الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه، والذي شرع الحكم بالقسامة هو الذي شرع أن لا يعطى أحد بدعواه المجردة، وكلا الأمرين حق من عند الله لا اختلاف فيه ولم يعط في القسامة بمجرد الدعوى، وكيف يليق بمن بهرت حكمة شرعه العقول أن لا يعطي المدعي بمجرد دعواه عودا من أراك ثم يعطيه بدعوى مجردة دم أخيه المسلم؟ وإنما أعطاه ذلك بالدليل الظاهر الذي يغلب على الظن صدقه فوق تغلب الشاهدين وهو اللوث والعداوة والقرينة الظاهرة من وجود العدو مقتولا في بيت عدوه، فقوى الشارع الحكيم هذا السبب باستحلاف خمسين من أولياء القتيل الذي يبعد أو يستحيل اتفاقهم كلهم على رمي البريء بدم ليس بسبيل ولا يكون فيهم رجل رشيد يراقب الله، ولو عرض على جميع العقلاء هذا الحكم، والحكم بتحليف العدو الذي وجد القتيل في داره بأنه ما قتله لرأى أن ما بينهما من العدل كما بين السماء والأرض
من الذي يحلف في القسامة:
إذا عرفنا أن الجمهور من أهل العلم يرون اعتبار القسامة طريقا من طرق إثبات جريمة القتل، وأنها سنة مقررة بنفسها مخصصة للأصول كسائر السنن المخصصة استنادا إلى حديث سهل بن أبي حثمة -المار ذكره- والذي جاء فيه «أتحلفون خمسين يمينا فتستحقون صاحبكم أو قاتلكم؟ (1)» .
فهل يحلف الوارث وغير الوارث أم الوارث فقط: اختلف العلماء في هذه المسألة فالإمام مالك وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد أن الذي يحلف من الأولياء هم العصبة، قال في الجزء العاشر من المغني والشرح الكبير:(يحلف العصبة الوارث وغير الوارث خمسون رجلا كل واحد منهم يمينا واحدة يؤخذ الأقرب من العصبة فالأقرب من قبيلته التي ينتسب إليها ويعرف كيفية نسبه من المقتول، فأما من عرف أنه من القبيلة ولم يعرف وجه النسب لم يقسم، إلى أن قال فإن لم يوجد من نسبه خمسون ردت الأيمان عليهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم «يحلف خمسون رجلا منكم وتستحقون دم صاحبكم (2)» وقد علم صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن لعبد الله بن سهل خمسون رجلا وارثا فإنه لا يرثه إلا أخوه أو من هو في درجته أو أقرب منه نسبا ولأنه خاطب بهذا ابني عمه وهما غير وارثين).
وما أحرانا باتباع ما أوضحه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث والعمل به فالخير كل الخير في اتباع هديه والسير على نهجه، قال ابن القيم رحمه الله في كتابه إعلام الموقعين في الجزء
(1) صحيح البخاري الأحكام (7192)، صحيح مسلم القسامة والمحاربين والقصاص والديات (1669)، سنن الترمذي الديات (1422)، سنن النسائي القسامة (4712)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 3)، موطأ مالك القسامة (1631)، سنن الدارمي الديات (2353).
(2)
صحيح البخاري الأحكام (7192)، سنن الترمذي الديات (1422)، سنن النسائي القسامة (4713)، سنن أبو داود الديات (4520)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 2)، سنن الدارمي الديات (2353).