت العلة منصوصة أو مجمعا عليها - فإن المستدل يجتهد في بيان تحققها في الفرع: كالطواف الذي نص الشارع على أنه علة طهارة الهرة، فيجتهد المجتهد في بيان تحقق علة الطواف في الفأرة ونحوها من الفروع التي يريد إلحاقها بها.
وقد تكون العلة منصوصا عليها، أومتفقا عليها بين المستدل والمعترض وتصلح أن تكون بمثابة القاعدة التي تندرج تحتها الفروع: كاندراج الجزئيات تحت القاعدة واجتهاد المجتهد -في هذه الحالة- يكون في بيان تحقق اندراج تلك الجزئية تحت الحكم الكلي أو تحقق المطلوب فيما اجتهد فيه.
ومثاله قولهم: في حمار الوحش إذا قتله المحرم بقرة، وذلك لقوله تعالى:{فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} (2) فتكون المثلية هي الواجب شرعا، وتعتبر بمثابة القاعدة الكلية، أما تحقق المثلية بين حمار الوحش والبقرة أو الفيل والجمل مثلا - فذلك يعلم باجتهاد المجتهد في تحقيق المماثلة بين ما قتله المحرم والجزاء الواجب عليه.
ونحوه مقادير الكفاية في النفقات على الأقارب فالشارع أمر بالكفاية في النفقة، وكون هذه الكفاية تتحقق بمد من الطعام الفلاني أو غيره أمر يخضع لاعتبارات كثيرة فيجتهد المجتهد في بيان المقدار، الذي تتحقق به الكفاية المطلوبة ليكون مناطا لحكم الشارع في تلك الجزئية بموجب اجتهاده (3).
(1) المستصفى: (2/ 230).
(2)
سورة المائدة الآية 95
(3)
راجع الروضة: (2/ 277) بتحقيق السعيد
وقد قال الغزالي - بعد أن بين ذلك: ومن هذا القبيل الاجتهاد في القبلة، وليس ذلك من القياس في شيء، بل الواجب استقبال جهة القبلة وهو معلوم بالنص، أما أن هذه جهة القبلة، فإنه يعلم بالاجتهاد والأمارات الموجبة للظن عند تعذر اليقين، وكذلك حكم القاضي بقول الشهود ظني، لكن الحكم بالصدق واجب وهو معلوم بالنص، وقول العدل صدق معلوم بالظن وأمارات العدالة، والعدالة لا تعلم إلا بالظن.
ثم قال-رحمه الله: فلنعبر عن هذا الجنس بتحقيق مناط الحكم، لأن المناط معلوم بنص أو إجماع لا حاجة إلى استنباطه، لكن تعذرت معرفته باليقين فاستدل عليه بأمارات ظنية.
ثم قال: وهذا لا خلاف فيه بين الأمة، وهو نوع اجتهاد، والقياس مختلف فيه فكيف يكون هذا قياسا، وكيف يكون مختلفا فيه وهو ضرورة كل شريعة؟! لأن التنصيص على عدالة الأشخاص، وقدر كفاية كل شخص محال: فمن ينكر القياس ينكره حيث يمكن التعريف للحكم بالنص المحيط بمجاري الحكم) (1).
وقد تبعه الموفق ابن قدامة فيما قال.
وأما صاحب جمع الجوامع - فقد عرفه: بأنه إثبات العلة في آحاد صورها: كتحقيق أن النباش سارق بأنه وجد منه أخذ المال خفية - وهي السرقة: فيقطع خلافا للحنفية (2).
وبنحوه عرفه الأسنوي في شرح المنهاج (3).
وعلى كل حال فهو عمل من أعمال المجتهد: فالمجتهد ينظر -أولا- في تعرف علة الحكم الذي لم يعلل وغيرها من بين أوصاف المحل، ويثبتها بمسلك من مسالك التعليل، وهذا من (تخريج المناط).
ثم يقوم بتحقيق العلة في الفرع وإقامة الدليل على وجودها فيه، وذلك (تحقيق المناط).
(1) انظر المستصفى: (2/ 231).
(2)
انظر بهامش الآيات البينات: (4/ 114).
(3)
راجع شرح الأسنوي مع تعليقات بخيت: (4/ 143).