الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمواله، كما سنذكر ما سجله له المؤرخون من إنفاق وشيكا.
ومهما تكن المبالغة في ضخامة تركته، فإنه كان غنيا ميسورا، ولكنه لم يقصر أبدا في دفع الزكاة والصدقة، وكان مصدر ثروته حلالا لا شك فيه.
3 -
إنفاقه:
ذكرنا نفقاته المعلنة للجهاد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أما غير المعلنة فلا يعرفها أحد من الناس.
وقد أعتق ثلاثين عبدا في يوم واحد (1)، وقد ذكروا أنه أعتق ثلاثين ألف نسمة في حياته (2)، ومهما قيل في المبالغة بهذا العدد، فإنه كان يعتق كثيرا.
وروت عائشة أم المؤمنين، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن أمركن لمما يهمني بعدي، ولن يصبر عليكن إلا الصابرون (3)» )، يخاطب زوجاته أمهات المؤمنين، ثم تقول عائشة لأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف:(سقى الله أباك سلسبيل الجنة)، تريد عبد الرحمن بن عوف، وكان وصل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بمال بيع بأربعين ألفا، أخرجه الترمذي، وقال:(حديث حسن صحيح (4)).
وعزم أن يتنازل عن جميع ماله في أيام النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يضيف الضيف ويطعم المسكين، ويعطي السائل، ويبدأ بمن يعول، فإنه إذا فعل كان تزكية لماله (5).
وقالت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأزواجه: «إن الذي يحافظ عليكن بعدي لهو الصادق البار، اللهم اسق عبد الرحمن بن عوف من سلسبيل الجنة (6)») (7).
(1) أسد الغابة (3/ 314)، وتهذيب الأسماء واللغات (1/ 300).
(2)
الإصابة (4/ 177)، وحلية الأولياء (1/ 99).
(3)
مسند أحمد بن حنبل (6/ 77).
(4)
الرياض النضرة (2/ 384).
(5)
طبقات ابن سعد (3/ 132).
(6)
مسند أحمد بن حنبل (6/ 299).
(7)
طبقات ابن سعد (3/ 132).
وقد باع أمواله من (كيدمة)(1)، وهو سهمه من بني النضير بأربعين ألف دينار، فقسمها على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم (2)، وباع أرضا له من عثمان بأربعين ألف دينار، فقسم ذلك في فقراء بني زهرة وفي ذي الحاجة من الناس، وفي أمهات المؤمنين، فلما تسلمت عائشة نصيبها، قالت:(إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحنو عليكن بعدي إلا الصابرون. سقى الله ابن عوف من سلسبيل الجنة (3)») (4).
وتبرع بمائة راحلة جاءته من مصر على فقراء المدينة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم (5)، ثم وردت له قافلة من تجارة الشام، فحملها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة (6).
وكان أهل المدينة عيالا على عبد الرحمن بن عوف: ثلث يقرضهم ماله، وثلث يقضي دينهم بماله، وثلث يصلهم (7).
ودخل يوما على أم سلمة أم المؤمنين فقال: (يا أمه! قد خفت أن يهلكني كثرة مالي)، فقالت:(يا بني أنفق)(8)، فأطلق يده في الإنفاق كأنه لا يخشى الفقر.
وقدمت عير لعبد الرحمن بن عوف، فكان لأهل المدينة يومئذ رجة، فقالت عائشة أم المؤمنين:(ما هذا؟) قيل لها: (هذه عير عبد الرحمن بن عوف قدمت)، فقالت عائشة:(أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كأني بعبد الرحمن بن عوف على الصراط يميل به مرة ويستقيم أخرى، حتى يفلت ولم يكد»)، فبلغ ذلك عبد الرحمن بن عوف، فقال:(هي وما عليها صدقة)، وما كان عليها أفضل منها، وهي يومئذ خمسمائة راحلة (9).
لقد كان عظيم التجارة، مجدودا فيها، كثير المال (10) ولكن ماله كان في يده لا في قلبه،
(1) كيدمة: موضع بالمدينة، وهو سهم عبد الرحمن بن عوف من بني النضير، انظر معجم البلدان (7/ 305).
(2)
طبقات ابن سعد (3/ 132)
(3)
مسند أحمد بن حنبل (6/ 104).
(4)
طبقات ابن سعد (3/ 133)
(5)
حلية الأولياء (1/ 99).
(6)
الرياض النضرة (2/ 385).
(7)
الرياض النضرة (2/ 385).
(8)
أسد الغابة (3/ 315)
(9)
طبقات ابن سعد (3/ 132)، وأسد الغابة (3/ 315 - 316).
(10)
أسد الغابة (3/ 315).