المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ مع الشيخين: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ١٠

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌تعليمات وإرشادات النسخ:

- ‌الاختلاف بين النسخ في كتابة الحروف والكلمات:

- ‌ثانيا: مبررات كتابة القرآن بالأحرف اللاتينية في نظر من فعل ذلك ومناقشتها:

- ‌ثالثا: بيان الموانع التي تمنع شرعا كتابة المصحف بحروف لاتينية ونحوها وبيان ما فيها من الخطر:

- ‌رابعا: الخلاصة:

- ‌الفتاوى

- ‌ هدم مسجد قديم قائم ليبنى محله مكتبة عامة

- ‌ صلاة الجنازة على الميت طفلا أو كبيرا

- ‌ دفن الميت ليلا

- ‌ دفن غير المسلمين في مقابر المسلمين

- ‌ الصدقة عن الميت

- ‌ أخذ شيء من المقبرة لمصلحة الشارع

- ‌ صاحب القبر مختص بمكان قبره

- ‌ مرض والدي وكتب ثلث ماله وقفا

- ‌ جعل القبر في المسجد

- ‌ كتب في وصيته أنهما لا يرثان مما خلفه إلا أن يتوبا قبل وفاته

- ‌ الصلاة في المقبرة وفي المسجد الذي فيه قبر

- ‌ يؤخذ من المسجد شيء من مساحته ويضاف إلى البيت

- ‌حكم إخراج زكاة الفطر نقودا

- ‌دراسات فقهية

- ‌تعريف البيع لغة وشرعا:

- ‌حكم البيع:

- ‌الحكمة في مشروعية البيع:

- ‌المقارنة بين البيع والربا:

- ‌تعريف الربا:

- ‌تحريم الربا:

- ‌مقارنة بين الربا والميسر

- ‌متى حرم الربا:

- ‌ المقارنة بين الربا والصدقة:

- ‌ الحكمة في تحريم الربا:

- ‌ أنواع الربا:

- ‌ ربا النسيئة

- ‌مسألة: (ضع وتعجل):

- ‌ربا الفضل

- ‌ربا القرض:

- ‌القرض بالفائدة:

- ‌مقارنة بين ربا النسيئة وربا الفضل:

- ‌ الأشياء التي يجري فيها الربا:

- ‌ علة الربا في النقدين:

- ‌ علة الربا في بقية الأصناف المنصوصة وهي البر والشعير والتمر والملح

- ‌ تحريم الوسائل والحيل الربوية:

- ‌ماذا يفعل من تاب من الربا

- ‌الخاتمة والفهارس

- ‌المراجع

- ‌تعريف القسامة ووجودها قبل الإسلام:

- ‌دليل شرعية القسامة:

- ‌من الذي يحلف في القسامة:

- ‌ وجود ذكر بالغ حين الدعوى:

- ‌الخلاف في التعليل:

- ‌مذهب المعتزلة:

- ‌مذهب الأشاعرة:

- ‌مذهب الماتريدية:

- ‌مذهب الحنابلة:

- ‌الخلاصة:

- ‌أقسام القياس والمقبول منها والمردود لدى الحنابلة

- ‌أقسام القياس باعتبار العلة

- ‌تعريف القياس لغة واصطلاحا

- ‌حقيقة القياس عند الأصوليين:

- ‌أسباب اختلاف تعاريفهم:

- ‌شرح التعريف المختار:

- ‌العلة ووجوه الاجتهاد فيها

- ‌العلة - في الاصطلاح:

- ‌وجوه الاجتهاد في العلة:

- ‌حجية القياس أو التعبد به

- ‌تحرير محل النزاع:

- ‌مذاهب العلماء فيه

- ‌التنصيص على العلة

- ‌تحرير موضع النزاع:

- ‌النقل عن النظام:

- ‌حقيقة موقف الحنابلة في هذا الموضوع

- ‌قياس الشبه وموقف الحنابلة منه

- ‌دراساتتاريخية

- ‌جهاده:

- ‌في غزوة بدر الكبرى:

- ‌ في غزوة أحد:

- ‌ في الغزوات الأخرى:

- ‌ قائد سرية دومة الجندل:

- ‌في الغزوات الجديدة:

- ‌ جهاده بالمال:

- ‌المستشار الأمين

- ‌ مع الشيخين:

- ‌ مع الشورى:

- ‌ مع عثمان:

- ‌الإنسان:

- ‌ عمره:

- ‌ وصيته وتركته:

- ‌ إنفاقه:

- ‌ ورعه:

- ‌ علمه:

- ‌ صفته:

- ‌ أهله:

- ‌ جمل مزاياه:

- ‌القائد:

- ‌عبد الرحمن في التاريخ:

- ‌ تمهيد

- ‌الزواج فطرة:

- ‌الزواج في الإسلام:

- ‌ أحكام زواج الأجنبيات

- ‌تحديد وتعريف

- ‌بادرة:

- ‌زواج المشركة:

- ‌زواج حرائر الكتابيات:

- ‌المقصود بالكتابية في حل الزواج:

- ‌الكتابية الحربية والكتابية الذمية:

- ‌الكتابية إن غيرت دينها، والمرتدة:

- ‌عمر وابن عمر وزواج الكتابية:

- ‌نكاح الإماء الكتابيات:

- ‌آثار الزواج بالكتابية:

- ‌ داخل الأسرة:

- ‌ الآثار في المجتمع:

- ‌الرأي في الزواج من الأجنبيات:

- ‌مدى إمكانيةترجمة القرآن

- ‌مدى أهمية ترجمة القرآن

- ‌استحالة ترجمة القرآن:

- ‌اختلاف الدلالات اللغوية للنص القرآني:

- ‌شروط ضرورية للترجمة:

- ‌حكم ترجمة المستشرقين:

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ مع الشيخين:

الله صلى الله عليه وسلم: «بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت» ) (1) فنزلت في عثمان بن عفان وفي عبد الرحمن الآية الكريمة: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (2) هذا هو مبلغ جهاد عبد الرحمن المعلن بالمال الذي كان معروفا في أيام النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مبلغ جسيم ولا شك، وبخاصة في تلك الأيام، ولا بد أن يكون له جهاد غير معلن بالمال، لا يعلمه غير الله.

لقد أدى عبد الرحمن واجبه مجاهدا بالأموال والنفس.

(1) الرياض النضرة (2/ 379).

(2)

سورة البقرة الآية 262

ص: 249

‌المستشار الأمين

1 -

‌ مع الشيخين:

أصبح عبد الرحمن بعد التحاق النبي صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى من أقرب المقربين إلى خليفتيه الشيخين: أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، والمستشار الأمين لهما.

ولما نزل بأبي بكر الصديق رضي الله عنه الموت، دعا عبد الرحمن بن عوف، فقال:(أخبرني عن عمر)، فقال:(إنه أفضل من رأيك، إلا أنه فيه غلظة)، فقال أبو بكر:(ذلك لأنه يراني رقيقا، ولو أفضى الأمر إليه لترك كثيرا مما هو عليه، وقد رمقته فكنت إذا غضبت على رجل أراني الرضا عنه، وإذا لنت له أراني الشدة عليه). ودعا عثمان بن عفان وقال له (أخبرني عن عمر)، فقال:(سريرته خير من علانيته، وليس فينا مثله)، فقال أبو بكر لهما:(لا تذكرا مما قلت لكما شيئا، ولو تركته ما عدوت عثمان، والخيرة له ألا يلي من أموركم شيئا، ولوددت أني كنت من أموركم خلوا. وكنت فيمن مضى من سلفكم)(1).

(1) ابن الأثير (2/ 425).

ص: 249

واستشارة أبي بكر الصديق عبد الرحمن في أخطر أمور الدولة، في تولية خليفته، دليل على ثقته البالغة به، وأنه كان المستشار الأمين له.

ولما تولى الخلافة عمر حج عبد الرحمن معه، فسمع رجلا بمنى يقول لعمر:(لو مات عمر لبايعت فلانا)، فقال عمر:(إني لقائم العشية في الناس، أحذرهم هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغتصبوا الناس أمرهم)، فقال له عبد الرحمن:(يا أمير المؤمنين: إن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، وهم الذين يغلبون على مجلسك، وأخاف أن تقول مقالة لا يعوها ولا يحفظوها ويطيروا بها، ولكن أمهل حتى تقدم المدينة وتخلص بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتقول ما قلت فيعوا مقالتك)، فقال:(والله لأقومن بها أول مقام أقومه بالمدينة)(1). وهكذا انصاع عمر لرأي عبد الرحمن الحصيف.

وحشد الفرس حشودا ضخمة لحرب المسلمين في العراق، فبلغ ذلك المثنى بن حارثة الشيباني، فكتبوا إلى عمر بن الخطاب، فقال:(والله لأضربن ملوك العجم بملوك العرب). فلم يدع رئيسا ولا ذا رأي وذا شرف وبسطة ولا خطيبا ولا شاعرا إلا رماهم به، فرماهم بوجوه الناس وغرارهم (2).

ولما اجتمع الناس إلى عمر، خرج من المدينة حتى نزل ماء يدعى:(صرارا) فعسكر به ولا يدري الناس ما يريد: أيسير أم يقيم! وكانوا إذا أرادوا أن يسألوه عن شيء، رموه بعثمان أو بعبد الرحمن بن عوف، فإن لم يقدر هذان على علم شيء مما يريد ثلثوا بالعباس بن عبد المطلب. وسأله عثمان عن سبب حركته، فأحضر الناس وأعلمهم الخبر، واستشارهم في المسير إلى العراق، فقال العامة:(سر وسر بنا معك)، فدخل معهم في رأيهم وقال:(اغدوا واستعدوا، فإني سائر، إلا أن يجيء رأي هو أمثل من هذا). ثم جمع عمر وجوه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرسل إلى علي بن أبي طالب، وكان استخلفه على المدينة، فأتاه، وإلى طلحة وكان على المقدمة، فرجع إليه، وإلى الزبير وعبد الرحمن، وكانا على المجنبتين، فحضرا ثم استشارهم، فأجمعوا على أن يبعث رجلا من

(1) ابن الأثير (2/ 326).

(2)

ابن الأثير (2/ 1228).

ص: 250

أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويرميه بالجنود، فإن كان الذي يشتهي فهو الفتح، وإلا أعاد رجلا وبعث آخر، وفي ذلك غيظ العدو.

وجمع عمر الناس وقال لهم: (إني كنت عزمت على المسير، حتى صرفني ذوو الرأي منكم، وقد رأيت أن أقيم وأبعث رجلا، فأشيروا علي برجل)(1).

وأشاروا عليه بسعد بن أبي وقاص، فقاد جيش المسلمين في معركة القادسية الحاسمة.

ولما أراد عمر وضع الديوان وفرض العطاء في سنة خمس عشرة الهجرية. قال له علي بن أبي طالب وعبد الرحمن بن عوف: (ابدأ بنفسك)، قال:(لا، بل أبدأ بعم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم الأقرب فالأقرب، ففرض للعباس وبدأ به، ثم فرض لأهل بدر خمسة آلاف خمسة آلاف، ثم فرض لمن بعد بدر إلى الحديبية أربعة آلاف، ثم فرض لمن بعد الحديبية إلى أن أقلع أبو بكر من أهل الردة ثلاثة آلاف، في ذلك من شهد الفتح وقاتل مع أبي بكر ومن ولي الأيام قبل القادسية، كل هؤلاء ثلاثة آلاف ثلاثة آلاف، ثم فرض لأهل القادسية وأهل الشام ألفين ألفين، وفرض لأهل البلاد النازع منهم ألفين وخمسمائة ألفين وخمسمائة)(2).

وفي سنة ثمان عشرة الهجرية قدم عمر الشام، فلما كان ب (سرغ) لقيه أمراء الأجناد فيهم أبو عبيدة بن الجراح، فأخبروه بالوباء وشدته، وكان معه المهاجرون والأنصار، خرج غازيا، فجمع المهاجرين والأنصار فاستشارهم، فاختلفوا عليه، فمنهم القائل: خرجت لوجه الله، فلا يصدك عنه هذا! ومنهم القائل: إنه بلاء وفناء، فلا نرى أن تقدم عليه! فقال لهم:(قوموا). ثم أحضر مهاجرة الفتح من قريش فاستشارهم، فلم يختلفوا عليه، وأشاروا عليه بالعود، فنادى عمر في الناس:(إني مصبح على ظهر)، فقال أبو عبيدة:(أفرارا من قدر الله!)، قال: (نعم، نفر من قدر الله إلى قدر الله! أرأيت لو كان لك إبل، فهبطت واديا له عدوتان، إحداهما مخصبة والأخرى

(1) ابن الأثير (2/ 450 - 451).

(2)

ابن الأثير (2/ 502 - 503).

ص: 251

جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟)، فسمع بهم عبد الرحمن بن عوف، فقال:(إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم بهذا الوباء ببلد فلا تقدموا عليه، وإذا وقع ببلد وأنتم به فلا تخرجوا فرارا منه (1)») رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما. فانصرف عمر بالناس إلى المدينة (2).

وعن أنس رضي الله عنه، «أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين، فلما أن ولي عمر قال: (إن الناس قد دنوا من الريف، فما ترون في حد الخمر؟)، فقال عبد الرحمن بن عوف: (نرى أن نجعله كأخف الحدود)، فجلد فيه ثمانين جلدة (3)» .

ورجع عمر إليه في أخذ الجزية من المجوس، رواه البخاري (4)، واستخلفه على الحج سنة ولي الخلافة، أي سنة ثلاث عشرة الهجرية (5).

وفي سنة ست عشرة الهجرية، حين قدم الخمس على عمر من الفتوح قال:(والله لا يجنه سقف حتى أقسمه)، فبات عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن الأرقم يحرسانه في المسجد. فلما أصبح جاء عمر في الناس، فكشف أموال الخمس، فلما نظر إلى ياقوته وزبرجده وجوهره بكى، فقال له عبد الرحمن:(ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ فوالله إن هذا لموطن شكر)، فقال عمر:(والله ما ذلك يبكيني، وبالله ما أعطى الله هذا قوما إلا تحاسدوا وتباغضوا، ولا تحاسدوا إلا ألقى الله بأسهم بينهم)(6).

وجاء عمر بن الخطاب إلى عبد الرحمن بن عوف وهو يصلي في بيته ليلا، فقال له عبد الرحمن:(ما جاء بك في هذه الساعة؟)، قال:(رفقة نزلت في ناحية السوق خشيت عليهم سراق المدينة، فانطلق فلنحرسهم)، فأتيا السوق، فقعدا على نشز من الأرض يتحدثان (7).

(1) صحيح البخاري الطب (5729)، صحيح مسلم السلام (2219)، سنن أبو داود الجنائز (3103)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 194)، موطأ مالك الجامع (1657).

(2)

ابن الأثير (2/ 559 - 560) وانظر الإصابة (4/ 177) والرياض النضرة (2/ 382).

(3)

الرياض النضرة (2/ 382)، أخرجاه.

(4)

الإصابة (4/ 177).

(5)

الإصابة (4/ 177) وتاريخ خليفة بن خياط.

(6)

ابن الأثير (2/ 522).

(7)

ابن الأثير (3/ 57).

ص: 252